سفر المزامير

سفر المزامير | 149 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر المزامير

للقس . وليم مارش

اَلْمَزْمُورُ ٱلْمِئَةُ وَٱلتَّاسِعُ وَٱلأَرْبَعُونَ

«١ هَلِّلُويَا. غَنُّوا لِلرَّبِّ تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً، تَسْبِيحَتَهُ فِي جَمَاعَةِ ٱلأَتْقِيَاءِ. ٢ لِيَفْرَحْ إِسْرَائِيلُ بِخَالِقِهِ. لِيَبْتَهِجْ بَنُو صِهْيَوْنَ بِمَلِكِهِمْ. ٣ لِيُسَبِّحُوا ٱسْمَهُ بِرَقْصٍ. بِدُفٍّ وَعُودٍ لِيُرَنِّمُوا لَهُ».

تسبيح لاسم الرب الذي يعطي الغلبة والانتصار لشعبه وقد حسب بعض آباء الكنيسة إن هذا المزمور قد كتب في أيام المكابيين ولكن كثيرين من المفسرين يعزونه كالمزامير السابقة إلى تلك الأيام التي فيها أستتب الأمن والطمأنينة في البلاد على عهد عزرا ونحميا. والأرجح أن كاتب هذا المزمور هو الكاتب ذاته الذي كتب المزمور سابقه.

ومما هو جدير بالذكر أن بعض الناس في التاريخ قد اتخذوا الكلمات الواردة في هذا المزمور وكتبوها بالدم وقد فهمه الأمراء الكاثوليك أن ينهضوا للانتقام من الإنجيليين وأشعلوا حروب الثلاثين سنة في أوربا. كما أن توما منزر الإنجيلي قد أثار الفلاحين بواسطة هذا المزمور لكي ينتقضوا على أسيادهم في ألمانيا. وقد فات الكثيرين قول العهد الجديد إن سلام المسيحي هي في الروحيات فقط (راجع ٢كورنثوس ١٠: ٤).

(٢ – ٣) طالما أن الأمة تأخذ لنفسها قوة جديدة وتنشأ بعزم وطيد عليها أيضاً أن ترنم ترنيمة جديدة لكي تتناسب مع ما فيها من أفراح. ولتكن هذه النتيجة للتعبيرعما يخالج القلب البشري من عواطف روحية سامية. وليكن هذا الفرح لأن الله هو الخالق كما أنه هو الملك لشعبه وليفعلوا ذلك مستعنين بالرقص لكي يكمل ابتهاجهم بتلك الحركات الجسدية المنتظمة المرافقة كما بواسطة تلك الآلات الموسيقية التي تساعد على التسبيح كالعود. الدف يستعمل عادة للرقص لكي يساعد حركة الرجلين وبقية أعضاء الجسد وإنما العود فيساعد على ضبط النغم وقيادة المرنمين في إيصال تلك النغمات الحلوة إلى أعذب تعبير.

«٤ لأَنَّ ٱلرَّبَّ رَاضٍ عَنْ شَعْبِهِ. يُجَمِّلُ ٱلْوُدَعَاءَ بِٱلْخَلاَصِ. ٥ لِيَبْتَهِجِ ٱلأَتْقِيَاءُ بِمَجْدٍ. لِيُرَنِّمُوا عَلَى مَضَاجِعِهِمْ. ٦ تَنْوِيهَاتُ ٱللّٰهِ فِي أَفْوَاهِهِمْ، وَسَيْفٌ ذُو حَدَّيْنِ فِي يَدِهِمْ. ٧ لِيَصْنَعُوا نَقْمَةً فِي ٱلأُمَمِ، وَتَأْدِيبَاتٍ فِي ٱلشُّعُوبِ. ٨ لأَسْرِ مُلُوكِهِمْ بِقُيُودٍ، وَشُرَفَائِهِمْ بِكُبُولٍ مِنْ حَدِيدٍ. ٩ لِيُجْرُوا بِهِمِ ٱلْحُكْمَ ٱلْمَكْتُوبَ. كَرَامَةٌ هٰذَا لِجَمِيعِ أَتْقِيَائِهِ. هَلِّلُويَا».

(٤ – ٩) كيف لا يفعلون ذلك طالما الرب راضٍ عن شعبه ويريد أن يباركهم بناء على طاعتهم وإخلاصهم. وفي الوقت ذاته يتضع هؤلاء المتعبدون أمام الرب فلا يظهرون الكبرياء والتعظيم لئلا يسقطوا ولا يكون فرحهم كاملاً. إن كانوا في فرح فذلك لأنهم قد نالوا خلاص الرب فليس الخلاص منهم ولا يتمتعون بالمجد كأنهم هم الذين سببوه. فهم فقط يبتهجون ويفرحون لأنهم يشكرون بما ينعمون به وهذا دليل على أتم وجه. يفعلون ذلك و هم ينوهون باسم الرب ولا يمنعهم ذلك عن أن يهجموا على الأعداء والسيوف في أيديهم كما يفعل الفاتحون قديماً وحديثاً إذ يرون أنهم يفعلون ذلك بأمر الرب. ولا يغرب عن بالنا حادثة قسطنطين وانتصاره في المعركة بواسطة شارة الصليب مما يجعله يعتنق المسيحية بعد ذلك. ولا شك في هذا ما فيه من الشيء وضده إذ أن الصليب هو قوة الله الغافرة المضحية لا علامة الانتصار والظفر بواسطة سفك دم الأعداء. والمرنم يرى أن ما يفعله الشعب الآن ما هو إلا للانتقام والتأديب لأن الله قد أقامهم من أجل ذلك وعليهم أن يفعلوه. ولا بأس إذن إذا أسروا الملوك وربما كانوا بقايا الكنعانيين أو حكام البلاد في ذلك العهد. وثم يضعون الشرفاء ويكبلونهم بتلك القيود الحديدية علامة الذل والهوان. فلا يبقى أي إنسان عاصياً أمر الرب أو متكبراً على شعبه. ذلك لأن هذا الترتيب هو مكتوب في أسفار الشريعة وما عليهم الآن سوى الإتمام. وليكن هذا بمثابة كرامة ينالها الأتقياء من المختارين فليحمدوا اسم الرب وليهتفوا هللويا لأن مجد الرب هو الذي وحده يجب أن يملأ السموات كلها والعالمين.

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى