سفر المزامير

سفر المزامير | 120 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر المزامير

للقس . وليم مارش

 

اَلْمَزْمُورُ ٱلْمِئَةُ وَٱلْعِشْرُونَ

تَرْنِيمَةُ ٱلْمَصَاعِدِ

«١ إِلَى ٱلرَّبِّ فِي ضِيقِي صَرَخْتُ فَٱسْتَجَابَ لِي. ٢ يَا رَبُّ نَجِّ نَفْسِي مِنْ شِفَاهِ ٱلْكَذِبِ، مِنْ لِسَانِ غِشٍّ».

هذا هو المزمور الأول من مزامير المصاعد أو ترانيم المصاعد. وقد رأينا كيف أن كاتب المزمور المئة والتاسع عشر ينهي كلامه بأن يشبه نفسه بخروف أو شاة يجب أن يطلبها الراعي قبل أن تضل في البراري وتهلك. كذلك فإن كاتب هذا المزمور يشبه نفسه بالشاة بين الذئاب. فإن هؤلاء الناس الذين يعيش بينهم هم قوم لا يخافون الله ولا يسيرون في طرقه المستقيمة ويصف العصر الذي يعيش فيه بعدم الاستقرار والثبات. ولا يميز بين أولئك الأجانب القاطنين البلاد الذين يذيقون الناس من العذاب أشكالاً وألواناً بتسلطهم عليهم – وهذا يناسب عصر الدولة اليونانية أي السلوقية – أو هم أهل البلاد أنفسهم يذيقون إخوانهم أشد أنواع النكال والدمار. وقد ذهب «تيلنغ» بأن هذه المزامير «ترانيم المصاعد» قد كتبت في وقت اضطهاد السامريين وغيرهم من الأمم المجاورة لأولئك اليهود الذين جاءوا من الخارج (راجع نحميا ٢: ١٠ و١٩ و٤: ١ و٧ و٦: ١).

وعدد هذه المزامير كما سنرى هو خمسة عشر ولا يعرف بالضبط ماذا يقصد بالمصاعد وقد ذهب بعضهم إلى أنها كانت ترنم حينما كان الناس يصعدون إلى أورشليم لتقديم فروض العبادة في المواسم ويدخلون الهيكل فرحين مترنمين. كما أنه لا نستطيع القول أن كاتبها هو واحد كما أنها لم تكتب في عصر واحد معروف. ونجد اسم داود على أربعة منها وواحد لسليمان. كما أننا نجد مواضيعها مختلفة فبعضها يتناول العائلة وبعضها الاجتماعات العامة وغير ذلك. ويمكننا أن نلاحظ الأمور الآتية في هذه المزامير:

  1. كلها قصيرة مختصرة.
  2. نلاحظ علاقة بعض الكلمات بين المزمور الواحد وما يتبعه.
  3. إنها مزامير فائقة الجمال وتمس القلب والمدارك حالاً.

(١ – ٢) يتأكد المرنم أن الرب يستجيب له بناء على اختبارات روحية سابقة. والذي يؤلمه أكثر الكل إنما هو الكذب والغش وقد أصابه من أصحابهما شرور كثيرة ونلاحظ مرارة التألم ظاهرة في كل مقطع من كلماته. وهو يلتفت إلى الله لكي ينجيه (راجع يونان ٢: ١٠ وهوشع ٨: ٧).

«٣ مَاذَا يُعْطِيكَ وَمَاذَا يَزِيدُ لَكَ لِسَانُ ٱلْغِشِّ؟ ٤ سِهَامَ جَبَّارٍ مَسْنُونَةً مَعَ جَمْرِ ٱلرَّتَمِ. ٥ وَيْلِي لِغُرْبَتِي فِي مَاشِكَ، لِسَكَنِي فِي خِيَامِ قِيدَارَ! ٦ طَالَ عَلَى نَفْسِي سَكَنُهَا مَعَ مُبْغِضِ ٱلسَّلاَمِ. ٧ أَنَا سَلاَمٌ، وَحِينَمَا أَتَكَلَّمُ فَهُمْ لِلْحَرْبِ».

(٣ – ٤) ويتساءل مستنكراً عن لسان الغش هذا وماذا يعطي صاحبه يا ترى سوى المتاعب والهموم؟ وماذا يزيدنا سوى العار والنقيصة؟ وإن صاحبه الذي يرمي كلامه هذا على الآخرين ويسبب لهم الإزعاج والكدر هو أشبه شيء برامي السهام المسنونة تصيب الآخرين فتؤذيهم. ونلاحظ وجه الشبه في هذه الاستعارة بين السهم واللسان فكلاهما بشكل دقيق الرأس ويمكن دفعه إلى الأمام بخروجه قليلاً من الحلق وبعد ذلك يمكن إعادته إلى الحلق كما كان. وقد قال الشاعر العربي:

جراحات اللسان لها التئام ولا يلتام ما جرح اللسان


والعدد ٤ يرينا جواباً للسؤال في العدد الثالث ويبين لنا أن مثل هذا اللسان يؤذي في الدرجة الأولى صاحبه. فهو يشعر بالوخز كما لو كان سهماً مسنوناً ترسله يد جبار وعلاوة على ذلك فهو ملتهب كأنه جمر رتم (راجع إرميا ٩: ٧ و٨ وأيضاً يعقوب ٣: ٦). والرتم شجر يوجد منه بكثرة في البلقاء.

(٥ – ٧) يظن أن ماشك هي ماجوج (راجع حزقيال ٣٨: ٢) كما أن أهل قيدار قد اشتهروا منذ الزمان القديم بحبهم للاستملاك (راجع تكوين ١٦: ١٢). والذي يؤلم المرنم كثيراً هو أن حالته هذه قد طالت لا سيما مع أولئك الذين دأبهم الخصام والمنازعة. وهو يرى نفسه داعية للسلام (راجع ميخا ٥: ٤ و٥ وقابل مع مزمور ١٠٩: ٤ و١١٠: ٣). ومع أنه يدعو للسلام ولكن أولئك الأعداء لا ينتظرون أن يسمعوا كلامه فإذا بهم يشرعون في الحرب.

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى