سفر العدد | 25 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر العدد
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلْخَامِسُ وَٱلْعِشْرُونَ
١ «وَأَقَامَ إِسْرَائِيلُ فِي شِطِّيمَ، وَٱبْتَدَأَ ٱلشَّعْبُ يَزْنُونَ مَعَ بَنَاتِ مُوآبَ».
ص ٣٣: ٤٩ ويشوع ٢: ١ وميخا ٦: ٥ ص ٣١: ١٦ و١كورنثوس ١٠: ٨
وَأَقَامَ إِسْرَائِيلُ فِي شِطِّيمَ أي آبل شطيم (ص ٣٣: ٤٩ انظر تفسير ٢٢: ١).
٢ «فَدَعَوْنَ ٱلشَّعْبَ إِلَى ذَبَائِحِ آلِهَتِهِنَّ، فَأَكَلَ ٱلشَّعْبُ وَسَجَدُوا لِآلِهَتِهِنَّ».
يشوع ٢٢: ١٧ ومزمور ١٠٦: ٢٨ وهوشع ٩: ١٠ خروج ٣٤: ١٥ و١٦ و١كورنثوس ١٠: ٢٠ خروج ٢٠: ٥
فَدَعَوْنَ ٱلشَّعْبَ دعت النساء الموآبيات الإسرائيليين إلى ولائم الذبح التي كانت تؤتى إكراماً لبعل فغور في مدينة بيت فغور (تثنية ٣: ٢٩) وظُنّ أنه كموش إله الحرب عند الموآبيين.
٣ «وَتَعَلَّقَ إِسْرَائِيلُ بِبَعْلِ فَغُورَ. فَحَمِيَ غَضَبُ ٱلرَّبِّ عَلَى إِسْرَائِيلَ».
مزمور ١٠٦: ٢٩
تَعَلَّقَ إِسْرَائِيلُ بِبَعْلِ فَغُورَ أي أحبه وعبده والتصق به.
فَحَمِيَ غَضَبُ ٱلرَّبِّ أي اشتد وقوي.
٤ «فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: خُذْ جَمِيعَ رُؤُوسِ ٱلشَّعْبِ وَعَلِّقْهُمْ لِلرَّبِّ مُقَابِلَ ٱلشَّمْسِ، فَيَرْتَدَّ حُمُوُّ غَضَبِ ٱلرَّبِّ عَنْ إِسْرَائِيلَ».
تثنية ٤: ٣ ويشوع ٢٢: ١٧ ع ١١ وتثنية ١٣: ١٧
خُذْ جَمِيعَ رُؤُوسِ ٱلشَّعْبِ أي رؤساء بني إسرائيل وهم القضاة على ما يظهر من الآية الآتية. ومعنى «خذ» هنا اجمع. والمقصود «بجميع رؤوس الشعب» في غير هذا الموضع رؤساء الأسباط أو وكلاء الأمة. ورأى بعضهم أن المقصود بهم هنا رؤساء العثرة والأول المرجّح لأنهم هم الحكام والمنفذون الأحكام (ع ٥).
وَعَلِّقْهُمْ إن كان المقصود بجميع رؤوس الشعب القضاة فالمقصود من تعليقهم مقابل الشمس تشهيرهم وتعييرهم وإن كان المقصود بهم رؤساء العثرة فالمقصود بتعليقهم قتلهم والأول هو المرجّح على ما ذكرنا.
٥ «فَقَالَ مُوسَى لِقُضَاةِ إِسْرَائِيلَ: ٱقْتُلُوا كُلُّ وَاحِدٍ قَوْمَهُ ٱلْمُتَعَلِّقِينَ بِبَعْلِ فَغُورَ».
خروج ١٨: ٢١ و٢٥ خروج ٣٢: ٢٧ وتثنية ١٣: ٦ و١٣ و١٥
ٱقْتُلُوا كُلُّ وَاحِدٍ قَوْمَهُ أي من تعلق ببعل فغور من الجماعة.
٦، ٧ «٦ وَإِذَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ جَاءَ وَقَدَّمَ إِلَى إِخْوَتِهِ ٱلْمِدْيَانِيَّةَ، أَمَامَ عَيْنَيْ مُوسَى وَأَعْيُنِ كُلِّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَهُمْ بَاكُونَ لَدَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ. ٧ فَلَمَّا رَأَى ذٰلِكَ فِينَحَاسُ بْنُ أَلِعَازَارَ بْنِ هَارُونَ ٱلْكَاهِنُ، قَامَ مِنْ وَسَطِ ٱلْجَمَاعَةِ وَأَخَذَ رُمْحاً بِيَدِهِ».
يوئيل ٢: ١٧ مزمور ١٠٦: ٣٠ خروج ٦: ٢٥
فَلَمَّا رَأَى ذٰلِكَ فِينَحَاسُ بْنُ أَلِعَازَارَ بْنِ هَارُونَ ٱلْكَاهِنُ الأرجح أن الكاهن هنا هارون لا فينحاس وإن كان أليعازار كاهناً لأنه لم يكن هو الحبر الأعظم يومئذ إذ المقصود بالكاهن هنا الكاهن الأعلى ولأن الكاهن نعت لهارون (أو بدل منه بمقتضى التركيب وقواعد اللغة لأنه وهو الأقرب. ويصح أن يكون عطف بيان كما صح أن يكون بدلاً بالنظر إلى أن المقصود به الذات لا الصفة) (ص ٢٠: ٢٦) على أنه كان لأليعازر وقتئذ سلطان مدني كما كان له سلطان كاهني (انظر ١أيام ٩: ٢٠).
٨ «وَدَخَلَ وَرَاءَ ٱلرَّجُلِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّ إِلَى ٱلْقُبَّةِ وَطَعَنَ كِلَيْهِمَا، ٱلرَّجُلَ ٱلْإِسْرَائِيلِيَّ وَٱلْمَرْأَةَ فِي بَطْنِهَا. فَٱمْتَنَعَ ٱلْوَبَأُ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ».
مزمور ١٠٦: ٣٠
ٱلْقُبَّةِ لم تُذكر القبة ويُراد بها الخيمة إلا في هذا الموضع ولعل المقصود بها الجزء الداخل من الخيمة الذي كانت النساء تشغله أو حنية أوراق كالقبة من الخيمة وكانت من الجلود على ما يرجّح. والمرجّح أيضاً أن الإسرائيليين أنشأوا تلك القبة حين تعلقوا ببعل فغور واختلطوا بالموآبيين.
فِي بَطْنِهَا أو في خيمتها أو قبتها على ما يحتمله الأصل العبراني.
فَٱمْتَنَعَ ٱلْوَبَأُ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قال أكابر المفسرين الظاهر أن القضاة لم ينفذوا الأمر بأن يقتل كل منهم كل الزناة من قومه فضرب الرب الشعب بالوبإ.
٩ «وَكَانَ ٱلَّذِينَ مَاتُوا بِٱلْوَبَإِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ أَلْفاً».
تثنية ٤: ٣ و١كورنثوس ١٠: ٨
أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ أَلْفاً والذي قاله بولس الرسول «فَسَقَطَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ثَلاَثَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفاً» (١كورنثوس ١٠: ٨). ودفع بعضهم هذا الإشكال بأن ألفاً قتلهم القضاة وكفوا عن إتمام الأمر فقتل الله بالوبإ الباقين. (وهذا لا يستقيم مع النص في الآية وهو «وَكَانَ ٱلَّذِينَ مَاتُوا بِٱلْوَبَإِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ أَلْفاً». (وقال آخر لعل في النسخة التي كانت لبولس ما نصه ثلاثة وعشرون ألفاً. وأحسن ما قيل في دفع هذه الشبهة أن الذين ماتوا كانوا أكثر من ثلاثة وعشرين ألفاً وأقل من أربعة وعشرين ألفاً فذكر موسى التقريب بالأكثر وذكره بولس بالأقل. وترك الكسر من العدد أو تكميله للتقريب كثير في الكتاب المقدس وفي غيره).
١٠، ١١ «١٠ فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: ١١ فِينَحَاسُ بْنُ أَلِعَازَارَ بْنِ هَارُونَ ٱلْكَاهِنُ قَدْ رَدَّ سَخَطِي عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِكَوْنِهِ غَارَ غَيْرَتِي فِي وَسَطِهِمْ حَتَّى لَمْ أُفْنِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِغَيْرَتِي».
مزمور ١٠٦: ٣٠ و٢كورنثوس ١١: ٢ خروج ٢٠: ٥ وتثنية ٣٢: ١٦ و٢١ و١ملوك ١٤: ٢٢ ومزمور ٧٨: ٥٨ وحزقيال ١٦: ٣٨ وصفنيا ١: ١٨ و٣: ٨
فِينَحَاسُ بْنُ أَلِعَازَارَ بْنِ هَارُونَ ٱلْكَاهِنُ (انظر ع ٧) كرر هذا القول تقريراً أن فينحاس كان ذا سلطة كهنوتية لا رجلاً من عامة الشعب.
١٢ «لِذٰلِكَ قُلْ هَئَنَذَا أُعْطِيهِ مِيثَاقِي مِيثَاقَ ٱلسَّلاَمِ».
ملاخي ٢: ٤ و٥ و٣: ١
مِيثَاقِي مِيثَاقَ ٱلسَّلاَمِ إذا كان فينحاس قد أكرم الرب بأن غار بمثل غيرته له تعالى ولبيته فكان مناسباً أن يكون رمزاً إلى المسيح الذي تمت به نبوءة المرنم وهي قوله «غبرة بيتك أكتلني» (مزمور ٦٩: ٩ ويوحنا ٢: ١٧). و «ميثاق السلام» وهو ميثاق النعمة وقد وصفه إشعياء النبي وملاخي النبي وصفاً حسناً (إشعياء ٥٤: ١٠ وملاخي ٢: ٥).
١٣ «فَيَكُونُ لَهُ وَلِنَسْلِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِيثَاقَ كَهَنُوتٍ أَبَدِيٍّ، لأَجْلِ أَنَّهُ غَارَ لِلّٰهِ وَكَفَّرَ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ».
١أيام ٦: ٤ الخ خروج ٤٠: ١٥ أعمال ٢٢: ٣ ورومية ١٠: ٢ عبرانيين ٢: ١٧
فَيَكُونُ لَهُ وَلِنَسْلِهِ مِنْ بَعْدِهِ إن عهد السلام الذي أُثبت بدم الصليب وكل البركات المتعلقة بذلك العهد ثابت للمسيح ولنسله الروحي أي أولاده الذين هم المؤمنون به الذين أعطاهم الآب إياهم.
مِيثَاقَ كَهَنُوتٍ أَبَدِيٍّ إن فينحاس خلف أباه العازار في رتبة الحبر الأعظم (قضاة ٢٠: ٢٨) وبعد أن انقطعت الخلافة وذلك بعد عالي الكاهن وظلت منقطعة إلى أيام داود وجدّدها سليمان بإقامة صادوق كاهناً عالياً وكان من نسل فينحاس وظلت رتبة الكهنوت الأعلى في إسرائيل إلى عصر انحطاطهم. فقام المسيح وكان الحبر الأعظم الأبدي (عبرانيين ٧: ٢٤) بناء على قوله تعالى «أَنْتَ كَاهِنٌ إِلَى ٱلأَبَدِ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادِقَ» (مزمور ١١٠: ٤ انظر أيضاً عبرانيين ٧: ١٧).
١٤ «وَكَانَ ٱسْمُ ٱلرَّجُلِ ٱلإِسْرَائِيلِيِّ ٱلَّذِي قُتِلَ مَعَ ٱلْمِدْيَانِيَّةِ، زِمْرِيَ بْنَ سَالُو، رَئِيسَ بَيْتِ أَبٍ مِنَ ٱلشَّمْعُونِيِّينَ».
رَئِيسَ بَيْتِ أَبٍ مِنَ ٱلشَّمْعُونِيِّينَ المرجّح أن سبط شمعون كان كثير السقوط في الإثم والميل إلى المعاصي وإن الوبأ أخذ منه أكثر ممن أخذ من غيره (انظر ص ٢٦: ١٤ والتفسير).
١٥ «وَٱسْمُ ٱلْمَرْأَةِ ٱلْمِدْيَانِيَّةِ ٱلْمَقْتُولَةِ كُزْبِيَ بِنْتَ صُورٍ. هُوَ رَئِيسُ قَبَائِلِ بَيْتِ أَبٍ فِي مِدْيَانَ».
ص ٣١: ٨ ويشوع ١٣: ٢١
رَئِيسُ قَبَائِلِ بَيْتِ أَبٍ فِي مِدْيَانَ كثير من قبائل المديانيين أو الشعوب الصغيرة منهم كانوا من أبي قبيلة أصلية وكان صور أحد ملوك المديانيين الخمسة الذين قتلهم بنو إسرائيل.
١٦ – ١٨ «١٦ ثُمَّ قَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: ١٧ ضَايِقُوا ٱلْمِدْيَانِيِّينَ وَٱضْرِبُوهُمْ ١٨ لأَنَّهُمْ ضَايَقُوكُمْ بِمَكَايِدِهِمِ ٱلَّتِي كَادُوكُمْ بِهَا فِي أَمْرِ فَغُورَ وَأَمْرِ كُزْبِي أُخْتِهِمْ بِنْتِ رَئِيسٍ لِمِدْيَانَ ٱلَّتِي قُتِلَتْ يَوْمَ ٱلْوَبَإِ بِسَبَبِ فَغُورَ».
ص ٣١: ٢ ص ٣١: ١٦ ورؤيا ٢: ١٤
ضَايِقُوا ٱلْمِدْيَانِيِّينَ وَٱضْرِبُوهُمْ الظاهر أن المديانيين كانوا نصراء الموآبيين في كل محارباتهم للإسرائيليين وإنهم هم أكثر إغراء الإسرائيليين بالزنى من غيرهم. وكان عليهم وهم من نسل إبراهيم أبي المؤمنين أن يخافوا إله إبراهيم ويطيعوه وأن يكونوا إخوة لشعبه ويلطفوا به ويؤاسوه لأنهم أقرباؤه. وأشد نقمة الله تكون من أهل العناد والارتداد والإغراء بالمعاصي (قابل بهذا رؤيا ٢: ١٤ و١٨: ٦). أما الموآبيون وإن لم يُضربوا مع المديانيين (تثنية ٢: ٩) لم ينجوا من العقاب بأن أُخرجوا من جماعة الرب إلى الجيل العاشر (تثنية ٢٣: ٣ و٤). والمرجّح أن استثناءهم من الحكم الذي وقع على المديانيين علته أن كيلهم لم يكن قد امتلأ لا لأنهم أولاد لوط لان المديانيين من نسل إبراهيم (تكوين ١٥: ١٦).
السابق |
التالي |