صموئيل الثاني

سفر صموئيل الثاني | 06 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر صموئيل الثاني

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّادِسُ

١ – ٥ «١ وَجَمَعَ دَاوُدُ أَيْضاً جَمِيعَ ٱلْمُنْتَخَبِينَ فِي إِسْرَائِيلَ، ثَلاَثِينَ أَلْفاً. ٢ وَقَامَ دَاوُدُ وَذَهَبَ هُوَ وَجَمِيعُ ٱلشَّعْبِ ٱلَّذِي مَعَهُ مِنْ بَعَلَةِ يَهُوذَا لِيُصْعِدُوا مِنْ هُنَاكَ تَابُوتَ ٱللّٰهِ ٱلَّذِي يُدْعَى عَلَيْهِ بِٱسْمِ رَبِّ ٱلْجُنُودِ ٱلْجَالِسِ عَلَى ٱلْكَرُوبِيمِ. ٣ فَأَرْكَبُوا تَابُوتَ ٱللّٰهِ عَلَى عَجَلَةٍ جَدِيدَةٍ، وَحَمَلُوهُ مِنْ بَيْتِ أَبِينَادَابَ ٱلَّذِي فِي ٱلأَكَمَةِ. وَكَانَ عُزَّةُ وَأَخِيُو ٱبْنَا أَبِينَادَابَ يَسُوقَانِ ٱلْعَجَلَةَ ٱلْجَدِيدَةَ. ٤ فَأَخَذُوهَا مِنْ بَيْتِ أَبِينَادَابَ ٱلَّذِي فِي ٱلأَكَمَةِ مَعَ تَابُوتِ ٱللّٰهِ. وَكَانَ أَخِيُو يَسِيرُ أَمَامَ ٱلتَّابُوتِ ٥ وَدَاوُدُ وَكُلُّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ يَلْعَبُونَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ بِكُلِّ أَنْوَاعِ ٱلآلاَتِ مِنْ خَشَبِ ٱلسَّرْوِ بِٱلْعِيدَانِ وَبِالرَّبَابِ وَبِالدُّفُوفِ وَبِالْجُنُوكِ وَبِالصُّنُوجِ».

١أيام ١٣: ٥ – ١٤ يشوع ١٥: ٩ و١٠ و١صموئيل ٧: ١ لاويين ١٤: ١٦ خروج ٢٥: ٢٢ و٢صموئيل ٦: ٧ و١صموئيل ٧: ١ و١صموئيل ١٨: ٦ و٧ و١أيام ١٣: ٨

وَجَمَعَ دَاوُدُ أَيْضاً أولاً جاء جميع أسباط إسرائيل إلى حبرون ومسحوا داود ملكاً على إسرائيل (٥: ١ – ٣) ثم صعد داود إلى أورشليم وجعلها قصبة مملكته (٥: ٦ – ١٠) فانصرف الجماعة إلى أماكنهم وبعد هذا صعد الفلسطينيون لمحاربة داود (٥: ١٧ – ٢٥) فترك أورشليم ونزل إلى حصن عدلام ومنه صعد بأمر الرب وضرب الفلسطينيين إلى أرضهم. ثم أرسل حيرام خشباً وبنائين ليبنوا بيتاً لداود في أورشليم (٥: ١١) ثم جمع داود أيضاً منتخبين لإصعاد التابوت كما ذُكر في هذا الأصحاح.

ٱلْمُنْتَخَبِينَ ليس لأجل الحرب بل لأجل احتفال ديني.

ثَلاَثِينَ أَلْفاً والمقصود بهذا العدد الكبير أولاً احترام الرب واحترام عبادته. وثانياً اتحاد جميع إسرائيل لتعيين محل واحد لعبادتهم باحتفال ديني عظيم.

بَعَلَةِ يَهُوذَا وتسمّت أيضاً بعلة وقرية بعل وقرية يعاريم وهي مدينة من مدن الجبعونيين (يشوع ٩: ١٧) على تخم يهوذا وبنيامين ووضع التابوت فيها بعد إرجاعه من أرض الفلسطينيين (١صموئيل ٦: ١٩ – ٧: ٢) ولعلها قرية العنب الحالية.

تَابُوتَ ٱللّٰهِ (خروج ٢٥: ٣ – ٢٢) أخذ الإسرائيليون التابوت من شيلوه إلى ساحة الحرب في أيام عالي (١صموئيل ٤: ٤) ثم اغتصبه الفلسطينيون وهؤلاء بعدما احتملوا ضربات شديدة بسببه أرسلوه إلى بيت شمس بعجلة جديدة وأهل بيت شمس أرسلوه إلى قرية يعاريم إلى بيت أبيناداب (١صموئيل ٦: ٧ – ٧: ٢) فبقي في قرية يعاريم نحو ٧٠ سنة. وربما أخذه الإسرائيليون إلى محلة العسكر في زمان شاول (١صموئيل ١٤: ١٨) ثم ردوه إلى قرية يعاريم أي بعلة يهوذا.

بِٱسْمِ أي الله الذي اسمه فوق كل اسم (فيلبي ٢: ٩) وتكرار الألفاظ يدل على عظمة الاحترام.

ٱلْكَرُوبِيمِ (خروج ٢٥: ١٨ – ٢٢).

عَجَلَةٍ جَدِيدَةٍ كما عمل الفلسطينيون (١صموئيل ٦: ٧) ولكنهم خالفوا الناموس الآمر أن بني قهات من بني لاوي يحملونه (عدد ١: ٥١ و٤: ١٥) على أكتاف اللاويين وليس على عجلة. وداود ورجاله أهملوا هذا الأمر في الأول فضرب الرب عُزة ولكنهم انتبهوا إليه أخيراً (١أيام ١٥: ٢) وكان يجب على داود وأبياثار وغيرهما أن يعرفوا هذا الأمر. ولكننا لا نتعجب من غفلتهم لأن نسخ الكتاب المقدس كانت قليلة في القديم والأمر بشأن نقل التابوت هو من الأمور المختصة بمدة الجولان في القفر.

أَبِينَادَابَ لم يكن حياً وقتئذ ولكن بيته كان يُدعى باسمه بعد موته. والأرجح أن عزّة وأخيو كانا من أحفاده لأن العازار ابنه تقدس لأجل حراسة التابوت أول ما أتى إلى بيته وكان عمر العازار في ذلك الوقت ثلاثين سنة على الأقل (عدد ٤: ٣) ثم مضى مدة نحو ٧٠ سنة.

وَكَانَ أَخِيُو يَسِيرُ أَمَامَ ٱلتَّابُوتِ أي أمام الثيران ليقودها.

يَلْعَبُونَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ أي يفرحون ويرقصون ويعزفون بآلات الطرب علامة للشكر والفرح بالرب. كان داود يحب الرب من كل قلبه ويفرح به كما نفرح بحضور أحبّ الناس إلينا.

بِكُلِّ أَنْوَاعِ ٱلآلاَتِ (اطلب سرو وعود ورباب ودف وصنوج وغناء في قاموس الكتاب).

الْجُنُوكِ جمع جُنك. والكلمة الأصلية تعني آلة موسيقية لها طوق من نحاس فيه ثقب وبالثقب أسلاك معدنية تمتد من جانب إلى جانب وللطوق مقبض يُمسك باليد فتتحرك الأسلاك صائتة حيث الثقب واسع وكانت الآلة مستعملة في مصر.

٦، ٧ «٦ وَلَمَّا ٱنْتَهُوا إِلَى بَيْدَرِ نَاخُونَ مَدَّ عُزَّةُ يَدَهُ إِلَى تَابُوتِ ٱللّٰهِ وَأَمْسَكَهُ، لأَنَّ ٱلثِّيرَانَ تَعَثَّرَتْ. ٧ فَحَمِيَ غَضَبُ ٱلرَّبِّ عَلَى عُزَّةَ وَضَرَبَهُ ٱللّٰهُ هُنَاكَ لأَجْلِ غَفَلِهِ، فَمَاتَ هُنَاكَ لَدَى تَابُوتِ ٱللّٰهِ».

١أيام ١٣: ٩ عدد ٤: ١٥ و١٩ و٢٠ و١صموئيل ٦: ١٩

بَيْدَرِ نَاخُونَ وفي (١أيام ١٣: ٩) كيدون وموقع البيدر مجهول.

انشمصت ٱلثِّيرَانَ تَعَثَّرَتْ أي ذُعرت وأخذت تركض وترفس.

ضَرَبَهُ فَمَاتَ يظهر لأول وهلة أنه مدّ يده ومسك التابوت لئلا يقع فلم تكن خطيئته عظيمة. ولكننا نرى عند التأمل (١) أنه كان يجب أن يُحمل التابوت على أكتاف اللاويين وليس على عجلة (انظر تفسير ع ٣) (٢) إنه كان يجب على عزّة أن يعرف الناموس لأنه إسرائيلي وكان التابوت في بيت أبيه وبيت جده ٧٠ سنة وكان أبوه مقدساً لخدمته. وعدم معرفة عزّة لهذا خطيئة (٣) لكل خطيئة استعداد سابق. ولا شك أن عزّة كان اعتاد الدنو من التابوت بلا احترام وربما افتخر بجسارته حينما مدّ يده إلى التابوت أمام الجماعة (٤) إن الرب قصد أن يعلّم داود وجميع الشعب الاحترام المقدس لكل ما يتعلق بعبادة الرب. فعلينا أن نحترم كل الاحترام الكتاب المقدس ويوم الرب والصلاة والكنيسة والعماد والعشاء الرباني وكل ما يتعلق بالدين ومن يستخف بهذه الأمور المقدسة يُهين الرب فيحمى غضب الله عليه وإن لم يضربه حالاً كما ضرب عزّة.

٨ – ١١ «٨ فَٱغْتَاظَ دَاوُدُ لأَنَّ ٱلرَّبَّ ٱقْتَحَمَ عُزَّةَ ٱقْتِحَاماً، وَسَمَّى ذٰلِكَ ٱلْمَوْضِعَ «فَارَصَ عُزَّةَ» إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ. ٩ وَخَافَ دَاوُدُ مِنَ ٱلرَّبِّ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ وَقَالَ: كَيْفَ يَأْتِي إِلَيَّ تَابُوتُ ٱلرَّبِّ؟ ١٠ وَلَمْ يَشَأْ دَاوُدُ أَنْ يَنْقُلَ تَابُوتَ ٱلرَّبِّ إِلَيْهِ إِلَى مَدِينَةِ دَاوُدَ، فَمَالَ بِهِ دَاوُدُ إِلَى بَيْتِ عُوبِيدَ أَدُومَ ٱلْجَتِّيِّ. ١١ وَبَقِيَ تَابُوتُ ٱلرَّبِّ فِي بَيْتِ عُوبِيدَ أَدُومَ ٱلْجَتِّيِّ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ. وَبَارَكَ ٱلرَّبُّ عُوبِيدَ أَدُومَ وَكُلَّ بَيْتِهِ».

١أيام ٢٦: ٤ – ٨

فَٱغْتَاظَ دَاوُدُ لأنه جمع جميع المنتخبين في إسرائيل ثلاثين ألفاً لأجل احتفال مقدس وذهبوا إلى قرية يعاريم واركبوا التابوت على عجلة ولعبوا أمام الرب علامة الفرح ثم توقف هذ الاحتفال وتحوّل الفرح إلى حزن وخوف ولم يكمّلوا مقصودهم بل انصرفوا إلى أماكنهم خائبين مخجولين.

فَارَصَ عُزَّةَ أي اقتحام عزّة وموقع المكان مجهول.

وَخَافَ دَاوُدُ مِنَ ٱلرَّبِّ وعلى كل مؤمن الخوف من الرب وليس الفرح فقط به والتأمل في قداسته وليس في محبته فقط. مخوف أنت يا الله من مقادسك (مزمور ٦٨: ٣٥).

وَلَمْ يَشَأْ دَاوُدُ الخ لعله لم يفهم بادئ بدء لأي سبب حمي غضب الرب على عزّة فطلب فرصة للتأمل والفحص والصلاة. والخوف من الرب يجب أن لا يبعدنا عنه بل أن يحملنا على التوبة والالتجاء إلى المسيح لنتطهر من كل خطيئة فنقترب إلى الله باسمه.

عُوبِيدَ أَدُومَ ٱلْجَتِّيِّ الأرجح أنه كان من جتّ رمون في سبط دان في الجنوب (يشوع ١٩: ٤٥) التي أُعطيت لبني قهات (يشوع ٢١: ٢٤) وكان عوبيد أدوم من الذين ساروا أمام التابوت (١أيام ١٥: ٢٤) وكان من القورحيين ومن نسل قهات (عدد ١٦: ١).

وَبَارَكَ ٱلرَّبُّ عُوبِيدَ أَدُومَ أي لم يضربه ولا أحداً من أهل بيته كما ضرب عزة لأنه حفظ التابوت وخدمه خدمة أمينة بكل احترام ووقار.

١٢ – ١٥ «١٢ فَأُخْبِرَ ٱلْمَلِكُ دَاوُدُ: قَدْ بَارَكَ ٱلرَّبُّ بَيْتَ عُوبِيدَ أَدُومَ وَكُلَّ مَا لَهُ بِسَبَبِ تَابُوتِ ٱللّٰهِ. فَذَهَبَ دَاوُدُ وَأَصْعَدَ تَابُوتَ ٱللّٰهِ مِنْ بَيْتِ عُوبِيدَ أَدُومَ إِلَى مَدِينَةِ دَاوُدَ بِفَرَحٍ. ١٣ وَكَانَ كُلَّمَا خَطَا حَامِلُو تَابُوتِ ٱلرَّبِّ سِتَّ خُطُوَاتٍ يَذْبَحُ ثَوْراً وَعِجْلاً مَعْلُوفاً. ١٤ وَكَانَ دَاوُدُ يَرْقُصُ بِكُلِّ قُوَّتِهِ أَمَامَ ٱلرَّبِّ. وَكَانَ دَاوُدُ مُتَنَطِّقاً بِأَفُودٍ مِنْ كَتَّانٍ. ١٥ فَأَصْعَدَ دَاوُدُ وَجَمِيعُ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ تَابُوتَ ٱلرَّبِّ بِٱلْهُتَافِ وَبِصَوْتِ ٱلْبُوقِ».

١أيام ١٥: ٢٥ – ١٦: ٣ و١ملوك ٨: ١ خروج ١٥: ٢٠ و٢١ وقضاة ١١: ٣٤ خروج ١٩: ٦ و١صموئيل ٢: ١٨ و٢٨

فَأُخْبِرَ ٱلْمَلِكُ دَاوُدُ رأى في غضب الرب على عزّة غضبه على إسرائيل ورأى في بركة الرب على عوبيد أدوم رضاءه عنهم.

أَصْعَدَ تَابُوتَ ٱللّٰهِ في (١أيام ص ١٥) خبر بالتفصيل باحتفال إصعاد التابوت وأسماء الذين أصعدوه وأسماء المغنين. وحمله اللاويون حسب الشريعة.

سِتَّ خُطُوَاتٍ في (١أيام ١٥: ٢٦) لما أعان الله اللاويين حاملي تابوت عهد الرب ذبحوا سبعة عجول وسبعة كباش. وإذا قابلنا الآية الواحدة بالأخرى فهمنا أنهم خافوا أول ما حملوا التابوت وفي بالهم ما أصاب عزّة وبعدما تقدموا ست خطوات قالوا إن الرب أعانهم وذبحوا ثوراً وعجلاً الخ حتى ذبحوا سبعة ثيران وسبعة عجول والكلمة الأصلية المترجمة هنا عجلاً معلوفاً تفيد حيواناً معلوفاً فيجوز أن يكون عجلاً أو كبشاً.

أَفُودٍ مِنْ كَتَّانٍ كان رئيس الكهنة يلبس أفوداً أو رداء من ذهب وأسمانجوني وأرجوان وقرمز وبوص مبروم وعلى الكتفين حجارة كريمة والأوريم والتميم. ولكن الأفود الذي لبسه داود كان أفوداً بسيطاً من كتان. والظاهر أنه لبس هذه الأفود تحت الجبة فخلع الجبة أي تكشّف (ع ٢١) لأنها لم توافق الرقص.

١٦ – ١٩ «١٦ وَلَمَّا دَخَلَ تَابُوتُ ٱلرَّبِّ مَدِينَةَ دَاوُدَ، أَشْرَفَتْ مِيكَالُ بِنْتُ شَاوُلَ مِنَ ٱلْكُوَّةِ وَرَأَتِ ٱلْمَلِكَ دَاوُدَ يَطْفُرُ وَيَرْقُصُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ، فَٱحْتَقَرَتْهُ فِي قَلْبِهَا. ١٧ فَأَدْخَلُوا تَابُوتَ ٱلرَّبِّ وَأَوْقَفُوهُ فِي مَكَانِهِ فِي وَسَطِ ٱلْخَيْمَةِ ٱلَّتِي نَصَبَهَا لَهُ دَاوُدُ، وَأَصْعَدَ دَاوُدُ مُحْرَقَاتٍ أَمَامَ ٱلرَّبِّ وَذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ، ١٨ وَلَمَّا ٱنْتَهَى دَاوُدُ مِنْ إِصْعَادِ ٱلْمُحْرَقَاتِ وَذَبَائِحِ ٱلسَّلاَمَةِ بَارَكَ ٱلشَّعْبَ بِٱسْمِ رَبِّ ٱلْجُنُودِ. ١٩ وَقَسَمَ عَلَى جَمِيعِ ٱلشَّعْبِ، عَلَى كُلِّ جُمْهُورِ إِسْرَائِيلَ رِجَالاً وَنِسَاءً، عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ رَغِيفَ خُبْزٍ وَكَأْسَ خَمْرٍ وَقُرْصَ زَبِيبٍ. ثُمَّ ذَهَبَ كُلُّ ٱلشَّعْبِ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى بَيْتِهِ».

ص ٣: ١٤ ١أيام ١٥: ١ و٢أيام ١: ٤ و١ملوك ٨: ٦٢ – ٦٥ و١ملوك ٨: ١٤ و١٥

مَدِينَةَ دَاوُد القسم الأعلى من أورشليم في الجنوب الغربي منها وسميت مدينة داود لأن فيها الحصن الذي أخذه من اليبوسيين وبيته ومسكن التابوت حتى انتقل إلى الهيكل الذي بناه سليمان.

أَشْرَفَتْ مِيكَالُ كانت تحب داود في الأول (١صموئيل ١٨: ٢٠) ثم أُخذت منه وأُعطيت لفلطي وأخذ داود نساء غيرها وبعد ذلك استرجعها داود. والظاهر أنهما لم يحبا بعضهما كما في الأول لأنها صارت واحدة من نساء كثيرات. ونعت البيان بنت شاول يوافق طبعها وميلها أكثر من امرأة داود. ولم تكن متحدة معه في غيرته لعبادة الرب.

فَٱحْتَقَرَتْهُ فِي قَلْبِهَا وهذه الأفكار السرية ظهرت لنا لما صار لها فرصة للتكلم (ع ٢٠) وكلامها غير لائق أولاً لأن داود رجلها وثانياً لأنه الملك وثالثاً لأنه عمل ما عمله للرب فباحتقارها لداود احتقرت الرب أيضاً.

فِي وَسَطِ ٱلْخَيْمَةِ ٱلَّتِي نَصَبَهَا لَهُ قيل في (١أيام ٢١: ٢٩) إن مسكن الرب الذي عمله موسى في البرية ومذبح المحرقة كانا في ذلك الوقت في المرتفعة في جبعون. فكان للرب مسكنان الواحد في جبعون والآخر في مدينة داود في أورشليم وكاهنان صادوق وأبياثار في جبعون والثاني في أورشليم وكانا معاً في الخدمة (١٥: ٢٩) حتى تملك سليمان إذ صار صادوق رئيساً للكهنة (١ملوك ٢: ٢٦ و٢٧).

مُحْرَقَاتٍ وَذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ (لاويين ص ١ و٣) كانت الأولى التي تُوقد كلها تشير إلى التطهير بدم المسيح والتكريس. والثانية التي يأكلون منها تشير إلى الاتحاد بالله وإلى الاتحاد بعضهم ببعض.

وَقَسَمَ عَلَى جَمِيعِ ٱلشَّعْبِ الخ كان الخبز مما يقدمونه للرب (لاويين ٨: ٢٦) وأكلهم منه علامة اتحادهم بالرب وعلامة الحب المتبادل بينهم وبينه. وأكلهم معاً علامة محبتهم الأخوية المبنية على اتحادهم بالرب.

كَأْسَ خَمْرٍ الكلمة الأصلية المترجمة بكأس خمر لم ترد إلا هنا وفي (١أيام ١٦: ٣) ومعناها مجهول واليهود يقولون أن معنى الكلمة جزء من اللحم وهكذا الترجمة الإنكليزية وغيرها. وإذا قبلنا هذا التفسير كان اللحم حصة الشعب من ذبائح السلامة. وفي ذلك اليوم أولاً جعل داود يحمد الرب بيد آساف وإخوته وترنيمتهم مذكورة في (١أيام ١٦: ٧ – ٣٦). ونص بعض المزامير يوافق إصعاد التابوت (مزمور ١٥ و٢٤ و٣٠ و٤٦ و٦٨ و٩٦ و١٠١ و١٠٦ و١٣٢).

٢٠ – ٢٣ «٢٠ وَرَجَعَ دَاوُدُ لِيُبَارِكَ بَيْتَهُ. فَخَرَجَتْ مِيكَالُ بِنْتُ شَاوُلَ لاسْتِقْبَالِ دَاوُدَ، وَقَالَتْ: مَا كَانَ أَكْرَمَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ ٱلْيَوْمَ حَيْثُ تَكَشَّفَ ٱلْيَوْمَ فِي أَعْيُنِ إِمَاءِ عَبِيدِهِ كَمَا يَتَكَشَّفُ أَحَدُ ٱلسُّفَهَاءِ! ٢١ فَقَالَ دَاوُدُ لِمِيكَالَ: إِنَّمَا أَمَامَ ٱلرَّبِّ ٱلَّذِي ٱخْتَارَنِي دُونَ أَبِيكِ وَدُونَ كُلَّ بَيْتِهِ لِيُقِيمَنِي رَئِيساً عَلَى شَعْبِ ٱلرَّبِّ إِسْرَائِيلَ، فَلَعِبْتُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ. ٢٢ وَإِنِّي أَتَصَاغَرُ دُونَ ذٰلِكَ وَأَكُونُ وَضِيعاً فِي عَيْنَيْ نَفْسِي. وَأَمَّا عِنْدَ ٱلإِمَاءِ ٱلَّتِي ذَكَرْتِ فَأَتَمَجَّدُ. ٢٣ وَلَمْ يَكُنْ لِمِيكَالَ بِنْتِ شَاوُلَ وَلَدٌ إِلَى يَوْمِ مَوْتِهَا».

ع ١٤ و١٦ و١صموئيل ١٣: ١٤ و١٥: ٢٨

لِيُبَارِكَ بَيْتَهُ تمم واجباته للمملكة وللرب بالعبادة الجمهورية ولم ينس أنه رب بيت أيضاً فأراد أن نساءه وأولاده وأهل بيته أجمعين يشتركون معه في العبادة والفرح المقدس.

مِيكَالُ بِنْتُ شَاوُلَ (ع ١٦).

مَا كَانَ أَكْرَمَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ هذا كلام تهكُّم معناه ما أرذل ملك إسرائيل. وفي التهكم إهانة أعظم مما في الكلام الصريح.

تَكَشَّفَ كان قد خلع رداءه الملكي ورقص وهو متمنطق بأفود من كتان (ع ١٤). ومعنى ميكال أن ذلك لا يليق بالملك ومعنى جواب داود أنه في عبادة الرب لا ملك ولا عبد بل الكل بنو البشر وخطأة وعليهم الفرح بالخلاص. والاتضاع في خدمة الرب وعبادته أفضل من مجد الملوك. وأشار بجوابه إلى ما أصاب أباها شاول بسبب تمرده على الرب وأنه لم يستلم منصبه من شاول ولا من غيره بل من الرب فهو خادم للرب وبه فرحه ومجده.

وَلَمْ يَكُنْ لِمِيكَالَ بِنْتِ شَاوُلَ وَلَدٌ وذلك من أعظم مصائب النساء. كانت عاقر من الأول ولعل ذلك كان من تمرّدها على الرب وكبريائها وعدم اتفاقها مع داود من الأول فثبتت على هذه الحال. قيل في (٢١: ٨) إن ميكال ولدت لعدرئيل خمسة بنين والأمر واضح أنه وقع غلط من الناسخ فيجب أن يقال ميرب وليس ميكال (١صموئيل ١٨: ١٩).

فوائد

  1. لا تكمل مملكة ولا تثبت إلا بوجود الدين الحق فيها (ع ١ و٢).
  2. يجب على من اعتاد الخدمة الروحية أن يحترس من التهاون والاستخفاف في ممارستها (ع ٦).
  3. الحكم على الفور ليس كالحكم بعد الفحص والتأمل (قابل ع ٨ ب ع ١٢).
  4. التابوت في بيت عوبيد أدوم مثال للصلاة البيتية التي يجب أن تكون بترتيب واحترام وسرور فتنتج منها بركات عديدة (ع ١١).
  5. الكل متساوون في العبادة فالملك كالعبد والعالِم كالجاهل والغني كالفقير أمام الرب (ع ١٤).
  6. من أعظم المصائب الاختلاف في الدين بين الرجل وامرأته فيجب على المؤمنين أن يتزوجوا في الرب.
  7. الدين يدعو الناس للفرح وليس للحزن والخوف (ع ١٦).

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى