سفر المزامير

سفر المزامير | 13 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر المزامير

للقس . وليم مارش

اَلْمَزْمُورُ ٱلثَّالِثُ عَشَرَ

لإِمَامِ ٱلْمُغَنِّينَ. مَزْمُورٌ لِدَاوُدَ

«١ إِلَى مَتَى يَا رَبُّ تَنْسَانِي كُلَّ ٱلنِّسْيَانِ! إِلَى مَتَى تَحْجُبُ وَجْهَكَ عَنِّي! ٢ إِلَى مَتَى أَجْعَلُ هُمُوماً فِي نَفْسِي وَحُزْناً فِي قَلْبِي كُلَّ يَوْمٍ! إِلَى مَتَى يَرْتَفِعُ عَدُوِّي عَلَيَّ! ٣ ٱنْظُرْ وَٱسْتَجِبْ لِي يَا رَبُّ إِلٰهِي. أَنِرْ عَيْنَيَّ لِئَلاَّ أَنَامَ نَوْمَ ٱلْمَوْتِ، ٤ لِئَلاَّ يَقُولَ عَدُوِّي: قَدْ قَوِيتُ عَلَيْهِ. لِئَلاَّ يَهْتِفَ مُضَايِقِيَّ بِأَنِّي تَزَعْزَعْتُ. ٥ أَمَّا أَنَا فَعَلَى رَحْمَتِكَ تَوَكَّلْتُ. يَبْتَهِجُ قَلْبِي بِخَلاَصِكَ. ٦ أُغَنِّي لِلرَّبِّ لأَنَّهُ أَحْسَنَ إِلَيَّ».

(١) إن أحد المفسرين يضع تاريخ هذا المزمور حينما وضع شاول بعض المراقبين على داود يتعقبونه من مكان لآخر يطلبون نفسه. وداود يصبر على الضيق الذي كان فيه ولا يرى له خلاصاً بسوى تسليمه الكامل لله. ويشعر المطالع وهو يقرأ المزمور أنه يبدأ بأمواج تتلاطم في نفسه وإذا بها تصغر ويخفت صوتها إلى أن تضمحل تماماً بالسكون الشامل. إن هذا التساؤل إلى متى كما يقول لوثيروس «هو حينما ييأس الرجاء ذاته ويسبب الشعور بغضب الله وفي الوقت نفسه يبدأ اليائس أن يترجى».

(٢) وفي هذا العدد أيضاً يستمر التساؤل ويلتفت إلى نفسه ويبحث عن همومه فيرى الأحزان تكتنفه من كل جانب وبصورة يومية. بل يرى أن العدو يتكبر ويتجبر عليه ولا يجد لنفسه مناصاً من جبروته هذا. ويردد داود «إلى متى» ثلاث مرات وكل واحدة ترتفع على الأخرى أي يكون له هموم متتابعة فأولاً إن الله نسيه وثانياً شعوره بالغم والكدر يملأ قلبه وثالثاً ذله على يد العدو.

(٣) ثم إذا به يتشدد ويتشجع ويقول للرب انظر إليّ. انظر لحالي ولا تتخلّ عني.. ويطلب أيضاً أن يكون صوته مسموعاً ويصغي إليه ثم يطلب أن يعطي نوراً ويقظة لئلا ينام ويغفل عما هو فيه. يطلب الأرجح نور النهار لأن في الليل تكثر الهواجس والهموم ولذلك فالليل طويل عادة وكئيب. لا شيء يظلم العين كالهم ولا شيء يفتحها كالنور المفرح.

(٤) لا يريد قط أن عدوه يتغلب عليه فيدعي أن له القوة والسيطرة على المؤمن. بل إن هذا سيزداد فرحاً ويهتف قائلاً بإني تزعزعت وذهب كل الإيمان.

(٥ و٦) هنا ختام بهيج لمزمور يبدأ بالشكوى ويأخذ بالصلاة والتضرع ثم ينتهي بالابتهاج والترنم. يرى رحمة الله ويتكل عليها. وهكذا ينال الهدوء والسلام ولا يعود في قلبه أي انشغال بال. وهنا كإنما وصف لطيف لإنسان كان مريضاً فشفي أي كان في خطر فاطمأن أو في ضيقة فانفرج. هو مزمور مختصر ولكنه دقيق الوصف فياض بالشعور ويصور حالة المرنم النفسية بكامل وجوهها.

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى