سفر المزامير | 126 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر المزامير
للقس . وليم مارش
اَلْمَزْمُورُ ٱلْمِئَةُ وَٱلسَّادِسُ وَٱلْعِشْرُونَ
تَرْنِيمَةُ ٱلْمَصَاعِدِ
«١ عِنْدَمَا رَدَّ ٱلرَّبُّ سَبْيَ صِهْيَوْنَ صِرْنَا مِثْلَ ٱلْحَالِمِينَ. ٢ حِينَئِذٍ ٱمْتَلأَتْ أَفْوَاهُنَا ضِحْكاً وَأَلْسِنَتُنَا تَرَنُّماً. حِينَئِذٍ قَالُوا بَيْنَ ٱلأُمَمِ: إِنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ عَظَّمَ ٱلْعَمَلَ مَعَ هٰؤُلاَءِ. ٣ عَظَّمَ ٱلرَّبُّ ٱلْعَمَلَ مَعَنَا وَصِرْنَا فَرِحِينَ. ٤ ٱرْدُدْ يَا رَبُّ سَبْيَنَا مِثْلَ ٱلسَّوَاقِي فِي ٱلْجَنُوبِ. ٥ ٱلَّذِينَ يَزْرَعُونَ بِٱلدُّمُوعِ يَحْصُدُونَ بِٱلٱبْتِهَاجِ. ٦ ٱلذَّاهِبُ ذَهَاباً بِٱلْبُكَاءِ حَامِلاً مِبْذَرَ ٱلزَّرْعِ، مَجِيئاً يَجِيءُ بِٱلتَّرَنُّمِ حَامِلاً حُزَمَهُ».
هذا حصاد الفرح بعد بذار الدموع. وما أعمقها من حقيقة. وما أشرفها من أفكار. فإن الحياة لكي تكمل معانيها يجب أن نختبر حلوها ومرّها هوانها وكرامتها شقاءها وهناءها. وما المصاعب سوى تلك الامتحانات التي تكشف عن جوهرها وتؤكد حسن صيتنا وكرم أصلنا. وهو لا شك مزمور يعبر عن ذلك الفرح العظيم الذي خالج قلوب المسبيين لدى عودتهم إلى الوطن الأم. فيصف ذلك الفرح بأجمل الكلمات وأطربها على الآذان.
(١ – ٣) لقد عاد المسبيون إلى الوطن وهم الآن يفرحون بالرجوع بعد طول الغياب. وهم من شدة الفرح لا يدرون أهم في يقظة أم في حلم لذيذ ولكن لا يطول بهم الوقت وإذا الحقيقة تظهر جلية أمام أعينهم ويتحققون عظمة ما هم فيه فكان أن امتلأت الأفواه بالضحك علامة البهجة. وكان أن أخذوا بالترنيم حتى قال الناس حولهم إن الرب قد آتاهم بالعظائم فكيف لا يفرحون. وهم يؤكدون للناس هذه العظائم ولا يتركونهم في أية حيرة. نعم إن الرب قد عظم العمل ولذلك قد امتلأوا بالفرح (راجع يوئيل ٢: ٢٠ و١صموئيل ١٢: ٢٤ وإشعياء ٤٥: ١٤ و٥٢: ١٠). ولا شك أن أعظم الشهادة هي ما شهدت به الأعداء.
(٤ – ٦) يطلب في العدد الرابع أن يرد الرب هذا السبي كما ترتد السواقي في أيام الشتاء لتعود إلى جريها كالسابق. لأن هذه السواقي الجنوبية تنشف تماماً بعد أيام الصيف الطويلة. وما عليهم إلا أن ينتظروا فقد زرعوا بالدموع من قبل والآن يستطيعون أن يبتهجوا ولا يبقى أي داع لمصائبهم وآلامهم فقد أصبحت كلها في حكم الماضي. ولا شك أن الاستعارة هنا جميلة للغاية ولا سيما في العدد ٦ فقد ذهبوا للسبي باكين ولكنهم صبروا مؤمنين وهوذا الآن يعودون فرحين (راجع عزرا ٣: ١٢). وكما يفعل الحاصد إذ يحمل حزمه التي يضعها على البيدر رمزاً للخيرات التي منحها الله كذلك فإن هؤلاء المسبيين لا ينسون قط خيرات الرب فهم يفرحون ويترنمون شاكرين.
السابق |
التالي |