سفر يونان

سفر يونان | 03 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر يونان 

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ

١ – ٤ «١ ثُمَّ صَارَ قَوْلُ ٱلرَّبِّ إِلَى يُونَانَ ثَانِيَةً: ٢ قُمِ ٱذْهَبْ إِلَى نِينَوَى ٱلْمَدِينَةِ ٱلْعَظِيمَةِ، وَنَادِ لَهَا ٱلْمُنَادَاةَ ٱلَّتِي أَنَا مُكَلِّمُكَ بِهَا. ٣ فَقَامَ يُونَانُ وَذَهَبَ إِلَى نِينَوَى بِحَسَبِ قَوْلِ ٱلرَّبِّ. أَمَّا نِينَوَى فَكَانَتْ مَدِينَةً عَظِيمَةً لِلهِ مَسِيرَةَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ. ٤ فَٱبْتَدَأَ يُونَانُ يَدْخُلُ ٱلْمَدِينَةَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَنَادَى: بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْماً تَنْقَلِبُ نِينَوَى».

ص ١: ١ و٢ صفنيا ٢: ١٣ – ١٥ إرميا ١: ١٧ وحزقيال ٢: ٧ ص ١: ٢ و٤: ١١ متّى ١٢: ٤١ ولوقا ١١: ٣٢ و٢ملوك ٢٠: ١ و٦ وإرميا ١٨: ٧ – ١٠

قَوْلُ ٱلرَّبِّ إِلَى يُونَانَ ثَانِيَةً غفر له الرب خطيئته ولم يطرده من وظيفته النبوية كما غفر يسوع لبطرس بعدما كان أنكره وقال له «ارع خرافي» (يوحنا ٢١: ١٧).

وَنَادِ لَهَا (ع ٢) القول الأول (١: ٢) «ناد عليها» أي في القول الثاني تلميح إلى الرحمة.

ٱلَّتِي أَنَا مُكَلِّمُكَ بِهَا وعلى كل و اعظ أن ينادي المناداة التي يكلمه الرب بها إن كان توبيخاً على خطاياهم أو تعزية وتبشيراً بالخلاص وكل ذلك بالمحبة والتواضع والأمانة والقوة لعبيده. وربما لم يعرف يونان بالأول ما هي المناداة.

مَدِينَةً عَظِيمَةً لِلهِ (ع ٣) اصطلاح عبراني بمعنى عظيمة جداً كما في (مزمور ٣٦: ٦ «جبال الله» أي جبال عظيمة. و(مزمور ٨٠: ١٠) «أرز الله».

مَسِيرَةَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أي دائرة المدينة ولا شك كان ضمن أسوارها بساتين وحقول للفلاحة وليس فقط بيوتاً. دخل المدينة مسيرة يوم واحد ولعله قطع المدينة كلها من الباب الواحد إلى الباب الآخر حتى أن جميع أهلها سمعوا مناداته. أو أنه دخل المدينة وجال فيها يوماً واحداً ونادى لها ووسع وأوضح في كلامه. وأما الوعيد فهو كالوعد أي تحت شروط (انظر إرميا ١٨: ٧ و٨) «تَارَةً أَتَكَلَّمُ عَلَى أُمَّةٍ وَعَلَى مَمْلَكَةٍ بِٱلْقَلْعِ وَٱلْهَدْمِ وَٱلإِهْلاَكِ، فَتَرْجِعُ تِلْكَ ٱلأُمَّةُ ٱلَّتِي تَكَلَّمْتُ عَلَيْهَا عَنْ شَرِّهَا، فَأَنْدَمُ عَنِ ٱلشَّرِّ ٱلَّذِي قَصَدْتُ أَنْ أَصْنَعَهُ بِهَا». ولم تنقلب نينوى وأما أهلها فانقلبوا من الخطيئة إلى خوف الله. ولا نعرف إذا كان تكلم بلغته العبرانية أو بلغة نينوى أو أنه اكتفى بالعبارة الواحدة أو بالتفصيل والإيضاح.

٥ – ١٠ «٥ فَآمَنَ أَهْلُ نِينَوَى بِٱللهِ وَنَادُوا بِصَوْمٍ وَلَبِسُوا مُسُوحاً مِنْ كَبِيرِهِمْ إِلَى صَغِيرِهِمْ. ٦ وَبَلَغَ ٱلأَمْرُ مَلِكَ نِينَوَى، فَقَامَ عَنْ كُرْسِيِّهِ وَخَلَعَ رِدَاءَهُ عَنْهُ، وَتَغَطَّى بِمِسْحٍ وَجَلَسَ عَلَى ٱلرَّمَادِ. ٧ وَنُودِيَ فِي نِينَوَى عَنْ أَمْرِ ٱلْمَلِكِ وَعُظَمَائِهِ: لاَ تَذُقِ ٱلنَّاسُ وَلاَ ٱلْبَهَائِمُ وَلاَ ٱلْبَقَرُ وَلاَ ٱلْغَنَمُ شَيْئاً. لاَ تَرْعَ وَلاَ تَشْرَبْ مَاءً. ٨ وَلْيَتَغَطَّ بِمُسُوحٍ ٱلنَّاسُ وَٱلْبَهَائِمُ، وَيَصْرُخُوا إِلَى ٱللهِ بِشِدَّةٍ، وَيَرْجِعُوا كُلُّ وَاحِدٍ عَنْ طَرِيقِهِ ٱلرَّدِيئَةِ وَعَنِ ٱلظُّلْمِ ٱلَّذِي فِي أَيْدِيهِمْ، ٩ لَعَلَّ ٱللهَ يَعُودُ وَيَنْدَمُ وَيَرْجِعُ عَنْ حُمُوِّ غَضَبِهِ فَلاَ نَهْلِكَ. ١٠ فَلَمَّا رَأَى ٱللهُ أَعْمَالَهُمْ أَنَّهُمْ رَجَعُوا عَنْ طَرِيقِهِمِ ٱلرَّدِيئَةِ، نَدِمَ ٱللهُ عَلَى ٱلشَّرِّ ٱلَّذِي تَكَلَّمَ أَنْ يَصْنَعَهُ بِهِمْ، فَلَمْ يَصْنَعْهُ».

دانيال ٩: ٣١ ويوئيل ١: ١٤ تكوين ٣٧: ٣٤ و٢صموئيل ٣: ٣١ إرميا ٣١: ٣٤ أستير ٤: ١ – ٤ وإرميا ٦: ٣٦ وحزقيال ٢٧: ٣٠ و٣١ ودانيال ٩: ٣ ع ٥ و٢أيام ٢٠: ٣ وعزرا ٨: ٢١ ص ١: ٦ و١٤ ومزمور ١٣٠: ١ إشعياء ١: ١٦ – ١٩ و٥٥: ٦ و٧ وإرميا ١٨: ١١ و٢صموئيل ١٢: ٢٢ ويوئيل ٢: ١٤ و١ملوك ٢١: ٢٧ – ٢٩ وإرميا ٣١: ١٨ خروج ٣٢: ١٣ وإرميا ١٨: ٨ وعاموس ٧: ٣ و٦

فَآمَنَ أَهْلُ نِينَوَى صدقوا قول الرب بواسطة عبده يونان بأن المدينة تنقلب وآمنوا برحمة الله للتائبين ولولا رجاؤهم بالرحمة لما تابوا ونادوا بصوم (انظر ٢أيام ٢٠: ٣ ويوئيل ١: ١٤) وربما نبأ نجاة يونان من البحر بواسطة الحوت أثر فيهم وأمالهم إلى الإيمان. ولبسوا مسوحاً من تلقاء أنفسهم قبلما بلغتهم أمر الملك (ع ٦).

وَجَلَسَ عَلَى ٱلرَّمَادِ (ع ٦) (انظر أيوب ٢: ٨ وحزقيال ٢٧: ٢٠) ولا نعرف من هو هذا الملك. وخلع رداءه ونزل عن كرسيه لأن لا كبير ولا صغير عند الله بل الجميع بشر ومحتاجون إلى الخلاص.

ٱلْمَلِكِ وَعُظَمَائِهِ (ع ٧) دليل على حكم مقيد فإن الأمر لم يصدر من الملك وحده (انظر دانيال ٦: ١٧).

ٱلنَّاسُ وَٱلْبَهَائِمُ (ع ٨) لو انقلبت المدينة لكانت البهائم هلكت وليس أصحابها فقط وفي ٤: ١١ إن الله أشفق على بهائم نينوى. وفي أمر الملك أيضاً أن يرجعوا كل واحد عن طريقه الرديئة أي أن يتوبوا توبة حقيقية بالفعل وليس بالكلام فقط. على كل من يترك الخطية أن يترك أيضاً ما ربحه بواسطتها. كما قال زكا العشار (لوقا ١٩: ٨) «إِنْ كُنْتُ قَدْ وَشَيْتُ بِأَحَدٍ أَرُدُّ أَرْبَعَةَ أَضْعَافٍ». واشتهر أهل نينوى بخطيئة الظلم. (انظر نبوة ناحوم ص ٢ و٣) وجعل يسوع أهل نينوى قدوة لجيله بقوله «أهل نينوى تَابُوا بِمُنَادَاةِ يُونَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَانَ هٰهُنَا» (متّى ١٢: ٤١). ونستنتج مما نعرفه عن تاريخ نينوى أن توبتهم كانت وقتية ورجعوا إلى الظلم وعبادة الأصنام. ولكنهم وإن رجعوا إلى خطاياهم يبشرون كل جيل بأن الرب رحيم ورؤوف طويل الروح وكثير الرحمة.

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى