سفر المزامير

سفر المزامير | 123 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر المزامير

للقس . وليم مارش

اَلْمَزْمُورُ ٱلْمِئَةُ وَٱلثَّالِثُ وَٱلْعِشْرُونَ

تَرْنِيمَةُ ٱلْمَصَاعِدِ

«١ إِلَيْكَ رَفَعْتُ عَيْنَيَّ يَا سَاكِناً فِي ٱلسَّمَاوَاتِ. ٢ هُوَذَا كَمَا أَنَّ عُيُونَ ٱلْعَبِيدِ نَحْوَ أَيْدِي سَادَتِهِمْ، كَمَا أَنَّ عَيْنَيِ ٱلْجَارِيَةِ نَحْوَ يَدِ سَيِّدَتِهَا، هٰكَذَا عُيُونُنَا نَحْوَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِنَا حَتَّى يَتَرَأَّفَ عَلَيْنَا. ٣ ٱرْحَمْنَا يَا رَبُّ ٱرْحَمْنَا، لأَنَّنَا كَثِيراً مَا ٱمْتَلأْنَا هَوَاناً. ٤ كَثِيراً مَا شَبِعَتْ أَنْفُسُنَا مِنْ هُزْءِ ٱلْمُسْتَرِيحِينَ وَإِهَانَةِ ٱلْمُسْتَكْبِرِينَ».

يظهر أن المرنم كان في حالة ضيق ومهانة فينظر إلى العلاء إلى الرب الذي ينجي سكان الأسافل إذا كانوا ينظرون إلى ساكن السماء ويلتمسون منه العون والإسعاف. للأعالي يمكن أن ينظر الإنسان فيرى الملك العظيم الذي يحكم العالمين ويصغي لقضاء القاضي العادل الذي يفصل في كل الأمور. يرفع المرنم نظره لله كما يرفع العبد نظره إلى سيده فهو يطيعه عند الإشارة وهكذا تفعل الأَمة مع سيدتها.

(١ – ٤) لا يستطيع المرنم أن يرى أوسع من هذه العلاقة فإن الشعب الذي يطيع مليكه عليه بالأحرى أن يطيع إلهه لأنه هو الملك الحقيقي. ومن هي هذه الأَمة أو الجارية؟ أليست الأمة اليهودية ذاتها إذ تعترف علناً بطاعتها لهذا الإله العظيم ولا سيما في وقت محنتها وضيقتها. وليكن هذا الالتفات بانتظار واصطبار إذ لا يعتني بنا دفعة واحدة وعلينا أن نبقى منتظرين إلى أن يترأف الرب ويرحم. يكرر كلمة عين وعيون في العدد الثاني ومن يستطيع أن ينكر ما للعيون من توسل واستعطاف فهي أفصح كلاماً في كثير من الأحيان من الألفاظ التي نتفوه بها. لأن العين لا تخطئ في تعبيرها عن أعظم مكنونات الصدر. هذا هو الرب إلهنا العظيم القدير ولكنه الحنان الرحيم أيضاً (راجع تكوين ١٩: ٢ و١٨ وإرميا ٢٧: ٤).

ويبدأ العدد الثالث بقوله كيرياليسون يا رب ارحم أو ارحمنا يا رب ويكررها أيضاً دليلاً على شدة الحاجة إليها إذ بدونها لا حياة فينا ولا قوة. ويذكر هنا في الأخير لماذا يطلب مثل هذه الرحمة فهو قد شبع من الهزء ومن الإهانة. وهذا الشبع هو من قبيل السخرية لأن الهزء والإهانة لا يشبعان أحداً بل يجيعان كل إنسان فيه شيء من الكرامة وعزة النفس. هوذا الناس حولهم في حالة هانئة مريحة لذلك يهزؤون بمن هم دونهم ويستكبرون عليهم في كل معاملاتهم. ولكن هؤلاء لايقاسون بشيء مع الإله الذي هو السيد الحقيقي ونحن عبيده وإليه نرفع نفوسنا.

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى