سفر ميخا | 02 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر ميخا
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي
١ – ٣ «١ وَيْلٌ لِلْمُفْتَكِرِينَ بِٱلْبُطْلِ، وَٱلصَّانِعِينَ ٱلشَّرَّ عَلَى مَضَاجِعِهِمْ. فِي نُورِ ٱلصَّبَاحِ يَفْعَلُونَهُ لأَنَّهُ فِي قُدْرَةِ يَدِهِمْ. ٢ فَإِنَّهُمْ يَشْتَهُونَ ٱلْحُقُولَ وَيَغْتَصِبُونَهَا، وَٱلْبُيُوتَ وَيَأْخُذُونَهَا، وَيَظْلِمُونَ ٱلرَّجُلَ وَبَيْتَهُ وَٱلإِنْسَانَ وَمِيرَاثَهُ. ٣ لِذٰلِكَ هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: هَئَنَذَا أَفْتَكِرُ عَلَى هٰذِهِ ٱلْعَشِيرَةِ بِشَرٍّ لاَ تُزِيلُونَ مِنْهُ أَعْنَاقَكُمْ، وَلاَ تَسْلُكُونَ بِٱلتَّشَامُخِ لأَنَّهُ زَمَانٌ رَدِيءٌ».
مزمور ٣٦: ٤ وإشعياء ٣٢: ٧ وناحوم ١: ١١ هوشع ٧: ٦ و٧ تكوين ٣١: ٢٩ وتثنية ٢٨: ٣٢ وأمثال ٣: ٢٧ إرميا ٢٢: ١٧ وعاموس ٨: ٤ إشعياء ٥: ٨ و١ملوك ٢١: ١ – ١٥ إرميا ٨: ٣ وعاموس ٣: ١ و٢ تثنية ٢٨: ٤٨ وإرميا ١٨: ١١ مراثي ١: ١٤ و٥: ٥ إشعياء ٢: ١١ و١٢ عاموس ٥: ١٣
في الأصحاح السابق ذكر النبي خطايا إسرائيل إلى الله وهنا يذكر خطاياهم إلى الناس ولا سيما خطية ظلم الفقراء والضعفاء. ونرى هنا وبأقوال أخر في العهد القديم نفس المحبة والشفقة التي ظهرت في يسوع المسيح في العهد الجديد. وكلمة «ويل» تشير إلى سقوط المدينة والسبي وتشير أيضاً إلى الهلاك الأبدي لغير التائبين.
لِلْمُفْتَكِرِينَ بِٱلْبُطْلِ أي يصنعون شراً عمداً وقصداً. وأما داود فقال (انظر مزمور ٦٣: ٦) «إِذَا ذَكَرْتُكَ عَلَى فِرَاشِي، فِي ٱلسُّهْدِ أَلْهَجُ بِكَ».
لأَنَّهُ فِي قُدْرَةِ يَدِهِمْ لا يسألون عن العدل والحق بل يحسبون أن كل ما في قدرة يدهم هو حق وإذا ظلموا فقيراً لا يخجلون بل يفتخرون بما أنهم أقوى منه عقلاً وحكمة.
يَشْتَهُونَ ٱلْحُقُولَ (ع ٢) كما اشتهى أخآب كرم نابوت وأخذه وقتل نابوت (انظر ١ملوك ص ٢١) تكلم ميخا كأحد المظلومين فنظر إلى الفلاحين البائسين المطرودين من حقولهم وبيوتهم أو الساكنين فيها كعبيد للأغنياء الذين كانوا أخذوها ظلماً ونظر أيضاً إلى هؤلاء الأغنياء في بيوتهم الكبيرة «ٱلْمُضْطَجِعُونَ عَلَى أَسِرَّةٍ مِنَ ٱلْعَاجِ، وَٱلْمُتَمَدِّدُونَ عَلَى فُرُشِهِمْ، وَٱلآكِلُونَ خِرَافاً مِنَ ٱلْغَنَمِ وَعُجُولاً مِنْ وَسَطِ ٱلصِّيرَةِ» (عاموس ٦: ٤ – ٦).
والرب يقول هأنذا أفتكر (ع ٣) افتكروا هم بفعل الشر وافتكر الرب بالمجازاة.
لاَ تُزِيلُونَ مِنْهُ أَعْنَاقَكُمْ نير آسريهم فلا يذهبون إلى السبي سالكين بالتشامخ بل كبهائم تحت نير. والعشيرة هي عشيرة إسرائيل.
٤، ٥ «٤ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ يُنْطَقُ عَلَيْكُمْ بِهَجْوٍ وَيُرْثَى بِمَرْثَاةٍ، وَيُقَالُ: خَرِبْنَا خَرَاباً. بَدَلَ نَصِيبِ شَعْبِي. كَيْفَ يَنْزِعُهُ عَنِّي؟ يَقْسِمُ لِلْمُرْتَدِّ حُقُولَنَا. ٥ لِذٰلِكَ لاَ يَكُونُ لَكَ مَنْ يُلْقِي حَبْلاً فِي نَصِيبٍ بَيْنَ جَمَاعَةِ ٱلرَّبِّ».
حبقوق ٢: ٦ ص ١: ٨ وإرميا ٩: ١٠ و١٧ – ٢١ إشعياء ٦: ١١ و٢٤: ٣ وإرميا ٤: ١٣ إرميا ٦: ١٢ و٨: ١٠ عدد ٣٤: ١٣ و١٦ – ٢٩ ويشوع ١٨: ٤ و١٠
بِهَجْوٍ كما نُطق على ملك بابل (انظر إشعياء ١٤: ٤) والهجو هو قول على سبيل التعيير.
وَيُرْثَى بِمَرْثَاةٍ أي الكلام الآتي مرثاة إسرائيل وأعداؤهم ينطقون عليهم بذات الكلام هجواً والرب بدل نصيب شعب إسرائيل لما نزعه عنهم وأعطاه للمرتدين أي الوثنيين ليقسموه فيما بينهم. ثم يقول الرب (ع ٥) «لِذٰلِكَ لاَ يَكُونُ لَكَ مَنْ يُلْقِي حَبْلاً فِي نَصِيبٍ بَيْنَ جَمَاعَةِ ٱلرَّبِّ» أي لا يكون أحد كيشوع الذي ألقى الحبل وقسم لأسباط إسرائيل أرض كنعان. كان الإسرائيليون الأغنياء الظالمون أخذوا أرض الفقراء والضعفاء وكما فعلوا سيُفعل بهم عندما يأتي الأشوريون.
٦ «يَتَنَبَّأُونَ قَائِلِينَ: لاَ تَتَنَبَّأُوا. لاَ يَتَنَبَّأُونَ عَنْ هٰذِهِ ٱلأُمُورِ. لاَ يَزُولُ ٱلْعَارُ».
إشعياء ٣٠: ١٠ وعاموس ٢: ١٢ و٧: ١٦ ص ٣: ٦ وإشعياء ٢٩: ١٠ ص ٦: ١٦
يَتَنَبَّأُونَ أي الأنبياء الكذبة يقولون لأنبياء الرب أن لا يتنبأوا كما أوصى المجمع الرسولين بطرس ويوحنا أن لا ينطقا البتة ولا يعلّما باسم يسوع. وجميع الذين يعملون السيئات يبغضون النور.
لاَ يَزُولُ ٱلْعَارُ قول الرب. أي لا يزول العار ولو سكت الأنبياء. وجهالتهم كجهالة مريض يظن أنه يخلص من مرضه إذا طرد الطبيب.
٧ – ٩ «٧ أَيُّهَا ٱلْمُسَمَّى بَيْتَ يَعْقُوبَ، هَلْ قَصُرَتْ رُوحُ ٱلرَّبِّ؟ أَهٰذِهِ أَفْعَالُهُ؟ أَلَيْسَتْ أَقْوَالِي صَالِحَةً نَحْوَ مَنْ يَسْلُكُ بِٱلٱسْتِقَامَةِ؟ ٨ وَلَكِنْ بِٱلأَمْسِ قَامَ شَعْبِي كَعَدُوٍّ. تَنْزِعُونَ ٱلرِّدَاءَ عَنِ ٱلثَّوْبِ مِنَ ٱلْمُجْتَازِينَ بِٱلطُّمَأْنِينَةِ وَمِنَ ٱلرَّاجِعِينَ مِنَ ٱلْقِتَالِ. ٩ تَطْرُدُونَ نِسَاءَ شَعْبِي مِنْ بَيْتِ تَنَعُّمِهِنَّ. تَأْخُذُونَ عَنْ أَطْفَالِهِنَّ زِينَتِي إِلَى ٱلأَبَدِ».
إشعياء ٥٠: ٢ و٥٩: ١ مزمور ١١٩: ٦٥ و ٦٨ و١١٦ وإرميا ١٥: ١٦ مزمور ١٥: ٢ و٨٤: ١١ إرميا ١٢: ٨ ص ٣: ٢ و٣ و٧: ٢ و٣ مزمور ١٢٠: ٦ و٧ إرميا ١٠: ٢٠ حزقيال ٣٩: ٢١ وحبقوق ٢: ١٤
ٱلْمُسَمَّى بَيْتَ يَعْقُوبَ هم من نسل يعقوب حسب الجسد وليس من نسله حسب أعمالهم. ومجرد الاسم لا ينفع شيئاً.
هَلْ قَصُرَتْ رُوحُ ٱلرَّبِّ والجواب لم تقصر بل هو طويل الروح وكثير الرحمة ورحمته إلى الأبد وهو لا يتغير.
أَهٰذِهِ أَفْعَالُهُ أي دمار البلاد والسبي ليست أفعال الرب لأن الرب لم يشأ هلاكهم بل هي أفعالهم وكل بلاياهم من خطاياهم.
بِٱلأَمْسِ (ع ٨) أي عملوا ولم يزالوا يعملون وبما أنهم عملوا أعمالاً عكس أعمال الرب صاروا أعداءه.
تَنْزِعُونَ ٱلرِّدَاءَ عَنِ ٱلثَّوْبِ أي يأخذون العباءة ويتركون القميص فقط.
ٱلرَّاجِعِينَ مِنَ ٱلْقِتَالِ أي غير المحاربين. ونهب هؤلاء المساكين والمطمئنين ليس فقط طمعاً منهم بل أيضاً ظلماً وجبانة.
بَيْتِ تَنَعُّمِهِنَّ (ع ٩) يفرح الفقراء بأولادهم وبيوتهم الحقيرة والبسيطة ولكن هؤلاء الظالمين يأخذون منهم حتى هذه الخيرات القليلة.
تَأْخُذُونَ عَنْ أَطْفَالِهِنَّ زِينَتِي إِلَى ٱلأَبَدِ أولاد شعب الله زينته لأنهم إتمام وعده بتكثير الشعب وثباتهم في أرضهم وفي طاعتهم للرب. والأولاد زينة البيت وزينة البلاد وزينة الكنيسة وزينة ثمينة في عيني الرب وأما هؤلاء الظالمون فأفقدوهم بيوتهم ووالديهم وامتيازاتهم ومجدهم كأولاد شعب الله والظاهر أنهم كانوا باعوهم عبيداً في بلاد وثنية بلا رجاء بالرجوع إلى وطنهم وإلى الأبد.
١٠، ١١ «١٠ قُومُوا وَٱذْهَبُوا لأَنَّهُ لَيْسَتْ هٰذِهِ هِيَ ٱلرَّاحَةَ. مِنْ أَجْلِ نَجَاسَةٍ تُهْلِكُ وَٱلْهَلاَكُ شَدِيدٌ. ١١ لَوْ كَانَ أَحَدٌ وَهُوَ سَالِكٌ بِٱلرِّيحِ وَٱلْكَذِبِ يَكْذِبُ قَائِلاً: أَتَنَبَّأُ لَكَ عَنِ ٱلْخَمْرِ وَٱلْمُسْكِرِ لَكَانَ هُوَ نَبِيَّ هٰذَا ٱلشَّعْبِ!».
لاويين ١٨: ٢٥ و٢٨ و٢٩ ومراثي ٤: ١٤ و١٥ تثنية ١٢: ٩ مزمور ١٠٦: ٣٨ إرميا ٥: ١٣ و٣١ إشعياء ٢٨: ٧ إشعياء ٣٠: ١٠ و١١
قُومُوا وَٱذْهَبُوا يشير إلى السبي حين يقومون ويذهبون إلى بلاد أشور. وليست راحة الإنسان الحقيقية من الخيرات الزمنية التي لا تقدر أن تشبع النفس الخالدة بل في الرب (انظر إرميا ٣١: ١٤) «يَشْبَعُ شَعْبِي مِنْ جُودِهِ يَقُولُ ٱلرَّبُّ».
نَجَاسَةٍ تُهْلِكُ قذفت أرض كنعان سكانهم الأولين بسبب نجاستهم وهكذا ستقذف بني إسرائيل أي سيذهبون إلى السبي بسبب نجاستهم (انظر لاويين ١٨: ٢٤ – ٣٠) وليست راحة الإنسان بظروفه الخارجية كالمأكولات والملبوسات والمساكن بل بأحواله الداخلية ووجود الإيمان والصبر والمحبة والتقوى في قلبه.
سَالِكٌ بِٱلرِّيحِ (ع ١١) أي يتكلم كلاماً فارغاً. يسلك النبي الكاذب بالريح وأما النبي الحقيقي فبالروح.
هُوَ نَبِيَّ هٰذَا ٱلشَّعْبِ قال يسوع «أَحَبَّ ٱلنَّاسُ ٱلظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ ٱلنُّورِ، لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً» (يوحنا ٣: ١٩) لا يطلب الأشرار من يُريهم الحق بل من يأذن لهم أن يبقوا في خطاياهم ويعدهم بالخلاص في الآخرة.
١٢، ١٣ «١٢ إِنِّي أَجْمَعُ جَمِيعَكَ يَا يَعْقُوبُ. أَضُمُّ بَقِيَّةَ إِسْرَائِيلَ. أَضَعُهُمْ مَعاً كَغَنَمِ ٱلْحَظِيرَةِ، كَقَطِيعٍ فِي وَسَطِ مَرْعَاهُ يَضِجُّ مِنَ ٱلنَّاسِ. ١٣ قَدْ صَعِدَ ٱلْفَاتِكُ أَمَامَهُ. يَقْتَحِمُونَ وَيَعْبُرُونَ مِنَ ٱلْبَابِ، وَيَخْرُجُونَ مِنْهُ، وَيَجْتَازُ مَلِكُهُمْ أَمَامَهُمْ، وَٱلرَّبُّ فِي رَأْسِهِمْ».
ص ٤: ٦ و٧ ص ٥: ٧ و٨ و٧: ١٨ إرميا ٣٣: ٢٢ ص ٥: ٤
كثيراً ما الأنبياء بعدما يوبخون الناس على خطاياهم ويتنبأون بالدمار والسبي يرفعون النظر إلى المستقبل البعيد ويذكرون أمجاد ملكوت المسيح ورجوع شعبه إليه. (انظر إشعياء ص ٣٤) الذي موضوعه دمار أدوم الهائل ثم (ص ٣٥) الذي موضوعه أفراح ملكوت المسيح. وبهذين الآيتين نبوة بجمع اليهود المشتتين وراحتهم ونجاحهم تحت راية المسيح فإن الرب لا ينسى البقية وهم الأتقياء القليلو العدد الموجودون بين الأشرار ولهم التعزية بمواعيد الله.
يَضِجُّ مِنَ ٱلنَّاسِ دليل على كثرة الغنم والرعاة. والفاتك (ع ١٣) هو من يفتح باباً للأسرى فيخلصون. ككورش وزربابل وبالأخص المسيح. «وملكهم» هو المسيح. كان سبي بابل رمزاً عن عبودية الخطية والرجوع من السبي رمز عن رجوع النفس إلى الله.
السابق |
التالي |