سفر ملاخي | 04 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر ملاخي
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ
١ – ٣ «١ فَهُوَذَا يَأْتِي ٱلْيَوْمُ ٱلْمُتَّقِدُ كَٱلتَّنُّورِ، وَكُلُّ ٱلْمُسْتَكْبِرِينَ وَكُلُّ فَاعِلِي ٱلشَّرِّ يَكُونُونَ قَشّاً، وَيُحْرِقُهُمُ ٱلْيَوْمُ ٱلآتِي قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ، فَلاَ يُبْقِي لَهُمْ أَصْلًا وَلاَ فَرْعاً. ٢ وَلَكُمْ أَيُّهَا ٱلْمُتَّقُونَ ٱسْمِي تُشْرِقُ شَمْسُ ٱلْبِرِّ وَٱلشِّفَاءُ فِي أَجْنِحَتِهَا، فَتَخْرُجُونَ وَتَنْشَأُونَ كَعُجُولِ ٱلصِّيرَةِ. ٣ وَتَدُوسُونَ ٱلأَشْرَارَ لأنَّهُمْ يَكُونُونَ رَمَاداً تَحْتَ بُطُونِ أَقْدَامِكُمْ يَوْمَ أَفْعَلُ هٰذَا، قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ».
(ص ٣: ١٩ في العبراني) ص ٣: ٢ و٣ ومزمور ٢١: ٩ وناحوم ١: ٥ و٦ إشعياء ٥: ٢٤ وعوبديا ١٨ إشعياء ٩: ١٨ و١٩ و٢صموئيل ٢٣: ٤ وإشعياء ٣٠: ٣٦ و٦٠: ١ إرميا ٣٠: ١٧ و٣٣: ٦ إشعياء ٣٥: ٦ أيوب ٤: ١٢ وإشعياء ٢٦: ٦ وميخا ٥: ٨ حزقيال ٢٨: ١٨ ص ٣: ١٧
يَأْتِي ٱلْيَوْمُ قالوا (٣: ١٥) إنهم طوبوا المستكبرين وأيضاً فاعلوا الشر يُبنون. ثم ذكر الرب يوماً (ع ١٧) فيه ظهر عدل الله فيميزون (ع ١٨) بين الصديق والشرير بين من يعبد الله ومن لا يعبده. وهنا في (الأصحاح الرابع) بيان ذلك بأكثر وضوح أولاً ذكر ما سيصيب أورشليم وشعب اليهود من الحروب والدمار ثم ذكر كرازة يوحنا المعمدان وكرازة يسوع وحكمها على الفريسيين والصدوقيين. قال يوحنا لهم «يا أولاد الأفاعي» (متّى ٣: ٧) وقال لهم يسوع «أَيُّهَا ٱلْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ ٱلأَفَاعِي، كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ» (متّى ٢٣: ٣٣). ثم يذكر ملاخي اليوم الأخير. غير أنه هو ومعاصروه لم يفهموا تماماً ما قاله الروح بواسطته.
ٱلْمُتَّقِدُ كَٱلتَّنُّورِ وناره أشد من غيرها. وهذا نصيب المتكبرين وفاعلي الشر.
وَلَكُمْ أَيُّهَا ٱلْمُتَّقُونَ ٱسْمِي (ع ٢) الرب شمس (مزمور ٨٤: ١١). والبر أولاً بر الله الذي ليس فيه ظلم أو محاباة بل العدل والحق قاعدة كرسيه. قدامه نار وتحرق أعداءه (مزمور ٩٧: ١ و٢) وثانياً بر شعب الله فإنهم يتبررون مما كان أعداؤهم وظالموهم يقولون عليهم كاذبين ومن كل خطاياهم لأنها غُفرت لهم بالمسيح. والشفاء في أجنحتها أي شعاعها لأن الشمس لا تحرق فقط بل تُحيي أيضاً فلا تعيش النباتات والحيوانات بدونها. ونور الشمس للعالم كله الأغنياء والفقراء والأشرار والصالحين وكل الأجناس يهوداً وأمماً. ومن الرب الشفاء من مرض الخطية لأنه يطهر الإنسان من نجاستها ويعطيه النعمة لمقاومتها. والشفاء للحزانى والبائسين والقلوب المنكسرة. وهو شفاء العالم لأنه يسكّن الحروب إلى أقصى الأرض ويحرق بالنار المركبات أي نزع السلاح في العالم يتم متى التفت العالم إليه. والله شمس والمسيح شمس لأنه نور العالم وأشرقت شمس البر لما ولد المسيح في بيت لحم. والملكوت الذي أسسه سيمتد في كل العالم.
فَتَخْرُجُونَ الخ أي من سجن الخطايا وسجن الظلم والضيقات وينشأون. وفي الترجمة اليسوعية وغيرها «تطفرون» أي يفرحون كعجول تخرج من الصيرة إلى المرعى في أول الربيع.
يَكُونُونَ رَمَاداً (ع ٣) إشارة إلى ما قيل في ع ١ «كُلُّ فَاعِلِي ٱلشَّرِّ يَكُونُونَ قَشّاً، وَيُحْرِقُهُمُ ٱلْيَوْمُ ٱلآتِي» ولا نفهم الكلام حرفياً لأن المسيح علمنا أن لا نقاوم الشر بل نحب أعداءنا ونصلي لأجلهم ونطلب تجديد قلوبهم كما تجدد شاول (اي بولس الرسول) وصار خادماً للكنيسة بعد أن اضطهدها. قال بولس (٢كورنثوس ٦: ٦ و٧) «إنه أظهر نفسه كخادم الله فِي طَهَارَةٍ، فِي عِلْمٍ، فِي أَنَاةٍ، فِي لُطْفٍ، فِي ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ، فِي مَحَبَّةٍ بِلاَ رِيَاءٍ، فِي كَلاَمِ ٱلْحَقِّ، فِي قُوَّةِ ٱللّٰهِ بِسِلاَحِ ٱلْبِرِّ» وبهذا السلاح انتصرت الكنيسة في القديم وتنتصر به إلى النهاية.
٤ – ٦ «٤ اُذْكُرُوا شَرِيعَةَ مُوسَى عَبْدِي ٱلَّتِي أَمَرْتُهُ بِهَا فِي حُورِيبَ عَلَى كُلِّ إِسْرَائِيلَ. ٱلْفَرَائِضَ وَٱلأَحْكَامَ. ٥ هَئَنَذَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ إِيلِيَّا ٱلنَّبِيَّ قَبْلَ مَجِيءِ يَوْمِ ٱلرَّبِّ ٱلْيَوْمِ ٱلْعَظِيمِ وَٱلْمَخُوفِ، ٦ فَيَرُدُّ قَلْبَ ٱلآبَاءِ عَلَى ٱلأَبْنَاءِ، وَقَلْبَ ٱلأَبْنَاءِ عَلَى آبَائِهِمْ. لِئَلاَّ آتِيَ وَأَضْرِبَ ٱلأَرْضَ بِلَعْنٍ».
تثنية ٤: ٢٣ و٨: ١١ و١٩ متّى ١١: ١٤ ومرقس ٩: ١١ – ١٣ ولوقا ١: ١٧ لوقا ١: ١٧ إشعياء ١١: ٤ ورؤيا ١٩: ١٥
اُذْكُرُوا شَرِيعَةَ مُوسَى (ع ٤) بين ملاخي وبين المسيح أربع مئة سنة ونيف وهذه أطول مدة مرت على إسرائيل بلا نبي وآخر كلام ملاخي وهو النبي الأخير من العهد القديم هو أن يذكروا شريعة موسى فيكون كلام الله كمرساة لإيمانهم في الأجيال المظلمة القادمة عليهم.
قال يسوع إنه لم يأت لينقض الناموس أو الأنبياء بل ليكمل وفي تعليمه كان يقتبس كثيراً من ناموس موسى ويبين أنه كان درسه بتدقيق واعتبار. وناموس موسى وغيره من أسفار العهد القديم يستحق الاعتبار اليوم مع النظر إلى ما كمل وزال حسب تعليم العهد الجديد.
أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ إِيلِيَّا ٱلنَّبِيَّ (ع ٥) ليس إيليا نفسه بالجسد بل من يكون فيه روح إيليا أي يوحنا المعمدان. ومن وجوه المشابهة بين إيليا ويوحنا (١) منظرهما كالشعر واللباس والسكنى في البرية (٢) شجاعتهما. وبخ إيليا أخآب الملك ووبخ يوحنا هيرودس والفريسيين (٣) الخدمة غير الكاملة لأنه حسب الظاهر لم ينجحا تماماً بل أعدّا الطريق لغيرهما.
قَبْلَ مَجِيءِ يَوْمِ ٱلرَّبِّ اليوم الذي فيه يُجري أحكامه المخيفة على الخطاة وهذه الأحكام ابتدأت في خراب أورشليم وتشتت اليهود وتتم تماماً في اليوم الأخير.
فَيَرُدُّ قَلْبَ ٱلآبَاءِ عَلَى ٱلأَبْنَاءِ (ع ٦) الآباء الأتقياء في العهد القديم آمنوا بالمسيح الموعود به وأبناؤهم الأتقياء في العهد الجديد آمنوا بالمسيح الذي أتى فاتحد الآباء والأبناء بإيمان واحد. قال الملاك جبرائيل لزكريا عن ابنه يوحنا إنه يرد قلوب الآباء إلى الأبناء والعصاة إلى فكر الأبرار لكي يهيء للرب شعباً (لوقا ١: ١٦ و١٧).
لِئَلاَّ آتِيَ وَأَضْرِبَ ٱلأَرْضَ بِلَعْنٍ ضرب الرب أرض اليهود بحروب كثيرة وآخر الكل ضرب أرضهم ومدينتهم أورشليم عن يد الرومانيين بعد صلب المسيح بنحو ٣٧ سنة وحتى اليوم شعب اليهود مشتتون ومضطهدون. واللعن على جميع الذين يرفضون المسيح إن كانوا من اليهود أو من الأمم أو المسيحيين بالاسم فقط وعلى الناس أفراداً غير المؤمنين. وأما لعنات الله فقد تكون بركات لأنها تحذر الناس من عواقب العصيان والخطية لعلهم ينتبهون ويتوبون ويرجعون إلى الرب فيخلصون ولا يريد الرب أن يهلك الناس بل أن الجميع يقبلون إلى التوبة. وآخر كلام العهد القديم اللعن وآخر كلام العهد الجديد والكتاب المقدس كله البركة. واللعن استعداد للبركة.
السابق |