سفر العدد

سفر العدد | 10 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر العدد

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلْعَاشِرُ

١، ٢ «١ وَأَمَرَ ٱلرَّبُّ مُوسَى: ٢ ٱصْنَعْ لَكَ بُوقَيْنِ مِنْ فِضَّةٍ. مَسْحُولَيْنِ تَعْمَلُهُمَا، فَيَكُونَانِ لَكَ لِمُنَادَاةِ ٱلْجَمَاعَةِ وَلٱرْتِحَالِ ٱلْمَحَلاَّتِ».

لاويين ٢٣: ٢ وإشعياء ١: ١٣

مَسْحُولَيْنِ أو مضروبين أو مخروطين أو مطروقين بالمطرقة لا مسبوكين (انظر تفسير خروج ٢٥: ١٨ و٣١). (والسحل في العربية في هذا المقام يفيد النحت والبرد فيكون المعنى منحوتين أو مبرودين. وهذا مما يحتمله الأصل العبراني فتأمل). والبوقان المذكوران في هذه الآية كانا مستقيمين كالأبواق التي على قوس النصر لتيطس في رومية والتي في العاديات المصرية. فهي تختلف عن القرون في أن القرون كانت منحنية (انظر يشوع ٦: ٥ وقابل به ص ٦: ٤ و٦ و٨ و١٣). وذُكر في سفر اللاويين بوق الهتاف (لاويين ٢٥: ٩) وذلك يدل على أن البوقين هنا لم يكونا أول الأبواق أو أن البوق يصنع عند الإسرائيليين في ذلك الوقت دون غيره مما سبقه من الأوقات. وربما كان البوق المذكور هنا جديداً في نوعه لا في جنسه فإن اسم البوق المذكور هنا في العبرانية (حصوصرة) «חצוצרה» واسم المذكور في اللاويين (شوفر) «שופז» والكلمة الأولى أول ما استُعملت هنا.

٣، ٤ «٣ فَإِذَا ضَرَبُوا بِهِمَا يَجْتَمِعُ إِلَيْكَ كُلُّ ٱلْجَمَاعَةِ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ. ٤ وَإِذَا ضَرَبُوا بِوَاحِدٍ يَجْتَمِعُ إِلَيْكَ ٱلرُّؤَسَاءُ رُؤُوسُ أُلُوفِ إِسْرَائِيلَ».

إرميا ٤: ٥ ويوئيل ٢: ١٥ خروج ١٨: ٢١ وص ١: ١٦ و٧: ٢

بِوَاحِدٍ أي ببوق واحد من البوقين وقيل غير ذلك والظاهر الجيل على ما ذكرناه (قابل بهذا أيوب ٣٣: ١٤ وأمثال ٢٨: ١٨ وإرميا ١٠: ٨).

٥، ٦ «٥ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ هُتَافاً تَرْتَحِلُ ٱلْمَحَلاَّتُ ٱلنَّازِلَةُ إِلَى ٱلشَّرْقِ. ٦ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ هُتَافاً ثَانِيَةً تَرْتَحِلُ ٱلْمَحَلاَّتُ ٱلنَّازِلَةُ إِلَى ٱلْجَنُوبِ. هُتَافاً يَضْرِبُونَ لِرِحْلاَتِهِمْ».

ص ٢: ٣ ص ٢: ١٠

وَإِذَا ضَرَبْتُمْ هُتَافاً كانوا يميزون كل التمييز بين النفخات في البوق لتُعرف دعوة الرؤساء ودعوة غيرهم. والمقصود بالهتاف هنا الصوت العالي المتصل وكان ذلك دعوة إلى الرحيل وكان هذا مميزاً عن صوت دعوة الرؤساء وعن صوت دعوة الجماعة (ع ٧). وكان يُنفخ بالبوقين لدعوة الجماعة وبالبوق الواحد لدعوة الرؤساء. وذُكر الكلام مفصلاً في ترتيب المنازل في (ص ٢). وذُكر هنا ترتيب المنازل الشرقية والجنوبية فقط. وفي الترجمة السبعينية ما مترجمه «وتضربون هتافاً ثالثاً فترحل المحلات الضاربة بالبحر (أي في الغرب) وتضربون هتافاً رابعاً فترحل المحلات النازلة شمالاً. يجب أن يضربوا هتافاً عند ارتحالهم».

٧ «وَأَمَّا عِنْدَمَا تَجْمَعُونَ ٱلْجَمَاعَةَ فَتَضْرِبُونَ وَلاَ تَهْتِفُونَ».

ع ٣ يوئيل ٢: ١

وَلاَ تَهْتِفُونَ كان التمييز جلياً بين دعوة الرؤساء أو الجماعة إلى الاجتماع في خيمة الاجتماع والدعوة إلى ارتحال المحلات. وعلى هذا ينبغي أن يكون صوت بوق الإنجيل واضحاً أبداً. (١كورنثوس ١٤: ٨). ويجب على حارسي الحراسة الإنجيلية أن يضربوا فيه بأمانة واجتهاد للتحذير من الإهمال والغفلة وللتأثير في قلوب شعب الله.

٨ «وَبَنُو هَارُونَ ٱلْكَهَنَةُ يَضْرِبُونَ بِٱلأَبْوَاقِ. فَتَكُونُ لَكُمْ فَرِيضَةً أَبَدِيَّةً فِي أَجْيَالِكُمْ».

ص ٣١: ٦ ويشوع ٦: ٤ و١أيام ١٥: ٢٤ و٢أيام ١٣: ١٢

بَنُو هَارُونَ ٱلْكَهَنَةُ يَضْرِبُونَ بِٱلأَبْوَاقِ لم يكن لهارون حينئذ سوى ابنين فما كانت الحاجة إلى بوقين. وفي أكثر الأماكن التي ذُكر فيها البوق (الحصوصرة) تبين فيها أنه كان مما يختص بالكهنة (ومنها ص ٣١: ٦ و١أيام ١٥: ٢٤). وظهر في تاريخ الكتاب المتأخر أن اللاويين كانوا يستعملون ذلك البوق في بعض الأحوال وربما استعملها غير الكهنة وغير اللاويين (٢ملوك ١١: ١٤ و١أيام ١٥: ٢٤). وزاد عدد هذه الأبواق في أيام داود وسليمان كثيراً. ففي سفر الأيام الأول إن سبعة من الكهنة ضربوا بالأبواق قدام تابوت الله (١أيام ١٥: ٢٤). وفي سفر الأيام الثاني إن مئة وعشرين كاهناً كانوا يضربون بها (٢أيام ٥: ١٢). وقال يوسيفوس المؤرخ أن سليمان صنع ٢٠٠٠٠٠ بوق بمقتضى أمر موسى (يوسيفوس التاريخ القديم كتاب ٨ فصل ٣).

٩ «وَإِذَا ذَهَبْتُمْ إِلَى حَرْبٍ فِي أَرْضِكُمْ عَلَى عَدُوٍّ يَضُرُّ بِكُمْ، تَهْتِفُونَ بِٱلأَبْوَاقِ، فَتُذْكَرُونَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمْ، وَتُخَلَّصُونَ مِنْ أَعْدَائِكُمْ».

ص ٣١: ٦ ويشوع ٦: ٥ و٢أيام ١٣: ١٤ قضاة ٢: ١٨ و٤: ٣ و٦: ٩ و١٠: ٨ و١٢ و١صموئيل ١٠: ١٨ ومزمور ١٠٦: ٤٢ تكوين ٨: ١ ومزمور ١٠٦: ٤

وَإِذَا ذَهَبْتُمْ إِلَى حَرْبٍ جاء في (ص ٣١: ٩) أنه في حرب المديانيين أخذ ابن العازر فنحاس أبواق الهتاف في يده. وفي سفر الأيام الثاني في خطاب أبيّا ليربعام ما نص «وَهُوَذَا مَعَنَا ٱللّٰهُ رَئِيساً، وَكَهَنَتُهُ وَأَبْوَاقُ ٱلْهُتَافِ لِلْهُتَافِ عَلَيْكُمْ. فَيَا بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تُحَارِبُوا ٱلرَّبَّ إِلٰهَ آبَائِكُمْ لأَنَّكُمْ لاَ تُفْلِحُونَ» (٢أيام ١٣: ١٢). وفيه «فَٱلْتَفَتَ يَهُوذَا وَإِذَا ٱلْحَرْبُ عَلَيْهِمْ مِنْ قُدَّامٍ وَمِنْ خَلْفٍ. فَصَرَخُوا إِلَى ٱلرَّبِّ، وَبَوَّقَ ٱلْكَهَنَةُ بِٱلأَبْوَاقِ» (٢أيام ١٣: ١٤). والبوق في هذه الكلمات هو ما أصله في العبرانية «حصوصرة». وأما الكهنة السبعة الذين أحاطوا بأريحا فكانوا ينفخون «بالشوفر» أي قرن الكبش لا «الحصوصرة» أي البوق من الفضة.

١٠ «وَفِي يَوْمِ فَرَحِكُمْ، وَفِي أَعْيَادِكُمْ وَرُؤُوسِ شُهُورِكُمْ، تَضْرِبُونَ بِٱلأَبْوَاقِ عَلَى مُحْرَقَاتِكُمْ وَذَبَائِحِ سَلاَمَتِكُمْ، فَتَكُونُ لَكُمْ تِذْكَاراً أَمَامَ إِلٰهِكُمْ. أَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ».

لاويين ٢٣: ٢٤ وص ٢٩: ١ و١أيام ١٥: ٢٤ و٢أيام ٥: ١٢ و٧: ٦ و٢٩: ٢٦ وعزرا ٣: ١٠ ونحميا ١٢: ٣٥ ومزمور ٨١: ٣ ع ٩

فِي يَوْمِ فَرَحِكُمْ كيوم تدشين هيكل سليمان (٢أيام ٥: ١٣) ويوم تطهير حزقيا للهيكل (٢أيام ٢٩: ٢٧ و٢٨ قابل بهذا مزمور ٩٨: ٦).

تِذْكَاراً (قابل بهذا لاويين ٢٣: ٢٤).

أَمَامَ إِلٰهِكُمْ أَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ فالمعنى «أمامي أنا الرب إلهكم» (قابل بهذا ص ٣: ١٣ والتفسير).

١١ «وَفِي ٱلسَّنَةِ ٱلثَّانِيَةِ فِي ٱلشَّهْرِ ٱلثَّانِي، فِي ٱلْعِشْرِينَ مِنَ ٱلشَّهْرِ، ٱرْتَفَعَتِ ٱلسَّحَابَةُ عَنْ مَسْكَنِ ٱلشَّهَادَةِ».

ص ٩: ١٧

فِي ٱلشَّهْرِ ٱلثَّانِي، فِي ٱلْعِشْرِينَ مِنَ ٱلشَّهْرِ يظهر من (خروج ١٩: ١) إن الإسرائيليين نزلوا تجاه جبل سيناء في الشهر الثالث من السنة السابقة وفي اليوم الأول من ذلك الشهر على ما ظن بالإجماع فتكون مدة إقامتهم عند حضيض جبل سيناء أحد عشر شهراً وتسعة عشر يوماً ولا دليل قاطع على صحة ما جاء في التقاليد اليهودية من تعيين اليوم وإنه هو اليوم الخمسون بعد الخروج وإن الشريعة أُعطيت في ذلك اليوم إذ لا يفيد ذلك ما في (خروج ١٩: ١) بل ينفيه على ما يظهر. وكذا لم يعيّن يوم الشهر في (عدد ٩: ١ و٢٠: ١).

١٢ «فَٱرْتَحَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي رِحْلاَتِهِمْ مِنْ بَرِّيَّةِ سِينَاءَ، فَحَلَّتِ ٱلسَّحَابَةُ فِي بَرِّيَّةِ فَارَانَ».

خروج ٤٠: ٣٦ وص ٢: ٩ و١٦ و٢٤ و٣١ خروج ١٩: ١ و ص ١: ١ و٩: ٥ تكوين ٢١: ٢١ وص ١٢: ١٦ و١٣: ٣ و٢٦ وتثنية ١: ١

فَحَلَّتِ ٱلسَّحَابَةُ فِي بَرِّيَّةِ فَارَانَ الكلام على هذا سابق وقته (انظر ع ٣٣) والمرجّح أن المكان المقصود من هذه البرية هو قبروت هتأوة وهو الطرف الجنوبي من برية فاران. وسُميت هذه البرية «ٱلْقَفْرِ ٱلْعَظِيمِ ٱلْمَخُوفِ» (تثنية ١: ١٩). ويحد هذه البرية على ما يُظن أرض كنعان شمالاً ووادي عربة شرقاً وبرية سيناء جنوباً وبرية شور أو نهر مصر (أي وادي العريش) غرباً. وهو يقسم البرية قسمين يعرف القسم الغربي أحياناً ببرية شور. ونزل بنو إسرائيل في القسم الشرقي منه.

١٣ – ١٧ «١٣ ٱرْتَحَلُوا أَوَّلاً حَسَبَ قَوْلِ ٱلرَّبِّ عَنْ يَدِ مُوسَى. ١٤ فَٱرْتَحَلَتْ رَايَةُ مَحَلَّةِ بَنِي يَهُوذَا أَوَّلاً حَسَبَ أَجْنَادِهِمْ، وَعَلَى جُنْدِهِ نَحْشُونُ بْنُ عَمِّينَادَابَ. ١٥ وَعَلَى جُنْدِ سِبْطِ بَنِي يَسَّاكَرَ نَثَنَائِيلُ بْنُ صُوغَرَ. ١٦ وَعَلَى جُنْدِ سِبْطِ بَنِي زَبُولُونَ أَلِيآبُ بْنُ حِيلُونَ. ١٧ ثُمَّ أُنْزِلَ ٱلْمَسْكَنُ فَٱرْتَحَلَ بَنُو جَرْشُونَ وَبَنُو مَرَارِي حَامِلِينَ ٱلْمَسْكَنَ».

ص ٢: ٣٤ وع ٥ و٦ ص ٢: ٣ و٩ ص ١: ٧ ص ١: ٥١ ص ٤: ٢٤ و٣١ و٧: ٦ و٧ و٨

أُنْزِلَ ٱلْمَسْكَنُ (ع ١٧) ترتيب منازل الأسباط الاثني عشر في جهات الخيمة الأربع ذُكر بالتفصيل والوضوح في (ص ٢). وكان اللاويون أقرب الإسرائيليين إلى الخيمة «في وسط المحلة» وفي هذا الأصحاح ذُكر ترتيب اللاويين في السير بالتدقيق فالجرشونيون الذين كان لهم خدمة أستار الدار وسجف مدخل الدار (ص ٤: ٢٥ و٢٦) مع مركبتيهم والمراريون الذين كان لهم خدمة المواد الثقيلة في الخيمة (ص ٤: ٣١ و٣٢) مع مركباتهم الأربع كانوا يسيرون أولاً أو قدام من ينزلون في شرقي المحلة وهم سبط يهوذا وسبط يساكر وسبط زبولون ليكون لهم وقت كاف لنصب الخيمة عند الحلول قبل أن يصل القهاتيون حملة الأقداس (أي أشياء القدس المقدسة). وبعد الجرشونيين والمراريين ثلاثة أسباط رأوبين وشمعون وجاد وهم الذين ينزلون في الجنوب ثم يتبعهم القهاتيون في الوسط حاملين الأقداس. وبعدهم ثلاثة أسباط أفرايم ومنسى وبنيامين وهم الذين ينزلون في الغرب. وفي مؤخر الجيش ثلاثة أسباط دان وأشير ونفتالي وهم الذين ينزلون في الشمال. وهذا الترتيب يوضح معنى قول المرنم «قُدَّامَ أَفْرَايِمَ وَبِنْيَامِينَ وَمَنَسَّى أَيْقِظْ جَبَرُوتَكَ وَهَلُمَّ لِخَلاَصِنَا» (مزمور ٨٠: ٢).

١٨ – ٢٨ «١٨ ثُمَّ ٱرْتَحَلَتْ رَايَةُ مَحَلَّةِ رَأُوبَيْنَ حَسَبَ أَجْنَادِهِمْ، وَعَلَى جُنْدِهِ أَلِيصُورُ بْنُ شَدَيْئُورَ. ١٩ وَعَلَى جُنْدِ سِبْطِ بَنِي شَمْعُونَ شَلُومِيئِيلُ بْنُ صُورِيشَدَّاي. ٢٠ وَعَلَى جُنْدِ سِبْطِ بَنِي جَادَ أَلِيَاسَافُ بْنُ دَعُوئِيلَ. ٢١ ثُمَّ ٱرْتَحَلَ ٱلْقَهَاتِيُّونَ حَامِلِينَ ٱلْمَقْدِسَ. (وَأُقِيمَ ٱلْمَسْكَنُ إِلَى أَنْ جَاءُوا) ٢٢ ثُمَّ ٱرْتَحَلَتْ رَايَةُ مَحَلَّةِ بَنِي أَفْرَايِمَ حَسَبَ أَجْنَادِهِمْ، وَعَلَى جُنْدِهِ أَلِيشَمَعُ بْنُ عَمِّيهُودَ. ٢٣ وَعَلَى جُنْدِ سِبْطِ بَنِي مَنَسَّى جَمْلِيئِيلُ بْنُ فَدَهْصُورَ. ٢٤ وَعَلَى جُنْدِ سِبْطِ بَنِي بِنْيَامِينَ أَبِيدَنُ بْنُ جِدْعُونِي. ٢٥ ثُمَّ ٱرْتَحَلَتْ رَايَةُ مَحَلَّةِ بَنِي دَانَ سَاقَةِ جَمِيعِ ٱلْمَحَلاَّتِ حَسَبَ أَجْنَادِهِمْ، وَعَلَى جُنْدِهِ أَخِيعَزَرُ بْنُ عَمِّيشَدَّاي. ٢٦ وَعَلَى جُنْدِ سِبْطِ بَنِي أَشِيرَ فَجْعِيئِيلُ بْنُ عُكْرَنَ. ٢٧ وَعَلَى جُنْدِ سِبْطِ بَنِي نَفْتَالِي أَخِيرَعُ بْنُ عِينَنَ. ٢٨ هٰذِهِ رِحْلاَتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِأَجْنَادِهِمْ حِينَ ٱرْتَحَلُوا».

ص ٢: ١٠ و١٦ ص ٤: ٤ و١٥ و٧: ٩ ص ١: ٥١ وع ١٧ ص ٢: ١٨ و٢٤ ص ٢: ٢٥ و٣١ ويشوع ٦: ٩ ص ٢: ٣٤

حِينَ ٱرْتَحَلُوا (ع ٢٨) أي في وقت ارتحالهم.

٢٩ «وَقَالَ مُوسَى لِحُوبَابَ بْنِ رَعُوئِيلَ ٱلْمِدْيَانِيِّ حَمِي مُوسَى: إِنَّنَا رَاحِلُونَ إِلَى ٱلْمَكَانِ ٱلَّذِي قَالَ ٱلرَّبُّ أُعْطِيكُمْ إِيَّاهُ. اِذْهَبْ مَعَنَا فَنُحْسِنَ إِلَيْكَ، لأَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ تَكَلَّمَ عَنْ إِسْرَائِيلَ بِٱلإِحْسَانِ».

خروج ٢: ١٨ تكوين ١٢: ٧ قضاة ١: ١٦ و٤: ١١ تكوين ٣٢: ١٢ وخروج ٣: ٨ و٦: ٧ و٨

لِحُوبَابَ بْنِ رَعُوئِيلَ ٱلْمِدْيَانِيِّ حَمِي مُوسَى (انظر خروج ٢: ١٨) وقد اتفق المفسرون على أن رعوئيل ويثرون واحد (خروج ٣: ١) أو ياثر (خروج ٤: ١٨) انظر الأصل العبراني والحاشية في الترجمة العربية ذات الشواهد) وهو حمو موسى (ص ١٨: ١ و٢ و٥ و٦ الخ). وبمقتضى قواعد اللغة العبرانية إن حما موسى هنا حوباب لا رعوئيل أو لا يثرون. ودُعي حوباب بحمي موسى أيضاً في سفر القضاة (قضاة ٤: ١١). واللفظة العبرانية المترجمة بحمي «ختن» « חתן» ومعناه في العبرانية كما في العربية كل من كان من قبل المرأة مثل الأب والأخ على أن الحما في العربية يُطلق على أبي الزوجة وأخيها وعمها فلا منافاة بين كون يثرون أو رعوئيل حما موسى أو حوباب بن رعوئيل كذلك. ورأى بعضهم أن حوباب سواء كان هو يثرون عينه أو لا كان ابن رعوئيل وإن صفورة كانت بنت حوباب ولكن إذا ذكرنا أن موسى مرّ على تركه مصر وإتيانه إلى أرض مديان أكثر من أربعين سنة وكان هنا في سن ما فوق الثمانين رأينا من المناسب أن يطلب موسى دليلاً من هو من جيل صفورة لا جيل أبيها على أرجح الوجوه. وهل كان يثرون مع حوباب في زيارته لموسى على ما ذُكر في سفر الخروج (خروج ص ١٨) يوم كان الإسرائيليون نازلين عند حضيض طور سيناء وبقي معهم بعد ذهاب يثرون (خروج ١٨: ٢٧) وهل كان بنو إسرائيل قد شرعوا في الرحيل حين قال موسى لحوباب «إننا راحلون» (ع ٢٩) ومروا حينئذ بالأرض التي كان حوباب رئيس سكانها ذلك كله لم يبيّن ولا وسيلة إلى تبيينه.

إِنَّنَا رَاحِلُونَ إِلَى ٱلْمَكَانِ الخ هذا الكلام يدل على قوة إيمان موسى بمواعيد الله وحبه لأن يجعل قريبه شريكاً له ولقومه في بركات الرب وإحسانه إلى غير ذلك مما وعد شعبه المختار به. وفي دعوة موسى إيماء إلى بركات الكنيسة المسيحية في كل العصور فإنه في تلك الكنيسة يجب على كل عضو من أعضائها أن يدعو غيره إليها ويجعله شريكاً له في مواهب الإنجيل السماوية السارّة «وٱلرُّوحُ وَٱلْعَرُوسُ يَقُولاَنِ: تَعَالَ. وَمَنْ يَسْمَعْ فَلْيَقُلْ: تَعَالَ» (رؤيا ٢٢: ١٧).

٣٠ – ٣٢ «٣٠ فَقَالَ لَهُ: لاَ أَذْهَبُ، بَلْ إِلَى أَرْضِي وَإِلَى عَشِيرَتِي أَمْضِي. ٣١ فَقَالَ: لاَ تَتْرُكْنَا، لأَنَّهُ بِمَا أَنَّكَ تَعْرِفُ مَنَازِلَنَا فِي ٱلْبَرِّيَّةِ تَكُونُ لَنَا كَعُيُونٍ. ٣٢ وَإِنْ ذَهَبْتَ مَعَنَا فَبِنَفْسِ ٱلإِحْسَانِ ٱلَّذِي يُحْسِنُ ٱلرَّبُّ إِلَيْنَا نُحْسِنُ نَحْنُ إِلَيْكَ».

أيوب ٢٩: ١٥ قضاة ١: ١٦

فَقَالَ لَهُ: لاَ أَذْهَبُ لم يُذكر في هذه القصة ذهابه مع موسى ولا عدم ذهابه معه ومضيه إلى أرض عشيرته. والمرجّح أن موسى ألحّ عليه بعد ذلك وإن حوباب ذهب مع بني إسرائيل بدليل أن موسى لما أعاد الطلب لم يذكر أن حوباب أبى أيضاً (ع ٣١ و٣٢). على أن ما جاء في القضاة يكاد يكون من أقطع البراهين على ذلك. وهو قوله «وَبَنُو ٱلْقِينِيِّ حَمِي مُوسَى صَعِدُوا مِنْ مَدِينَةِ ٱلنَّخْلِ مَعَ بَنِي يَهُوذَا إِلَى بَرِّيَّةِ يَهُوذَا ٱلَّتِي فِي جَنُوبِ عَرَادَ، وَذَهَبُوا وَسَكَنُوا مَعَ ٱلشَّعْبِ» (قضاة ١: ١٦ وانظر أيضاً قضاة ٤: ١١ و ١صموئيل ١٥: ٦ و٢ملوك ١٠: ١٥ وقابل بذلك ١أيام ١١: ٥٥).

تَعْرِفُ مَنَازِلَنَا فِي ٱلْبَرِّيَّةِ (ع ٣١) يظهر من هذه العبارة وكثير من أشباهها أن موسى مع علمه أن الله أحسن إليه وإلى شعبه وإن إرشاده وإرشادهم من النعم السماوية لم يأبَ أن يتخذ الوسائل ويسعى جهده في أحكام العناية بشعبه باعتبار أنه قائد له. فدلّ بذلك على أنه يجب على الإنسان أن يكون عاملاً مع الله ويستخدم قواه التي وهبها له في تدبير أموره). نعم إن السحابة كانت تهديهم الطريق التي يجب أن يسيروا فيها والأماكن التي يجب أن ينزلوها ولكن ربما كان يعترضهم شيء من المصاعب في مسالك البرية فيخلصوا منها بمعرفة حوباب واختباره كل تلك المسائل.

٣٣ «فَٱرْتَحَلُوا مِنْ جَبَلِ ٱلرَّبِّ مَسِيرَةَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، وَتَابُوتُ عَهْدِ ٱلرَّبِّ رَاحِلٌ أَمَامَهُمْ مَسِيرَةَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ لِيَلْتَمِسَ لَهُمْ مَنْزِلاً».

خروج ٣: ١ تثنية ١: ٣٣ ويشوع ٣: ٣ و٤ و٦ ومزمور ١٣٢: ٨ وإرميا ٣١: ٢ وحزقيال ٢٠: ٦

مَسِيرَةَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ الظاهر إن المكان الذي نزلوه إما تبعيزة (أي اضطرام) أو قبروة هتأوة (أي قبور الشهوة). (انظر ص ١١: ٣ و٣٣: ١٦ وتفسير ص ١١: ٣٤).

وَتَابُوتُ عَهْدِ ٱلرَّبِّ رَاحِلٌ أَمَامَهُمْ تبين من الواقع في هذا الأصحاح أن القهاتيين كانوا يعتنون بتابوت عهد الرب (ص ٣: ٣٣) وكانوا يسيرون حاملين الأقداس بعد المحلة الثانية أو المحلة الجنوبية في وسط الجيش في الموضع الذي يكون فيه التابوت في السفر لا في مقدمة الجيش. واعتُرض على ذلك بأن السحابة كانت تظلل التابوت وهي التي كانت تقود بني إسرائيل فلزم من ذلك أن يكون التابوت في المقدمة لا في القلب. وأُجيب على ذلك بأن السحابة لم تكن محصورة حيث يكون التابوت بل كانت فوقه وممتدة عنه إلى كل أطراف الجيش مدة السفر فكانت تهدي الإسرائيليين وتقيهم من الحر معاً نهاراً (وترشدهم وتضيء لهم معاً ليلاً) (انظر ع ٣٤ وانطر ايضاً خروج ١٣: ٢١ ونحميا ٩: ١٢ ومزمور ١٠٥: ٣٩). ولكن نص الآية أنه «تابوت الرب راحل أمامهم» ويريد ذلك ما في (خروج ١٣: ٢١ وتثنية ١: ٣٣). واجتياز التابوت أمامهم بعبورهم نهر الأردن وذُكر في بعض الآيات أن الإسرائيليين كانوا يسيرون وراء التابوت. ورأى ابن عزرا إن السفر في هذه الأيام الثلاثة كان مخالفاً للسفر في غيرها بالنظر إلى موضع التابوت. وأحسن الأجوبة على ذلك أن التابوت لم يكن من الضرروة أن يلزم في المسير وضعاً واحداً.

٣٤ «وَكَانَتْ سَحَابَةُ ٱلرَّبِّ عَلَيْهِمْ نَهَاراً فِي ٱرْتِحَالِهِمْ مِنَ ٱلْمَحَلَّةِ».

خروج ١٣: ٢١ ونحميا ٩: ١٢ و١٩

كَانَتْ سَحَابَةُ ٱلرَّبِّ عَلَيْهِمْ نَهَارا لا على التابوت فقط (ولا مانع من أنها كانت عليهم ليلاً).

٣٥، ٣٦ «٣٥ وَعِنْدَ ٱرْتِحَالِ ٱلتَّابُوتِ كَانَ مُوسَى يَقُولُ: قُمْ يَا رَبُّ فَلْتَتَبَدَّدْ أَعْدَاؤُكَ وَيَهْرُبْ مُبْغِضُوكَ مِنْ أَمَامِكَ. ٣٦ وَعِنْدَ حُلُولِهِ كَانَ يَقُولُ: ٱرْجِعْ يَا رَبُّ إِلَى رَبَوَاتِ أُلُوفِ إِسْرَائِيلَ».

مزمور ٦٨: ١ و٢ و١٣٢: ٨

عِنْدَ ٱرْتِحَالِ ٱلتَّابُوتِ الخ يظهر من هاتين الآيتين أن بداءة سفَر الإسرائيليين ونهايته في كل مرحلة كانتا قرينتي الصلاة. وكان ذلك مثالاً للكنيسة في كل العصور. ومما يستحق الاعتبار هنا أن موسى كان يقوم بالصلاة لا هارون. ومعنى قوله «ارجع يا رب» الخ على قول بعض العلماء عد برحمتك ونعمك ووقايتك وحراستك لشعبك في الإقامة كما عوّدتهم ذلك. (قلت ولا يبعد أن في ذلك إشارة إلى إرجاع تابوت عهده إلى وسط الجماعة فهو علامة حضور الرب معهم وآية الأمن والسلام لهم). وقال الأسقف وُردِسورث «إن في هذا أنباء بالوقت المبارك وقت الراحة والسلام الذي فيه يقيم الله بكنيسته على الأرض بهبة الروح القدس وبقائه إلى الأبد مع شعبه في الراحة السماوية والفرح السماوي» (رؤيا ٧: ١٥ و٣١: ٣).

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى