الرسالة الثانية إلى كورنثوس | المقدمة | الكنز الجليل
الكنز الجليل في تفسير الإنجيل
شرح الرسالة الثانية إلى كورنثوس
للدكتور . وليم إدي
كُتبت هذه الرسالة بعد بضعة أشهر من كتابة الرسالة الأولى لأنه كتبها في أثناء ذهابه من أفسس إلى كورنثوس فقال «أَمْكُثُ فِي أَفَسُسَ إِلَى يَوْمِ ٱلْخَمْسِينَ» وقال «وَسَأَجِيءُ إِلَيْكُمْ مَتَى ٱجْتَزْتُ بِمَكِدُونِيَّةَ، لأَنِّي أَجْتَازُ بِمَكِدُونِيَّةَ. وَرُبَّمَا أَمْكُثُ عِنْدَكُمْ أَوْ أُشَتِّي أَيْضاً» (١كورنثوس ١٦: ٥-٨). ولعله ذهب قبل ذلك الوقت لما وقع من السجس هنالك ومكث في ترواس مدة يسيرة رغبة في لقاء تيطس (٢كورنثوس ٢: ١٢). ثم زار كنائس مكدونية المشهورة وكتب هذه الرسالة في إحداها في صيف السنة التي كتب فيها الرسالة الأولى أو في خريفها والأرجح أن تلك السنة سنة ٥٧ ب .م وذهب على أثر ذلك إلى كورنثوس وأقام بها ثلاثة أشهر. كان بولس في شديد الهم من جهة تأثير رسالته الأولى في الكنيسة لأنه وبخهم فيها على خصوماتهم وعدم إجرائهم التأديب اللازم وعلى ما ارتكبوه من التشويش في العبادة. وكان قد أرسل تيطس إلى كورنثوس لكي يخبره بتأثير الرسالة وأحوال الكنيسة وبعد ما انتهى الشغب في أفسس تركها وذهب إلى ترواس راجياً أن يجد تيطس هناك ولما لم يجده عزم على أن يعبر البحر إلى مكدونية (٢كورنثوس ٢: ١٢). وبقي هناك حزيناً خائفاً إلى أن جاء تيطس وبشره بما عزاه كثيراً وهو إن أكثر الكنيسة قبل نصحه في رسالته وأجرى ما أمر به (ص ١: ١٣ و١٤ و٧: ٩ و١٥ و١٦). وأخبره أيضاً بأنه بقي بعض الكنيسة يرفض سلطانه الرسولي واتهمه بالتقلب وضعف العزم (ص ١: ١٧). واغتابوه وعابوه بحقارة منظره وخطابه وبأنه لا يجسر على إتيان ما أنذرهم به من القصاص (ص ١٣: ٢ و٣) إلى غير ذلك من الظعن والتعريض مما الغاية منه إضعاف تعليمه وإبطال دعواه (ص ١٠: ١ و١٠ و١١: ٢٢). وكان قد قصد أن يرسل تيطس مع غيره لإكمال جمع الإحسان لفقراء كنيسة أورشليم (ص ٨: ١٦-٢٢) ولعله هو الذي حمل هذه الرسالة إليهم.
مقدمة
تفتقر خزانة الأدب المسيحي إلى مجموعة كاملة من التفاسير لكتب العهدين القديم والجديد. ومن المؤسف حقاً أنه لا توجد حالياً في أية مكتبة مسيحية في شرقنا العربي مجموعة تفسير كاملة لأجزاء الكتاب المقدس. وبالرغم من أن دور النشر المسيحية المختلفة قد أضافت لخزانة الأدب المسيحي عدداً لا بأس به من المؤلفات الدينية التي تمتاز بعمق البحث والاستقصاء والدراسة، إلا أن أياً من هذه الدور لم تقدم مجموعة كاملة من التفاسير، الأمر الذي دفع مجمع الكنائس في الشرق الأدنى بالإسراع لإعادة طبع كتب المجموعة المعروفة باسم: «كتاب السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم» للقس وليم مارش، والمجموعة المعروفة باسم «الكنز الجليل في تفسير الإنجيل» وهي مجموعة تفاسير كتب العهد الجديد للعلامة الدكتور وليم إدي.
ورغم اقتناعنا بأن هاتين المجموعتين كتبتا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين إلا أن جودة المادة ودقة البحث واتساع الفكر والآراء السديدة المتضمنة فيهما كانت من أكبر الدوافع المقنعة لإعادة طبعهما.
هذا وقد تكرّم سينودس سوريا ولبنان الإنجيلي مشكوراً – وهو صاحب حقوق الطبع – بالسماح لمجمع الكنائس في الشرق الأدنى بإعادة طبع هاتين المجموعتين حتى يكون تفسير الكتاب في متناول يد كل باحث ودارس.
ورب الكنيسة نسأل أن يجعل من هاتين المجموعتين نوراً ونبراساً يهدي الطريق إلى معرفة ذاك الذي قال: «أنا هو الطريق والحق والحياة».
القس ألبرت استيرو
الأمين العام
لمجمع الكنائس في الشرق الأدنى
الرسالة الثانية إلى أهل كورنثوس
المقدمة وفيها خمسة فصول
الفصل الأول: في زمان كتابة هذه الرسالة ومكانها
كُتبت هذه الرسالة بعد بضعة أشهر من كتابة الرسالة الأولى لأنه كتبها في أثناء ذهابه من أفسس إلى كورنثوس فقال «أَمْكُثُ فِي أَفَسُسَ إِلَى يَوْمِ ٱلْخَمْسِينَ» وقال «وَسَأَجِيءُ إِلَيْكُمْ مَتَى ٱجْتَزْتُ بِمَكِدُونِيَّةَ، لأَنِّي أَجْتَازُ بِمَكِدُونِيَّةَ. وَرُبَّمَا أَمْكُثُ عِنْدَكُمْ أَوْ أُشَتِّي أَيْضاً» (١كورنثوس ١٦: ٥ – ٨). ولعله ذهب قبل ذلك الوقت لما وقع من السجس هنالك ومكث في ترواس مدة يسيرة رغبة في لقاء تيطس (٢كورنثوس ٢: ١٢). ثم زار كنائس مكدونية المشهورة وكتب هذه الرسالة في إحداها في صيف السنة التي كتب فيها الرسالة الأولى أو في خريفها والأرجح أن تلك السنة سنة ٥٧ ب .م وذهب على أثر ذلك إلى كورنثوس وأقام بها ثلاثة أشهر.
الفصل الثاني: في الداعي إلى كتابة هذه الرسالة
كان بولس في شديد الهم من جهة تأثير رسالته الأولى في الكنيسة لأنه وبخهم فيها على خصوماتهم وعدم إجرائهم التأديب اللازم وعلى ما ارتكبوه من التشويش في العبادة. وكان قد أرسل تيطس إلى كورنثوس لكي يخبره بتأثير الرسالة وأحوال الكنيسة وبعد ما انتهى الشغب في أفسس تركها وذهب إلى ترواس راجياً أن يجد تيطس هناك ولما لم يجده عزم على أن يعبر البحر إلى مكدونية (٢كورنثوس ٢: ١٢). وبقي هناك حزيناً خائفاً إلى أن جاء تيطس وبشره بما عزاه كثيراً وهو إن أكثر الكنيسة قبل نصحه في رسالته وأجرى ما أمر به (ص ١: ١٣ و١٤ و٧: ٩ و١٥ و١٦). وأخبره أيضاً بأنه بقي بعض الكنيسة يرفض سلطانه الرسولي واتهمه بالتقلب وضعف العزم (ص ١: ١٧). واغتابوه وعابوه بحقارة منظره وخطابه وبأنه لا يجسر على إتيان ما أنذرهم به من القصاص (ص ١٣: ٢ و٣) إلى غير ذلك من الطعن والتعريض مما الغاية منه إضعاف تعليمه وإبطال دعواه (ص ١٠: ١ و١٠ و١١: ٢٢). وكان قد قصد أن يرسل تيطس مع غيره لإكمال جمع الإحسان لفقراء كنيسة أورشليم (ص ٨: ١٦ – ٢٢) ولعله هو الذي حمل هذه الرسالة إليهم.
الفصل الثالث: في مضمون هذه الرسالة
لم يجر الرسول في هذه الرسالة على الترتيب الذي راعاه في غيرها من الرسائل فإنه ينتقل فيها من موضوع إلى آخر وقد يرجع إلى ما انتقل عنه. وأعظم المواضيع الذي تكلم فيها ثلاثة:
- بيان إحساساته من نحوهم مثل أنه يعتبرهم أولاده ويهتم بإصلاحهم ويسر ويشكر الله لتأثير رسالته الأولى مع بيان غايته من كل أتعابه ومشقاته (ص ١ – ص ٧).
- أمره بجمع الإحسان لفقراء أورشليم مع ذكر الأسباب الموجبة السخاء (ص ٨ وص ٩).
- محاماته عن نفسه وتبرئتها مما اتمهه به الأعداء مع توبيخه إياهم (ص ١٠ – ص ١٣). ثم التسليم والبركة الرسولية (ص ١٣: ١١ – ١٤).
الفصل الرابع: في فوائد هذه الرسالة
من فوائد هذه الرسالة إننا نعلم منها ما لا نعلمه من غيرها وهو أمور بولس الشخصية من أتعابه وضيقاته وإنكاره لنفسه وهمومه ورقة قلبه وتأمله من تهم المعلمين الكذبة وغيرته على من هداهم إلى المسيح بتبشيره وكثير من أمور حياته لم يذكرها لوقا في تاريخه. من تلك الفوائد المقابلة بين النظام الموسوي والنظام المسيحي ووصفه البيت المعد للمؤمنين غير المصنوع بأيدٍ في السماء وبيان حقيقة الحزن الذي بحسب مشيئة الله والتوبة الحقة وواجبات الرسل والمبشرين وضيقاتهم وتعزياتهم وشرفهم وأحمالهم. ومبادئ السخاء المسيحي وأسبابه وإعلانات وتعزيات ذات شأن وتتمة بعض المواضيع المذكورة في الرسالة الأولى.
التالي |