سفر المزامير

سفر المزامير | 04 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر المزامير

للقس . وليم مارش

اَلْمَزْمُورُ ٱلرَّابِعُ

لإِمَامِ ٱلْمُغَنِّينَ عَلَى ذَوَاتِ اَلأَوْتَارِ. مَزْمُورٌ لِدَاوُدَ

«١ عِنْدَ دُعَائِيَ ٱسْتَجِبْ لِي يَا إِلٰهَ بِرِّي. فِي ٱلضِّيقِ رَحَّبْتَ لِي. تَرَاءَفْ عَلَيَّ وَٱسْمَعْ صَلاَتِي. ٢ يَا بَنِي ٱلْبَشَرِ، حَتَّى مَتَى يَكُونُ مَجْدِي عَاراً! حَتَّى مَتَى تُحِبُّونَ ٱلْبَاطِلَ وَتَبْتَغُونَ ٱلْكَذِبَ! سِلاَهْ. ٣ فَٱعْلَمُوا أَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ مَيَّزَ تَقِيَّهُ. ٱلرَّبُّ يَسْمَعُ عِنْدَ مَا أَدْعُوهُ».

(١) عند الدعاء تستجيب وعند الضيق ترحب. لذلك فالتماسي هو أن ترحم وترأف وتسمع الصلاة.

لا دليل لنا في هذا المزمور أنه كتب في ظرف خاص أو لغاية خاصة بل هو مزمور عام وُضع للتعليم والإرشاد وبوجه عام أيضاً.

هنا يخاطب الله أولاً. ثم في العدد الثاني يخاطب بني البشر. واختبارنا أن الله فرجنا في الضيق وشجعنا في المخاوف وعضدنا في الاضطراب لهو شيء حقيقي.

(٢) والتفاته للبشر هنا يقصد به أن يحوّلهم إلى الله ويريهم أن عدم التقوى هو حماقة لا شك فيها. «يا بني البشر» عليكم أن تبرهنوا عن الإنسانية وحب البشرية التي فيكم. ولأن الإنسان مخلوق على صورة الله فإن تدنيس البشرية هو تدنيس للصورة الإلهية التي فيه (انظروا رومية ١: ٢٣) «وَأَبْدَلُوا مَجْدَ ٱللّٰهِ ٱلَّذِي لاَ يَفْنَى…».

(٣) قد يشير في كلمة «ميّز» إلى أنه المنتخب من الله ليكون ملكاً ولذلك فلا يجوز للأعداء أن يشمتوا به أو يعيروه. وكذلك يحذر الخطاة المنشقين عنه والمبتعدين أنهم سوف يندمون. لأن الله يسمع الدعاء فيندمون على ما فرط منهم من تسرّع وتهوّر.

«٤ اِرْتَعِدُوا وَلاَ تُخْطِئُوا. تَكَلَّمُوا فِي قُلُوبِكُمْ عَلَى مَضَاجِعِكُمْ وَٱسْكُتُوا. سِلاَهْ. ٥ اِذْبَحُوا ذَبَائِحَ ٱلْبِرِّ وَتَوَكَّلُوا عَلَى ٱلرَّبِّ. ٦ كَثِيرُونَ يَقُولُونَ: مَنْ يُرِينَا خَيْراً؟ ٱرْفَعْ عَلَيْنَا نُورَ وَجْهِكَ يَا رَبُّ».

(٤) «ارتعدوا» أو تهيبوا أو اسخطوا وقد تكون أفسس ٤: ٢٦ «اغضبوا ولا تخطئوا» اقتباسة عن هذه. وهنا يقصد التروي في الأمور قبل التسرع لأن هذا خطأ ويجب إصلاحه بسرعة قبل فوات الفرصة. ويجوز أن يتكلموا في قلوبهم على مضاجعهم سراً ولكن لا يجوز أن يجاهروا بأغلاطهم هذه. إن السكوت دليل الاتزان وحسن التروي.

(٥) «ذبائح البر» (انظر تثنية ٣٣: ١٩).

وهنا دليل السرور والغبطة بعد الارتعاد ثم التوكل على الرب لأن به الراحة والطمأنينة والسلام. وفي عرفه يجب أن يسبق التوكل ذبائح البر أي نعترف بجميل الله ونشكره ثم نثق تماماً بجميع مواعيده.

(٦) هنا يتساءل بلسان الحمقى «من يرينا خيراً» كأنهم لا يرون الخير ولا يعترفون بوجوده ذلك لأنهم يعيشون ووجه الرب لا يشرق عليهم. هم الجالسون في الظلمة وظلال الموت.

«يرفع الرب وجهه عليكم» تعبير قديم يقصد به عناية الله والتفاته. وحينما ندير ظهرنا للأمور كأنما نتركها جانباً ولا نعيرها اهتمامنا اللازم.

«٧ جَعَلْتَ سُرُوراً فِي قَلْبِي أَعْظَمَ مِنْ سُرُورِهِمْ إِذْ كَثُرَتْ حِنْطَتُهُمْ وَخَمْرُهُمْ. ٨ بِسَلاَمَةٍ أَضْطَجِعُ بَلْ أَيْضاً أَنَامُ، لأَنَّكَ أَنْتَ يَا رَبُّ مُنْفَرِداً فِي طُمَأْنِينَةٍ تُسَكِّنُنِي».

(٧) كان سروره بخلاص إلهه لسبب روحي تقوي لا لشيء مادي فقط. وهنا يقابل سروره بسرور الناس الآخرين. الحنطة دليل الخير والخمر دليل السعة والبحبوحة. فقد كانوا مسرورين لوجود الحنطة والخمر بكثرة عندهم أما سروره فكان أعظم من ذلك لأن بالله غذاؤه كما وبالله غبطته وسلامه.

(٨) هنا يختم المرنم كلامه بتسليمه التام لمشيئة إلهه وكما يفعل الطفل الصغير حينما يكون محاطاً بعناية أبيه أو أمه فيترك همومه جانباً ويطمئن بالحنان الوالدي. بل يفعل أكثر من ذلك إذ يشعر بالسلام يملأ قلبه فيسلم نفسه لحكم النوم ويرتاح.

ولو كنت منفرداً وحيداً فاني بك في جماعة عظيمة.

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى