سفر العدد

سفر العدد | المقدمة | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر العدد

للقس . وليم مارش

تمهيد

ذُكر تاريخ بداءة الزمان الذي قُصّ فيه نبأُ هذا السفر في أوله وهي اليوم الأول من الشهر الثاني من السنة الثانية لخروج إسرائيل من مصر يوم أمر الرب موسى أن يحصي كل جماعة إسرائيل (ص ١: ١ و٢). وكان موت هارون على ما يُعرف من (ص ٣٣: ٣٨) في السنة الأربعين لخروج الإسرائيليين من أرض مصر في اليوم الأول من الشهر الخامس من تلك السنة فالمدة ما بين الحادثتين ثمانٍ وثلاثون سنة وثلاثة أشهر. وحوادث هذا السفر الأخيرة حدثت على الجانب الشرقي من نهر الأردن. وكُررت الشريعة في سفر التثنية في بدء الشهر الحادي عشر من السنة المكملة الأربعين (تثنية ١: ٣). وكان عبورهم نهر الأردن بقيادة يشوع في اليوم العاشر من السنة التالية (يشوع ٤: ١٩). فظهر من ذلك إن كل الزمان الذي يشتمل عليه سفر العدد نحو تسع وثلاثين سنة.

تفتقر خزانة الأدب المسيحي إلى مجموعة كاملة من التفاسير لكتب العهدين القديم والجديد. ومن المؤسف حقاً أنه لا توجد حالياً في أية مكتبة مسيحية في شرقنا العربي مجموعة تفسير كاملة لأجزاء الكتاب المقدس. وبالرغم من أن دور النشر المسيحية المختلفة قد أضافت لخزانة الأدب المسيحي عدداً لا بأس به من المؤلفات الدينية التي تمتاز بعمق البحث والاستقصاء والدراسة، إلا أن أياً من هذه الدور لم تقدم مجموعة كاملة من التفاسير، الأمر الذي دفع مجمع الكنائس في الشرق الأدنى بالإسراع لإعادة طبع كتب المجموعة المعروفة باسم: «كتاب السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم» للقس وليم مارش، والمجموعة المعروفة باسم «الكنز الجليل في تفسير الإنجيل» وهي مجموعة تفاسير كتب العهد الجديد للعلامة الدكتور وليم إدي.

ورغم اقتناعنا بأن هاتين المجموعتين كتبتا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين إلا أن جودة المادة ودقة البحث واتساع الفكر والآراء السديدة المتضمنة فيهما كانت من أكبر الدوافع المقنعة لإعادة طبعهما.

هذا وقد تكرّم سينودس سوريا ولبنان الإنجيلي مشكوراً – وهو صاحب حقوق الطبع – بالسماح لمجمع الكنائس في الشرق الأدنى بإعادة طبع هاتين المجموعتين حتى يكون تفسير الكتاب في متناول يد كل باحث ودارس.

ورب الكنيسة نسأل أن يجعل من هاتين المجموعتين نوراً ونبراساً يهدي الطريق إلى معرفة ذاك الذي قال: «أنا هو الطريق والحق والحياة».

القس ألبرت استيرو         

الأمين العام

لمجمع الكنائس في الشرق الأدنى

المقدمة: وفيها خمسة فصول

الفصل الأول في مشتملات هذا السفر

ص ١: ١ – ص ١٠: ١٠ الاستعداد للانطلاق من جبل سيناء إلى أرض كنعان. وهذا يشتمل على ١٤ موضوعاً:

  1. عدّ ذكور الأحد عشر سبطاً من ابن عشرين سنة فصاعداً وهم القادرون على حمل السلاح.
  2. عدّ اللاويين من ابن شهر فما فوق.
  3. عد الأبكار وأخذ اللاويين بدلاً منهم.
  4. ترتيب الحلول والارتحال.
  5. أحكام حفظ الترتيب في المحلة.
  6. بعض الشرائع الإضافية والإيضاحية لما تضمنه سفر الخروج وسفر اللاويين.
  7. شريعة النذير.
  8. صورة البركة الكاهنية.
  9. تقدمات الرؤساء لخدمة الخيمة.
  10. التعليم المتعلق بإيقاد سُرج المنارة الذهبية وتقديس اللاويين والسن التي فيها يدخلون الخدمة.
  11. المناداة بالفصح الأول بعد الخروج.
  12. تعيين فصح الشهر الثاني.
  13. وصف قيادة الشعب العجيبة.
  14. الكلام على بوقَي الفضة واستعمالها.

ص ١٠: ١١ – ص ١٤: ٤٥ يشتمل على ثلاثة عشر موضوعاً:

  1. انطلاق الإسرائيليين من سيناء.
  2. ترتيب السير.
  3. دعوة موسى لحوباب.
  4. شعار الارتحال.
  5. تذمر الشعب على الله وعلى موسى.
  6. الإحراق في تبعيرة.
  7. نبوءة الداد وميداد.
  8. الإمداد العجيب بالسلوى.
  9. الضربة في قبروت هتّأوة (أي قبور الشهوة).
  10. تكلم مريم وهارون على موسى وضرب مريم بالبرص.
  11. إرسال جواسيس إلى أرض كنعان ونبأهم.
  12. وعيد الذين عدوا في سيناء.
  13. انكسار المعاندين إلى حرمة.

ص ١٥: ١ – ص ١٩: ٢٢ يشتمل على خمسة مواضيع:

  1. بعض الوصايا التي أوجب على الشعب أن يطيعها مدة السفر ويعمل بها بعد دخوله أرض كنعان.
  2. نبأ قورح وداثان وأبيرام وضربتهم.
  3. معجزة الكهنوت الهاروني وهو إيراق عصا هارون أو أفراخها وإزهارها.
  4. التدقيق في بيان ما يجب على الكهنة واللاويين.
  5. شريعة تطهير من يتنجس بلمس الميت برماد العجلة الحمراء.

ص ٢٠: ١ – ص ٢٥: ١٨ يشتمل على أحد عشر موضوعاً:

  1. الإقامة بقادش برنيع.
  2. نبأ إعداد الماء بمعجزة.
  3. توبيخ الرب لموسى وهارون وحكمه عليهما.
  4. إباءة ملك أدوم أن يمر بنو إسرائيل في أرضه.
  5. موت هارون.
  6. محاربة ملك عراد.
  7. ضربة الحيات وصنع الخيمة النحاسية ورفعها.
  8. الذهاب إلى رأس الفسجة.
  9. الانتصار على سيحون ملك الأموريين وعوج ملك باشان.
  10. تاريخ بالاق وبلعام.
  11. الضربة في شطيم.

ص ٢٦: ١ – ص ٣٦: ١٣ يشتمل على اثني عشر موضوعاً:

  1. عد بني إسرائيل ثانية.
  2. إرث بنات صلفحاد.
  3. تعيين يشوع خليفة لموسى.
  4. توسيع الشريعة في أمر الخراف اليومية وتقدمات يوم السبت.
  5. شريعة نذور النساء.
  6. حرب مديان.
  7. تخصيص الأرض على جانب الأردن الشرقي بسبطي رأوبين وجاد ونصف سبط منسى.
  8. رحلات بني إسرائيل.
  9. تجديد الأمر بطرد الكنعانيين وكسر أصنامهم.
  10. تعيين حدود الأرض وأسماء المعينين لقسمة الأرض.
  11. القوانين المتعلقة بمدن اللاويين ومدن الملجإ.
  12. الشريعة المتعلقة بالميراث السبطي وزواج البنات ذوات الأملاك.

الفصل الثاني: في ما يشتمل عليه سفر العدد من الزمان

ذُكر تاريخ بداءة الزمان الذي قُصّ فيه نبأُ هذا السفر في أوله وهي اليوم الأول من الشهر الثاني من السنة الثانية لخروج إسرائيل من مصر يوم أمر الرب موسى أن يحصي كل جماعة إسرائيل (ص ١: ١ و٢). وكان موت هارون على ما يُعرف من (ص ٣٣: ٣٨) في السنة الأربعين لخروج الإسرائيليين من أرض مصر في اليوم الأول من الشهر الخامس من تلك السنة فالمدة ما بين الحادثتين ثمانٍ وثلاثون سنة وثلاثة أشهر. وحوادث هذا السفر الأخيرة حدثت على الجانب الشرقي من نهر الأردن. وكُررت الشريعة في سفر التثنية في بدء الشهر الحادي عشر من السنة المكملة الأربعين (تثنية ١: ٣). وكان عبورهم نهر الأردن بقيادة يشوع في اليوم العاشر من السنة التالية (يشوع ٤: ١٩). فظهر من ذلك إن كل الزمان الذي يشتمل عليه سفر العدد نحو تسع وثلاثين سنة.

الفصل الثالث: في قدم هذا السفر

يبرهن قدم هذا السفر ما بعده من الأسفار والكلام على ذلك يطول فنكتفي بالإشارة إليه:

  1. لنا في سفر يشوع ١: ٧ إن موسى ولّى يشوع بأمر الرب وإن الرب أمر يشوع بالعناية بشعبه وهذه التولية صرّح بها في (عدد ٢٧: ٢٣).
  2. لنا في يشوع ٢: ١٠ نبأ إهلاك سيحون وعوج وهذا النبأ في (عدد ٢١: ٢٤ – ٣٥).
  3. لنا في يشوع ٥: ٦ كلام قي قسَم الرب أن لا يُري أحداً من رجال الحرب الذين خرجوا من مصر أرض الميعاد لعصيانهم وذُكر هذا القسم في (عدد ١٤: ٢٨ – ٣٢). وجاء في (عدد ٢٦: ٦٣ – ٦٥) أنه في الإحصاء الأخير لم يبق رجل ممن عُدوا في الإحصاء الأول إلا يشوع وكالب. وما هذا بالكل فإننا نجد الاتفاق في النبأين ومعه شبهة اختلاف أيضاً بين الإنذار والإكمال. فإن أليعازر الذي كان كاهناً بعد الخروج بقليل وكان فوق سن العشرين على ما يرجح كل الترجيح في الإحصاء الأول اشتغل بالإحصاء الثاني وكان من جملة الذين دخلوا أرض كنعان. وتُدفع هذه الشبهة من النص نفسه فإن الإنذار الذي ذُكر في سفر العدد وإتمامه الذي ذُكر فيه وفي سفر يشوع كان مقصوراً في الإحصاء الأول عند سيناء على رجال الحرب الذين فوق سن العشرين ولكن اللاويين لم يدخلوا في هذا الإحصاء فلم يدخلوا بين من أُنذروا بالفناء قبل دخول أرض كنعان. والنص في يشوع ٥: ٦ «فني جميع الشعب رجال الحرب» أي الذين كانوا ست مئة ألف وثلاثة آلاف وخمس مئة وخمسين. وهذا على وفق النص في سفر العدد ففيه «فَكَانَ جَمِيعُ ٱلْمَعْدُودِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَسَبَ بُيُوتِ آبَائِهِمْ مِنِ ٱبْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِداً، كُلُّ خَارِجٍ لِلْحَرْبِ فِي إِسْرَائِيلَ، سِتَّ مِئَةِ أَلْفٍ وَثَلاَثَةَ آلاَفٍ وَخَمْسَ مِئَةٍ وَخَمْسِينَ. وَأَمَّا ٱللاَّوِيُّونَ حَسَبَ سِبْطِ آبَائِهِمْ فَلَمْ يُعَدُّوا بَيْنَهُمْ» (عدد ١: ٤٥ – ٤٧).
  4. ذُكر في يشوع ٧: ٤ ميراث بنات صلفحاد وهذا على وفق ما جاء في (عدد ٢٧: ٦ و٧) فجاء في سفر العدد «فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: بِحَقٍّ تَكَلَّمَتْ بَنَاتُ صَلُفْحَادَ، فَتُعْطِيهِنَّ مُلْكَ نَصِيبٍ بَيْنَ أَعْمَامِهِنَّ، وَتَنْقُلُ نَصِيبَ أَبِيهِنَّ إِلَيْهِنَّ». وجاء في سفر يشوع ١٧: ٣ و٤ «وَأَمَّا صَلُفْحَادُ بْنُ حَافَرَ بْنِ جِلْعَادَ بْنِ مَاكِيرَ بْنِ مَنَسَّى فَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَنُونَ بَلْ بَنَاتٌ. وَهٰذِهِ أَسْمَاءُ بَنَاتِهِ: مَحْلَةُ وَنُوعَةُ وَحُجْلَةُ وَمِلْكَةُ وَتِرْصَةُ. فَتَقَدَّمْنَ أَمَامَ أَلِعَازَارَ ٱلْكَاهِنِ وَأَمَامَ يَشُوعَ بْنِ نُونَ وَأَمَامَ ٱلرُّؤَسَاءِ وَقُلْنَ: ٱلرَّبُّ أَمَرَ مُوسَى أَنْ يُعْطِيَنَا نَصِيباً بَيْنَ إِخْوَتِنَا. فَأَعْطَاهُنَّ حَسَبَ قَوْلِ ٱلرَّبِّ نَصِيباً بَيْنَ إِخْوَةِ أَبِيهِنَّ».
  5. إن ذكر القينيين في (١صموئيل ١٥: ٦) يوضحه ما في (عدد ١٠: ٢٩ – ٣٢) وهذا يوضح السابق أيضاً فإن دعوة موسى لحوباب أن يرافق بني إسرائيل في سيرهم أو رحلاتهم في البرية ذكرت في سفر العدد ولكن لم يُذكر فيه أن حوباب أجابه إلى دعوته ولكن ذُكر في (قضاة ١: ٦) إن بني القيني صحبوا بني يهوذا إلى برية يهوذا وفي (١صموئيل ١٥: ٦) إن شاول ذكر المعروف الذي أظهره القينيون لبني إسرائيل.
  6. ومن أقطع البراهين على تصديق كتبة الوحي حوادث سفر العدد في رحلات بني إسرائيل في البرية قول المرنم «قُدَّامَ أَفْرَايِمَ وَبِنْيَامِينَ وَمَنَسَّى أَيْقِظْ جَبَرُوتَكَ وَهَلُمَّ لِخَلاَصِنَا» (مزمور ٨٠: ٢). وهذا المزمور أُلف وهيكل سليمان قائم على أثر انقسام المملكة في أيام رحبعام فجمع أسباط أفرايم وبنيامين ومنسى مع أنه بُيّن جزئياً. وكونهم أولاد يعقوب من راحيل فيه صعوبة أن بنيامين كان من حزب الجنوب أو المملكة الجنوبية وإن أفرايم ومنسى كانا من المملكة الشمالية. ولكن إذا تأمل القارئ حسناً رأى أن المرنم يشير في هذا المزمور إلى عناية الله السابقة ببني إسرائيل زمن كانوا يرحلون في البرية. ويوضح هذا أحسن إيضاح إن هؤلاء الأسباط الثلاثة كانوا على ما في سفر العدد يضربون خيامهم متجاورين على الجهة الغربية من خيمة الاجتماع (عدد ٢: ١٨ – ٢٢).
  7. بقي عدة إشارات في الأسفار التي بعد سفر العدد إلى هذا السفر نذكرها بكل الاختصار.
  1. إنه في (١صموئيل ٢٥: ٢٩) مقتبس من (عدد ٢٢: ١٩).
  2. إنه في (١صموئيل ٣٠: ٧ و٨) إشارات إلى أسلوب سؤال الرب الذي ذُكر أولاً في (عدد ٢٧: ٢١).
  3. إن في (مزمور ٧٨: ١٦) إشارة إلى معجزة إعداد الماء في قادش كما ذُكر في (عدد ٢٠: ٧ – ١١).
  4. إن في (إرميا ٤٨: ٤٥) إشارة أو اقتباس من (عدد ٢١: ٢٨ و٢٤: ١٧).
  5. إن في (يشوع ٢٢: ١٧ ومزمور ١٠٦: ٢٨ و هوشع ٩: ١٠) إشارة إلى نجاسات فغور الوثنية كما ذُكر في (عدد ص ٢٥).
  6. إن في (عاموس ٢: ٩) إشارة إلى عظم أجسام العناقيين كما ذُكر في (عدد ١٣: ٣٣).
  7. إن في عوبديا (ع ٤ و١٩) إشارة إلى ما في (عدد ٢٤: ١٨ و٢١).

وما ذُكر كافٍ لأن يبين أن سفر العدد قديم جداً وإنه صدّقه كتبة الوحي بعد موسى وما فتئ سفراً من كتاب الله منذ كُتب إلى عصور أولئك الكتبة. وقد بقي كذلك إلى هذا العهد وسيبقى إلى نهاية العالم.

الفصل الرابع: في كاتب هذا السفر

كل ما صدق من الأدلة على أن موسى كاتب الأسفار الخمسة يصدق على أنه كاتب سفر العدد. وجزء من هذا السفر وهو بيان رحلات بني إسرائيل ومحلاتهم كما فُصّل في (ص ٣٣) نُسب إلى موسى نصاً وهو قوله «وَكَتَبَ مُوسَى مَخَارِجَهُمْ بِرِحْلاَتِهِمْ حَسَبَ قَوْلِ ٱلرَّبِّ» (عدد ٣٣: ٢). وبعض السنن التي في سفر العدد دون غيره وكُررت في سفر التثنية نسبت في سفر يشوع إلى موسى ومثال ذلك ما يأتي:

  1. شريعة اللاويين أن لا يكون لهم ميراث أو نصيب من الأرض كسائر أسباط إسرائيل (يشوع ١٣: ١٤ و٣٣ و١٤: ٣ و٤ قابل مع هذا عدد ١٨: ٢٠ – ٢٤ وتثنية ١٠: ٩ و١٤: ٢٧ و١٨: ١ و٢) بل كان لهم مدن سكناهم مع الضواحي الخارجة عن أملاك سائر الأسباط (يشوع ٢١: ٢ قابل به عدد ٣٥: ١ – ٤).
  2. تعيين ميراث الأسباط بالقرعة ميراث تسعة أسباط ونصف سبط في غربي الأردن وميراث سبطين ونصف سبط في شرقي الأردن (يشوع ١٤: ٢ و٣ و١٨: ٧ قابل بهذا عدد ٢٦: ٥٥ و٣٢: ٣٣ و٣٣: ٥٤ و٣٤: ١٣).

ثم أن ما كُتب في هذا السفر لا يستطيعه ويصدق به إلا من سافر مع القوم في تلك البرية وشاهد محلاتها وأحوال الناس الذين كان يسير معهم وهو موسى الشارع عينه فإنه كتب ذلك بكل تدقيق وما كان من الشرائع والمعجزات في البرية وما يتعلق بكل ذلك لا يستطيع أن يكتبه إلا من عاين وشاهد. وبيان المواقع وأمور كثيرة فيه تبين أن الكاتب من الذين أحكموا تاريخ المصريين. ومن بعض ذلك ما في (ص ١٣: ٢٢) وإن الكاتب ممن عرف الأمم المجاورة التي يدخل من أرضها إلى أرض كنعان. ومن أمثلة ذلك ما في (ص ٢١: ١٣) وإنه عرف عادات المصريين وحوادث تاريخهم الخاصة إلى غير ذلك مما لا يمكن أن تنسب إلى كاتب بين أيام موسى وأيام سليمان. ومن أمثلة ذلك ما في (ص ١١: ٥ و٦ و٧ و٢١: ٥ – ٩ و٣٣: ٤ و٦ – ٨).

ثم إن ما ذُكر من أمر مواقع البلاد في أرض كنعان مما تواتر على الألسنة وصل بالتقليد وما جاء في سفر يشوع من التدقيق في ذلك يوافق ما جاء في سفر العدد لكنه جاء في سفر العدد بوجه الإجمال (قابل يشوع ص ١٥ مع عدد ص ٣٤). ومما يجب أن يُلاحظ هنا أن تعيين حدود أرض الموعد لم يكن قد بُيّن حق التبيين حتى في زمان داود وزمان سليمان. وهذا برهان قاطع على أنهم كانوا سالكين في ذلك على أقوال الكتب التي قبلهم وإن تلك الكتب لم تُكتب في الزمن الأخير كما رأى بعضهم بلا بيّنة يوثق بها. وما يستحق الملاحظة أيضاً أن سفر العدد كان قبل موت موسى بقليل وإن أخبار الأسباط كان من حوادث عصر موسى. مثال ذلك أنه في (ص ٢٥: ١٣) وُعد فنحاس بميثاق كهنوت أبدي وكان هذا الوعد له ولنسله وإنه في (ص ٣١: ٦) كان فنحاس بأمر موسى في الجيش المحارب مع أمتعة القدس وأبواق الهتاف وهذا جزء من ذلك الوعد وتمامه لنسله مفصل في سفر أخبار الأيام وسفر عزرا.

الفصل الخامس: في الاعتراضات على سفر العدد ودفعها

يحسن هنا أن نورد الاعتراضات التي أتى بها بعضهم على أن موسى كاتب سفر العدد وهي ما يأتي:

الأول: الإحصاء الأول

إن الإحصاء الذي كان في برية سيناء فيه إشكالان (١) مطابقة العدد وهو عدد الإسرائيليين من ابن عشرين وصاعداً للعدد المذكور في (خروج ٣٨: ٢٦) فيُقال كيف بقي عدد الإسرائيليين المذكورين كما كان بعد مضي الوقت.

(٢) إن العدد يُقسم على عشرة بدون باق وهذا بعيد الوقوع وكان المنتظر أن يكون فيه شيء من الآحاد.

وندفع الأول على فرض أن الإحصاء كان مرتين بأنه لم يكن بينهما إلا سنة أو سبعة أشهر ولا شيء من المحال أن يبقى الناس من ابن عشرين وصاعداً أحياء في تلك المدة القصيرة. وندفع ذلك أيضاً بأن إحصاء برية سيناء هو إحصاء الخروج عينه كُرر ذكره أي ذُكر ثانية في سفر العدد وبعبارة أخرى أنه بُسط في سفر العدد وفُصّل ما ذُكر في سفر الخروج بالإجمال وأي إشكال في ذلك. وأما كون العدد يُقسم على عشرة بدون باق فهذا من الممكنات الكثيرة الوقوع إن لم نقل أنه تُركت الآحاد اعتماداً على القريب والإيجاز وأمثال هذا كثيرة في الكتاب المقدس وغيره.

الثاني: عدد الأبكار

الاعتراض الثاني إن عدد الأبكار في سفر العدد ٢٢٢٧٣ وهذا قليل جداً بالنسبة إلى عدد الإسرائيليين فإن أبكارهم على التقدير العقلي يجب أن يكونوا تسع مئة ألف أو ألف ألف أو ما يقرب من ذلك. ويدفع هذا الاعتراض بأن الأبكار المذكورين في سفر العدد هم الذين وُلدوا من سنة الخروج إلى الشهر الأول من السنة التالية أي مدة أحد عشر شهراً ونصف شهر فيكون عددهم كثيراً لا قليلاً.

الثالث: اختلاف الإحصائين البعيد الإحصاء في برية سيناء والإحصاء في عربات موآب

اعتُرض على سفر العدد بنتيجة الإحصائين الإحصاء في برية سيناء والإحصاء في عربات موآب وهي ما في هذا الجدول:

الأسباط الإحصاء الأول الإحصاء الثاني
رأوبين ٤٦٥٠٠ ٤٣٧٣٠
شمعون ٥٩٣٠٠ ٢٢٢٠٠
جاد ٤٥٦٥٠ ٤٠٥٠٠
يهوذا ٧٤٦٠٠ ٧٦٥٠٠
يساكر ٥٤٤٠٠ ٦٤٣٠٠
زبولون ٥٧٤٠٠ ٦٠٥٠٠
أفرايم ٤٠٥٠٠ ٣٢٥٠٠
منسى ٣٢٢٠٠ ٥٢٧٠٠
بنيامين ٣٥٤٠٠ ٤٥٦٠٠
دان ٦٢٧٠٠ ٦٤٤٠٠
أشير ٤١٥٠٠ ٥٣٤٠٠
نفتالي ٥٣٤٠٠ ٤٥٤٠٠
٦٠١٧٣٠ ٦٠٣٥٥٠
لاوي ٢٣٠٠٠ ٢٢٠٠٠


(قابل عدد ٣: ٣٩ مع عدد ٢٦: ٦٢).

هذا وبين الإحصائين ما يزيد على ثمان وثلاثين سنة. وكان ينتظر من زيادة بني إسرائيل في مصر أن يزيدوا على نسبتها في البرية وكانت النتيجة بالعكس ولكن من دقق قليلاً رأى أن بعض الأسباط زاد وبعضها نقص كما يظهر جلياً من الجدول. وندفع الإشكال بما يأتي.

يجب قبل كل شيء أن نذكر أن قضاء الله بإفناء كل الرجال قبل دخول الأرض المقدسة التي هي أرض الموعد سوى اثنين كان على ذكور كل الأسباط (ما عدا سبط لاوي) الذين كانوا فوق سن العشرين وقت الخروج أي كل الذين تضمنهم الإحصاء الأول وإن ذلك القضاء أخذ يجري منذ نطق الله به أي منذ بدء السير في البرية أو منذ رجوع الجواسيس (عدد ١٤: ٢٩) ولا ريب في أن نتيجة ذلك نقص عدد الإسرائيليين في الجيل التالي. ولم يكن النقص أو الفرق في الجملة كالنقص أو الفرق بالنسبة إلى كل من الأسباط فإننا نرى النقص الأعظم في سبط شمعون فإنه في الإحصاء الثاني لم يزد عدده على ثُلث عدده في الإحصاء الأول إلا قليلاً. وإن زيادة ذكور سبط لاوي في الإحصاء الثاني على عدده في الإحصاء الأول ألف فقط وهي زيادة زهيدة في مدة تلك السنين مع أنه غير داخل في من حُكم عليهم بالإفناء. ولكن إذا رجعنا إلى سفر التكوين وجدنا ما نصه «شَمْعُونُ وَلاَوِي أَخَوَانِ. آلاَتُ ظُلْمٍ سُيُوفُهُمَا. فِي مَجْلِسِهِمَا لاَ تَدْخُلُ نَفْسِي. بِمَجْمَعِهِمَا لاَ تَتَّحِدُ كَرَامَتِي. لأَنَّهُمَا فِي غَضَبِهِمَا قَتَلاَ إِنْسَاناً، وَفِي رِضَاهُمَا عَرْقَبَا ثَوْراً. مَلْعُونٌ غَضَبُهُمَا فَإِنَّهُ شَدِيدٌ وَسَخَطُهُمَا فَإِنَّهُ قَاسٍ. أُقَسِّمُهُمَا فِي يَعْقُوبَ وَأُفَرِّقُهُمَا فِي إِسْرَائِيلَ» (تكوين ٤٩: ٥ – ٧) وهذا نص صريح في إبادة كثيرين منهما. وفي (عدد ص ٢٥) نجد زمري بن سالو الذي اتبع الرسوم الوثنية والجور «رئيس بيت أب من الشمعونيين» ولنا من ذلك أن نحكم بأن كثيرين من سبط شمعون ضلوا عن الحق وحُسبوا من الوثنيين واختلطوا بالأمم وضاعوا بينهم فتم عليهم قول يعقوب النبوي. وقد رأينا في (تكوين ٤٦: ١٠) أن رجلاً من سبط شمعون كان ابن امرأة كنعانية. ولا ريب في أن كثيرين من رجال ذلك السبط اختلطوا بالكنعانيين وتركوا جماعة إسرائيل في البرية وسكنوا بين الأمم وصاروا منهم فنقص عدد سبط شمعون ذلك النقص الفاحش. وإن الله ضرب ذلك السبط على آثامه وربما أصاب كثيرين بالعقر أو قلة النسل من الذكور. ومما يحسن اعتباره هنا ما جاء في (١أيام ٤: ٢٧) وهو قوله في رجل من سبط شمعون «وَأَمَّا إِخْوَتُهُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ بَنُونَ كَثِيرُونَ، وَكُلُّ عَشَائِرِهِمْ لَمْ يَكْثُرُوا مِثْلَ بَنِي يَهُوذَا». ويريد هذا ما ذُكر في سفر يشوع من أن سبط شمعون سكن جزءاً من أرض ميراث يهوذا ولا ريب في أن ذلك علة قلة سبط شمعون (يشوع ١٩: ٩).

ونزيد على نبوءة يعقوب بقلة سبط لاوي لزيادة البيان (١) إن ابني هارون الأكبرين ناداب وأبيهو ماتا بلا ولد (عدد ٣: ٤).

(٢) إنه قُتل كثيرون مع قورح من اللاويين (عدد ١٦: ٣٢ و٢٦: ١٠). وأصاب النقص الرأوبيين أيضاً لأنهم كانوا على موسى (عدد ١٦: ١ الخ).

الرابع: أسباب المعاش في البرية

قد اعتُرض على صدق هذا السفر بعدم إمكان الحصول على أسباب المعاش في البرية أو شبه جزيرة سيناء لنحو مليونين وما معهم من البهائم مدة أربعين سنة. وهذا الاعتراض يُدفع بسهولة من معرفة أحوال تلك الأرض في زمن الخروج هذا بقطع النظر عن عناية الله بهم بنوع خارق العادة كما هو نص السفر من إرسال المن والسلوى وغير ذلك من المعجزات. هذا وإذا صرفنا النظر عن المعجزات نقول أن الأرض كانت كثيرة المراعي والكلإ فكان للبهائم طعام كافٍ فيكثر لبنها ونموها فيغزر الطعام للإسرائيليين لكن المعجزات المذكورة صريحاً من إيجاد الماء والطعام كافٍ لحل كل اعتراض على أسباب المعاش. وقد أثبت كل الذين سافروا في تلك الأرض أنها كانت كثيرة المراعي والأشجار والغلال الطبيعية. ولم تزل إلى هذا اليوم مواضع كثيرة في تلك الأرض على تلك الوفرة. ولا ريب في أن الإسرائيليين كانوا يحلون في رحلاتهم المنازل الكثيرة الماء والكلإ. وربما نزلوا أحياناً بعض المنازل التي ليست كذلك فكان يخرج الله لهم الماء من الصخر كما ذُكر صريحاً. على أنه لو قطعنا النظر عن ذلك لكان لهم أن يحملوا الماء من مواضعه إلى حيث يُعلم أن ليس من ماء. فعلى تقدير المعجزات وهو الواقع وعدم تقديرها لا نرى غباراً على صدق ذلك السفر الإلهي. ونحن نؤمن بالمعجزات المذكورة (والبينات على إمكان المعجزات ووقوعها حقيقة في غير هذا الموضع ومن أراد الوقوف على ذلك فليرجع إلى كتاب الأدلة السنية).

الخامس: الاختلاف في شرائع العشور وما يتعلق بها

أقوى الاعتراضات على صدق هذا السفر ما نشأ من الاختلاف الظاهر في شرائع العشور التي فيه للتي في سفر اللاويين والتثنية وما يتعلق بذلك. وقد حل بعض الإشكال مما عُرف من أمور اليهود في الأزمنة الأخيرة بالنظر إلى ذلك. وكيف كان الأمر فإن تفاسير اليهود الحديثة مع دفعها كثيراً من الاعتراضات وحلها معظم الإشكال لم تنظر إلى الأمرين الآتيين وهما من الأمور ذات الشأن في ما نحن فيه.

(١) أي جزء من تلك الشرائع كان مقصوراً على كون الإسرائيليين في البرية.

(٢) هل في الشرائع التي وُضعت أصلاً من إشارة إلى أنه يعتريها شيء من التعديل أو التغيير في أرض كنعان فإن وُجد شيء من الإشارات إلى تغييرها في أرض كنعان فلم يبق للاعتراض شيء من القوة. (فتكون الوصايا كأن فيها شيئاً من الاستثناء وعلى ذلك لا يكون ما صارت إليه في أرض كنعان تغييراً حقيقياً فإذا قلت مثلاً احمل معك الماء في السفر كل المساقة إلا سدسها فلم يكن شيء من التغيير في الأمر وكذا لو قلت احمل كذا وكذا من الماء في المسافة إلا ثلثها فاحمل فيه مثل نصف ذلك الماء أو ثلثه). هذا على أن ليس في ذلك الخلاف شيء من التناقض كما سترى.

فالوصايا التي أعلنها الله لموسى في جبل سيناء في شأن العشور ذُكرت في سفر اللاويين وهي قوله تعالى «وَكُلُّ عُشْرِ ٱلأَرْضِ مِنْ حُبُوبِ ٱلأَرْضِ وَأَثْمَارِ ٱلشَّجَرِ فَهُوَ لِلرَّبِّ. قُدْسٌ لِلرَّبِّ… وَأَمَّا كُلُّ عُشْرِ ٱلْبَقَرِ وَٱلْغَنَمِ فَكُلُّ مَا يَعْبُرُ تَحْتَ ٱلْعَصَا يَكُونُ ٱلْعَاشِرُ قُدْساً لِلرَّبِّ» (لاويين ٢٧: ٣٠ و٣٢). وقيل في سفر العدد «إِنَّ عُشُورَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ٱلَّتِي يَرْفَعُونَهَا لِلرَّبِّ رَفِيعَةً قَدْ أَعْطَيْتُهَا لِلاَّوِيِّينَ نَصِيباً» (عدد ١٨: ٢٤). والظاهر أنه أعطاهم إياها ذلك الوقت إذ لم يصرّح بذلك قبلاً على أنه لم يقل أن هذه العشور التي أعطاها اللاويين تشتمل على عشر البهائم كما تشتمل على غلال الأرض. والذي بُين في سفر نحميا أن العشور التي أُعطيت للاويين كانت عشور الأرض (نحميا ١٠: ٣٧ قابل بهذا نحميا ١٠: ٣٨) ويأكلون التسعة الأعشار الباقية وأهل بيوتهم في كل مكان. ولا ريب في أن هذه العشور كانت في أرض كنعان لا في البرية إذ من المسلم بداهة أن الإسرائيليين المرتحلين من مكان إلى مكان على توالي الأوقات لا يحرثون ولا يزرعون ويجمعون الغلال وهم في تلك الحال. وقد بُينت تلك الغلال التي يؤدون عشورها في سفر التثنية وظهر جلياً أنها غلال أرض كنعان إذ هي الحنطة والخمر والزيت (تثنية ١١: ١٢ – ١٨) وكذا يُقال في البهائم وأبكارها. وأمر الله الإسرائيليين في سفر التثنية نفسه بأنه إذا كان المكان الذي يعينه الرب (أي القدس) بعيداً عن الموضع تباع العشور بفضة ومقدم العشور يحمل الفضة إلى المكان الذي يعينه الرب أو يختاره وينفقها على مختار الأطعمة والمشروب (تثنية ١٤: ٢٤ – ٢٧). وإنه على الإسرائيلي في آخر ثلاث سنين أن يخرج كل عشر دخله في تلك السنة أي الغلة النباتية ويضعها في أحد أبواب المدينة فيأتي اللاوي والغريب واليتيم والأرملة ويأكلون ويشبعون (تثنية ١٤: ٢٨ و٢٩) فإذا نظرت في ذلك قليلاً تبين لك أن ليس من أدنى مناقضة أو تضاد في أمر الأعشار إنما كان في أرض كنعان ما ليس في البرية. وهنا للمعترض أن يقول إن هذه الفروض مختصة بأرض كنعان وموسى لم يدخل تلك الأرض فيكون كاتبها غير موسى. ولكن هذا يقال بلا ترو وإلا فموسى صرّح بأنه فرض عليهم كثيراً مما يتعلق بأرض كنعان ونص على ذلك بقوله إنهم يقومون بذلك متى دخلوا أرض الموعد أو أرض كنعان.

السادس: بعض الألفاظ اللغوية والعبارات

اعترض بعضهم على أن موسى ليس بكاتب سفر العدد لأن الكاتب ذكر فيه النبي بدل الرائي (عدد ١١: ٢٩ و١٢: ٦) لأن النبي لم يُستعمل إلا بعد موسى. والجواب أن النبي والرائي كلمتان عبرانيتان ولا دليل على غير ذلك مع أن كثيرين من اليهود كانوا يسمون رائياً ما سماه موسى فيها كلمتان مترادفتان ولا فرق بينهما إلا في أصل المعنى فإن الأول من النبوءة والثاني من الرؤية أو الرؤيا.

ومن هذا الوادي الاعتراض على أن موسى ليس بكاتب هذا السفر من أنه ورد فيه «وَأَمَّا ٱلرَّجُلُ مُوسَى فَكَانَ حَلِيماً جِدّاً أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ ٱلنَّاسِ ٱلَّذِينَ عَلَى وَجْهِ ٱلأَرْضِ» (عدد ١٢: ٣). ودفع بعضهم هذا الاعتراض بأن بعض الملهمين زاد هذه الآية بعد موسى وإنه ربما كان الذي زادها عزرا. ولا نرى من ضرورة إلى هذا القول فما المانع من أن موسى كتبها بوحي الله ليحث الناس على الحلم كما كتب بولس بالوحي أنه أفضل سائر الرسل بالتبشير والجهاد في سبيل الرب. وإنه لم ينقص شيئاً عن فائقي الرسل (٢كورنثوس ١١: ٥ و٢٣).

وبقي ما لا يعتدّ به من مثل هذه الاعتراضات الواهنة ستُذكر في التفسير وتُدفع وكم من اعتراض علته الجهل أو قلة الفهم وما أحسن قول بعضهم:

وكم من عائب قولاً صحيحاً وآفته من الفهم السقيم

التالي
زر الذهاب إلى الأعلى