سفر الملوك الثاني | 09 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر الملوك الثاني
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلتَّاسِعُ
١ – ١٠ «١ وَدَعَا أَلِيشَعُ ٱلنَّبِيُّ وَاحِداً مِنْ بَنِي ٱلأَنْبِيَاءِ وَقَالَ لَهُ: شُدَّ حَقَوَيْكَ وَخُذْ قِنِّينَةَ ٱلدُّهْنِ هٰذِهِ بِيَدِكَ وَٱذْهَبْ إِلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ. ٢ وَإِذَا وَصَلْتَهَا فَٱنْظُرْ هُنَاكَ يَاهُوَ بْنَ يَهُوشَافَاطَ بْنَ نِمْشِي وَٱدْخُلْ وَأَقِمْهُ مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِ وَٱدْخُلْ بِهِ إِلَى مِخْدَعٍ دَاخِلَ مِخْدَعٍ ٣ ثُمَّ خُذْ قِنِّينَةَ ٱلدُّهْنِ وَصُبَّ عَلَى رَأْسِهِ وَقُلْ: هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: قَدْ مَسَحْتُكَ مَلِكاً عَلَى إِسْرَائِيلَ. ثُمَّ ٱفْتَحِ ٱلْبَابَ وَٱهْرُبْ وَلاَ تَنْتَظِرْ. ٤ فَٱنْطَلَقَ ٱلنَّبِيُّ إِلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ ٥ وَدَخَلَ وَإِذَا قُوَّادُ ٱلْجَيْشِ جُلُوسٌ. فَقَالَ: لِي كَلاَمٌ مَعَكَ يَا قَائِدُ. فَقَالَ يَاهُو: مَعَ مَنْ مِنَّا كُلِّنَا. فَقَالَ: مَعَكَ أَيُّهَا ٱلْقَائِدُ. ٦ فَقَامَ وَدَخَلَ ٱلْبَيْتَ، فَصَبَّ ٱلدُّهْنَ عَلَى رَأْسِهِ وَقَالَ لَهُ: هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ إِلٰهُ إِسْرَائِيلَ: قَدْ مَسَحْتُكَ مَلِكاً عَلَى شَعْبِ ٱلرَّبِّ إِسْرَائِيلَ، ٧ فَتَضْرِبُ بَيْتَ أَخْآبَ سَيِّدِكَ. وَأَنْتَقِمُ لِدِمَاءِ عَبِيدِيَ ٱلأَنْبِيَاءِ وَدِمَاءِ جَمِيعِ عَبِيدِ ٱلرَّبِّ مِنْ يَدِ إِيزَابَلَ. ٨ فَيَبِيدُ كُلُّ بَيْتِ أَخْآبَ، وَأَسْتَأْصِلُ لأَخْآبَ كُلَّ ذَكَرٍ وَمَحْجُوزٍ وَمُطْلَقٍ فِي إِسْرَائِيلَ. ٩ وَأَجْعَلُ بَيْتَ أَخْآبَ كَبَيْتِ يَرُبْعَامَ بْنِ نَبَاطَ وَكَبَيْتِ بَعْشَا بْنِ أَخِيَّا. ١٠ وَتَأْكُلُ ٱلْكِلاَبُ إِيزَابَلَ فِي حَقْلِ يَزْرَعِيلَ وَلَيْسَ مَنْ يَدْفِنُهَا. ثُمَّ فَتَحَ ٱلْبَابَ وَهَرَبَ».
ص ٢: ٣ ص ٤: ٢٩ و١صموئيل ١٠: ١ و١٦: ١ و١ملوك ١: ٣٩ ص ٨: ٢٨ و٢٩ ع ١٤ و٢٠ و١ملوك ١٩: ١٦ و١٧ ع ٥ و١١ و٢أيام ٢٢: ٧ ع ١ ع ٣ تثنية ٣٢: ٣٥ و٤٣ و١ملوك ١٨: ٤ و٢١: ١٥ و٢١ و٢٥ ع ٣٢ – ٣٧ ص ١٠: ١٧ و١ملوك ٢١: ٢١ و١صموئيل ٢٥: ٢٢ ص ١٤: ٢٦ وتثنية ٣٢: ٣٦ و١ملوك ١٤: ١٠ و١١ و١٥: ٢٩ و١ملوك ١٦: ٣ – ٥ و١١ و١٢ ع ٢٥ و٣٦ و١ملوك ٢١: ٢٣
وَاحِداً مِنْ بَنِي ٱلأَنْبِيَاءِ أي واحداً من الأنبياء أو واحداً من تلاميذ مدرسة الأنبياء.
شُدَّ حَقَوَيْكَ أي استعد للسفر عاجلاً. كان قد حان الوقت لسقوط بيت أخآب وإقامة ملك جديد من بيت آخر.
قِنِّينَةَ ٱلدُّهْنِ (خروج ٣٠: ٢٣ – ٢٥ و١صموئيل ١٠: ١ و١٦: ١٢). ولم يُمسح إلا ياهو من ملوك إسرائيل.
رَامُوتَ جِلْعَادَ (انظر ٨: ٢٨ وتفسيره). كان الملك يورام قد ترك راموت جلعاد وذهب إلى يزرعيل ليبرأ من جروحه وأما الجروح فلم تكن بالغة كما يظهر من (ع ٢١) لأنه خرج من يزرعيل في مركبته للقاء ياهو. وربما أن الجنود في راموت جلعاد نسبوا إلى الملك الجبانة إذ تركهم بلا سبب كافٍ.
يَاهُوَ (ع ٢) كان قائداً غيوراً شجاعاً نشيطاً بلا اعتبار للروحيات لا يخاف الله ولا يهاب إنساناً. كان يسوق بجنون (ع ٢٠) ولم يجترئ أحد أن يخالف أوامره. وكان قائداً في زمان أخآب.
بْنَ يَهُوشَافَاطَ غير ملك يهوذا.
مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِ رفقائه القوّاد.
مِخْدَعٍ دَاخِلَ مِخْدَعٍ ليكون لياهو حرّية في الكلام والتدبير.
هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ (ع ٣) كان سقوط بيت أخآب بواسطة ياهو من الرب واستخدم ياهو لهذه الخدمة لأنه رآه خادماً موافقاً (١٠: ٣٠) وكان على الغلام خطر في هذه المهمة من جهة الملك يورام ومن جهة ياهو أيضاً إذا ثبت ياهو أميناً للملك. وهرب عاجلاً لئلا يُمسك في راموت جلعاد.
قُوَّادُ ٱلْجَيْشِ جُلُوسٌ (ع ٥) ولعله يعرف أي منهم ياهو فقال يا قائد بلا ذكر الاسم ولعل ياهو كان رئيس القواد فجاوبه فعرف الغلام أنه ياهو.
شَعْبِ ٱلرَّبِّ (ع ٦) كانت المملكة الشمالية قد تركت عبادة الرب وسارت في طريق يربعام ولكنهم لم يزالوا شعب الرب فأرسل لهم عبيده الأنبياء واعتنى بهم.
بَيْتَ أَخْآبَ سَيِّدِك (ع ٧) كان ياهو في خدمة أخآب (ع ٢٥) وعرف شروره.
عَبِيدِيَ ٱلأَنْبِيَاءِ كان عوبديا قد خلّص مئة منهم (١ملوك ١٨: ٤) ولكن إيزابل كانت قد قطعت الباقين منهم وليس الأنبياء فقط بل جميع عبيد الرب ولم تزل إيزابل حية ومتسلطة.
مَحْجُوزٍ وَمُطْلَقٍ (ع ٨) (انظر ١ملوك ١٤: ١) أي الولد والبالغ، الصغير والكبير، فلا يبقى أحد.
كَبَيْتِ يَرُبْعَامَ (ع ٩) (١ملوك ١٤: ١٠).
كَبَيْتِ بَعْشَا (١ملوك ١٦: ٣ و٤).
وَتَأْكُلُ ٱلْكِلاَبُ إِيزَابَلَ (ع ١٠) (١ملوك ٢١: ٢٣) إن الدفن بلياقة من أعظم رغائب بني البشر وعدم الدفن من أعظم المصائب (إشعياء ١٤: ١٨ – ٢٠ وإرميا ٢٢: ١٨ و١٩).
فِي حَقْلِ يَزْرَعِيلَ تطرح خارجاً في مكان الزبل وكما تنبأ إيليا (١ملوك ٢١: ٢٣) عند مترسة يزرعيل.
١١ – ٢٦ «١١ وَأَمَّا يَاهُو فَخَرَجَ إِلَى عَبِيدِ سَيِّدِهِ فَقِيلَ لَهُ: أَسَلاَمٌ؟ لِمَاذَا جَاءَ هٰذَا ٱلْمَجْنُونُ إِلَيْكَ؟ فَقَالَ لَهُمْ: أَنْتُمْ تَعْرِفُونَ ٱلرَّجُلَ وَكَلاَمَهُ. ١٢ فَقَالُوا: كَذِبٌ. فَأَخْبِرْنَا. فَقَالَ: بِكَذَا وَكَذَا قَالَ لِي: هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: قَدْ مَسَحْتُكَ مَلِكاً عَلَى إِسْرَائِيلَ. ١٣ فَبَادَرَ كُلُّ وَاحِدٍ وَأَخَذَ ثَوْبَهُ وَوَضَعَهُ تَحْتَهُ عَلَى ٱلدَّرَجِ نَفْسِهِ، وَضَرَبُوا بِٱلْبُوقِ وَقَالُوا: قَدْ مَلَكَ يَاهُو. ١٤ وَعَصَى يَاهُو بْنُ يَهُوشَافَاطَ بْنِ نِمْشِي عَلَى يُورَامَ. وَكَانَ يُورَامُ يُحَافِظُ عَلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ هُوَ وَكُلُّ إِسْرَائِيلَ مِنْ حَزَائِيلَ مَلِكِ أَرَامَ. ١٥ وَرَجَعَ يُورَامُ ٱلْمَلِكُ لِيَبْرَأَ فِي يَزْرَعِيلَ مِنَ ٱلْجُرُوحِ ٱلَّتِي ضَرَبَهُ بِهَا ٱلأَرَامِيُّونَ حِينَ قَاتَلَ حَزَائِيلَ مَلِكَ أَرَامَ. فَقَالَ يَاهُو: إِنْ كَانَ فِي أَنْفُسِكُمْ، لاَ يَخْرُجْ مُنْهَزِمٌ مِنَ ٱلْمَدِينَةِ لِيَنْطَلِقَ فَيُخْبِرَ فِي يَزْرَعِيلَ. ١٦ وَرَكِبَ يَاهُو وَذَهَبَ إِلَى يَزْرَعِيلَ، لأَنَّ يُورَامَ كَانَ مُضْطَجِعاً هُنَاكَ. وَنَزَلَ أَخَزْيَا مَلِكُ يَهُوذَا لِيَرَى يُورَامَ. ١٧ وَكَانَ ٱلرَّقِيبُ وَاقِفاً عَلَى ٱلْبُرْجِ فِي يَزْرَعِيلَ، فَرَأَى جَمَاعَةَ يَاهُو عِنْدَ إِقْبَالِهِ، فَقَالَ: إِنِّي أَرَى جَمَاعَةً. فَقَالَ يُورَامُ: خُذْ فَارِساً وَأَرْسِلْهُ لِلِقَائِهِمْ فَيَقُولَ: أَسَلاَمٌ؟ ١٨ فَذَهَبَ رَاكِبُ ٱلْفَرَسِ لِلِقَائِهِ وَقَالَ: هٰكَذَا يَقُولُ ٱلْمَلِكُ: أَسَلاَمٌ؟ فَقَالَ يَاهُو: مَا لَكَ وَلِلسَّلاَمِ؟ دُرْ إِلَى وَرَائِي! فَقَالَ ٱلرَّقِيبُ: قَدْ وَصَلَ ٱلرَّسُولُ إِلَيْهِمْ وَلَمْ يَرْجِعْ. ١٩ فَأَرْسَلَ رَاكِبَ فَرَسٍ ثَانِياً. فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهِمْ قَالَ: هٰكَذَا يَقُولُ ٱلْمَلِكُ: أَسَلاَمٌ؟ فَقَالَ يَاهُو: مَا لَكَ وَلِلسَّلاَمِ؟ دُرْ إِلَى وَرَائِي. ٢٠ فَقَالَ ٱلرَّقِيبُ: قَدْ وَصَلَ إِلَيْهِمْ وَلَمْ يَرْجِعْ. وَٱلسَّوْقُ كَسَوْقِ يَاهُوَ بْنِ نِمْشِي، لأَنَّهُ يَسُوقُ بِجُنُونٍ. ٢١ فَقَالَ يُورَامُ: ٱشْدُدْ. فَشُدَّتْ مَرْكَبَتُهُ، وَخَرَجَ يُورَامُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَأَخَزْيَا مَلِكُ يَهُوذَا، كُلُّ وَاحِدٍ فِي مَرْكَبَتِهِ، خَرَجَا لِلِقَاءِ يَاهُو. فَصَادَفَاهُ عِنْدَ حَقْلَةِ نَابُوتَ ٱلْيَزْرَعِيلِيِّ. ٢٢ فَلَمَّا رَأَى يُورَامُ يَاهُوَ قَالَ: أَسَلاَمٌ يَا يَاهُو؟ فَقَالَ: أَيُّ سَلاَمٍ مَا دَامَ زِنَى إِيزَابَلَ أُمِّكَ وَسِحْرُهَا ٱلْكَثِيرُ؟ ٢٣ فَرَدَّ يَهُورَامُ يَدَيْهِ وَهَرَبَ وَقَالَ لأَخَزْيَا:خِيَانَةً يَا أَخَزْيَا! ٢٤ فَقَبَضَ يَاهُو بِيَدِهِ عَلَى ٱلْقَوْسِ وَضَرَبَ يُورَامَ بَيْنَ ذِرَاعَيْهِ، فَخَرَجَ ٱلسَّهْمُ مِنْ قَلْبِهِ فَسَقَطَ فِي مَرْكَبَتِهِ. ٢٥ وَقَالَ لِبِدْقَرَ ثَالِثِهِ: ٱرْفَعْهُ وَأَلْقِهِ فِي حِصَّةِ حَقْلِ نَابُوتَ ٱلْيَزْرَعِيلِيِّ. وَٱذْكُرْ كَيْفَ إِذْ رَكِبْتُ أَنَا وَإِيَّاكَ مَعاً وَرَاءَ أَخْآبَ أَبِيهِ جَعَلَ ٱلرَّبُّ عَلَيْهِ هٰذَا ٱلْحُكْمَ. ٢٦ أَلَمْ أَرَ أَمْساً دَمَ نَابُوتَ وَدِمَاءَ بَنِيهِ يَقُولُ ٱلرَّبُّ، فَأُجَازِيكَ فِي هٰذِهِ ٱلْحَقْلَةِ يَقُولُ ٱلرَّبُّ. فَٱلآنَ ٱرْفَعْهُ وَأَلْقِهِ فِي ٱلْحَقْلَةِ حَسَبَ قَوْلِ ٱلرَّبِّ».
ع ١٧ و١٩ و٢٢ إرميا ٢٩: ٢٦ وهوشع ٩: ٧ ومرقس ٣: ٢١ متّى ٢١: ٧ و٨ ومرقس ١١: ٧ و٨ و٢صموئيل ١٥: ١٠ و١ملوك ١: ٣٤ و٣٩ ص ٨: ٢٨ و١ملوك ٢٢: ٣ ص ٨: ٢٩ ع ١٩ و٢١ و٢صموئيل ١٨: ٢٧ و١ملوك ١٩: ١٧ و٢أيام ٢٢: ٧ ع ٢٦ و١ملوك ٢١: ١ – ٧ و١٥ – ١٩ و١ملوك ١٦: ٣٠ – ٣٣ و١٨: ١٩ و٢أيام ٢١: ١٣ ص ١١: ١٤ و١ملوك ٢٢: ٣٤ و١ملوك ٢١: ١ و١ملوك ٢١: ١٩ و٢٤ – ٢٩ إشعياء ١٣: ١ و١ملوك ٢١: ١٣ ع ٢١ و٢٥
هٰذَا ٱلْمَجْنُونُ (ع ١١) سموه مجنوناً إما لمنظره لأنه أتى وذهب عاجلاً، ولا شك في أنه كان في منظره ما يدل على اضطراب الأفكار، أو من قلة اعتبارهم للدين فاحتقروه لكونه نبياً كما ظهر من لباسه.
أَنْتُمْ تَعْرِفُونَ قال هذا القول ليمتحنهم لعلهم عرفوا الأمر سابقاً ولهم يد في إرسال النبي ومسح ياهو.
فَقَالُوا كَذِبٌ (ع ١٢) تكملوا كعادتهم بعضهم مع بعض. وحسب قولهم لم يعرفوا الأمر سابقاً ولكنهم كرهوا بيت أخآب وكانوا مستعدين أن يقبلوا ياهو ملكاً عليهم.
وَوَضَعَهُ تَحْتَهُ (ع ١٣) عملوا له عرشاً بالعجلة ومما يوجد عندهم في أعلى مكان أي الدرج.
ضَرَبُوا بِٱلْبُوقِ (١ملوك ١: ٣٤).
وَكَانَ يُورَامُ يُحَافِظُ عَلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ (ع ١٤) ليس يورام نفسه بل جيشه وكان جنوده كلهم في راموت جلعاد وكانوا كلهم مع ياهو في عصيانه فلم يكن ليورام جيش في يزرعيل فكان لياهو فرصة ليقتله ويتبوّأ العرش إذا أسرع ووصل إلى يزرعيل قبل وصول الخبر بما حدث في راموت جلعاد.
إِنْ كَانَ فِي أَنْفُسِكُمْ (ع ١٥) استشارهم ولم يأمرهم لأنه لم يتبوّأ بعد كرسي الملك.
وَنَزَلَ أَخَزْيَا (ع ١٦) لأنه حليف يورام في الحرب ولأنه ابن أخته.
فَيَقُولَ أَسَلاَمٌ (ع ١٧) كان الملك مهتماً في أمر راموت جلعاد ولما رأى ياهو وجماعته خاف أن تكون قد سقطت في يد الأراميين.
مَا لَكَ وَلِلسَّلاَمِ (ع ١٨) أي لا يعنيك الأمر وكان جوابه هذا بجفاء لرسول الملك فكأنه كان للملك نفسه وكان دليلاً على عصيانه.
دُرْ إِلَى وَرَائِي لم يسمح له أن يرجع ليخبر الملك.
رَاكِبَ فَرَسٍ ثَانِياً (ع ١٩) كان يجب أن يفهم من عدم رجوع الرسول الأول أن ياهو قصد شراً ولكن الملك كان عنيداً كأخيه أخزيا (١: ٩ – ١٤).
لأَنَّهُ يَسُوقُ بِجُنُونٍ (ع ٢٠) لم يَسق هو بل كان معه في المركبة من يسوق الخيل ولكنه كان قد أمر بالسوق بالعجل وكان ذلك عادته المشهورة. والجنون كناية عن حدة الطبع وليس جنوناً حقيقياً.
وَخَرَجَ يُورَامُ (ع ٢١) لم يفهم قصد ياهو وأراد أن يعرف حقيقة الأمر ولم يقدر أن يصبر حتى يصل ياهو.
فَصَادَفَاهُ عِنْدَ حَقْلَةِ نَابُوتَ هكذا دبّر الرب حتى يتلاقيا في نفس الحقلة التي كان أبوه أخآب قد أخذها ظلماً من نابوت.
زِنَى إِيزَابَلَ أُمِّكَ (ع ٢٢) الزنى هنا بمعنى ترك الرب والسجود للأصنام (خروج ٣٤: ١٥ و١٦ قضاة ٨: ٢٧) والسحر هو الألفاظ والوسائل الكاذبة التي كانوا يستعملونها للحصول على الأجوبة من أصنامهم (إشعياء ٤٧: ٩ و١٢ ميخا ٥: ١٢ ناحوم ٣: ٤) فعرف يهورام من كلام ياهو أنه قصد الخيانة ورد يديه أي رد مركبته ليرجع إلى يزرعيل.
بِدْقَرَ ثَالِثِهِ (ع ٢٥) الثالث هو الضابط. كان في المركبة الحربية ثلاث جنود أحدهم يسوق الخيل واثنان يحاربان فأُطلق الاسم على كل ضابط (١ملوك ٩: ٢٢ و٢ملوك ١٠: ٢٥ و١٥: ٢٥).
هٰذَا ٱلْحُكْمَ (ع ٢٥ و٢٦) نبوءة بصورة تهديد (٢أيام ٢٤: ٢٧) وكان كلام الرب المشار إليه عن فم إيليا (١ملوك ٢١: ١٩) ولم يذكره ياهو حرفياً بل معنوياً وزاد عليه ذكر بني نابوت فنستنتج أن إيزابل أمرت بقتلهم أيضاً لكي لا يكون لنابوت ورثة يعترضون على ما عملته.
٢٧ – ٢٩ «٢٧ وَلَمَّا رَأَى ذٰلِكَ أَخَزْيَا مَلِكُ يَهُوذَا هَرَبَ فِي طَرِيقِ بَيْتِ ٱلْبُسْتَانِ، فَطَارَدَهُ يَاهُو وَقَالَ: ٱضْرِبُوهُ. فَضَرَبُوهُ أَيْضاً فِي ٱلْمَرْكَبَةِ فِي عَقَبَةِ جُورَ ٱلَّتِي عِنْدَ يِبْلَعَامَ. فَهَرَبَ إِلَى مَجِدُّو وَمَاتَ هُنَاكَ. ٢٨ فَأَرْكَبَهُ عَبِيدُهُ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَدَفَنُوهُ فِي قَبْرِهِ مَعَ آبَائِهِ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ. ٢٩ فِي ٱلسَّنَةِ ٱلْحَادِيَةَ عَشَرَةَ لِيُورَامَ بْنِ أَخْآبَ، مَلَكَ أَخَزْيَا عَلَى يَهُوذَا».
٢أيام ٢٢: ٧ و٩ يشوع ١٧: ١١ وقضاة ١: ٢٧ ص ٢٣: ٣٠ ص ٨: ٢٥
فِي طَرِيقِ بَيْتِ ٱلْبُسْتَانِ كان كرم نابوت بجانب قصر أخآب وربما بيت البستان كان من الأملاك التابعة القصر.
فَطَارَدَهُ يَاهُو أي أمر جنوداً من جنوده أن يطاردوه ويقتلوه.
فِي عَقَبَةِ جُورَ… يِبْلَعَامَ موقعهما مجهول وفي (٢أيام ٢٢: ٩) وطلب أخزيا فأمسكوه وهو مختبئ في السامرة وأتوا به إلى ياهو وقتلوه. وإذا قابلنا الآيتين نستنتج أن جنود ياهو ضربوا أخزيا في عيبة جور فهرب إلى مجدّو ثم انتقل إلى السامرة ليختبئ ويبرأ من جروحه وأمسكه خدام ياهو وأتوا به إليه وهو في مجدّو وقتلوه هناك.
وَدَفَنُوهُ فِي قَبْرِهِ (ع ٢٨) وفي (٢أيام ٢٢: ٩) لأنهم قالوا أنه ابن يهوشافاط الذي طلب الرب بكل قلبه. وقبره هو القبر الذي كان قد أعدّه لنفسه قبل موته.
فِي ٱلسَّنَةِ ٱلْحَادِيَةَ عَشَرَةَ وفي (٨: ٢٥) في السنة الثانية عشرة لأن اليهود كانوا أحياناً يحسبون جزء السنة سنة كاملة.
٣٠ – ٣٧ «٣٠ فَجَاءَ يَاهُو إِلَى يَزْرَعِيلَ. وَلَمَّا سَمِعَتْ إِيزَابَلُ كَحَّلَتْ بِٱلأُثْمُدِ عَيْنَيْهَا وَزَيَّنَتْ رَأْسَهَا وَتَطَلَّعَتْ مِنْ كُوَّةٍ. ٣١ وَعِنْدَ دُخُولِ يَاهُو ٱلْبَابَ قَالَتْ: أَسَلاَمٌ لِزِمْرِي قَاتِلِ سَيِّدِهِ؟ ٣٢ فَرَفَعَ وَجْهَهُ نَحْوَ ٱلْكُوَّةِ وَقَالَ: مَنْ مَعِي؟ مَنْ؟ فَأَشْرَفَ عَلَيْهِ ٱثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ مِنَ ٱلْخِصْيَانِ. ٣٣ فَقَالَ: ٱطْرَحُوهَا. فَطَرَحُوهَا، فَسَالَ مِنْ دَمِهَا عَلَى ٱلْحَائِطِ وَعَلَى ٱلْخَيْلِ فَدَاسَهَا. ٣٤ وَدَخَلَ وَأَكَلَ وَشَرِبَ ثُمَّ قَالَ: ٱفْتَقِدُوا هٰذِهِ ٱلْمَلْعُونَةَ وَٱدْفِنُوهَا لأَنَّهَا بِنْتُ مَلِكٍ. ٣٥ وَلَمَّا مَضُوا لِيَدْفِنُوهَا لَمْ يَجِدُوا مِنْهَا إِلاَّ ٱلْجُمْجُمَةَ وَٱلرِّجْلَيْنِ وَكَفَّيِ ٱلْيَدَيْنِ. ٣٦ فَرَجَعُوا وَأَخْبَرُوهُ. فَقَالَ: إِنَّهُ كَلاَمُ ٱلرَّبِّ ٱلَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ عَنْ يَدِ عَبْدِهِ إِيلِيَّا ٱلتِّشْبِيِّ قَائِلاً: فِي حَقْلِ يَزْرَعِيلَ تَأْكُلُ ٱلْكِلاَبُ لَحْمَ إِيزَابَلَ. ٣٧ وَتَكُونُ جُثَّةُ إِيزَابَلَ كَدِمْنَةٍ عَلَى وَجْهِ ٱلْحَقْلِ فِي قِسْمِ يَزْرَعِيلَ حَتَّى لاَ يَقُولُوا هٰذِهِ إِيزَابَلُ».
إرميا ٤: ٣٠ وحزقيال ٢٣: ٤٠ ع ١٨ – ٢٢ و١ملوك ١٦: ٩ – ٢٠ و١ملوك ٢١: ٢٥ و١ملوك ١٦: ٣١ و١ملوك ٢١: ٢٣ إرميا ٨: ١ – ٣
فَجَاءَ يَاهُو إِلَى يَزْرَعِيلَ كان قد اقترب من المدينة حينما ضرب يهورام.
كَحَّلَتْ بِٱلأُثْمُدِ عَيْنَيْهَا ربما قصدت أن تغوي ياهو بجمالها. والأرجح أنها عرفت أن قتلها قريب فاستحسنت أن تموت وهي مزينة كما يليق بملكة. وكانت إيزابل قد بلغت من العمر ٥٥ سنة وأكثر لأن أخزيا وهو ابن بنتها كان قد بلغ من العمر ٢٣ سنة حينما قُتل.
وَتَطَلَّعَتْ مِنْ كُوَّةٍ لتَرى وتُرى وكان بيتها عند باب المدينة.
أَسَلاَمٌ لِزِمْرِي (ع ٣١) (انظر ١ملوك ١٦: ٩ و١٠) ومعناها أن زمري قتل الملك إيلة وقُتل هو بعد سبعة أيام وهكذا ياهو لأنه حسب قولها سيُقتل عن قريب فلا يكون له سلام.
مَنْ مَعِي (ع ٣٢) كان قد قتل الملك فدعا جميع الذي كانوا يخدمونه للعصيان على النظام القديم والخضوع للجديد فأسرع الجميع إلى إطاعة أمره خوفاً من غضبه وطمعاً في رضاه.
ٱلْخِصْيَانِ كان الخصيان يخدمون في قصور الملوك والأكابر في القديم (تكوين ٣٧: ٣٦ و٤٠: ٢ وأستير ٤: ٥ ودانيال ١: ٣) وفي قصور ملوك يهوذا أيضاً من أيام داود فصاعداً (١أيام ٢٨: ١) وكانوا أحياناً يخافون الرب (إرميا ٣٩: ١٥ – ١٨ وإشعياء ٥٦: ٤) وغالباً كانوا آلات بيد الظالمين وبلا عواطف طبيعية.
عَلَى ٱلْحَائِطِ (ع ٣) جُرحت قبل وصولها إلى الأرض فسال دمها على الحائط والخيل وساق ياهو خيله حتى داسوا جثتها علامة احتقاره لها.
وَدَخَلَ وَأَكَلَ (ع ٣٤) صار البيت وكل ما فيه لخدمته وأكل ما كان قد أُعد ليهورام وإيزابل.
هٰذِهِ ٱلْمَلْعُونَةَ كانت قد أغوت رجلها حتى أدخل عبادة البعل وحرضته على قتل نابوت واضطهدت عبدة الرب وقتلت أنبياءه وربت أولادها تربية فاسدة حتى امتدت شرورها بواسطتهم إلى الأجيال القادمة ووصلت إلى مملكة يهوذا أيضاً وتركت اسماً مكروهاً إلى الأبد. في (رؤيا ٢: ٢٠) أُطلق اسمها على النبية الكاذبة التي عملت وأغوت عبيد الرب أن يزنوا ويأكلوا ما ذُبح للأصنام.
لأَنَّهَا بِنْتُ مَلِكٍ أي بنت أثبعل ملك الصيدونيين.
ٱلَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ عَنْ يَدِ عَبْدِهِ إِيلِيَّا (ع ٣٦) وفي (١ملوك ٢١: ٢٣) إن الكلام تأكل إيزابل عند مترسة يزرعيل. والحقل وما عند المترسة وقسم يزرعيل بمعنى واحد أي قطعة الأرض التي كانت بقرب قصر الملك وبقرب باب المدينة أيضاً وسورها وبقرب حقل نابوت. وأعظم إهانة لجسد الإنسان أن يُطرح خارجاً بلا دفن وتأكله الكلاب.
فائدة
«يد الرب في تاريخ العالم»
- إن كل ما أصاب بيت أخآب كان عقاباً من الرب. فإن الرب أرسل النبي الذي مسح ياهو والرب أوصاه بكل ما سيفعله (ع ١ و٧) وكان هلاك أخزيا من قبل الله (٢أيام ٢٢: ٧). إن الرب يرى جميع أعمال الأشرار فلا بد من عقابهم وإن سكت إلى حين.
- إنه اختار ياهو وهو آلة موافقة لإجراء مقاصده فإنه كان شجاعاً نشيطاً سريع العمل غيوراً على عبادة الرب.
- إنه يستعمل آلات ضعيفة. فلا نقدر أن نبرر ياهو في كل أعماله ولا ننسب للرب نقصان الذين يخدمونه ولا خطاياهم. وعلى كل إنسان مسؤولية أعماله.
السابق |
التالي |