سفر عاموس

سفر عاموس | 02 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر عاموس 

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي

١ – ٣ «١ هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ ذُنُوبِ مُوآبَ ٱلثَّلاَثَةِ وَٱلأَرْبَعَةِ لاَ أَرْجِعُ عَنْهُ، لأَنَّهُمْ أَحْرَقُوا عِظَامَ مَلِكِ أَدُومَ كِلْساً. ٢ فَأُرْسِلُ نَاراً عَلَى مُوآبَ فَتَأْكُلُ قُصُورَ قَرْيُوتَ، وَيَمُوتُ مُوآبُ بِضَجِيجٍ، بِجَلَبَةٍ، بِصَوْتِ ٱلْبُوقِ. ٣ وَأَقْطَعُ ٱلْقَاضِيَ مِنْ وَسَطِهَا، وَأَقْتُلُ جَمِيعَ رُؤَسَائِهَا مَعَهُ قَالَ ٱلرَّبُّ».

إشعياء ١٥: ١ – ١٦: ١٤ وإرميا ٤٨: ١ – ٤٧ وصفنيا ٢: ٨ و٩ ص ١: ٣ إرميا ٤٨: ٢٤ و٤١ إرميا ٤٨: ٤٥ ص ١: ١٤ ص ٥: ٧ و١٢ و٦: ١٢ مزمور ٢: ١٠ و١٤١: ٦ أيوب ١٢: ٢١ وإشعياء ٤٠: ٢٣ وإرميا ٤٨: ٧

كانت موآب إلى الشرق من بحر لوط وإلى الجنوب من بلاد العمونيين والتخم بينهما نهر أرنون وكانت أرضها سهلاً مرتفعاً مخصباً فيها كروم (انظر إشعياء ١٦: ٨ – ١٠) ومراعي واسعة (انظر ٢ملوك ٣: ٤) ومدنها كثيرة وكبرياؤها مشهورة وبينها وبين إسرائيل حروب كثيرة ولا سيما على راؤبين الذين كان نصيبهم على حدود موآب الشمالية (انظر إشعياء ١٦: ٦ وإرميا ٤٨: ٢٩ و٤٢ وصفنيا ٢: ١٠).

أَحْرَقُوا عِظَامَ مَلِكِ أَدُومَ كِلْساً هذا الحادثة ليست الحادثة المذكورة في (٢ملوك ٣: ٢٧) والعمل هو عمل وحشي بربري ولا سيما إذا فهمنا أنهم أخذوا عظام الملك من قبره لأن التعدي على قبر الميت معتبر كتدنيس الأشياء المقدسة. ونلاحظ هنا أن التعدي المذكور ليس على إسرائيل بل من أمة وثنية على أمة أخرى وثنية. وقريوت (ع ٢) مدينة مهمة كما يظهر من القرينة. وبالعبرانية قريوت جمع قرية ولعل المعنى هنا «مدن موآب» (انظر إرميا ٤٨: ٤١) ولم تُذكر قريوت مع مدن موآب المذكورة في إشعياء (ص ١٥ وص ١٦). والقاضي (ع ٣) هو الملك أو نائب الملك. والنبوات بدمار موآب موجودة في (إشعياء ١٥ و١٦ و٢٥: ١٠ و١١ وإرميا ص ٤٨ وحزقيال ٢٥: ٨ – ١١ وصفنيا ٢: ٨ – ١٠) وكان دمارها الكامل قبل رجوع الإسرائيليين من السبي والأرجح أنه كان عن يد نبوخذ ناصر وبعد خراب أورشليم واليوم ليس فيها إلا قرى قليلة وحقيرة وردم مدن قديمة.

٤، ٥ «٤ هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ ذُنُوبِ يَهُوذَا ٱلثَّلاَثَةِ وَٱلأَرْبَعَةِ لاَ أَرْجِعُ عَنْهُ، لأَنَّهُمْ رَفَضُوا نَامُوسَ ٱللهِ وَلَمْ يَحْفَظُوا فَرَائِضَهُ، وَأَضَلَّتْهُمْ أَكَاذِيبُهُمُ ٱلَّتِي سَارَ آبَاؤُهُمْ وَرَاءَهَا. ٥ فَأُرْسِلُ نَاراً عَلَى يَهُوذَا فَتَأْكُلُ قُصُورَ أُورُشَلِيمَ».

ص ٣: ٢ و٢ملوك ١٧: ١٩ وهوشع ١٢: ٢ قضاة ٢: ١٧ – ٢٠ و٢ملوك ٢٢: ١١ – ١٧ وإرميا ٦: ١٩ و٨: ٩ إشعياء ٩: ١٥ و١٦ و٢٨: ١٥ وحبقوق ٢: ١٨ إرميا ٩: ١٤ و١٦: ١١ و١٢ وحزقيال ٢٠: ١٨ و٢٤ و٣٠ إرميا ١٧: ٢٧ و٢١: ١٠

رَفَضُوا نَامُوسَ ٱللهِ نستنتج من مضمون سفر عاموس أن الناموس المشار إليه هو الناموس الأدبي والروحي وهو أهم من ناموس الطقوس والفرائض (انظر الكلام في ظلم الفقراء ٢: ٦ – ٨ و٤: ١ و٥: ١٠ – ١٢ و٢١ – ٢٧ و٦: ١ – ٦) والطمع والسكر والزنى. ودينونتهم أعظم من دينونة الأمم الذين ليس عندهم ناموس الله وكهنته وأنبياؤه. وأضلتهم أكاذيبهم ومنها أن السكر والزنى ليست خطايا بل فضائل وأنهم معذورون في ظلم الفقراء لأنهم لا يقدرون أن يعيشوا بدون خدمتهم والله هكذا رسم لما خلق الناس على رتب مختلفة. وأكاذيب كهذه توافق الشهوات الردية فيحبها الناس ويصدقونها. «التي سار أباؤهم وراءها». فما أردى هذا الميراث. «فأرسل ناراً» تمت هذه النبوة عن يد نبوخذ ناصر (انظر ٢ملوك ٢٥: ٩).

٦ – ٨ «٦ هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ ذُنُوبِ إِسْرَائِيلَ ٱلثَّلاَثَةِ وَٱلأَرْبَعَةِ لاَ أَرْجِعُ عَنْهُ، لأَنَّهُمْ بَاعُوا ٱلْبَارَّ بِٱلْفِضَّةِ وَٱلْبَائِسَ لأَجْلِ نَعْلَيْنِ. ٧ ٱلَّذِينَ يَتَهَمَّمُونَ تُرَابَ ٱلأَرْضِ عَلَى رُؤُوسِ ٱلْمَسَاكِينِ، وَيَصُدُّونَ سَبِيلَ ٱلْبَائِسِينَ، وَيَذْهَبُ رَجُلٌ وَأَبُوهُ إِلَى صَبِيَّةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى يُدَنِّسُوا ٱسْمَ قُدْسِي. ٨ وَيَتَمَدَّدُونَ عَلَى ثِيَابٍ مَرْهُونَةٍ بِجَانِبِ كُلِّ مَذْبَحٍ، وَيَشْرَبُونَ خَمْرَ ٱلْمُغَرَّمِينَ فِي بَيْتِ آلِهَتِهِمْ».

ص ١: ٣ و٢ملوك ١٨: ١٢ ص ٥: ١١ و ١٢ و٨: ٦ ويوئيل ٣: ٣ ص ٨: ٤ وميخا ٢: ٢ و ٩ ص ٥: ١٢ هوشع ٤: ١٤ خروج ٢٢: ٢٦ ص ٣: ١٤ ص ٤: ١ و٦: ٦

بعد ذكر خطايا الأمم وخطايا يهوذا وعقابها يتقدم النبي إلى ذكر خطايا أبناء بلاده.

بَاعُوا ٱلْبَارَّ أي أن القضاة باعوه إذ حكموا عليه بعد أن كانوا ارتشوا من خصمه الظالم أو أن الدائنين باعوه عبداً لكي يسترجعوا مالهم. وكانوا يبيعون المديون بشيء زهيد كنعلين.

يَتَهَمَّمُونَ تُرَابَ ٱلأَرْضِ عَلَى رُؤُوسِ ٱلْمَسَاكِينِ (ع ٧) كان الدائنون يأخذون أرض المساكين بلا رحمة ولا يتركون لهم شيئاً منها وبالغ النبي قائلاً حتى وإن كان قد وضع على رأسه تراباً علامة الحزن (انظر ٢صموئيل ١٥: ٣٢) يأخذونها منه. في الترجمة اليسوعية «يبتغون أن يعطي تراب الأرض رأس الفقراء» ويقول غيرهم «يبتغون أن يسحقوا رؤوس الفقراء في التراب»«يصدون سبيل البائسين» فلا يُسمع صوتهم إذا شكوا إلى القضاة فأصبحوا عبيداً لسادتهم.

حَتَّى يُدَنِّسُوا ٱسْمَ قُدْسِي (انظر ١ملوك ١١: ٣٣) «لأَنَّهُمْ تَرَكُونِي وَسَجَدُوا لِعَشْتُورَثَ إِلٰهَةُ ٱلصَّيْدُونِيِّينَ الخ» وفي معابد عشتورث كان رجال ونساء «مأبونون وزواني» أجرتهم مخصصة لعبادة الآلهة فحسبوا زناهم فضيلة (انظر هوشع ٤: ١٤) «وَبَنَى (منسى) مَذَابِحَ لِكُلِّ جُنْدِ ٱلسَّمَاءِ فِي دَارَيْ بَيْتِ ٱلرَّبِّ» (٢أيام ٣٣: ٥) وربما في زمان عاموس كان شيء من ذلك. فدنسوا اسم قدس الرب. وذهب رجل وأبوه إلى المعبد ومن المحتمل أن يكون ذهابهما إلى صبية واحدة ولعله بلا قصد منهما (انظر ١كورنثوس ٥: ١).

بِجَانِبِ كُلِّ مَذْبَحٍ (ع ٨) تطرفوا في ممارسة الفرائض الدينية وفي ذات الوقت ارتكبوا أعظم الخطايا فإن الثياب التي تمددوا عليها هم وزواني المعبد في وقت العبادة القبيحة كانت ثياب الفقراء المأخوذة منهم ظلماً والخمر التي سكبوها للآلهة هي أيضاً من المغرّمين.

٩ – ١٢ «٩ وَأَنَا قَدْ أَبَدْتُ مِنْ أَمَامِهِمِ ٱلأَمُورِيَّ ٱلَّذِي قَامَتُهُ مِثْلُ قَامَةِ ٱلأَرْزِ، وَهُوَ قَوِيٌّ كَٱلْبَلُّوطِ. أَبَدْتُ ثَمَرَهُ مِنْ فَوْقُ، وَأُصُولَهُ مِنْ تَحْتُ. ١٠ وَأَنَا أَصْعَدْتُكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ وَسِرْتُ بِكُمْ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً لِتَرِثُوا أَرْضَ ٱلأَمُورِيِّ. ١١ وَأَقَمْتُ مِنْ بَنِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَمِنْ فِتْيَانِكُمْ نَذِيرِينَ. أَلَيْسَ هٰكَذَا يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ يَقُولُ ٱلرَّبُّ؟ ١٢ لٰكِنَّكُمْ سَقَيْتُمُ ٱلنَّذِيرِينَ خَمْراً، وَأَوْصَيْتُمُ ٱلأَنْبِيَاءَ قَائِلِينَ: لاَ تَتَنَبَّأُوا».

نشيد الأنشاد ١٠: ١٢ عدد ١٣: ٣٣ حزقيال ١٧: ٩ وملاخي ٤: ١ ص ٣: ١ و٩: ٧ وخروج ٢٠: ٢ تثنية ٢: ٧ خروج ٣: ٨ تثنية ١٨: ١٧ وإرميا ٧: ٢٥ عدد ٦: ٢ و٣ ص ٧: ١٣ و١٦ وإرميا ١١: ٢١

بيان عدم الشكر من الإسرائيليين للرب الذي أعطاهم أرضهم وكل خيراتهم. سكن الأموريون أورشليم وحبرون وجبعون وباشان وكانوا طوال القامة وكانوا بين الناس كالأرز بين الأشجار وكالبلوط بالقوة. وأبادهم الرب أمام الإسرائيليين «ثمره من فوق وأصوله من تحت» أي أبادهم تماماً. ومن مراحم الرب أيضاً أنه أخرجهم من مصر واعتنى بهم مدة أربعين سنة في القفر. وأقام من بينهم أنبياء كصموئيل وأخيا وميخا ابن يملة وإيليا وأليشع وهوشع الذين كانوا من المملكة الشمالية. والنذيرون (انظر عدد ٦: ٣ – ٥) أظهروا فضل العيشة الطاهرة وقيمة الروحيات. وأما الدنسون فيخجلون من وجود الأطهار بينهم ويريدون أنهم يصيرون مثلهم فسقوا النذيرين خمراً قائلين لا تتنبأوا. هكذا أخآب أبغض ميخا لأنه لم يتنبأ عليه خيراً (انظر ٢أيام ١٨: ٧). وقتل يوآش زكريا النبي لأنه تنبأ عليه (انظر ٢أيام ٢٤: ١٩ – ٢٢).

١٣ – ١٦ «١٣ هَئَنَذَا أَضْغَطُ مَا تَحْتَكُمْ كَمَا تَضْغَطُ ٱلْعَجَلَةُ ٱلْمَلآنَةُ حُزَماً. ١٤ وَيَبِيدُ ٱلْمَنَاصُ عَنِ ٱلسَّرِيعِ، وَٱلْقَوِيُّ لاَ يُشَدِّدُ قُوَّتَهُ، وَٱلْبَطَلُ لاَ يُنَجِّي نَفْسَهُ. ١٥ وَمَاسِكُ ٱلْقَوْسِ لاَ يَثْبُتُ، وَسَرِيعُ ٱلرِّجْلَيْنِ لاَ يَنْجُو، وَرَاكِبُ ٱلْخَيْلِ لاَ يُنَجِّي نَفْسَهُ. ١٦ وَٱلْقَوِيُّ ٱلْقَلْبِ بَيْنَ ٱلأَبْطَالِ يَهْرُبُ عُرْيَاناً فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ يَقُولُ ٱلرَّبُّ».

يوئيل ٣: ١٣ إشعياء ٣٠: ١٦ و١٧ إرميا ٩: ٢٣ إرميا ٥١: ٥٦ وحزقيال ٣٩: ٣ إشعياء ٣١: ٣ قضاة ٤: ١٧ وإرميا ٤٨: ٤١

أَضْغَطُ مَا تَحْتَكُمْ أي سيضغط الرب إسرائيل وكل ما اتكلوا عليه كما تضغط العجلة الملآنة حزماً الأرض وكل ما في طريقها. فلا ينجو السريع ولا القوي ولا البطل. وتمت النبوة عن يد الأشوريين (انظر ٢ملوك ص ١٧).

زر الذهاب إلى الأعلى