سفر صموئيل الثاني | 22 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر صموئيل الثاني
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي وَٱلْعِشْرُونَ
إن هذا النشيد هو نفس المزمور الثامن عشر تقريباً. كتبه داود في اليوم الذي أنقذه فيه الرب من أيدي كل أعدائه لا سيما شاول. وهذا جرى بعد الأصحاح الثامن الذي فيه ذكر انتصاراته. والأرجح أنه كان قبل الأصحاح الحادي عشر الذي ابتدأ فيه يخبر خطيئته وعواقبها لأن في هذا النشيد يذكر برّه وطهارة يديه وحفظه طرق الرب وكماله لديه (ع ٢١ – ٢٥) فيختلف هذا النشيد عن المزمور الحادي والخمسين الذي فيه اعترف بخطيئته وطلب المغفرة.
١ – ٤ «١ وَكَلَّمَ دَاوُدُ ٱلرَّبَّ بِكَلاَمِ هٰذَا ٱلنَّشِيدِ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلَّذِي أَنْقَذَهُ فِيهِ ٱلرَّبُّ مِنْ أَيْدِي كُلِّ أَعْدَائِهِ وَمِنْ يَدِ شَاوُلَ، ٢ فَقَالَ: اَلرَّبُّ صَخْرَتِي وَحِصْنِي وَمُنْقِذِي، ٣ إِلٰهُ صَخْرَتِي بِهِ أَحْتَمِي. تُرْسِي وَقَرْنُ خَلاَصِي. مَلْجَإِي وَمَنَاصِي. مُخَلِّصِي، مِنَ ٱلظُّلْمِ تُخَلِّصُنِي. ٤ أَدْعُو ٱلرَّبَّ ٱلْحَمِيدَ فَأَتَخَلَّصُ مِنْ أَعْدَائِي».
مزمور ١٨: ٢ – ٥٠ خروج ١٥: ١ وتثنية ٣١: ٣٠ و١صموئيل ٢٣: ٢٥ و٢٤: ٢ ومزمور ٣١: ٣ و٧١: ٣ تثنية ٣٢: ٤ و٣٧ و١صموئيل ٢: ٢ وتكوين ١٥: ١ وتثنية ٣٣: ٢٩ تثنية ٣٣: ١٧ ولوقا ١: ١٩ مزمور ٩: ٩ مزمور ٤٨: ١ و ٩٦: ٤
وَمِنْ يَدِ شَاوُلَ من أعدائه يذكر شاول فقط لأنه كان أعظمهم وكانت النتيجة أنه خلص منه وتبوأ العرش.
اَلرَّبُّ صَخْرَتِي في النشيد تشبيهات كثيرة تشير إلى حروبه ولا سيما هربه من شاول إلى الصخرة في (١صموئيل ٢٣: ٢٥ و٢٨) والحصون في (١صموئيل ٢٣: ١٤ و١٩ و٢٩) وصخور الوعول في (١صموئيل ٢٤: ٢).
إِلٰهُ صَخْرَتِي أو إلهي صخرتي. الصخرة تشير إلى قوة الله وأمانته وعدم تغيّره. لاحظ درجات القوة. صخرة. حصن. الله (تثنية ٣٢: ٤ و٣٧ و١صموئيل ٢: ٢).
تُرْسِي انظر وعد الله لإبراهيم (تكوين ١٥: ١.
قَرْنُ خَلاَصِي القرن يشير إلى القدرة. والله هو القدير الذي خلصه (تثنية ٣٣: ١٧).
أَدْعُو ٱلرَّبَّ لا يقول إنه دعا الرب كأنه دعاه مرة واحدة فقط. بل إنه يدعوه أي يدعوه على الدوام وهو معتاد دعاء الرب.
٥ – ٧ «٥ لأَنَّ أَمْوَاجَ ٱلْمَوْتِ ٱكْتَنَفَتْنِي. سُيُولُ ٱلْهَلاَكِ أَفْزَعَتْنِي. ٦ حِبَالُ ٱلْهَاوِيَةِ أَحَاطَتْ بِي. شُرُكُ ٱلْمَوْتِ أَصَابَتْنِي. ٧ فِي ضِيقِي دَعَوْتُ ٱلرَّبَّ وَإِلَى إِلٰهِي صَرَخْتُ، فَسَمِعَ مِنْ هَيْكَلِهِ صَوْتِي وَصُرَاخِي دَخَلَ أُذُنَيْهِ».
مزمور ٦٣: ٤ ويونان ٢: ٣ مزمور ٦٩: ١٤ و١٥ مزمور ١١٦: ٣ مزمور ١١٦: ٤ و١٢٠: ١
شبّه الأخطار بأمواج وسيول. وكان بعضها أخطار الحيل والغش فشبهها بحبال وشُرُك. والهاوية هي مكان الأموات.
فَسَمِعَ مِنْ هَيْكَلِهِ أي من السماء مسكنه.
٨ – ١٦ «٨ فَٱرْتَجَّتِ ٱلأَرْضُ وَٱرْتَعَشَتْ. أُسُسُ ٱلسَّمَاوَاتِ ٱرْتَعَدَتْ وَٱرْتَجَّتْ، لأَنَّهُ غَضِبَ. ٩ صَعِدَ دُخَانٌ مِنْ أَنْفِهِ، وَنَارٌ مِنْ فَمِهِ أَكَلَتْ. جَمْرٌ ٱشْتَعَلَتْ مِنْهُ. ١٠ طَأْطَأَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَنَزَلَ وَضَبَابٌ تَحْتَ رِجْلَيْهِ. ١١ رَكِبَ عَلَى كَرُوبٍ وَطَارَ، وَرُئِيَ عَلَى أَجْنِحَةِ ٱلرِّيحِ. ١٢ جَعَلَ ٱلظُّلْمَةَ حَوْلَهُ مَظَلاَّتٍ، مِيَاهاً مُتَجَمِّعَةً وَظَلاَمَ ٱلْغَمَامِ. ١٣ مِنَ ٱلشُّعَاعِ قُدَّامَهُ ٱشْتَعَلَتْ جَمْرُ نَارٍ. ١٤ أَرْعَدَ ٱلرَّبُّ مِنَ ٱلسَّمَاوَاتِ، وَٱلْعَلِيُّ أَعْطَى صَوْتَهُ. ١٥ أَرْسَلَ سِهَاماً فَشَتَّتَهُمْ، بَرْقاً فَأَزْعَجَهُمْ. ١٦ فَظَهَرَتْ أَعْمَاقُ ٱلْبَحْرِ، وَٱنْكَشَفَتْ أُسُسُ ٱلْمَسْكُونَةِ مِنْ زَجْرِ ٱلرَّبِّ، مِنْ نَسْمَةِ رِيحِ أَنْفِهِ».
قضاة ٥: ٤ ومزمور ٩٧: ٤ أيوب ٢٦: ١١ وعبرانيين ١٢: ٢٩ ع ١٣ خروج ١٩: ١٦ و١ملوك ٨: ١٢ ومزمور ٩٧: ٢ وناحوم ١: ٣ ص ٦: ٢ مزمور ١٠٤: ٣ أيوب ٣٦: ٢٩ ع ٩ أيوب ٣٧: ٢ – ٥ ومزمور ٢٩: ٣ تثنية ٣٢: ٢٣ ويشوع ١٠: ١٠ و١صموئيل ٧: ١٠ خروج ١٥: ٨ وناحوم ١: ٤
ٱرْتَجَّتِ ٱلأَرْضُ وصف بهذا الفصل نوءاً عظيماً مخيفاً ذكر فيه الرعود والبروق والرياح والغمام. انظر خبر نزول الحرب على جبل سيناء (خروج ١٩: ١٦ – ١٨) وليس من الضرورة أن يكون الرب قد خلّص داود بواسطة نوء حقيقي لأن الكلام هنا مجاز يصف قدرة الله وجلاله بألفاظ وتشبيهات شعرية تصورية.
أُسُسُ ٱلسَّمَاوَاتِ الجبال. لأن السموات قائمة عليها حسب الظاهر. قال أيوب أعمدة السموات (أيوب ٢٦: ١١).
صَعِدَ دُخَانٌ مِنْ أَنْفِهِ وصف بألفاظ بشرية وتشبيهات مفهومة غضب الله على أعدائه (أيوب ٤١: ٢٠). والنار رمز إلى غضب الله (تثنية ٣٢: ٢٢ مزمور ٩٧: ٣ عبرانيين ١٢: ٢٩).
طَأْطَأَ ٱلسَّمَاوَاتِ (ع ١٠) السحاب مركبته (مزمور ١٠٤: ٣) فطأطأ السموات حينما نزل لينقذ عبده. كما نزل على جبل سيناء (خروج ١٩: ١٦) ينزل الله ليُظهر قوته في العالم (تكوين ١١: ٧ و١٨: ٢١ إشعياء ٦٤: ١) والضباب يشير إلى طرقه التي لا نقدر أن نفهمها غير أنها كلها مستقيمة (مزمور ٩٧: ٢).
كَرُوبٍ (ع ١١) وجمع كروب بالعبرانية كروبيم. وكان كروبان على غطاء التابوت في خيمة الاجتماع في قدس الأقداس. وتكلم الله مع موسى من على الغطاء من بين الكروبين. وكانت الكروبين ترمز إلى الملائكة الذين يخدمون الله. جلس الله على الكروبيم في خيمة الاجتماع مسكنه (٢صموئيل ٦: ٢) وركب على كروب عندما أتى لينقذ عبده.
وَرُئِيَ عَلَى أَجْنِحَةِ ٱلرِّيحِ في (مزمور ١٨: ١٠) وهفّ الخ أي أسرع في سيره. وهفت الريح إذا سُمع صوت هبوبها.
مَظَلاَّتٍ (ع ١٢) هي اللفظة والغمام الكثيرة المياه أي مياه حاشكة فلا يُرى الرب من ورائها كما لا يُرى من الخارج الساكن في مظلة.
مِنَ ٱلشُّعَاعِ قُدَّامَهُ (ع ١٣) إشارة إلى البروق التي تخرج من السحابة.
وَٱلْعَلِيُّ أَعْطَى صَوْتَهُ تسمى الله العلي لكونه إله كل الأرض وفوق الكل (تكوين ١٤: ١٨ – ٢٢) والرعود صوت الله.
فَشَتَّتَهُمْ (ع ١٥) شتّت أعداءه وأعداء داود وخلصه منهم. كما أزعج المصريين (خروج ١٤: ٢٤) وملوك الأموريين (يشوع ١٠: ١٠) وسيسرا (قضاة ٤: ١٥) والفلسطينيين على عهد صموئيل (١صموئيل ٧: ١٠).
ظَهَرَتْ أَعْمَاقُ ٱلْبَحْرِ (ع ١٦) اعترف البحر بربه وأطاع كلامه. كالبحر الأحمر عندما عبره بنو إسرائيل وبحر الجليل حينما انتهره يسوع (متّى ٨: ٢٦).
١٧ – ٢١ «١٧ أَرْسَلَ مِنَ ٱلْعُلَى فَأَخَذَنِي. نَشَلَنِي مِنْ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ. ١٨ أَنْقَذَنِي مِنْ عَدُوِّيَ ٱلْقَوِيِّ، مِنْ مُبْغِضِيَّ لأَنَّهُمْ أَقْوَى مِنِّي. ١٩ أَصَابُونِي فِي يَوْمِ بَلِيَّتِي وَكَانَ ٱلرَّبُّ سَنَدِي. ٢٠ أَخْرَجَنِي إِلَى ٱلرُّحْبِ. خَلَّصَنِي لأَنَّهُ سُرَّ بِي. ٢١ يُكَافِئُنِي ٱلرَّبُّ حَسَبَ بِرِّي. حَسَبَ طَهَارَةِ يَدَيَّ يَرُدُّ عَلَيَّ».
مزمور ١٤٤: ٧ خروج ٢: ١٠ مزمور ٢٣: ٤ مزمور ٣١: ٨ و١١٨: ٥ ص ١٥: ٢٦ و١صموئيل ٢٦: ٢٣ و١ملوك ٨: ٣٢ مزمور ٢٤: ٤
أَرْسَلَ مِنَ ٱلْعُلَى كأنه مدّ يده من العلى ليخلص داود.
نَشَلَنِي مِنْ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ كما نشل الرب موسى من مياه النيل ليكون قائداً ومخلصاً. هكذا نشل داود من مياه الضيقات الكثيرة العظيمة وجعله قائداً وملكاً على شعبه إسرائيل.
لأَنَّهُ سُرَّ بِي سرّ الرب به حينما اختاره ومسحه ملكاً على إسرائيل قبل أن يعمل ما يؤهله إلى ذلك المنصب السامي. وسرّ به إذ حفظه ونصره وثبت كرسيه. وسرّ به إذ وعده مواعيد كثيرة وعظيمة. وسرّ به لأنه كان يحب الرب ويسمع لكلامه وقصد من كل قلبه أن يعمل مشيئته. ولم يسر بخطاياه بل بقبوله الإنذار والتأديب واعترافه بخطاياه والرجوع عنها إلى الرب.
٢٢ – ٢٥ «٢٢ لأَنِّي حَفِظْتُ طُرُقَ ٱلرَّبِّ وَلَمْ أَعْصِ إِلٰهِي. ٢٣ لأَنَّ جَمِيعَ أَحْكَامِهِ أَمَامِي وَفَرَائِضُهُ لاَ أَحِيدُ عَنْهَا. ٢٤ وَأَكُونُ كَامِلاً لَدَيْهِ وَأَتَحَفَّظُ مِنْ إِثْمِي. ٢٥ فَيَرُدُّ ٱلرَّبُّ عَلَيَّ كَبِرِّي وَكَطَهَارَتِي أَمَامَ عَيْنَيْهِ».
تكوين ١٨: ١٩ ومزمور ١٢٨: ١ وأمثال ٨: ٣٢ تثنية ٦: ٦ – ٩ ومزمور ١١٩: ٣٠ و١٠٢ تكوين ٦: ٩ و٧: ١ وأفسس ١: ٤ وكولوسي ١: ٢١ و٢٢ ع ٢١
بما أن داود كان رمزاً إلى المسيح جعل روح الله في فمه كلاماً يوافق المسيح الذي وحده كان باراً وطاهر اليدين وحفظ طرق الرب ولم يعصه. وأما داود فتكلم عما نوى وقصد. وهو وإن أخطأ خطايا كثيرة كان يكشف قلبه ويظهر ما عمله الرب ويقول بكل ثقة كما قال بطرس بعد ما أنكر الرب. «يا رب أنت تعلم كل شيء. أنت تعرف إني أحبك». انظر شهادة داود لنفسه (١صموئيل ٢٦: ٢٣) وشهادة الرب له (١ملوك ١٤: ١٨) وشهادة المؤرخ في (١ملوك ١٥: ١١).
٢٦ – ٢٨ «٢٦ مَعَ ٱلرَّحِيمِ تَكُونُ رَحِيماً. مَعَ ٱلرَّجُلِ ٱلْكَامِلِ تَكُونُ كَامِلاً. ٢٧ مَعَ ٱلطَّاهِرِ تَكُونُ طَاهِراً وَمَعَ ٱلأَعْوَجِ تَكُونُ مُلْتَوِياً. ٢٨ وَتُخَلِّصُ ٱلشَّعْبَ ٱلْبَائِسَ، وَعَيْنَاكَ عَلَى ٱلْمُتَرَفِّعِينَ فَتَضَعُهُمْ».
متّى ٥: ٧ متّى ٥: ٨ و١يوحنا ٣: ٣ لاويين ٢٦: ٢٣ و٢٤ ورومية ١: ٢٨ خروج ٣: ٧ ومزمور ٧٢: ١٢ و١٣ إشعياء ٢: ١١ و١٢ و١٧ و٥: ١٥
مَعَ ٱلرَّحِيمِ تَكُونُ رَحِيماً قال يسوع (مزمور ٥: ٧) طوبى للرحماء لأنهم يُرحمون. أي إن الذي يرحم الناس يرحمه الله.
ٱلرَّجُلِ ٱلْكَامِلِ الكامل في خدمة الله وخدمة الإنسان له مواعيد الله بكمالها ومحبة الله الكاملة وعنايته على الدوام.
مَعَ ٱلطَّاهِرِ قال يسوع (متّى ٥: ٨) إن الأتقياء القلب يرون الله. أي إن الله وهو الطاهر يُري نفسه للطاهري القلب.
تَكُونُ مُلْتَوِياً كما جعل الرب روح كذب في أفواه الأنبياء لكي يغشوا أخاب الذي كان قد رفض كلام الرب بفم ميخا وبفم إيليا وأحب الكلام الكذب (١ملوك ٢٢: ٢٣). وهكذا بلعام (عدد ٢٢: ٢٠) انظر أيضاً (لاويين ٢٦: ٢٣ و٢٤ ورومية ١: ٢٨ ورؤيا ٢٢: ١١).
ٱلشَّعْبَ ٱلْبَائِسَ والبائس هنا هو البائس بعيني نفسه لا يفتخر بأعماله ولا يتكل على قدرته بل يتكل على الرب. وعلى هذا يجب على كل إنسان أن يكون مسكيناً بالروح مهما كان غنياً بالمال أو عالماً بالعلوم.
٢٩ – ٣١ «٢٩ لأَنَّكَ أَنْتَ سِرَاجِي يَا رَبُّ، وَٱلرَّبُّ يُضِيءُ ظُلْمَتِي. ٣٠ لأَنِّي بِكَ ٱقْتَحَمْتُ جَيْشاً. بِإِلٰهِي تَسَوَّرْتُ أَسْوَاراً. ٣١ اَللّٰهُ طَرِيقُهُ كَامِلٌ وَقَوْلُ ٱلرَّبِّ نَقِيٌّ. تُرْسٌ هُوَ لِجَمِيعِ ٱلْمُحْتَمِينَ بِهِ».
ص ٢١: ١٧ ومزمور ٢٧: ١ و١ملوك ١١: ٣٦ ص ٥: ٦ – ٨ تثنية ٣٢: ٤ ومتّى ٥: ٤٨ مزمور ١٢: ٦ و١١٩: ١٤٠ وأمثال ٣٠: ٥ ع ٣ ومزمور ٨٤: ٩
سِرَاجِي نظن لأول وهلة أن الأفضل لداود أن يشبه الرب بالشمس لا بالسراج لأن الشمس أقوى من السراج نوراً وتضيء للعالم كله. ولكننا عندما نعلم أن الإنسان يمكنه أن يملك السراج دون سواه ويستعمله في بيته وعند الحاجة نستصوب القول. يقدر الإنسان أن يقول سراجي ولا يقدر أن يقول شمسي. وداود في زمانه اقتحم جيوشاً (ع ٣٠) وتسور أسواراً كثيرة وهنا يعترف بأن قوته ونجاحه كانا من الرب. انظر اقتحام جيش العمالقة (١صموئيل ٣٠) وتسور أسوار حصن صهيون (٥: ٦ – ٨).
اَللّٰهُ طَرِيقُهُ كَامِلٌ يظهر ذلك من أقوال الكتاب المقدس ومن اختبار جميع القديسين. في الأمور الكثيرة التي لا نقدر أن نفهمها يجب أن يكون لنا إيمان بأن الرب يدبرها حسناً.
وَقَوْلُ ٱلرَّبِّ نَقِيٌّ (ع ٣٠) كفضة مصفاة ممحصة سبع مرات (مزمور ١٢: ٦) ليس فيه شيء من الغلط والغش كأقوال الناس.
٣٢ – ٣٧ «٣٢ لأَنَّهُ مَنْ هُوَ إِلٰهٌ غَيْرُ ٱلرَّبِّ، وَمَنْ هُوَ صَخْرَةٌ غَيْرُ إِلٰهِنَا؟ ٣٣ ٱلإِلٰهُ ٱلَّذِي يُعَزِّزُنِي بِٱلْقُوَّةِ، وَيُصَيِّرُ طَرِيقِي كَامِلاً. ٣٤ ٱلَّذِي يَجْعَلُ رِجْلَيَّ كَٱلإِيَّلِ وَعَلَى مُرْتَفَعَاتِي يُقِيمُنِي ٣٥ ٱلَّذِي يُعَلِّمُ يَدَيَّ ٱلْقِتَالَ فَتُحْنَى بِذِرَاعَيَّ قَوْسٌ مِنْ نُحَاسٍ. ٣٦ وَتَجْعَلُ لِي تُرْسَ خَلاَصِكَ وَلُطْفُكَ يُعَظِّمُنِي. ٣٧ تُوَسِّعُ خُطُوَاتِي تَحْتِي فَلَمْ تَتَقَلْقَلْ كَعْبَايَ».
١صموئيل ٢: ٢ ع ٢ ومزمور ٣١: ٣ و٤ ص ٢: ١٨ وحبقوق ٣: ١٩ تثنية ٣٢: ١٣ مزمور ١٤٤: ١ أيوب ٢٠: ٢٤ أفسس ٦: ١٦ و١٧ ع ٢٠ وأمثال ٤: ١٢
كانت القوة الجسدية أعظم شيء في الحروب القديمة وامتاز داود بهذه القوة فكان سريعاً في الركض وكان يحني قوساً من النحاس وكان طريقه كاملاً أي كان له كل ما يلزمه من القوة. واعترف بأن هذه كلها من الرب فلم يفتخر بها بل شكر الله من أجلها.
يُعَلِّمُ يَدَيَّ ٱلْقِتَالَ (ع ٣٥) كان داود عبد الرب فحارب بأمره وقوته وحكمته لأجل إقامة العدل والحق في الأرض.
لُطْفُكَ يُعَظِّمُنِي وصف داود سابقاً عظمة الله وعبّر عنها بذكر السحب والأرياح والرعود والبروق ولكن هذه القدرة غير المحدودة يمارسها لأجل شعبه لتحامي عنهم وتنتقم لهم من أعدائهم. وأظهر الله لطفه إلى كل بني البشر بالرب يسوع المسيح الذي تنازل وتجسد وخدم المساكين والحزانى والمرضى والضعفاء والنساء والأولاد والخطأة. ولم يقصف القصبة المرضوضة ولم يطفئ الفتيلة المدخنة (متّى ١٢: ٢٠).
٣٨ – ٤٣ «٣٨ أَلْحَقُ أَعْدَائِي فَأُهْلِكُهُمْ، وَلاَ أَرْجِعُ حَتَّى أُفْنِيَهُمْ. ٣٩ أُفْنِيهِمْ وَأَسْحَقُهُمْ فَلاَ يَقُومُونَ، بَلْ يَسْقُطُونَ تَحْتَ رِجْلَيَّ. ٤٠ تُنَطِّقُنِي قُوَّةً لِلْقِتَالِ، وَتَصْرَعُ ٱلْقَائِمِينَ عَلَيَّ تَحْتِي. ٤١ وَتُعْطِينِي أَقْفِيَةَ أَعْدَائِي وَمُبْغِضِيَّ فَأُفْنِيهِمْ. ٤٢ يَتَطَلَّعُونَ فَلَيْسَ مُخَلِّصٌ، إِلَى ٱلرَّبِّ فَلاَ يَسْتَجِيبُهُمْ. ٤٣ فَأَسْحَقُهُمْ كَغُبَارِ ٱلأَرْضِ. مِثْلَ طِينِ ٱلأَسْوَاقِ أَدُقُّهُمْ وَأَدُوسُهُمْ».
خروج ١٥: ٩ ملاخي ٤: ٣ مزمور ٤٤: ٥ خروج ٢٣: ٢٧ ويشوع ١٠: ٢٤ إشعياء ١٧: ٧ و٨ و١صموئيل ٢٨: ٦ وإشعياء ١: ١٥ و٢ملوك ١٣: ٧ إشعياء ١٠: ٦ وميخا ٧: ١٠
إن داود لم يشعر بخطيئة بسحقه أعداءه وافتخاره بهذا بل رأى أنه عمل مشيئة الرب. الرب هو الذي أمطر على سدوم وعمورة كبريتاً وناراً وغرّق المصريين في البحر وأهلك شعوب كنعان عن يد يشوع والمديانيين والعمالقة والفلسطينيين عن يد القضاة. لأنهم كانوا أشراراً ومقاومين للرب وهو الطاهر القدوس. فيجب علينا أن لا نستخف بالخطيئة. وفي حياة كل مؤمن حرب روحية فنحارب شهواتنا الجسدية والطمع والكبرياء ولا نرضى عن الشرور ولا عن بقائها في قلوبنا أو في العالم.
وَتُعْطِينِي أَقْفِيَةَ أَعْدَائِي (ع ٤١) حمل الرب أعداءه على الهرب أمامه (خروج ٢٣: ٢٧).
إِلَى ٱلرَّبِّ فَلاَ يَسْتَجِيبُهُمْ (ع ٤٢). إن الرب يستجيب الصلاة ومن يُقبل إليه لا يخرجه خارجاً ولكن من يزدري برحمته ويرفض خلاصه سيصل أخيراً إلى وقت غير مقبول فيصرخ إليه فلا يستجيب (أمثال ١: ٢٤ – ٣٣).
٤٤ – ٤٦ «٤٤ وَتُنْقِذُنِي مِنْ مُخَاصَمَاتِ شَعْبِي وَتَحْفَظُنِي رَأْساً لِلأُمَمِ. شَعْبٌ لَمْ أَعْرِفْهُ يَتَعَبَّدُ لِي. ٤٥ بَنُو ٱلْغُرَبَاءِ يَتَذَلَّلُونَ لِي. مِنْ سَمَاعِ ٱلأُذُنِ يَسْمَعُونَ لِي. ٤٦ بَنُو ٱلْغُرَبَاءِ يَبْلُونَ وَيَزْحَفُونَ مِنْ حُصُونِهِمْ».
ص ٣: ١ و١٩: ٩ و١٤ ص ٨: ١ – ١٤ إشعياء ٥٥: ٥ مزمور ٦٦: ٣ و٨١: ١٥ و١صموئيل ١٤: ١١ وميخا ٧: ١٧
مُخَاصَمَاتِ شَعْبِي إشارة إلى مقاومة بيت شاول لداود في السنين الأولى من ملكه.
رَأْساً لِلأُمَمِ إشارة إلى امتداد ملكه وسؤدده على أرام وعمون وموآب وغيرهم (٨: ١ – ١٤) وانظر ما قيل فيه كونه رمزاً للمسيح في (مزمور ٢: ٨).
مِنْ سَمَاعِ ٱلأُذُنِ (٤٥) كما أرسل توعي ملك حماة هدايا ثمينة لداود لأنه كان سمع أن داود قد ضرب آرام (٨: ٩ – ١١) وكان توعي وشعبه من الغرباء ومن الذين لم يعرفهم داود.
والمسيح احتمل مخاصمات شعبه اليهود والله حفظه وأقامه من الأموات ليصير رأساً للأمم. ولم يجتمع يسوع مع الأمم وهو على الأرض في الجسد ولكنهم سمعوا له أي آمنوا به من سماع الأذن أي من تبشير الرسل وغيرهم في القديم وفي أيامنا. ولنا نبوة هنا أن ممالك العالم ستصير لربنا ومسيحه. غير أن هذا الملك الروحي لا يُغني عن ملك ملوك هذا العالم بل يكون بواسطتهم.
٤٧ – ٥١ «٤٧ حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ وَمُبَارَكٌ صَخْرَتِي، وَمُرْتَفَعٌ إِلٰهُ صَخْرَةِ خَلاَصِي، ٤٨ ٱلإِلٰهُ ٱلْمُنْتَقِمُ لِي وَٱلْمُخْضِعُ شُعُوباً تَحْتِي، ٤٩ وَٱلَّذِي يُخْرِجُنِي مِنْ بَيْنِ أَعْدَائِي وَيَرْفَعُنِي فَوْقَ ٱلْقَائِمِينَ عَلَيَّ، وَيُنْقِذُنِي مِنْ رَجُلِ ٱلظُّلْمِ. ٥٠ لِذٰلِكَ أَحْمَدُكَ يَا رَبُّ فِي ٱلأُمَمِ وَلاسْمِكَ أُرَنِّمُ. ٥١ بُرْجُ خَلاَصٍ لِمَلِكِهِ وَٱلصَّانِعُ رَحْمَةً لِمَسِيحِهِ، لِدَاوُدَ وَنَسْلِهِ إِلَى ٱلأَبَدِ».
ع ٣ ومزمور ٨٩: ٢٦ ص ٤: ٨ و١صموئيل ٢٤: ١٢ و٢٥: ٣٩ ومزمور ٩٤: ١ مزمور ١٤٤: ٢ مزمور ٤٤: ٥ مزمور ١٤: ١ و٤ و١١ رومية ١٥: ٩ مزمور ١٤٤: ١٠ مزمور ٨٩: ٢٤ ص ٧: ١٢ – ١٦
حَيٌّ هُوَ ٱلرَّبُّ بخلاف آلهة الأمم التي ليس لها حياة وبخلاف بني البشر الذين يحيون ويموتون. وعرف داود من اختباره أن الرب حي. لأنه صلى له فاستجابه. ووجد في حفظه وصاياه الأمان والنجاح ورأى أعماله العجيبة في العالم (يشوع ٣: ١٠) وشعر بمحبة الرب له ومحبته للرب.
صَخْرَةِ خَلاَصِي كالصخرة في القوة والثبات.
ٱلإِلٰهُ ٱلْمُنْتَقِمُ للرب النقمة (مزمور ٩٤: ١) انتقم لداود من شاول (٢صموئيل ٢٤: ١٢) ومن نابال (١صموئيل ٢٥: ٣٩) ومن إيشبوشث (٤: ٨).
ٱلْمُخْضِعُ شُعُوباً تَحْتِي (ع ٤٨) كان داود عبد الرب ورسوله لإقامة مملكة إسرائيل وتأسيسها وتنظيمها لتكون شعب الله. فكان خضوع الشعوب لداود بمثابة خضوعهم للرب.
رَجُلِ ٱلظُّلْمِ (ع ٤٩) إشارة إلى شاول.
فِي ٱلأُمَمِ (ع ٥٠) بواسطة خضوعهم لإسرائيل أتوا إلى معرفة الرب (مزمور ٩٦: ٣ و١٠) وبولس اقتبس هذا القول (رومية ١٥: ٩) ليُثبت أن انضمام الأمم إلى ملكوت الله هو من مواعيد الآباء.
لِدَاوُدَ وَنَسْلِهِ إِلَى ٱلأَبَدِ (ع ٥١) إشارة إلى الوعد في (٧: ١٢ – ١٦). فثبت الملك لنسل داود إلى سبي بابل. وأتى من نسله المسيح الذي به تتم جميع المواعيد فتشمل مملكته جميع الأمم وتثبت إلى الأبد.
السابق |
التالي |