سفر عاموس

سفر عاموس | 03 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر عاموس 

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ

في الأصحاحين الأولين نظر النبي إلى الأمم المجاورة وبعدها إلى خطايا يهوذا وإسرائيل وتظهر عظمة هذه الخطايا عند النظر إلى امتيازاتهم كشعب الله. وفي الأصحاحات ٣ – ٥ بيان هذه الخطايا بالتفصيل. وفاتحة كل أصحاح «اسمعوا هذا القول».

١، ٢ «١ اِسْمَعُوا هٰذَا ٱلْقَوْلَ ٱلَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ ٱلرَّبُّ عَلَيْكُمْ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، عَلَى كُلِّ ٱلْقَبِيلَةِ ٱلَّتِي أَصْعَدْتُهَا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ قَائِلاً: ٢ إِيَّاكُمْ فَقَطْ عَرَفْتُ مِنْ جَمِيعِ قَبَائِلِ ٱلأَرْضِ، لِذٰلِكَ أُعَاقِبُكُمْ عَلَى جَمِيعِ ذُنُوبِكُمْ».

إرميا ٨: ٣ و١٣: ١١ ص ٢: ١٠ و٩: ٧ خروج ١٩: ٥ و٦ وتثنية ٤: ٣٢ – ٣٧ ع ١٤ وإرميا ١٤: ١٠ وحزقيال ٢٠: ٣٦ ودانيال ٩: ١٢

يخاطب الرب إسرائيل ويهوذا وإسرائيل خصوصاً.

لِذٰلِكَ أُعَاقِبُكُمْ لأنهم استحقوا قصاصاً أعظم مما للذين لم يعرفوا الرب.

٣ – ٨ «٣ هَلْ يَسِيرُ ٱثْنَانِ مَعاً إِنْ لَمْ يَتَوَاعَدَا؟ ٤ هَلْ يُزَمْجِرُ ٱلأَسَدُ فِي ٱلْوَعْرِ وَلَيْسَ لَهُ فَرِيسَةٌ؟ هَلْ يُعْطِي شِبْلُ ٱلأَسَدِ زَئِيرَهُ مِنْ خِدْرِهِ إِنْ لَمْ يَخْطُفْ؟ ٥ هَلْ يَسْقُطُ عُصْفُورٌ فِي فَخِّ ٱلأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ شَرَكٌ؟ هَلْ يُرْفَعُ فَخٌّ عَنِ ٱلأَرْضِ وَهُوَ لَمْ يُمْسِكْ شَيْئاً؟ ٦ أَمْ يُضْرَبُ بِٱلْبُوقِ فِي مَدِينَةٍ وَٱلشَّعْبُ لاَ يَرْتَعِدُ؟ هَلْ تَحْدُثُ بَلِيَّةٌ فِي مَدِينَةٍ وَٱلرَّبُّ لَمْ يَصْنَعْهَا؟ ٧ إِنَّ ٱلسَّيِّدَ ٱلرَّبَّ لاَ يَصْنَعُ أَمْراً إِلاَّ وَهُوَ يُعْلِنُ سِرَّهُ لِعَبِيدِهِ ٱلأَنْبِيَاءِ. ٨ ٱلأَسَدُ قَدْ زَمْجَرَ، فَمَنْ لاَ يَخَافُ؟ ٱلسَّيِّدُ ٱلرَّبُّ قَدْ تَكَلَّمَ، فَمَنْ لاَ يَتَنَبَّأُ؟».

لاويين ٢٦: ٢٣ و٢٤ مزمور ١٠٤: ٢١ وهوشع ٥: ١٤ و١١: ١٠ إرميا ٤: ٥ و١٩ و٢١ و٦: ١ وهوشع ٥: ٨ وصفنيا ١: ١٦ إشعياء ١٤: ٢٤ – ٢٧ و٤٥: ٧ تكوين ١٨: ١٧ وإرميا ٢٣: ٢٢ ودانيال ٩: ٢٢ ص ١: ٢ يونان ١: ١ – ٣ و٣: ١ – ٣ إرميا ٢٠: ٩

في هذه الآيات بيّن النبي أنه لا يتكلم هذا الكلام الثقيل من نفسه وبلا داع ويقدم بعض تشبيهات بسيطة مفهومة معناها أنه لا يحدث شيء بلا سبب فلا بد من سبب كاف لكلامه. ويقول أولاً «هل يسير اثنان معاً» الخ. في برية تقوع كان السائرون قليلين وإذا حدث أن سار اثنان معاً فلا بد من سبب كتعيين الوقت والمكان وموضوع الحديث وإذا زمجر الأسد فلا بد من سبب أي أن فريسته قريبة منه وتحت يده وزئيره يدل على أنه خطف فريسته (انظر مزمور ١٠٤: ٢١ وإشعياء ٥: ٢٩). ولا يسقط عصفور بلا سبب أي الفخ ولا يرفع الصياد الفخ بلا سبب أي أنه يكون قد أمسك شيئاً ولا يُضرب بالبوق بلا سبب أي أن الشعب كان عمل شيئاً يستوجب غضب الرب. وهكذا لا يتكلم النبي بلا سبب أي أن الرب قد أعلن له ما سيصنعه. إذا زمجر الأسد يخاف الناس فكم بالحري يجب أن يخافوا الرب إذا تكلم.

يُعْلِنُ سِرَّهُ لِعَبِيدِهِ ٱلأَنْبِيَاءِ (ع ٧) لنوح قبل الطوفان ولإبراهيم قبل انقلاب سدوم وليوسف قبل سني الجوع ولموسى قبل ضربات مصر وليونان قبل هلاك نينوى وللرسل قبل خراب أورشليم. والنبي بعدما سمع هذا الإعلان من الرب لا يقدر أن يسكت (ع ٨) قال إرميا (٢٠: ٩) «فَكَانَ فِي قَلْبِي كَنَارٍ مُحْرِقَةٍ مَحْصُورَةٍ فِي عِظَامِي، فَمَلِلْتُ مِنَ ٱلإِمْسَاكِ وَلَمْ أَسْتَطِعْ».

وأما التشبيهات التي سبق ذكرها (ع ٣ – ٦) فهي موافقة لكلام النبي إجمالاً أي في السائرين معاً إشارة إلى الله وشعبه فلا يمكنهم أن يكونوا شعبه إن لم يتفقوا معه ويحفظوا عهده معهم. وفي زمجرة الأسد إشارة إلى الأشوريين القادمين عليهم عن قريب. وفي سقوط العصفور إشارة إلى سقوط الإسرائيليين كأنه من السماء إلى الأرض. وفي الضرب بالبوق إشارة إلى إتيان الرب للدينونة.

٩ – ١١ «٩ نَادُوا عَلَى ٱلْقُصُورِ فِي أَشْدُودَ، وَعَلَى ٱلْقُصُورِ فِي أَرْضِ مِصْرَ، وَقُولُوا: ٱجْتَمِعُوا عَلَى جِبَالِ ٱلسَّامِرَةِ وَٱنْظُرُوا شَغَباً عَظِيماً فِي وَسَطِهَا وَمَظَالِمَ فِي دَاخِلِهَا. ١٠ فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْرِفُونَ أَنْ يَصْنَعُوا ٱلٱسْتِقَامَةَ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ. أُولَئِكَ ٱلَّذِينَ يَخْزِنُونَ ٱلظُّلْمَ وَٱلٱِغْتِصَابَ فِي قُصُورِهِمْ. ١١ لِذٰلِكَ هٰكَذَا قَالَ ٱلسَّيِّدُ ٱلرَّبُّ: ضِيقٌ حَتَّى فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ مِنَ ٱلأَرْضِ فَيُنْزِلَ عَنْكِ عِزَّكِ وَتُنْهَبُ قُصُورُكِ».

ص ١: ٨ و١صموئيل ٥: ١ ص ٤: ١ و٦: ١ وإشعياء ٢٨: ١ وحزقيال ٣٧: ٢٢ ص ٤: ١ و٥: ١١ و٨: ٦ ص ٥: ٧ و٦: ١٢ ومزمور ١٤: ٤ وإرميا ٤: ٢٢ حبقوق ٢: ٨ – ١١ وصفنيا ١: ٩ وزكريا ٥: ٣ و٤ ص ٦: ١٤ ص ٢: ١٤ ص ٢: ٥

عَلَى ٱلْقُصُورِ أي على سطوح القصور. وأشدود ومصر كناية عن جميع الأمم الوثنية. وفي الترجمة السبعينية «أشور» لا «أشدود» فحكم عليهم حتى الوثنيون.

فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْرِفُونَ أَنْ يَصْنَعُوا ٱلٱسْتِقَامَةَ (ع ١٠) صار الظلم والاغتصاب عادتهم فلا يفتكر أحد فيهما وأما الصدق والاستقامة فمن الأمور النادر وجودها فيتعجب الناس منهما. كما قال إشعياء (٥: ٢٠) «الْقَائِلِينَ لِلشَّرِّ خَيْراً وَلِلْخَيْرِ شَرّاً، ٱلْجَاعِلِينَ ٱلظَّلاَمَ نُوراً وَٱلنُّورَ ظَلاَماً».

يَخْزِنُونَ ٱلظُّلْمَ ظنوا أنهم خزنوا في بيوتهم قمحاً وزيتاً ومالاً وبالحقيقة كانوا خزنوا ظلماً واغتصاباً يقومان ويشهدان علهيم في يوم الحساب. قال يعقوب ٥: ٣ و٤) «قَدْ كَنَزْتُمْ فِي ٱلأَيَّامِ ٱلأَخِيرَةِ. هُوَذَا أُجْرَةُ ٱلْفَعَلَةِ ٱلَّذِينَ حَصَدُوا حُقُولَكُمُ ٱلْمَبْخُوسَةُ مِنْكُمْ تَصْرُخُ، وَصِيَاحُ ٱلْحَصَّادِينَ قَدْ دَخَلَ إِلَى أُذُنَيْ رَبِّ ٱلْجُنُودِ».

ضِيقٌ حَتَّى فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ (ع ١١) بعد تاريخ هذه النبوة بنحو ٢٠ سنة جاء تغلاث فلاسر وأخذ جلعاد والجليل وسبى أهلها إلى أشور وبعد ذلك بنحو ١٠ سنين ملك أشور وبعد حصار ٣ سنين أخذ السامرة وأسر أهلها. فالخزائن التي كانوا خزنوها لأنفسهم واتكلوا عليها صارت للسالبين (انظر إشعياء ٢٨: ١ و٢).

١٢ – ١٥ «١٢ هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: كَمَا يَنْزِعُ ٱلرَّاعِي مِنْ فَمِ ٱلأَسَدِ كُرَاعَيْنِ أَوْ قِطْعَةَ أُذُنٍ، هٰكَذَا يُنْتَزَعُ بَنُو إِسْرَائِيلَ ٱلْجَالِسُونَ فِي ٱلسَّامِرَةِ فِي زَاوِيَةِ ٱلسَّرِيرِ وَعَلَى دِمَقْسِ ٱلْفِرَاشِ! ١٣ اِسْمَعُوا وَٱشْهَدُوا عَلَى بَيتِ يَعْقُوبَ يَقُولُ ٱلسَّيِّدُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُ ٱلْجُنُودِ ١٤ إِنِّي يَوْمَ مُعَاقَبَتِي إِسْرَائِيلَ عَلَى ذُنُوبِهِ أُعَاقِبُ مَذَابِحَ بَيْتِ إِيلَ، فَتُقْطَعُ قُرُونُ ٱلْمَذْبَحِ وَتَسْقُطُ إِلَى ٱلأَرْضِ. ١٥ وَأَضْرِبُ بَيْتَ ٱلشِّتَاءِ مَعَ بَيْتِ ٱلصَّيْفِ، فَتَبِيدُ بُيُوتُ ٱلْعَاجِ، وَتَضْمَحِلُّ ٱلْبُيُوتُ ٱلْعَظِيمَةُ يَقُولُ ٱلرَّبُّ».

١صموئيل ١٧: ٣٤ – ٣٧ ص ٩: ٤ وإرميا ٤٤: ١٤ و٢٨ ص ٦: ٤ وأستير ١: ٦ و٧: ٨ مزمور ١٣٢: ٣ حزقيال ٢: ٧ ع ٢ ص ٤: ٤ و٥: ٥ و٦ و٧: ١٠ و١٣ وهوشع ١٠: ٥ – ٨ و١٤ و١٥ إرميا ٣٦: ٢٢ قضاة ٣: ٢٠ و١ملوك ٢٢: ٣٩ ومزمور ٤٥: ٨ ص ٢: ٥ و٦: ١١

كُرَاعَيْنِ أي يكون دمار كامل فلا يخلص إلا بقية زهيدة.

ٱلْجَالِسُونَ فِي زَاوِيَةِ ٱلسَّرِيرِ أي المترفهون والمتنعمون فإن زاوية السرير كانت معتبرة مكان الشرف والراحة. والدمقس نسيج من الحرير. والأرجح أن اليهود جلبوه من الشرق. واليوم هذا النوع من النسيج منسوب إلى مدينة دمشق لأنها اشتهرت بصنعه. وكان النبي عاموس معتاداً على العيشة البسيطة ويكره الترفه.

اِسْمَعُوا (ع ١٣) المخاطبون هم المخاطبون سابقاً (ع ٩). لا حضور حقيقي بل تصوّري.

إِلٰهُ ٱلْجُنُودِ الجنود أما جنود الناس أو جنود الملائكة أو جنود الأجرام السماوية. والمعنى أن الرب هو القادر على كل شيء لأن كل ما في السماء وعلى الأرض إن كان أناساً أو ملائكة أو القوى الطبيعية الكل تحت أمره. فما أعظم التباين بين إله الجنود وإله بيت إيل.

مَذَابِحَ بَيْتِ إِيلَ (ع ١٤) في بيت إيل ظهر الرب ليعقوب وهو في طريقه إلى الشرق (انظر تكوين ٢٨: ١ – ٢٢) وثانياً في رجوعه من الشرق (انظر تكوين ٣٥: ٩ و١٥) وفي زمان شاول كانت بيت إيل مكاناً مقدساً (انظر ١صموئيل ١٠: ٣) وكانت في جنوب المملكة الشمالية وعلى طريق أورشليم فاختارها يربعام ابن ناباط مركزاً للعبادة لأسباب دينية وسياسية (انظر ١ملوك ١٢: ٢٥ – ٣٣) وكثرت المذابح وكثر الساجدون وبيوت الأغنياء وصارت مقدس الملك و بيت الملك (٧: ١٣).

قُرُونُ ٱلْمَذْبَحِ كان الهاربون يلتجئون إلى المذبح ويتمسكون بقرونه فيأمنون (انظر ١ملوك ٢: ٢٨) وأما قول النبي فهو إن ما كانوا يلتجئون إليه ويأمنون به يُقطع. وكان للفروق مكان في الخدمة في هيكل أورشليم (انظر لاويين ٤: ٧ و١٨ و٢٥ و٣٠ و٣٤).

بَيْتَ ٱلشِّتَاءِ (ع ١٥) من علامات الترفه أنه للأغنياء بيوت للصيف وبيوت للشتاء. و«بيوت العاج» هي بيوت مرصعة بالعاج أو بيوت التحف المصنوعة من العاج (انظر ١ملوك ٢٢: ٣٩) وغضب الرب على أصحاب هذه البيوت لأنها مبنية بمال الظلم فيظهر من الكلام أن الرب يعتني نوعاً بالفقراء ويحسب الخطية إليهم كخطية إلى نفسه.

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى