سفر المزامير | 22 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر المزامير
للقس . وليم مارش
اَلْمَزْمُورُ ٱلثَّانِي وَٱلْعِشْرُونَ
لإِمَامِ ٱلْمُغَنِّينَ عَلَى «أَيِّلَةِ ٱلصُّبْحِ». مَزْمُورٌ لِدَاوُدَ
«١ إِلٰهِي! إِلٰهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي، بَعِيداً عَنْ خَلاَصِي عَنْ كَلاَمِ زَفِيرِي؟ ٢ إِلٰهِي، فِي ٱلنَّهَارِ أَدْعُو فَلاَ تَسْتَجِيبُ. فِي ٱللَّيْلِ أَدْعُو فَلاَ هُدُوءَ لِي. ٣ وَأَنْتَ ٱلْقُدُّوسُ ٱلْجَالِسُ بَيْنَ تَسْبِيحَاتِ إِسْرَائِيلَ. ٤ عَلَيْكَ اْتَّكَلَ آبَاؤُنَا. ٱتَّكَلُوا فَنَجَّيْتَهُمْ. ٥ إِلَيْكَ صَرَخُوا فَنَجَوْا. عَلَيْكَ ٱتَّكَلُوا فَلَمْ يَخْزَوْا».
هذا المزمور عزيز علينا لأن منه اقتبس السيد عبارته وهو على الصليب «إيلي إيلي لما شبقتني». وهو يحوي أعمق الشعور والشكوى وسط الضيق والحالة النفسية الصعبة. لذلك فهو يختلف كل الاختلاف عن المزمور الحادي والعشرين الذي يطفح بالبهجة والحبور. ويشبهه المزمور ٥٩ ولكن يختلف هذا عن ذاك بشدة وطأته على الأعداء ومرارة نفسه. وقد حسب البعض أن هذا المزمور كتب في ايام إرميا أو ما بعده حتى أيام المكابيين ولكن أغلب الظن هو أن داود نفسه الكاتب والاختبارات المذكورة فيه تنطبق تماماً على حياة داود الداخلية في ذاك الحين. بل هذا المزمور يحوي نبوءة عن المسيح وآلامه العظيمة كيف ثقبت اليدان والرجلان وانفصلت العظام الخ. ثم وصفه العطش الشديد (انظر يوحنا ١٩: ٢٨) ثم جمهور الساخرين والذين اقتسموا ثيابه (انظر متّى ٢٧: ٣٩) وقد عدت الكنيسة قديماً أن المسيح ذاته يتكلم بهذا المزمور لا داود. ولكننا نحسب أن هذه النبوءة تمت كلها بعمل الفداء على الصليب.
أما العنوان «أيلة الصبح» فيزيد هذا المزمور شجواً بأن يغني قبيل انبلاج شمس الصباح حاملاً معه ذلك الليل الطويل بآلامه ودموعه.
(١) شعور المرنم أنه متروك من الله فيتساءل لماذا؟ هل الله بعيد عن تلك التنهدات العميقة المعربة عن آلام نفسه؟ قوله إلهي إلهي مكرراً تدل على العلاقة بينه وبين الله بصورة التوكيد. لذلك أخذ السيد المسيح هذا الصراخ على الصليب معبراً عن الآلام النفسية وفي الوقت ذاته يؤكد علاقته الوطيدة بالآب بأنه لم يترك وحده. بل وسط الغضب كان الإيمان. هو يحمل آلام البشرية ولكن أكثر من ذلك يحمل غضب الآب من أجل خطيئة هؤلاء البشر وعلى هذا الفادي أن يحتمل كل شيء حتى يصل إلى محبة الآب. وقال يسوع شبقتني وليس عزبتني لأن هذه عبرانية وأما الآولى فآرامية وهي اللغة التي تكلم بها ويفهمها الشعب.
(٢) يعود فيقول «إلهي» وهنا التكرار له وقعه العظيم. لا يرى استجابة لصلاته الحارة في العدد الأول. وتكراره هنا الدعاء في النهار وفي الليل أيضاً أي وهو لا يهدأ إذ لا يستطيع أن ينام نوم الهدوء والطمأنينة. وبحالته المحزنة هنا تساوى عنده الليل والنهار فهو يستمر على الصلاة ويلتمس من الله أن يلطف به ويرحمه.
(٣) يتساءل كيف لا يستجيب الله وهو الجالس بين شعبه لذلك يسمعهم حينما يدعون ويقبل تسبيحهم حينما يرفعون قلوبهم إليه. أفليس عجيباً أن لا يكون استجابة لصلاته إذاً؟ هو القدوس فلا يقرب إليه بالنسبة لطهارته الإلهية ومع ذلك هو بين شعبه يصغي لتسابيحهم.
(٤) يرجع للتاريخ ويرى أن الاختبارات القديمة المدونة عن الآباء تبرهن أنه كان متكلهم ولأنهم اتكلوا نجاهم وأنقذهم فكيف لا ينجي وينقذ الآن؟
(٥) كذلك في هذا العدد مراجعة للفكرة الواردة في العدد الرابع. إن أعمال الله وخلاصه كانت تذكر أمام الشعب بالترنيم فهي أشبه بأجنحة الكروبيم عليها يرتفع الله ممجداً وعليها ينزل بالتذكار ليسكن بين شعبه. إذ أي شيء أقوى من مثل هذه التذكارات فتتمكن هذه الأفكار المقدسة في جمهور العابدين فالقديم الأيام هو مخلص آبائهم ومخلصهم بالتالي أيضاً.
«٦ أَمَّا أَنَا فَدُودَةٌ لاَ إِنْسَانٌ. عَارٌ عِنْدَ ٱلْبَشَرِ وَمُحْتَقَرُ ٱلشَّعْبِ. ٧ كُلُّ ٱلَّذِينَ يَرَوْنَنِي يَسْتَهْزِئُونَ بِي. يَفْغَرُونَ ٱلشِّفَاهَ وَيُنْغِضُونَ ٱلرَّأْسَ قَائِلِينَ: ٨ ٱتَّكَلَ عَلَى ٱلرَّبِّ فَلْيُنَجِّهِ. لِيُنْقِذْهُ لأَنَّهُ سُرَّ بِهِ. ٩ لأَنَّكَ أَنْتَ جَذَبْتَنِي مِنَ ٱلْبَطْنِ. جَعَلْتَنِي مُطْمَئِنّاً عَلَى ثَدْيَيْ أُمِّي. ١٠ عَلَيْكَ أُلْقِيتُ مِنَ ٱلرَّحِمِ. مِنْ بَطْنِ أُمِّي أَنْتَ إِلٰهِي. ١١ لاَ تَتَبَاعَدْ عَنِّي لأَنَّ ٱلضِّيقَ قَرِيبٌ. لأَنَّهُ لاَ مُعِينَ».
(٦) يصور حقارته العظيمة وحالته السيئة بتشبيه ذاته بالدودة التي هي أدنى المخلوقات. وهذه الفكرة منقولة في (إشعياء ٤١: ١٤) وكذلك نجد عبد الرب وكيف هو محتقر الشعب الخ (إشعياء ٤٩: ٧ و٥٣: ٣) ووجه الشبه هو أنه لا منقذ له ولا معين.
(٧) هم قوم هازئون لا شيء من الكرامة يوقفهم عند حد. لقد فغروا الشفاه أي الفم (قابل أيوب ١٦: ١٠) وهذه الإشارة للتحقير كما انغاض الرأس هو لإظهار التعجب لدى الأمر الذي لا يوافقون عليه (انظر إرميا ١١: ٢٠ و٢٠: ١٢).
(٨) هنا يقتبس ما قاله الهازئون ليعبر عما احتمله منهم. وقريب من هذا ما قاله الهازئون عند الصليب «إن كان ابن الله فلينزل عن الصليب» وهنا منتهى القحة وعدم التدين لأنهم أولاً يريدون أن يقللوا إيمانه وثقته بإلهه وفي الوقت ذاته يهزأون حتى بالعلي القادر على كل شيء (انظر متّى ٢٧: ٤٣).
(٩) ولكن المرنم لا يعبأ بكلامهم ولا يصغي لهزئهم ويستمر على إيمانه واتكاله ويلتمس من الله أن يجيبه على هذا الإيمان لأنه هو الذي أوجده وأخرجه من بطن أمه وهو الذي جعله يرضع لبنها لكي يتغذى ويحيا. هذه علاقة متينة قديمة لا يغيرها الزمان ولا يبدلها قول الهازئين. هنا يؤكد بصورة جازمة ما قالوه يهزأون بأتكاله ويطلبون له معجزة النجاة من البطن ورحم منذ بدء وجوده. وأي اطمئنان هو أعظم من اطمئنان طفل على صدر أمه فيشعر أن الدنيا كلها له وهكذا يعيش وينمو.
(١٠) ولكن اتكاله على أمه هو بالنسبة لاتكاله على الله. فالأم إذاً هي يد الله الحنونة تعمل لأجل نموه وحياته. وكأنه ورث هذا الإيمان وراثة فمذ فتح عينيه للنور فتح قلبه أيضاً لمحبة الله والإيمان به.
(١١) لذلك فهو يلتمس القرب من الله. ويظهر أن المرنم قد ولد في بيت فقير وهذا صحيح عن داود وكذلك صحيح بالنسبة للسيد المسيح الذي ولد في المذود الحقير. أما وإن لا عون من الأرض فالعون يأتي من السماء. ولأن الضيق موجود فليكن الفرج من السماء أيضاً.
«١٢ أَحَاطَتْ بِي ثِيرَانٌ كَثِيرَةٌ. أَقْوِيَاءُ بَاشَانَ ٱكْتَنَفَتْنِي. ١٣ فَغَرُوا عَلَيَّ أَفْوَاهَهُمْ كَأَسَدٍ مُفْتَرِسٍ مُزَمْجِرٍ. ١٤ كَٱلْمَاءِ ٱنْسَكَبْتُ. ٱنْفَصَلَتْ كُلُّ عِظَامِي. صَارَ قَلْبِي كَٱلشَّمْعِ. قَدْ ذَابَ فِي وَسَطِ أَمْعَائِي. ١٥ يَبِسَتْ مِثْلَ شَقْفَةٍ قُوَّتِي، وَلَصِقَ لِسَانِي بِحَنَكِي، وَإِلَى تُرَابِ ٱلْمَوْتِ تَضَعُنِي. ١٦ لأَنَّهُ قَدْ أَحَاطَتْ بِي كِلاَبٌ. جَمَاعَةٌ مِنَ ٱلأَشْرَارِ ٱكْتَنَفَتْنِي. ثَقَبُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ. ١٧ أُحْصِي كُلَّ عِظَامِي، وَهُمْ يَنْظُرُونَ وَيَتَفَرَّسُونَ فِيَّ. ١٨ يَقْسِمُونَ ثِيَابِي بَيْنَهُمْ، وَعَلَى لِبَاسِي يَقْتَرِعُونَ».
هنا بعد أن ملك المرنم روعه وتناسى قليلاً ما به من هموم وأحزان وآلام أخذ الآن يصف حالته الواقعية وحالة أعدائه. فيصف شعوره الداخلي كما يصف موقفها الخارجي ويحاول أن يصور كل شيء بدقة متناهية. «ثيران» وتترجم أيضاً أقوياء. وباشان هي اليوم حوران حيثما كثر شجر السنديان قديماً وكانت مراعيها من أحسن المراعي وهي لا تزال من أفضل الأمكنة للمحاصيل الزراعية ولا سيما القمح.
(١٣) لقد فغروا أفواههم للافتراس كالأسود. ومنذ السقوط كان للحية اليد الطولى في إغراء حواء على العصيان ولذلك فإن الحيوانات لها تأثيرها منذ ذلك الحين على حالة بني آدم (انظر مراثي إرميا ٢: ١٦ و٣: ٤٦) ومن جهة تشبيه الأسد (راجع عاموس ٧: ٤).
(١٤) وهنا يصل إلى أعظم مظاهر الخوف والرعب. فالماء متى انسكب ذهب هدراً وضياعاً إذ لا يقف بنفسه بدون الوعاء الذي يحويه. ويتابع الصورة وإذا بعظامه كلها تتفكك وتتباعد ولا يبقى له شيء من القوة بل يزيد قائلاً إن قلبه قد ذاب ولم يعد فيه شيء من القوة والشجاعة لمواجهة أية المخاطر. لذلك أصبح كل ما فيه مائعاً رخواً لا حول فيه ولا نجاة له.
(١٥) لم يعد فيه قوة فقد اضمحلت وليس من الضروري وضع كلمة شقفة في الترجمة والأفضل «لقد يبست قوتي». أو أن نقول كشقفة خزف فيستقيم المعنى أكثر. وإذا باللسان يلتصق بالحنك من شدة الانفعال والعطش بل يتذلل حتى يكاد يلتصق بالتراب.
(١٦) يراجع ما ورد من قبل في العدد ١١ وينعت الأعداء بالكلاب لأنهم يهرون ويعضون وقد أحاطوا به من كل جانب حتى لا يتركون له منفذاً للهرب. وهكذا لا يسمحون ليديه بالدفاع ولا لرجليه بالهرب فقد قضي عليه أن يبقى محاصراً حيثما هو.
(١٧) وفي هذا العدد مراجعة أيضاً عن عظامه إنها تكاد تعد بسبب النحول والضنى. ولا يكتفي هؤلاء الأعداء بحالته الزرية المؤسفة ولا يتركونه جانباً بل يستمرون على الهزء به والسخرية فيتفرسون به لزيادة البلبلة والتحقير.
(١٨) ولأنهم قد تأكدوا من الظفر أصبح موتي محتوماً لذلك يحصون ثيابي غنيمة ويقترعون على بعضها لعدم الخلاف بينهم (راجع يوحنا ١٩: ٢٣ الخ وكذلك زكريا ٩: ٩ ومتّى ٢١: ٥) وقد تمت النبوءة بالمسيح بصورة عجيبة كما نعلم.
«١٩ أَمَّا أَنْتَ يَا رَبُّ فَلاَ تَبْعُدْ. يَا قُوَّتِي أَسْرِعْ إِلَى نُصْرَتِي. ٢٠ أَنْقِذْ مِنَ ٱلسَّيْفِ نَفْسِي. مِنْ يَدِ ٱلْكَلْبِ وَحِيدَتِي. ٢١ خَلِّصْنِي مِنْ فَمِ ٱلأَسَدِ، وَمِنْ قُرُونِ بَقَرِ ٱلْوَحْشِ. ٱسْتَجِبْ لِي. ٢٢ أُخْبِرْ بِٱسْمِكَ إِخْوَتِي. فِي وَسَطِ ٱلْجَمَاعَةِ أُسَبِّحُكَ. ٢٣ يَا خَائِفِي ٱلرَّبِّ سَبِّحُوهُ. مَجِّدُوهُ يَا مَعْشَرَ ذُرِّيَّةِ يَعْقُوبَ. وَٱخْشَوْهُ يَا زَرْعَ إِسْرَائِيلَ جَمِيعاً. ٢٤ لأَنَّهُ لَمْ يَحْتَقِرْ وَلَمْ يَرْذُلْ مَسْكَنَةَ ٱلْمِسْكِينِ، وَلَمْ يَحْجِبْ وَجْهَهُ عَنْهُ، بَلْ عِنْدَ صُرَاخِهِ إِلَيْهِ ٱسْتَمَعَ. ٢٥ مِنْ قِبَلِكَ تَسْبِيحِي فِي ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْعَظِيمَةِ. أُوفِي بِنُذُورِي قُدَّامَ خَائِفِيهِ».
(١٩) هنا يستنجد بالنسبة للحالة السيئة التي هو فيها. يلتمس من الرب أن لا يبعد عنه بل أن يسرع للنجدة والعون.
(٢٠) يلتمس إنقاذاً لنفسه من القتل كذلك يكرر الطلب فيلتمس النجاة من هؤلاء المطاردين الأشداء بقوتهم والمستمرين بطرادهم ومداورتهم كالكلاب التي لا تفتأ تصيح وتعوي حتى تطرده من ذلك المكان. و «الوحيدة» هي على الأرجح النفس التي لا يملك الإنسان سواها فيكون تكرار المعنى من قبيل التوكيد فقط.
(٢١) وكذلك في هذا العدد يطلب الخلاص من أفظع المخاطر فم الأسد المفترس بأنيابه الحادة وبطشه كما وإن قرون البقر الوحشي التي تنطح ولا ترحم أحداً. والنفس هي أثمن ما يملكه فمن خسرها فقد خسر كل شيء. وفي هذا الطلب إيمان قوي بأن الله يخلّص وينجي خائفيه من كل المخاطر والشرور.
(٢٢) هنا ينتقل المرنم إلى موضوع آخر فإنه بعد أن يشكو سوء حاله ويصف كيد أعدائه إذا به يلتفت للتسبيح. يريد أن يخبر إخوته عن هذا الخلاص. فهو ينشر بينهم هذا الفداء الذي اختبره بنفسه ويلمسه.
(٢٣) وهنا أيضاً يلتمس التسبيح لاسم الرب ويطلب أن يمجده كل ذرية يعقوب ولا يكتفي كما في العدد السابق أن يوجه كلامه «لإخوته» اي لأخصائه بل للجميع. وكذلك يوجه الفكر لخوف الرب لأن به رأس الحكمة.
(٢٤) في هذا العدد جوهر الدين كله وهنا إنجيل الخلاص (انظر إشعياء ٦١) لقد حسب عبد الرب أن الله يحتقره ويرذله ولكنه الآن يتحقق محبته تعالى وإحسانه العظيم نحوه. فهو لا يحجب وجهه ولا يتصام عن صراخه لأنه مستعد دائماً ليريه طريق الفرج والسلام. فهو السامع لصراخه وحده (إرميا ٣٦: ١٣).
(٢٥) يسبح لله بين جمهور العابدين ولا يخجل بذلك قط بل يتمم كل فروضه ويوفي نذوره بالطبع بصورة عملية وليس فقط بصورة روحية فهو يقدم للرب القرابين والذبائح المطلوبة منه. عليه أن يرش الدم ويضع قطع الشحم على المذبح وبعد ذلك يحق له أن يعيّد بما بقي من لحم الذبيحة. ويدعو الفقراء ليقاسموه (راجع لاويين ٧: ١٥ الخ).
«٢٦ يَأْكُلُ ٱلْوُدَعَاءُ وَيَشْبَعُونَ. يُسَبِّحُ ٱلرَّبَّ طَالِبُوهُ. تَحْيَا قُلُوبُكُمْ إِلَى ٱلأَبَدِ. ٢٧ تَذْكُرُ وَتَرْجِعُ إِلَى ٱلرَّبِّ كُلُّ أَقَاصِي ٱلأَرْضِ. وَتَسْجُدُ قُدَّامَكَ كُلُّ قَبَائِلِ ٱلأُمَمِ. ٢٨ لأَنَّ لِلرَّبِّ ٱلْمُلْكَ وَهُوَ ٱلْمُتَسَلِّطُ عَلَى ٱلأُمَمِ. ٢٩ أَكَلَ وَسَجَدَ كُلُّ سَمِينِي ٱلأَرْضِ. قُدَّامَهُ يَجْثُو كُلُّ مَنْ يَنْحَدِرُ إِلَى ٱلتُّرَابِ وَمَنْ لَمْ يُحْيِ نَفْسَهُ. ٣٠ ٱلذُّرِّيَّةُ تَتَعَبَّدُ لَهُ. يُخَبَّرُ عَنِ ٱلرَّبِّ ٱلْجِيلُ ٱلآتِي. ٣١ يَأْتُونَ وَيُخْبِرُونَ بِبِرِّهِ شَعْباً سَيُولَدُ بِأَنَّهُ قَدْ فَعَلَ».
(٢٦) الودعاء هنا أي بسطاء القلب وكذلك البسطاء في حياة الدنيا. يأكلون بروح الشكر على ما أسداه الله نحوهم. وهنا إشارة إلى مراسيم ذبائح السلامة. إن داود الذي يقدم مثل هذه الذبيحة شكراً لله عن نفسه ويدعو الآخرين أن يشاركوه بهذا الفرح. وقد يؤخذ هذا الفكر إلى أن المسيح الذي أعطانا ذبيحة نفسه علينا أن نشترك معه بأخذ الوليمة في العشاء الرباني ونذكره كل حين.
(٢٧) هنا أمل الأمم الوحيد أن تُرجع الجميع إليك يا الله فيتعلمون أن يسجدوا أمامك ويعترفوا باسمك ويعيشوا بحسب شرائعك ووصاياك (انظر إرميا ١٦: ١٩ و١٠: ٧) وفي هذا بيان لعلاقة الله مع جميع الشعوب فهو إلههم كما هو إله إسرائيل.
(٢٨) هو وحده المالك على العالم أجمع وله وحده السلطة والحكم في كل شيء. وإلى أقاصي المسكونة كلها.
(٢٩) يعود فيرجع لأكل الوليمة التي هي عربون الشكر القلبي على خلاص الرب فالطعام روحي بالشكر كما أنه جسدي لأنه يغذي الجسد ويشبعه. والذين ينتظرون أن يخلصوا بالله هم الذي يأكلون من هذا الطعام الروحي. فليس الودعاء يأكلون وحدهم بل أيضاً العظماء ومن لهم الحول والغنى أيضاً. ذلك لأن السجود هو لله وحده. بل هذه الوليمة تتناول المهمومين الذين يعانون أثقال الحياة فهم أقرب للموت منهم للحياة.
(٣٠) هنا ذكر لثلاثة أجيال أولاً داود ثم ذريته ثم الجيل الذي يأتي بعدهم. هم يسخرون مما فعله الله ولا ينفكون يخبرون حتى الذين لم يولدوا سيصلهم الخبر أيضاً في حينه.
(٣١) وهكذا يستمرون على هذا الخبر عما فعله الله إلى كل جيل.
إن طريق الخلاص للبشرية وليس لداود بن يسى فقط. فكما أن هذا قد احتمل الاضطهاد والآلام من وجه شاول عدوه وأصبح مستحقاً أن يكون الملك المطاع على شعب الله كذلك فإن يسوع ابن داود وابن الله الأزلي بواسطة ما سيحتمله من آلام الصليب سيغلب ويجلس عن يمين العرش في الأعالي.
السابق |
التالي |