سفر المزامير | 70 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر المزامير
للقس . وليم مارش
اَلْمَزْمُورُ ٱلسَّبْعُونَ
لإِمَامِ ٱلْمُغَنِّينَ. لِدَاوُدَ لِلتَّذْكِيرِ
«١ اَللّٰهُمَّ إِلَى تَنْجِيَتِي، يَا رَبُّ إِلَى مَعُونَتِي أَسْرِعْ. ٢ لِيَخْزَ وَيَخْجَلْ طَالِبُو نَفْسِي. لِيَرْتَدَّ إِلَى خَلْفٍ وَيَخْجَلِ ٱلْمُشْتَهُونَ لِي شَرّاً».
هو صراخ الاستنجاد يرفعه المرنم إلى الله لكي يعينه وينجيه من مضايقة الأعداء. وهذا المزمور لولا قليل من التحوير لقلنا أنه إعادة لما ورد في (مزمور ٤٠: ١٤ وما يليها) وقد يكون أن هذا المزمور مأخوذ من هناك وموضوع على نسق «إلوهيم» بدلاً «من يهوه» ولا يظن أن داود هو الناظم لهذا المزمور على هذ الصورة المقتضبة بل قد يكون أنه أخذ هذا القسم وحوّره على هذه الصورة لأجل أغراض العبادة في الهيكل وهكذا يكون هذا المزمور قد أخذ من مزمور سابق قد كتبه داود ولذلك احتفظ بالاسم على الأقل. ولا شك أن الاصل الذي في المزمور الأربعين هو أسمى من هذا معنى ومبنى فهو يحلق بعيداً ويستلهم من جمهور العابدين الخشوع والاحترام. ولكن ربما كان القصد من وضعه على هذه الصورة هو إلباسه قالباً شعرياً يتناسب مع لحن خاص بقصد الترنيم ليس إلا.
(١) قابل هذا العدد مع (مزمور ٤٠: ١٣) فنجد أنه يبدأ بخطاب لله بدلاً من قوله «ارتض يا رب بأن تنجيني». ولا فرق آخر سوى أنه غيّر الفعل إلى مصدر فقال إلى تنجيتي بدلاً من «بأن تنجيني». على كل فإن هذا المزمور بالنسبة لموضوعه مناسب جداً فهو يطلب النجدة السريعة.
(٢) ولأن المرنم يطلب النجدة السريعة فهو يلتمس من الله أن يجعل أعداءه في خزي وخجل. في رجوع للوراء واندحار لا سيما أولئك الذين يشتهون الشر له شهوة ولا يلتذون إلا بإيقاع الضرر والأذى. أما إذا نال هؤلاء أن يرجعوا للوراء ويخجلوا فإن محبي الله عندئذ يمكنهم السير للأمام والتقدم نحو إتمام مقاصد العلي المقدسة.
«٣ لِيَرْجِعْ مِنْ أَجْلِ خِزْيِهِمُ ٱلْقَائِلُونَ: هَهْ هَهْ! ٤ وَلْيَبْتَهِجْ وَيَفْرَحْ بِكَ كُلُّ طَالِبِيكَ، وَلْيَقُلْ دَائِماً مُحِبُّو خَلاَصِكَ: لِيَتَعَظَّمِ ٱلرَّبُّ! ٥ أَمَّا أَنَا فَمِسْكِينٌ وَفَقِيرٌ. اَللّٰهُمَّ أَسْرِعْ إِلَيَّ. مُعِينِي وَمُنْقِذِي أَنْتَ. يَا رَبُّ لاَ تَبْطُؤْ».
(٣) في الأصل العبراني «ليرجع على أعقابهم» وأرى أنه يناسب أن تكون الترجمة هكذا أفضل من قوله ليرجع فقط. أما القائلون هه هه! فهم الهازئون الساخرون بكل شيء. والسخرية هذه يظهرونها بالأخص بهذا المرنم المتكلم بلسان أتقياء الله فبدلاً من أن يرعووا ويرجعوا للصواب إذا بهم يتمادون في غيهم وجهالتهم ويتكلمون بالعظائم على أقدس الأشياء وأشرفها.
(٤) ولكن هزءهم هذا يقابل من المؤمنين بعدم الاكتراث لأن الله ينجي عبيده الضارعين إليه ويعطيهم بهجة وسروراً مقابل هزء أولئك وسخريتهم. فإن فرح المؤمن الحقيقي لأنه يعتمد على خلاص الرب وهو الترس الذي به يتقي سهام الأعداء التي تصوب ضده ولا يهاب بعد ذلك شيئاً. إن أولئك الهازئين يطلبون العظمة لأنفسهم ولكن المؤمنين الحقيقيين فيقولون ليتعظم الرب. لأنهم يعلمون أن لا عظمة حقة لهم إلا على نسبة ما يتورعونه أمام الله.
(٥) وهنا يعترف جهاراً بحقارته فيقول إن هؤلاء الهازئين قد يكون لهم شيء من الصواب في موضوع هزئهم به وتحقيرهم له لأنه مسكين وفقير ولكن هو ليس وحده ولا متروك من العناية الحنونة لذلك يطلب السرعة بالنجدة وعدم الإبطاء في العون والإنقاذ. لا سيما إن الله القدير هو الملجأ الذي لا يخيب وعندئذ فلا شك هؤلاء الأعداء سينخذلون ولا يكون نصيبهم سوى الدمار والاضمحلال.
السابق |
التالي |