الرسالة الثانية إلى تيموثاوس | 03 | الكنز الجليل
الكنز الجليل في تفسير الإنجيل
شرح الرسالة الثانية إلى تيموثاوس
للدكتور . وليم إدي
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ
في هذا الأصحاح نبوءة بالارتداد عن الإيمان وبأنه سوف يحدث في الكنيسة وبيان ما يتعلق به (ع ١ – ٨). وأنه يُصدّ عنه بعد حين فتظهر غباوة الذين ارتدوا (ع ٩). وتذكير الرسول لتيموثاوس بما احتمله هو من الاضطهاد حثا له على أن يحتمل احتماله (ع ١٠ و١١). وتبيينه له أن كل الأتقياء أغراض للمشقات وأن الأشرار لا بد من أن يزيدوا شراً (ع ١٢ و١٣). وحثّه إياه على الثبات في الحق وتذكيره إياه بتعلمه الكتب المقدسة منذ الحداثة وتصريحه بعظمة قيمتها (ع ١٤ – ١٧).
نبوءة بالارتداد عن الإيمان في الكنيسة ع ١ إلى ٨
١ «وَلٰكِنِ ٱعْلَمْ هٰذَا أَنَّهُ فِي ٱلأَيَّامِ ٱلأَخِيرَةِ سَتَأْتِي أَزْمِنَةٌ صَعْبَةٌ».
١تيموثاوس ٤: ١ وص ٤: ٣ و٢بطرس ٣: ٣ و١يوحنا ٢: ١٨ ويهوذا ١٨
ٱعْلَمْ هٰذَا بشهادة الروح القدس بدليل قوله «لٰكِنَّ ٱلرُّوحَ يَقُولُ صَرِيحاً: إِنَّهُ فِي ٱلأَزْمِنَةِ ٱلأَخِيرَةِ يَرْتَدُّ قَوْمٌ عَنِ ٱلإِيمَانِ الخ» (١تيموثاوس ٤: ١). وقال هذا حثا على مقاومة أضاليل المعلمين الكاذبين وتشجيعاً له على احتمال المشقات واستعداداً لنصائح أُخر بغية أن تحفظ طهارة الكنيسة وتُنفى الأضاليل.
فِي ٱلأَيَّامِ ٱلأَخِيرَةِ هي كل الوقت ما بين مجيء المسيح الأول ومجيئه الثاني وهو وقت المناداة بالإنجيل وتنتهي بنهاية العالم والدينونة الأخيرة (انظر تفسير ١تيموثاوس ٤: ١). وذُكرت «الأيام الأخيرة» في (إشعياء ٢: ٢ وهوشع ٣: ٥ وميخا ٤: ١ وأعمال ٢: ١٧ وعبرانيين ١: ١ و١يوحنا ٢: ١٨).
سَتَأْتِي أَزْمِنَةٌ صَعْبَةٌ أي أوقات ضيقة وحزن وخطر كالأوقات التي ذُكرت في (٢تسالونيكي ٢: ١ – ١٢ و١تيموثاوس ٤: ١).
وتكون تلك الأوقات صعبة على المؤمنين لكي يحفظوا الإيمان على صحته ويثقوا به في أثناء التجارب الكثيرة وصبرهم وشجاعتهم في أثناء الاضطهادات الشديدة. وصعبة على الكنيسة لصيانة طهارتها في الاستمرار على تأدية شهاداتها في أثناء ارتداد كثيرين من أعضائها. ونرى مما سيأتي أن بولس توقع أن تكون بداءة تلك الأزمنة في عصره لأنه بعد أن وصف المرتدين أمر تيموثاوس أن يتجنبهم وهذا ما في قوله «لأَنَّ سِرَّ ٱلإِثْمِ ٱلآنَ يَعْمَلُ» (٢تسالونيكي ٢: ٧). وظهر في الكنيسة أحياناً الفتور في الأمور الدينية ثم انتبهت كذلك وأخذت في إصلاح الأمور شؤونها وإضرام نيران الغيرة والمحبة. ونستنتج مما قيل في الإنجيل أن أعظم الأخطار على الكنيسة تكون قرب مجيء المسيح ثانية (٢تسالونيكي ص ٢ و١تيموثاوس ص ٤ و١بطرس ١: ٥ و٢بطرس ٣: ٣).
٢ «لأَنَّ ٱلنَّاسَ يَكُونُونَ مُحِبِّينَ لأَنْفُسِهِمْ، مُحِبِّينَ لِلْمَالِ، مُتَعَظِّمِينَ، مُسْتَكْبِرِينَ، مُجَدِّفِينَ، غَيْرَ طَائِعِينَ لِوَالِدِيهِمْ، غَيْرَ شَاكِرِينَ، دَنِسِينَ».
فيلبي ٢: ٢١ و٢بطرس ٢: ٣ ويهوذا ١٦ و١تيموثاوس ٦: ٤ و١تيموثاوس ١: ٢٠ و٢بطرس ٢: ١٢ ويهوذا ١٠ ورومية ١: ٣٠
لأَنَّ ٱلنَّاسَ يَكُونُونَ مُحِبِّينَ لأَنْفُسِهِمْ لم يقل أنه لم يكن مثلهم قبلاً في العالم لأن أمثالهم في كل عصر. ولم يقل أن جميع الناس يكونون الخ فمراده أنه يكون في الكنيسة كثيرون كذلك. ولا عجب من أن تأثير الإنجيل يومئذ في قلوب الناس الذين كان معظمهم من الوثنيين لم يكن كتأثيره في قلوب الناس اليوم لأنه لم يكن يومئذ لنا اليوم من وسائط نشره وفهم تعليمه. وكونهم «محبين لأنفسهم» لا يناقض قوله إن المحبة المسيحية الحقة «لا تطلب ما لنفسها» (١كورنثوس ١٣: ٥). وحب النفس أصل كل شر في الفكر والقول والعمل.
مُحِبِّينَ لِلْمَالِ كالفريسيين في أيام المسيح (لوقا ١٦: ١٤). ومحبة المال ابنة محبة النفس.
مُتَعَظِّمِينَ يدّعون لأنفسهم ما يليق بغيرهم من الإكرام.
مُسْتَكْبِرِينَ معجبين بأنفسهم مستخفين بغيرهم.
مُجَدِّفِينَ كما تحمل الكبرياء صاحبها على احتقار غيره وتحمله على الاستخفاف باسم الله وصفاته وعنايته وهذا هو التجديف عينه.
غَيْرَ طَائِعِينَ لِوَالِدِيهِمْ مخالفين للوصية الخامسة. فالذين يجدفون على أبيهم السماوي يجب أن لا يتوقعوا أن يكرمهم أولادهم ويطيعوهم.
غَيْرَ شَاكِرِينَ لا يشكرون الله على بركاته السماوية ولا إخوتهم على إظهار لطفهم (١تيموثاوس ١: ٩ ولوقا ٦: ٣٥).
دَنِسِينَ بلا طهارة قلب ولا طهارة سيرة.
٣ «بِلاَ حُنُوٍّ، بِلاَ رِضىً، ثَالِبِينَ، عَدِيمِي ٱلنَّزَاهَةِ، شَرِسِينَ، غَيْرَ مُحِبِّينَ لِلصَّلاَحِ».
رومية ١: ٣١ وتيطس ٢: ٣ و١كورنثوس ٧: ٥ و٢بطرس ٣: ٣
بِلاَ حُنُوٍّ غير مكترثين بحاجات أقربائهم ولا بحقوق غيرهم ولا بالمرضى والمصابين.
بِلاَ رِضىً أي لا يميلون إلى الصلح ولا يقبلون عذر المسيء إليهم.
ثَالِبِينَ أي ذامين بغير حق (١تيموثاوس ٣: ١١).
عَدِيمِي ٱلنَّزَاهَةِ أي عبيد شهواتهم فلا سلطة لعقولهم على أميالهم.
شَرِسِينَ سيئي الأخلاق قساة الكلام شديدي الخلاف.
غَيْرَ مُحِبِّينَ لِلصَّلاَحِ مقاومين لكل صالح من إنسان وكلام وعمل ويلزم من ذلك أنهم يسرون بالشر وأهله (رومية ١: ٣٢).
٤ «خَائِنِينَ، مُقْتَحِمِينَ، مُتَصَلِّفِينَ، مُحِبِّينَ لِلَّذَّاتِ دُونَ مَحَبَّةٍ لِلّٰهِ».
أعمال ١٩: ٣٦ و٢بطرس ٢: ١٠ وفيلبي ٣: ١٩ و٢بطرس ٢: ١٣ الخ ويهوذا ٤ و١٩
خَائِنِينَ أي مشتكين على إخوتهم وقت الاضطهاد فيسلمونهم إلى الأعداء طمعاً في المال كما فعل يهوذا الاسخريوطي بالمسيح (متّى ٢٦: ١٥). فهم كاليهود الذين حكم عليهم استفانوس (أعمال ٧: ٥٢).
مُقْتَحِمِينَ أي هاجمين بغتة هجوم اعتداء.
مُتَصَلِّفِينَ أي متكبرين مفتخرين بما ليس لهم (١تيموثاوس ٣: ٦).
مُحِبِّينَ لِلَّذَّاتِ إلى حد عنده لا يكرمون الله ولا يهابون إنساناً بغية الحصول على مشتهياتهم.
دُونَ مَحَبَّةٍ لِلّٰهِ هذا قرينة على أن حب الذات المذكور هو الحب المحظور.
٥ «لَـهُمْ صُورَةُ ٱلتَّقْوَى وَلٰكِنَّهُمْ مُنْكِرُونَ قُوَّتَهَا. فَأَعْرِضْ عَنْ هٰؤُلاَءِ».
١تيموثاوس ٥: ٨ وتيطس ١: ١٦ و٢تسالونيكي ٣: ٦ و١تيموثاوس ٦: ٥
لَـهُمْ صُورَةُ ٱلتَّقْوَى يمارسون رسوم الدين الظاهرة لكي يظهروا للناس أنهم أتقياء كالفريسين فإنهم كانوا يصلون في الأزقة والشوراع لكي يظهروا أنهم كذلك (متّى ٦: ٥).
مُنْكِرُونَ قُوَّتَهَا يظهرون بأعمالهم أن لا تأثير للذين في قلوبهم ولا يشعرون بما عليهم من المسؤولية ولا يصدقون وعد الله ولا يخافون وعيده. فمثل هؤلاء مسيحيون اسماً مخالفون لأوامر المسيح فعلاً فيضرون الحق أكثر مما يضره أعداؤه المجاهرون بعدواته. فكل هذه الرذائل التي نسبها الرسول إلى النصارى في الأزمنة الأخيرة تقرب من الرذائل التي نسبها إلى الوثنيين (رومية ١: ٢٩ الخ).
فَأَعْرِضْ عَنْ هٰؤُلاَءِ كما أنهم أعرضوا عن المسيح بما ذُكر. أمر بولس تيموثاوس أن يعتزل هؤلاء كل الاعتزال لأنهم يضرون من يخالطهم فهم مضلون كما أنهم ضالون. ولم يوصه أن يعتزل الوثنيين لأنه رجا أن يشرق نور الإنجيل عليهم وهم جالسون في الظلمة. ولم يأمره بتجنب المبتدعين لأنه يحتمل أنه يرجعهم إلى الحق. إنما أمره باعتزال الذين يدّعون أنهم مسيحيون ويسلكون كالأمم الذين لا يعرفون الله. وأمره لتيموثاوس بالإعراض عنهم يظهر أن الرسول لم يتكلم على الذين كانوا في مستقبل الكنيسة البعيد بل على الذين كانوا في عصره مما اتصفوا بتلك الرذائل.
٦ «فَإِنَّهُ مِنْ هٰؤُلاَءِ هُمُ ٱلَّذِينَ يَدْخُلُونَ ٱلْبُيُوتَ، وَيَسْبُونَ نُسَيَّاتٍ مُحَمَّلاَتٍ خَطَايَا، مُنْسَاقَاتٍ بِشَهَوَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ».
متّى ٢٣: ١٤ وتيطس ١: ١١
أخذ الرسول يتكلم على الأعمال التي يُعرف بها أولئك الضالون المدعون أنهم أتباع المسيح الذين أمر تيموثاوس بالإعراض عنهم وهذا يستلزم أنهم كانوا يومئذ في أفسس.
يَدْخُلُونَ ٱلْبُيُوتَ أي يتخذون وسائط دخول مخادع المسكن التي لا أذنٌ في دخولها إلا لسكانه والأقربين.
يَسْبُونَ نُسَيَّاتٍ بغية أن يسبوا الرجال بواسطتهن ولا ريب في أنهم أتوا ذلك بدعواهم أنهم على غاية القداسة وأنهم دخلوا تلك المخادع للتعزيات الدينية إراحة للنفوس المتعبة والضمائر المثقلة فيتخذونهن تلميذات لهم فيكن تحت سلطتهم كأسرى الحرب. وهذا مثل ما نسبه المسيح إلى الفريسيين بقوله «إِنَّكُمْ تَطُوفُونَ ٱلْبَحْرَ وَٱلْبَرَّ لِتَكْسَبُوا دَخِيلاً وَاحِداً، وَمَتَى حَصَلَ تَصْنَعُونَهُ ٱبْناً لِجَهَنَّمَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ مُضَاعَفاً» (متّى ٢٣: ١٥). وصغّر تلك النساء تحقيراً لهن ولخادعيهن فإنهم اقتدوا بالشيطان إذ جرب حواء أولاً توصلاً إلى إغواء آدم.
مُحَمَّلاَتٍ خَطَايَا الخ تسليمهنّ بكل أنواع الأضاليل في التعليم أدى بهنّ إلى ارتكاب كل أنواع الفجور.
٧ «يَتَعَلَّمْنَ فِي كُلِّ حِينٍ، وَلاَ يَسْتَطِعْنَ أَنْ يُقْبِلْنَ إِلَى مَعْرِفَةِ ٱلْحَقِّ أَبَداً».
١تيموثاوس ٢: ٤
يَتَعَلَّمْنَ فِي كُلِّ حِينٍ، وَلاَ يَسْتَطِعْنَ الخ ادّعين أنهنّ تلميذات الحق واتخذن عذراً عن أعمالهن الرديئة ولعلهن ادعين أنهم يطلبن معرفة أسرار الدين فخالطن السحرة كا فعل سيمون الساحر. وعلة أنهنّ لم يستطعن أن يُقبلن إلى معرفة الحق تقسّي قلوبهن بالأفعال الرديئة وعماء ضمائرهنّ (يوحنا ٧: ١٧).
فقد رأينا في تاريخ الكنيسة أن طريق نشر الأضاليل فيها هو أن بعض الأعضاء تمسكوا بها ثم نشروها بمساعدة شريرات النساء كما فعل سيمون الساحر وبعض الغنوسيين وأتباع منتانوس ودوناتس وأريوس. وكان أكثرهم بعد عصر بولس لكنه أنبأ بنشوئهم ورأى استعداداً لأضاليلهم في أيامه.
٨ «وَكَمَا قَاوَمَ يَنِّيسُ وَيَمْبِرِيسُ مُوسَى، كَذٰلِكَ هٰؤُلاَءِ أَيْضاً يُقَاوِمُونَ ٱلْحَقَّ. أُنَاسٌ فَاسِدَةٌ أَذْهَانُهُمْ، وَمِنْ جِهَةِ ٱلإِيمَانِ مَرْفُوضُونَ».
خروج ٧: ١١ و١تيموثاوس ٦: ٥ ورومية ١: ٢٨ و٢كورنثوس ١٣: ٥ وتيطس ١: ١٦
كَمَا قَاوَمَ يَنِّيسُ وَيَمْبِرِيسُ مُوسَى هما اثنان من سحرة فرعون المذكورين في (خروج ٧: ١١ و٢٢ و٨: ١٨ و١٩) ولم يذكر الكتاب اسميهما إلا هنا. وكان تيموثاوس متعلماً أسفار العهد القديم منذ الصغر وكان يعرف نبأ موسى ومقاومة السحرة له في مصر فذكر له الرسول اثنين مشهورين منهم ولعلهما من رؤسائهم وشبّه المعلمين الكاذبين بهما. وقد ذكرت بعض الكتب اليهودية هذين الساحرين وقالت أنهما حثا فرعون على قتل صبيان العبرانيين فضلا عن مقاومتهما لموسى. وقال بعضهم أنهما غرقا في البحر الأحمر. ومثل مقاومتهما لموسى كانت مقاومة عليم الساحر لبولس في قبرس ومقاومو بني سكاوا له في أفسس (أعمال ١٣: ٨ و١٩: ١٣ و١٤).
كَذٰلِكَ هٰؤُلاَءِ أَيْضاً يُقَاوِمُونَ ٱلْحَقَّ ادّعى سحرة مصر أن لهم سلطاناً على المعجزات كسلطة موسى فمنعوا فرعون من أن يعتبر موسى رسولاً من الله فمنعوا تأثير تعليمه. وكذلك معلمو أفسس المضلّون ادعوا أن لهم كل ما لبولس وسائر الرسل من السلطان فمنعوا الناس من سمع كلام الرسل. وتنبأ المسيح بقيام مثل هؤلاء (متّى ٢٤: ٢٤) وأُشير إليه في (أعمال ٨: ٩ و١٣: ٦ و٢تسالونيكي ٢: ٩ ورؤيا ١٣: ١٤ و١٥).
أُنَاسٌ فَاسِدَةٌ أَذْهَانُهُمْ لم يقتصر الرسول على أن ينسب إليهم الخطأ في التعليم بل وصفهم أيضاً «بفساد الأذهان» فلم يبق لهم من شركة في الدين المسيحي بسوى الاسم (١تيموثاوس ٦: ٥).
وَمِنْ جِهَةِ ٱلإِيمَانِ مَرْفُوضُونَ أي امتُحنوا فرُفضوا إذ تحقق الذين امتحنوهم أن تعليمهم مناف لتعليم الإنجيل تمام المنافاة وأنهم أضرّوا الذين اتبعوهم.
٩ «لٰكِنَّهُمْ لاَ يَتَقَدَّمُونَ أَكْثَرَ، لأَنَّ حُمْقَهُمْ سَيَكُونُ وَاضِحاً لِلْجَمِيعِ، كَمَا كَانَ حُمْقُ ذَيْنِكَ أَيْضاً».
خروج ٧: ١٢ و٨: ١٨ و٩: ١١
لٰكِنَّهُمْ لاَ يَتَقَدَّمُونَ أَكْثَرَ أي أن أولئك المضلين لا ينجحون دائماً في مقاومة الحق وزرع زوانهم بين القمح وأنه لا بد من أن ينتصر الحق على الباطل (رؤيا ١١: ٧ و١١).
لأَنَّ حُمْقَهُمْ سَيَكُونُ وَاضِحاً لِلْجَمِيعِ أي يتحقق الناس فساد تعليمهم من نتائجه الضارة وأن الله أيضاً يفتح عيون الناس ليروا الخطر الذي يقودهم إليه أولئك الخادعون. وهذا نبوءة وبيان أن الله وضع بقضائه حداً للشرّ كما أنه وضع حداً لأمواج البحر كقوله تعالى في البحر «إِلَى هُنَا تَأْتِي وَلاَ تَتَعَدَّى، وَهُنَا تُتْخَمُ كِبْرِيَاءُ لُجَجِكَ» (أيوب ٣٨: ١١). فإذا كان يجب أن لا ييأس تيموثاوس مما اختبره من ارتداد الناس في أفسس. وتمت هذه النبوءة بما كان من الضلال في الكنيسة على ما يُستفاد من تاريخها فظهر مراراً كثيرة أن الحق كان على وشك الانكسار وأن الضلال قد انتصر فساعد الله الحق ونصره وجعل اعداءه يخجلون ويسكتون. وأمثال ذلك ما حدث لأتباع أريوس وبيلاجيسو وسوسينيوس.
كَمَا كَانَ حُمْقُ ذَيْنِكَ أَيْضاً أي ينّيس ويمبريس لأنهم اضطرا إلى الإقرار أنهما لا يستطيعان أن يصنعا المعجزات التي صنعها موسى (خروج ٨: ١٨ و١٩ و٩ ١١).
تشجيع تيموثاوس بسيرته ع ١٠ و١١
١٠ «وَأَمَّا أَنْتَ فَقَدْ تَبِعْتَ تَعْلِيمِي، وَسِيرَتِي، وَقَصْدِي، وَإِيمَانِي، وَأَنَاتِي، وَمَحَبَّتِي، وَصَبْرِي».
فيلبي ٢: ٢٢ و١تيموثاوس ٤: ٦
ذكّر بولس تيموثاوس بما شاهده من سلوكه وتعليمه وأعماله التي تختلف كل الاختلاف عن سيرة المعلمين الكاذبين وتعليمهم ليحمله على اعتزالهم والاقتداء به في احتمال المشقات من اجل الحق.
فَقَدْ تَبِعْتَ تَعْلِيمِي كما يتبع التلميذ تعليم معلمه ولكونك تلميذي دائماً عرفت كل ما يتعلق بي من تعليم وعمل. وأراد «بتعليمه» ما نادى به في مواعظه به على انفراد وما كتبه في رسائله.
سِيرَتِي أي تصرفي في كل السنين التي كنت لي فيها رفيقاً وهذا كقوله «لِذٰلِكَ أَرْسَلْتُ إِلَيْكُمْ تِيمُوثَاوُسَ، ٱلَّذِي هُوَ ٱبْنِي ٱلْحَبِيبُ وَٱلأَمِينُ فِي ٱلرَّبِّ، ٱلَّذِي يُذَكِّرُكُمْ بِطُرُقِي فِي ٱلْمَسِيحِ» (١كورنثوس ٤: ١٧).
وَقَصْدِي الذي أُعلن بقولي وفعلي وهو أن أكون أميناً للمسيح وإنجيله وأتمم رسوليتي إلى الأمم.
إِيمَانِي أي ثقتي بالله وتمسكي بمبادئ الإنجيل الجوهرية.
أَنَاتِي في احتمال الاضطهادات الشديدة المتوالية من اليهود ولا سيما رفقائه الأولين من الفريسيين وهو يحب شعبه شديد المحبة وكان مستعداً أن يخسر من أجلهم أعظم الخسائر (رومية ٩: ٣).
مَحَبَّتِي وهي المحبة التي وصفها بقوله أنها «تَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتُصَدِّقُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتَرْجُو كُلَّ شَيْءٍ» (١كورنثوس ١٣: ٧).
صَبْرِي في استمراري على تعب الخدمة واحتمالي المشقات الشديدة.
١١ « وَٱضْطِهَادَاتِي، وَآلاَمِي، مِثْلَ مَا أَصَابَنِي فِي أَنْطَاكِيَةَ وَإِيقُونِيَّةَ وَلِسْتِرَةَ. أَيَّةَ ٱضْطِهَادَاتٍ ٱحْتَمَلْتُ! وَمِنَ ٱلْجَمِيعِ أَنْقَذَنِي ٱلرَّبُّ».
أعمال ١٣: ٤٥ و٥٠ وأعمال ١٤: ٢ و٥ وأعمال ١٤: ١٩ الخ ومزمور ٣٤: ١٩ و٢كورنثوس ١: ١٠ وص ٤: ١٧
ٱضْطِهَادَاتِي، وَآلاَمِي التي ذُكر كثيراً منها في (٢كورنثوس ص ١١).
مِثْلَ مَا أَصَابَنِي فِي أَنْطَاكِيَةَ (بيسيديا) (أعمال ١٣: ١٤ و١٥). ولم يكن تيموثاوس معه حيئنذ ولكنه لا ريب في أنه سمع بما أصابه هناك.
إِيقُونِيَّةَ (أعمال ١٣: ٥٠).
لِسْتِرَةَ (أعمال ١٤: ٥ و٦ و١٩). ذكر الرسول تيموثاوس بما أصابه في سني خدمته الأولى ولم يذكره بما أصابه في السنين الأخيرة لأن تيموثاوس رافقه في كل السنين الأولى وكان يومئذ حديث السن فأثر فيه ما شاهده حينئذ أكثر مما سواه. على أن مصائبه الأخيرة لم تكن أقل من الأولى لكنه كان قد اعتاد على المصائب فلم يذكرها.
وَمِنَ ٱلْجَمِيعِ أَنْقَذَنِي ٱلرَّبُّ (ص ٤: ١٧ و٢كورنثوس ١: ٥). تاريخ حياة الرسول المذكورة في أعمال الرسل من (ص ١٢ الخ) كانت سلسلة اضطهادات وإنقاذات وأشار هنا إلى «الانقاذات» لكي يبين لتلميذه أنه كما كان مستعداً لاحتمال الاضطهادات كان الله مستعداً لإنقاذه منها وأن له أن يتوقع مثل ذلك الإنقاذ.
كون الأتقياء عرضة للاضطهاد ع ١٢ إلى ١٤
١٢ «وَجَمِيعُ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَعِيشُوا بِٱلتَّقْوَى فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ يُضْطَهَدُونَ».
مزمور ٣٤: ١٩ ومتّى ١٦: ٢٤ ويوحنا ١٧: ١٤ وأعمال ١٤: ٢٢ و١كورنثوس ٥: ١٩ و١تسالونيكي ٣: ٢
أبان الرسول في هذه الآية أن ما أصابه غير مقصور عليه بل هو نصيب كل أتباع المسيح فيجب أن لا يتوقع تيموثاوس أن يُعفى منها. وما صدق على المسيحيين في العصر الرسولي يصدق على المسيحيين في كل عصر لأنهم عرضة أبداً للخسارة في سبيل المسيح وإنجيله لكن نوع الاضطهاد يختلف باختلاف العصور فقد يكون خسارة المال والصيت والحرية والرتبة وغيرها من الحقوق والنفي والألم والموت. وخلاصة هذه الآية أنه إن لم يكن صليب لا يكن إكليل.
أَنْ يَعِيشُوا بِٱلتَّقْوَى فِي ٱلْمَسِيحِ أي لا يمكن أن تكون تقوى المؤمن حقيقة إلا باتحاده بالمسيح (غلاطية ٢: ٢٠ وفيلبي ١: ٢١).
يُضْطَهَدُونَ أي لا يمكن أن يكون المؤمن تقياً ولا يُضطهد لأن العالم عدوٌ لله وعليه قول المسيح لتلاميذه «لَوْ كُنْتُمْ مِنَ ٱلْعَالَمِ لَكَانَ ٱلْعَالَمُ يُحِبُّ خَاصَّتَهُ. وَلٰكِنْ لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنَ ٱلْعَالَمِ، بَلْ أَنَا ٱخْتَرْتُكُمْ مِنَ ٱلْعَالَمِ، لِذٰلِكَ يُبْغِضُكُمُ ٱلْعَالَمُ. اُذْكُرُوا ٱلْكَلاَمَ ٱلَّذِي قُلْتُهُ لَكُمْ: لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ. إِنْ كَانُوا قَدِ ٱضْطَهَدُونِي فَسَيَضْطَهِدُونَكُمْ» (يوحنا ١٥: ١٩ و٢٠ انظر أيضاً متّى ١٠: ٢٢ و٢٨ و٣٩ و١تسالونيكي ٣: ٣).
١٣ « وَلٰكِنَّ ٱلنَّاسَ ٱلأَشْرَارَ ٱلْمُزَوِّرِينَ سَيَتَقَدَّمُونَ إِلَى أَرْدَأَ، مُضِلِّينَ وَمُضَلِّينَ».
٢تسالونيكي ٢: ١١ و١تيموثاوس ٤: ١ وص ٢: ١٦
ما في هذه الآية تمهيد لما أمر تيموثاوس به في (ع ١٤).
ٱلأَشْرَارَ ٱلْمُزَوِّرِينَ سَيَتَقَدَّمُونَ إِلَى أَرْدَأَ أي أن الأشرار لا يصلحون أنفسهم أبداً فيجب على تيموثاوس أن يتوقع أن تبقى الاضطهادات وتشتد على مرور الزمان وأنه على قدر ما يزيد نور الإنجيل يزيد الفرق بينه وبين الظلمة. ومنذ أيام بولس إلى الآن لم تفتر مقاومة العالم للإنجيل لكنها تغيرت كيفيتها فكان كلما كثرت معرفة المسيح في الأرض ومحبة تلاميذه له كلما زادت عداوة غيرهم له.
مُضِلِّينَ أي مجتهدين أن يحملوا الناس على أن يتخذوا الحرام حلالاً والكذب صدقاً وبالعكس (رؤيا ١٣: ١٥ و١٨: ٢٣ و٢٢: ١٥) وفي ذلك إشارة إلى ينيس ويمبريس (ع ٨) وأمثالهما يومئذ.
مُضَلِّينَ من الشيطان ومن قلوبهم لأنهم يظنون أنهم ينجحون في تعليم الضلال وأن فاحص القلوب يغفل عنهم وعن أعمالهم. ولعلهم باستعمالهم الكذب يعتادون تصديق الأكاذيب. ولعل الله يعقابهم على خداعهم بأن ينزع منهم قوة التمييز بين الحق والباطل بدليل قوله «لأَجْلِ هٰذَا سَيُرْسِلُ إِلَيْهِمُ ٱللّٰهُ عَمَلَ ٱلضَّلاَلِ، حَتَّى يُصَدِّقُوا ٱلْكَذِبَ، لِكَيْ يُدَانَ جَمِيعُ ٱلَّذِينَ لَمْ يُصَدِّقُوا ٱلْحَقَّ، بَلْ سُرُّوا بِٱلإِثْمِ» (٢تسالونيكي ٢: ١١ و١٢).
١٤ «وَأَمَّا أَنْتَ فَٱثْبُتْ عَلَى مَا تَعَلَّمْتَ وَأَيْقَنْتَ، عَارِفاً مِمَّنْ تَعَلَّمْتَ».
ص ١: ١٣ و٢: ٢
وَأَمَّا أَنْتَ فَٱثْبُتْ مهما فعل هؤلاء.
عَلَى مَا تَعَلَّمْتَ مني (ع ١٠) ومن أمك وجدتك (ص ١: ٥ و٢: ٢).
وَأَيْقَنْتَ من الكتب المقدسة (ع ١٥).
عَارِفاً مِمَّنْ تَعَلَّمْتَ القرينة تدل على أن الرسول أشار بهذا إلى نفسه والأصل اليوناني يدل على أن معلمه واحد. فإذاً لا إشارة بذلك إلى أنه جَمَل برنابا معه. والمعنى أن تيموثاوس عرف دعوة بولس الرسولية وأنه قد تعلم من المسيح وأن المسيح صدّق تعليمه بأن أنجحه.
فوائد الأسفار المقدسة ع ١٥ إلى ١٧
١٥ «وَأَنَّكَ مُنْذُ ٱلطُّفُولِيَّةِ تَعْرِفُ ٱلْكُتُبَ ٱلْمُقَدَّسَةَ، ٱلْقَادِرَةَ أَنْ تُحَكِّمَكَ لِلْخَلاَصِ، بِٱلإِيمَانِ ٱلَّذِي فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ».
يوحنا ٥: ٣٩
أَنَّكَ مُنْذُ ٱلطُّفُولِيَّةِ هذا علة ثانية لثباته في الحق والعلة الأولى مصدر معرفته إياه.
تَعْرِفُ ٱلْكُتُبَ ٱلْمُقَدَّسَةَ عنى بذلك أسفار العهد القديم التي علّمته إيّاها أمه فإنها يهودية أصلاً (ص ١: ٥ وأعمال ١٦: ١٠٣). وتسميته تلك الأسفار «بالكتب المقدسة» دليل على اعتباره واعتبار المجامع اليهودية إياها وأنها يحب أن تُعتبر كذلك في الكنائس المسيحية. وقداستها مبنية على كونها إعلان الله لشعبه المختار.
ٱلْقَادِرَةَ أَنْ تُحَكِّمَكَ لِلْخَلاَصِ هذا بيان النفع الذي كان منها لتيموثاوس ويمكن أن يكون لغيره من المطالعين فإنها تحكم للخلاص جميع الذين يقرأونها بإخلاص طالبين النور والإرشاد من الروح القدس. وفي قوله «القادرة» الخ بيان للفرق بين الكتاب المقدس وسائر الكتب فإن هذه قادرة أن تحكم الناس للحصول على السلطة والصيت والغنى وأما الكتاب المقدس فغايته أعظم من كل ذلك وهي الخلاص الأبدي وهو يحكم للخلاص بإرشاد الناس إلى التمسك بالمسيح المخلص. وهذا على وفق شهادته للناموس وهي قوله «قَدْ كَانَ ٱلنَّامُوسُ مُؤَدِّبَنَا إِلَى ٱلْمَسِيحِ» (غلاطية ٣: ٢٤).
بِٱلإِيمَانِ ٱلَّذِي فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ هذا بيان أن الإيمان بالمسيح هو الوسيلة إلى نيل الخلاص بدرس أسفار العهد القديم فهي المصباح الذي به ندرس ونستفيد من مواعيدها وتواريخها ورموزها ونبوآتها. فالأسفار الإلهية بدون الإيمان بالمسيح مختومة وكلها ألغاز غامضة ولكن إذا قرأناها مؤمنين بالمسيح أنارت لنا بنور سماوي من أول سفر التكوين إلى آخر سفر الرؤيا (مرقس ٦: ١٦ ورومية ١: ١٧). وهذه الأية تشهد للمسيحيين بسلطان أسفار العهد القديم وتعلمهم كيفية تحصيل النفع من درسها.
١٦ «كُلُّ ٱلْكِتَابِ هُوَ مُوحىً بِهِ مِنَ ٱللّٰهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَٱلتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَٱلتَّأْدِيبِ ٱلَّذِي فِي ٱلْبِرِّ».
٢بطرس ١: ٢٠ و٢١ ورومية ١٥: ٤
هذه الآية تُعلن قيمة كتاب الله وتشهد له بتقويم حياة المؤمن الروحية وهي تصريح لتيموثاوس بأنه باقٍ له معلم حكيم معصوم من الغلظ ينصحه ويرشده بعد أن يفارقه معلمه بولس وحثّ له على أن يبقى أميناً على ذلك الكتاب كما تعلم منذ الصغر. فيسوغ أن نتخذ ما في هذه الآية آخر شهادات بولس بقيمة الكتاب المقدس.
كُلُّ ٱلْكِتَابِ أي كل أسفار العهد القديم واعتبرها كتاباً واحداً (أما أسفار العهد القديم فلم تكن قد كُتبت بعد كلها يومئذ. ومما لم يكن قد كُتب بشارة يوحنا ورسائله ورؤياه وبعض رسائل بولس لم يكن قد نُشر).
مُوحىً بِهِ مِنَ ٱللّٰهِ أي أن الله ألهم كتبته أن يكتبوه وجعله واسطة حياة روحية لمطالعيه. وهذا على وفق قول بطرس الرسول «إِنَّ كُلَّ نُبُوَّةِ ٱلْكِتَابِ لَيْسَتْ مِنْ تَفْسِيرٍ خَاصٍّ، لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ ٱللّٰهِ ٱلْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ» (٢بطرس ١: ٢٠ و٢١). وكونه «موحى به من الله» يميّزه عن سائر الكتب.
نَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ أي تعليم الذي يطالعه لا الواعظ به، نعم إن الواعظ نافع لتعليم السامعين ولكن الرسول لم يتكلم عليه هنا بل تكلم عليه في موضع آخر (ص ٤: ٢) فمنه يتعلم تيموثاوس ما قصد الله أن يعتقد هو به وما يجب أن يعمله (١تيموثاوس ٤: ١٦). والكتاب نافع لتعليم حقائق إلهية لا حقائق علمية فيبقى العهد القديم معلماً للإنسان الجديد في يسوع المسيح كما كان معلماً للقدماء. واتخذ بولس ما كُتب في العهد القديم من أمر إبراهيم دليلاً على أن التبرير بالإيمان (رومية ص ٤).
وَٱلتَّوْبِيخِ للضال على ضلاله فيهتدي. وقد وبخ بولس اليهود غير المؤمنين به (رومية ص ١٠ وص ١١). والكتاب لا يفتأ يوبخ الخطأة على خطاياهم.
لِلتَّقْوِيمِ أي للإصلاح في الأدبيات. وليس في وسائط التقويم في كل العالم مثل كتاب الله وليس من تقويم دائم إلا به.
وَٱلتَّأْدِيبِ ٱلَّذِي فِي ٱلْبِرِّ لأن البر غايته من أوله إلى آخره. وتأثيره في القارئ يحمله على أن يكون طاهراً عادلاً صادقاً (رومية ١٥: ٤ و١كورنثوس ١٠: ١ – ١٠ وعبرانيين ١٢: ٧).
١٧ «لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ ٱللّٰهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّباً لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ».
١تيموثاوس ٦: ١١ ص ٢: ٢١
لِكَيْ هذا بيان للعلة التي لأجلها أوحى الله بالكتاب المقدس وجعله نافعاً لما ذُكر وفيه إشارة إلى أن النتيجة لا يمكن أن تحصل إلا بكلمة الله.
إِنْسَانُ ٱللّٰهِ لقّب بولس تيموثاوس بهذا اللقب في (١تيموثاوس ٦: ١١) ولقب به هنا كل مسيحي باعتبار أنه مولود من الله ومشابه له. ولقب به أيضاً النبي في (١ملوك ١٣: ١ و٢ملوك ٦: ٦ و٩).
كَامِلاً أي كامل العدة كجندي لبس السلاح الكامل وهذا دليل قاطع على أن كتاب الوحي كافٍ بدون إضافة التقاليد البشرية.
مُتَأَهِّباً لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ لأن ذلك الكتاب يصرّح له بما يعتبره الروح القدس صالحاً وبكل عمل يجب عليه أن يخدم الله به في حياته الروحية على الأرض. فيلزم من ذلك أن درس الكتاب المقدس يقدّر الإنسان على النمو دائماً في الحياة الروحية حتى يكون مستعداً بالمعرفة والإرادة لإتمام كل ما يرضي الله. وكيف لا يكون ذلك والله مصدره والخلاص غايته والحق الخالص موضوعه.
وما قيل في قيمة كتاب العد القديم ونفعه يصدق أيضاً على كل أسفار العهد الجديد ولا سيما قول المسيح. فيجب أن نوجه إلى أنفسنا قول المسيح «فَتِّشُوا ٱلْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ ٱلَّتِي تَشْهَدُ لِي» متخذين إيّاها إنها مجموع أسفار العهدين (يوحنا ٥: ٣٩).
السابق |
التالي |