سفر المزامير

سفر المزامير | 93 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر المزامير

للقس . وليم مارش

اَلْمَزْمُورُ ٱلثَّالِثُ وَٱلتِّسْعُون

«١ اَلرَّبُّ قَدْ مَلَكَ. لَبِسَ ٱلْجَلاَلَ. لَبِسَ ٱلرَّبُّ ٱلْقُدْرَةَ. ٱتَّزَرَ بِهَا. أَيْضاً تَثَبَّتَتِ ٱلْمَسْكُونَةُ. لاَ تَتَزَعْزَعُ. ٢ كُرْسِيُّكَ مُثْبَتَةٌ مُنْذُ ٱلْقِدَمِ. مُنْذُ ٱلأَزَلِ أَنْتَ».

الرب هو ملك إسرائيل (تثنية ٣٣: ٥ وقابله مع خروج ١٥: ١٨). والرب نفسه هو ملك كل الأرض لذلك يريد المرنم أن يرينا هذه الصورة الجليلة عن الملك القدير. ويستعمل هذا التعبير في أسمى درجات التكريم (انظر إشعياء ٢٤: ٢٣ و٥٢: ٧). وكذلك (الرؤيا ٢١: ١٧ و١٩: ٦). ولا غرو أن يبدأ المرنم هكذا طالما الزمان هو بعد رجوع السبي حينما أخذت الأمة تجدد عهد مجدها ومن غير الله هو باعث مجدها ومجدد حياتها ومنشطها لكل معاني الكرامة والحرية.

(١ و٢) هو الملك الذي يلبس الجلال بدل الحلة الملكية وأزاره القدرة يشد بها وسطه ويظهر جبروته بالنسبة لأن المسكونة كلها تخضع له وتظهر سجودها وبالتالي فهي ثابتة غير متزعزعة على نسبة علاقتها الوطيدة بالله الخالق القدير.

وعرش الله لا بداءة له ولا نهاية إذ هو قبل هذا الوجود وسيبقى بعده أيضاً. ونجد وصفاً بديعاً لهذا الملكوت في (إشعياء ٥٩: ١٧ و٦٣: ١ وما بعده وقابل ذلك مع دانيال ٧: ٩).

قد حدث في التاريخ إن ظهر أن الأمم تتغير وتتبدل وإذا بملوك يهوذا لم يعودوا شيئاً بل سبوا إلى بلاد بعيدة ولكن هوذا قد عاد كل شيء إلى سابق عهده واستتب الشعب في مكانه وأرجع المجد إلى الأرض وهكذا فإن الله هو موجود وهو الملك الحقيقي على البشر جميعهم. فإذا ذهبت الأمم وتبدلت الممالك فإن الرب الخالق القدير يبقى ملكه إلى الأبد.

«٣ رَفَعَتِ ٱلأَنْهَارُ يَا رَبُّ، رَفَعَتِ ٱلأَنْهَارُ صَوْتَهَا. تَرْفَعُ ٱلأَنْهَارُ عَجِيجَهَا. ٤ مِنْ أَصْوَاتِ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ، مِنْ غِمَارِ أَمْوَاجِ ٱلْبَحْرِ، ٱلرَّبُّ فِي ٱلْعُلَى أَقْدَرُ. ٥ شَهَادَاتُكَ ثَابِتَةٌ جِدّاً. بِبَيْتِكَ تَلِيقُ ٱلْقَدَاسَةُ يَا رَبُّ إِلَى طُولِ ٱلأَيَّامِ».

(٣ – ٥) وهكذا فإن جميع أنهار الدنيا ويكنى بذلك عن المتاعب والمصاعب التي تعترض حياة الإنسان. قد تطوف هذه الأنهار وتهدر أمواجها كالبحار وتعجّ عجيجاً هائلاً يملأ المسكونة وكل القفار ولكن هذا إلى وقت محدود وإذا كل شيء يعود هادئاً ساكناً كأن لم يحدث شيء قط.

هوذا نهر النيل ويكنى بذلك عن مملكة مصر وصولتها وعظتها (راجع إرميا ٤٦: ٧ وما بعده). ونهر الفرات وهو موطن الأشوريين (إشعياء ٧: ٧ وما يليه). والدجلة وهذا بصورة اضبط وأكمل إذ هو سريع كالسهم الذي يرميه الأشوريون والبابليون (رجع إشعياء ٢٧: ١).

هذه المياه المتدفقة الزاخرة. هذه الأمبراطوريات التي سادت وحكمت العالمين. هذه الشعوب التي استبدت في ملكها وسلطانها كلها قد اضمحلت ولكن الله نفسه أقدر من جميعها وهو وحده الباقي حاكماً حقيقياً على هذا الوجود لأنه ملكه ومجلى سلطانه وجلاله.

وما هذه الأحداث الماضية بل هذه الأمور الحاضرة سوى شهادات للرب تري الإنسان أنه وحده الحي إلى الأبد.

وهكذا فإن الإنسان المؤمن يتوجب عليه أن يقدم عبادته في بيت الرب لأن في هذا البر يظهر إيمان الإنسان بإلهه وأمانة الله نحو هذا الإنسان المتعبد الصادق.

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى