حياة يسوعشخصيات

مَن هو هذا؟

أولًا: من هو هذا؟

  1. 1- ذات يوم رأى سكان أورشليم موكبًا كبيرًا قادمًا نحو المدينة. جماعة من الناس يسيرون في زحام والأغصان التي بأيديهم تحت أقدام راكب الأتان، ويعلو صوتهم ويتردد صداه بين الجبال التي تحيط بالمدينة وهم يصرخون: ” أُوصَنَّا لاِبْنِ دَاوُد .. مُبَارَكٌ اَلآتيِ بِاسمِ اَلرّب ُّ.. أُوصَنَّا فيِ اَلأعَاليِ” (متى 21: 9). زاد الزحام، وتضخم الموكب، وكثر عدد الناس الملتفين حول ذاك القادم نحو المدينة. وما يزال يزداد الزحام، ويتضخم الموكب، ويكثر أولئك الذين يصيحون ويعترفون بالمسيح، ويُدِّوي الصوت في التاريخ كله، والعالم أجمع قائلًا:” مُبَارَكٌ اَلآتيِ بِاسمِ اَلرّبُّ .. أُوصَنَّا فيِ اَلأعَاليِ”. يقول الكتاب المقدس، إن المسيح عندما دخل أورشليم ارتجت المدينة كلها قائلة: من هو هذا؟ وما تزال حتى اليوم المدن ترتج .. وما تزال العقول ترتج .. وما يزال العالم كله يرتج ويقول: من هو هذا؟ … من هو هذا؟
  2. حين بدأ المسيح خدمته على الأرض، وجمع حوله تلاميذه الاثني عشر، وأرسلهم ليكرزوا بملكوت الله، ويشفوا المرضى، التفَّت الجماهير حوله وصارت تتبعه في كل مكان، وأحدث ذلك هزة أخافت رؤساء الكهنة والشعب والقادة، حتى وصلت هيرودس الملك، فارتاب وتعجب وسأل في فزع وقلق: “يُوحَنَا أَناَ قَطعتُ رَأسَهُ فَمَن هُوَ هَذَا؟ “

ثانيًا: عجيب فريد:

  1. لم يرد في التاريخ من يشبهه (إشعياء 9: 6)، لم يسجل التاريخ من يشبه المسيح لا في ميلاده ولا في حياته ولا في تعاليمه، لقد كان حقًا فريدًا، لم يأتٍ ولن يأت من يشبهه، كتب عنه إشعياء النبي وقبل مولده بمئات السنين حين يولد المسيح، “يدعَى اسمُهُ عَجِيبًا مُشِيرًا إِلَهًا قَدِيرَا أَبًا أَبَدِيًا رَئيِسُ اَلسَلاَمِ”.
  2. أعماله كانت تدعو إلى العجب (متى 21: 18-20)،  يسجل البشير متى عن أعمال المسيح العجيبة انه ذات يومٍ ” إِذْ كَانَ رَاجِعَا إِلى اَلمَدِينَةِ جَاعَ. فَنَظَرَ شَجَرةَ تِينٍ عَلَى اَلطَّرِيقِ وَجَاء إِلَيْهَا فَلَمْ يَجِدْ فِيهَا شَيئِا إِلاَ وَرَقًا فَقَطْ فَقَالَ لَهَا لاَ يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعَدُ إِلى الأَبَدِ فَيَبَستِ اَلتِينَةُ فيِ اَلحَالِ فَلَمَّا رَأى التَّلاَمِيذُ ذَلِكَ تَعَجَّبُوا”
  3. أقواله كانت ذات سلطان (متى 7: 28، 29)،  كان المسيح مُعلمًا فريدًا ذو سلطان متميز وليس كالكتبة ومعلمي الناموس، لذلك كتبت عنه البشائر “فَلَمَا أَكَمَل يَسُوعُ هَذِهِ اَلأَقَوَال بُهِتَت اَلجُمُوعُ مِن تَعلِيِمهِ لأَنَه كَـانَ يُعَلِمَهُم كَمَن لَه سُلْطَّانٌ وَلَيسَ كَالكَتَبةِ ” (متى 7: 28، مرقس 6: 2).
  4. معجزاته كانت خارقة، شفى المرضى، وجعل العرج يمشون، والصم يسمعون، والعمى يُبصرون، والمفلوجين يتحركون، والمقيدين بالشياطين يتحررون، والمجانيين يعقلون. حتى الطبيعـة كانت تخشـاه وتطيعه، كان ينتهر الريح ويأمر البحر فيهدأ. حتى تَعَّجب الناس قائلين أيُ إنسان هذا؟
  5. هزم الموت: أقام كثيرًا من الموتى وأعادهم إلى الحياة: أقام ابن أرملة نايين (لوقا 7: 11-17) أقام ابنة رئيس المجمع (متى 9: 18-26، مرقس5: 21-43، لوقا 8: 41-56) أقام لعازر (يوحنا 11: 1-44) وكانت معجزة المعجزات أنه أقام من الموت نفسه، فكيف تجرؤ قبضة الموت على الإمساك برب الحياة.

ثالثًا: من يقول الناس أنه هو؟

 بسبب ما رآه الناس في حياته وأعماله ومعجزاته، وما سمعوه من أقواله وتعاليمه تحيروا. وسأل المسيح تلاميذه يومًا قائلًا: “مَنْ يَقُول النَّاسُ أِنَّى أَنَا ابِنُ الإْنِسَانِ، فَقَـالُوا قَومٌ يُوحَنَّا المَعَمْدَان.ُ وَآَخَرُونَ إِيِلِيِّا.. وَآَخَرُونَ إِرّمَيا أَو وَاحِدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ” (متى 16: 13-20، مرقس 8: 27-30، لوقا 9: 18-20) تُرى من يكون المسيح؟ هل هو هكذا حسب أقوال الناس؟

1- إنسان ولد وعاش ومات؟

 لم يكن المسيح كأي إنسان عادي، لكن:

 أ‌. ولادته كانت خارقة (لوقا 2: 6، 7)

 ب‌. وعاش بلا خطية (رسالة بطرس الأولى 2: 22)

 ت‌. صنع معجزات فوق قدرة أي إنسان

 ث‌. غفر خطايا الناس (متى 9: 1-8)

 ج‌. قام من الموت وصعد إلى السماء.

2- مُعلمٌ قدّم تعاليمًا جديدة؟

 أ‌. لم ينقض الناموس بل أكمله (متى 5: 17)

 ب‌. صنع ما نادى وعلّم به (أعمال 1: 1)

 ت‌. علم بسلطان وتكلم بقوة (متى 7: 29)

3- نبى حمل رسالة ونفذ مهمة من الله؟

 أ‌. كان المسيح هو الله الظاهر في الجسد، كان هو الكلمة التي تعلن عظمة الله، فهو كلمة الله المتجسد الذي جاء في ملء الزمان ليحل في عالمنا وليُعلن خلاص الله للبشر “وَاَلْكَلِمَةُ كَاْنَ عِنْدَ اَلله، وَكَاْنَ اَلْكَلِمَةُ اَلله.. وَالْكَلِمَةُ صَاْرَ جَسَدًا وَحَلَّ بِيْنَنَا” (يوحنا 1: 1، 14). وهو الذي تكلم بسلطان “سَمِعْتُم أَنَّهُ قِيلَ.. وَأَمَا أَنَا فَأَقُولُ” (متى 5: 21، 22)

 ب‌. لم يكن رسولًا يقدم رسالة، بل كان الرسالة ذاتها، قدم نفسه (فيلبى 2: 2-11)

رابعًا: وأنتم من تقولون أنه هو؟

 بعد ما سمع يسوع إجابة تلاميذه عما يقول الناس من هو وجَّه إليهم سؤالًا مباشرًا: ” وَأَنتُمْ مَنْ تَقُولُونَ إِنّيِ أَنَا؟ فَأَجَابَ سمِعَان بُطرُس وَقَالَ. أَنْتَ هُوَ اَلمسِيحُ ابْنُ الله الحيّ “، حين شهد له الأصدقاء والأعداء انه المسيح ابن الله..

1- أصدقاؤه والمقربون إليه قالوا عنه:

 أ‌. بطرس تلميذه قال عنه ” أَنْتَ هُوَ المسِيحُ اِبنُ الله الحيّ” (متى 16: 16)

 ب‌. توما، التلميذ الذي شك قال “رَبيِ وَإِلَهيِ” (يوحنا 20: 28)

 ت‌. مرثا “أَنْتَ اَلمسِيحُ اِبنُ الله الآَتيِ إِلىَ العَالَم” (يوحنا 11: 27)

 ث‌. الخصي الحبشي الذي لم يره، قال ” أَنَا أُوُمِن أَنَ يَسُوعُ المسِيحُ هُوَ اِبنُ الله ” (أعمال 8: 37)

 ج‌. شواهد أخرى كثيرة عن أقوال الرسل، (يوحنا 1: 29، 36، كورنثوس الثانية 5: 21، رسالة بطرس الأولى 2: 22)

2- أعداؤه والبعيدون عنه يشهدون له، فقال:

 أ‌. بيلاطس “لمْ أَجِدُ فيِ هَذَا الإِنسَانُ عِلَّةً” (لوقا 23: 14).

 ب‌. قائد المئة “بِالحَقِيقَةُ كَانَ هَذَا الإِنسَان بارًّا” (لوقا 23: 47).

 ت‌. اللص الذي صُلب بجواره على الصليب، شهد له قائـلًا: “أذْكُرنيِ يَا رّبُ مَتى جِئْتُ فيِ مَلَكُوتِكَ” (لوقا 23: 42).

خامسًا: شهادة المسيح عن نفسه:

لم يشهد للمسيح أصدقاءه والمقربين له فقط، بل شهد له أعداؤه وما كانوا يضطهدونه والذين صلبوه، لكنه هو أيضًا شهد لنفسه قائلًا:

  1. “أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَاَلحقُّ وَالحَياةُ ” (يوحنا 14: 6).
  2. “أَنَا هُوَ الْرَّاعيِ اَلصَالِح وَاَلْرَّاعيِ اَلَصَالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنْ اَلخِرَافِ”(يوحنا10: 11)
  3. “أَنَا هُوَ نُوُرُ اَلعَالمِ مَنْ يَتْبعَنيِ فَلاَ يمشْىِ فيِ اَلظُلَّمَةِ بَلْ يَكُوُنُ لَهُ نُورُ اَلحَياَةِ”(يوحنا 8: 12)
  4. وحين سأله رئيس الكهنة وقال له “.. أَأَنْتَ اَلمسَيِحُ ابْنُ اَلمبُاركِ. فَقَالَ يَسُوعُ أَنَا هُوَ وَسَوْفَ تُبصِرُونَ اِبْنُ الإَنِسَانِ جَاِلسًا عَنْ يمينِ اَلقُوَّة وَآتِيًا فيِ سَحَابِ السَّمَاءِ ” (مرقس 14: 61، 62)
  5. ولكي يُعرف اليهود بالعلاقة بينه وبين الأب قال: ” أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ” (يوحنا 10: 30)
  6. وحين تساءل فيلبس قائلًا للمسيح أرنا الآب وكفانا، كان رد المسيح عليه هو: ” الَّذِي رَآَنيِ فَقَدْ رَأى الآبَ” (يوحنا 14: 9).
  7. وقبل صعوده وحين اجتمع بتلاميذه ليشجعهم قال لهم ” دُفِعَ إلىَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فيِ اَلسَّمَاء وَعَلىَ اَلأَرضِ ” (متى 28: 18).

سادسًا: المسيح، ابن الله، يسوع، ابن الإنسان.

1- اسمه:

  •  أ‌. يسوع، أي المُخلِص “وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم” (متى 1: 21)
  •  ب‌. الناصري، عاش المسيح في مدينة الناصرة تحقيقًا للنبوات فدُعيَّ الناصري “وَأَتىَ وَسَكَنَ فيِ مَدِينَةٍ يُقَالُ لهَا نَاصَرةُ لِكَيِ يَتِمُّ مَا قِيلَ بِالأَنْبِياَءِ إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيًّا” (متى 2: 23)
  •  ت‌. المسيح تعني أنه الممسوح من الله، بقوة الروح القدس، وحين سأل المسيح تلاميذه مرة ماذا يقولون عنه، أجابوه “أَنْتَ هُوَ المسِيحُ اِبنُ الله الحيّ”(متى 16: 16).
  •  ث‌. ابن الإنسان، كان المسيح يحب أن يُلَّقبَ بهذا الاسم لما فيه من ارتباط بينه وبين البشرية كلها، فإبن الانسان، أي الذي جاء من أجل الجميع، وهو الذي تألم من أجل فداء الإنسان ” ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَي يَطْلُبَ وَيُخلِّص مَا قَدْ هَلَكَ ” (لوقا 19: 10).
  •  ج‌. ابن الله جاء هذا اللقب على فم الملاك حين بشَّر القديسة العذراء مريم بولادة المسيح فقال لها:”الرَّوُحُ اَلقدس يَحُلُ عَليْكِ، وَقُوَّةُ العَلِيّ تُظَلِلُّكِ، فَلِذَلِكَ أَيْضًَا القُدُّوسُ الموْلُودُ مِنكِ يُدعىَ ابْن الله”( لوقا1: 35).

2- عمله لك:

  •  أ‌. يحبك: ” لأَّنهُ هَكَذَا أَحَبَ اَلله العَالمَ حَتى بَذَلَ ابْنهُ الوَحِيدَ لِكَي لاَ يَهْلِكَ كُلُ مَنْ يُؤمِنَ بِه بَل تَكُونُ لَهُ الحيَاةُ الأَبَدّيةُ” (يوحنا 3: 16).
  •  ب‌. يخلصك: فهو من أجلك جاء ولخلاصك نزل من السماء، وقد كانت كلمات البشرى التي أعلنها الملاك هي: “فَهَـَا أَنَا أُبَشّرُكُمْ بِفَـرحٍ عَظِيم.. أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ اَليَـوْمَ فيِ مَدِينَـة دَاَوُدَ مُخَلِصٌ هُوَ اَلمسِيحُ اَلرَّبُّ” (لوقا 2: 10، 11).
  •  ت‌. يبقى معك: إن أحد أسماء يسوع هو “عِمُّانُوئِيل الَّذيِ تَفْسِيرَهُ اَلله مَعَنَا” (متى 1: 23)، وهو الذي وَعَدَ قائلًا:” وَهَا أَنَا مَعَكُم كُلَّ الأَيَّامِ إِلىَ اِنقِضَاءِ اَلدَّهرِ” (متى 28: 20).

سابعًا: تلخيص:

 يسوع المسيح، الذي ارتجت لدخوله المدينة، واهتزت بنزوله المسكونة، وتغير بحلوله الإنسان والعالم والتاريخ، ما يزال موضع تعجب ودهشة وحيرة من الناس. كثيرون احتاروا “مَن هو؟ ” برغم كل ما قِيل وكُتب عنه، وبعد أن قرأت ودرست وبحثت كل ما تقدم من معلومات في هذا الدرس، ماذا تقول؟ هل عرفته بعض المعرفة؟ هل ازدادت معرفتك به؟ هل تعجب وتتعجب من شخصه؟ هل تتفادى البحث والتعمق في معرفته؟ معرفة المسيح أمر حيوي لكل إنسان، لا ليعرف القليل بل الكثير عنه، ولا ليعجب أو يتعجب منه، بل ليعرفه هو معرفة شخصية ولتكون له علاقة شركة معه.

اليوم هو مخلص لك، فإن قبلته تنل غفران الخطايا والحياة الأبدية، وإن لم تقبله ستبقى في خطاياك، تحت الدينونة والعقاب الإلهي. إن رفضته اليوم وهو المخلص المحب، ستقف أمامه غدًا وسيكون ديانًا عادلًا لك.

ثامنًا: دعاء

يا الله افتح ذهني لأفهم وأتعلم… وافتح قلبي لأشتاق إلى الاقتراب منك… وافتح الطريق أمامي لأصل إليك…. والرب معك

د. القس نصرالله زكريا

* تخرج في كلية اللاهوت الإنجيلية في القاهرة 1989م.
* سِيمَ قسًا وراعيًا للكنيسة الإنجيلية المشيخية في أبو حنس المنيا
* المدير التنفيذي لمجلس الإعلام والنشر
* مدير تحرير مجلة الهدى منذ عام 2006
* مؤسس موقع الهدى، وموقع الإنجيليون المشيخيون.
* له من المؤلفات ما يزيد عن أربعين كتابًا.
زر الذهاب إلى الأعلى