سفر المزامير

سفر المزامير | 111 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر المزامير

للقس . وليم مارش

اَلْمَزْمُورُ ٱلْمِئَةُ وَٱلْحَادِي عَشَرَ

«١ هَلِّلُويَا. أَحْمَدُ ٱلرَّبَّ بِكُلِّ قَلْبِي فِي مَجْلِسِ ٱلْمُسْتَقِيمِينَ وَجَمَاعَتِهِمْ. ٢ عَظِيمَةٌ هِيَ أَعْمَالُ ٱلرَّبِّ. مَطْلُوبَةٌ لِكُلِّ ٱلْمَسْرُورِينَ بِهَا. ٣ جَلاَلٌ وَبَهَاءٌ عَمَلُهُ، وَعَدْلُهُ قَائِمٌ إِلَى ٱلأَبَدِ. ٤ صَنَعَ ذِكْراً لِعَجَائِبِهِ. حَنَّانٌ وَرَحِيمٌ هُوَ ٱلرَّبُّ».

يبدأ هذا المزمور مثلثاً من مزامير هللويا فهو مع لاحقيه المزمورين المئة والثاني عشر والمئة والثالث عشر تحمد مجد الله وقدرته ورأفته. وذلك بين جماعة المستقيمين الذين يخافون اسم الرب. وبنوع خاص فإن هذا المزمور رفيق للمزمور الذي يتلوه فإن الاثنين يتشابهان في الموضوع وإنهما كلاهما يحتويان معاني كثيرة مأخوذة من مزامير سابقة وأناشيد ومقاطع مختلفة. وكلاهما أيضاً مرتبان على طريقة لفظية أي يبدأ كل سطر بحروف من حروف الهجاء العبرانية المؤلفة من اثنين وعشرين حرفاً. وهما سلسلة من سطور متشابهة ولا تحتوي أي ترتيب بحسب الأوزان الشعرية وتقاسيمها.

(١ – ٤) يحمد اسم الرب مهللاً مع تلك الجماعة التي تلتذ بالتعبد وترى أن تقوم بشعائر الدين وتتمم فرائضه على أكمل وجه. وفي مجلس المستقيمين أي يأخذون وقتاً لذلك ولا يفعلونه كيفما اتفق. لهم مجلس خاص يضمهم كجماعة يلتذون بعضهم مع بعض بأفضل ما يفعله إنسان وهو التسبيح لاسم الرب العلي. وقد أخذ الرسول بولس هذه الفكرة عينها حينما قال «مُكَلِّمِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً بِمَزَامِيرَ وَتَسَابِيحَ وَأَغَانِيَّ رُوحِيَّةٍ، مُتَرَنِّمِينَ وَمُرَتِّلِينَ فِي قُلُوبِكُمْ لِلرَّبِّ» (أفسس ٥: ١٩). وأما موضوع هذا التسبيح فيذكر أولاً أعمال الرب كم هي عظيمة ولا يستغني عنها البشر. وهذه الأعمال مكللة بالبهاء والجلال. وحكمه بالعدل والإنصاف. وأما العجائب التي يصنعها فهي باقية خالدة لا تزيدها الأيام إلا ثباتاً ورسوخاً وهي مع القدرة التي ترافقها مملوءة بالحنو والرحمة. إذا ليس غاية الله أن يظهر إن هذا السلطان هو في سبيل أشرف وأعظم الغايات. هي لخدمة الإنسان كما هي لتمجيد الله.

«٥ أَعْطَى خَائِفِيهِ طَعَاماً. يَذْكُرُ إِلَى ٱلأَبَدِ عَهْدَهُ. ٦ أَخْبَرَ شَعْبَهُ بِقُوَّةِ أَعْمَالِهِ لِيُعْطِيَهُمْ مِيرَاثَ ٱلأُمَمِ. ٧ أَعْمَالُ يَدَيْهِ أَمَانَةٌ وَحَقٌّ. كُلُّ وَصَايَاهُ أَمِينَةٌ، ٨ ثَابِتَةٌ مَدَى ٱلدَّهْرِ وَٱلأَبَدِ، مَصْنُوعَةٌ بِٱلْحَقِّ وَٱلٱسْتِقَامَةِ. ٩ أَرْسَلَ فِدَاءً لِشَعْبِهِ. أَقَامَ إِلَى ٱلأَبَدِ عَهْدَهُ. قُدُّوسٌ وَمَهُوبٌ ٱسْمُهُ. ١٠ رَأْسُ ٱلْحِكْمَةِ مَخَافَةُ ٱلرَّبِّ. فِطْنَةٌ جَيِّدَةٌ لِكُلِّ عَامِلِيهَا. تَسْبِيحُهُ قَائِمٌ إِلَى ٱلأَبَدِ».

(٥ – ١٠) في العدد الخامس يعود بالذكرى إلى أيام التيه في البرية حينما خرج الشعب من أرض العبودية (خروج ١٢: ١٤). وهناك قد أعطاهم عهده أن يكونوا شعبه. كما وعد إبراهيم من قبل. وأرسل بعد ذلك الأنبياء لكي يؤكد لهم هذه المواعيد. وإذا تلك الأرض المملوءة بالخيرات تصبح ميراثاً. وقد ذكر لوثيروس أن هذا العدد الخامس كإنما وضع لأجل عيد الفصح ويناسب أن يربط بالعشاء الرباني إذ يصبح المسيح ذاته هو الطعام الحي لقوت نفوسنا. وقد أخذت الكنيسة المسيحية هذا المزمور لكي يرتل أثناء خدمة العشاء الرباني.

يذكر مرة أخرى أعمال الرب أنها أمانة وحق كما أن وصاياه لا تتغير ولا تتبدل فهي أمينة بمواعيدها إذا قام بها الإنسان وتممها. بل إن هذه الوصايا ثابتة لأنها شبيهة بأعمال الله فتلك أمانة وحق وهذه حق واستقامة.

وقد اقتنى شعبه لنفسه محافظاً على عهوده معهم إلى الأبد وهكذا تمجد اسمه وعظم وازدادت مهابته على جميع البشر. ويستخلص كلامه بالآية الحكيمة الشهيرة «رأس الحكمة مخافة الرب» بل أن خوف الرب هو الفطنة والتعقل ولا سيما لأولئك العاملين وهكذا فإن هذا التدين هو عملي يجب أن يجريه الإنسان وليس فقط أن يمارسه تعبدياً وطقسياً. ذلك لأن هذا الإله مستحق التسبيح وسيتمم هذا إلى الأبد طالما يوجد قوم مؤمنون يعبدون الله ويطيعون شرائعه ونواميسه.

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى