إنجيل لوقا

إنجيل لوقا | 21 | الكنز الجليل

الكنز الجليل في تفسير الإنجيل

شرح إنجيل لوقا

للدكتور . وليم إدي

الأصحاح الحادي والعشرون

الأرملة والفلسان ع ١ إلى ٤

١ – ٤ «١ وَتَطَلَّعَ فَرَأَى ٱلأَغْنِيَاءَ يُلْقُونَ قَرَابِينَهُمْ فِي ٱلْخِزَانَةِ، ٢ وَرَأَى أَيْضاً أَرْمَلَةً مِسْكِينَةً أَلْقَتْ هُنَاكَ فَلْسَيْنِ. ٣ فَقَالَ: بِٱلْحَقِّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ هٰذِهِ ٱلأَرْمَلَةَ ٱلْفَقِيرَةَ أَلْقَتْ أَكْثَرَ مِنَ ٱلْجَمِيعِ، ٤ لأَنَّ هٰؤُلاَءِ مِنْ فَضْلَتِهِمْ أَلْقَوْا فِي قَرَابِينِ ٱللّٰهِ، وَأَمَّا هٰذِهِ فَمِنْ إِعْوَازِهَا أَلْقَتْ كُلَّ ٱلْمَعِيشَةِ ٱلَّتِي لَهَا».

مرقس ١٢: ٤١ و٤٢، ٢كورنثوس ٨: ١٢

انظر الشرح مرقس ١٢: ٤١ – ٤٤.

إنباء يسوع بخراب أورشليم ع ٥ إلى ٣٦

٥ – ١١ «٥ َإِذْ كَانَ قَوْمٌ يَقُولُونَ عَنِ ٱلْهَيْكَلِ إِنَّهُ مُزَيَّنٌ بِحِجَارَةٍ حَسَنَةٍ وَتُحَفٍ قَالَ: ٦ هٰذِهِ ٱلَّتِي تَرَوْنَهَا، سَتَأْتِي أَيَّامٌ لاَ يُتْرَكُ فِيهَا حَجَرٌ عَلَى حَجَرٍ لاَ يُنْقَضُ. ٧ فَسَأَلُوهُ: يَا مُعَلِّمُ، مَتَى يَكُونُ هٰذَا وَمَا هِيَ ٱلْعَلاَمَةُ عِنْدَمَا يَصِيرُ هٰذَا؟ فَقَالَ: ٨ ٱنْظُرُوا! لاَ تَضِلُّوا. فَإِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ بِٱسْمِي قَائِلِينَ: إِنِّي أَنَا هُوَ، وَٱلزَّمَانُ قَدْ قَرُبَ. فَلاَ تَذْهَبُوا وَرَاءَهُمْ. ٩ فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِحُرُوبٍ وَقَلاَقِلٍ فَلاَ تَجْزَعُوا، لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ هٰذَا أَوَّلاً، وَلٰكِنْ لاَ يَكُونُ ٱلْمُنْتَهَى سَرِيعاً. ثُمَّ قَالَ لَـهُمْ ١٠: تَقُومُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ وَمَمْلَكَةٌ عَلَى مَمْلَكَةٍ، ١١ وَتَكُونُ زَلاَزِلُ عَظِيمَةٌ فِي أَمَاكِنَ، وَمَجَاعَاتٌ وَأَوْبِئَةٌ. وَتَكُونُ مَخَاوِفُ وَعَلاَمَاتٌ عَظِيمَةٌ مِنَ ٱلسَّمَاءِ».

متّى ٢٤: ١ ومرقس ١٣: ١، ص ١٩: ٤٤، متّى ٢٤: ٤ ومرقس ١٣: ٥ وأفسس ٥: ٦ و٢تسالونيكي ٢: ٣، متّى ٣: ٢ و٤: ١٧ و٢٤: ٧

تكلم المسيح بما في هذا الأصحاح لتلاميذه وهم خارجون من الهيكل وكان كلامه جواباً لكلام بعض التلاميذ والسؤال من ثلاثة منهم (مرقس ١٣: ١ – ٣).

ما رواه متّى من هذا الخطاب مستوفىً أكثر مما رواه سائر البشيرين (انظر الشرح متّى ص ٢٤ ومرقس ص ١٣).

ٱلزَّمَانُ قَدْ قَرُبَ (ع ٨) هذا جزء من كلام الأنبياء الكذبة على ظهور المسيح على الأرض ممجداً.

١٢ – ١٩ «١٢ وَقَبْلَ هٰذَا كُلِّهِ يُلْقُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ، وَيُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى مَجَامِعٍ وَسُجُونٍ، وَتُسَاقُونَ أَمَامَ مُلُوكٍ وَوُلاَةٍ لأَجْلِ ٱسْمِي. ١٣ فَيَؤُولُ ذٰلِكَ لَكُمْ شَهَادَةً. ١٤ فَضَعُوا فِي قُلُوبِكُمْ أَنْ لاَ تَهْتَمُّوا مِنْ قَبْلُ لِكَيْ تَحْتَجُّوا، ١٥ لأَنِّي أَنَا أُعْطِيكُمْ فَماً وَحِكْمَةً لاَ يَقْدِرُ جَمِيعُ مُعَانِدِيكُمْ أَنْ يُقَاوِمُوهَا أَوْ يُنَاقِضُوهَا. ١٦ وَسَوْفَ تُسَلَّمُونَ مِنَ ٱلْوَالِدِينَ وَٱلإِخْوَةِ وَٱلأَقْرِبَاءِ وَٱلأَصْدِقَاءِ، وَيَقْتُلُونَ مِنْكُمْ. ١٧ وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ ٱلْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ ٱسْمِي. ١٨ وَلٰكِنَّ شَعْرَةً مِنْ رُؤُوسِكُمْ لاَ تَهْلِكُ. ١٩ بِصَبْرِكُمُ ٱقْتَنُوا أَنْفُسَكُمْ».

مرقس ١٣: ٩ ورؤيا ٢: ١٠، أعمال ٤: ٣ و٥: ١٨ و١٢: ٤ و١٦: ٢٤، أعمال ٢٥: ٢٣ و١بطرس ٢: ١٣، فيلبي ١: ٢٨ و٢تسالونيكي ١: ٥، متّى ١٠: ١٩ ومرقس ١٣: ١١ وص ١٢: ١١، أعمال ٦: ١٠، ميخا ٧: ٦ ومرقس ١٣: ١٢، أعمال ٧: ٥٩ و١٢: ٢، متّى ١٠: ٢٢ و٣٠

قَبْلَ هٰذَا كُلِّهِ أي قبل إنجاز سائر ما ذُكر في هذه النبوة. وقد مرّ الكلام على مضطهديه المسيحيين وواجباتهم في الشرح (متّى ١٠: ١٧ – ٢٢ و٢٤: ٩ – ١٤ ومرقس ١٣: ٩ – ١٣).

فَيَؤُولُ ذٰلِكَ لَكُمْ شَهَادَةً (ع ١٣) أي أن وقوع الاضطهاد على التلاميذ يكون وسيلة إلى الشهادة للمسيح وللحق. ويكون احتمالهم إياه شهادة بأمانتهم ومتى وقفوا أمام الملوك والرؤساء (مرقس ١٣: ٩) وأدوا تلك الشهادة فإن قبلها السامعون كانت لهم وإن رفضوها كانت عليهم.

أَنَا أُعْطِيكُمْ فَماً وَحِكْمَةً (ع ١٥) أي أقدّركم على التكلم بنعمة الروح القدس (مرقس ١٣: ١١) وأمنحكم الحكمة لكي تقدّموا براهين مقنعة للسامعين. وقد تم ذلك فعلاً ومن أمثلته ما جاء في أعمال ٤: ١٩ و٢٠ و٥: ٢٩ – ٣٢ و٧: ٢٦.

شَعْرَةً مِنْ رُؤُوسِكُمْ لاَ تَهْلِكُ (ع ١٨) إذا نظرنا إلى اللفظ بقطع النظر عن القرينة كان ذلك وعداً بالوقاية من الخطر الشخصي كما وقع فعلاً (أعمال ٢٧: ٣٤). ولكن القرينة تدل على أن المعنى أنه لا يذهب شيء مما يُبذل في سبيل الدين عبثاً ولو أقل الأشياء لأنه يؤول إلى انتشار الإنجيل هنا وسعادة المبشرين في الآخرة (فيلبي ١: ١٩). وأن أعداءهم لا يستطيعون أن يؤذوهم أدنى أذى إلا بإذن الله لإتمام مقاصده الخيرية.

بِصَبْرِكُمُ ٱقْتَنُوا أَنْفُسَكُمْ (ع ١٩) أي بتمسككم بالإيمان زمن الاضطهاد تقون أنفسكم من الهلاك الأبدي فإن سلمتم أجسادكم إلى الموت بالصبر فذلك هو الطريق المؤدية إلى الاقتناء السماوي الذي عينه الله لكم ولكن إن أنكرتم المسيح لتقوا حياة أجسادكم خسرتم حياة نفوسكم السماوية. وذلك وفق ما قيل في بشارة متّى ١٠: ٣٩ و٢٤: ١٣ وبشارة مرقس ١٣: ١٣.

٢٠ – ٢٤ «٢٠ وَمَتَى رَأَيْتُمْ أُورُشَلِيمَ مُحَاطَةً بِجُيُوشٍ، ٢١ فَحِينَئِذٍ ٱعْلَمُوا أَنَّهُ قَدِ ٱقْتَرَبَ خَرَابُهَا. حِينَئِذٍ لِيَهْرُبِ ٱلَّذِينَ فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ إِلَى ٱلْجِبَالِ، وَٱلَّذِينَ فِي وَسَطِهَا فَلْيَفِرُّوا خَارِجاً، وَٱلَّذِينَ فِي ٱلْكُوَرِ فَلاَ يَدْخُلُوهَا، ٢٢ لأَنَّ هٰذِهِ أَيَّامُ ٱنْتِقَامٍ، لِيَتِمَّ كُلُّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ. ٢٣ وَوَيْلٌ لِلْحَبَالَى وَٱلْمُرْضِعَاتِ فِي تِلْكَ ٱلأَيَّامِ، لأَنَّهُ يَكُونُ ضِيقٌ عَظِيمٌ عَلَى ٱلأَرْضِ وَسُخْطٌ عَلَى هٰذَا ٱلشَّعْبِ. ٢٤ وَيَقَعُونَ بِٱلسَّيْفِ، وَيُسْبَوْنَ إِلَى جَمِيعِ ٱلأُمَمِ، وَتَكُونُ أُورُشَلِيمُ مَدُوسَةً مِنَ ٱلأُمَمِ، حَتَّى تُكَمَّلَ أَزْمِنَةُ ٱلأُمَمِ».

متّى ٢٤: ١٥ ومرقس ١٣: ١٤، ص ١٨: ٧ و٨، دانيال ٩: ٢٦ و٢٧ وزكريا ١١: ٦ و١٤: ١ و٢، متّى ٢٤: ١٩، دانيال ٩: ٢٧ و١٢: ٧ ورومية ١١: ٢٥

انظر الشرح متّى ص ٢٤.

أُورُشَلِيمَ مُحَاطَةً بِجُيُوشٍ (ع ٢٠) هذا تفسير ما جاء في بشارتي متّى ومرقس على رجسة الخراب (متّى ٢٤: ١٥ ومرقس ١٣: ١٤) وكان بين أول مجيء الجيوش الرومانيين إلى أورشليم والحصار الأخير أربع سنين أي من سنة ٦٦ ب.م إلى ٧٠ ب.م.

هٰذِهِ أَيَّامُ ٱنْتِقَامٍ (ع ٢٢) أي زمن عقاب الله الأمة اليهودية على خطاياها وهو لم يأت إلا بعد زمن الافتقاد بالرحمة.

كُلُّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ أي كل ما كتبه أنبياء العهد القديم في هذا الشأن (لاويين ٢٦: ١٤ – ٢٣ وتثنية ١٨: ١٥ – ٦٨ و٢٩: ٢٢ – ٢٨ ودانيال ٩: ٢٦ و٢٧ وزكريا ص ١١ و١٤: ١ و٢) وما كتبه بعض تلاميذ المسيح (لوقا ١١: ٥٠ و٥١ و١٩: ٤٣ و٤٤).

عَلَى ٱلأَرْضِ (ع ٢٣) أي اليهودية لأن الجنود الرومانية انتشرت فيها ونهبت مدنها وقتلت بعض السكان وأسرت البعض.

وَسُخْطٌ أي نوازل الله النازلة عن سخطه.

وَيَقَعُونَ بِٱلسَّيْفِ حُسب قتلى اليهود يومئذ في أورشليم وسائر اليهودية فبلغت ١٣٥٠٠٠٠.

وَيُسْبَوْنَ بلغ عدد من سُبي من اليهود يومئذ ٩٧٠٠٠.

أُورُشَلِيمُ مَدُوسَةً مِنَ ٱلأُمَمِ قابل هذا بما جاء في سفر الرؤيا ١١: ٢ لم تكن هذه النبؤة مقصورة على هدم الرومانيين لأورشليم بل اشتملت على ما جرى عليها من الحوادث من ذلك الوقت إلى هذه الساعة وما سيكون عليها في المستقبل إلى ما شاء الله والمقصود بتلك النبوءة أنه يملك اليهودية ملوك ليسوا من اليهود وأن اليهود سكانها الأصليين يكونون في حال الذّل والهوان.

حَتَّى تُكَمَّلَ أَزْمِنَةُ ٱلأُمَمِ يحتمل ذلك معنيين الأول زمان إكمال الأمم مقاصد الله الانتقامية منها. والثاني وهو الأرجح زمان قبول الأمم للإنجيل. وهذا هو الوقت الذي أنبأ به قدماء الأنبياء. وأشار إليه المسيح في بشارة متّى ٢١: ٤٣ و٢٢: ١٨ وفي بشارة مرقس ١٢: ٩ وأشار إليه بولس بقوله «مِلءُ الأمم» (رومية ١١: ٢٥). وقد عيّن الله لليهود يوم افتقادهم قبل خراب مدينتهم وهو قد عيّن للأمم يوم افتقادهم وهو الذي فيه يُبشرون بالإنجيل لو يدعون إلى التوبة وقبول المسيح. وتظل الدينونة على أورشليم مدة ذلك الافتقاد وعلى كل اليهود أيضاً بالنتيجة. والذي يحدث بعد ذلك في شأن أورشليم والأمة اليهودية نعرفه من نبوات أخرى منها ما جاء في الرسالة إلى الرومانيين (رومية ١١: ١٥ و٢٣ و٢٦).

٢٥ – ٣٣ «٢٥ وَتَكُونُ عَلاَمَاتٌ فِي ٱلشَّمْسِ وَٱلْقَمَرِ وَٱلنُّجُومِ، وَعَلَى ٱلأَرْضِ كَرْبُ أُمَمٍ بِحَيْرَةٍ. اَلْبَحْرُ وَٱلأَمْوَاجُ تَضِجُّ، ٢٦ وَٱلنَّاسُ يُغْشَى عَلَيْهِمْ مِنْ خَوْفٍ وَٱنْتِظَارِ مَا يَأْتِي عَلَى ٱلْمَسْكُونَةِ، لأَنَّ قُوَّاتِ ٱلسَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ. ٢٧ وَحِينَئِذٍ يُبْصِرُونَ ٱبْنَ ٱلإِنْسَانِ آتِياً فِي سَحَابَةٍ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ. ٢٨ وَمَتَى ٱبْتَدَأَتْ هٰذِهِ تَكُونُ، فَٱنْتَصِبُوا وَٱرْفَعُوا رُؤُوسَكُمْ لأَنَّ نَجَاتَكُمْ تَقْتَرِبُ. ٢٩ وَقَالَ لَـهُمْ مَثَلاً: اُنْظُرُوا إِلَى شَجَرَةِ ٱلتِّينِ وَكُلِّ ٱلأَشْجَارِ. ٣٠ مَتَى أَفْرَخَتْ تَنْظُرُونَ وَتَعْلَمُونَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَنَّ ٱلصَّيْفَ قَدْ قَرُبَ. ٣١ هٰكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً، مَتَى رَأَيْتُمْ هٰذِهِ ٱلأَشْيَاءَ صَائِرَةً، فَٱعْلَمُوا أَنَّ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ قَرِيبٌ. ٣٢ اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لاَ يَمْضِي هٰذَا ٱلْجِيلُ حَتَّى يَكُونَ ٱلْكُلُّ. ٣٣ اَلسَّمَاءُ وَٱلأَرْضُ تَزُولاَنِ، وَلٰكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ».

متّى ٢٤: ٢٩ ومرقس ١٢: ٢٤ و٢بطرس ٣: ١٠ و١٢، متّى ٢٤: ٢٩ و٣٠ ورؤيا ١: ٧ و١٤: ١٤، رومية ٨: ١٩ و٢٣، متّى ٢٤: ٣٢ ومرقس ١٣: ٢٨، متّى ٢٤: ٣٥

انظر الشرح متّى ٢٤: ٢٧ – ٣٣ ومرقس ١٣: ٢٤ – ٣٢.

كَرْبُ أُمَمٍ بِحَيْرَةٍ هذا مثل قوله «تَنُوحُ جَمِيعُ قَبَائِلِ ٱلأَرْضِ» (متّى ٢٤: ٣٠ ورؤيا ٦: ١٢ – ١٥). وذلك بالنظر إلى النوازل التي حدثت وإلى ما خافوه من أمثالها في المستقبل.

هٰذِهِ (ع ٢٨) أي النوازل المذكورة في ع ٢٥.

فَٱنْتَصِبُوا أي لا تسلموا أنفسكم إلى اليأس والخوف بل افرحوا بما يخيف عالم الخطاة. وقال يسوع ذلك تعزية لتلاميذه.

لأَنَّ نَجَاتَكُمْ تَقْتَرِبُ هذا موافق لقوله في بشارة متّى «فَيُرْسِلُ مَلاَئِكَتَهُ… فَيَجْمَعُونَ مُخْتَارِيهِ» (متّى ٢٤: ٢١). فإنهم وإن ماتوا يكون موت أجسادهم وسيلة إلى نجاة أنفسهم من كل تعب وخطر.

٣٤ – ٣٦ «٣٤ فَٱحْتَرِزُوا لأَنْفُسِكُمْ لِئَلاَّ تَثْقُلَ قُلُوبُكُمْ فِي خُمَارٍ وَسُكْرٍ وَهُمُومِ ٱلْحَيَاةِ، فَيُصَادِفَكُمْ ذٰلِكَ ٱلْيَوْمُ بَغْتَةً. ٣٥ لأَنَّهُ كَٱلْفَخِّ يَأْتِي عَلَى جَمِيعِ ٱلْجَالِسِينَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ ٱلأَرْضِ. ٣٦ اِسْهَرُوا إِذاً وَتَضَرَّعُوا فِي كُلِّ حِينٍ، لِكَيْ تُحْسَبُوا أَهْلاً لِلنَّجَاةِ مِنْ جَمِيعِ هٰذَا ٱلْمُزْمِعِ أَنْ يَكُونَ، وَتَقِفُوا قُدَّامَ ٱبْنِ ٱلإِنْسَان».

رومية ١٣: ١٣ و١تسالونيكي ٥: ٦ و١بطرس ٤: ٧، ١تسالونيكي ٥: ٢ و٢بطرس ٣: ١٠ ورؤيا ٣: ٣ و١٦: ١٥، متّى ٢٤: ٢٤ و٢٥: ١٣ ومرقس ١٣: ٣٣ ص ١٨: ١، مزمور ١: ٥ وأفسس ٦: ١٣

ومعنى ما أتى هنا من الحث على الصلاة والسهر يوافق معنى ما جاء في بشارة متّى ٢٤: ٣٨ – ٥١ ومرقس ١٣: ٣٣ – ٣٧ فراجع الشرح هناك.

فَٱحْتَرِزُوا (ع ٣٤) الأمور التي حذر المسيح تلاميذه منها هي التي تعيقهم عن الاستعداد الذي يقتضيه مجيئه الثاني وهي محبة العالم والترفّه واللذات الجسدية وزيادة الاهتمام بأمور هذه الحياة.

ذٰلِكَ ٱلْيَوْمُ أي اليوم الأخير أعني يوم مجيء الرب وطلب الناس للحساب. وما قيل على نهاية العالم يصح أيضاً على موت كل إنسان.

كَٱلْفَخِّ يَأْتِي (ع ٣٥) هذا مجاز حقيقته خطر بغتي لا نجاة منه. ويأتي ذلك على من توقعوا الأمان. واستعارة الفخ له هنا كاستعارة اللص له في غير مواضع (١تسالونيكي ٥: ٢ و٢بطرس ٣: ١٠).

عَلَى وَجْهِ كُلِّ ٱلأَرْضِ أي أن أكثر الناس يكونون عند مجيء المسيح ثانية غافلين غير مستعدين فيدركهم الحيرة والهلاك. وهذا يدلنا على أن كلام المسيح لم يكن مقصوراً على خراب أورشليم بل يشتمل على نهاية العالم أيضاً.

اِسْهَرُوا (ع ٣٦) أي احترزوا في زمن النجاح من الغفلة والترفه والكسل وفي زمن الضيق من زيادة الاهتمام والتذمر واليأس.

لِكَيْ تُحْسَبُوا أَهْلاً لِلنَّجَاةِ لم يقل «لكي تكونوا أهلاً للنجاة» بل «لكي تحسبوا» لأن ذلك من نعمة الله يسوع المسيح ربنا (يهوذا ٢٤).

وَتَقِفُوا قُدَّامَ ٱبْنِ ٱلإِنْسَانِ أي تقوموا في يوم الدين بلا خوف ولا خجل ولا دينونة متبررين مسرورين (قابل هذا مع مزمور ١: ٥ وملاخي ٣: ٢ و١يوحنا ٢: ٢٨) وفي ذلك إشارة إلى دوام بقائهم في حضرة المسيح كملائكة السماء

كيفية تصرف المسيح ع ٣٧ و٣٨

٣٧، ٣٨ «٣٧ وَكَانَ فِي ٱلنَّهَارِ يُعَلِّمُ فِي ٱلْهَيْكَلِ، وَفِي ٱللَّيْلِ يَخْرُجُ وَيَبِيتُ فِي ٱلْجَبَلِ ٱلَّذِي يُدْعَى جَبَلَ ٱلزَّيْتُونِ. ٣٨ وَكَانَ كُلُّ ٱلشَّعْبِ يُبَكِّرُونَ إِلَيْهِ فِي ٱلْهَيْكَلِ لِيَسْمَعُوهُ».

يوحنا ٨: ١ و٢ ص ٢٢: ٣٩

هذا مختصر أنباء تصرف المسيح في الثلاثة الأيام الأولى من الأسبوع الأخير من حياته. وهذه خاتمة مخاطباته الأخيرة التي مقدمتها في ص ١٩: ٤٧ وهي قوله «وكان يعلّم كل يوم في الهيكل».

وَيَبِيتُ فِي ٱلْجَبَلِ كانت بيت عنيا في جبل الزيتون والأرجح أن المسيح كانت تتقضى عليه الليالي فيها. ولا يقتضي الكلام هنا أن المسيح كان يبيت بلا مأوى (متّى ٢١: ١٧ ومرقس ١٤: ٣).

يُبَكِّرُونَ إِلَيْهِ كما ذُكر في (بشارة متّى ٢١: ١٨ وبشارة مرقس ١١: ١٢ و٢٠).

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى