سفر ميخا | 03 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر ميخا
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ
١ – ٤ «١ وَقُلْتُ: ٱسْمَعُوا يَا رُؤَسَاءَ يَعْقُوبَ وَقُضَاةَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ. أَلَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا ٱلْحَقَّ؟ ٢ ٱلْمُبْغِضِينَ ٱلْخَيْرَ وَٱلْمُحِبِّينَ ٱلشَّرَّ، ٱلنَّازِعِينَ جُلُودَهُمْ عَنْهُمْ وَلَحْمَهُمْ عَنْ عِظَامِهِمْ. ٣ وَٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ لَحْمَ شَعْبِي وَيَكْشُطُونَ جِلْدَهُمْ عَنْهُمْ، وَيُهَشِّمُونَ عِظَامَهُمْ، وَيُشَقِّقُونَ كَمَا فِي ٱلْقِدْرِ، وَكَاللَّحْمِ فِي وَسَطِ ٱلْمِقْلَى. ٤ حِينَئِذٍ يَصْرُخُونَ إِلَى ٱلرَّبِّ فَلاَ يُجِيبُهُمْ، بَلْ يَسْتُرُ وَجْهَهُ عَنْهُمْ فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ كَمَا أَسَاءُوا أَعْمَالَهُمْ».
ع ٩ وإشعياء ١: ١٠ مزمور ٨٢: ١ – ٥ وإرميا ٥: ٥ ص ٢: ٨ و٧: ٢ و٣ ومزمور ٥٣: ٤ وحزقيال ٢٢: ٢٧ مزمور ١٤: ٤ و٢٧: ٢ وصفنيا ٣: ٣ حزقيال ٣٤: ٢ و٣ حزقيال ١١: ٣ و٦ و٧ مزمور ١٨: ٤١ وأمثال ١: ٢٨ وإشعياء ١: ١٥ وإرميا ١١: ١١ تثنية ٣١: ١٧ وإشعياء ٥٩: ٢ ص ٧: ١٣ وإشعياء ٣: ١١
النبي يتوعد جميع رؤساء إسرائيل وهم على ثلاث رتب أي القضاة والكهنة والأنبياء ولا يذكر الملك حزقيا الصالح. ويبين أنهم أجمعين ضالون ومضلون.
أَلَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا ٱلْحَقَّ لم يقدروا أن يعرفوا الحق لأن الخطية كانت غلّظت قلوبهم وثقّلت آذانهم وأطمست أعينهم (انظر إشعياء ٦: ١٠) ولعلهم حسبوا أنفسهم شرفاء ولطفاء وقساوتهم أمراً ضرورياً ولولاها لا يخافهم الشعب واعتبروا الفقراء كأنهم جنس أوطى منهم ومخلوقون لخدمتهم.
ٱلْمُبْغِضِينَ ٱلْخَيْرَ (ع ٢) لأن عمل الخير يطلب منهم الخدمة للمحتاجين وإعطاء المال والاهتمام بغيرهم وكانوا محبين الشر لأنهم استغنوا غنىً بواسطته.
ٱلنَّازِعِينَ جُلُودَهُمْ الظالمون مشبهون بوحوش مفترسة وللفقراء بفريستها. ومن أخذ ثوب الفقير ظلماً كأنه نزع عنه جلده ومن أخذ خبز الفقير كأنه قتله ونزع لحمه عن عظامه لأن خبزه حياته ومن نصح وتقوّى وتعظم بواسطة الظلم كأنه هشم عظام الفقير وأكله. والرب يقول «شعبي» (ع ٣) فما أعظم خطية ظلم الفقراء الذين يدعوهم الرب شعبه.
حِينَئِذٍ (ع ٤) أي في يوم بليتهم حينما تسقط السامرة مدينة إسرائيل وأورشليم مدينة يهوذا.
كَمَا أَسَاءُوا أَعْمَالَهُمْ كان الفقراء صرخوا إليهم مرات كثيرة وهم لا يسمعون فالرب لا يسمع عندما يصرخون إليه.
٥ – ٨ «٥ هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ عَلَى ٱلأَنْبِيَاءِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَ شَعْبِي، ٱلَّذِينَ يَنْهَشُونَ بِأَسْنَانِهِمْ، وَيُنَادُونَ: سَلاَمٌ! وَٱلَّذِي لاَ يَجْعَلُ فِي أَفْوَاهِهِمْ شَيْئاً يَفْتَحُونَ عَلَيْهِ حَرْباً: ٦ لِذٰلِكَ تَكُونُ لَكُمْ لَيْلَةٌ بِلاَ رُؤْيَا. ظَلاَمٌ لَكُمْ بِدُونِ عِرَافَةٍ. وَتَغِيبُ ٱلشَّمْسُ عَنِ ٱلأَنْبِيَاءِ، وَيُظْلِمُ عَلَيْهِمِ ٱلنَّهَارُ. ٧ فَيَخْزَى ٱلرَّاؤُونَ، وَيَخْجَلُ ٱلْعَرَّافُونَ، وَيُغَطُّونَ كُلُّهُمْ شَوَارِبَهُمْ، لأَنَّهُ لَيْسَ جَوَابٌ مِنَ ٱللهِ. ٨ لٰكِنَّنِي أَنَا مَلآنٌ قُوَّةَ رُوحِ ٱلرَّبِّ وَحَقّاً وَبَأْساً، لأُخَبِّرَ يَعْقُوبَ بِذَنْبِهِ وَإِسْرَائِيلَ بِخَطِيَّتِهِ».
إشعياء ٣: ١٢ و٩: ١٥ و١٦ وإرميا ١٤: ١٤ و١٥ إشعياء ٥٦: ٩ – ١١ إرميا ٦: ١٤ ع ١١ إشعياء ٨: ٢٠ – ٢٢ و٢٩: ١٠ – ١٢ إشعياء ٥٩: ١٠ زكريا ١٣: ٤ إشعياء ٤٤: ٢٥ و٤٧: ١٢ – ١٤ ص ٧: ١٦ ع ٤ و١صموئيل ٢٨: ٦ إشعياء ٦١: ١ و٢ وإرميا ١: ١٨ إشعياء ٥٨: ١
يُضِلُّونَ شَعْبِي وهذا الشر أعظم من شر الفقر والجوع الذي يؤثر في الجسد فقط فإن التعليم الفاسد يؤثر في النفس. وتعلّم الفقير من رؤسائه الطمع والظلم والرياء فكان يظلم من كان أضعف منه. ومن عدم التعليم من كهنته لم يعرف الرب ومحبته ورحمته ولم يتعلم الصبر والإيمان والرجاء والفرح حتى في الضيقات. فالأنبياء أضلوا الجميع الكبير والصغير ووعدوهم بالسلام مهما عملوا. وأعظم ضلال هو تعليم فاسد ممن يدعي بأنه تعليمه هو من الله.
يَنْهَشُونَ بِأَسْنَانِهِمْ كما تلسع الحية ولعل المشابهة هنا بوحش مفترس ينهش ويأكل بشراهة.
يَفْتَحُونَ عَلَيْهِ حَرْباً كأولاد عالي (١صموئيل ٢: ١٢ – ١٧) (انظر حزقيال ١٣: ١٠ و١٩: ٢٣).
لَيْلَةٌ بِلاَ رُؤْيَا (ع ٦) كان قصاصهم مناسباً لخطيتهم أحبوا الظلام وتركهم الرب في الظلام.
تَغِيبُ ٱلشَّمْسُ شمس الرؤيا وشمس الرجاء والابتهاج.
فَيَخْزَى ٱلرَّاؤُونَ (ع ٧) لأن ليس لهم رأي ولا تدبير في وقت الضيق ولا يستجيب لهم الرب ويغطون شواربهم علامة للحزن والخجل.
لٰكِنَّنِي أَنَا (ع ٨) كان ميخا مدفوعاً من روح الله كإرميا (انظر إرميا ٢٠: ٩) «فَكَانَ فِي قَلْبِي كَنَارٍ مُحْرِقَةٍ مَحْصُورَةٍ فِي عِظَامِي، فَمَلِلْتُ مِنَ ٱلإِمْسَاكِ وَلَمْ أَسْتَطِعْ» وكما قال بطرس ويوحنا (أعمال ٤: ٢٠) «لاَ نَتَكَلَّمَ بِمَا رَأَيْنَا وَسَمِعْنَا» وبولس (١كورنثوس ٩: ١٦) «إِنْ كُنْتُ أُبَشِّرُ فَلَيْسَ لِي فَخْرٌ، إِذِ ٱلضَّرُورَةُ مَوْضُوعَةٌ عَلَيَّ، فَوَيْلٌ لِي إِنْ كُنْتُ لاَ أُبَشِّرُ». فلم يخف ميخا من الرؤساء والقضاة والأنبياء الكذبة لأنه مرسل من الله القادر على كل شيء.
٩ – ١٢ «٩ اِسْمَعُوا هٰذَا يَا رُؤَسَاءَ بَيْتِ يَعْقُوبَ وَقُضَاةَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِينَ يَكْرَهُونَ ٱلْحَقَّ وَيُعَوِّجُونَ كُلَّ مُسْتَقِيمٍ. ١٠ ٱلَّذِينَ يَبْنُونَ صِهْيَوْنَ بِٱلدِّمَاءِ وَأُورُشَلِيمَ بِٱلظُّلْمِ. ١١ رُؤَسَاؤُهَا يَقْضُونَ بِٱلرَّشْوَةِ وَكَهَنَتُهَا يُعَلِّمُونَ بِٱلأُجْرَةِ، وَأَنْبِيَاؤُهَا يَعْرِفُونَ بِٱلْفِضَّةِ، وَهُمْ يَتَوَكَّلُونَ عَلَى ٱلرَّبِّ قَائِلِينَ: أَلَيْسَ ٱلرَّبُّ فِي وَسَطِنَا؟ لاَ يَأْتِي عَلَيْنَا شَرٌّ! ١٢ لِذٰلِكَ بِسَبَبِكُمْ تُفْلَحُ صِهْيَوْنُ كَحَقْلٍ، وَتَصِيرُ أُورُشَلِيمُ خِرَباً، وَجَبَلُ ٱلْبَيْتِ شَوَامِخَ وَعْرٍ».
ع ١ مزمور ٥٨: ١ و٢ وإشعياء ١: ٢٣ إرميا ٢٢: ١٣ و١٧ وحبقوق ٢: ١٢ ص ٧: ٣ وإشعياء ١: ٢٣ إرميا ٦: ١٣ إشعياء ٤٨: ٢ إرميا ٢٦: ١٨ إرميا ٩: ١١ ص ١: ٦ ص ٤: ١ ص ٤: ١ – ٣ وإشعياء ٢: ٢ – ٤
كان القضاة يعوّجون كل مستقيم بأخذهم الرشوة وقبولهم شهادة زور وكان الكهنة أيضاً يعوّجون كل مستقيم بريائهم وتعليمهم الفاسد وعدم تعليم الحق وبسلوكهم وقدوتهم الردية.
يَبْنُونَ صِهْيَوْنَ بِٱلدِّمَاءِ كان مالهم مال الظلم وبيوتهم مبنية بالتسخير وهكذا أماتوا الفقراء بأشغال شاقة وظلم. وعمّت خطية الطمع جميع الناس على اختلاف رتبهم. القضاة والكهنة والأنبياء.
يَتَوَكَّلُونَ عَلَى ٱلرَّبِّ (ع ١١) واتكالهم باطل لأنه كان على اسمهم كنسل يعقوب وعلى ممارستهم الطقوس والفرائض «ٱلْيَهُودِيَّ فِي ٱلظَّاهِرِ لَيْسَ هُوَ يَهُودِيّاً» (رومية ٢: ٢٨) وليس الرب في وسط الطماعين والظالمين ولو كانوا يهوداً بالاسم.
النبوة في ع ١٢ كانت في أيام حزقيا (انظر إرميا ٢٦: ١٨ و١٩) ولكن تأجل تتميمها فكان بأيام أبناء يوشيا. (مراثي إرميا ٥: ١٨ ونحميا ٤: ٢). قال يوسيفس عن دمار أورشليم من الرومانيين إنه إذا مر عليها غريب لا يمكنه أن يعرف أنه كان مدينة في ذلك المكان. والملك الروماني اليانس هدريانس بنى مدينة في موقع أورشليم وسماها على اسمه إليا وبقي هذا الاسم إلى القرن السابع بعد المسيح.
بِسَبَبِكُمْ كلّم الرؤساء والقضاة والكهنة والظالمين من الشعب فلا يكون عقاب خطاياهم على أنفسهم فقط وفي أيامهم فقط بل أيضاً على أولادهم وفي الأجيال القادمة لا يكون سقوط السامرة وأورشليم بسبب قوة أعدائهم الأشوريين والكلدانيين والرومانيين ولا يكون صدفة بل بسبب خطايا أهلها. والخطر على الكنيسة المسيحية اليوم ليس من أعدائها بالخارج بل من حالتها الداخلية. وهلاك الإنسان ليس من غيره بل من نفسه.
السابق |
التالي |