سفر المزامير | 43 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر المزامير
للقس . وليم مارش
اَلْمَزْمُورُ ٱلثَّالِثُ وَٱلأَرْبَعُونَ
«١ اِقْضِ لِي يَا اَللّٰهُ وَخَاصِمْ مُخَاصَمَتِي مَعَ أُمَّةٍ غَيْرِ رَاحِمَةٍ، وَمِنْ إِنْسَانِ غِشٍّ وَظُلْمٍ نَجِّنِي. ٢ لأَنَّكَ أَنْتَ إِلٰهُ حِصْنِي. لِمَاذَا رَفَضْتَنِي؟ لِمَاذَا أَتَمَشَّى حَزِيناً مِنْ مُضَايَقَةِ ٱلْعَدُوِّ؟ ٣ أَرْسِلْ نُورَكَ وَحَقَّكَ هُمَا يَهْدِيَانِنِي وَيَأْتِيَانِ بِي إِلَى جَبَلِ قُدْسِكَ وَإِلَى مَسَاكِنِكَ. ٤ فَآتِي إِلَى مَذْبَحِ ٱللّٰهِ، إِلَى ٱللّٰهِ بَهْجَةِ فَرَحِي، وَأَحْمَدُكَ بِٱلْعُودِ يَا اَللّٰهُ إِلٰهِي. ٥ لِمَاذَا أَنْتِ مُنْحَنِيَةٌ يَا نَفْسِي، وَلِمَاذَا تَئِنِّينَ فِيَّ؟ تَرَجَّيِ ٱللّٰهَ لأَنِّي بَعْدُ أَحْمَدُهُ، خَلاَصَ وَجْهِي وَإِلٰهِي».
يرجح أن هذا المزمور هو تكملة للمزمور السابق أو هما معاً مزمور واحد. ونرى أنه لا عنوان له ولا اسم مؤلف مما يوحي أنه تابع لشيء آخر. وفي العدد (١) يطلب أن يقضي له لكي ينال حقه فهو يشعر بالظلم ويطلب أن يكون الله جانبه لكي يخاصم عنه وقوله «أمة» أي جماعة كبيرة يضمرون له السوء والعداوة. أما «إنسان غش» فقد يكون زعيم تلك الجماعة التي لا تعرف الرحمة بل حياتها غش وخداع وظلم.
(٢) هو يلتمس الله ويتخذه حصنه ولكنه يرى أن الله قد رفضه. فيشعر بالوحدة وهوذا أعداؤه يضايقونه فيضطر أن يمشي الطريق وحده بينما كان يرى الله عونه ورفيقه. إنه غارق في بحر همومه وتأملاته فيها وأعظم ألم يعانيه هو بعده عن الله وعن هيكله.
(٣) في هذا العدد نتذكر (مزمور ٥٧: ٤ وخروج ١٥: ١٣ كما أيضاً مزمور ٤٢: ٩) النور والحق هما الرحمة والحق أيضاً. وهذان يظهران جلياً فهو بحاجة للهداية لكي يتبع الطريق حتى يصل إلى هدفه وهو جبل قدس الرب ومساكنه أي الخيام المضروبة عليه (انظر مزمور ٨٤: ٢ ومزمور ٤٦: ٥).
(٤) كان شارداً بعيداً فاهتدى كان متضايقاً من الذين يخاصمونه ويطلبون نفسه فوجد طمأنينة وسلاماً. كان يشعر بالوحشة والوحدة مع الناس الأشرار فإذا به الآن يصل إلى مذبح الله وينال الفرح الحقيقي وحينئذ يبدأ بالحمد والتسبيح لهذا الإله الممجد العظيم (راجع مزمور ٣٩: ١٤) إن الله هو بهجة فرحه أي أعظم فرحة وكمال سعادته (هوشع ٩: ٥) ولا يكتفي أن يأتي إلى الله بل إلى إلهه بعلاقته الوثقى معه.
(٥) وأخيراً يعود إلى القرار الذي يملأ المزمور السابق بالروعة والجلال فيتساءل مرة أخرى مستنكراً فلا يجوز أن تنحني نفسه بعد الآن ولا تئن من أي شيء. وخلاصة القول إن هذا المزمور يبدأ بطلب العون ويذكر علاقته بالله ثم في العدد الثالث يصلي لكي يهتدي وبعد ذلك يستجيب له الله فينهض والرجاء يفعم قلبه لأن بالله وحده الخلاص.
السابق |
التالي |