رومية

الرسالة إلى رومية | 05 | الكنز الجليل

الكنز الجليل في تفسير الإنجيل

شرح الرسالة إلى رومية

للدكتور . وليم إدي

الأصحاح الخامس

 

في هذا الأصحاح والثلاثة التي تليه بعض النتائج من تعليم التبرير مجاناً.

خمسٌ من نتائج التبرير ع ١ إلى ١١

قد أبان الرسول افتقار الناس إلى التبرير من (ص ١: ١٨ – ص ٣: ٢٠) وحقيقة التبرير من (ص ٣: ٢١ – ص ٤: ٢٥). وذُكر في هذا الأصحاح خمسٌ من نتائج ذلك التبرير:

  • الأولى: السلام مع الله (ع ١).
  • الثانية: تيقّن المجد الآتي (ع ٢).
  • الثالثة: التعزية في الشدائد (ع ٣ – ٥).
  • الرابعة: تأكد الخلاص بشرط الإيمان (ع ٦ – ١٠)
  • الخامسة: إن الخلاص هو سرور في الحاضر فضلاً عن أنه خير في المستقبل (ع ١١).

١ «فَإِذْ قَدْ تَبَرَّرْنَا بِٱلإِيمَانِ لَنَا سَلاَمٌ مَعَ ٱللّٰهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ»:

إشعياء ٣٢: ١٧ ويوحنا ١٦: ٣٣ وص ٣: ٢٨ و٣٠ وأفسس ٢: ١٤ وكولوسي ١: ٢٠

فَإِذْ قَدْ تَبَرَّرْنَا بِٱلإِيمَانِ هذا نتيجة كل ما قيل من (ص ٣: ٢١ – ص ٤: ٢٥). وقد سبق معنى «تبرّرنا» في (ص ٣: ٢٠). ومعنى قوله «تبرّرنا بالإيمان» أننا نجونا بإيماننا من غضب الله الذي وجب علينا بخطايانا لأنا صولحنا معه بدم ابنه (ع ١٠)

لَنَا سَلاَمٌ مَعَ ٱللّٰهِ هذه النتيجة الأولى من تبريرنا وهي أننا نحن الخطأة مسالمون لله القدوس. اعتبر الرسول الله هنا حاكماً عادلاً بأقانيمه الثلاثة وإننا قبل تبرّرنا كنا في حال العداوة لله (ع ١٠) وعرضة لغضبه (ص ٤: ١٥ و٥: ٩). ولما تبرّرنا بالكفارة التي قدمها المسيح عن الخطيئة تغيّرت حالنا من حال العداوة إلى حال المصالحة ومن كوننا عرضة للغضب إلى مصيرنا أهلاً لرضاه. ومعنى العبارة كمعنى قوله «لاَ شَيْءَ مِنَ ٱلدَّيْنُونَةِ ٱلآنَ عَلَى ٱلَّذِينَ هُمْ فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ» (ص ٨: ١).

إن المؤمن يشعر بسلام في الباطن لأن ضميره استراح بتيقنه أن مطاليب الناموس رُفعت عنه ولأنه سكنت مخاوفه من غضب الله لأن نائبه حمل عنه العقاب. وكان هذا السلام هبة الوداع للتلاميذ (يوحنا ١٤: ٢٧ و١٦: ٣٣).

بِرَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ فإذاً هذا السلام ليس بنتيجة استحقاقنا واجتهادنا بل هو كله على تحقيق الرسول نعمة. إن وسيطنا الأقنوم الثاني من اللاهوت هو سلامنا مع الله لأنه صار كفارة عن الخطيئة بسفك دمه وهو أوفى عنا كل مطاليب عدل الله وأزال اللعنة ومهد السبيل إلى إظهار الله القدوس الرحمة والمحبة للخطأة.

٢ «ٱلَّذِي بِهِ أَيْضاً قَدْ صَارَ لَنَا ٱلدُّخُولُ بِٱلإِيمَانِ، إِلَى هٰذِهِ ٱلنِّعْمَةِ ٱلَّتِي نَحْنُ فِيهَا مُقِيمُونَ، وَنَفْتَخِرُ عَلَى رَجَاءِ مَجْدِ ٱللّٰهِ».

يوحنا ١٠: ٩ و١٤: ٦ وأفسس ٢: ١٨ و٣: ١٢ وعبرانيين ١٠: ١٩ و١كورنثوس ١٥: ١ عبرانيين ٣: ٦

لم يأت بولس في هذه الآية بالثانية من نتائج التبرير الخمس بل أوضح الأولى.

ٱلَّذِي بِهِ أي بالمسيح.

ٱلدُّخُولُ بِٱلإِيمَانِ، إِلَى هٰذِهِ ٱلنِّعْمَةِ أراد «بالنعمة» هنا التبرير كما سبق في (ص ٤: ١٦). وصرّح بأننا مديونون للمسيح بأول بلوغنا حال السلام والمصالحة والقبول والرضى لأنه بتقديم نفسه ذبيحة أزال كل الموانع التي وضعتها الخطيئة في طريق ذلك على وفق قوله «لأَنَّ بِهِ لَنَا… قُدُوماً فِي رُوحٍ وَاحِدٍ إِلَى ٱلآبِ» (أفسس ٢: ١٨). وقول بطرس «فَإِنَّ ٱلْمَسِيحَ أَيْضاً تَأَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ أَجْلِ ٱلْخَطَايَا، ٱلْبَارُّ مِنْ أَجْلِ ٱلأَثَمَةِ، لِكَيْ يُقَرِّبَنَا إِلَى ٱللّٰهِ» (١بطرس ٣: ١٨). وقوله قد «صار لنا» يشير إلى ما حدث لنا حين آمنا به. وقيّد الدخول بالإيمان لأن الإيمان هو الوسيلة إلى التمسك بالمسيح والحصول على تلك النعمة. وفي هذا إشارة إلى أن التبرير حال دائمة. ومفاد العبارة كلها أننا مديونون للمسيح بدءاً وأبداً بتلك النعمة العظيمة.

وَنَفْتَخِرُ عَلَى رَجَاءِ مَجْدِ ٱللّٰهِ إن المتبرّرين فضلاً عن سرورهم بأمنهم وراحة ضمائرهم وسلامهم مع الله يسرّون برجاء أنهم يشتركون في مجد الله الموعود به كل أعضاء ملكوت المسيح (يوحنا ١٧: ٢٢ ورومية ٨: ١٧ و١تسالونيكي ٢: ١٢ و١يوحنا ٣: ٢ ورؤيا ٢١: ١١) وأُضيف «المجد» إلى الله لأنه هو واهبه ولأن المؤمنين يشتركون في مجد المسيح والمسيح هو الله.

ويظهر من هذه الآية أن للمؤمنين أن يثقوا بأنهم خلصوا وأن يُسروا بذلك لأن الثقة بالخلاص هي الثقة باستحقاق المسيح وصدقه وخلوص محبة الله وليس في ذلك من طمع لأن تلك الثقة ليست باستحقاقنا أو بقوتنا على الثبات والطاعة لكنها تيقن رحمة الرب يسوع وصدق وعده وقوته.

٣، ٤ «٣ وَلَيْسَ ذٰلِكَ فَقَطْ، بَلْ نَفْتَخِرُ أَيْضاً فِي ٱلضِّيقَاتِ، عَالِمِينَ أَنَّ ٱلضِّيقَ يُنْشِئُ صَبْراً، ٤ وَٱلصَّبْرُ تَزْكِيَةً، وَٱلتَّزْكِيَةُ رَجَاءً».

متّى ٥: ١١ و١٢ وأعمال ٥: ٤١ و٢كورنثوس ١٢: ١٠ وفيلبي ٢: ١٧ ويعقوب ١: ٢ و١٢ و١بطرس ٣: ١٤ يعقوب ١: ٣ يعقوب ١: ١٢

في هاتين الآيتين نتيجة التبرير الثانية وهي التعزية في الضيقات.

وَلَيْسَ ذٰلِكَ فَقَطْ أي لم يقصر افتخارنا على رجاء المجد في المستقبل الذي هو موضوع الفرح طبعاً بل نفتخر أيضاً في ما من شأنه الإحزان. فكلما تغيّرت بواسطة التبرير نسبتنا إلى الله تغيرت به نسبتنا إلى الأحوال التي نحن فيها.

بَلْ نَفْتَخِرُ أَيْضاً فِي ٱلضِّيقَاتِ كانت تلك الضيقات قبل أن نتبرّر علامات غضب الله ولكنها صارت بعده آيات محبته لانه قصد بها خيرنا وهي برهان على أن الله يعتبرنا أولاداً له ويعاملنا معاملة الأولاد (رومية ٨: ١٨ وعبرانيين ١٢: ٦) ولأن أثمار تلك الضيقات جيدة وهي وسيلة إلى تقديسنا وصيرورتنا مفيدين لغيرنا ولأننا بها نستعد للسماء. وما قيل هنا كقول المسيح «طُوبَى لِلْحَزَانَى، لأَنَّهُمْ يَتَعَزَّوْنَ. طُوبَى لِلْمَطْرُودِينَ مِنْ أَجْلِ ٱلْبِرِّ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَاوَاتِ. طُوبَى لَكُمْ إِذَا عَيَّرُوكُمْ وَطَرَدُوكُمْ… اِفْرَحُوا وَتَهَلَّلُوا، لأَنَّ أَجْرَكُمْ عَظِيمٌ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ» (متّى ٥: ٤ و١٠ – ١٢). وهذا على وفق ما فعل الرسل الأطهار (أعمال ٥: ٤١). وقول بولس لأهل كورنثوس (٢كورنثوس ١٢: ١٠ و١١). وقول بطرس للمتشتتين (١بطرس ٤: ١٣ و١٤).

عَالِمِينَ أَنَّ ٱلضِّيقَ يُنْشِئُ صَبْراً لأنّا لا نتعلم الصبر إلا باختبار الشدائد خاضعين لإرادة الله. والكلمة اليونانية المترجمة «بالصبر» هنا تفيد أيضاً شدة الثبات المقترنة بالصبر التي تجعل الإنسان يحتمل المكروه بشجاعة.

وَٱلصَّبْرُ تَزْكِيَةً تُنسب التزكية إلى ما امتُحن فظهرت جودته بالامتحان كما يتزكى الذهب والفضة بالنار. كذا تزكى إبراهيم بأن الله امتحنه بأمره إياه بتقديم ابنه إسحاق ذبيحة له. وكذا تزكى أيوب بامتحان الله إياه بالأرزاء الكثيرة. وذلك على وفق قول يعقوب «طُوبَى لِلرَّجُلِ ٱلَّذِي يَحْتَمِلُ ٱلتَّجْرِبَةَ، لأَنَّهُ إِذَا تَزَكَّى يَنَالُ «إِكْلِيلَ ٱلْحَيَاةِ» (يعقوب ١: ١٢). وقول بطرس «لِكَيْ تَكُونَ تَزْكِيَةُ إِيمَانِكُمْ، وَهِيَ أَثْمَنُ مِنَ ٱلذَّهَبِ ٱلْفَانِي، مَعَ أَنَّهُ يُمْتَحَنُ بِٱلنَّارِ، تُوجَدُ لِلْمَدْحِ وَٱلْكَرَامَةِ وَٱلْمَجْدِ» (١بطرس ١: ٧). وهذا كثيراً ما يقصده الله بإرسال المصائب على المسيحيين اليوم.

وَٱلتَّزْكِيَةُ رَجَاءً أي رجاء رضى الله علينا والتمجد في حضرته. كلما انتصر المؤمن في حرب المصائب زاد رجاؤه أن ينتصر إلى النهاية ولم يقصر عن نوال سعادة السماء.

٥ «وَٱلرَّجَاءُ لاَ يُخْزِي، لأَنَّ مَحَبَّةَ ٱللّٰهِ قَدِ ٱنْسَكَبَتْ فِي قُلُوبِنَا بِٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ ٱلْمُعْطَى لَنَا».

فيلبي ١: ٢٠ و٢كورنثوس ١: ٢٢ وغلاطية ٤: ٦ وأفسس ١: ١٣ و١٤

وَٱلرَّجَاءُ لاَ يُخْزِي وبذلك يفرق عن الرجاء الدنيوي. ومعنى قوله «لا يُخزي» أنه لا يعقبه خيبة ولا يأس بل يتكلل بالخلاص (ص ٩: ٣٣ ومزمور ٢٢: ٤ و٥). فكل «مَوَاعِيدُ ٱللّٰهِ فَهُوَ فِيهِ ٱلنَّعَمْ وَفِيهِ ٱلآمِينُ» (٢كورنثوس ١: ٢٠ انظر أيضاً فيلبي ١: ٢٠). وكل ما في هذه الآية إلى الآية العاشرة بيان أن أساس رجاء المسيحي وطيد.

لأَنَّ مَحَبَّةَ ٱللّٰهِ قَدِ ٱنْسَكَبَتْ هذا علّة أن الرجاء لا يُخزي فإنه لم يُبن على شدة عزمنا أو على قوتنا أو اختبارنا أو محبتنا لله بل على محبة الله لنا لأنها محبة الإله الأبدي غير المتغيّر فهي تدوم إلى الأبد. وقوله «انسكبت» يشير إلى وفرة ظهور تلك المحبة إذ هي ليست كالندى بل كوابل المطر (أعمال ٢: ١٧ و١٠: ٤٥ وتيطس ٣: ٦).

فِي قُلُوبِنَا هذا علاوة على ما أظهره تعالى من محبته في عمل الخليقة والعناية وعلى ما أظهره منها لكل الناس في عمل الفداء لأنه يحقق لنفوسنا حضوره فينا ورضاه علينا كقوله «اَلرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضاً يَشْهَدُ لأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ ٱللّٰهِ» (ص ٨: ١٦ انظر أيضاً ٢كورنثوس ١: ٢١ وأفسس ١: ١٤) وبهذا نعلم أن رجاءنا لا يخيب.

بِٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ الأقنوم الثالث الذي عمله أن يسكب محبة الله في قلوبنا (ص ٨: ١٥ و١٦ ويوحنا ١٦: ١٤ و١كورنثوس ٢: ٩ و١٠ وغلاطية ٤: ٦) ولأن الشعور بمحبة الله عطيّة الروح القدس لا يمكن أن يكون مجرد تخيّل أو وهم باطل.

ٱلْمُعْطَى لَنَا نحن المسيحيين وهو أُعطي لنا حين آمنا ووّلدنا من فوق.

٦ «لأَنَّ ٱلْمَسِيحَ، إِذْ كُنَّا بَعْدُ ضُعَفَاءَ، مَاتَ فِي ٱلْوَقْتِ ٱلْمُعَيَّنِ لأَجْلِ ٱلْفُجَّارِ».

غلاطية ٤: ٤ ص ٤: ٢٥ وع ٨

في هذه الآية برهان محبة الله لنا وهو موت المسيح عنّا.

ضُعَفَاءَ عاجزين عن القيام بواجباتنا وعن التكفير عن خطايانا لكي ننال التبرير أمام الله والنجاة من الغضب الذي نستحقه فهذا الضعف ضعف روحي وهو خطيئة لا مجرد مصيبة كالضعف الجسدي كما يظهر من وضع الخطأة موضع ضعفاء في (ع ٨).

فِي ٱلْوَقْتِ ٱلْمُعَيَّنِ الذي عيّنه الله بمقتضى قضائه الأزلي وعبّر عنه «بملء الأزمنة» في (غلاطية ٤: ٤ قابل في أفسس ١: ١٠ و١تيموثاوس ٢: ٦ وتيطس ١: ٣) وأعلنه بالنبوآت (تكوين ٤٩: ١٠ ودانيال ٩: ٢٤ – ٢٧ انظر ايضاً شرح متّى ٢: ١ و٢).

لأَجْلِ ٱلْفُجَّار هم الضعفاء في أول الآية ومعنى «مات من أجلهم» أنه مات عنهم أي بدلاً منهم بغية خلاصهم. وقد أوضح هذا المعنى أكثر إيضاح في (ص ٣: ٢٥ وأفسس ٥: ٢ و١تيموثاوس ٢: ٦). وموت يسوع من «أجل الفجار» برهان على قوة محبة الله إياهم وأن الفداء مجان أي لم يكن لخير فينا.

٧ «فَإِنَّهُ بِٱلْجَهْدِ يَمُوتُ أَحَدٌ لأَجْلِ بَارٍّ. رُبَّمَا لأَجْلِ ٱلصَّالِحِ يَجْسُرُ أَحَدٌ أَيْضاً أَنْ يَمُوتَ».

هذه الآية تظهر عظمة محبة الله للناس وعدم استحقاقهم إياها بدليل موت المسيح لأجل الفجار.

بَارٍّ أي عادل مستقيم.

ٱلصَّالِحِ أي المحسن الذي له المنة والفضل على غيره. والفرق بين البار والصالح أن الأول يعمل ما يعمله ليقوم بما وجب عليه شرعاً والثاني يعمل أعماله للمحبة والرغبة في نفع غيره فنحترم الأول ونحب الثاني ونشكره ويهون علينا أن ننكر أنفسنا من أجله. جاء في كتب ربانيي اليهود ما يوضح ذلك وهو أن البار قال لجاره كل ما هو لي فهو لي وكل ما هو لك فهو لك. وأن الصالح قال لجاره كل ما هو لك فهو لك وكل ما هو لي فهو لك. وغاية الرسول من هذه العبارة بيان أنه ليس في العالم نظير محبة المسيح للناس وأنها أعظم من كل محبة عرفناها أو سمعنا بها.

٨ «وَلٰكِنَّ ٱللّٰهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ ٱلْمَسِيحُ لأَجْلِنَا».

يوحنا ١٥: ١٣ و١بطرس ٣: ١٧ و١يوحنا ٣: ١٦ و٤: ٩ و١٠

ذكر الرسول في الآية السابعة حدّ المحبة البشرية الذي هي لا تتجاوزه وقابلها هنا بمحبة الله إظهاراً للفرق العظيم بينهما. وبرهان ذلك هو ان الله أرسل ابنه ليموت لا عن الأبرار ولا عن الصالحين بل عن الخطأة غير المستحقين تلك المحبة بل الذين وجب عليهم غضب الله ودينونته. وأورد الرسول موت المسيح برهاناً على محبة الله الآب كما هو برهان على محبة الله الابن.

مَاتَ ٱلْمَسِيحُ لأَجْلِنَا أي كفارة عن خطايانا.

٩ «فَبِٱلأَوْلَى كَثِيراً وَنَحْنُ مُتَبَرِّرُونَ ٱلآنَ بِدَمِهِ نَخْلُصُ بِهِ مِنَ ٱلْغَضَبِ».

ص ٣: ٢٥ وأفسس ٢: ١٣ وعبرانيين ٩: ١٤ و١يوحنا ١: ٧ ص ١: ١٨ و١تسالونيكي ١: ١٠

ما في هذه الآية والتي تليها يؤكد خلاص المؤمنين بما اختبرناه من محبة الله مجاناً.

فَبِٱلأَوْلَى البراهين على هذه الأولوية في هذه الآية مثل البراهين الصحيحة التي ذُكرت في الآيتين السابعة والثامنة فإنه إذا كان الله يظهر محبته لأعدائه فبالأولى كثيراً أن يظهرها لأصدقائه.

وَنَحْنُ مُتَبَرِّرُونَ وقد غُفرت خطايانا وصولحنا مع الله وحصلنا على رضاه بناء على الفداء بيسوع المسيح.

بِدَمِهِ هذا العلة الأصلية لقبولنا أمام الله لا أعمالنا الصالحة ولا إيماننا ولا طاعتنا ولا عمل المسيح فينا بل عمله لأجلنا باعتبار كونه ذبيحة عن الخطيئة (ص ٣: ٢٥ وأفسس ٢: ١٣ وعبرانيين ٩: ١٢).

ولا منافاة بين ما قيل هنا وما قيل في الآية الأولى وهو أننا متبرّرون بالإيمان لأن الإيمان هو الوسيلة التي نتوصل بها إلى التبرير الذي أنشأه المسيح لنا بدمه.

نَخْلُصُ بِهِ نحن المتبرّرون الآن وإلى الأبد لأن الله قد صالحنا بالمسيح فهو يعتبرنا الآن أبراراً. ولا يترك ما ابتدأه قبل أن يتممه فالذي يبرّره يمجده أيضاً.

مِنَ ٱلْغَضَبِ أي العقاب اللازم عن الغضب الذي استحقته خطايانا فغضبه تعالى على الخطيئة لا يمنعه من محبته للخطأة وإعداده كفارة عنهم لأن الذي يغضب هو الذي يخلّص بتقديم ابنه فدية.

فنتج مما ذُكر أن خلاصنا كله بالمسيح وبداءته هي التبرير وأنه تضمن الوقاية من كل الشرور التي تقود إلى الهلاك الأبدي أي الوقاية من قوة الشيطان وسلطان الإثم والموت الثاني وأنه يخوّلنا سعادة السماء.

إن تبريرنا بدم المسيح وما حصلنا عليه من النعمة علاوة على التبرير يجوز أن ننسبهما أيضاً إلى شفاعة المسيح وعنايته بنا وإلى روحه القدوس الذي هو أرسله (ص ٨: ٣٤ وعبرانيين ٤: ١٤ و٧: ٢٥ و١يوحنا ٢: ١ ويهوذا ٢٤).

١٠ «لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا وَنَحْنُ أَعْدَاءٌ قَدْ صُولِحْنَا مَعَ ٱللّٰهِ بِمَوْتِ ٱبْنِهِ، فَبِٱلأَوْلَى كَثِيراً وَنَحْنُ مُصَالَحُونَ نَخْلُصُ بِحَيَاتِهِ».

ص ٨: ٣٢ و٢كورنثوس ٥: ١٨ و١٩ وافسس ٢: ١٦ وكولوسي ١: ٢٠ و٢١ يوحنا ٥: ٢٦ و١٤: ١٩ و٢كورنثوس ٤: ١٠ و١١

في هذه الآية تكرير معنى الآية التاسعة لبيان أن تبرير المؤمن يؤكد خلاصه لأن ما عُمل أصعب مما بقي ولم يكن لنا أن نتوقعه كما نتوقع هذا.

أَعْدَاءٌ هذا صفة الخطأة بالنسبة إلى الله القدوس أنهم عرضة لغضبه ونقمته. وهو بيان شعور الخطأة أيضاً من جهة الله. فالآية التاسعة بيان أننا تبرّرنا وإن كنا خطأة وهذه الآية بيان أن الله صالحنا مع أننا كنا أعداء.

صُولِحْنَا مَعَ ٱللّٰهِ هذا إشارة إلى زوال عداوة الله أي غضبه على الخطأة الذي لا بد منه بالنظر إلى كونه قاضياً عادلاً لا إشارة إلى زوال عداوتنا له. ودليل ذلك أن تلك المصالحة بدم المسيح أي بموته وتعليم الإنجيل الدائم أن المسيح مات كفارة أيضاً للعدل الإلهي. وفي هذا أن الله الذي كان هو المغتاظ هو الذي أعدّ طريق المصالحة وهو الذي صالح بدليل قوله «ٱلْكُلَّ مِنَ ٱللّٰهِ، ٱلَّذِي صَالَحَنَا لِنَفْسِهِ بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ… أَيْ إِنَّ ٱللّٰهَ كَانَ فِي ٱلْمَسِيحِ مُصَالِحاً ٱلْعَالَمَ لِنَفْسِهِ» (٢كورنثوس ٥: ١٨ و١٩ وكولوسي ١: ٢٠). ولا منافاة بين نسبة المصالحة إلى الآب ونسبتها أحياناً إلى المسيح لأن الآب والابن إله واحد.

نَخْلُصُ بِحَيَاتِهِ إذا كان المسيح وهو ميت قد صالحنا مع الله فبالأولى أنه وهو حي مالك ممجد لا يترك فداءنا ناقصاً.

إن تبرير الخاطئ كلّف المسيح سفك دمه وذلك ليصالح مع الله الذين هم أعداءه فما بقي على المسيح في خلاصهم لا يكلفه شيئاً من الألم وهو يفعله لأصدقائه الذي يُسر بخدمتهم. وحياة المسيح تؤكد خلاص شعبه لثلاث علل:

  • الأولى: إنها عربون حياتهم وباكورتها بدليل قوله «إِنِّي أَنَا حَيٌّ فَأَنْتُمْ سَتَحْيَوْنَ» (يوحنا ١٤: ١٩ انظر ايضاً رومية ٨: ١١ و١كورنثوس ١٥: ٢٣).
  • الثانية: إنه الشفيع بدليل قوله «يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَ أَيْضاً إِلَى ٱلتَّمَامِ ٱلَّذِينَ يَتَقَدَّمُونَ بِهِ إِلَى ٱللّٰهِ، إِذْ هُوَ حَيٌّ فِي كُلِّ حِينٍ لِيَشْفَعَ فِيهِمْ» (عبرانيين ٧: ٢٥).
  • الثالثة: إنه «دُفع إليه بعد قيامته كل سلطان في السماوات والأرض» لكي يحمي شعبه ويقدسهم ويؤكد لهم الخلاص (متّى ٢٨: ١٨ انظر أيضاً أفسس ١: ٢٢ وعبرانيين ٢: ١٠ ورؤيا ١: ١٨).

١١ «وَلَيْسَ ذٰلِكَ فَقَطْ، بَلْ نَفْتَخِرُ أَيْضاً بِٱللّٰهِ، بِرَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، ٱلَّذِي نِلْنَا بِهِ ٱلآنَ ٱلْمُصَالَحَةَ».

ص ٢: ١٧ و٣: ٢٩ و٣٠ وغلاطية ٤: ٩ ع ١٠

في هذه الآية نتيجة التبرير الثالثة وهي الافتخار بالله.

نَفْتَخِرُ أَيْضاً بِٱللّٰه في هذا إشارة إلى غاية الفرح الذي يظهر بتقديم الحمد لله وهذا الفرح ينتج عن الشعور بمحبة الله ورضاه وعن يقين الرجاء وهو من نتائج الفداء الحاضرة علاوة على النجاة من الغضب الآتي. وهذا يعلّمنا أن الله نفسه أعظم مواضيع فرح النفس الإنسانية. وكان هذا موضوع سرور الإنسان في الفردوس قبل سقوطه وسيكون أعظم مواضيع الفرح في السماء لأن النفس مخلوقة لله ولا تسعد إلا به. فالمسيحي يفتخر بوجود الله وبصفاته ومعاملته لنا باعتبار كونه أبانا وصديقنا وإلهنا ونصيبنا.

بِرَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ إنّا مديونون له بكل هذا السرور والافتخار.

ٱلَّذِي نِلْنَا بِهِ ٱلآنَ ٱلْمُصَالَحَةَ التي لا يقدر أن ينشئها الإنسان لنفسه وهي السلم بين الله القدوس والإنسان الخاطئ وقد أنشأها المسيح بموته على الصليب كفّارة عن خطايانا. وتقييده المصالحة «بالآن» يفيد أن خلاصنا بُدئ على الأرض وهو على وفق قول المسيح لزكا «اليوم حصل خلاص لهذا البيت» (لوقا ١٩: ٩).

فوائد

  1. إن السلام مع الله الذي نناله بالتبرير على طريقة الإنجيل موافق لصفات الله ولاحتياج الإنسان ولا سلام كهذا بغير ذلك التبرير. والإيمان هو الباب الذي يدخل فيه ذلك السلام إلى القلب (ع ١ و٢).
  2. إن كل فوائد الفداء متصلة وكل منها نتيجة ما قبله. فالمتبرّرون لهم سلام مع الله والذين لهم سلام مع الله يستطيعون أن يتقربوا منه ولهم من ذلك السرور في الأرزاء وتحقق محبة الله وخلاصهم الأبدي (ع ١ – ١١).
  3. ثبات المؤمنين متوقف على محبة الله لهم بيسوع المسيح لا على محبتهم لله أو لشيء من الصلاح فيهم (ع ٦ – ١٠).
  4. إن الفداء إنما هو بالدم لا بقوة الحق أو بشيء من التأثير الأدبي (ع ٩ و١٠).
  5. إننا مديونون ليسوع المسيح بحياته وبموته وبشفاعته فكل ما نتمتع به الآن وكل ما نرجوه في المستقبل منه لأن به السلام والاقتراب إلى الله والسرور ورجاء الحياة الأبدية (ع ١١).
  6. إنه يحق للمسيحي الحقيقي بل يجب عليه أن يكون مسروراً (ع ١١).

مقابلة الدينونة بآدم بالتبرير بالمسيح ع ١٢ إلى ٢١

أوضح الرسول مراده في هذا الفصل بأحد عشر أمراً:

  1. سقوط جمع الناس بسقوط آدم (ع ١٢).
  2. البرهان على أن الناس وجبت عليهم الدينونة بخطيئة آدم وهو أن عموم الموت الذي هو العقاب على الخطيئة يستلزم أن الناس حُسبوا متعدين الناموس (ع ١٣).
  3. إن الناموس الذي تعدّاه الناس ليس بناموس موسى لأنه مات كثيرون قبل إعطاء ذلك الناموس (ع ١٤).
  4. إن الناموس الذي تعدّوه ليس بالناموس الأدبي لأن كثيرين ماتوا وهم لم يتعدوا هذا الناموس (كالأطفال والبله) (ع ١٤).
  5. إنه بعد ما ذُكر لم يبق علّة لحسبان الناس خطأة وكونهم عرضة للموت إلا تعدّي آدم (ع ١٣ و١٤).
  6. إنه يلزم مما ذُكر أن آدم كان رمزاً إلى المسيح في النيابة عنّا فإنّا دُنّا بالأول وتبرّرنا بالثاني.
  7. إن ذلك الرمز ليس في كل الوجود وأوجه الاختلاف ثلاثة:
    • الأول: أولوية حياة كثيرين ببر واحد من موت الكثيرين بتعدي واحد (ع ١٥).
    • الثاني: إن الفوائد بالمسيح أكثر من الخسارة بآدم لأننا تبرّرنا من خطايا كثيرة (خطيئة آدم وخطايانا) ولكن الدينونة التي وجبت علينا بآدم كانت دينونة خطيئة واحدة (ع ١٦).
    • الثالث: إن المسيح منحنا حياة أبدية علاوة على إنقاذه إيّانا من الموت بآدم.
  8. تكرير قوله في (ع ١٢) بناء على أنه قد أثبته بالبراهين (ع ١٨).
  9. إيضاح المقابلة بين خطيئة آدم وبرّ المسيح.
  10. جواب هذا السؤال «لماذا وُضع الناموس إن كان لا يبرّر» (ع ٢٠).
  11. إنه على قدر امتداد الإثم في العالم تعظم النعمة وتزداد (ع ٢١).

١٢ «مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ ٱلْخَطِيَّةُ إِلَى ٱلْعَالَمِ، وَبِٱلْخَطِيَّةِ ٱلْمَوْتُ، وَهٰكَذَا ٱجْتَازَ ٱلْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ ٱلنَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ ٱلْجَمِيعُ».

متّى ٢٥: ١٤ تكوين ٣: ٦ و١كورنثوس ١٥: ٢١ تكوين ٢: ١٧ وص ٦: ٢٣

مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ أي بناء على ما قلناه في شأن التبرير. وهذا مقدمة لما يأتي من مقابلة ما فعله يسوع لتبريرنا.

كَأَنَّمَا هذه الآية متعلقة بالآية الثامنة عشرة وما بينهما معترض. والمقابلة المقصودة هي أنه كما دخل بواحد الإثم والموت إلى العالم كذلك دخل بواحد التبرير والحياة. ووجه الشبه وحدة العلّة في الأمرين.

بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ أي آدم.

دَخَلَتِ ٱلْخَطِيَّةُ إِلَى ٱلْعَالَمِ أشار الرسول بذلك إلى ما كُتب في (تكوين ٣: ٦ و٧). وهو أن علّة كون جميع الناس خطأة هي آدم لأنه خطئ. والمراد «بالعالم» أناسه أي الجنس البشري كما جاء في (يوحنا ١: ١٠ و٣: ١٦). وشُخصت الخطيئة هنا ملكة على وفق ما جاء في (ع ٢١) معنىً ولفظاً وهو قوله «ملكت الخطيئة». ومعنى قوله «دخلت إلى العالم» إن آدم كان الخاطئ الأول وبواسطته صار كل الجنس خاطئاً. وبقي في معنى ذلك ثلاثة أقوال:

  • الأول: إنه على أثر سقوط آدم أخذ الناس يخطأون.
  • الثاني: إن الطبيعة البشرية فقدت البرّ الأصلي وفسدت عندما سقط فصارت مائلة إلى الخطيئة.
  • الثالث: إن الناس صاروا منذ ذلك العهد عرضة للهلاك. ولا واحد من هذه الثلاثة على حدته وافٍ بالمعنى فإنه يجمعها كلها.

واعتبر بولس في قوله «بإنسان واحد» آدم وحواء شخصاً واحداً كما اعتبروا في سفر التكوين (تكوين ٥: ٢) ولم يذكر تجربة الحيّة ولا معصية حواء أولاً لأن غايته بيان أن آدم كان في ما فعله نائب كل نسله. وعلّة دخول الخطيئة «بإنسان واحد» الاتحاد بين آدم ونسله وهو أولاً طبيعي لأن آدم والدهم جميعاً وثانياً عهديّ لأن الله عيّنه نائباً عنهم حتى أنهم يقومون بقيامه ويسقطون بسقوطه. ولا ظلم في ذلك لأنهم كانوا على رجاء الربح كما كانوا على خطر الخسارة. ولأن الله جعل المسيح نائباً عنهم لكي يصيروا باتحادهم به أبراراً ويُعاملوا معاملة الأبرار كما صاروا باتحادهم بآدم خطأة.

وَبِٱلْخَطِيَّةِ ٱلْمَوْتُ بموجب قوله تعالى «يوم تأكل منها موتاً تموت» (تكوين ٢: ١٧) وهذا الموت جسدي كما يظهر من (ع ١٤ وتكوين ٣: ١٩) وروحي أيضاً كما يتبيّن من (ع ١٧ و١٨ و٢١ و٢تيموثاوس ١: ١٠). فالموت هنا عبارة عن كل نتائج الخطيئة في العالمَين. وقال «بالخطيئة الموت» لأنها علته وهو عقابها فلولا الخطيئة لم يكن من موت (تكوين ٢: ١٧ و٣: ١٩). ولا منافاة بين قولنا هذا وقول بولس في (١كورنثوس ١٥: ٤٦ – ٥٠) وخلاصته أن لحماً ودماً لا يقدران أن يرثا ملكوت الله ولا يرث الفساد عدم الفساد لأنه لا يلزم منه وجوب أن يموت الإنسان لكي يدخل السماء وهو باق في القداسة الأصلية لإمكان أن يتغير بلا موت كما يتضح من قوله «لاَ نَرْقُدُ كُلُّنَا، وَلٰكِنَّنَا كُلَّنَا نَتَغَيَّرُ» (١كورنثوس ١٥: ٥١).

وَهٰكَذَا ٱجْتَازَ ٱلْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ ٱلنَّاسِ أي عمّ الجميع فإنه لما دخلت الخطيئة العالم مهّدت السبيل للموت فجرى على أثرها. فكما أوقع آدم كل الناس في الخطيئة أوقعهم جميعاً في الموت. وكما صار جميع الناس شركاءه في الخطيئة صاروا شركاءه في عقابها.

إِذْ أَخْطَأَ ٱلْجَمِيعُ عندما دخلت الخطيئة بآدم. وذكر ذلك علّة لعموم الموت. وقد حُسب الجنس البشري كله واحداً للعلاقة بين آدم ونسله. لأنه نائب الكل أخطأ الكل به أي اعتبر الله سائر الناس خطأة كآدم وعاملهم معاملته. فلو ثبت آدم لثبت الجميع بأن حُسبوا طائعين بطاعته ونالوا به الحياة الأبدية. ولكن لأنه سقط حُسبوا جميعاً خطأة عرضة للعقاب المترتب على الخطيئة. إنّا لما أخطأ آدم لم نخطئ فعلاً حتى يجب علينا أن نتوب عن خطيئته. فقوله «أخطأ الجميع بآدم» كقوله «إِنْ كَانَ وَاحِدٌ قَدْ مَاتَ لأَجْلِ ٱلْجَمِيعِ. فَٱلْجَمِيعُ إِذاً مَاتُوا» (٢كورنثوس ٥: ١٤). فنحن لم نمت فعلاً بموت المسيح وكذا لم نخطأ فعلاً بخطيئة آدم. ففي كلا الأمرين نُسب إلينا فعل غيرنا.

كنا نتوقع من سياق الكلام أن يُقال هكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس لأن آدم قد أخطأ لكنه قال «إذ أخطأ الجميع» فلماذا عدل عن ذلك إلى هذا لو لم يكن معنى العبارتين واحداً. فسلك الرسول هذه الطريق ليعلّمنا أنه حين أخطأ آدم أخطأ الجميع به فخطيئته خطيئة الجنس كله.

ويجب أن يُعلم هنا أن ما ذُكر لا ينفي إنا ذوو طبيعة فاسدة وإننا أخطأنا فعلاً وأنه وجب علينا العقاب لما فعلنا. ولكن ليس مقصود الرسول ذكر ذلك هنا بل بيان أنه كيف مات الجميع بآدم لبيان أنه كيف يحيا الجميع بالمسيح في (ع ١٥) وكرّر بين (ع ١٥ وع ١٩) خمس مرات أن خطيئة واحدة كانت علّة الموت الذي عمّ الجنس البشري (انظر ما في ١كورنثوس ١٥: ٢٢).

١٣، ١٤ «١٣ فَإِنَّهُ حَتَّى ٱلنَّامُوسِ كَانَتِ ٱلْخَطِيَّةُ فِي ٱلْعَالَمِ. عَلَى أَنَّ ٱلْخَطِيَّةَ لاَ تُحْسَبُ إِنْ لَمْ يَكُنْ نَامُوسٌ. ١٤ لٰكِنْ قَدْ مَلَكَ ٱلْمَوْتُ مِنْ آدَمَ إِلَى مُوسَى، وَذٰلِكَ عَلَى ٱلَّذِينَ لَمْ يُخْطِئُوا عَلَى شِبْهِ تَعَدِّي آدَمَ، ٱلَّذِي هُوَ مِثَالُ ٱلآتِي».

ص ٤: ١٥ و١يوحنا ٣: ٤ و١كورنثوس ١٥: ٢١ و٢٢ و٤٥

في هاتين الآيتين برهان على صحة قوله في (ع ١٢) «أنه بإنسان واحد اجتاز الموت إلى جميع الناس». وذلك أن وقوع العقاب دليل على تعدّي الشريعة التي عينت ذلك العقاب. والموت عقاب الخطيئة وقد وقع على الذين لم يتعدوا ناموس موسى بل وقع على الذين لم يتعدوا شيئاً من الناموس الأدبي فنتج بالضرورة أن موتهم كان نتيجة خطيئة آدم.

حَتَّى ٱلنَّامُوسِ أي قبل إعطاء الناموس وذلك نحو ٢٥٠٠ سنة وهي منذ أيام آدم إلى أيام موسى.

كَانَتِ ٱلْخَطِيَّةُ فِي ٱلْعَالَمِ وعقابها الموت وبرهان ذلك التاريخ (تكوين ص ٤ وص ٥ وص ٦). ومعنى العبارة أن الناس أخطأوا وأن الله حسبهم خطأة وعاملهم بمقتضى ذلك.

عَلَى أَنَّ ٱلْخَطِيَّةَ أي مع أنها.

لاَ تُحْسَبُ إِنْ لَمْ يَكُنْ نَامُوسٌ هذا قانون عام. وعدم حسبان الخطيئة يستلزم رفع العقاب كما يظهر من قوله «طُوبَى لِلرَّجُلِ ٱلَّذِي لاَ يَحْسِبُ لَهُ ٱلرَّبُّ خَطِيَّةً» (ص ٤: ٨). وصحة هذا القانون تتضح من أن الخطيئة تعدّي الناموس وحيث لا ناموس لا يمكن أن يكون التعدي ولا أن يُحسب كما سبق من قوله «حَيْثُ لَيْسَ نَامُوسٌ لَيْسَ أَيْضاً تَعَدٍّ» (ص ٤: ١٥). ولكن الخطيئة حُسبت على الناس واعتبرهم الله خطاة وعاملهم بمقتضى اعتباره إياهم فنتج بالضرورة أن خطيئتهم تعدّ على ناموس غير ناموس موسى.

لٰكِنْ كان خلاف ما يقتضي القانون المذكور.

قَدْ مَلَكَ ٱلْمَوْتُ مِنْ آدَمَ إِلَى مُوسَى بدليل موت الناس قبل شريعة موسى فإذاً هم لم يموتوا لتعديهم شريعة موسى بل لعلّة أخرى. وفي قوله «ملك الموت» تشخيص له بملك ذو سلطان مطلق دائم لا يفلت أحد منه وهذا الموت عقاب الخطيئة وهو يعمّ كل صنوف الأرزاء حتى فساد الطبيعة البشرية كلها.

لَمْ يُخْطِئُوا عَلَى شِبْهِ تَعَدِّي آدَمَ أي لم يخطئوا كما أخطأ آدم فإنه تعدّى شريعة مفروضة معينة القصاص وهو الموت «أَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ ٱلْخَيْرِ وَٱلشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا» (تكوين ٢: ١٧). وأما هم لم يكونوا كذلك وقد سبق قوله في (ع ١٢) إن الناس يموتون لخطيئة آدم. وقصد هنا بيان أنه وجبت دينونة الموت على آدم للخطيئة التي ارتكبها هو لكن الله لم يحسب الناس قبل موسى خطأة ويعاقبهم لخطاياهم ومع ذلك ماتوا. فعلّة موتهم تعدّي آدم. ولم يقل الرسول شيئاً في شأن ما استحقه الناس على خطاياهم الفعلية من القصاص أو ما جرى عليهم من العقاب على ذلك منذ أيام آدم إلى أيام موسى أو من بعد موسى إلى الآن فإن ذلك ذكره في غير هذا الموضع لأن غايته هنا ليست إلا بيان أن الناس حُسبوا خطأة وعوقيوا العقاب المعيّن لأجل خطيئة آدم لا لأجل خطاياهم أي أن عموم الموت وانفصال البشر عن الله ومصيرهم عرضة لدينونة الله وتسلط الخطيئة عليهم لم تكن لأجل خطاياهم مهما كثرت وعظمت بل لأجل خطيئة واحدة من إنسان واحد.

ذهب بعض المفسرين إلى أن بولس قصد «بالذين لم يخطئوا على شبه تعدّي آدم» الأطفال والصحيح أن الأطفال من جملة أولئك ولكن لا دليل على قصر أولئك على الأطفال.

ٱلَّذِي هُوَ مِثَالُ ٱلآتِي هو يرجح إلى آدم «والآتي» هو الرب يسوع المسيح (ع ١٥). وهذا كقوله «صَارَ آدَمُ ٱلإِنْسَانُ ٱلأَوَّلُ نَفْساً حَيَّةً، وَآدَمُ ٱلأَخِيرُ رُوحاً مُحْيِياً» (١كورنثوس ١٥: ٤٥). وسُمّي هنا المسيح «بالآتي» لأنه سُمّي به منذ أيام آدم الأول إلى أن جاء ومدة ذلك نحو ٤٠٠٠ سنة ولا إشارة هنا إلى مجيء المسيح ثانية. ووجه الشبه بين آدم الأول وآدم الثاني لا يتعلق بالهيئة ولا بالصفات بل بنسة الجنس البشري إلى كل منهما أي كون كل منهما علّة لما عمّ الجميع لأن الأول أتى بالخطيئة والموت إلى العالم والثاني أتى بالبر والحياة الأبدية إليه. وهذه المشابهة لم تقع اتفاقاً بل كانت بقصد الله الأزلي فجعل آدم الأول رأس البشر ونائبهم حتى تعلّق بفعله كل أمور مستقبلهم وكذا جُعل آدم الثاني.

١٥ «وَلٰكِنْ لَيْسَ كَٱلْخَطِيَّةِ هٰكَذَا أَيْضاً ٱلْهِبَةُ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ وَاحِدٍ مَاتَ ٱلْكَثِيرُونَ، فَبِٱلأَوْلَى كَثِيراً نِعْمَةُ ٱللّٰهِ، وَٱلْعَطِيَّةُ بِٱلنِّعْمَةِ ٱلَّتِي بِٱلإِنْسَانِ ٱلْوَاحِدِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، قَدِ ٱزْدَادَتْ لِلْكَثِيرِينَ».

إشعياء ٥٣: ١١ ومتّى ٢٠: ٢٨ و٢٦: ٢٨

أبان بولس في الآيتين السابقتين المشابهة بين آدم والمسيح وأبان في هذه الآية والآيات الأربع الآتية أن المشابهة غير تامة ووجوه الاختلاف في ذلك ثم عاد في (ع ١٨ و١٩) إلى المشابهة التي شرع في بيانها في (ع ١٢).

وَلٰكِنْ لَيْسَ كَٱلْخَطِيَّةِ الخطيئة هنا هي التعدي في (ع ١٤) والمعصية في (ع ١٩) وفي فعل آدم الذي به جلب الموت على نفسه وعلى نسله.

ٱلْهِبَةُ هي ما فعله المسيح للتكفير والتبرير للجنس البشري وهي التي سُمّيت أيضاً «نعمة الله» و «العطية بالنعمة» وسُمّيت في (ع ١٧) «عطية البر».

بِخَطِيَّةِ وَاحِدٍ مَاتَ ٱلْكَثِيرُونَ الواحد هو آدم والكثيرون هم نسله ووصفهم «بالكثرة» لكثرتهم ولمقابتلهم بالواحد. وأراد «بالموت» كل ما ترتب على خطيئته من العقاب أي المصائب الروحية والجسدية. ومفاد العبارة أن آدم علّة تعرُّض نسله لهذا البلاء.

فَبِٱلأَوْلَى أي ما يأتي هو الأجدر والأكثر تحققاً فإن صدّقنا الأول فالثاني أجدر بالتصديق.

نِعْمَةُ ٱللّٰهِ، وَٱلْعَطِيَّةُ بِٱلنِّعْمَةِ نعمة الله علّة هذه العطية وهي «الهبة» في أول هذه الآية «وعطيّة البر» في (ع ١٧) أي التبرير. وسُميت «عطية» لكونها مجانية وعلامة محبة ونُسبت إلى النعمة لأن مصدرها نعمة الله.

ٱلَّتِي بِٱلإِنْسَانِ ٱلْوَاحِدِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ لم تكن غاية الرسول هنا بيان مجد يسوع الإلهي بل بيان أن عطيته التي ننالها به نعمة «لأَنَّ ٱلنَّامُوسَ بِمُوسَى أُعْطِيَ، أَمَّا ٱلنِّعْمَةُ وَٱلْحَقُّ فَبِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ صَارَا» (يوحنا ١: ١٧) وهذه الهبة عكس ما أخذناه من آدم فبذاك كان الخطيئة والدينونة وبهذا التبرير والقبول (١كورنثوس ١٥: ٢١ و١تيموثاوس ٢: ٥).

قَدِ ٱزْدَادَتْ لِلْكَثِيرِينَ أي أن الله أعطى مجاناً تلك العطية وافرة للكثيرين. ورجّح بذلك رجاء المؤمنين للنعمة على توقع العصاة للعقاب. وهذا مبني على ما أعلنه الله من محبته ورحمته بما فعله ليخلص الناس من سلطان الخطية وعواقبها ببذله ابنه الحبيب فدية عنهم. ويحق لنا أن نفسر «الكثيرين» هنا بكل الجنس البشري كما فسرناه في أول الآية فهو بمعنى ما في الآية الثامنة عشرة وهو قوله «صارت الهبة لجميع الناس» وعلى وفق قوله «لِكَيْ يَذُوقَ بِنِعْمَةِ ٱللّٰهِ ٱلْمَوْتَ لأَجْلِ كُلِّ وَاحِدٍ» (عبرانيين ٢: ٩ انظر أيضاً ٢كورنثوس ٥: ١٤ و١٥: و١يوحنا ٢: ٢).

ويحق لنا أيضاً أن نفسره كذلك لأن كل الناس مدعوون للخلاص (يوحنا ٧: ٣٧ ومتّى ١١: ٢٨ و٢٩ ومرقس ١٦: ١٥). وليس لنا أن نقيس نتائج فداء المسيح بما اختبرناه منها منذ بداءة عمل الفداء إلى هذه الساعة لأنه لا يمكننا أن نعلم كم يزيد تأثير النعمة على تأثير الخطيئة منذ تلك البداءة إلى نهاية العالم حين يجتمع المفديون من نسل آدم في السماء فلعله يظهر حينئذ أن نسبة الهالكين إلى الناجين ليست أكثر من المسجونين في مملكة إلى سائر أهل المملكة. وتكلم بولس في زيادة النعمة بناء على ما اختبره من وفرتها في نفسه وكذا يستطيع أن يشهد كل من اختبر اختباره.

١٦ «وَلَيْسَ كَمَا بِوَاحِدٍ قَدْ أَخْطَأَ هٰكَذَا ٱلْعَطِيَّةُ. لأَنَّ ٱلْحُكْمَ مِنْ وَاحِدٍ لِلدَّيْنُونَةِ، وَأَمَّا ٱلْهِبَةُ فَمِنْ جَرَّى خَطَايَا كَثِيرَةٍ لِلتَّبْرِيرِ».

في هذه الآية بيان وجه اختلاف آخر بين نتائج عمل آدم وعمل المسيح.

لَيْسَ كَمَا بِوَاحِدٍ معنى هذه الجملة كمعنى الجملة الأولى في الآية السابقة. واسم «ليس» المضمر يعود إلى الحكم المفهوم مما يليه في الآية نفسها. ومن البيّن أن الواحد الذي صار به الحكم هو آدم والذي صارت به العطية هو المسيح.

لأَنَّ ٱلْحُكْمَ مِنْ وَاحِدٍ لِلدَّيْنُونَةِ الحكم ما يصرّح به القاضي في أمر من يقف أمامه للمحاكمة فقد يكون للتبرئة وقد يكون «للدينونة». وهو هنا حكم الله على آدم للدينونة أي دينونة الموت كما في (ع ١٢) لأنه ثبت عليه أنه مذنب ومستحق العقاب المعيّن وهذا العقاب عمّ نسله أيضاً. وكانت هذه النازلة العامة بخطيئة واحدة من إنسان واحد كما تبيّن في (ع ١٨). ومفاد ذلك أن كل إنسان محكوم عليه بالموت لأجل خطيئة آدم.

وَأَمَّا ٱلْهِبَةُ أي هبة النعمة (ع ١٥) وهي المغفرة والتبرير.

فَمِنْ جَرَّى خَطَايَا كَثِيرَةٍ لِلتَّبْرِيرِ فلو كانت الهبة بالمسيح كالحكم بآدم لنجتنا من خطيئة واحدة لكنها نجتنا من خطايا كثيرة خطيئة آدم وكل خطايانا. والخلاصة أن المسيح ما اكتفى بأنه نجانا من اللعنة التي أوجبتها علينا خطيئة واحدة ارتكبها آدم بل تبرّرنا من كل الخطايا التي لا تُحصى.

١٧ «لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ ٱلْوَاحِدِ قَدْ مَلَكَ ٱلْمَوْتُ بِٱلْوَاحِدِ، فَبِٱلأَوْلَى كَثِيراً ٱلَّذِينَ يَنَالُونَ فَيْضَ ٱلنِّعْمَةِ وَعَطِيَّةَ ٱلْبِرِّ، سَيَمْلِكُونَ فِي ٱلْحَيَاةِ بِٱلْوَاحِدِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ».

هذا مكرر ما قيل في (ع ١٥ و١٦) للإيضاح والتوكيد.

بِخَطِيَّةِ ٱلْوَاحِدِ قَدْ مَلَكَ ٱلْمَوْتُ بِٱلْوَاحِدِ هذا مختصر ما قيل في (ع ١٥) في تأثير خطيئة آدم. فالموت هنا عبارة عن كل عواقب الخطيئة. وأسند «الملك» إلى الموت إشارة إلى شموله وسلطته المطلقة ودوامها. ومفاد العبارة أن خطيئة آدم لكونه رأس البشر ونائبهم أوجبت كل الناس في كل عصر الخضوع للموت كملك بكل ما يتعلق بسلطته من النوازل الهائلة.

فَبِٱلأَوْلَى هذا متعلق بقوله «يملكون» وفيه إشارة إلى زيادة التوكيد وترجيح الثاني على الأول. والمعنى أنه لنا أن نتحقق خلاصنا باتحادنا برئيسنا الإلهي البشري آدم.

فَيْضَ ٱلنِّعْمَةِ وَعَطِيَّةَ ٱلْبِرِّ المعطوف عليه علّة للمعطوف. نسب الرسول الكثرة إلى النعمة لأن مصدرها قلب الله غير المحدود في محبته ورحمته فنهر الخلاص على قدر هذا الينبوع. «وعطيّة البر» هي برّ يسوع المحسوب للمؤمنين. وهذه العطيّة أكثر من المغفرة كأنها برّ يسوع الكامل وُهب لهم. فالمتبرّرون يقبلون هذا البرّ هبة لانهم لا يستطيعون أن ينالوه إلا بهذه الطريق لعدم إمكان أن يستحقوه. وهم يتمسكون بهذا البرّ راضين مختارين وأما تعرضهم لحكم الدينونة فلم يكن برضاهم واختيارهم إذ حُكم عليهم قبل أن يُخلقوا. فإن كان الله قد شاء أن يميتهم لإثم لم يختاروه فبالأولى كثيراً أنه يشاء أن يحييهم وهم راغبون في الخلاص بالطريق التي اختارها وسرّ بها.

سَيَمْلِكُونَ فِي ٱلْحَيَاةِ هذا نتيجة الفداء العظيمة وهي أعظم جداً من النجاة من الدينونة. «فالحياة» عبارة عن مجموع كل البركات كما أن الموت عبارة عن كل الشرور. وفي قوله «سيملكون في الحياة» إشارة إلى أن المؤمنين ينالون كمال القداسة والسرور ورضى الله ومجد السماء وإلى حريتهم أي حرية أبناء الله وإلى القوة والانتصار.

بِٱلْوَاحِدِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ «الرب برّنا» (إرميا ٢٣: ٦) ورئيس خلاصنا القدير. فكما أن إنساناً واحداً كان علّة موت كل النسل وهلاكه كذلك كان إنسان واحد علّة الحياة والخلاص.

١٨ «فَإِذاً كَمَا بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ صَارَ ٱلْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ ٱلنَّاسِ لِلدَّيْنُونَةِ، هٰكَذَا بِبِرٍّ وَاحِدٍ صَارَتِ ٱلْهِبَةُ إِلَى جَمِيعِ ٱلنَّاسِ، لِتَبْرِيرِ ٱلْحَيَاةِ».

ع ١٢ يوحنا ١٢: ٣٢ وعبرانيين ٢: ٩

هذه الآية خلاصة كل ما قيل من (ع ١٢) إلى هنا وهي إثبات ما مرّ من قوله «إنه كما دُنا هكذا تبرّرنا» أي أنه كان إنسان واحد علّة هلاكنا وإنسان واحد علّة خلاصنا بأحدهما الدنيونة والموت وبالآخر البرّ والحياة.

فَإِذاً أي النتيجة.

كَمَا بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ قابل الرسول في (ع ١٦ و١٧) بين إنسانين وهنا قابل بين عمليهما وهما خطيئة واحدة وبرّ واحد. والنتيجة واحدة. والخطيئة الواحدة هي أكل الثمر المنهي عنه.

صَارَ ٱلْحُكْمُ لِلدَّيْنُونَةِ أي صار آدم ونسله خطأة عرضة لكل العقابات المرتبة على الخطيئة. وأوضح الرسول هنا ما أوضحه سابقاً وهو أن علّة دينونة جميع الناس هي خطيئة واحدة.

بِبِرٍّ وَاحِدٍ أشار الرسول بهذا إما إلى كل طاعة المسيح للناموس وآلامه من أجل الإنسان كعمل واحد (كما جاء في فيلبي ٢: ٨) لمقابلته بعمل آدم الواحد أو إلى موته على الصليب باعتبار أنه أعظم أعمال برّه وأعظم وسائل تبريرنا.

ٱلْهِبَةُ إِلَى جَمِيعِ ٱلنَّاسِ، لِتَبْرِيرِ ٱلْحَيَاةِ أضاف التبرير إلى الحياة لأنه علّة نوالها بعموم معناها وهي تتضمن النجاة من الموت الثاني والحصول على رضى الله والسعادة الأبدية في السماء. وكما قال «إن الدينونة شملت جميع الناس» قال «إن البرّ شمل جميعهم». وأبان بذلك أن عمل المسيح ذو قدرة على التبرير العام كما أن خطيئة آدم كانت ذات قدرة على جلب الدينونة العامة. وأن طريق النجاة معدة بالواحد لكل من وجبت عليه الدينونة بالآخر. وليس من قصد الرسول هنا بيان طريق الاستفادة من عمل المسيح (أي الإيمان) لأنه أوضح هذا مراراً كثيرة في غير هذا الموضع ولا يقصد إظهاراً يخلص جميع الناس أم بعضهم.

١٩ « لأَنَّهُ كَمَا بِمَعْصِيَةِ ٱلإِنْسَانِ ٱلْوَاحِدِ جُعِلَ ٱلْكَثِيرُونَ خُطَاةً، هٰكَذَا أَيْضاً بِإِطَاعَةِ ٱلْوَاحِدِ سَيُجْعَلُ ٱلْكَثِيرُونَ أَبْرَاراً».

معنى هذه الآية كمعنى الآية الثامنة عشرة وإنما غُيّرت الألفاظ لزيادة الإيضاح.

بِمَعْصِيَةِ هي الخطيئة في (ع ١٨) وهي أكل آدم من الثمرة التي نُهي عنها.

جُعِلَ… خُطَاةً اي صُيّروا كذلك باعتبار الناموس وحُسبوا كذلك أمام الله. والمعنى أن معصية آدم كانت العلّة لحسبان الكثيرين عصاة عند الله لا لخطاياهم ولا لتغيّر في قلوبهم لأنهم لم يكونوا يوم معصية آدم. وجاء «الكثيرون» هنا بمعنى جميع الناس في الآية السابقة للمقابلة بالواحد. وذهب بعضهم أنه اختار «الكثيرين» بدل «الجميع» إشارة إلى أن كثيرين يهلكون لرفضهم المسيح وأن كثيرين يخلصون بإيمانهم به. وعلى كل المذاهب ليس المعنى أن الجميع يخلصون بل هو أن المتحدين بآدم اتحاداً طبيعياً يموتون والمتحدين بالمسيح اتحاداً روحياً بالإيمان يحيون.

بِإِطَاعَةِ ٱلْوَاحِدِ أشار بذلك إلى كل عمل المسيح نيابة عن الخطأة في تكميل الناموس في احتمال العقاب المعيّن على تعديهم إياه. والمسيح إطاعة لمشيئة الله قدم نفسه ذبيحة وتقدمة وهذا على وفق قوله «وَإِذْ وُجِدَ فِي ٱلْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى ٱلْمَوْتَ مَوْتَ ٱلصَّلِيبِ» (فيلبي ٢: ٨). وقول يسوع المسيح مشيراً إلى عمل الكفارة «هَئَنَذَا أَجِيءُ. فِي دَرْجِ ٱلْكِتَابِ مَكْتُوبٌ عَنِّي، لأَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا أَللّٰهُ» (عبرانيين ١٠: ٧). وكان لإطاعة المسيح عن الكثيرين ثمن لا يحد كاف لأن يُكفر عن خطايا الجنس البشري وأن يبرّر كل المؤمنين لأنه إله وإنسان.

سَيُجْعَلُ ٱلْكَثِيرُونَ أَبْرَاراً أي الذين كانوا خطأة تحت الدينونة صاروا أبراراً بمعنى أنه لم يبق للناموس من دعوى عليهم لأن المسيح احتمل عقاب خطاياهم وأوفى كل مطاليبه باعتبار كونه نائبهم فحسبهم الله أبراراً كأنهم لم يخطئوا قط إكراماً له ونسب إليهم بره الكامل كأنهم أطاعوا الناموس. وهنا كملت المقابلة المقصودة وهي أنهم حُسبوا أبراراً بطاعة المسيح كما حُسبوا خطأة بمعصية آدم. وهذا على وفق قوله «لأَنَّهُ جَعَلَ ٱلَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ ٱللّٰهِ فِيهِ» (٢كورنثوس ٥: ٢١).

وعدل الرسول عن صيغة الماضي وهو يتكلم على المصاب بآدم إلى صيغة المضارع وهو يتكلم على التبرير بالمسيح دلالة على استمرار ذلك التبرير بخلاف البليّة بآدم فإنها دُفعت إلى الأبد عن كل من يؤمن.

٢٠ «وَأَمَّا ٱلنَّامُوسُ فَدَخَلَ لِكَيْ تَكْثُرَ ٱلْخَطِيَّةُ. وَلٰكِنْ حَيْثُ كَثُرَتِ ٱلْخَطِيَّةُ ٱزْدَادَتِ ٱلنِّعْمَةُ جِدّاً».

يوحنا ١٥: ٢٢ وص ٣: ٢٠ و٤: ١٥ و٧: ٨ و١٣ وغلاطية ٣: ١٩ و٢٣ لوقا ٧: ٤٧ و١تيموثاوس ١: ١٤

هذه الآية دفع لاعتراض يحتمل أن يعترضه اليهودي وهو أنه إن كنا قد سقطنا بآدم وخلصنا بالمسيح فلم يبق من نفع للناموس.

ٱلنَّامُوسُ أي كل نظام العهد القديم المُعلن لإرادة الله وما يشتمل عليه من الأوامر والمناهي والتهديدات والمواعيد والرسوم.

فَدَخَلَ أي زيد على طريق الخلاص بيسوع المسيح التي أعلنها الله في الإنجيل. وهذا حسب قوله «فَلِمَاذَا ٱلنَّامُوسُ؟ قَدْ زِيدَ بِسَبَبِ ٱلتَّعَدِّيَاتِ، إِلَى أَنْ يَأْتِيَ ٱلنَّسْلُ ٱلَّذِي قَدْ وُعِدَ لَهُ» (غلاطية ٣: ١٩). فهو نافع ومهم.

لِكَيْ تَكْثُرَ ٱلْخَطِيَّةُ كانت غاية الله الأصلية من إعطاء الناموس منع الخطيئة وبيان الواجبات على الإنسان. ولولا طبيعة الإنسان الفاسدة لأُدركت تلك الغاية لكنه كانت النتيجة لذلك الفساد أن كثرت الخطيئة كما ذُكر هنا. وهذه النتيجة ثلاثة أمور:

  • الأول: إظهار فظاعتها بمقابلة أعمال الإنسان النجسة بمطاليب الناموس المقدسة.
  • الثاني: إنه ازدادت بواسطته معرفة الإنسان ومسؤوليته للطاعة وذنبه في التعدي لأنه إذا لم يكن ناموس فليس تعد فوجوده يُثبت خطيئة المتمردين.
  • الثالث: إن الناموس من شأنه أن يهيّج القلب البشري على المقاومة لعدم ميله إلى الطاعة. ولكون الناموس روحانياً مقدساً يضاد شهوات الإنسان ويحظرها عليه ولهذا يقوم الإنسان عليه. وأوضح الرسول ذلك في (ص ٧: ٨) انظر الشرح هناك.

وإذا كانت نتيجة الناموس ما ذُكر هنا فمن الواضح أنه عاجز عن أن يبرّر الخطأة ويخلصهم لكنه يمهد الطريق إلى المسيح لأنه يبيّن للناس افتقارهم إليه لأنه هو الذي يزيل الإثم ويأتي بالبر الأبدي.

حَيْثُ كَثُرَتِ ٱلْخَطِيَّةُ أي خطيئة الناس الذين قبل الناموس والذين بعده في كل مكان وزمان. وهذا نتيجة معصية آدم فإنها اتصلت منه بكل نسله وكثرت على قدر امتدادها وظهرت فظاعتها بنور الناموس المقدس.

ٱزْدَادَتِ ٱلنِّعْمَةُ المراد «بالنعمة» هنا الخلاص بيسوع المسيح كما أُعلن في الإنجيل ومعنى قوله «ازدادت» انتصرت على ما دخل العالم بدخول الخطيئة من الشرور جسدية وروحية زمنية وأبدية.

٢١ «حَتَّى كَمَا مَلَكَتِ ٱلْخَطِيَّةُ فِي ٱلْمَوْتِ، هٰكَذَا تَمْلِكُ ٱلنِّعْمَةُ بِٱلْبِرِّ، لِلْحَيَاةِ ٱلأَبَدِيَّةِ، بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ رَبِّنَا».

حَتَّى للتعليل والعلّة ما بعدها. وهي بيان أن قصد الله من عدم منعه دخول الخطيئة هذا العالم وكثرتها المذكورة هنا هو تحويل الشر إلى الخير وإظهار غنى نعمته وجعل فوائد الفداء للإنسان أعظم من كل الأضرار التي نزلت به بسقوطه وارتداده عن الله.

مَلَكَتِ ٱلْخَطِيَّةُ فِي ٱلْمَوْتِ أظهرت سلطانها بنتيجتها وهي الموت نفساً وجسداً. فلولا الخطيئة لم يكن للموت شوكة ولم يكن له قوة على الضرر (١كورنثوس ١٥: ٥٦).

هٰكَذَا تَمْلِكُ ٱلنِّعْمَةُ التي ظهرت بالخلاص الذي مصدره محبة الله لأنه هو الذي أنشأ طريق الفداء وأرسل المسيح إلى العالم لكي يفديه وجعله «خطيئة لنا وهو لم يعرف خطيئة».

بِٱلْبِرِّ أي ببرّ المسيح الذي صنعه لأجلنا. ولولا هذا البرّ لم يكن من سبيل لإظهار النعمة ولكن بواسطته ظهرت النعمة وانتصرت. فبه ظهر ان الله بار ويبرّر الفاجر.

لِلْحَيَاةِ ٱلأَبَدِيَّةِ وهي ثمرة انتصار النعمة. ووُضعت هنا تجاه ثمرة انتصار الخطيئة وهي الموت بمعصية آدم. فكما أن الموت عبارة عن كل عواقب الخطيئة كذلك الحياة الأبدية عبارة عن كل بركات النعمة.

بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ رَبِّنَا أي بتجسده وموته وشفاعته.

وخلاصة كلام الرسول هنا أن فوائد الفداء فاقت كثيراً عواقب دخول الخطيئة في العالم. وهذا يتبيّن من ثلاثة أمور:

  • الأول: إن نبوءات الكتاب المقدس ومواعيده تُظهر أن عدد الناس الذي يخلصون بالمسيح يزيد كثيراً جداً على عدد الهالكين.
  • الثاني: إن سعادة المفتدين بالمسيح أعظم من سعادتهم لو بقوا في القداسة التي خُلق عليها آدم لأنه لو ثبت كان لهم الثواب الذي يستحقه المخلوق لكنهم بالمسيح يحصلون على الثواب الذي يستحقه ابن الله فيكونون شركاء مجده.
  • الثالث: إن فوائد الفداء لا تنحصر في الجنس البشري لأنه قد تمجد الله به إذا أُظهرت صفاته المجيدة بأحسن بيان لكل الخليقة في السماوات وعلى الأرض.

فوائد

  1. إن الذي أوضحه الرسول في هذا الفصل أكمل توضيح هو أن خطيئة آدم نُسبت إلى كل نسله باتحادهم الطبيعي به وبكونه نائباً عنهم ولأجل ذلك حُسبوا هم عند الله خطأة حين أخطأ هو وصاروا عرضة للعقاب معه وباتحاد المؤمنين بالمسيح نُسب إليهم بره فكانوا أبراراً به.

    إن ما نشاهده في العالم من الشرور المادية والأدبية برهان واضح على صحة تعليم الرسول هنا. فإننا نرى الناس في كل مكان يتألمون من جراء خطايا غيرهم. وسر الأسرار هو وجود الخطيئة في العالم أي تسلط الخطيئة والموت على الجنس البشري لا دخولها على الطريق التي أبانها الرسول.

    اعترض بعض الناس على تعليم بولس أن الله ينسب إلى الناس خطيئة غيرهم وإلى المؤمنين برّ غيرهم وجل اعتراضاتهم نتيجة سوء فهمهم ذلك التعليم لأن تعليم نيابة واحد عن كثيرين في الخطيئة أو البرّ لا يلزم منه تغيير طبائعهم فنسبة خطيئة آدم إلينا لا تجعل خطيئته خطيئتنا الخاصة حتى تقتضي أن نندم عليها ونتوب عنها. ونسبة برّ المسيح إلينا لا يلزم منها أن نفتخر بأنفسنا كأن ذلك البرّ برّنا الذاتي.

    اعترض بعضهم أنه لا يمكن أن يكون آدم نائباً عن نسله للزوم أن يرضى الذين ينوب عنهم نيابته ولكن هذه الحجة باطلة لأنه لا بلاد في العالم مهما كان نوع حكومتها ملكياً أم جمهورياً يختار أهلها رجالاً ونساء وأولاداً الملك أو الرئيس النائب عنهم في سياسة المملكة وكذلك الوصي يُقام بدون اختيار الأيتام فإذا حقّ للوالد أن يختار وصياً لولده فبالأولى أنه يحق لله أن يختار نائباً عن أولاد البشر. فإن قيل أن تعليم الرسول هذه النيابة مناف لمبادئ العدل لأنه إثبات عقاب الأولاد بذنب أبيهم قلنا إن صحّ هذا الاعتراض على تعليم الرسول صح على سياسة الله في العالم لأنه يولد ألوف وربوات في العالم كل يوم وهم ماثلون إلى الشر عرضة للمرض والحزن والموت مع أنهم لم يذنبوا شيئاً. وهذا أمر مشاهد عياناً لا يستطيع أحد إنكاره فما علّة هذا. إن الرسول أبان أن هذا الشر وقع عليهم وعلى سائر الجنس البشري لأن آدم نائبهم ورئيسهم خطئ فسقط وسقطوا بسقوطه لأنه كان نائباً عنهم. وقال أيضاً إن المسيح مهّد طريق الخلاص مجاناً لكل من يأتي إليه من البشر. وبعد هذا كله نقول على من رفض تعليم الرسول هنا أن يأتينا بأحسن مما أتى به من علّة دخول الشر في هذا العالم وطريق النجاة منه.

    جدول المقابلة في هذا الفصل

    آدم المعصية الدينونة عليه وعلى نسله الموت عليه وعلى المتحدين به
    المسيح الطاعة حتى الموت التبرير الحياة للمتحدين به
  2. أفضل برهان على فظاعة شر الخطيئة تأثير خطيئة آدم فيه وفي كل نسله وعظمة الغرامة التي احتملها المسيح ليفدي الناس منها (ع ١٢ و١٥ و١٦).
  3. إنه من أعظم الأدلة على حكمة الله وقدرته ومحبته تمكنه من تحويل الشر إلى الخير وجعله فوائد الفداء أكثر من مصائب السقوط كثيراً.
  4. إن الذين يتكلون للخلاص على برّ أنفسهم الناقص ويرفضون برّ يسوع التام المعروض عليهم مجاناً هم في أسفل دركات الجهل.
  5. إنه على كل إنسان أن يسلّم بخضوع أمام الله بأنه مولود من نسل بعيد عن الله ومن أب عاص وأنه عرضة لغضبه تعالى (ع ١٧).
  6. إنه يجب على كل إنسان أن يتخذ بكل شكر الوسائل التي أعدّها الله للتقرب منه ونيل رضاه بواسطة ابنه يسوع (ع ١٧).
  7. إن من يهلكون إنما يهلكون برفضهم النعمة المقدمة لهم بالمسيح فلا يهلك أحد بخطيئة آدم أو بعدم كفاية الفداء.
  8. إنه قد وضح من هذا الفصل عظمة الخطر من اقتراب خطيئة واحدة إذ وضح أنه نتج من أمر يظهر أنه زهيد جداً كأكل ثمرة نهي عن أكلها كل ما ذُكر من الأرزاء آنفاً.
  9. إن الكنيسة المسيحية مديونة كثيراً لنظام العهد القديم الناموسي لما فيه من التمهيد والاستعداد لنظام العهد الجديد المبني على النعمة (ع ٢٠).

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى