سفر ميخا | 04 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر ميخا
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ
وردت الآيات ١ – ٣ في إشعياء أيضاً (إشعياء ٢: ٢ – ٤) والأرجح أن إشعياء اقتبسها من ميخا لأنها توافق القرينة في ميخا أكثر من القرينة في إشعياء (انظر ميخا ٣: ١٢) «وَتَصِيرُ أُورُشَلِيمُ خِرَباً، وَجَبَلُ ٱلْبَيْتِ شَوَامِخَ وَعْرٍ» وما يليه (٤: ١) «جَبَلَ بَيْتِ ٱلرَّبِّ يَكُونُ ثَابِتاً فِي رَأْسِ ٱلْجِبَالِ» وفي ميخا ٣: ٦ «لَيْلَةٌ بِلاَ رُؤْيَا» وفي ٤: ٢ «فَيُعَلِّمَنَا مِنْ طُرُقِهِ» أي الأمور الخربة في عصر النبي هي الأمور المصلحة في أيام المسيح. والأيام الأخيرة هي أيام العهد الجديد (انظر ١كورنثوس ١٠: ١١) وصاعداً. والكنيسة تشبه جبلاً (١) لأنها متينة وثابتة إلى الأبد (٢) لأنها معروفة ومشهورة ومجيدة (٣) لأنها في رأس الجبال أي تتسلط على العالم غير أن سلطتها ليست منها بل بإظهار الحق.
١ – ٥ «١ وَيَكُونُ فِي آخِرِ ٱلأَيَّامِ أَنَّ جَبَلَ بَيْتِ ٱلرَّبِّ يَكُونُ ثَابِتاً فِي رَأْسِ ٱلْجِبَالِ، وَيَرْتَفِعُ فَوْقَ ٱلتِّلاَلِ، وَتَجْرِي إِلَيْهِ شُعُوبٌ. ٢ وَتَسِيرُ أُمَمٌ كَثِيرَةٌ وَيَقُولُونَ: هَلُمَّ نَصْعَدْ إِلَى جَبَلِ ٱلرَّبِّ وَإِلَى بَيْتِ إِلٰهِ يَعْقُوبَ، فَيُعَلِّمَنَا مِنْ طُرُقِهِ وَنَسْلُكَ فِي سُبُلِهِ. لأَنَّهُ مِنْ صِهْيَوْنَ تَخْرُجُ ٱلشَّرِيعَةُ وَمِنْ أُورُشَلِيمَ كَلِمَةُ ٱلرَّبِّ. ٣ فَيَقْضِي بَيْنَ شُعُوبٍ كَثِيرِينَ. يُنْصِفُ لأُمَمٍ قَوِيَّةٍ بَعِيدَةٍ، فَيَطْبَعُونَ سُيُوفَهُمْ سِكَكاً وَرِمَاحَهُمْ مَنَاجِلَ. لاَ تَرْفَعُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ سَيْفاً، وَلاَ يَتَعَلَّمُونَ ٱلْحَرْبَ فِي مَا بَعْدُ. ٤ بَلْ يَجْلِسُونَ كُلُّ وَاحِدٍ تَحْتَ كَرْمَتِهِ وَتَحْتَ تِينَتِهِ، وَلاَ يَكُونُ مَنْ يُرْعِبُ، لأَنَّ فَمَ رَبِّ ٱلْجُنُودِ تَكَلَّمَ. ٥ لأَنَّ جَمِيعَ ٱلشُّعُوبِ يَسْلُكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ بِٱسْمِ إِلٰهِهِ، وَنَحْنُ نَسْلُكُ بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِنَا إِلَى ٱلدَّهْرِ وَٱلأَبَدِ».
دانيال ٢: ٢٨ و١٠: ١٤ وهوشع ٣: ٥ ص ٣: ١٢ وحزقيال ٤٣: ١٢ وزكريا ٨: ٣ مزمور ٢٢: ٢٧ و٨٦: ٩ وإرميا ٣: ١٧ زكريا ٢: ١١ و١٤: ١٦ إشعياء ٢: ٣ وإرميا ٣١: ٦ مزمور ٢٥: ٨ و٩ و١٢ وإشعياء ٥٤: ١٣ إشعياء ٤٢: ١ – ٤ وزكريا ١٤: ٨ و٩ إشعياء ٢: ٤ و١١: ٣ – ٥ و١ملوك ٤: ٢٥ وزكريا ٣: ١٠ لاويين ٢٦: ٦ وإرميا ٣٠: ١٠ إشعياء ١: ٢٠ و٤٠: ٥ و٢ملوك ١٧: ٢٩ يشوع ٢٤: ١٥ وإشعياء ٢٦: ٨ و١٣ وزكريا ١٠: ١٢
وَتَجْرِي إِلَيْهِ شُعُوبٌ حسب النواميس الطبيعية الماء يجري إلى تحت وليس إلى رأس الجبال وفي الأمور الأدبية أيضاً ميل الإنسان إلى الخطية ولكن الروح القدس يجدد القلب ويغيّر طبيعة الإنسان فيحب ما كان يبغضه ويبغض ما كان يحبه.
وَتَسِيرُ أُمَمٌ كَثِيرَةٌ (ع ٢) إشارة إلى تجديد الوثنيين وانضمامهم إلى الكنيسة.
فَيُعَلِّمَنَا مِنْ طُرُقِهِ التعليم هو من الأمور الجوهرية في الدين ولا يمكن الإيمان الحقيقي بلا معرفة والمعرفة هي بواسطة التعليم والأمم يحرّضون بعضهم على المعرفة والسلوك الحسن. ومن صفات كل مسيحي حقيقي أن يطلب خلاص غيره.
مِنْ صِهْيَوْنَ تَخْرُجُ ٱلشَّرِيعَةُ من الكنيسة ولكن ليس من الكنيسة نفسها بل لكونها مؤتمنة على أقوال الله ونجاح الكنيسة في التبشير يكون بالنسبة إلى أمانتها في تعليم كلام الله واتحادها مع رأسها المسيح.
فَيَقْضِي بَيْنَ شُعُوبٍ كَثِيرِينَ (ع ٣) أي المسيح يقضي وذلك بفعل الروح القدس في قلوب الناس والتبشير بالكلمة فنرى حتى في أيامنا البعض من الأمم والبعض من حكامها خاضعين لناموس المسيح وطالبين إجراء الحق والسلام.
فَيَطْبَعُونَ سُيُوفَهُمْ ستتم هذه النبوة رويداً رويداً وكما يمتد إنجيل المسيح في الأرض ورأينا في أيامنا شيئاً من ذلك.
كُلُّ وَاحِدٍ بِٱسْمِ إِلٰهِهِ (ع ٥) يتكل الوثنيون على أوثانهم التي لا تقدر أن تخلّصهم. وأما المتكلون على الرب فلا يخجلون إلى الأبد.
٦ – ١٠ «٦ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ، أَجْمَعُ ٱلظَّالِعَةَ، وَأَضُمُّ ٱلْمَطْرُودَةَ، وَٱلَّتِي أَضْرَرْتُ بِهَا ٧ وَأَجْعَلُ ٱلظَّالِعَةَ بَقِيَّةً، وَٱلْمُقْصَاةَ أُمَّةً قَوِيَّةً، وَيَمْلِكُ ٱلرَّبُّ عَلَيْهِمْ فِي جَبَلِ صِهْيَوْنَ مِنَ ٱلآنَ إِلَى ٱلأَبَدِ. ٨ وَأَنْتَ يَا بُرْجَ ٱلْقَطِيعِ، أَكَمَةَ بِنْتِ صِهْيَوْنَ إِلَيْكِ يَأْتِي. وَيَجِيءُ ٱلْحُكْمُ ٱلأَوَّلُ مُلْكُ بِنْتِ أُورُشَلِيمَ. ٩ اَلآنَ لِمَاذَا تَصْرُخِينَ صُرَاخاً؟ أَلَيْسَ فِيكِ مَلِكٌ، أَمْ هَلَكَ مُشِيرُكِ حَتَّى أَخَذَكِ وَجَعٌ كَٱلْوَالِدَةِ؟ ١٠ تَلَوَّيِ، ٱدْفَعِي يَا بِنْتَ صِهْيَوْنَ كَٱلْوَالِدَةِ، لأَنَّكِ ٱلآنَ تَخْرُجِينَ مِنَ ٱلْمَدِينَةِ وَتَسْكُنِينَ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ وَتَأْتِينَ إِلَى بَابِلَ. هُنَاكَ تُنْقَذِينَ. هُنَاكَ يَفْدِيكِ ٱلرَّبُّ مِنْ يَدِ أَعْدَائِكِ».
ص ٢: ١٢ صفنيا ٣: ١٩ ص ٥: ٧ و٨ و٧: ١٨ ع ١٣ إشعياء ٢٤: ٢٣ مزمور ٤٨: ٣ و١٢ و٦١: ٣ ص ٢: ١٢ إشعياء ١: ٢٦ وزكريا ٩: ١٠ إرميا ٨: ١٩ إشعياء ٣: ١ – ٣ و٢٨: ٢٩ ص ٥: ٣ ٢ملوك ٢٠: ١٨ وهوشع ٢: ١٤ ص ٧: ٨ – ١٢ وإشعياء ٤٣: ١٤ و٤٥: ١٣ إشعياء ٤٨: ٢٠ و٥٢: ٩ – ١٢
بعد كلامه بخصوص الوثنيين يكلم إسرائيل. والظالعة هي بنت صهيون أي شعب الله والعرجاء أي الظالعة هي التي لا تسلك تماماً في طرق الرب بل تعمل شيئاً من الواجبات وتترك شيئاً أو تتبع الرب أحياناً والخطية أحياناً كما قال إيليا (انظر ١ملوك ١٨: ٢١) «حَتَّى مَتَى تَعْرُجُونَ بَيْنَ ٱلْفِرْقَتَيْنِ» أي بين الرب والبعل. وانضمام المطرودة ليس رجاء النبي فقط بل هو وعد الرب فلا بد أن يكون حسب قوله. وإن كان الوعد لبقية فقط تكون هذه البقية أمة قوية. ولكنها لا تكون قوية كأشور وبابل ومصر فإن النبوة لا تتم حرفياً بل في الكنيسة المسيحية وقوتها قوة روحية وتكون في احتمال المشقات والاضطهادات كقوة بطرس ويوحنا اللذين لم يخافا من المجمع وتكون بالحكم على أنفسهم والصبر والإيمان والمحبة الأخوية وتكون سلطة الكنيسة سلطة روحية وأدبية وعقلية ويكون مجدها بانضمام جماهير من النفوس إليها من كل لسان وقبيلة وبلاد.
وسمى النبي شعب الله «برج القطيع» إشارة إلى داود الذي كان راعياً للغنم وأقامه الرب راعياً لشعبه والرب يسوع هو الراعي الصالح والكنيسة برج القطيع لأن راعيها العظيم حال فيها. وسمى الكنيسة «أكمة بنت صهيون» إشارة إلى البرج الخارج عن بيت الملك (انظر نحميا ٣: ٢٥ و٢٦) ولاصق به. والمسيح يحل في الكنيسة كملك وليس فقط كراع.
وَيَجِيءُ ٱلْحُكْمُ ٱلأَوَّلُ أي المسيح وهو من نسل داود حسب الجسد. ولليهود المطرودين هذه التعزية وهي أن المجد والغنى والقوة التي كانت لهم في أيام داود سترجع إليهم ويكون لهم أفضل غير أن هذه المواعيد ليست مواعيد جسدية بل روحية.
أَلَيْسَ فِيكِ مَلِكٌ (ع ٩) والجواب – بلى فيك ملك ومشير وهو الله. في وقت الضيق ظنوا أنهم متروكين بلا قوة وبلا مشورة وأما النبي فيذكرهم أن الرب هو في وسطهم وهو أفضل من ملك أو مشير من البشر وهو القادر على كل شيء والحي في كل حين والأمين في كل مواعيده فلا يجب أن ييأسوا.
تَلَوَّيِ (ع ١٠) الكنيسة مشبهة بوالدة لأن الضيق يأتيها بغتة ولا خلاص منه ولكن نتيجته فرح (يوحنا ١٦: ٢١) «لاَ تَعُودُ تَذْكُرُ ٱلشِّدَّةَ لأَنَّهُ قَدْ وُلِدَ إِنْسَانٌ فِي ٱلْعَالَمِ».
تَخْرُجِينَ مِنَ ٱلْمَدِينَةِ أي مدينة أورشليم والقول يشير إلى السبي.
إِلَى بَابِلَ في ص ٣٩ من نبوة إشعياء نبأ المرسلين من قبل مردوخ ملك بابل إلى الملك حزقيا وفرح حزقيا فيهم وأنه أراهم كل خزائنه ونبوة إشعياء بأنه تُحمل هذه الخزائن إلى بابل ويُستعبد نسله هناك. وفي ذلك الوقت كانت بابل مملكة ضعيفة وملكها مردوخ كان أولاً موالياً تحت سلطة ملك أشور ثم عصاه واستقل مدة ١٢ سنة ثم مدة نصف سنة وأخيراً سقط في أيام سنحاريب وفي زمان ميخا كانت السلطة العظمى لأشور. ولعل النبي أشار أيضاً إلى سبي في زمان نبوخذ ناصر غير أن النبي والشعب الذين سمعوا النبوة لم يفهموا معناها تماماً.
هُنَاكَ تُنْقَذِينَ نبوة بالرجوع من السبي.
١١ – ١٣ «١١ وَٱلآنَ قَدِ ٱجْتَمَعَتْ عَلَيْكِ أُمَمٌ كَثِيرَةٌ، ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ: لِتَتَدَنَّسْ وَلْتَتَفَرَّسْ عُيُونُنَا فِي صِهْيَوْنَ. ١٢ وَهُمْ لاَ يَعْرِفُونَ أَفْكَارَ ٱلرَّبِّ وَلاَ يَفْهَمُونَ قَصْدَهُ، إِنَّهُ قَدْ جَمَعَهُمْ كَحُزَمٍ إِلَى ٱلْبَيْدَرِ. ١٣ قُومِي وَدُوسِي يَا بِنْتَ صِهْيَوْنَ، لأَنِّي أَجْعَلُ قَرْنَكِ حَدِيداً، وَأَظْلاَفَكِ أَجْعَلُهَا نُحَاساً، فَتَسْحَقِينَ شُعُوباً كَثِيرِينَ، وَأُحَرِّمُ غَنِيمَتَهُمْ لِلرَّبِّ، وَثَرْوَتَهُمْ لِسَيِّدِ كُلِّ ٱلأَرْضِ».
إشعياء ٥: ٢٥ – ٣٠ و١٧: ١٢ – ١٤ ص ٧: ١٠ مزمور ١٤٧: ١٩ و٢٠ إشعياء ٤١: ١٥ إرميا ٥١: ٢٠ – ٢٣ إشعياء ٦٠: ٩
وَٱلآنَ قَدِ ٱجْتَمَعَتْ كلمة «الآن» تدل على الزمان الحاضر أو على مستقبل قريب أو على مستقبل بعيد لأن عند الرب ألف سنة كيوم واحد. والذين اجتمعوا على أورشليم كانوا أولاً جيش سنحاريب الذين ضربهم الرب فانصرف الباقون منهم إلى بلادهم (انظر إشعياء ٣٧: ٣٦) ثم في زمان الرومانيين. وأخيراً ستنتصر الكنيسة على جوج وماجوج (انظر رؤيا ٢٠: ٧ – ١٠).
أَجْعَلُ قَرْنَكِ حَدِيداً (ع ١٣) القرن يدل على القوة كقوة الثور في النطح والأظلاف من النحاس تدل على قوته في الدوس والسحق. وخلاصة النية هي غلبة الكنيسة على جميع أعدائها. وأما هذه الغلبة فلا تكون بالقوة الجسدية.
السابق |
التالي |