سفر العدد | 14 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر العدد
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ عَشَرَ
١، ٢ «١ فَرَفَعَتْ كُلُّ ٱلْجَمَاعَةِ صَوْتَهَا وَصَرَخَتْ. وَبَكَى ٱلشَّعْبُ تِلْكَ ٱللَّيْلَةَ. ٢ وَتَذَمَّرَ عَلَى مُوسَى وَعَلَى هَارُونَ جَمِيعُ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَقَالَ لَهُمَا كُلُّ ٱلْجَمَاعَةِ: لَيْتَنَا مُتْنَا فِي أَرْضِ مِصْرَ، أَوْ لَيْتَنَا مُتْنَا فِي هٰذَا ٱلْقَفْرِ!».
ص ١١: ٤ خروج ١٦: ٢ و١٧: ٣ وص ١٦: ٤١ ومزمور ١٠٦: ٢٥ ع ٢٨ و٢٩
تَذَمَّرَ… جَمِيعُ بَنِي إِسْرَائِيلَ لما تذمر الشعب في بريّة سين (خروج ١٦: ٢ و٣) على موسى وهارون لأنهما أتيا بهم إلى تلك البرية حقق لهم موسى أنهم سوف يعلمون أن الرب «يهوه» نفسه هو الذي أخرجهم من أرض مصر (خروج ١٦: ٦). فتذمرهم هنا لم يكن على موسى وهارون فقط بل كان على الرب فكان عصياناً له تعالى على مثال تذمرهم السابق.
٣، ٤ «٣ وَلِمَاذَا أَتَى بِنَا ٱلرَّبُّ إِلَى هٰذِهِ ٱلأَرْضِ لِنَسْقُطَ بِٱلسَّيْفِ؟ تَصِيرُ نِسَاؤُنَا وَأَطْفَالُنَا غَنِيمَةً. أَلَيْسَ خَيْراً لَنَا أَنْ نَرْجِعَ إِلَى مِصْرَ؟ ٤ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: نُقِيمُ رَئِيساً وَنَرْجِعُ إِلَى مِصْرَ».
تثنية ١٧: ١٦ وأعمال ٧: ٣٩
لِمَاذَا أَتَى بِنَا ٱلرَّبُّ (هذا يحتمل وجهين فهو إما استفهام إنكاري معناه إن الله لم يأتِ بهم إلى تلك الأرض وإن موسى وهارون خدعاهم بنسبة ذلك إلى الرب وأما إنه شكوى من الله سبحانه وتعالى واتهام له بأنه ظلمهم فيكونون قد عصوا الرب جهاراً بصريح الكلام). قالوا هذا لاعتقادهم أن تلك الأرض تهلكهم لا بالجوع بل بسيف الأموريين وبني العناقيين (قابل بهذا تثنية ١: ٢٧ و٢٨).
تَصِيرُ نِسَاؤُنَا وَأَطْفَالُنَا غَنِيمَةً يغنمها الأعداء عند دخولنا أرض كنعان (قابل بهذا خروج ١٥: ١٤ – ١٧).
٥، ٦ «٥ فَسَقَطَ مُوسَى وَهَارُونُ عَلَى وَجْهَيْهِمَا أَمَامَ كُلِّ مَعْشَرِ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. ٦ وَيَشُوعُ بْنُ نُونَ وَكَالِبُ بْنُ يَفُنَّةَ، مِنَ ٱلَّذِينَ تَجَسَّسُوا ٱلأَرْضَ، مَزَّقَا ثِيَابَهُمَا».
ص ١٦: ٤ و٢٢ ص ١٣: ٦ و٨ وع ٢٤ و٣٠ و٣٨
مَزَّقَا ثِيَابَهُمَا قابل بهذا (لاويين ١٠: ٦ والتفسير).
٧ – ٩ «٧ وَقَالاَ لِكُلِّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ: ٱلأَرْضُ ٱلَّتِي مَرَرْنَا فِيهَا لِنَتَجَسَّسَهَا جَيِّدَةٌ جِدّاً جِدّاً. ٨ إِنْ سُرَّ بِنَا ٱلرَّبُّ يُدْخِلْنَا إِلَى هٰذِهِ ٱلأَرْضِ وَيُعْطِينَا إِيَّاهَا، أَرْضاً تَفِيضُ لَبَناً وَعَسَلاً. ٩ إِنَّمَا لاَ تَتَمَرَّدُوا عَلَى ٱلرَّبِّ، وَلاَ تَخَافُوا مِنْ شَعْبِ ٱلأَرْضِ لأَنَّهُمْ خُبْزُنَا. قَدْ زَالَ عَنْهُمْ ظِلُّهُمْ، وَٱلرَّبُّ مَعَنَا. لاَ تَخَافُوهُمْ».
ص ١٣: ٢٧ وتثنية ١: ٢٥ تثنية ١٠: ١٥ و٢صموئيل ١٥: ٢٥ و٢٦ و٢٢: ٢٠ و١ملوك ١٠: ٩ ومزمور ٢٢: ٨ و١٤٧: ١٠ و١١ وإشعياء ٦٢: ٤ ص ١٣: ٢٧ وتثنية ٩: ٧ و٢٣ و٢٤ تثنية ٧: ١٨ و٢٠: ٣ ص ٢٤: ٨ مزمور ١٢١: ٥ وإشعياء ٣٠: ٢ و٣ وإرميا ٤٨: ٤٥ تكوين ٤٨: ٢١ وخروج ٣٣: ١٦ وتثنية ٢٠: ١ و٣ و٤ و٣١: ٦ و٨ ويشوع ١: ٥ وقضاة ١: ٢٢ و٢أيام ١٣: ١٢ و١٥: ٢ و٢٠: ١٧ و٣٢: ٨ ومزمور ٤٦: ٧ و١١ وإشعياء ٤١: ١٠ وعاموس ٥: ١٤ وزكريا ٨: ٢٣
قَدْ زَالَ عَنْهُمْ ظِلُّهُمْ أي وقايتهم والكلام مجاز مأخوذ من الوقاية بالظل من حرّ الشمس (قابل بهذا تكوين ٩: ٨ ومزمور ١٧: ٨ و٩١: ١ وإشعياء ٢٥: ٤ و٣٠: ٢). إن كيل إثم الكنعانيين كان يومئذ قد امتلأ وقد نضجوا للقطف ويبسوا للإحراق وآن هلاكهم (قابل بهذا تكوين ١٥: ١٦ ولاويين ١٨: ٢٥ و٢٠: ٢٣).
١٠ «وَلٰكِنْ قَالَ كُلُّ ٱلْجَمَاعَةِ أَنْ يُرْجَمَا بِٱلْحِجَارَةِ. ثُمَّ ظَهَرَ مَجْدُ ٱلرَّبِّ فِي خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ لِكُلِّ بَنِي إِسْرَائِيلَ».
خروج ١٧: ٤ خروج ١٦: ١٠ و٢٤: ١٦ و١٧ و٤٠: ٣٤ ولاويين ٩: ٢٣ وص ١٦: ١٩ و٤٢ و٢٠: ٦
وَلٰكِنْ قَالَ كُلُّ ٱلْجَمَاعَةِ أَنْ يُرْجَمَا بِٱلْحِجَارَةِ أي رأى كل الرؤساء الجماعة أن يُرجم يشوع وكالب. وطريق القتل رجماً كان مما شاع عند المصريين (خروج ٨: ٢٦). وكان مما عيّنته الشريعة الموسوية. وذهب بعضهم أنه عُيّن عقاباً للزاني (تثنية ٢٢: ٢٢ و٢٤) وعابد الوثن (تثنية ١٣: ١٠) والساحر (لاويين ٢٠: ٢٧) ومدنس السبت (عدد ١٥: ٣٥) والمجدف (لاويين ٢٤: ١٦) دون غيرهم. وكان الإسرائيليون قد تهددوا موسى بالرجم (خروج ١٧: ٤) يوم تذمروا عليه لإخراجه إياهم من مصر. ثم هددوا داود بذلك (١صموئيل ٣٠: ٦).
ثُمَّ ظَهَرَ مَجْدُ ٱلرَّبِّ الخ المرجّح أنه ظهر في الدار حتى يراه الجميع أو فوق الخيمة كما رأى بعضهم لأن الشعب ليس له أن يدخل القدس ولا قدس الأقداس.
١١، ١٢ «١١ وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: حَتَّى مَتَى يُهِينُنِي هٰذَا ٱلشَّعْبُ، وَحَتَّى مَتَى لاَ يُصَدِّقُونَنِي بِجَمِيعِ ٱلآيَاتِ ٱلَّتِي عَمِلْتُ فِي وَسَطِهِمْ؟ ١٢ إِنِّي أَضْرِبُهُمْ بِٱلْوَبَإِ وَأُبِيدُهُمْ، وَأُصَيِّرُكَ شَعْباً أَكْبَرَ وَأَعْظَمَ مِنْهُمْ».
ع ٢٣ وتثنية ٩: ٧ و٨ و٢٢ ومزمور ٩٥: ٨ وعبرانيين ٣: ٨ و١٦ تثنية ١: ٣٢ و٩: ٢٣ ومزمور ٧٨: ٢٢ و٣٢ و٤٢ و١٠٦: ٢٤ ويوحنا ١٢: ٣٧ وعبرانيين ٣: ١٨ خروج ٣٢: ١٠
وَأُصَيِّرُكَ شَعْباً أَكْبَرَ وَأَعْظَمَ مِنْهُمْ وعد الرب موسى بمثل هذا يوم عصيان الشعب في سيناء وشفع موسى بومئذ بالشعب بمثل هذه الشفاعة (خروج ٣٢: ١٠ – ١٢).
١٣ – ١٥ «١٣ فَقَالَ مُوسَى لِلرَّبِّ: فَيَسْمَعُ ٱلْمِصْرِيُّونَ ٱلَّذِينَ أَصْعَدْتَ بِقُوَّتِكَ هٰذَا ٱلشَّعْبَ مِنْ وَسَطِهِمْ، ١٤ وَيَقُولُونَ لِسُكَّانِ هٰذِهِ ٱلأَرْضِ ٱلَّذِينَ قَدْ سَمِعُوا أَنَّكَ يَا رَبُّ فِي وَسَطِ هٰذَا ٱلشَّعْبِ، ٱلَّذِينَ أَنْتَ يَا رَبُّ قَدْ ظَهَرْتَ لَهُمْ عَيْناً لِعَيْنٍ، وَسَحَابَتُكَ وَاقِفَةٌ عَلَيْهِمْ، وَأَنْتَ سَائِرٌ أَمَامَهُمْ بِعَمُودِ سَحَابٍ نَهَاراً وَبِعَمُودِ نَارٍ لَيْلاً. ١٥ فَإِنْ قَتَلْتَ هٰذَا ٱلشَّعْبَ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ، يَقُولُ ٱلشُّعُوبُ ٱلَّذِينَ سَمِعُوا بِخَبَرِكَ: ١٦ لأَنَّ ٱلرَّبَّ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُدْخِلَ هٰذَا ٱلشَّعْبَ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي حَلَفَ لَهُمْ، قَتَلَهُمْ فِي ٱلْقَفْرِ».
خروج ٣٢: ١٢ ومزمور ١٠٦: ٢٣ وتثنية ٩: ٢٦ و٢٧ و٢٨ و٣٢: ٢٧ وخروج ٢٠: ٩ و١٤ خروج ١٥: ١٤ ويشوع ٢: ٦ و٢٠ و٥: ١ خروج ١٣: ٢١ و٤٠: ٣٨ وص ١٠: ٣٤ ونحميا ٩: ١٢ ومزمور ٧٨: ١٤ و١٠٥: ٣٩ تثنية ٩: ٢٨ ويشوع ٧: ٩
قَالَ مُوسَى لِلرَّبِّ الخ إن الرب كان عالماً كل ما قاله موسى فلا نظن موسى أراد بذلك أن ينبئ الرب بما لم يعلمه الرب سبحانه وتعالى ولكن موسى قال ذلك بناء على ما شعر به.
١٧ – ١٩ «١٧ فَٱلآنَ لِتَعْظُمْ قُدْرَةُ سَيِّدِي كَمَا قُلْتَ: ١٨ ٱلرَّبُّ طَوِيلُ ٱلرُّوحِ كَثِيرُ ٱلإِحْسَانِ، يَغْفِرُ ٱلذَّنْبَ وَٱلسَّيِّئَةَ، لٰكِنَّهُ لاَ يُبْرِئُ. بَلْ يَجْعَلُ ذَنْبَ ٱلآبَاءِ عَلَى ٱلأَبْنَاءِ إِلَى ٱلْجِيلِ ٱلثَّالِثِ وَٱلرَّابِعِ. ١٩ اِصْفَحْ عَنْ ذَنْبِ هٰذَا ٱلشَّعْبِ كَعَظَمَةِ نِعْمَتِكَ، وَكَمَا غَفَرْتَ لِهٰذَا ٱلشَّعْبِ مِنْ مِصْرَ إِلَى هٰهُنَا».
خروج ٣٤: ٦ و٧ ومزمور ١٠٣: ٨ و١٤٥: ٨ ويونان ٤: ٢ خروج ٢٠: ٥ و٣٤: ٧ خروج ٣٤: ٩ مزمور ١٠٦: ٤٥ مزمور ٧٨: ٣٨
فَٱلآنَ لِتَعْظُمْ قُدْرَةُ سَيِّدِي أي ليكن مع شعبه ويعف عنهم فتظهر قدرته للأمم وتعظم. والسيد هنا مترجم «أدُني» لا «يهوه».
٢٠ «فَقَالَ ٱلرَّبُّ: قَدْ صَفَحْتُ حَسَبَ قَوْلِكَ».
مزمور ١٠٦: ٢٣ ويعقوب ٥: ١٦ و١يوحنا ٥: ١٤ و١٥ و١٦
قَدْ صَفَحْتُ حَسَبَ قَوْلِكَ إن قداسة الرب وعدله يقتضيان عقاب المتدنسين بإثم المعصية وغيره فكان من الواجب عقاب أولئك العصاة كما سبق الإعلان (خروج ٣٢: ٣٤). لكن الله مع ذلك رحيم فسمع صلاة موسى وعفى عن الشعب بشفاعته لأنه تعالى كان ينظر عند الرحمة إلى من به الحق والرحمة تلاثما واستوفى العدل الأزلي حقه. ومع ذلك لم يترك تأديبهم نفعاً لهم وعبرة لغيرهم (انظر ع ٢١ – ٢٤).
٢١ – ٢٣ «٢١ وَلٰكِنْ حَيٌّ أَنَا فَتُمْلأُ كُلُّ ٱلأَرْضِ مِنْ مَجْدِ ٱلرَّبِّ، ٢٢ إِنَّ جَمِيعَ ٱلرِّجَالِ ٱلَّذِينَ رَأَوْا مَجْدِي وَآيَاتِي ٱلَّتِي عَمِلْتُهَا فِي مِصْرَ وَفِي ٱلْبَرِّيَّةِ، وَجَرَّبُونِي ٱلآنَ عَشَرَ مَرَّاتٍ وَلَمْ يَسْمَعُوا لِقَوْلِي، ٢٣ لَنْ يَرَوْا ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي حَلَفْتُ لآبَائِهِمْ. وَجَمِيعُ ٱلَّذِينَ أَهَانُونِي لاَ يَرَوْنَهَا».
مزمور ٧٢: ١٩ تثنية ١: ٣٥ ومزمور ٩٥: ١١ و١٠٦: ٢٦ وعبرانيين ٣: ١٧ و١٨ تكوين ٣١: ٧
جَرَّبُونِي ٱلآنَ عَشَرَ مَرَّاتٍ قال بعضهم هذه التجارب ثمانية تذمرات ومعصيتان فالتذمرات ما يأتي:
- عند البحر الأحمر (خروج ١٤: ١١ و١٢).
- في مارّة (خروج ١٥: ٢٣).
- في برية سين (خروج ١٦: ٢).
- في رفيديم (خروج ١٧: ١).
- في حوريب (خروج ص ٣٢).
- في تبعيرة (عدد ١١: ١).
- في قبروت هتأوة أي قبور الشهوة (عدد ١١: ٤).
- في قادش.
والمعصيتان:
(١) في إذخار المن إلى صباح الغد (خروج ١٦: ٢٠).
(٢) الذهاب في السبت لجمع المن وهو لم يقع في ذلك اليوم (خروج ١٦: ٢٧).
والمرجّح أن المقصود بالعدد العشرة كمال الأمر وهنا كمال التجربة (قابل بهذا تكوين ٣١: ٧) واستثنى من العقاب المذكور في هذه الآيات يشوع وكالب والذين لم يكونوا قد بلغوا كمال الرجليّة في سنة الخروج. وإن من المستثنين اللاويين الذين لم يُحصوا يوم أُحصي الشعب. وإن ألعازر دخل أرض كنعان مع يشوع وكان دون سن العشرين سنة الخروج. ولكن هذا يُعارض بأنه أُقيم كاهناً على أثر الخروج ولا يُقام كاهن في مثل ذلك السن.
٢٤ «وَأَمَّا عَبْدِي كَالِبُ فَمِنْ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَتْ مَعَهُ رُوحٌ أُخْرَى، وَقَدِ ٱتَّبَعَنِي تَمَاماً، أُدْخِلُهُ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي ذَهَبَ إِلَيْهَا، وَزَرْعُهُ يَرِثُهَا».
تثنية ١: ٣٦ ويشوع ١٤: ٦ و٨ و٩ و١٤ ص ٣٢: ١٢
زَرْعُهُ يَرِثُهَا يظهر من سفر يشوع أن موسى وعد كالب خصوصاً بحبرون (يشوع ١٤: ٦ – ١٤). وأما الأرض الجبلية التي كان يسكنها بنو عناق والذي تيقن هو ويشوع أن الإسرائيليين قادرون على الاستيلاء عليها خرجت بقرعة يشوع له ميراثاً.
٢٥ «وَإِذِ ٱلْعَمَالِقَةُ وَٱلْكَنْعَانِيُّونَ سَاكِنُونَ فِي ٱلْوَادِي، فَٱنْصَرِفُوا غَداً وَٱرْتَحِلُوا إِلَى ٱلْقَفْرِ فِي طَرِيقِ بَحْرِ سُوفَ».
تثنية ١: ٤٠
إِذِ ٱلْعَمَالِقَةُ وَٱلْكَنْعَانِيُّونَ سَاكِنُونَ فِي ٱلْوَادِي إن قيل في هذه الآية صعوبتان الأولى أن لا علاقة لها بالكلام السابق. والثانية إن العمالقة كانوا ساكنين في الأرض الجبلية لا في الوادي. فالجواب إن الكلمة العبرانية المترجمة «بساكنين» تدل على الإقامة وقتياً (انظر يشوع ٨: ٩ و١صموئيل ٢٥: ١٣). والعلاقة كون أولها تعليل للانصراف غداً فيكون معنى الآية انصرفوا غداً لأن العمالقة والكنعانيين كامنون لكم في الوادي للبطش بكم. فإنهم سكنوا الوادي وقتياً ليلاقوكم بغتة ويقتلوكم. وهذا أحسن ما قيل في دفع الصعوبتين. ومعنى الكلام بتمامه «انصرفوا غداً واذهبوا إلى البرية في طريق البحر الأحمر ولا تنزلوا الوادي فتقعوا في الشرك المنصوب لكم وهو سكنى أهل الجبل وقتياً هنالك ليبددوكم ويقتلوكم فتحولوا عن هذه الجهة إلى الجهة المقابلة لها».
٢٦، ٢٧ «٢٦ وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى وَهَارُونَ: ٢٧ حَتَّى مَتَى أَغْفِرُ لِهٰذِهِ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلشِّرِّيرَةِ ٱلْمُتَذَمِّرَةِ عَلَيَّ؟ قَدْ سَمِعْتُ تَذَمُّرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِي يَتَذَمَّرُونَهُ عَلَيَّ».
خروج ١٦: ٢٨ وع ١١ ومتّى ١٧: ١٧ خروج ١٦: ١٢
حَتَّى مَتَى أَغْفِرُ لِهٰذِهِ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلشِّرِّيرَةِ (أي قد غفرت لهذه الجماعة مراراً كثيرة ولم تصلح وترجع عن التذمر والمعصية فقد جاوزت حدود الاعتدال).
٢٨ «قُلْ لَهُمْ: حَيٌّ أَنَا يَقُولُ ٱلرَّبُّ، لأَفْعَلَنَّ بِكُمْ كَمَا تَكَلَّمْتُمْ فِي أُذُنَيَّ».
ع ٢٣ وص ٢٦: ٦٥ و٣٢: ١١ وتثنية ١: ٣٥ وعبرانيين ٣: ١٧ ع ٢
لأَفْعَلَنَّ بِكُمْ كَمَا تَكَلَّمْتُمْ فِي أُذُنَيَّ أي لأميتكم في القفر كما قلتم (انظر ع ٢).
٢٩ «فِي هٰذَا ٱلْقَفْرِ تَسْقُطُ جُثَثُكُمْ، جَمِيعُ ٱلْمَعْدُودِينَ مِنْكُمْ حَسَبَ عَدَدِكُمْ مِنِ ٱبْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِداً ٱلَّذِينَ تَذَمَّرُوا عَلَيَّ».
ص ١: ٤٥ و٢٦: ٦٤
مِنِ ٱبْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِداً قال راشي هذا الكلام يبين أن اللاويين الذين أُحصوا من ابن شهر فصاعداً غير داخلين في المحكوم عليهم بالهلاك في القفر ولذلك لا عجب من أن دخلوا الأرض كاليعازر.
٣٠، ٣١ «٣٠ لَنْ تَدْخُلُوا ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي رَفَعْتُ يَدِي لأُسْكِنَنَّكُمْ فِيهَا، مَا عَدَا كَالِبَ بْنَ يَفُنَّةَ وَيَشُوعَ بْنَ نُونٍ. ٣١ وَأَمَّا أَطْفَالُكُمُ ٱلَّذِينَ قُلْتُمْ يَكُونُونَ غَنِيمَةً فَإِنِّي سَأُدْخِلُهُمْ، فَيَعْرِفُونَ ٱلأَرْضَ ٱلَّتِي ٱحْتَقَرْتُمُوهَا».
تكوين ١٤: ٢٢ ع ٣٨ وص ٢٦: ٦٥ و٣٢: ١٢ وتثنية ١: ٣٦ و٣٨ تثنية ١: ٣٩ مزمور ١٠٦: ٢٤
رَفَعْتُ يَدِي أي حلفت لأنهم كانوا يرفعون اليد عند الحلف (انظر تكوين ١٤: ٢٢ والتفسير وتثنية ٣٢: ٤٠). وفي هذه الآية إشارة إلى وعد الله لإبراهيم بأن نسله يملك أرض كنعان (قابل بهذا تكوين ١٥: ٧ و١٨ و١٧: ٨ و٢٢: ١٦ – ١٨ و٢٦: ٣ و٤ و٢٨: ١٣ وخروج ٦: ٨).
٣٢ «فَجُثَثُكُمْ أَنْتُمْ تَسْقُطُ فِي هٰذَا ٱلْقَفْرِ».
١كورنثوس ١٠: ٥ وعبرانيين ٣: ١٧
فِي هٰذَا ٱلْقَفْرِ كما قالوا تماماً (انظر ع ٢).
٣٣ «وَبَنُوكُمْ يَكُونُونَ رُعَاةً فِي ٱلْقَفْرِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَيَحْمِلُونَ فُجُورَكُمْ حَتَّى تَفْنَى جُثَثُكُمْ فِي ٱلْقَفْرِ».
ص ٣٢: ١٣ ومزمور ١٠٧: ٤٠ تثنية ٢: ١٤ حزقيال ٢٣: ٣٥
يَكُونُونَ رُعَاةً كعرب البادية التي لا قرار لها.
أَرْبَعِينَ سَنَةً من سنة الخروج لا من زمن رجوع الجواسيس إلى قادش (انظر ع ٣٤ وتفسيره).
يَحْمِلُونَ فُجُورَكُمْ أي يحملون العقاب على فجوركم أي ترككم إلهكم (قابل بهذا خروج ٣٤: ١٦).
٣٤ «كَعَدَدِ ٱلأَيَّامِ ٱلَّتِي تَجَسَّسْتُمْ فِيهَا ٱلأَرْضَ أَرْبَعِينَ يَوْماً، لِلسَّنَةِ يَوْمٌ. تَحْمِلُونَ ذُنُوبَكُمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَتَعْرِفُونَ ٱبْتِعَادِي».
ص ١٣: ٢٥ مزمور ٩٥: ١٠ وحزقيال ٤: ٦ و١ملوك ٨: ٥٦ ومزمور ٧٧: ٨ و١٠٥: ٤٢ وعبرانيين ٤: ١
أَرْبَعِينَ يَوْماً، لِلسَّنَةِ يَوْمٌ الإحصاء الذي ذُكر في (ص ٢٦) حدث بعد موت هارون الذي حدث في اليوم الأول من الشهر الخامس من السنة الأربعين بعد الخروج (ص ٣٣: ٣٨) فينتج من ذلك إن السنة ونصف السنة وهو ما مرّ منذ الخروج داخل في السنين الأربعين التي يكونون فيها رعاة في البرية.
فَتَعْرِفُونَ ٱبْتِعَادِي أو نفوري أي فحينئذ تختبرون ما يصيبكم من الشر بإغاظتكم إياي حتى أبتعد عنكم أو أنفر منكم.
٣٥ «أَنَا ٱلرَّبُّ قَدْ تَكَلَّمْتُ. لأَفْعَلَنَّ هٰذَا بِكُلِّ هٰذِهِ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلشِّرِّيرَةِ ٱلْمُتَّفِقَةِ عَلَيَّ. فِي هٰذَا ٱلْقَفْرِ يَفْنَوْنَ وَفِيهِ يَمُوتُونَ».
ص٢٣: ١٩ ع ٢٧ و٢٩ وص ٢٦: ٦٥ و١كورنثوس ١٠: ٥
لأَفْعَلَنَّ الخ هذه الآية تأكيد وتقرير مع زيادة إيضاح للآية الثانية والثلاثين.
٣٦، ٣٧ «٣٦ أَمَّا ٱلرِّجَالُ ٱلَّذِينَ أَرْسَلَهُمْ مُوسَى لِيَتَجَسَّسُوا ٱلأَرْضَ، وَرَجَعُوا وَسَجَّسُوا عَلَيْهِ كُلَّ ٱلْجَمَاعَةِ لإِشَاعَةِ ٱلْمَذَمَّةِ عَلَى ٱلأَرْضِ، ٣٧ فَمَاتَ ٱلرِّجَالُ ٱلَّذِينَ أَشَاعُوا ٱلْمَذَمَّةَ ٱلرَّدِيئَةَ عَلَى ٱلأَرْضِ بِٱلْوَبَإِ أَمَامَ ٱلرَّبِّ».
ص ١٣: ٣١ و٣٢ و١كورنثوس ١٠: ١٠ وعبرانيين ٣: ١٧ ويهوذا ٥
بِٱلْوَبَإِ الوبأ في العربية الطاعون وكل مرض يتفشى ويعمّ. والكلمة العبرانية «مجفه» (والجيم مصرية) ومعناها ضربة فقد جاءت في سفر الخروج كذلك في الكلام على ضربات مصر (خروج ٩: ١٤). وجاءت في سفر العدد للوبإ الذي حدث بعد مصاب قورح وداثان وأبيرام (ص ١٦: ٤٨ و٤٩). وللوبإ الذي تفشى على أثر ميل الإسرائيليين إلى العبادة الوثنية (ص ٢٥: ٩ – ١٨). وجاءت في سفري صموئيل للهلاك بالسيف (١صموئيل ٤: ١٧ و٢صموئيل ١٧: ٩ و١٨: ٧). والظاهر أنها تعني في الآية هنا الموت بغتة بغيظ الله.
٣٨ «وَأَمَّا يَشُوعُ بْنُ نُونَ وَكَالِبُ بْنُ يَفُنَّةَ، مِنْ أُولَئِكَ ٱلرِّجَالِ ٱلَّذِينَ ذَهَبُوا لِيَتَجَسَّسُوا ٱلأَرْضَ، فَعَاشَا».
ص ٢٦: ٦٥ ويشوع ١٤: ٦ و١٠
فَعَاشَا كما قال الرب (انظر ع ٣٠).
٣٩ «وَلَمَّا تَكَلَّمَ مُوسَى بِهٰذَا ٱلْكَلاَمِ إِلَى جَمِيعِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَكَى ٱلشَّعْبُ جِدّاً».
خروج ٣٣: ٤
بَكَى ٱلشَّعْبُ جِدّاً حين لا ينفع البكاء فإن بكائهم كان من توقع العقاب لا من الحزن المقدس والندم على الخطيئة.
٤٠ «ثُمَّ بَكَّرُوا صَبَاحاً وَصَعِدُوا إِلَى رَأْسِ ٱلْجَبَلِ قَائِلِينَ: هُوَذَا نَحْنُ! نَصْعَدُ إِلَى ٱلْمَوْضِعِ ٱلَّذِي قَالَ ٱلرَّبُّ عَنْهُ، فَإِنَّنَا قَدْ أَخْطَأْنَا».
تثنية ١: ٤١
إِلَى رَأْسِ ٱلْجَبَلِ أو نحو رأس الجبل. والظاهر أن ذلك هو الطريق الذي سار فيه الجواسيس وهو المؤدي إلى الجزء الجنوبي من اليهودية (انظر ص ١٣: ١٧). ويظهر من الآية ٤٤ و٤٥ إن الشعب لم يصعد فعلاً إلى رأس الجبل المجاور.
٤١، ٤٢ «٤١ فَقَالَ مُوسَى: لِمَاذَا تَتَجَاوَزُونَ قَوْلَ ٱلرَّبِّ؟ فَهٰذَا لاَ يَنْجَحُ. ٤٢ لاَ تَصْعَدُوا لأَنَّ ٱلرَّبَّ لَيْسَ فِي وَسَطِكُمْ لِئَلاَّ تَنْهَزِمُوا أَمَامَ أَعْدَائِكُمْ».
ع ٢٥ و٢أيام ٢٤: ٢٠ تثنية ١: ٤٢
لاَ تَصْعَدُوا لأَنَّ ٱلرَّبَّ لَيْسَ فِي وَسَطِكُمْ أي لأن السحابة التي هي آية حضور الرب معكم وهدايته إياكم ليست معكم. وهذا يتبين من (ع ٢٥).
٤٣ «لأَنَّ ٱلْعَمَالِقَةَ وَٱلْكَنْعَانِيِّينَ هُنَاكَ قُدَّامَكُمْ تَسْقُطُونَ بِٱلسَّيْفِ. إِنَّكُمْ قَدِ ٱرْتَدَدْتُمْ عَنِ ٱلرَّبِّ، فَٱلرَّبُّ لاَ يَكُونُ مَعَكُمْ».
٢أيام ١٥: ٢
هُنَاكَ قُدَّامَكُمْ إن كان المتكلم عليهم هنا هم المتكلم عليهم في (ع ٢٥) لزم من ذلك أنهم تركوا منازلهم الوقتية وصعدوا إلى البلاد الجبلية. والمرجّح ان الكلام هنا على جماعات مختلفة من تلك الأمم.
٤٤ «لٰكِنَّهُمْ تَجَبَّرُوا وَصَعِدُوا إِلَى رَأْسِ ٱلْجَبَلِ. وَأَمَّا تَابُوتُ عَهْدِ ٱلرَّبِّ وَمُوسَى فَلَمْ يَبْرَحَا مِنْ وَسَطِ ٱلْمَحَلَّةِ».
تثنية ١: ٤٣
تَجَبَّرُوا وَصَعِدُوا أي تجاسروا على الصعود متكلين على بأسهم. والظاهر إن الأعداء لاقوهم وقاتلوهم وهزموهم قبل أن يبلغوا قنّة الجبل.
٤٥ «فَنَزَلَ ٱلْعَمَالِقَةُ وَٱلْكَنْعَانِيُّونَ ٱلسَّاكِنُونَ فِي ذٰلِكَ ٱلْجَبَلِ وَضَرَبُوهُمْ وَكَسَّرُوهُمْ إِلَى حُرْمَةَ».
ع ٤٣ وتثنية ١: ٤٤ ص ٢١: ٣ وقضاة ١: ١٧
فَنَزَلَ ٱلْعَمَالِقَةُ وَٱلْكَنْعَانِيُّونَ ٱلسَّاكِنُونَ فِي ذٰلِكَ ٱلْجَبَلِ الساكنون أما نعت للكنعانيين فقط وإما نعت للعمالقة والكنعانيين معاً. وسكناهم هناك إما دائمة وإما وقتية. فإن كانت السكنى دائمة وهو المرجّح فتكون سكناهم في الوادي عل ما مرّ (ع ٢٥) وقتية ولم يقصد بها مقامهم الجغرافي.
إِلَى حُرْمَةَ أي مكان الحرمان أو اللعنة وفي الأصل العبراني «الحرمة» بآداة التعريف. فإن كانت الحرمة المذكورة هنا هي الحرمة المذكورة في (ص ٢١: ٣) بعد آداة التعريف والحرمة المذكورة في (قضاة ١: ١٧) فينتج من ذلك أن هذا المكان ذُكر مسبقاً للمناسبة هنا ومثل هذا كثير في الكتاب المقدس (وغيره من الكتب). على أنه من مصطلحات الكتاب أن يذكر أحياناً الاسم الواحد لأماكن مختلفة كأنه اسم جنس فيدخل عليه آداة التعريف.
السابق |
التالي |