سفر ميخا | 06 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر ميخا
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّادِسُ
١ – ٨ «١ اِسْمَعُوا مَا قَالَهُ ٱلرَّبُّ: قُمْ خَاصِمْ لَدَى ٱلْجِبَالِ وَلْتَسْمَعِ ٱلتِّلاَلُ صَوْتَكَ. ٢ اِسْمَعِي خُصُومَةَ ٱلرَّبِّ أَيَّتُهَا ٱلْجِبَالُ وَيَا أُسُسَ ٱلأَرْضِ ٱلدَّائِمَةَ. فَإِنَّ لِلرَّبِّ خُصُومَةً مَعَ شَعْبِهِ وَهُوَ يُحَاكِمُ إِسْرَائِيلَ. ٣ يَا شَعْبِي، مَاذَا صَنَعْتُ بِكَ وَبِمَاذَا أَضْجَرْتُكَ؟ ٱشْهَدْ عَلَيَّ! ٤ إِنِّي أَصْعَدْتُكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، وَفَكَكْتُكَ مِنْ بَيْتِ ٱلْعُبُودِيَّةِ، وَأَرْسَلْتُ أَمَامَكَ مُوسَى وَهَارُونَ وَمَرْيَمَ. ٥ يَا شَعْبِي ٱذْكُرْ بِمَاذَا تَآمَرَ بَالاَقُ مَلِكُ مُوآبَ، وَبِمَاذَا أَجَابَهُ بَلْعَامُ بْنُ بَعُورَ مِنْ شِطِّيمَ إِلَى ٱلْجِلْجَالِ لِتَعْرِفَ إِجَادَةَ ٱلرَّبِّ. ٦ بِمَ أَتَقَدَّمُ إِلَى ٱلرَّبِّ وَأَنْحَنِي لِلإِلَهِ ٱلْعَلِيِّ؟ هَلْ أَتَقَدَّمُ بِمُحْرَقَاتٍ، بِعُجُولٍ أَبْنَاءِ سَنَةٍ؟ ٧ هَلْ يُسَرُّ ٱلرَّبُّ بِأُلُوفِ ٱلْكِبَاشِ، بِرَبَوَاتِ أَنْهَارِ زَيْتٍ؟ هَلْ أُعْطِي بِكْرِي عَنْ مَعْصِيَتِي، ثَمَرَةَ جَسَدِي عَنْ خَطِيَّةِ نَفْسِي؟ ٨ قَدْ أَخْبَرَكَ أَيُّهَا ٱلإِنْسَانُ مَا هُوَ صَالِحٌ، وَمَاذَا يَطْلُبُهُ مِنْكَ ٱلرَّبُّ، إِلاَّ أَنْ تَصْنَعَ ٱلْحَقَّ وَتُحِبَّ ٱلرَّحْمَةَ، وَتَسْلُكَ مُتَوَاضِعاً مَعَ إِلٰهِكَ».
مزمور ٥٠: ١ و٤ وإشعياء ١: ٢ وحزقيال ٦: ٢ و٣ و٢صموئيل ٢٢: ١٦ ومزمور ١٠٤: ٥ إشعياء ١: ١٨ وهوشع ٤: ١ و١٢: ٢ مزمور ٥٠: ٧ إرميا ٢: ٥ إشعياء ٤٣: ٢٢ و٢٣ خروج ٢: ٣ تثنية ٧: ٨ مزمور ٧٧: ٢٠ خروج ١٥: ٢٠ عدد ٢٢: ٥ و٦ عدد ٢٥: ١ ويشوع ٢: ١ و٣: ١ يشوع ٤: ١٩ و٥: ٩ و١٠ و١صموئيل ١٢: ٧ وإشعياء ١: ٢٧ مزمور ٤٠: ٦ – ٨ مزمور ٥١: ١٦ و١٧ إشعياء ٤٠: ١٦ لاويين ١٨: ٢١ و٢: ١ – ٥ وإرميا ٧: ٣١ تثنية ٣٠: ١٥ تثنية ١٠: ١٢ إشعياء ٥٦: ١ وإرميا ٢٢: ٣ هوشع ٦: ٦ إشعياء ٥٧: ١٥ و٦٦: ٢
الرب يكلم النبي ميخا فعليه أن يكلم الشعب ويوبخهم على خطاياهم بالأمانة والشجاعة ويخاصمهم لدى الجبال. لعل قلوب الجبال الصخرية تكون ألين من قلوب الإسرائيليين. وكانت الجبال الأبدية شاهدت أعمال الرب الصالحة نحو شعبه منذ القديم وأعمال إسرائيل الردية نحو الرب وعبادتهم للأصنام ورجاسات المرتفعات.
لِلرَّبِّ خُصُومَةً مَعَ شَعْبِهِ (ع ٢) مع أنه له حق أن يحكم على شعبه بلا محاكمة ولكنه تنازل وتكلم معهم ويتحاج كأنه إنسان وكقاض ينزل عن كرسي القضاء ويجلس جنب المشكو عليه ويكلمه كصديق. ويدعوه «يا شعبي» أي لم يرفضهم بل يذكرهم أنه اختارهم في القديم واعتنى بهم على الدوام ويذكرهم أيضاً واجباتهم الخصوصية نحوه. و «مريم» مذكورة في (ع ٤) مع أخويها موسى وهارون لأنها كانت نبية ومرنمة (انظر خروج ١٥: ٢٠).
مِنْ شِطِّيمَ إِلَى ٱلْجِلْجَالِ (ع ٥) لا يكمل الجملة لأن الحوادث المشار إليها معروفة عندهم. كانت شطيم آخر محلة في القفر والجلجال أول محلة في كنعان. أقاموا في القفر حتى مات جيل غير المؤمنين فكان ذلك زمان تأديب وامتحان وبانتقالهم من شطيم إلى الجلجال انتهى زمان التأديب وغضب الرب وابتدأ زمان الراحة في الأرض الموعود بها والتي كانوا اشتاقوا إليها مدة أربعين سنة. ومن شطيم إلى الجلجال عبروا الأردن وفي الجلجال تجددت ممارسة الفصح والختان وتدحرج عنهم عار مصر.
وفي ع ٦ جواب الشعب وهم كأنهم تأثروا من كلام الرب وقصدوا أن يقدموا له شيئاً ولكن أفكارهم جسدية فإنهم ظنوا أن الرب يرتضي بتقدمات وذبائح ولم يفهموا أنه طالب الإنسان نفسه وليس فقط تقدمات منه. الملك سليمان حين تدشين الهيكل قدم ٢٢٠٠٠ من الثيران و١٢٠٠٠ من الغنم وهكذا حزقيا ويوشيا ولكن ليس لهذه الذبائح قيمة ما عند الرب بالنسبة إلى تقدمة الروح المنكسرة والاستماع لصوت الرب والإصغاء أفضل من شحم الكباش حتى ولو كان الإنسان يقدم ربوات من الكباش وأنهراً من الزيت ولو قدم ابنه البكر وهو أعز شيء عنده.
قَدْ أَخْبَرَكَ (ع ٨) (انظر تثنية ١٠: ١٢ و١٣) «مَاذَا يَطْلُبُ مِنْكَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ إِلاَّ أَنْ تَتَّقِيَ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ لِتَسْلُكَ فِي كُلِّ طُرُقِهِ، وَتُحِبَّهُ، وَتَعْبُدَ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَتَحْفَظَ وَصَايَا ٱلرَّبِّ وَفَرَائِضَهُ ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا ٱلْيَوْمَ لِخَيْرِكَ» فإن الرب لا يطلب جزءاً من المال ولا جزءاً من الوقت بل يطلب الإنسان نفسه وكل ماله وكل وقته وكل أعماله وكلامه وأفكاره (انظر هوشع ٦: ٦ ومتّى ٩: ١٣ و١٢: ٧) وكان الكنعانيون يحرقون بنيهم وبناتهم بالنار لمولك إلههم. وتعلم منهم الإسرائيليون تلك العبادة (انظر إرميا ٧: ٣١).
٩ – ١٦ «٩ صَوْتُ ٱلرَّبِّ يُنَادِي لِلْمَدِينَةِ، وَٱلْحِكْمَةُ تَرَى ٱسْمَكَ: اِسْمَعُوا لِلْقَضِيبِ وَمَنْ رَسَمَهُ. ١٠ أَفِي بَيْتِ ٱلشِّرِّيرِ بَعْدُ كُنُوزُ شَرٍّ وَإِيفَةٌ نَاقِصَةٌ مَلْعُونَةٌ؟ ١١ هَلْ أَتَزَكَّى مَعَ مَوَازِينِ ٱلشَّرِّ وَمَعَ كِيسِ مَعَايِيرِ ٱلْغِشِّ؟ ١٢ فَإِنَّ أَغْنِيَاءَهَا مَلآنُونَ ظُلْماً، وَسُكَّانَهَا يَتَكَلَّمُونَ بِٱلْكَذِبِ، وَلِسَانَهُمْ فِي فَمِهِمْ غَاشٌّ. ١٣ فَأَنَا قَدْ جَعَلْتُ جُرُوحَكَ عَدِيمَةَ ٱلشِّفَاءِ، مُخْرِباً مِنْ أَجْلِ خَطَايَاكَ. ١٤ أَنْتَ تَأْكُلُ وَلاَ تَشْبَعُ، وَجُوعُكَ فِي جَوْفِكَ. وَتُعَزِّلُ وَلاَ تُنَجِّي، وَٱلَّذِي تُنَجِّيهِ أَدْفَعُهُ إِلَى ٱلسَّيْفِ. ١٥ أَنْتَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ. أَنْتَ تَدُوسُ زَيْتُوناً وَلاَ تَدَّهِنُ بِزَيْتٍ، وَسُلاَفَةً وَلاَ تَشْرَبُ خَمْراً. ١٦ وَتُحْفَظُ فَرَائِضُ «عُمْرِي» وَجَمِيعُ أَعْمَالِ بَيْتِ «أَخْآبَ» وَتَسْلُكُونَ بِمَشُورَاتِهِمْ، لِكَيْ أُسَلِّمَكَ لِلْخَرَابِ، وَسُكَّانَهَا لِلصَّفِيرِ، فَتَحْمِلُونَ عَارَ شَعْبِي» .
أيوب ٥: ٦ – ٨ و١٧ وإشعياء ١١: ٤ إرميا ٥: ٢٦ و٢٧ وعاموس ٣: ١٠ حزقيال ٤٥: ٩ و١٠ وعاموس ٨: ٥ لاويين ١٩: ٣٦ وهوشع ١٢: ٧ ص ٢: ١ و٢ وإشعياء ١: ٢٣ و٥: ٧ وعاموس ٦: ٣ و٤ إرميا ٩: ٢ – ٦ و٨ وهوشع ٧: ١٣ وعاموس ٢: ٤ إشعياء ٣: ٨ ص ١: ٩ إشعياء ١: ٧ و٦: ١١ إشعياء ٩: ٢ إشعياء ٣٠: ٦ تثنية ٢٨: ٣٨ – ٤٠ إرميا ١٢: ١٣ عاموس ٥: ١١ وصفنيا ١: ٣ و١ملوك ١٦: ٢٥ و٢٦ و١ملوك ١٦: ٢٩ – ٣٣ إرميا ٧: ٢٤ ع ١٣ وإرميا ١٨: ١٦ إرميا ١٩: ٨ و٢٥: ٩ و١٨ و٢٩: ١٨ إشعياء ٤٤: ١٣ وإرميا ٥١: ٥١ وهوشع ١٢: ١٤
المدينة هي أورشليم.
ٱلْحِكْمَةُ تَرَى ٱسْمَكَ انظر قول يسوع (متّى ١١: ١٩) «والحكمة تبررت من بنيها» أي الذين لهم حكمة يسمعون مناداة الرب للمدينة فيرون عدله ومحبته وقدرته وكل صفاته المشار إليها باسمه. و«القضيب» هو تأديب الرب (انظر إشعياء ١٠: ٥ و١٥ و٢٤ و٣٠: ٣٢).
وَمَنْ رَسَمَهُ أي عليهم أن يتذكروا أن التأديب من الله القدير والقدوس الذي لا يطيق الإثم ثم يسأل (ع ١٠) أفي بيت الشرير بعد كنوز شر أي بعد التأديب وبعد الكلام المذكور. وجواب هذا السؤال «يوجد» فإنهم لم يستفيدوا من التأديب والكلام. والإيفة ملعونة لأنها ناقصة فلا يمكن الذين يستعملونها في البيع أن ينتفعوا من ربحهم القبيح لأن بركة الرب ليست عليه.
هَلْ أَتَزَكَّى (ع ١١) في الكلام السابق المتكلم الله (ع ٩) وكذلك في الكلام الآتي (ع ١٣) ولكن هنا لا يوافق نسبة الكلام إلى الله ومن المحتمل أن المتكلم هنا الشعب إجمالاً أي هل يقول أحدكم «إني أتزكى» ما دامت كنوز الشر وموازين الغش والإيفة الناقصة موجودة في بيته (انظر لاويين ١٩: ٣٥ و٣٦ وتثنية ٢٥: ١٣ – ١٦).
فَإِنَّ أَغْنِيَاءَهَا (ع ١٢) أي حتى الأكابر والمعتبرين في أورشليم يخطئون هذه الخطايا الدنية ولسانهم في فمهم غش أي كل كلامهم غش والغش عادتهم.
جُرُوحَكَ عَدِيمَةَ ٱلشِّفَاءِ (ع ١٣) أي ليس من رجاء بأن حالتهم الأدبية والروحية تتحسن. ولعل المخاطب الإسرائيليون إجمالاً.
مُخْرِباً أي الرب هو المخرب من أجل خطاياهم (انظر لاويين ٢٦: ١٨ – ٢٨).
أَنْتَ تَأْكُلُ وَلاَ تَشْبَعُ (ع ١٤) العقاب يناسب الخطية فإنهم كانوا ظالمين وغاشين لأجل شبع بطونهم وعقابهم الجوع في جوفهم ولعلهم عند قدوم العدو خبأوا أموالهم ومع ذلك لا ينجّونها وإذا نجّوا شيئاً يأخذه العدو بسيفه.
تُحْفَظُ فَرَائِضُ عُمْرِي (ع ١٦) (انظر ١ملوك ١٦: ١٦ – ٢٨) كان عمري رئيس الجيش ثم مَلَك على إسرائيل وأساء أكثر من جميع الذين كانوا قبله واشتهر ابنه أخآب وامرأة أخآب إيزابل وابنة أخآب عثليا ملك يهوذا بالشرور وعبادة البعل. وعمري مذكور هنا بالنيابة عن كل بيته الشرير وفرائض عمري هي المختصة بعبادة البعل كان الإسرائيليون يسلكون بمشورات بيت عمري لكي يسلم الرب إسرائيل للخراب وسكان أورشليم للصفير فيحمل الإسرائيليون عار شعب الله من الوثنيين عندما تسقط مملكتهم.
السابق |
التالي |