سفر المزامير | 131 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر المزامير
للقس . وليم مارش
اَلْمَزْمُورُ ٱلْمِئَةُ وَٱلْحَادِي وَٱلثَّلاَثُونَ
تَرْنِيمَةُ ٱلْمَصَاعِدِ. لِدَاوُدَ
«١ يَا رَبُّ، لَمْ يَرْتَفِعْ قَلْبِي، وَلَمْ تَسْتَعْلِ عَيْنَايَ، وَلَمْ أَسْلُكْ فِي ٱلْعَظَائِمِ وَلاَ فِي عَجَائِبَ فَوْقِي. ٢ بَلْ هَدَّأْتُ وَسَكَّتُّ نَفْسِي كَفَطِيمٍ نَحْوَ أُمِّهِ. نَفْسِي نَحْوِي كَفَطِيمٍ. ٣ لِيَرْجُ إِسْرَائِيلُ ٱلرَّبَّ مِنَ ٱلآنَ وَإِلَى ٱلدَّهْرِ».
يحمل هذا المزمور الصغير اسم داود أيضاً. لأنه أشبه بالصدى للصوت المتكلم في (٢صموئيل ٦: ٢١ وما بعده). فإن الناظم وهو قد جاء بعد الرجوع من السبي يرى الصعاب والعقبات أمامه فيذكر ما قالته ميكال لداود كما يذكر لعنات شمعي ويرى إن أفضل شيء يمكن فعله هو كما فعله داود ذاته فقد سلم أمره للرب وأظهر خضوعه التام لما يرتبه السيد. ذلك لأن التسليم يفيد صاحبه أكثر كثيراً من استعمال الحكمة البشرية. ولا شك أن الناظم قد ذكر حادثة أبشالوم مع أبيه وكيف أنه استمال إليه الشعب وحاول أن يتعظم كثيراً ويغتصب الملك لنفسه ولكنه نظر إلى النتيجة التي حصلت بعد ذلك فإذا داود يعتز ويزداد مجداً بينما أبشالوم يصبح من الهالكين.
(١ – ٣) يبدأ كلامه بكل تواضع وانكسار أمام الرب فيقول إنه لم يحاول قط أن يرفع قلبه بالتعظم والكبرياء كما أنه لم يشمخ بأنفه وعينيه إلى فوق بل لم يتعظم بشيء في سلوكه كما أنه لا ينظر إلى تلك الأشياء غير العادية بل نجده يضع نفسه في مستوى واطئ حقير ويسكت تلك الأصوات الصارخة في داخله. وهو يهدئ نفسه كما تهدئ الأم ولدها الفطيم أي بكل حكمة ودراية (راجع حبقوق ٣: ٨). وهو ولد فطيم قد أنهى زمان رضاعته ويكتفي فقط بحنان الأم وعطفها ويرى أن يبقى بين ذراعيها فهذا أعظم ما تطلبه نفسه. وهكذا فإن الإنسان المؤمن يشعر أن الله وحده يستطيع تهدئة خاطره ومنحه تلك الطمأنينة وذلك السلام الذي يناله بكل تأكيد. وبعدئذ فإن النفس تهدأ وتسكن مطمئنة لأن رضا الرب وحده هو الذي يعطي العون الكامل والقوة الكافية. وفي العدد الثالث يلتفت هو نفسه إلى الناس الآخرين وينصحهم كما انتصح هو نفسه وهكذا فليترك كل إنسان أي تفاخر وادعاء وليأت إلى الله طالباً الرحمة فقط وهو وحده مستعد أن يمنحها إلى التمام.
السابق |
التالي |