الرسالة الأولى إلى تيموثاوس | 05 | الكنز الجليل
الكنز الجليل في تفسير الإنجيل
شرح الرسالة الأولى إلى تيموثاوس
للدكتور . وليم إدي
اَلأَصْحَاحُ ٱلْخَامِسُ
وصايا تتعلق بسياسة الكنيسة. منها ما يتعلق بمعاملة الشيوخ والأحداث من المؤمنين رجالاً ونساء (ع ١ و٢). وما يتعلق بالأرامل (ع ٣ – ١٦). ووجوب أن يقوم أعضاء الكنيسة بنفقات مدبريها (ع ١٧ و١٨). وما يتعلق بقبول دعوى على شيخ (ع ١٩). وأن يوبخ المجرمون جهاراً بلا استثناء (ع ٢٠). وحثّ شديد على مراعاة ذلك (ع ٢١). وتحذير تيموثاوس من أن يرسم أحداً لخدمة الكنيسة بعجلةٍ (ع ٢٢) ووجوب مداراته صحته واتخاذ الوسائل إلى ذلك (ع ٢٣) والتمييز بين الخطايا بأن بعضها ظاهر منذ ارتكابه وغيره مخفي إلى يوم الدين. وأنه يجب أن لا يسرع إلى الحكم على الناس بمقتضى الظاهر بل أن يحترس على الحكم بلا تروٍ (ع ٢٤ و٢٥).
ما يتعلق بمعاملة الناس بالنظر إلى السن ع ١ و٢
١ «لاَ تَزْجُرْ شَيْخاً بَلْ عِظْهُ كَأَبٍ، وَٱلأَحْدَاثَ كَإِخْوَةٍ».
لاويين ١٩: ٣٢
لاَ تَزْجُرْ شَيْخاً أي لا تخاطبه بجفاء. والمراد «بالشيخ» هنا الطاعن في السن لا ذي الرتبة في الكنيسة فإن ذوي الرتبة تكلم عليهم في (ع ١٧). والدليل على أن مراده كبير السن مقابلته بالأحداث في الآية نفسها.
بَلْ عِظْهُ كَأَبٍ أي أنه إذا ارتكب المتقدم في السن ذنباً أو قصّر في ما يجب عليه فلا تسمح أن تدفعك غيرتك للحق إلى شدة التوبيخ له ولا تعاتبه على ذنبه جهاراً بل تكلم معه على انفراد بغية إصلاحه كابن ٍيتكلم مع أبيه.
وَٱلأَحْدَاثَ كَإِخْوَةٍ المراد «بالأحداث» صغار السن من مؤمني كنيسة أفسس والمعنى عظ يا تيموثاوس الأحداث الخ ولا توبخهم باعتبار كونك رئيسهم الروحي وأعلى منهم مقاماً وسناً بل خاطبهم بالحنو واللطف كالأخ لإخوته في البيت المساوي له في المقام.
٢ «وَٱلْعَجَائِزَ كَأُمَّهَاتٍ، وَٱلْحَدَثَاتِ كَأَخَوَاتٍ، بِكُلِّ طَهَارَةٍ».
وَٱلْعَجَائِزَ كَأُمَّهَاتٍ أي وعظ المتقدمات في السن كما تعظ الشيوخ في إظهار اللطف والحنو في الخطاب كما يخاطب الابن أمه.
وَٱلْحَدَثَاتِ كَأَخَوَاتٍ الخ أي وعظ صغيرات السن وأنت تتلطف بهن كما يتلطف الأخ بأخته. وكونه حديث السن جعله عرضة للتجربة ولذلك أوصاه بولس بالطهارة أي أن لا يترك سبباً لظن السوء فيه. فعدم العفة بين الوثنيين وغيرهم في أفسس يومئذ لوجب عليه زيادة الاحتراس من أسباب ذلك الظن. و «الطهارة» الواجبة هنا طهارة الفكر والقول والعمل فإن بداءة تجاوز العفة الفكر الرديء كما علم المسيح في (متّى ٥: ٢٣).
معاملة الأرامل ع ٣ إلى ٨
٣ «أَكْرِمِ ٱلأَرَامِلَ ٱللَّوَاتِي هُنَّ بِٱلْحَقِيقَةِ أَرَامِلُ».
ع ٥ و١٦
أَكْرِمِ ٱلأَرَامِلَ إكراماً خاصاً غير الإكرام المعتاد للأرامل اللاواتي لهن أقرباء وغير محتاجات. والقرينة تدل على أن المراد بإكرامهن كتابة أسمائهن في دفاتر صدقات الكنيسة للنفقة عليهم بدليل قوله «لتكتتب الأرملة» الخ (ع ٩).
ٱللَّوَاتِي هُنَّ بِٱلْحَقِيقَةِ أَرَامِلُ فسر معنى هذا في (ع ١٤) وبيّن أنه أراد بهن اللواتي في حاجة إلى النفقة وليس لهن من يعتني بهن تمييزاً لهن عن اللواتي مات بعولتهن وأقرباؤهن قادرون على النفقة عليهن لكنهم أرادوا أن يلقوا عنهم أثقالهن على الكنيسة كما يظهر من (ع ٤). وذُكر في هذا الفصل ثلاثة أنواع من الأرامل:
- الأول: اللواتي يجب على الكنيسة أن تقوم بحاجاتهن لكونهن بائسات بلا مساعد (ع ٤ – ٨).
- الثاني: الأرامل المحتاجات القادر أقرباؤهنّ على القيام بنفقاتهن.
- الثالث: الأرامل اللواتي يجب على الكنيسة أن تقوم بنفقاتهنّ بناء على خدمتهنّ لها وأهليتهنّ لتلك الخدمة فضلاً عن كونهنّ محتاجات تمييزاً لهنّ عن اللواتي لسن أهلاً لذلك.
٤ «وَلٰكِنْ إِنْ كَانَتْ أَرْمَلَةٌ لَهَا أَوْلاَدٌ أَوْ حَفَدَةٌ، فَلْيَتَعَلَّمُوا أَوَّلاً أَنْ يُوَقِّرُوا أَهْلَ بَيْتِهِمْ وَيُوفُوا وَالِدِيهِمِ ٱلْمُكَافَأَةَ، لأَنَّ هٰذَا صَالِحٌ وَمَقْبُولٌ أَمَامَ ٱللّٰهِ».
تكوين ٤٥: ١٠ و١١ ومتّى ١٥: ٤ وأفسس ٦: ١ و٢ وكولوسي ٣: ٢٠ ص ٢: ٣
يظهر من أعمال ١٦ و٢ أن الكنيسة الأولى كانت تعتني بالأرامل اعتناء خاصاً وتنفق عليهنّ واعتاد ذلك المؤمنون في كل مكان وزمان. ولكن كان في كنيسة أفسس أرامل لهنّ أقرباء قادرون على إعالتهنّ فبدلاً من أن يعولوهنّ كلفوا الكنيسة بنفقاتهنّ. فأمر الرسول بما أمر به هنا منعاً من أن تكون أثقال الكنيسة أعظم مما تستطيع حمله ومما أوجب عليها.
لَهَا أَوْلاَدٌ أَوْ حَفَدَةٌ، فَلْيَتَعَلَّمُوا أَوَّلاً أَنْ يُوَقِّرُوا أَهْلَ بَيْتِهِمْ المراد «بأهل البيت» هنا كل سكانه من الطفل إلى الجدة العجوز. والمراد «بتوقير أهل البيت» تقديم الإكرام الذي أمر الله به لهم في الوصية الخامسة وذلك لا يكون إلا بالقيام بنفقتهم. وقال «أولاً» إما لأن ذلك أول الواجبات وإما لأنه يجب أن يؤتى قبل طلب مساعدة الكنيسة.
وَيُوفُوا وَالِدِيهِمِ ٱلْمُكَافَأَةَ أي أن ينفقوا على والديهم العاجزين مقابلة لما أنفقه الوالدون عليهم وهم صغار عاجزون.
لأَنَّ هٰذَا صَالِحٌ أي لائق بالطبع وبشهادة كل عقلاء الناس.
مَقْبُولٌ أَمَامَ ٱللّٰهِ الذي أمر الأولاد بقوله «أكرم أباك وأمك» (تكوين ٢٠: ١٢). وقرن هذا الأمر بوعد خاص لمطيعيه (أفسس ٦: ١٢ ومرقس ٧: ١٠ و١٣). ولا شك أنه في تلك الأيام إذ لم يكن دين المسيح قد أثر كثيراً في العالم ترك كثيرون من الأولاد والديهم العاجزين يموتون جوعاً وبلا عزاء.
٥ «وَلٰكِنَّ ٱلَّتِي هِيَ بِٱلْحَقِيقَةِ أَرْمَلَةٌ وَوَحِيدَةٌ، فَقَدْ أَلْقَتْ رَجَاءَهَا عَلَى ٱللّٰهِ، وَهِيَ تُواظِبُ عَلَى ٱلطِّلْبَاتِ وَٱلصَّلَوَاتِ لَيْلاً وَنَهَاراً».
١كورنثوس ٧: ٣٢ ولوقا ٢: ٣٧ و١٨: ١ وأعمال ٢٦: ٧
بِٱلْحَقِيقَةِ أَرْمَلَةٌ وَوَحِيدَةٌ أي ليس لها من ولد ولا حفيد فضلاً عن موت زوجها وفقرها. وهذا وصف أحوالها الظاهرة لا وصف سجاياها. وأراد بولس أن الكنيسة تعول مثل هذه شفقة عليها وإكراماً لله كما يوضح الجزء الأخير من (ع ١٦).
أَلْقَتْ رَجَاءَهَا عَلَى ٱللّٰهِ هذا وصف سجاياها أو صفاتها الخاصة. وذكر أرملة واحدة مثالاً لسائر الأرامل التي يجب على تيموثاوس أن يعتني بها اعتناء خاصاً. فإن مثل هذه الأرملة المؤمنة ليس لها من أقرباء يعتنون بها فتلقي رجاءها على صديقها الأزلي وتتوقع مساعدته بواسطة كنيسته.
وَهِيَ تُواظِبُ عَلَى ٱلطِّلْبَاتِ الخ كما قيل في حنة بنت فنوئيل (لوقا ٢: ٣٦ و٣٧) فتظهر كل أفكارها واحتياجها لله كالصديق مع الصديق وهي تستحق مساعدة الكنيسة لأن الكنيسة تستفيد بصلواتها أحسن الفوائد.
٦ «وَأَمَّا ٱلْمُتَنَعِّمَةُ فَقَدْ مَاتَتْ وَهِيَ حَيَّةٌ».
يعقوب ٥: ٥
وَأَمَّا ٱلْمُتَنَعِّمَةُ كالمذكورين في (يعقوب ٥: ٥). التي بدلاً من أن تكون ممتازة بتقواها وصلواتها تعتني بتحصيل الخيرات الأرضية واللذات الدنيوية.
فَقَدْ مَاتَتْ وَهِيَ حَيَّةٌ على وفق قوله «إِنْ عِشْتُمْ حَسَبَ ٱلْجَسَدِ فَسَتَمُوتُونَ، وَلٰكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِٱلرُّوحِ تُمِيتُونَ أَعْمَالَ ٱلْجَسَدِ فَسَتَحْيَوْنَ» (رومية ٨: ١٣). وقول المسيح لملاك كنيسة ساردس «أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ، أَنَّ لَكَ ٱسْماً أَنَّكَ حَيٌّ وَأَنْتَ مَيِّتٌ» (رؤيا ٣: ١). فأما الأرملة الحيّة فقد ماتت عن العالم وشهواته وحييت لله وأما المتنعمة فقد ماتت عن واجباتها لله وأفراح السماء. فلا علاقة بين هذه والكنيسة، والكنيسة غير مكلفة بالنفقة عليها باعتبار كونها عضواً منها.
٧ «فَأَوْصِ بِهٰذَا لِكَيْ يَكُنَّ بِلاَ لَوْمٍ».
ص ١: ٣ و٤: ١١ و٦: ١٧
فَأَوْصِ بِهٰذَا يمكن أن يكون هذا متلعقاً بالآية الثالثة فيكون مختصاً بواجبات الأرامل وأن يكون متعلقاً بالآية الرابعة والآية الخامسة فيكون مختصاً بواجبات الأولاد والحفدة. والأولى أن تُعلق بالآية الثالثة إذ تكلم كلاماً خاصاً في أمر الأولاد والحفدة في الآية الثامنة فيكون المعنى أوص بما يجب على الأرامل.
لِكَيْ يَكُنَّ بِلاَ لَوْمٍ أي ليكن ممتازات بإنكار النفس وإتمام الواجبات الدينية وسيرة التقوى والإيمان والصلاح.
٨ «وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَعْتَنِي بِخَاصَّتِهِ، وَلاَ سِيَّمَا أَهْلُ بَيْتِهِ، فَقَدْ أَنْكَرَ ٱلإِيمَانَ، وَهُوَ شَرٌّ مِنْ غَيْرِ ٱلْمُؤْمِنِ».
إشعياء ٥٨: ٧ وغلاطية ٦: ١٠ ٢تيموثاوس ٣: ٥ وتيطس ١: ١٦ متّى ١٨: ١٧
هذا الكلام موجّه إلى من يدّعون أنهم مؤمنون ويعترفون بقبولهم قواعد الإنجيل ولكنهم يتوقعون الخلاص بدون إنكار النفس والأعمال الحسنة فيتركون أقرباءهم البائسين وهم قادرون على مساعدتهم ومن هؤلاء الأولاد والحفدة المذكورون في (ع ٣) ومن أشبههم.
بِخَاصَّتِهِ أي أقربائه عموماً.
وَلاَ سِيَّمَا أَهْلُ بَيْتِهِ كالوالدين والجدة والإخوة والأخوات وهم فقراء عاجزون.
فَقَدْ أَنْكَرَ ٱلإِيمَانَ أي الدين المسيحي الذي أمر بالعقائد التي يعتقدها والأعمال التي يجب أن يعملها ولا يقوم ذلك الدين إلا بالأمرين لأن الإيمان الحق هو «ٱلإِيمَانُ ٱلْعَامِلُ بِٱلْمَحَبَّةِ» (غلاطية ٥: ٦). «إِنْ كَانَ أَخٌ وَأُخْتٌ عُرْيَانَيْنِ وَمُعْتَازَيْنِ لِلْقُوتِ ٱلْيَوْمِيِّ، فَقَالَ لَـهُمَا أَحَدُكُمُ: «ٱمْضِيَا بِسَلاَمٍ، ٱسْتَدْفِئَا وَٱشْبَعَا» وَلٰكِنْ لَمْ تُعْطُوهُمَا حَاجَاتِ ٱلْجَسَدِ، فَمَا ٱلْمَنْفَعَةُ؟ هٰكَذَا ٱلإِيمَانُ أَيْضاً، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَعْمَالٌ، مَيِّتٌ فِي ذَاتِهِ» (يعقوب ٥: ١٥ – ١٧ انظر أيضاً ١يوحنا ٣: ١٧ و٤: ٢١).
وَهُوَ شَرٌّ مِنْ غَيْرِ ٱلْمُؤْمِنِ لأن الوثنيين أوجبوا في كتبهم الأدبية الاعتناء بفقراء الأقرباء فالذي يدعي أنه تلميذ المسيح الذي ترك السماء ونزل إلى الأرض لخدمة البائسين إذا ترك ما يجب عليه من الشفقة على الفقراء والمحبة لهم والإحسان إليهم فخطيئته أعظم من خطيئة الوثني الذي يترك ذلك.
وصايا تتعلق بالأرامل اللواتي هنّ شماسات ع ٩ إلى ١٦
٩ «لِتُكْتَتَبْ أَرْمَلَةٌ إِنْ لَمْ يَكُنْ عُمْرُهَا أَقَلَّ مِنْ سِتِّينَ سَنَةً، ٱمْرَأَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ».
لوقا ٢: ٣٦ وص ٣: ٢
لِتُكْتَتَبْ أَرْمَلَةٌ في دفتر الكنيسة إنها مستحقة أن تنفق عليها إما لفقرها وإما لكونها خادمة الكنيسة كفيبي وغيرها من الشماسات ولعل منهم برسكلاّ زوجة أكيلا وليديا المؤمنة الأولى في فيلبي. والذي يرجح أن علة اكتتابها كونها شماسة لا بائسة أن الشرط المذكور في الآية يوافق أنها شماسة لأن الأرملة التي سنها أقل من سن الستين وهي بائسة وليس لها قريب يعتني بها تحتاج إلى المساعدة كالتي في سن أكثر من ستين. والشرط المذكور عليها من أنها ربت أولاداً وأضافت الغرباء وغسلت أرجل القديسين وساعدت المتضايقين. إذا لم تمكنها الأحوال من القيام به لا يقتضي أن يحرمها الإحسان إذا كانت بائسة. ويعسر علينا أن نفهم كيف اشتُرط عليها أن تكون امرأة رجل واحد حتى تستحق الإحسان إذا كانت بائسة لا شماسة. ولكن إذا حكمنا بأن الأرملة هنا الأرملة التي عُينت لخدمة الكنيسة رأينا أسباب كل الشروط المذكورة هنا لأنها هي التي تؤهلها لأن تعلم النساء وتعتني بالمرضى واليتامى. ومن الواضع أن أحوال الكنيسة في العصر الأول أو بعد نحو ثلاثين سنة من تأسيسها في البلاد الشرقية استلزمت نوع خدمة لا يستلزمها عصر آخر في غير تلك البلاد.
إِنْ لَمْ يَكُنْ عُمْرُهَا أَقَلَّ مِنْ سِتِّينَ لئلا تكون عرضة للظنة في جولانها من بيت إلى آخر بغية التبشير أو فعل الخير. ومن كانت في سن الستين أو ما فوقه يحترمها من تعلمه وتكون أفكارها موجهة إلى القيام بخدمتها الدينية غير موجهة إلى الزيجة فتكون قادرة على أن تنفع بسبب اختبارها.
ٱمْرَأَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ كما شُرط على الأسقف «أن يكون بعل امراة واحدة» (فارجع إلى تفسير ص ٣: ٢). وفائدتها أن تخدم الكنيسة وتبشر النساء وهي تستلزم أن يكون اسمها وزوجها حي حسناً بلا لوم. ولكنها إذا كانت قبل أن تؤمن قد تصرّفت تصرّف نساء ذلك العصر في أمر الزيجة والطلاق لم يوافق أن تكون شماسة. ولا شيء في هذا يمنع المرأة من الزيجة ثانية لأن بولس نصح فتيّات الأرامل أن تتزوج.
١٠ «مَشْهُوداً لَهَا فِي أَعْمَالٍ صَالِحَةٍ، إِنْ تَكُنْ قَدْ رَبَّتِ ٱلأَوْلاَدَ، أَضَافَتِ ٱلْغُرَبَاءَ، غَسَّلَتْ أَرْجُلَ ٱلْقِدِّيسِينَ، سَاعَدَتِ ٱلْمُتَضَايِقِينَ، ٱتَّبَعَتْ كُلَّ عَمَلٍ صَالِحٍ».
أعمال ١٦: ١٥ وعبرانيين ١٣: ٢ و١بطرس ٤: ٩ وتكوين ١٨: ٤ و١٩: ٢ ولوقا ٧: ٣٨ و٤٤ ويوحنا ١٣: ٥ و١٤
مَشْهُوداً لَهَا فِي أَعْمَالٍ صَالِحَةٍ (انظر تفسير ص ٣: ٧) وهذا شرط ضروري للنفع فإنه يجب عليها فضلاً عن كونها بلا لوم ممن هم خارج الكنيسة أن تكون مشهورة بمساعدتها للمصابين والمتعبين حولها.
قَدْ رَبَّتِ ٱلأَوْلاَدَ على أحسن أسلوب أولادها كانوا أم أولاد غيرها ممن وُكل إليها تهذيبهم. لأنه من واجبات الشماسات أن يعتنين بالأولاد اليتامى فيلبق أن تكون محبة للأولاد وأن تُسر بقيامها بالواجبات التي تقتضيها تربيتهم.
أَضَافَتِ ٱلْغُرَبَاءَ هذا مما عدّه الكتاب فضيلة (انظر تفسير ص ٣: ٢ ورومية ١٢: ١٣ وتيطس ١: ٨ وعبرانيين ١٣: ٢).
غَسَّلَتْ أَرْجُلَ ٱلْقِدِّيسِينَ هذا مما يتعلق بإضافة الغرباء اقتضته عوائد العصور الخالية (تكوين ١٨: ٤) وهو علامة التواضع (لوقا ٧: ٤٤ ويوحنا ١٣: ١ – ١٠ انظر تفسيرهما).
ولا دليل على أن ذلك كان من الفروض الدينية. ولا يليق بالمرأة المسيحية أن تحسبه إهانة لها إذا اقتضته الحال في كل زمان ومكان.
سَاعَدَتِ ٱلْمُتَضَايِقِينَ بلطفها وحنّوها ونصائحها علاوة على مساعدتها إياهم بالمال إذا اقتضتها الحال. فإن من قامت بما ذُكر تكون قد بينت أنها أهل لأن تَكِل إليها الكنيسة الاعتناء بالفقراء والمرضى.
ٱتَّبَعَتْ كُلَّ عَمَلٍ صَالِحٍ هذا خلاصة الصفات المطلوبة في الشماسات فعليها أن تكون مستعدة لإنكار نفسها وإظهار لطفها لكل من يحتاج إليه بأعمال وعطايا وصلوات. فيجب أن يسأل عن سيرتها الماضية قبل أن تُعيّن شماسة حتى يتحقق أنها تكون نافعة في المستقبل.
١١ «أَمَّا ٱلأَرَامِلُ ٱلْحَدَثَاتُ فَٱرْفُضْهُنَّ، لأَنَّهُنَّ مَتَى بَطِرْنَ عَلَى ٱلْمَسِيحِ يُرِدْنَ أَنْ يَتَزَوَّجْنَ».
أَمَّا ٱلأَرَامِلُ ٱلْحَدَثَاتُ فَٱرْفُضْهُنَّ أي لا ترض أن تكتبهن في دفتر الشماسات إذا طلبن ذلك. فليس المراد أن ينهاه الإحسان إليهن إذا كن محتاجات. ومراده «بالحدثات» من كنّ في سن أقل من الستين (ع ٩).
بَطِرْنَ عَلَى ٱلْمَسِيحِ هذا علة أمره برفض كتابتهن في دفتر الشماسات لأنه خاف أن تغلبهن التجارب الدنيوية فتفتر محبتهم للمسيح وتوقع عليهن اللوم الذي وقع على ملاك كنيسة أفسس وهو قول المسيح «لٰكِنْ عِنْدِي عَلَيْكَ أَنَّكَ تَرَكْتَ مَحَبَّتَكَ ٱلأُولَى» (رؤيا ٢: ٤).
يُرِدْنَ أَنْ يَتَزَوَّجْنَ فإنهم يقابلن أحوالهن بأحوال المتزوجات فيذكرن راحتهن السابقة فيستثقلن الخدمة الكنسية فيفضلن الزيجة عليها وهذا لا يستلزم أن زيجتهن خطيئة أو أنهن نذرن العزوبة ولكن قبولهن تلك الخدمة يتضمن أنهم يبقين ممارسات لها فلا تسمح لهن أن يتزوجن ويخدمن بيوتهن أيضاً.
١٢ «وَلَـهُنَّ دَيْنُونَةٌ لأَنَّهُنَّ رَفَضْنَ ٱلإِيمَانَ ٱلأَوَّلَ».
وَلَـهُنَّ دَيْنُونَةٌ أي يعرضن أنفسهن للوم بأنهن «وضعن أيديهن على المحراث والتفتن إلى الوراء» (لوقا ٩: ٦٢).
لأَنَّهُنَّ رَفَضْنَ ٱلإِيمَانَ ٱلأَوَّلَ أي رجعن عما كان لهن من بساطة الإيمان وشدته عندما ترمّلن فإنهن كن حينئذ غير مباليات بالأمور العالمية ولم يفتكرن في الزيجة فدخلن في خدمة مبنية على الإيمان ووقفن أنفسهن لخدمة الكنيسة فإذا تركن تلك الخدمة وطلبن الزيجة والرجوع إلى الخدمة البيتية صحّ عليهن قوله «رفضن الإيمان الأول». قال الرسول «لِيَكُنِ ٱلزَّوَاجُ مُكَرَّماً عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ» (عبرانيين ١٣: ٤). ويستثنى من ذلك من وقفوا أنفسهم لخدمة تمنعهم من الزواج.
١٣ «وَمَعَ ذٰلِكَ أَيْضاً يَتَعَلَّمْنَ أَنْ يَكُنَّ بَطَّالاَتٍ، يَطُفْنَ فِي ٱلْبُيُوتِ. وَلَسْنَ بَطَّالاَتٍ فَقَطْ بَلْ مِهْذَارَاتٌ أَيْضاً، وَفُضُولِيَّاتٌ، يَتَكَلَّمْنَ بِمَا لاَ يَجِبُ».
٢تسالونيكي ٣: ١١
في هذه الآية علة أخرى لعدم كتابة حدثات الأرامل شماسات.
يَتَعَلَّمْنَ أَنْ يَكُنَّ بَطَّالاَتٍ خاف من أنهن يكسلن عن الأعمال الشاقة التي تقتضيها خدمة الكنيسة لحداثتهن واتكالهن على نفقتها.
يَطُفْنَ فِي ٱلْبُيُوتِ لغير الخدمة الواجبة. فإنهن قبل أن ترملن كانت خدمتهن لأزواجهن وبيوتهن تمنعهن عن الطواف ولكنهنّ إذا عيّنت الكنيسة لهن نفقة وهنّ غير مكلفات بالأعمال اليدوية خاف أن يشغلن الوقت بالطواف في البيوت بلا نفع.
بَلْ مِهْذَارَاتٌ كثيرات الكلام غير النافع فإنه من الطمع أن عمل اللسان يزيد على قدر قلة عمل اليد. فإنهنّ بذلك ينقلنّ الأحاديث الفارغة والأمور البيتية من بيت إلى آخر في طوافهنّ.
فُضُولِيَّاتٌ (انظر تفسير ٢تسالونيكي ٣: ١١).
يَتَكَلَّمْنَ بِمَا لاَ يَجِبُ أي بدلاً من أن يعلّمنَ الأمور الدينية يتعرّضن لإشاعة أمور الناس السرّية والغلو في الكلام والنمائم وما يهيج الخصومات والرّيب الضارة للسلام.
١٤ «فَأُرِيدُ أَنَّ ٱلْحَدَثَاتِ يَتَزَوَّجْنَ وَيَلِدْنَ ٱلأَوْلاَدَ وَيُدَبِّرْنَ ٱلْبُيُوتَ، وَلاَ يُعْطِينَ عِلَّةً لِلْمُقَاوِمِ مِنْ أَجْلِ ٱلشَّتْمِ».
١كورنثوس ٧: ٩ وص ٦: ١ وتيطس ٢: ٨
من الواضح أن التي عُرضت لمثل هذه التجارب لا يليق بالكنيسة أن تكل إليها خدمة الإنجيل بين النساء والأولاد وتقوم بنفقتها.
فَأُرِيدُ بمقتضى وحي الروح القدس. وهذه النصيحة مبنية على اختبار الرسول الطبع البشري فضلاً عن كونها من وحي الله.
أَنَّ ٱلْحَدَثَاتِ يَتَزَوَّجْنَ أي أنه يريد أن حدثات الأرامل يتزوجن ثانية حين تكون الأحوال مناسبة بدلاً من أن يُكتبن شماسات يعشن من نفقات الكنيسة بشرط أن يتزوجن في الرب كما في (١كورنثوس ٧: ٣٩) وهذا نصح لا أمر. وعلة تقديمه هذا النصح هي دفع أن يكنّ عرضة لتجارب أحوالهن.
وَيَلِدْنَ ٱلأَوْلاَدَ فيشتغلن بأمور بيوتهن وتربية أولادهن.
وَيُدَبِّرْنَ ٱلْبُيُوتَ كما تقتضيه أحوال المتزوجات كخدمة أزواجهن وبذلك يكرمن دين المسيح بدلاً من أن يعبنه. ولا منافاة بين ما قيل هنا وما قيل في (١كورنثوس ٧: ٣٩) لأن الكلام هناك مبني على أحوال محلية وقتية.
وَلاَ يُعْطِينَ عِلَّةً بكلامهنّ وأعالهنّ.
لِلْمُقَاوِمِ للمسيح ودينه كالملحد والوثني بإرشاد الشيطان الذي هو أول المقاومين. فإنه لا يخلو عصر من أناس يترقبون الفرص ليعيبوا الدين المسيحيي وأهله فإذا رأوا سقوط مسيحيّة اتخذوا ذلك برهاناً على فساد دين المسيح فلا يقبلونه. فيجب على كل مسيحي أن يحترس دائماً من أن يترك سبيلاً لإهانة اسم المسيح.
مِنْ أَجْلِ ٱلشَّتْمِ للمسيح وكنيسته وهذا «الشتم» هو بغية المقاوم.
١٥ «فَإِنَّ بَعْضَهُنَّ قَدِ ٱنْحَرَفْنَ وَرَاءَ ٱلشَّيْطَانِ».
فَإِنَّ بَعْضَهُنَّ أي بعض حدثات الأرامل. وهذا القول مبني على اختباره وهو في أفسس أو على نبإ بلغه بعد أن برحها.
ٱنْحَرَفْنَ وَرَاءَ ٱلشَّيْطَانِ بدلاً من أن يتبعنّ المسيح ويسرن في طريق إنكار الذات والطريق الضيقة التي أوصى بالسير فيها. والمعنى أنهنّ وقعن إما في التجارب المذكورة آنفاً أو أنهن تزوجن وثنيين واعتزلن الكنيسة. وذكر سقوطهنّ تحذيراً لتيموثاوس من أن يعيّن أمثالهنّ لخدمة الكنيسة. ولم يذكر أسماء أولئك الأرامل اعتماداً على معرفة تيموثاوس إياهنّ.
١٦ «إِنْ كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَوْ مُؤْمِنَةٍ أَرَامِلُ فَلْيُسَاعِدْهُنَّ وَلاَ يُثَقَّلْ عَلَى ٱلْكَنِيسَةِ، لِكَيْ تُسَاعِدَ هِيَ ٱللَّوَاتِي هُنَّ بِٱلْحَقِيقَةِ أَرَامِلُ».
ع ٣ و٥
إِنْ كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَوْ مُؤْمِنَةٍ أَرَامِلُ من أخوات أو نساء إخوة أو بنات عمّ أو خال الخ ممن يجب أن ينفق عليهنّ. وقوله هنا أعمّ من قوله في (ع ٤ و٨) وهو مقصور على حدثات الأرامل.
فَلْيُسَاعِدْهُنَّ بأن يقوم بنفقاتهن بدلاً من أن يلقيها على الكنيسة.
لِكَيْ تُسَاعِدَ… هُنَّ بِٱلْحَقِيقَةِ أَرَامِلُ أي المحتاجات حقيقة ولا معين لهنّ. وقال هذا بناء على المسلّم من أنه لا تخلو الكنيسة من مثل هؤلاء الأرامل أبداً وعلى أن تقوم الكنيسة مقتدية بالمسيح بنفقاتهن والاعتناء بهن. وكان القيام بهذه الواجبات شرف الكنيسة المسيحية في كل عصورها.
ما يجب على الكنيسة لشيوخها ع ١٧ و١٨
١٧ «أَمَّا ٱلشُّيُوخُ ٱلْمُدَبِّرُونَ حَسَناً فَلْيُحْسَبُوا أَهْلاً لِكَرَامَةٍ مُضَاعَفَةٍ، وَلاَ سِيَّمَا ٱلَّذِينَ يَتْعَبُونَ فِي ٱلْكَلِمَةِ وَٱلتَّعْلِيمِ».
رومية ١٢: ٨ و١كورنثوس ٩: ١٠ و١٤ وغلاطية ٦: ٦ وفيلبي ٢: ٢٩ و١تسالونيكي ٥: ١٢ و١٣ وعبرانيين ١٣: ٧ و١٧ وأعمال ٢٨: ١٠
أبان الرسول ما يجب على الشيوخ في (ص ٣: ١ – ٧). وما يجب على الشمامسة في (ص ٣: ٨ – ١٣). وما يجب على الشماسات في (ص ٥: ٣ – ١٦). وأخذ هنا يتكلم في ما يجب على الكنيسة للشيوخ الذين هم رفقاء تيموثاوس في خدمة كنيسة أفسس.
ٱلشُّيُوخُ وسمّوا أيضاً أساقفة وقسوساً وهم رؤساء الكنيسة الروحيون وهذا الاسم مأخوذ من اسم رؤسا مجامع اليهود (متّى ١٥: ٢ وأعمال ١١: ٣٠ و١٥: ٢). والمرجح أنهم سموا أولاً شيوخاً مراعاة لسنهم ثم سموا كذلك باعتبار مقامهم وأعمالهم. وكانت سلطة تيموثاوس كسلطة الرسول وقتئذ لأنه نائبه.
ٱلْمُدَبِّرُونَ حَسَناً الذين تبرهن من أعمالهم أنهم أهل لأن يراعوا كنيسة المسيح بالتعليم والتبشير والترتيب والسياسة وإجراء كل أمورها على مقتضى حاجاتها. ونعت الشيوخ «بالمدبرين» هنا وفي (تيطس ١: ٥ و٧ و١بطرس ٥: ١) إشارة إلى القيام بما يجب عليهم.
والمرجّح أن كنيسة أفسس وسائر الكنائس بين الأمم نُظمت على صورة الكنيسة المسيحية في أورشليم وهي على هيئة مجمع اليهود.
فَلْيُحْسَبُوا أَهْلاً لِكَرَامَةٍ مُضَاعَفَةٍ أي إلى حد بعيد من الإكرام والاحترام كما يحق لهم بالنظر إلى سنهم ومقامهم وعملهم (١تسالونيكي ٥: ١٢ و١٣). ويشتمل هذا الإكرام على الاستعداد للقيام بنفقاتهم كما يتبين من الآية التالية. ومن المعلوم البيّن أن الذين بذلوا أوقاتهم وقواهم في خدمة الكنيسة معتزلين أعمالهم الشخصية الوافية بأسباب المعاش يستحقون أن تعوّض الكنيسة عليهم على قدر أتعابهم فيها وما تركوه لأجلها. فإذا وقفوا كل أوقاتهم لخدمة الكنيسة عليهم على قدر أتعابهم فيها استحقوا النفقة الكاملة وإذا وقفوا لها بعض أوقاتهم استحقوا بعض النفقة (١كورنثوس ٩: ١٣ و١٤).
وَلاَ سِيَّمَا ٱلَّذِينَ يَتْعَبُونَ الخ نستنتج من ذلك أن الشيوخ صنفان أحدهما الرعاة والمبشرون بالكلمة ومعلموها الذين يبينون الواجبات ويحثون على القيام بها ويمارسون سرَّي الكنيسة فهؤلاء غلب أن يقفوا كل أوقاتهم لخدمة الكنيسة وكانوا يستحقون الاعتبار الخاص والنفقة الكافية. والآخر هم الذين لم يكونوا مبشرين بالكلمة ومعلميها بل كانوا معينين للرعاة على سياسة الكنيسة وعلى الحكم للمستحقين الشركة فيها وعلى توزيع الخبز والخمر في العشاء الرباني وسمع الدعاوي بين الإخوة وتبرئة البريء والحكم على المذنب وتعيين التأديب الذي يستحقه ويغلب أن تكون واجباتهم للكنيسة غير كافية لتمنعهم عن تحصيل أسباب المعاش لهم ولبيوتهم (١تيموثاوس ٤: ١٧ ورومية ١٢: ٧ و٨ و١كورنثوس ١٢: ٢٨). وهذه الآية من الآيات التي بُنيت عليها الكنيسة المشيخية في أميركا وسورية وغيرها لها شيوخ واعظون ويسمون قسوساً ورعاة أيضاً وشيوخ مدبرون وشمامسة.
١٨ «لأَنَّ ٱلْكِتَابَ يَقُولُ: لاَ تَكُمَّ ثَوْراً دَارِساً، وَٱلْفَاعِلُ مُسْتَحِقٌّ أُجْرَتَهُ».
تثنية ٢٥: ٤ و١كورنثوس ٩: ٩ ولاويين ١٩: ١٣ وتثنية ٢٤: ١٤ و١٥ ومتّى ١٠: ١٠ ولوقا ١٠: ٧
أبان الرسول في هذه الآية وجوب أن تقوم الكنيسة بنفقة رعاتها بإيراد قول الكتاب المقدس في أمر البهائم التي تدرس الحبوب بالنورج الذي تجره فإن الله اعتنى بتغذيتها بأمر أصحابه بتركها تشترك في نتائج أتعابها وأوضح أنه إذا كان الله اعتنى بالبهائم فبالأولى أنه يعتني بالبشر الذين يتعبون بأمانة وغيرة بغية نفع إخوتهم فيجب على الكنيسة أن تسخو عليهم وتكرمهم على قدر استحقاهم. وما أورده هنا من العهد القديم في (تثنية ٢٥: ٤) وفسرّه الرسول في (١كورنثوس ٩: ٨ – ١٠).
ٱلْفَاعِلُ مُسْتَحِقٌّ أُجْرَتَهُ هذا مقتبس من (تثنية ١٧: ٦ و١٩: ١٥) وكان قانون الكنيسة اليهودية وهو قانون الكنيسة المسيحية أيضاً. والغرض منه المنع من الظلم وتأييد العدل. واقتُبس أيضاً في (يوحنا ٨: ١٧ و٢كورنثوس ١٣: ١ ويعقوب ٤: ١). ولا يستلزم النهي هنا أن تيموثاوس وحده الحكم في ذلك فالمرجّح أن الحاكم مجمع الشيوخ وأن تيموثاوس رئيسه وأن لرأيه قبولاً عظيماً فيه حتى يستطيع أن يبطل الشكاية الناشئة عن الحسد ولا إثبات لها.
الشكاية على شيخ ع ١٩
١٩ «لاَ تَقْبَلْ شِكَايَةً عَلَى شَيْخٍ إِلاَّ عَلَى شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ».
تثنية ١٩: ١٥
لاَ تَقْبَلْ شِكَايَةً عَلَى شَيْخٍ المراد «بالشيخ» هنا الرئيس الروحي المسمى أيضاً بالقسيس والأسقف. أراد بولس أن يوصي نائبه بوجوب حفظ كرامة القسوس والرعاة بعدما أوصى بقيام الكنيسة في أسيا بنفقاتهم ولذلك أمر بأن العدل إذا شُكي عليهم بسوء تعليم أو عمل ونهي أن يُحكم عليه حكماً ناشئاً عن حسد أو تحزب أو سوء فهم كما كان في كنائس ذلك العصر (١كورنثوس ١: ١١ و١٢).
إِلاَّ عَلَى شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ هذا مقتبس منه (تثنية ١٧: ٦ و١٩: ١٥). وكان قانون الكنيسة اليهودية وهو قانون الكنيسة المسيحية أيضاً. والغرض منه المنع من الظلم وتأييد العدل. واقتُبس أيضاً في (يوحنا ٨: ١٧ و٢كورنثوس ١٣: ١ ويعقوب ٤: ١). ولا يستلزم النهي هنا أن تيموثاوس وحده الحكم في ذلك فالمرجّح أن الحاكم مجمع الشيوخ وأن تيموثاوس رئيسه وأن لرأيه قبولاً عظيماً فيه حتى يستطيع أن يبطل الشكاية الناشئة عن الحسد ولا إثبات لها.
وجوب توبيخ المجرمين جهاراً بدون استثناء ع ٢٠
٢٠ «اَلَّذِينَ يُخْطِئُونَ وَبِّخْهُمْ أَمَامَ ٱلْجَمِيعِ لِكَيْ يَكُونَ عِنْدَ ٱلْبَاقِينَ خَوْفٌ».
غلاطية ٢: ١١ و١٤ وتيطس ١: ١٣ وتثنية ١٣: ١١
اَلَّذِينَ يُخْطِئُونَ المرجّح أن الكلام هنا على الشيخ كما سبق. أراد الرسول أولاً أن يُعاملوا بالإكرام اللائق والعدل حتى لا يحكم عليهم حكماً عن حسد. وأراد هنا أنه إذا ثبت بعد الفحص بلا محاباة بشهود كافية أنهم مذنبون بتعليم أو عمل وجب أن يؤدبوا.
وَبِّخْهُمْ أَمَامَ ٱلْجَمِيعِ أي جميع الشيوخ أو جميع الإخوة المجتمعين في الكنيسة كما تقتضي الأحوال وأمر بأن يكون قصاصهم جهاراً لأن فسادهم تعليماً وعملاً أضرّ لطهارة الكنيسة أكثر من فساد غيرهم من الرعية كذلك. والأرجح أن بولس أشار إلى هنا إلى الذين أخطأوا بالتعليم الفاسد وأنه رأى وجوب التأديب ويؤيد ذلك ما قاله لشيوخ هذه الكنيسة حين اجتماعه بهم في ميليتس فإنه قاله لهم «مِنْكُمْ أَنْتُمْ سَيَقُومُ رِجَالٌ يَتَكَلَّمُونَ بِأُمُورٍ مُلْتَوِيَةٍ لِيَجْتَذِبُوا ٱلتَّلاَمِيذَ وَرَاءَهُمْ» (أعمال ٢٠: ٣٠). وقول المسيح لهذه الكنيسة عيتها «أَنَا عَارِفٌ… أَنَّكَ قَدْ جَرَّبْتَ ٱلْقَائِلِينَ إِنَّهُمْ رُسُلٌ وَلَيْسُوا رُسُلاً، فَوَجَدْتَهُمْ كَاذِبِينَ… فَٱذْكُرْ مِنْ أَيْنَ سَقَطْتَ وَتُبْ، وَٱعْمَلِ ٱلأَعْمَالَ ٱلأُولَى الخ» (رؤيا ٢: ٢ و٥). وقوله «وبّخ» يدل أنه ليس للكنيسة أن تعاقب إلا عقاباً أدبياً. ولا منافاة بين هذا القول وقوله «لا تزجر شيخاً» لأن قوله «لا تزجر الخ» مختص بالمحادثة الشخصية وقوله «وبّخ» مختص بالمحاكمة باعتبار كون تيموثاوس قاضياً بأمر شرعي يتكلم فيه باسم المسيح.
لِكَيْ يَكُونَ عِنْدَ ٱلْبَاقِينَ خَوْفٌ ولهذا جعل التوبيخ جهاراً فإنه بذلك يمتنع انتشار الضلال لسمع سائر الكنائس نبأ ما جرى في كنيسة أفسس.
توصيته تيموثاوس بإجرائه الأوامر وأن لا يرسم أحداً بالعجلة ع ٢١ و٢٢
٢١ «أُنَاشِدُكَ أَمَامَ ٱللّٰهِ وَٱلرَّبِّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ وَٱلْمَلاَئِكَةِ ٱلْمُخْتَارِينَ أَنْ تَحْفَظَ هٰذَا بِدُونِ غَرَضٍ، وَلاَ تَعْمَلَ شَيْئاً بِمُحَابَاةٍ».
ص ٦: ١٣ و٢تيموثاوس ٢: ١٤ و٤: ١
بعدما فرغ الرسول من الكلام على محاكمة الشيوخ وتوبيخ من ثبت أنهم ضلوا أنبأ تيموثاوس (وهو شيخ أيضاً) بوجود شهود كثيرين غير منظورين يشهدون بسيرته. وهذا يشبه قول الكتاب «لِذٰلِكَ نَحْنُ أَيْضاً إِذْ لَنَا سَحَابَةٌ مِنَ ٱلشُّهُودِ مِقْدَارُ هٰذِهِ مُحِيطَةٌ بِنَا» (عبرانيين ١٢: ١). وأتى ذلك بالنظر إلى أهمية واجبات تيموثاوس لأنه نائبه في المدينة التي بشّر فيها ثلاث سنين وكانت كنيستها ثانية كنيسة أورشليم ما لم تكن كنيسة أنطاكية هي الثانية. فحثّه على الأمانة في القيام بكل ما يجب عليه بناء على كثرة من يشهدون بعمله على الأرض وعلى أن يحسب أنه واقف أمام عرش الله في حضرة المسيح على يمين الآب محاطاً بالملائكة القديسين. والحلف الذي حلفه إياه كالحلف في (٢تيموثاوس ٤: ١).
أُنَاشِدُكَ أَمَامَ ٱللّٰهِ أي أحلفك الخ فاعتبر أنك واقف بين كل المذكورين في هذه الآية الذين يشاهدون عملك ويحكمون فيه وأول أولئك الشهود الله الآب.
وَٱلرَّبِّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ كأنك تنظره على يمين الآب مراقباً سيرتك.
وَٱلْمَلاَئِكَةِ ٱلْمُخْتَارِينَ الأطهار. ونعتوا بأنهم «مختارون» لطهارتهم ولأن الله اختارهم خدماً كقول أحدهم «أَنَا جِبْرَائِيلُ ٱلْوَاقِفُ قُدَّامَ ٱللّٰهِ، وَأُرْسِلْتُ الخ» (لوقا ١: ١٩) وكان بولس يحب ذكر الملائكة على كثرتهم وترتيب درجاتهم توكيداً لكلامه (رومية ٨: ٣٨ وأفسس ١: ٢١ وكولوسي ١: ١٦) ولعله دعاهم «مختارين» تمييزاً بينهم وبين الملائكة الذين لم يحفظوا رئاستهم (٢بطرس ٢: ٤ ويهوذا ٦). فالملائكة على ما في الإنجيل يهتمون بأمور الناس (لوقا ١٥: ١٠ و١كورنثوس ٤: ٩ وعبرانيين ١٢: ١) وهم يشاهدون الدينونة في اليوم الأخير ويشاركون في إجرائها (متّى ٢٥: ٣١).
أَنْ تَحْفَظَ هٰذَا أي كل ما أوصاه به آنفاً ولا سيما ما يتعلق بتعيين رؤساء الدين ومعاملتهم بناء على أن حياة رعاياهم الروحية متوقفة كثيراً على تعاليمهم وسيرتهم.
بِدُونِ غَرَضٍ أي بلا التفات إلى هوى نفسك ولا اعتبار الأحزاب التي قُسمت إليها الكنيسة.
وَلاَ تَعْمَلَ شَيْئاً بِمُحَابَاةٍ في المحاكمة فلا تمل أبداً إلى تبرئة المذنب ولا إلى تخطئة البريء ولا تنظر إلا إلى الحق.
٢٢ «لاَ تَضَعْ يَداً عَلَى أَحَدٍ بِٱلْعَجَلَةِ، وَلاَ تَشْتَرِكْ فِي خَطَايَا ٱلآخَرِينَ. اِحْفَظْ نَفْسَكَ طَاهِراً».
أعمال ٦: ٦ وص ٤: ١٤ و١٣: ٣ و٢تيموثاوس ١: ٦ و٢يوحنا ١١
حذّر بولس تيموثاوس من تعيين غير المستحقين لخدمة الكنيسة الروحية لئلا يكون داعٍ إلى الحكم على أحد منهم أو توبيخه.
لاَ تَضَعْ يَداً عَلَى أَحَدٍ بِٱلْعَجَلَةِ لتعيينه شيخاً أو شماساً. وذكر وضع اليد بناء على العادة المألوفة يومئذ وهي أن يضع الشيوخ أيديهم على الذين يريدون تعيينهم لخدمة الكنيسة (ص ٤: ١٤ وأعمال ٦: ٦ و٨: ١٧). وأمره قبل أن يرسم أحداً أن يتأمل وقتاً كافياً لتحقق تقواه وأن له الصفات الضرورية للأسقفية أو الشماسية وأهمية هذا الأمر تمنع من العجلة لأن خير نفوس الناس الأبدي متوقف عليه.
ونهى الرسول لتيموثاوس عن رسم أحد بالعجلة لا يستلزم أنه يرسمه وحده لأن رسم خادم الدين كان يتم باتفاق المجمع المشيخي.
وَلاَ تَشْتَرِكْ فِي خَطَايَا ٱلآخَرِينَ بسكوتك عنها أو فعلك إياها. ونفهم من القرينة أنه أراد بهذه الخطايا رسم من ليسوا أهلاً للقسيّة أو الشماسية. وارتكب هذه الخطايا من رسموا من لم يفحصوا عنهم الفحص الواجب. فمن رسم مثل هؤلاء فهو مشترك في الخطايا التي يرتكبها مرسوموه وفي ما يسببونه من أذى الكنيسة لأنهم إذا ضلوا في التعليم أو العمل أضروا بالكنيسة إضراراً أكثر من إضرار غير المرسومين. وما صدق في شأن رسم خدم الدين يصدق في غيره فلا يجوز للمسيحي أن يشترك في العمل الذي يجبره هو ورفقاءه على تدنيس يوم الرب ولا في صنع المسكرات وبيعها ولا في المقامرة أو في الاتجار بالعبيد. وعلى الجملة يجب عليه أن يعتزل كل عمل يدعو عامله إلى الخداع والكذب والظلم.
اِحْفَظْ نَفْسَكَ طَاهِراً زاد هذا الأمر على نهيه إياه عن رسم غير الطاهرين فأوجب عليه طهارة الفكر والقول والعمل ويتم ذلك باعتزال خطايا غيره وكل التجارب والإصغاء إلى الأساطير العشقية والأغاني الباطلة والنظر إلى الصور المهيجة الشهوات الرديئة ومشاهدة تمثيل الملاعب العاري من الحشمة.
وجوب مداراة صحته واتخاذ الوسائل إلى ذلك ع ٢٣
٢٣ «لاَ تَكُنْ فِي مَا بَعْدُ شَرَّابَ مَاءٍ، بَلِ ٱسْتَعْمِلْ خَمْراً قَلِيلاً مِنْ أَجْلِ مَعِدَتِكَ وَأَسْقَامِكَ ٱلْكَثِيرَةِ».
مزمور ١٠٤: ١٥
لاَ تَكُنْ فِي مَا بَعْدُ شَرَّابَ مَاءٍ، بَلِ ٱسْتَعْمِلْ خَمْراً قَلِيلاً كتب بولس بحرّية ومحبة أب لابنه ومعلم لتلميذه. فكما كان مهتماً بأمور تيموثاوس الأدبية ونصح النصائح الموافقة كذلك اهتم بصحة جسده فإنه إذ عرف كثرة أتعابه وضعف بدنه أشار عليه باستعمال مقوٍ. والعبارة تدل على أن تيموثاوس كان مقتصراً على شرب الماء دون سائر المشروبات فرأى لزيادة اختباره إياه ومعرفة أحوال صحته أنه يحتاج إلى ما هو أقوى من الماء فأشار عليه باستعمال قليل من الخمر.
مِنْ أَجْلِ مَعِدَتِكَ وَأَسْقَامِكَ ٱلْكَثِيرَةِ هذا دليل على أن تيموثاوس كان ضعيف البنية وعرضة لأوجاع وأمراض كثيرة. ووصف بولس له استعمال الخمر دواء لا يستلزم جواز رشف المسكرات لمجرد اللذة لأنه نصح لا أمر وكان الموصوف قليلاً لمن لم يعتد شربه وكان ذا أسقام كثيرة فهو لا يمنع من وجوب امتناع الإنسان عن المسكرات حين يكون شربه إياها حاملاً غيره على الإكثار منها. ولا نعلم علة هذا النصح في هذه الرسالة فذهب بعضهم أن بولس ذكر ذلك دفعاً لتوهم تيموثاوس من أنه أراد بقوله له «احفظ نفسك طاهراً» أن يعتزل شرب الخمر بناء على كونه محظوراً على كهنة العهد القديم وهم يمارسون التكهين (لاويين ١٠: ٩ و١٠). وكان خدم الدين مأمورين خصوصاً بالطهارة بدليل قوله «تَطَهَّرُوا يَا حَامِلِي آنِيَةِ ٱلرَّبِّ» (إشعياء ٥٢: ١١).
التمييز بين الخطايا بأن بعضها ظاهر منذ ارتكابه وغيره مخفي إلى القضاء. ووجوب أن لا يسرع إلى الحكم بمقتضى الظاهر وأن يحترس من الحكم بلا تروٍ ع ٢٤ و٢٥
٢٤ «خَطَايَا بَعْضِ ٱلنَّاسِ وَاضِحَةٌ تَتَقَدَّمُ إِلَى ٱلْقَضَاءِ، وَأَمَّا ٱلْبَعْضُ فَتَتْبَعُهُمْ».
غلاطية ٥: ١٩
كتب بولس هذه الآية وما بعدها مساعدة لتيموثاوس على معرفة من يجب أن يعيّن لخدمة الكنيسة ومن يجب أن يرفض وجوب كل الاعتناء والحكمة في الحكم. ولذلك صرّح بأنه يوجد نوعان من الأشرار ونوعان من الصالحين يعرضون أنفسهم للخدمة الدينية فان عليه أن ينتبه إلى الغاية للتمييز بين نوعي كل من الفريقين لئلا يُخدع.
خَطَايَا بَعْضِ ٱلنَّاسِ وَاضِحَةٌ تَتَقَدَّمُ إِلَى ٱلْقَضَاءِ هذا النوع الثاني من غير اللائقين بخدمة الكنيسة وسهل عليه أن يعرف ذنوبهم فلا خطر عليه من أن يُخدع إذ خطاياهم غير مستورة فتشهد على صفاتهم أقوالهم وأعمالهم وقد اشتهروا كثيراً وحكم العامة عليهم سبق فحص الكنيسة ونوابها فمن الواضح أن لا يُعين مثل هؤلاء لخدمة الكنيسة مهما اشتهروا بالفصاحة والمقام والغنى. والمراد «بالقضاء» هنا حكم الكنيسة باللياقة أو عدمها أو المراد به قضاء الله يوم الدين.
وَأَمَّا ٱلْبَعْضُ فَتَتْبَعُهُمْ هذا هو النوع الثاني من غير المستحقين أنهم لا يظهرون للناس ما في قلوبهم وهم محتالون يخدعون الناس بأنهم صالحون لكن بعد قليل تشهد عليهم أعمالهم الشريرة وتظهر الحقيقة حتى لا يبقى شك في أمرهم وهم يُعاقبون أمام منبر الله الذي «يَعْرِفُ خَفِيَّاتِ ٱلْقَلْبِ» (مزمور ٤٤: ٢١). وقصد الرسول من ذلك تحذير تيموثاوس من أن يُخدع بظواهر الناس واعترافهم وعدم طعن الناس فيهم فيجعل الأشرار المرائين رعاة للكنيسة.
٢٥ «كَذٰلِكَ أَيْضاً ٱلأَعْمَالُ ٱلصَّالِحَةُ وَاضِحَةٌ، وَٱلَّتِي هِيَ خِلاَفُ ذٰلِكَ لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى».
إن تيموثاوس كما كان عرضة للخطإ في الحكم على الأشرار بأنهم أبرار كان كذلك في الحكم على الأبرار بأنهم أشرار.
كَذٰلِكَ أَيْضاً ٱلأَعْمَالُ ٱلصَّالِحَةُ وَاضِحَةٌ تتقدم إلى القضاء وتشهد شهادة صريحة بفضل الذين يعملونها فلا خوف من أن يُحسبوا أشراراً فلا داعي إلى تأخير رسمهم معلمين ومبشرين في الكنيسة لسبق صيتهم الحسن إلى القضاء وشهادته بصلاحهم.
وَٱلَّتِي هِيَ خِلاَفُ ذٰلِكَ الخ أي الأعمال الصالحة التي غير واضحة في أول الأمر لا بد من أن تظهر بعد على وفق قول المسيح «مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ» (متّى ٧: ١٦). وكذلك أعمال الأشرار لا تخفى دائماً فإن الله سيعلن فضائل الصالحين في الوقت الذي يريده والطريق التي يستحسنها. فكان على تيموثاوس أن يصلي ويطلب إرشاد الرب قبل أن يعتمد رفض المتقدمين لخدمة الكنيسة فإنه إذا لم يكن مثل هؤلاء معروفين على الأرض ونائلين ما يستحقونه من الناس يثيبهم الله في السماء. وخلاصة هاتين الآيتين أن يحترس تيموثاوس من العجلة في الحكم لئلا يحسب الشرير صالحاً والصالح شريراً.
السابق |
التالي |