سفر زكريا

سفر زكريا | 02 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر زكريا

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي

١ – ٥ «١ فَرَفَعْتُ عَيْنَيَّ وَنَظَرْتُ وَإِذَا رَجُلٌ وَبِيَدِهِ حَبْلُ قِيَاسٍ. ٢ فَقُلْتُ: إِلَى أَيْنَ أَنْتَ ذَاهِبٌ؟ فَقَالَ لِي: لأَقِيسَ أُورُشَلِيمَ، لأَرَى كَمْ عَرْضُهَا وَكَمْ طُولُهَا. ٣ وَإِذَا بِٱلْمَلاَكِ ٱلَّذِي كَلَّمَنِي قَدْ خَرَجَ، وَخَرَجَ مَلاَكٌ آخَرُ لِلِقَائِهِ. ٤ فَقَالَ لَهُ: ٱجْرِ وَقُلْ لِهٰذَا ٱلْغُلاَمِ: كَٱلأَعْرَاءِ تُسْكَنُ أُورُشَلِيمُ مِنْ كَثْرَةِ ٱلنَّاسِ وَٱلْبَهَائِمِ فِيهَا. ٥ وَأَنَا، يَقُولُ ٱلرَّبُّ، أَكُونُ لَهَا سُورَ نَارٍ مِنْ حَوْلِهَا، وَأَكُونُ مَجْداً فِي وَسَطِهَا».

ص ١: ١٨ ص ١: ١٦ وإرميا ٣١: ٣٩ وحزقيال ٤٠: ٣ و٤٧: ٣ إرميا ٣١: ٣٩ وحزقيال ٤٠: ٣ ورؤيا ٢١: ١٥ – ١٧ ص ١: ٩ (ص ٢: ٥ في العبراني) إرميا ١: ٦ ودانيال ١: ٤ و١تيموثاوس ٤: ١٢ حزقيال ٣٨: ١١ ص ١: ١٧ و٨: ٤ و٥ إشعياء ٤٩: ٢٠ وإرميا ٣٠: ١٩ إشعياء ٤: ٥ و٢٦: ١ و٦٠: ١٨ ع ١٠ و١١ وحجي ٢: ٩

كان النبي ذكر الصناع الذين طردوا القرون المقاومين (الأصحاح السابق) وهنا بيان رحمة الله لشعبه وبناء أسوار أورشليم. وفائدة هذه الرؤيا كفائدة الرؤيا السابقة أي وجوب الاتكال على الرب واستعمال وسائط سلمية. فإن طرد القرون لا يكون بواسطة جيش محارب بل بصناع. وفائدة هذه الرؤيا الخصوصية وهي الرؤيا الثالثة إن سلامة أورشليم لا تكون بأسوارها بل من الرب.

لأَقِيسَ أُورُشَلِيمَ (ع ٢) استعداداً لبناء أسوارها.

كَمْ عَرْضُهَا وَكَمْ طُولُهَا أي عرض المدينة القديمة وطولها وكانت غايته تجديد الأسوار لترجع إلى ما كانت عليه.

ٱلْمَلاَكِ ٱلَّذِي كَلَّمَنِي قَدْ خَرَجَ (ع ٣) كان هذا الملاك مع النبي دائماً كمعبر الرؤى وخرج أي تقدّم وظهر. والملاك الآخر الذي خرج للقائه هو ملاك جديد لم يُذكر سابقاً.

فَقَالَ لَهُ (ع ٤) أي الملاك الذي كان يكلم النبي قال للملاك الآخر.

ٱجْرِ وَقُلْ لِهٰذَا ٱلْغُلاَمِ أي الرجل الذي بيده حبل القياس (ع ١).

كَٱلأَعْرَاءِ تُسْكَنُ أُورُشَلِيمُ اي لا يلزمها أسوار أولاً لأن المدينة ستتسع (إشعياء ٤٩: ١٩ و٢٠) «إِنَّكِ تَكُونِينَ ٱلآنَ ضَيِّقَةً عَلَى ٱلسُّكَّانِ، وَيَتَبَاعَدُ مُبْتَلِعُوكِ. يَقُولُ أَيْضاً فِي أُذُنَيْكِ بَنُو ثُكْلِكِ: ضَيِّقٌ عَلَيَّ ٱلْمَكَانُ. وَسِّعِي لِي لأَسْكُنَ» وثانياً لأن عناية الرب بهم تغنيهم عن أسوار وتكون أفضل منها. قيل إن نحميا أتى إلى أورشليم (نحميا ٢: ١٣) ورأى أسوارها وهي منهدمة فالأرجح ان المدينة كانت بلا أسوار مدة نحو ٧٠ سنة. وأحياناً مدينة بلا أسوار وبلا جيش أأمن من غيرها والاستعداد للحرب يجلبها. كانت أورشليم محصنة بأمنع حصون لما أتاها الرومانيون ولكنها سقطت وكابدت ويلات وذبحاً ليس لها مثيل في تاريخ العالم. وتمت هذه النبوة بالكنيسة لأنها ممتدة في كل الأرض ولا يمكن حصرها في مدينة واحدة أو بلاد واحدة أو طائفة واحدة. والبهائم مذكورة لأن الكنيسة مشبهة بمدينة وكثرة البهائم في مدينة علامة الغنى والأمان.

وَأَنَا، يَقُولُ ٱلرَّبُّ، أَكُونُ لَهَا سُورَ نَارٍ مِنْ حَوْلِهَا (ع ٥) (انظر عدد ٩: ١٥ و١٦) «وَفِي ٱلْمَسَاءِ كَانَ عَلَى ٱلْمَسْكَنِ كَمَنْظَرِ نَارٍ إِلَى ٱلصَّبَاحِ» كانت النار علامة مجد الرب ووجوده حول شعبه على الدوام. فلا يلزمها سور لأن الرب فيها.

٦ – ١٣ «٦ يَا يَا، ٱهْرُبُوا مِنْ أَرْضِ ٱلشِّمَالِ يَقُولُ ٱلرَّبُّ. فَإِنِّي قَدْ فَرَّقْتُكُمْ كَرِيَاحِ ٱلسَّمَاءِ ٱلأَرْبَعِ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ. ٧ تَنَجَّيْ يَا صِهْيَوْنُ ٱلسَّاكِنَةُ فِي بِنْتِ بَابِلَ، ٨ لأَنَّهُ هٰكَذَا قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ: بَعْدَ ٱلْمَجْدِ أَرْسَلَنِي إِلَى ٱلأُمَمِ ٱلَّذِينَ سَلَبُوكُمْ، لأَنَّهُ مَنْ يَمَسُّكُمْ يَمَسُّ حَدَقَةَ عَيْنِهِ. ٩ لأَنِّي هَئَنَذَا أُحَرِّكُ يَدِي عَلَيْهِمْ فَيَكُونُونَ سَلَباً لِعَبِيدِهِمْ. فَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَبَّ ٱلْجُنُودِ قَدْ أَرْسَلَنِي. ١٠ تَرَنَّمِي وَٱفْرَحِي يَا بِنْتَ صِهْيَوْنَ، لأَنِّي هَئَنَذَا آتِي وَأَسْكُنُ فِي وَسَطِكِ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ. ١١ فَيَتَّصِلُ أُمَمٌ كَثِيرَةٌ بِٱلرَّبِّ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ، وَيَكُونُونَ لِي شَعْباً فَأَسْكُنُ فِي وَسَطِكِ، فَتَعْلَمِينَ أَنَّ رَبَّ ٱلْجُنُودِ قَدْ أَرْسَلَنِي إِلَيْكِ. ١٢ وَٱلرَّبُّ يَرِثُ يَهُوذَا نَصِيبَهُ فِي ٱلأَرْضِ ٱلْمُقَدَّسَةِ وَيَخْتَارُ أُورُشَلِيمَ بَعْدُ. ١٣ اُسْكُتُوا يَا كُلَّ ٱلْبَشَرِ قُدَّامَ ٱلرَّبِّ لأَنَّهُ قَدِ ٱسْتَيْقَظَ مِنْ مَسْكَنِ قُدْسِهِ».

إرميا ٣: ١٨ إرميا ٣١: ١٠ وحزقيال ١١: ١٦ إشعياء ٤٨: ٢٠ وإرميا ٥١: ٦ إشعياء ٦: ٧ – ٩ تثنية ٣٢: ١٠ ومزمور ١٧: ٨ إشعياء ١٩: ١٦ إشعياء ١٤: ٢ ع ١١ ص ٩: ٩ وإشعياء ٦٥: ١٨ و١٩ ع ٥ وص ٨: ٣ ميخا ٤: ٢ ع ٥ و١٠ ع ٩ تثنية ٣٢: ٩ ومزمور ٣٣: ١٢ وإرميا ١: ١٦ ص ١: ١٧ و٢أيام ٦: ٦ ومزمور ١٣٢: ١٣ و١٤ حبقوق ٢: ٢٠ وصفنيا ١: ٧ مزمور ٧٨: ٦٥ وإشعياء ٥١: ٩

الأرجح أن الكلام من هنا إلى آخر الأصحاح هو كلام النبي. وأرض الشمال بابل لأن الطريق إلى بابل كان أولاً إلى الشمال ثم إلى الشرق والجنوب. كان الرب فرّق شعبه كرياح السماء الأربع أي إلى كل الجهات. وكثيرون من اليهود فضلوا أن يبقوا في بابل خوفاً من مشقات الطريق والأتعاب المقترنة ببناء أورشليم. ويقول النبي لهؤلاء أن يخرجوا من بابل لئلا يصيبهم فيها مصائب أعظم.

بَعْدَ ٱلْمَجْدِ (ع ٨) الأرجح أن النبي يشير إلى ع ٥ «وَأَنَا، يَقُولُ ٱلرَّبُّ… أَكُونُ مَجْداً فِي وَسَطِهَا». كمل الهيكل في السنة السادسة لداريوس ودشنوا البيت بفرح وقربوا ذبائح ونظموا خدمة الكهنة وعملوا عيد الفطير سبعة أيام بفرح لأن الرب فرحهم (انظر عزرا ٦: ١٥) وانظر أيضاً (زكريا ٤: ٧) «مَنْ أَنْتَ أَيُّهَا ٱلْجَبَلُ ٱلْعَظِيمُ؟ أَمَامَ زَرُبَّابِلَ تَصِيرُ سَهْلاً! فَيُخْرِجُ حَجَرَ ٱلزَّاوِيَةِ بَيْنَ ٱلْهَاتِفِينَ: كَرَامَةً كَرَامَةً لَهُ». ومضمون وعد الرب هنا (ع ٨) أن الرب أرسل النبي ليقول لهم أولاً أن بناء الهيكل يكمل بفرح وهتاف وبعدما تنبأ بتلك النبوة قال إن الرب قد أرسله ليتنبأ نبوة أخرى أي أنه سيحرك يده إلى الأمم الذين كانوا يقاومون. وأما بعض المفسرين فيفهمون من القول «بعد المجد» المعنى «لأجل المجد» اي أن الرب أرسل النبي ليتنبأ أن الرب يحرك يده إلى الأمم المقاومين فينكسرون ويتمجد الرب فيهم. وحدقة العين عزيزة عند الإنسان وهكذا شعب الله عنده.

سَلَباً لِعَبِيدِهِمْ (ع ٩) ليس حرفياً انظر ع ١١ «فَيَتَّصِلُ أُمَمٌ كَثِيرَةٌ بِٱلرَّبِّ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ» وانضمام الأمم إلى شعب الله يكون بواسطة التعليم والتبشير ويكون اختيارياً لا إجبارياً وروحياً لا سياسياً فيتعلمون أن الرب قد أرسل النبي عندما يرون تتميم نبوته ويختار أورشليم بعد (ع ١٢) كما كان اختارهم في القديم لأن «هبات الله ودعوته هي بلا ندامة».

اُسْكُتُوا (ع ١٣) علامة الخوف والاعتبار (انظر حبقوق ٢: ٢٠ وصفنيا ١: ٧).

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى