رؤيا يوحنا | 18 | الكنز الجليل
الكنز الجليل في تفسير الإنجيل
شرح سفر رؤيا يوحنا
للدكتور . وليم إدي
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّامِنُ عَشَرَ
في هذا الأصحاح والذي يليه من (ع ١ – ١٠) تفصيل الكلام على سقوط بابل وذكر الخطيئة التي هي علّة سقوطها وبكاء ملوك الأرض وغيرهم عليها ودعوة الله لشعبه أن يخرجوا منها لكي لا يشتركوا في ضرباتها. ذُكر سقوطها قبلاً بالاختصار في (ص ١٤: ٨ و١٦: ١٨ وص ١٧) وعبر عن سقوطها بكلام نبوءات العهد القديم على سقوط غيرها من الممالك القديمة.
١ – ٣ «١ ثُمَّ بَعْدَ هٰذَا رَأَيْتُ مَلاَكاً آخَرَ نَازِلاً مِنَ ٱلسَّمَاءِ، لَهُ سُلْطَانٌ عَظِيمٌ. وَٱسْتَنَارَتِ ٱلأَرْضُ مِنْ بَهَائِهِ. ٢ وَصَرَخَ بِشِدَّةٍ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: سَقَطَتْ سَقَطَتْ بَابِلُ ٱلْعَظِيمَةُ، وَصَارَتْ مَسْكَناً لِشَيَاطِينَ، وَمَحْرَساً لِكُلِّ رُوحٍ نَجِسٍ، وَمَحْرَساً لِكُلِّ طَائِرٍ نَجِسٍ وَمَمْقُوتٍ، ٣ لأَنَّهُ مِنْ خَمْرِ غَضَبِ زِنَاهَا قَدْ شَرِبَ جَمِيعُ ٱلأُمَمِ، وَمُلُوكُ ٱلأَرْضِ زَنَوْا مَعَهَا، وَتُجَّارُ ٱلأَرْضِ ٱسْتَغْنَوْا مِنْ وَفْرَةِ نَعِيمِهَا».
ص ١٧: ١ و٧ ص ١٠: ١ مزمور ٤٣: ٢ ص ١٤: ٨ إشعياء ١٣: ٢١ و٣٤: ١١ و١٣ – ١٥ وإرميا ٥٠: ٣٩ و٥١: ٣٧ وصفنيا ٢: ١٤ ص ١٦: ١٣ و١٤: ٨ ع ٩ ص ١٧: ٢ ع ١١ و١٥ ص ١٩: ٢٣ وحزقيال ٢٧: ٩ – ٢٥ ع ٧ و٩ و١تيموثاوس ٥: ١١
مَلاَكاً آخَرَ (ع ١) الذي كان قبل هذا الملاك أحد الملائكة الذين معهم السبعة الجامات وهذا الملاك ممتاز بالعظمة كما يظهر من بهاء النور الذي سطع حوله ومن قوة صوته.
وَصَرَخَ بِشِدَّةٍ (ع ٢) ليجعل السامعين يخافون ويرهبون.
سَقَطَتْ سَقَطَتْ بَابِلُ هذا الكلام مقتبس من نبوءة إشعياء بسقوط بابل الحقيقية (إشعياء ١٣: ١٩ – ٢٢ و٢١: ٩). ومن الأنباء بسقوط أدومية (إشعياء ٣٤: ١١ – ١٥) ووصف أضرارها للناس هنا في ثلاث طرق.
- الأولى: إنها سقت الأمم من خمر غضب زناها أي أنها أسكرتهم بخدمتها لشهواتهم.
- الثانية: إنها حملت الملوك على أن يتركوا ما يجب عليهم لله.
- الثالثة: إنها حملت التجار على أن يرتشوا بلذاتها. وما ذُكر من علل سقوطها هنا مقتبس من نبوءة إرميا (إرميا ٥٠: ٣٩). وما كان لغيرها «خمر زنى» صار لها «خمر غضب».
٤ – ٨ «٤ ثُمَّ سَمِعْتُ صَوْتاً آخَرَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ قَائِلاً: ٱخْرُجُوا مِنْهَا يَا شَعْبِي لِئَلاَّ تَشْتَرِكُوا فِي خَطَايَاهَا، وَلِئَلاَّ تَأْخُذُوا مِنْ ضَرَبَاتِهَا. ٥ لأَنَّ خَطَايَاهَا لَحِقَتِ ٱلسَّمَاءَ، وَتَذَكَّرَ ٱللهُ آثَامَهَا. ٦ جَازُوهَا كَمَا هِيَ أَيْضاً جَازَتْكُمْ، وَضَاعِفُوا لَـهَا ضِعْفاً نَظِيرَ أَعْمَالِهَا. فِي ٱلْكَأْسِ ٱلَّتِي مَزَجَتْ فِيهَا ٱمْزُجُوا لَـهَا ضِعْفاً. بِقَدْرِ مَا مَجَّدَتْ نَفْسَهَا وَتَنَعَّمَتْ، ٧ بِقَدْرِ ذٰلِكَ أَعْطُوهَا عَذَاباً وَحُزْناً. لأَنَّهَا تَقُولُ فِي قَلْبِهَا: أَنَا جَالِسَةٌ مَلِكَةً، وَلَسْتُ أَرْمَلَةً، وَلَنْ أَرَى حُزْناً. ٨ مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ سَتَأْتِي ضَرَبَاتُهَا: مَوْتٌ وَحُزْنٌ وَجُوعٌ، وَتَحْتَرِقُ بِٱلنَّارِ، لأَنَّ ٱلرَّبَّ ٱلإِلٰهَ ٱلَّذِي يَدِينُهَا قَوِيٌّ».
إشعياء ٥٢: ١١ وإرميا ٥٠: ٨ و٥١: ٦ و٩ و٤٥ و٢كورنثوس ٦: ١٧ إرميا ٥١: ٩ ص ١٦: ١٩ مزمور ١٣٧: ٨ وإرميا ٥٠: ١٥ و٢٩ ص ١٧: ٤ حزقيال ٢٨: ٢ – ٨ إشعياء ٤٧: ٧ و٩ وصفنيا ٢: ١٥ وإرميا ٥٠: ٣١ و٣٤ ص ١٧: ١٦ و١١: ١٧
ثُمَّ سَمِعْتُ صَوْتاً آخَرَ (ع ٤) يجب أن يكون هذا صوت الله أو صوت المسيح لأنه قال به «يا شعبي».
ٱخْرُجُوا مِنْهَا هذا التحذير كتحذير إرميا لشعب الله لكي يخرجوا من بابل الحقيقية قبل سقوطها (إرميا ٥٠: ٨ و٥١: ٤٥). فالضرر اللاحق لشعب الله هو نتيجة الاشتراك في خطاياها وفي عقابها وهو يشبه تحذير المسيح لتلاميذه في (متّى ٢٤: ١٦) وتحذير الملاكين للوط (تكوين ١٩: ١٥ – ٢٢). وتحذير بني إسرائيل لكي يبعدوا عن خيم داثان وأبيهو (عدد ١٦: ٢٣ – ٢٦).
لأَنَّ خَطَايَاهَا لَحِقَتِ ٱلسَّمَاءَ (ع ٥) كبرج بابل على ما قصد البناؤون (تكوين ١١: ١٤) وكما بلغ صراخ سدوم وعمورة أُذني الرب (تكوين ١٨: ٢٠ و٢١).
وَتَذَكَّرَ ٱللهُ آثَامَهَا (ص ١٦: ١٩ ومزمور ٧٤: ١٠ – ٢٣).
جَازُوهَا كَمَا هِيَ أَيْضاً جَازَتْكُمْ بعد ما أمر الله شعبه بالخروج منها أمر مُجري نقمته أن يعاقبوها والأرجح أنهم الملائكة (مزمور ٧٩: ١٢ و١٣٧: ٨ وإشعياء ٤٠: ٢ وإرميا ١٧: ١٨).
وَضَاعِفُوا لَـهَا ضِعْفاً نَظِيرَ أَعْمَالِهَا (ع ٦) كانت خطاياها مضاعف خطايا غيرها فكذلك وجب أن يكون قصاصها.
فِي ٱلْكَأْسِ ٱلَّتِي مَزَجَتْ فِيهَا ٱمْزُجُوا لَـهَا ضِعْفاً أي جازوها على شهواتها بنقمة الله على حد ما قيل في (خروج ٢٢: ٤ و٧ و٩ وإرميا ١٦: ١٨).
بِقَدْرِ مَا مَجَّدَتْ نَفْسَهَا الخ (ع ٧) هذا أيضاً يبين أن حزنها يكون مثل كبريائها وتنعمها المحظور كما قيل في بابل القديمة (إشعياء ٤٧: ٨ – ٩) وفي صور (حزقيال ٢٨: ٢) فكان اتضاعها مثل ارتفاعها قبلاً.
مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ سَتَأْتِي ضَرَبَاتُهَا الخ (ع ٨) فإن نوازلها تأتي بغتة من كل جهة. ظنت أنها قوية لكنها ما علمت إن قوة الله أعظم. ووعدت نفسها بالحياة فوجدت الموت وتوقعت الفرح فنالت الحزن وانتظرت الخصب فكان الجوع وكانت النار عقاباً لها على زناها (لاويين ٢٠: ١٤ و٢١: ٩).
٩، ١٠ «٩ وَسَيَبْكِي وَيَنُوحُ عَلَيْهَا مُلُوكُ ٱلأَرْضِ، ٱلَّذِينَ زَنَوْا وَتَنَعَّمُوا مَعَهَا، حِينَمَا يَنْظُرُونَ دُخَانَ حَرِيقِهَا، ١٠ وَاقِفِينَ مِنْ بَعِيدٍ لأَجْلِ خَوْفِ عَذَابِهَا قَائِلِينَ: وَيْلٌ وَيْلٌ! ٱلْمَدِينَةُ ٱلْعَظِيمَةُ بَابِلُ! ٱلْمَدِينَةُ ٱلْقَوِيَّةُ! لأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ جَاءَتْ دَيْنُونَتُكِ».
حزقيال ٢٦: ١٦ و٢٧: ٣٥ وع ١٨ وص ٤: ١١ و١٩: ٣ ع ١٥ – ٢١ ص ١١: ٨ و١٦: ١٩ و١٧: ١٢
هاتان الآيتان مرثاة الملوك فإنهم حزنوا للنوازل التي هم كانوا سببها (ص ١٧: ١٦). قابل ما هنا بما في (حزقيال ٢٦: ١٥ و١٦ و٢٧: ٣٥) وذلك مرثاة صور. فأعمال الأشرار تتم مقاصد الله ولكنها لا تنشئ لهم سروراً.
١١ – ١٦ «١١ وَيَبْكِي تُجَّارُ ٱلأَرْضِ وَيَنُوحُونَ عَلَيْهَا، لأَنَّ بَضَائِعَهُمْ لاَ يَشْتَرِيهَا أَحَدٌ فِي مَا بَعْدُ، ١٢ بَضَائِعَ مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلْفِضَّةِ وَٱلْحَجَرِ ٱلْكَرِيمِ وَٱللُّؤْلُؤِ وَٱلْبَزِّ وَٱلأُرْجُوانِ وَٱلْحَرِيرِ وَٱلْقِرْمِزِ وَكُلَّ عُودٍ ثِينِيٍّ وَكُلَّ إِنَاءٍ مِنَ ٱلْعَاجِ وَكُلَّ إِنَاءٍ مِنْ أَثْمَنِ ٱلْخَشَبِ وَٱلنُّحَاسِ وَٱلْحَدِيدِ وَٱلْمَرْمَرِ، ١٣ وَقِرْفَةً وَبَخُوراً وَطِيباً وَلُبَاناً وَخَمْراً وَزَيْتاً وَسَمِيذاً وَحِنْطَةً وَبَهَائِمَ وَغَنَماً وَخَيْلاً، وَمَرْكَبَاتٍ، وَأَجْسَاداً، وَنُفُوسَ ٱلنَّاسِ. ١٤ وَذَهَبَ عَنْكِ جَنَى شَهْوَةِ نَفْسِكِ، وَذَهَبَ عَنْكِ كُلُّ مَا هُوَ مُشْحِمٌ وَبَهِيٌّ، وَلَنْ تَجِدِيهِ فِي مَا بَعْدُ. ١٥ تُجَّارُ هٰذِهِ ٱلأَشْيَاءِ ٱلَّذِينَ ٱسْتَغْنَوْا مِنْهَا سَيَقِفُونَ مِنْ بَعِيدٍ، مِنْ أَجْلِ خَوْفِ عَذَابِهَا، يَبْكُونَ وَيَنُوحُونَ، ١٦ وَيَقُولُونَ: وَيْلٌ وَيْلٌ! ٱلْمَدِينَةُ ٱلْعَظِيمَةُ ٱلْمُتَسَرْبِلَةُ بِبَزٍّ وَأُرْجُوانٍ وَقِرْمِزٍ، وَٱلْمُتَحَلِّيَةُ بِذَهَبٍ وَحَجَرٍ كَرِيمٍ وَلُؤْلُؤٍ».
خروج ٢٧: ٢٧ إلى ٣٤ ص ١٧: ٤ وحزقيال ٢٧: ١٢ – ٢٢ و١أيام ٥: ٢١ و١تيموثاوس ١: ١٠ ع ٣ و١٠ و١٢ و١٣ و١٨ و١٩ و٢١ ص ١٧: ٤
هذه الآيات هي مرثاة التجّار وفيها ذكر أنواع بضائعهم التي يتجرون بها في بابل. وكان حزن التجار عظيماً ناشئاً عن حب الذات والطمع لأنهم خسروا بسبب خراب بابل ما كان يربحونه من تجارتهم فيها. وذكر من أوّل بضائعهم الكنوز من «الذهب والفضة والحجارة الكريمة واللآلئ». ثم ذكر أنواع الملبوسات من «البز والأرجوان والحرير والقرمز». ثم ذكر أنواع أثاث البيت من «آنية العاج والخشب والنحاس والحديد والمرمر» وغير ذلك (ع ١٢). ثم ذكر بعض العقاقير الثمينة «كالقرفة والطيب واللبان». ثم ذكر أنواع الأشربة والأطعمة من «خمور وزيوت وسميذ وحنطة ولحوم البهائم» ثم ذكر «الخيل والمركبات» ثم «النخاسة» (١٣) (حزقيال ٢٧: ٣ و١٣). والأرجح إن المقصود «بنفوس الناس» هنا أجسادهم وأرواحهم. ويحتمل إن المراد بذلك إن الناس كانوا بواسطة تجارتهم يفضلون اللذات الجسدية على الخيرات الروحية فيخسرون نفوسهم الخالدة بواسطة عبادة الأوثان والشهوات المحظورة ومحبة العالم. ثم رثوا ما ذهب منها إلى الأبد سريعاً من أسباب الترفه واللذة والخلاعة (ع ١٤ – ١٦).
١٧، ١٨ «١٧ لأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ خَرِبَ غِنىً مِثْلُ هٰذَا. وَكُلُّ رُبَّانٍ، وَكُلُّ ٱلْجَمَاعَةِ فِي ٱلسُّفُنِ، وَٱلْمَلاَّحُونَ وَجَمِيعُ عُمَّالِ ٱلْبَحْرِ، وَقَفُوا مِنْ بَعِيدٍ، ١٨ وَصَرَخُوا إِذْ نَظَرُوا دُخَانَ حَرِيقِهَا قَائِلِينَ: أَيَّةُ مَدِينَةٍ مِثْلُ ٱلْمَدِينَةِ ٱلْعَظِيمَةِ؟».
ع ١٠ و١٩ وص ١٧: ١٦ حزقيال ٢٧: ٢٨ و٣٠ و٣٢ ع ٩ ص ١٣: ٤
هاتان الآيتان رثاء الملاحين قابل ما هنا بما في (حزقيال ٢٧: ٣٢).
نَظَرُوا دُخَانَ حَرِيقِهَا (ع ١٨) صاعداً كما رأى إبراهيم دخان سدوم وعمورة (تكوين ١٩: ٢٨).
١٩ «وَأَلْقَوْا تُرَاباً عَلَى رُؤُوسِهِمْ، وَصَرَخُوا بَاكِينَ وَنَائِحِينَ قَائِلِينَ: وَيْلٌ وَيْلٌ! ٱلْمَدِينَةُ ٱلْعَظِيمَةُ، ٱلَّتِي فِيهَا ٱسْتَغْنَى جَمِيعُ ٱلَّذِينَ لَهُمْ سُفُنٌ فِي ٱلْبَحْرِ مِنْ نَفَائِسِهَا، لأَنَّهَا فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ خَرِبَتْ».
يشوع ٧: ٦ وأيوب ٢: ١٢ ومراثي إرميا ٢: ١٠ ع ٣ و١٠ و١٥
وَأَلْقَوْا تُرَاباً عَلَى رُؤُوسِهِمْ إشارة إلى شدة حزنهم (أيوب ٢: ١٢). ومضمون ذلك إنه لا يجوز للناس أن يتهافتوا على اللذات الجسدية حتى ينسوا الله واتكالهم عليه. على أن اللذات الجسدية ليست محظورة بالنظر إلى نفسها إن خلت من الخطيئة وحُصل عليها بوسائل جائزة لكنها تصير خطيئة إذا حملت الناس على أن ينسوا الله ويتكبروا ويحبوا أنفسهم ولا يبالوا بغيرهم من أهل الفاقة ولا يهتموا بخدمة الكنيسة. فمثل تلك النفائس حملت يهوذا الاسخريوطي على أن يبيع سيده. ومثلها «كنوز مصر» التي رفضها موسى إذ فضل عليها عار المسيح (عبرانيين ١١: ٢٦). فالتجربة من ذلك كالتجربة التي جرّب الشيطان المسيح بها يوم وعده أن يعطيه «كل ممالك الأرض ومجدها إن سجد له».
٢٠ «اِفْرَحِي لَـهَا أَيَّتُهَا ٱلسَّمَاءُ وَٱلرُّسُلُ ٱلْقِدِّيسُونَ وَٱلأَنْبِيَاءُ، لأَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ دَانَهَا دَيْنُونَتَكُمْ».
ص ١٢: ١٢ لوقا ١١: ٤٩ ص ١٩: ٢ ع ٦ – ٨ ص ٦: ١٠
اِفْرَحِي هذا قول الملاك (ع ٤) فالذي كان علة حزن وعويل للأشرار كان علة فرح وترنم للأبرار فدُعوا إلى الابتهاج بالقضاء على بابل ودعوا إلى هذا الابتهاج لأن بابل قد سقطت. وعلّة فرح أهل الله إزالة الموانع من تقديم ملكوت المسيح في العالم.
٢١ – ٢٤ «٢١ وَرَفَعَ مَلاَكٌ وَاحِدٌ قَوِيٌّ حَجَراً كَرَحىً عَظِيمَةً، وَرَمَاهُ فِي ٱلْبَحْرِ قَائِلاً: هٰكَذَا بِدَفْعٍ سَتُرْمَى بَابِلُ ٱلْمَدِينَةُ ٱلْعَظِيمَةُ، وَلَنْ تُوجَدَ فِي مَا بَعْدُ. ٢٢ وَصَوْتُ ٱلضَّارِبِينَ بِٱلْقِيثَارَةِ وَٱلْمُغَنِّينَ وَٱلْمُزَمِّرِينَ وَٱلنَّافِخِينَ بِٱلْبُوقِ لَنْ يُسْمَعَ فِيكِ فِي مَا بَعْدُ. وَكُلُّ صَانِعٍ صِنَاعَةً لَنْ يُوجَدَ فِيكِ فِي مَا بَعْدُ. وَصَوْتُ رَحىً لَنْ يُسْمَعَ فِيكِ فِي مَا بَعْدُ. ٢٣ وَنُورُ سِرَاجٍ لَنْ يُضِيءَ فِيكِ فِي مَا بَعْدُ. وَصَوْتُ عَرِيسٍ وَعَرُوسٍ لَنْ يُسْمَعَ فِيكِ فِي مَا بَعْدُ. لأَنَّ تُجَّارَكِ كَانُوا عُظَمَاءَ ٱلأَرْضِ. إِذْ بِسِحْرِكِ ضَلَّتْ جَمِيعُ ٱلأُمَمِ. ٢٤ وَفِيهَا وُجِدَ دَمُ أَنْبِيَاءَ وَقِدِّيسِينَ، وَجَمِيعُ مَنْ قُتِلَ عَلَى ٱلأَرْضِ».
ص ٥: ٢ و١٠: ١ إرميا ٥١: ٦٣ إشعياء ٢٤: ٨ وحزقيال ٢٦: ١٣ ومتّى ٩: ٢٣ جامعة ١٢: ٤ وإرميا ٢٥: ١٠ و٧: ٣٤ و١٦: ٩ إشعياء ٢٣: ٨ ع ٣ وص ٦: ١٥ ناحوم ٣: ٤ ص ٩: ٢١ و١٦: ٦ و١٧: ٦ متّى ٢٣: ٣٥
في هذه الآيات ذكر عمل رمزي يشير إلى سقوط بابل وقام بهذا العمل ملاك ثالث (وذُكر الملاك الأول في ص ١٧: ١ والثاني في ع ١). ومثل عمل الملاك عمل إرميا النبي (إرميا ٥١: ٦٣ و٦٤). ومثل سقوط ذلك الحجر غرق فرعون وجنوده في البحر الأحمر (خروج ١٥: ١٠). ومثل ذلك عاقبة الناس «الذين يعثرون أحد أصاغر تلاميذ المسيح» (متّى ١٨: ٦).
وَصَوْتُ ٱلضَّارِبِينَ بِٱلْقِيثَارَةِ… لَنْ يُسْمَعَ فِيكِ فِي مَا بَعْدُ (ع ٢٢) (إشعياء ١٤: ١١ وحزقيال ٢٦: ١٣).
وَصَوْتُ رَحىً (إرميا ٢٥: ١٠).
وَصَوْتُ عَرِيسٍ وَعَرُوسٍ (ع ٢٣) (إرميا ٧: ٣٤ و١٦: ٩).
لأَنَّ تُجَّارَكِ كَانُوا عُظَمَاءَ ٱلأَرْضِ كما كان تجار صور (إشعياء ٢٣: ٨).
إِذْ بِسِحْرِكِ ضَلَّتْ جَمِيعُ ٱلأُمَمِ هذا بيان إن تجارة بابل وغناها لم يكونا علة سقوطها بل خطيئتها المشار إليها «بالسحر» هي العلّة (ص ١٣: ١٤).
وَفِيهَا وُجِدَ دَمُ الخ (ع ٢٤) أي دماء المؤمنين (إرميا ٥١: ٤٩) فقد ذُكر في هذه الآيات خراب قوة العالم أبداً فجأة بلا مراجعة. وليس المراد بما قيل هنا إن الله يطالب بابل أو رومية أو مدينة أخرى في العالم بدم الأنبياء والقديسين بل المراد أنه يطالب بذلك الذين «بابل» هنا رمز إليهم وهم الذين قتلوا أنبياءه الذين شهدوا عليهم بخطيئتهم وقتلوا قديسي المسيح الذين كانت حياتهم الطاهرة تشهد بما يجب على كل إنسان منهم أن يفعله وتوبخهم على خطاياهم. فالذين لم يسفكوا دماء عبيد المسيح لكن تمسكوا بعبادة نتيجتها الجور والغش والظلم والقتل كانت روح بابل فيهم وعوقبوا معاقبتها.
إن السماء فرحت بسقوط الزانية أكثر مما فرحت بسقوط الوحشين لأن أفظع الآثام آثام الذين عرفوا كلمة نعمة الله ولم يحفظوها فحب الكنيسة للعالم شر أنواع حب العالم لذلك نُسب إلى بابل خطايا الوثنيين فوق خطايا إسرائيل. فاسم «الزانية» اسم يليق بالكنيسة المسيحية الفاسدة لأنها بقيت امرأة ولم تصر وحشاً لأن لها «صورة التقوى مع أنها فقدت قوتها». فلم تكتف ببعلها الحقيقي الرب يسوع وبأطايب بيته لكنها اشتهت أباطيل العالم والأشياء المنظورة. فزنى الكنيسة هو إرادتها أن تكون لها سلطة دنيوية فتجعل البشر ذراعها وتستعمل وسائل غير جائزة لغاية مقدسة وتمد سلطتها بالسيف أو بالمال وتكسب الناس بالفرائض الفاخرة وتملق الأغنياء والعظماء بغية نيل ما تروم وتسأل مساعدة قوة عالمية على قوة عالمية أخرى.
السابق |
التالي |