سفر اللاويين

سفر اللاويين | 23 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر اللاويين

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ وَٱلْعِشْرُونَ

١ «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى».

وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى ذكر على أثر فروض قداسة المقدس والذبائح وقداسة الكهنة والشعب الفروض المتعلقة بقداسة الأوقات.

٢ «قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: مَوَاسِمُ ٱلرَّبِّ ٱلَّتِي فِيهَا تُنَادُونَ مَحَافِلَ مُقَدَّسَةً. هٰذِهِ هِيَ مَوَاسِمِي».

ع ٤ و٣٧ خروج ٣٢: ٥ و٢ملوك ١٠: ٢٠ ومزمور ٨١: ٣

قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ لما كانت المواسم المذكورة هنا مما يجب على الجميع حفظها بالوقار أمر الله موسى أن يكلم الشعب بواسطة وكلائهم أو نوابهم الشيوخ.

مَوَاسِمُ ٱلرَّبِّ أي الأعياد الآتي ذكرها.

ٱلَّتِي فِيهَا تُنَادُونَ مَحَافِلَ أي تنادون بها للاحتفال في القدس احتفالاً مقدساً.

٣ «سِتَّةَ أَيَّامٍ يُعْمَلُ عَمَلٌ، وَأَمَّا ٱلْيَوْمُ ٱلسَّابِعُ فَفِيهِ سَبْتُ عُطْلَةٍ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ. عَمَلاً مَا لاَ تَعْمَلُوا. إِنَّهُ سَبْتٌ لِلرَّبِّ فِي جَمِيعِ مَسَاكِنِكُمْ».

خروج ٢٠: ٩ و٢٣: ١٢ و٣١: ١٥ و٣٤: ٢ وص ١٩: ٣ وتثنية ٥: ١٣ ولوقا ١٣: ١٤

سِتَّةَ أَيَّامٍ يُعْمَلُ عَمَلٌ أي اعملوا ستة أيام من الأسبوع. ومن أهم ما يُلتفت إليه هنا إن يوم الرب كان أقدم الأعياد وذُكر قبل كل واحد منها فهو أول الأوقات المقدسة. وعلى هذا قال علماء الشريعة مدة الهيكل الثاني «إن السبت يعدل في الأهمية كل الشريعة فمن دنّس السبت دنّس الشريعة كلها» وكانوا ينبهون على أوله وآخره بالنفخ في الأبواق ثلاثاً.

عَمَلاً مَا لاَ تَعْمَلُوا من عظيم وحقير. وهذا على خلاف غيره من الأعياد سوى السبت ويوم الكفارة (انظر ع ٧ و٨ و٢١ و٢٥ و٣٥ و٣٦). وأُجيز لهم إعداد الطعام فيه (خروج ١٢: ١٦). وكان السبت ويوم الكفارة دون غيرهما يحرّم فيهما كل الأعمال الدنيوية (انظر ع ٢٨ و٣٠ وص ١٦: ٢٩). وكان عقاب من يدنّس السبت بعمل يدوي القتل رجماً (خروج ٣١: ١٤ و١٥ و٣٥: ٢ وعدد ١٥: ٣٥ و٣٦). فإن قضاة الناموس دققوا في ذلك كثيراً لكن العلماء أجازوا فيه الأعمال الضرورية للحياة وكان أن وضعوا هذا المبدأ «السبت دُفع إلى يدك لا أنت دُفعت إلى يد السبت» وهذا يشبه قول المسيح «ٱلسَّبْتُ إِنَّمَا جُعِلَ لأَجْلِ ٱلإِنْسَانِ، لاَ ٱلإِنْسَانُ لأَجْلِ ٱلسَّبْتِ» (مرقس ٢: ٢٧).

٤ «هٰذِهِ مَوَاسِمُ ٱلرَّبِّ، ٱلْمَحَافِلُ ٱلْمُقَدَّسَةُ ٱلَّتِي تُنَادُونَ بِهَا فِي أَوْقَاتِهَا».

خروج ٢٣: ١٤ وع ٢ و٣٧

هٰذِهِ مَوَاسِمُ ٱلرَّبِّ إن هذه المواسم الآتية خاصة هي غير السبت ولذلك صدّر الكلام عليها بهذه العبارة وكررها (انظر ع ٣٧ و٣٨).

تُنَادُونَ بِهَا فِي أَوْقَاتِهَا بالنفخ في الأبواق في الأيام التي تكون فيها.

٥ «فِي ٱلشَّهْرِ ٱلأَوَّلِ فِي ٱلرَّابِعَ عَشَرَ مِنَ ٱلشَّهْرِ، بَيْنَ ٱلْعِشَاءَيْنِ فِصْحٌ لِلرَّبِّ».

خروج ١٢: ٦ و١٤ و١٨ و١٣: ٣ و١٠ و٢٣: ١٥ و٣٤: ١٨ وعدد ٩: ٢ و٣ و٢٨: ١٦ و١٧ وتثنية ١: ١ إلى ٨ ويشوع ٥: ١٠

فِي ٱلشَّهْرِ ٱلأَوَّلِ فِي ٱلرَّابِعَ عَشَرَ مِنَ ٱلشَّهْرِ وهو شهر أبيب على ما في التوراة (خروج ١٣: ٤ و٢٣: ١٥ وتثنية ١٦: ١). ونيسان في أسفار غير التوراة (أي في سائر أسفار الكتاب المقدس لانّا نعني بالتوراة هنا الأسفار الخمسة دون غيرها). (انظر نحميا ٢: ١ وأستير ٣: ٧). وكان الرابع عشر من هذا الشهر نحو أول نيسان عندنا. ففي هذا اليوم الذي سُمي الاستعداد للفصح (يوحنا ١٩: ١٤). وأول أيام الفصح كان كل الصناع ما سوى الخياطين والحلاقين والغسالات يتركون أعمالهم من الصباح أو من الظهر بمقتضى العادات المختلفة في الأمكنة المختلفة من فلسطين وكان لا يجوز أكل الخمير في ذلك اليوم إلا من الصباح إلى الظهر وكان الباقي منه بعد ذلك يحرَق. وكان يحرَق الخمير على الأسلوب الآتي وهو أنه كان يوضع رغيفان من الخمير على دكة في الهيكل فكان الشعب يأكل الخمير مدة بقائهما على تلك الدكة فمتى رُفع أحدهما عن الدكة امتنع الجميع عن أكل الخمير لكنهم لا يحرقون الباقي منه حينئذ ولكن متى رُفع الثاني شرع كل الشعب يحرق ما عنده من الخمير. وكان كل إسرائيلي يأتي في ذلك اليوم إن لم يكن نجساً شرعاً أو أغلف أو بعيداً عن أورشليم أكثر من ١٥ ميلاً إلى المدينة المقدسة ويظهر أمام الرب بالقربان الذي يستطيعه (خروج ٢٣: ٤ وتثنية ٦: ١٦ و١٧). وكان على أهل المدينة أن يعدوا مخادع للآتين من القرى (لوقا ٢٢: ١٠ – ١٢ ومتّى ٢٦: ١٨). وكان أولئك الضيوف يتركون جلود البهائم التي يقربونها لمن نزلوا عليهم والآنية التي يستخدمونها في التقدمات. قال يوسيفوس المؤرخ في ما شاهده بعينه إن الذين أتوا للفصح كانوا ٢٧٠٠٠٠٠ إنسان وقربوا ٢٥٦٥٠٠ خروف ولذلك كان أكثر اليهود ينصبون الخيام خارج أسوار المدينة للإيواء كما يفعل المسلمون اليوم في مكة ولهذا كان الرومانيون يحترسون كثيراً من العصيان في أيام الفصح (متّى ٢٦: ٥ ولوقا ١٣: ١).

بَيْنَ ٱلْعِشَاءَيْنِ اختلف الصدوقيون والفريسيون في تفسير هذه العبارة فذهب الصدوقيون إلى أن المقصود بالعشاء الأول وقت غروب الشمس وبالعشاء الثاني العتمة أي الوقت بعد غياب الشفق (وهذا ما يُفهم من اللغة العربية ففي القاموس العِشآن المغرب والعتمة). وذهب الفريسيون إلى أن العشاء الأول وقت الزوال أي أول ميل الشمس من الهاجرة إلى المغرب وإن العشاء الثاني المغرب (على أن للعشاء معاني في العربية منها أنه أول الظلام ومنها أنه من المغرب إلى العتمة ومنها أنه من زوال الشمس إلى طلوع الفجر. والظاهر من العربية إن الحق ما ذهب إليه الصدوقيون في هذا الأمر) فيكون الوقت بين العشاءين عند الصدوقيون ما بين المغرب والعتمة وهو نحو ساعة وثلث. وما ذهب إليه الفريسيون على أن خروف الفصح يذبح وقت الذبيحة المسائية ويرش دمه في الساعة ١٢ و٣٠ دقيقة بعد الظهر. ويرجح قول الفريسيين أنه كان يُذبح في ذلك اليوم ذبائح كثيرة فيجب أن يكون ما بين العشاءين أطول مما ذهب إليه الصدوقيون.

فِصْحٌ لِلرَّبِّ ويسمى أيضاً عيد الفطير (انظر ع ٦).

٦ «وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ هٰذَا ٱلشَّهْرِ عِيدُ ٱلْفَطِيرِ لِلرَّبِّ. سَبْعَةَ أَيَّامٍ تَأْكُلُونَ فَطِيراً».

سَبْعَةَ أَيَّامٍ تَأْكُلُونَ فَطِيراً (انظر خروج ١٢: ١٥ و١٨ – ٢٠).

٧ «فِي ٱلْيَوْمِ ٱلأَوَّلِ يَكُونُ لَكُمْ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ. عَمَلاً مَا مِنَ ٱلشُّغْلِ لاَ تَعْمَلُوا».

خروج ١٢: ١٦ وعدد ٢٨: ١٨ و٢٥

فِي ٱلْيَوْمِ ٱلأَوَّلِ من الأيام السبعة أو اليوم الخامس عشر من شهر نيسان (انظر خروج ١٢: ٦).

عَمَلاً مَا مِنَ ٱلشُّغْلِ لاَ تَعْمَلُوا عُرف العمل من الشغل مدة الهيكل الثاني بالأعمال اليومية العادية كالبناء والهدم والنسج والحصاد والدرس (أي دق الحصيد) والتذرية والطحن وكان لهم أن يأتوا الضروري من العمل كذبح التقدمات من البهائم والعجن والخبز والطبخ. وكان المتعدي هذه الوصية لا يُقتل رجماً كالمتعدي وصية السبت بل كان يُجلد أربعين جلدة إلا جلدة.

٨ «وَسَبْعَةَ أَيَّامٍ تُقَرِّبُونَ وَقُوداً لِلرَّبِّ. فِي ٱلْيَوْمِ ٱلسَّابِعِ يَكُونُ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ. عَمَلاً مَا مِنَ ٱلشُّغْلِ لاَ تَعْمَلُوا».

تُقَرِّبُونَ كانوا يقدمون في ذلك اليوم والأيام الستة التي بعده علاوة على الذبائح اليومية العادية ثورين ابني بقر وكبشاً واحداً وسبعة خراف حولية وتقدمة طعامية للمحرقة وتيساً واحداً ذبيحة خطية (عدد ٢٨: ١٩ – ٢٣). وكانوا يقدمون غير هذه التقدمات العامة تقدمات اختيارية فكان يقدم كل شخص يظهر أمام الرب في أورشليم ما يختار (خروج ٢٣: ١٥ وتثنية ١٦: ١٦). وكانت تلك التقدمات الاختيارية على ما عُرف مدة الهيكل الثاني ما يأتي:

  1. تقدمة محرقة لا تقل قيمتها عن قيمة ست عشرة قمحة من الذرة.
  2. تقدمة عيديّة يسمونها شاغيفه لا تقل قيمتها عن قمية ٣٢ حبة ذرة.
  3. تقدمة سلام أو فرح (تثنية ٢٧: ٧) وقيمتها كما يختار مقدمها. وعلى ما يُفهم من الآية المذكورة من سفر التثنية أنها كانت ذبيحة تقدّم على أسلوب التقدمات في (ص ٣: ١ – ٥ و٧: ١٦ – ١٨ و٢٩ – ٣٤).

عَمَلاً مَا مِنَ ٱلشُّغْلِ لاَ تَعْمَلُوا هذا كما تقدّم يُستثنى منه أشياء فإنهم في أثناء أيام العيد كانوا يلذون بالمسليات العامة والملاهي غير المحظورة كالرقص والغناء والألعاب ويشغلون الوقت بالفرح مع مراعاة الآداب التي تليق بذلك العيد المقدس. وكان لهم في تلك الأيام أن يسقوا الأرض الظامئة ويحفروا مجاري للماء ويصلحوا القنوات والحياض والطرُق.

٩ «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى».

وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى لم يكن على الإسرائيليين في البرية أن يقدموا باكورات الحصاد والأثمار لأنهم لم يكونوا يحرثون ويزرعون في البرية. فهذه الفريضة التي صدرت بالعبارة المقدمة كعادة الكتاب في سن الشرائع الجديدة فُرضت لكي يأتوها في أرض ميراثهم (خروج ١٢: ١ – ٢٠).

١٠ «قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: مَتَى جِئْتُمْ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي أَنَا أُعْطِيكُمْ وَحَصَدْتُمْ حَصِيدَهَا، تَأْتُونَ بِحُزْمَةِ أَوَّلِ حَصِيدِكُمْ إِلَى ٱلْكَاهِنِ».

خروج ٢٣: ١٦ و١٩ و٣٤: ٢٢ و٢٦ وعدد ١٥: ٢ و١٨ و٢٨: ٢٦ وتثنية ١٦: ٩ ويشوع ٣: ١٥ رومية ١١: ١٦ و١كورنثوس ١٥: ٢٠ ويعقوب ١: ١٨ ورؤيا ١٤: ٤

مَتَى جِئْتُمْ إِلَى ٱلأَرْضِ هذا مثال ثالث للأمثلة الأربعة في سفر اللاويين بالنظر إلى فرض الشريعة المتوقع مراعاتها في المستقبل بالنظر إلى أحوال إسرائيل عند فرضها (انظر ص ١٩: ٢٣ والتفسير).

تَأْتُونَ بِحُزْمَةِ أَوَّلِ حَصِيدِكُمْ كانت هذه الحزمة من الشعير وكان يجب أن تكون من أحسن وأنضج الحبوب التي في الحقل القريب من أورشليم. وكان مكيال حبوب تلك الحزمة عُمراً والعُمر عُشر الإيفة وقد مرّ ذكره. وكانوا يجمعون الحزم كما يأتي. يذهب النواب من السنهدريم إلى أقرب الحقول من أورشليم قبل الصفح بيوم ويجمعون حزماً من السنابل التي لا تزال في منابتها (ويرجعون بها إلى الهيكل).

١١ «فَيُرَدِّدُ ٱلْحُزْمَةَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ لِلرِّضَا عَنْكُمْ. فِي غَدِ ٱلسَّبْتِ يُرَدِّدُهَا ٱلْكَاهِنُ».

خروج ٢٩: ٢٤

فَيُرَدِّدُ ٱلْحُزْمَةَ كان الكاهن يمزج عمر الدقيق بلج زيت ويوضع على المزيج قبضة من اللبان (انظر ص ٢: ١٥ والتفسير) ويردّده كما يردّد غيره من الذبائح الطعامية وبعد أن يردّده يأخذ قبضة منه ويوقدها (انظر ص ٢: ١٦) ويأكل الباقي هو وأصحابه من الكهنة. وعلى أثر هذا الاحتفال كانت تباع في أسواق أورشليم وشوارعها المواد الطعامية من خبز وحبوب مشوية وسنابل خضراء وغيرها من الغلال الجديدة.

فِي غَدِ ٱلسَّبْتِ اختلف الفريسيون والصدوقيون في المقصود بالسبت هنا في أيام الهيكل الثاني فذهب الفريسيون إلى أنه غد اليوم السابع من الأسبوع وإنه هو أول السبعة وسمي سبتاً لأنهم كانوا يعتزلون فيه الأعمال الضرورية كما يعتزلونها في يوم السبت (انظر ع ٢٤ و٣٢ و٣٩). فيكون المقصود بغير السبت اليوم السادس عشر من نيسان. وذهب الصدوقيون إلى أنه هو اليوم السابع وإن السبت هنا يدل عليه بالوضع أي هو يوم السبت حقيقة من الأيام السبعة الفصحية وكان يمكن أن يقع في أثناء تلك الأيام وربما كان الخامس أو السادس منها ولكن هذا مناف لمعنى الآية الخامسة عشرة فإن عيد الخمسين كان يقع في اليوم الخمسين وأول الأيام الخمسين يوم ذلك السبت فلو كان الخامس أو السادس لم يكن العيد يوم الخمسين وتغيّر وقت الفصح نفسه على توالي السنين فلم يقع في اليوم المعيّن له في الكتاب كل سنة. فقول الفريسيين هو الصحيح أي إن المقصود بالسبت في الآية هو اليوم السادس عشر من نيسان. وكان سكان المدن والقرى المجاورة لأورشليم يجتمعون بعد ظهر ذلك اليوم حتى يكون الحصاد في أثناء الهتاف ومتى غابت الشمس قال كل من الحاصدين «هل غرب الشمس» فيقول الشعب «نعم». ثم يقولون مرتين «هل غابت الشمس» فيقول الشعب كذلك «نعم». ثم كل حاصد يسأل ثلاثاً «أهذا المنجل» فيجيب الشعب كذلك «نعم». ثم يقول كل حاصد «أهذا الصندوق» فيجيب الشعب كذلك «نعم». ثم يسأل كل حاصد ثلاثاً «أهذا السبت» فيجيب الشعب كذلك «نعم». ثم يسأل كل حاصد ثلاثاً «هل أحصد أو أقطع» فيجيب الشعب كذلك «نعم» فيقطع أو يحصد كل حاصد ويضع ما يقطع أو يحصد في صندوق ويحمله إلى دار الهيكل ويضربون هنالك المحصود بالعصي ويشوون الحَب في حفر حتى تصيب النار كل حبة ثم ينشرونه في دار الهيكل حتى تصيبه الريح. ثم يطحنون ما بقي عليه قشره وينخلون الطحين بثلاثة عشر منخلاً حتى يكون المنخول في كلٍّ أنعم من المنخول في ما قبله. وعلى هذا الأسلوب كان يصنع العمر المفروض أو عُشر الإيفة.

١٢ «وَتَعْمَلُونَ يَوْمَ تَرْدِيدِكُمُ ٱلْحُزْمَةَ خَرُوفاً صَحِيحاً حَوْلِيّاً مُحْرَقَةً لِلرَّبِّ».

وَتَعْمَلُونَ… خَرُوفاً… مُحْرَقَةً مع العُمر من باكورة الأثمار وهذا الخروف كان يقدم محرقة علاوة على التقدمات العيدية المذكورة في (ع ٨) (انظر ع ٨ والتفسير)

١٣ «وَتَقْدِمَتَهُ عُشْرَيْنِ مِنْ دَقِيقٍ مَلْتُوتٍ بِزَيْتٍ وَقُوداً لِلرَّبِّ رَائِحَةَ سُرُورٍ، وَسَكِيبَهُ رُبْعَ ٱلْهِينِ مِنْ خَمْرٍ».

ص ٢: ١٤ و١٥ و١٦

تَقْدِمَتَهُ عُشْرَيْنِ مِنْ دَقِيقٍ كان الغالب أن يقتصر على عُشر واحد من الدقيق تقدمة طعامية (خروج ٢٦: ٤٠ وعدد ١٥: ٤ و٢٨: ٩ و١٣ الخ). بياناً لكثرة الحصاد ما عدا قبضة من الدقيق والزيت والبخور. وكانت هذه التقدمات الطعامية أجرة للكهنة غير عادية (انظر ص ٢: ٢ و٣).

١٤ «وَخُبْزاً وَفَرِيكاً وَسَوِيقاً لاَ تَأْكُلُوا إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ عَيْنِهِ، إِلَى أَنْ تَأْتُوا بِقُرْبَانِ إِلٰهِكُمْ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً فِي أَجْيَالِكُمْ فِي جَمِيعِ مَسَاكِنِكُمْ».

خُبْزاً كان على الإسرائيليين أن لا يذوقوا شيئاً من الغلال الجديدة قبل أن يقدموا الباكورة للرب اعترافاً بإحسانه وشكراً له عليه. والمقصود بالخبز هنا الفطير الذي كانوا يأكلونه حينئذ. وكان فطير اليوم الأول واليوم الثاني من أيام الفصح يعدّونه من غلة السنة الماضية لكن فطير ما بعدهما من الأيام كان من الحصاد الجديد بعد تقديم باكورته للرب.

فَرِيكاً (انظر ص ٢: ١٤ والتفسير).

سَوِيقاً (السويق في العربية الخمر ودقيق الحنطة والكلمة العبرانية المترجمة به «كرمل» وفسرها بعضهم بالسنابل المملوءة وبعضهم بالأثمار الجديدة وآخر بالسنابل الخضراء. وفسّرها علماء الناموس مدة الهيكل الثاني بخمسة أنواع من الحبوب الجديدة وهي الحنطة والذرة والهرطمان (المعروف عند العامة بالشوفان) ونوعان من الشعير. فكانت هذه الأنواع ممنوعة قبل تقديم الباكورة للرب. وكان تقديم باكورة الأثمار للمعبود بين قدماء المصريين واليونانيين والرومانيين وغيرهم من الأمم القديمة.

فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً (انظر ص ٣: ١٧ و٧: ٢٣ – ٢٥ والتفسير).

١٥ «ثُمَّ تَحْسُبُونَ لَكُمْ مِنْ غَدِ ٱلسَّبْتِ مِنْ يَوْمِ إِتْيَانِكُمْ بِحُزْمَةِ ٱلتَّرْدِيدِ سَبْعَةَ أَسَابِيعَ تَكُونُ كَامِلَةً».

خروج ٣٤: ٢٢ وص ٢٥: ٨ وتثنية ١٦: ٩

ثُمَّ تَحْسُبُونَ لَكُمْ مِنْ غَدِ ٱلسَّبْتِ أي ثاني يوم الاجتماع المقدس الذي هو سبت أي يوم راحة وكان اليوم الأول الخامس عشر من نيسان فيكون غده اليوم السادس عشر من ذلك الشهر (انظر ع ١١) وهو اليوم الذي فيه كانوا يقدمون عمر باكورة الأثمار للرب.

سَبْعَةَ أَسَابِيعَ تَكُونُ كَامِلَةً أي تسعة وأربعين يوماً (تثنية ١٦: ٩). وكان اليهود يقولون مساء كل يوم من تلك الأيام التسعة والأربعين تسبحة فيقولون في اليوم الأول «مبارك أنت أيها الرب إلهنا ملك العالمين الذي قدستنا بوصاياك وأمرتنا بأن نحسب العمر وهذا أول يوم من العمر فنأمل أن يرضيك أيها الرب إلهنا وإله آبائنا ليُعاد بناء المقدس بسرعة في أيامنا وتعطينا نصيبنا في شريعتك». ويقولون في اليوم الثاني وما بعده كذلك ويذكرون عدد اليوم فيقولون «وهذا ثاني يوم من العمر وهذا ثالث الخ».

١٦ «إِلَى غَدِ ٱلسَّبْتِ ٱلسَّابِعِ تَحْسُبُونَ خَمْسِينَ يَوْماً، ثُمَّ تُقَرِّبُونَ تَقْدِمَةً جَدِيدَةً لِلرَّبِّ».

أعمال ٢: ١ عدد ٢٩: ٢٦

إِلَى غَدِ ٱلسَّبْتِ ٱلسَّابِعِ أي اليوم الذي بعد السبعة الأسابيع الكاملة أو اليوم الخمسين. ولهذا سُمي ذلك العيد بعيد الخمسين في العهد الجديد (أعمال ٢: ١ و٢٠: ١٦ و١كورنثوس ١٦: ٨) وعيد الأسابيع في العهد القديم (خروج ٣٤: ١٢ وتثنية ١٦: ١٠ و١٦ و٢أيام ٨: ١٣). وكان عيد الخمسين يقع بمقتضى القوانين اليهودية في الخامس أو السادس أو السابع من سيوان وهو الشهر الثالث من السنة أي من هلال أيار إلى هلال حزيران.

ثُمَّ تُقَرِّبُونَ تَقْدِمَةً جَدِيدَةً من أبكار حصيد الحنطة وهذا بخلاف أبكار العمر الذي كان من أبكار حصيد الشعير. وسمي هذا العيد بعيد الحصاد أيضاً (خروج ٢٣: ١٦) لأنه كان في حصاد الحبوب الأخيرة.

١٧ «مِنْ مَسَاكِنِكُمْ تَأْتُونَ بِخُبْزِ تَرْدِيدٍ. رَغِيفَيْنِ عُشْرَيْنِ يَكُونَانِ مِنْ دَقِيقٍ، وَيُخْبَزَانِ خَمِيراً بَاكُورَةً لِلرَّبِّ».

خروج ٢٢: ٢٩ و٢٣: ١٦ و١٩ و٣٤: ٢٢ و٢٦ وعدد ١٥: ١٧ غلى ٢١ و٢٨: ٢٦ وتثنية ٢٦: ١

مِنْ مَسَاكِنِكُمْ تَأْتُونَ أي من فلسطين (عدد ١٥: ٢).

رَغِيفَيْنِ عُشْرَيْنِ كان هذان الرغيفان يُعدان على الأسلوب الآتي يأتون بإيفة من جديد القمح إلى دار الهيكل ويخبطونها ويدوسونها ثم يطحنونها وكان يخرج من ثُلث الإيفة وسدسها عمران من الطحين على التقدير فينخلون الطحين في اثني عشر منخلاً مختلفة (الخروب أي خروب كلٍّ أضيق من خروف ما قبله) ثم يعجنونه بخميرة ويجعلونه رغيفين مستقلين خارج الهيكل لكنهم كانوا يخبزون الرغيفين في الأقداس في اليوم الذي قبل الاحتفال. وكان طول كل رغيف سبعة أجماع أو سبعة عروض من عرض الكف وعرضه اربعة أجماع وثخنه خمس أصابع وكانا يقدمان للرب باكورة (خروج ٣٤: ١٧) ولذلك سمي يوم ذلك الاحتفال بيوم الباكورة (عدد ٢٨: ٢٦).

١٨ «وَتُقَرِّبُونَ مَعَ ٱلْخُبْزِ سَبْعَةَ خِرَافٍ صَحِيحَةٍ حَوْلِيَّةٍ، وَثَوْراً وَاحِداً ٱبْنَ بَقَرٍ، وَكَبْشَيْنِ مُحْرَقَةً لِلرَّبِّ مَعَ تَقْدِمَتِهَا وَسَكِيبِهَا وَقُودَ رَائِحَةِ سُرُورٍ لِلرَّبِّ».

تُقَرِّبُونَ مَعَ ٱلْخُبْزِ سَبْعَةَ خِرَافٍ كان من الذبائح التي تقدم في يوم ذلك العيد ثوران وكبش وسبعة خراف ذبائح محرقة وتيس واحد (عدد ٢٨: ٢٦ و٢٧ و٣٠) علاوة على تقدمة الطعام الجديد وهي الرغيفان المذكوران في الآية السابقة.

١٩ «وَتَعْمَلُونَ تَيْساً وَاحِداً مِنَ ٱلْمَعْزِ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ، وَخَرُوفَيْنِ حَوْلِيَّيْنِ ذَبِيحَةَ سَلاَمَةٍ».

ص ٤: ٢٣ و٢٨ وعدد ٢٨: ٣٠ ص ٣: ١

وَتَعْمَلُونَ تَيْساً الخ كانوا يقدمون التيس ذبيحة خطية والخروفين ذبيحة سلامة فوق ما ذُكر. قال يوسيفوس بما شاهده بعينه من خدمة الهكيل في ذلك اليوم إن عدد الحيوانات التي كانت تُذبح فيه أربعة عشر خروفاً وثلاثة ثيران صغيرة وثلاثة تيوس. والذي عُرف مدة الهيكل الثاني أنه كانت الذبائح قسمين ممتازين الذبائح التي ذكرت هنا وهي المصحوبة بترديد الرغيفين والذبائح المعيّنة لذلك اليوم في سفر العدد وكانت تلك تقدم في البرية وأما المذكورة هنا ما كانت تقدم إلا في أرض الميعاد.

٢٠ «فَيُرَدِّدُهَا ٱلْكَاهِنُ مَعَ خُبْزِ ٱلْبَاكُورَةِ تَرْدِيداً أَمَامَ ٱلرَّبِّ مَعَ ٱلْخَرُوفَيْنِ، فَتَكُونُ لِلْكَاهِنِ قُدْساً لِلرَّبِّ».

عدد ١٨: ١٢ وتثنية ١٨: ٤

فَيُرَدِّدُهَا ٱلْكَاهِنُ… مَعَ ٱلْخَرُوفَيْنِ كان هذا في مدة الهيكل الثاني كما يأتي. يؤتى بالخروفين إلى الهيكل ويرددهما الكاهن معاً أو كلاّ بمفرده وهما حيّان. ثم يُذبحان ويأخذ الكاهن صدر كل منها وكتفه (ص ٧: ٣٠ – ٣٢) ويضعهما حذاء الرغيفين ويضع يديه تحتهما ويرددهما معاً أو متفرقة بأن يحرك بها يديه إلى الأمام وإلى الوراء وإلى فوق وإلى تحت. ثم يحرق شحم الخروفين ويأكل اللحم الباقي هو ومساعدوه من الكهنة. ويأخذ الحبر الأعظم أحد الرغيفين ويقسم الآخر على سائر الكهنة المشتركين في الخدمة ويأكلون ذلك في اليوم نفسه ونصف الليلة التالية لأن ذلك اللحم كان يعد مقدساً جداً بل أقدس الأقداس. ثم تقدّم الذبائح وكل من الشعب يأتي بتقدمته الاختيارية ويجعل ذلك وليمة ابتهاج للعيال اللاوية وأرامل اللاويين ويتاماهم والمساكين والغرباء ويأتون إلى تلك الوليمة بدعوة خاصة.

٢١ «وَتُنَادُونَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ عَيْنِهِ مَحْفَلاً مُقَدَّساً يَكُونُ لَكُمْ. عَمَلاً مَا مِنَ ٱلشُّغْلِ لاَ تَعْمَلُوا. فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً فِي جَمِيعِ مَسَاكِنِكُمْ فِي أَجْيَالِكُمْ».

تُنَادُونَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ عَيْنِهِ كان اليهود يعتقدون مع ذلك أن يوم هذا العيد هو اليوم الذي فيه أعطى الله الوصايا العشر فكانوا يحتفلون به احتفالاً عظيماً. وكان الكهنة ينادون به الشعب للاجتماع بالنفخ في الأبواق.

عَمَلاً مَا مِنَ ٱلشُّغْلِ لاَ تَعْمَلُوا (انظر ع ٧ وتفسيره).

فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً (انظر ع ١٤ وص ٣: ١٧ و٧: ٢٣ – ٢٥). كان اليهود مدة الهيكل الثاني يعتقدون أنه في مثل هذا اليوم أُعطيت الوصايا العشر ولا يزال الإسرائيليون يقدسون هذا العيد في السادس أو السابع من سيوان أي بين النصف الثاني من أيار والنصف الأول من حزيران. ولا يزالون يزينون المجامع والبيوت بالأزهار والرياحين ويطهّر الرجال أنفسهم بالاغتسال والاعتراف بخطاياهم وكثيرون منهم يحيون الليل بالعبادة في المعابد الخاصة في ذلك العيد لأنه يوم إعطاء الشريعة على جبل سيناء كما يعتقدون.

٢٢ «وَعِنْدَمَا تَحْصُدُونَ حَصِيدَ أَرْضِكُمْ لاَ تُكَمِّلْ زَوَايَا حَقْلِكَ فِي حَصَادِكَ، وَلُقَاطَ حَصِيدِكَ لاَ تَلْتَقِطْ. لِلْمِسْكِينِ وَٱلْغَرِيبِ تَتْرُكُهُ. أَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ».

ص ١٩: ٩ تثنية ٢٤: ١٩

لاَ تُكَمِّلْ زَوَايَا حَقْلِكَ فِي حَصَادِكَ أٰي لا تحصد كل حقلك بل ابقِ بقية في زواياه للفقراء والمساكين شكراً لله على إحسانه (انظر ص ١٩: ٩).

٢٣ «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى».

وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى هذا مقدمة فريضة جديدة كالعادة في هذا السفر.

٢٤ «قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: فِي ٱلشَّهْرِ ٱلسَّابِعِ فِي أَوَّلِ ٱلشَّهْرِ يَكُونُ لَكُمْ عُطْلَةٌ، تِذْكَارُ هُتَافِ ٱلْبُوقِ، مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ».

عدد ٢٩: ١ ص ٢٥: ٩

تِذْكَارُ هُتَافِ ٱلْبُوقِ (انظر ع ٢٩: ١) وكان هذا العيد في أول الشهر السابع المسمّى في الكتاب المقدس أيثانيم (١ملوك ٨: ٢) ويسميه اليهود تشري وهو بداءة السنة المدنية عندهم ولهذا سُمي أيضاً في عصر الهيكل الثاني وما بعده عيد السنة الجديدة وكان يوم استعداد ليوم الكفارة العظيم الذي هو العاشر من ذلك الشهر. وكان هتاف الأبواق دعوة للإسرائيليين ليأخذوا في عمل التقديس ليحضروا أمام الرب وينالوا مغفرة خطاياهم ويُذكروا أمامه بذلك (عدد ٢٠: ٩ و١٠). ولذلك قال «تذكار هتاف البوق» والمعنى هتاف البوق الذي يجعلكم تُذكرون أمام الرب. والمجمع اعتبر له معنى آخر وهو تذكار الله عهده للآباء وإن ذلك العيد لهذا عُيّن (تكوين ٢١: ١ – ٣٤ و٢٢: ١ – ٢٤) واعتبروا ميلاد إسحاق وذبحه مثالاً لهذا العيد.

٢٥ «عَمَلاً مَا مِنَ ٱلشُّغْلِ لاَ تَعْمَلُوا، لٰكِنْ تُقَرِّبُونَ وَقُوداً لِلرَّبِّ».

عَمَلاً مَا مِنَ ٱلشُّغْلِ لاَ تَعْمَلُوا أي كفوا عن كل الأعمال الدنيوية ما عدا الضرورية التي لا بد منها (انظر ع ٧ والتفسير).

لٰكِنْ تُقَرِّبُونَ بما أن ذلك العيد كان يوم هلال جديد أيضاً كان يقدم فيه ثلاثة قرابين:

  1. الذبيحة اليومية العادية وهذه كانت تُقدم أولاً.
  2. الذبيحة المعيّنة في الهلال الجديد (عدد ٢٨: ١١ – ١٥).
  3. قرابين العيد التي هي ثور وكبش وسبعة خراف حولية وتيس ذبيحة خطية والتقدمة الطعامية العادية (عدد ٢٩: ١ – ٦).

وكان يقدم حينئذ ثور واحد بدلاً من ثورين وهذه الذبيحة كانت مكرر الذبيحة الشهرية التي كانت تسبق الخدمة. وكان اللاويون مدة تقدمة القربان الشرابي وقربان المحرقة يشتغلون بأدوات الموسيقى والألحان الصوتية فيترنمون بالمزمور الحادي والثمانين وغيره من المزامير والكهنة ينفخون بالأبواق. وبعد تقديم الذبائح يعطي الكهنة البركة (عدد ٦: ٢٣ – ٢٧) والشعب الذي يقبلها يكون حينئذ طارحاً نفسه أمام الرب. ثم يطرحون أنفسهم ثانية في دار الهيكل. ثم يذهبون إلى المجمع ويُتلى عليهم هنالك قسم من الشريعة وبعض الأنبياء كدرس يجب أن يحفظوه فيُقرأ (تكوين ٢١: ١ – ٣٤ وعدد ٢٩: ١ – ٦ و١صموئيل ١: ١ – ١١: ١٠ وتكوين ٢٢: ١ – ٢٤ وإرميا ٣١: ٢ – ٢٠). وكانوا يتلون عدة مزامير ويطلبون مغفرة الخطايا التي ارتكبوها في السنة الماضية ويسألون الله أن يجعل لهم العام الجديد عام سعادة. وهكذا تنتهي خدمة الصباح ويرجع الناس إلى بيوتهم ويفرحون مع عيالهم ويجتمعون للمسرات. ثم يذهبون مساء إلى الهيكل لمشاهدة تقدمة الذبائح المسائية ويشاهدون المنارة مضيئة ويقول أحدهم للآخر «قدر لك الله العام الجديد عام سعادة ومنحك الخالق عاماً جديداً سعيداً». فيجيبه بقوله «وأنت كذلك». وكانت أبواقهم من قرون الكباش المعقوفة تذكاراً للكبش الذي ذبحه إبراهيم بدلاً من إسحاق.

٢٦ «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى».

وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى هذه العبارة كانت مقدمة فريضة عيد الأبواق (انظر ع ٢٣) وجاءت هنا مقدمة فريضة يوم الكفارة. (وقد تكرر وقوعها مقدمة كل فريضة جديدة بياناً أن واضعها الرب لا موسى وإن موسى وسيط كلمهم به).

٢٧ «أَمَّا ٱلْعَاشِرُ مِنْ هٰذَا ٱلشَّهْرِ ٱلسَّابِعِ فَهُوَ يَوْمُ ٱلْكَفَّارَةِ. مَحْفَلاً مُقَدَّساً يَكُونُ لَكُمْ. تُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ وَتُقَرِّبُونَ وَقُوداً لِلرَّبِّ».

ص ١٦: ٢٩ و٣٠ وعدد ٢٩: ٧

أَمَّا ٱلْعَاشِرُ (انظر ص ١٦: ٢٩).

تُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ أي تصومون (انظر تفسير ص ١٦: ٢٩).

تُقَرِّبُونَ (انظر ع ٢٩: ٨ – ١١).

٢٨ «عَمَلاً مَا لاَ تَعْمَلُوا فِي هٰذَا ٱلْيَوْمِ عَيْنِهِ لأَنَّهُ يَوْمُ كَفَّارَةٍ لِلتَّكْفِيرِ عَنْكُمْ أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمْ».

عَمَلاً مَا لاَ تَعْمَلُوا (انظر ع ٣١ وص ١٦: ٢٩ والتفسير) وهذا هو اليوم الوحيد الذي كان يحرّم فيه العمل كما يحّرم في يوم السبت تماماً (انظر ع ٣ والتفسير).

لِلتَّكْفِيرِ عَنْكُمْ (انظر ص ١٦: ٣٠).

٢٩ «إِنَّ كُلَّ نَفْسٍ لاَ تَتَذَلَّلُ فِي هٰذَا ٱلْيَوْمِ عَيْنِهِ تُقْطَعُ مِنْ شَعْبِهَا».

تكوين ١٧: ١٤

كُلَّ نَفْسٍ الخ (انظر تفسير ص ١٩: ٨). معنى الآية أن الإنسان الذي لا يصوم في ذلك اليوم يُقتل. وكانوا يستثنون من ذلك الشيوخ والمرضى غير القادرين على الصوم.

٣٠ «وَكُلَّ نَفْسٍ تَعْمَلُ عَمَلاً مَا فِي هٰذَا ٱلْيَوْمِ عَيْنِهِ أُبِيدُ تِلْكَ ٱلنَّفْسَ مِنْ شَعْبِهَا».

ص ٢٠: ٣ و٥ و٦

تَعْمَلُ عَمَلاً أي يجب أن يُقتل كل من يعمل عملاً دنيوياً في يوم الكفارة فإن هذا اليوم هو اليوم الوحيد الذي يجب أن يقدس كما يقدس السبت.

أُبِيدُ تِلْكَ ٱلنَّفْسَ عبّر عن القتل في أمثال هذا بالقطع وهنا عبّر عنه بالإبادة وهي من أقوى الكلمات الدالة على الإهلاك عُبر بها عنه بياناً لعظمة يوم الكفارة وإن أعظم أيام السنة اعتباراً. ومما يحسن أن يلاحظ هنا أنه كان مدنس السبت يُقتل رجماً وأما مدنس يوم الكفارة فبالإبادة.

٣١ «عَمَلاً مَا لاَ تَعْمَلُوا. فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً فِي أَجْيَالِكُمْ فِي جَمِيعِ مَسَاكِنِكُمْ».

عَمَلاً مَا لاَ تَعْمَلُوا كرر ذلك للتقرير في الأذهان.

فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً (انظر ص ٣: ١٧ و٧: ٢٣ – ٢٥ والتفسير).

٣٢ «إِنَّهُ سَبْتُ عُطْلَةٍ لَكُمْ، فَتُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ. فِي تَاسِعِ ٱلشَّهْرِ عِنْدَ ٱلْمَسَاءِ. مِنَ ٱلْمَسَاءِ إِلَى ٱلْمَسَاءِ تَسْبِتُونَ سَبْتَكُمْ».

سَبْتُ عُطْلَةٍ لَكُمْ تقدّم الكلام على هذا في تفسير (ص ١٦: ٣١ فارجع إليه).

فَتُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ كرر هذا للتقرير وبيان الأهمية فكان الصيام والامتناع عن العمل في يوم الكفارة من أهم الأمور.

فِي تَاسِعِ ٱلشَّهْرِ عِنْدَ ٱلْمَسَاءِ كان في اصطلاح القدماء إن أول اليوم المساء فكان أول العاشر من الشهر مساء النهار التاسع (انظر ص ١٦: ٢٩ والتفسير).

تَسْبِتُونَ سَبْتَكُمْ أي تتركون أعمالكم العادية. ومعنى العبارة تستريحون استراحتكم لأن معنى السبت استراحة أو راحة فهذا كقوله تصومون صيامكم (٢صموئيل ١٢: ١٦ وزكريا ٧: ٥).

٣٣ «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى».

وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى هذا مقدمة عيد المظال كما كان مقدمة عيد رأس السنة ويوم الكفارة (انظر ع ٢٣ و٢٦). والكلام على عيد المظال من (ع ٣٤ – ٤٣).

٣٤ «قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: فِي ٱلْيَوْمِ ٱلْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ هٰذَا ٱلشَّهْرِ ٱلسَّابِعِ عِيدُ ٱلْمَظَالِّ سَبْعَةَ أَيَّامٍ لِلرَّبِّ».

خروج ٢٣: ١٦ وعدد ٢٩: ١٢ وتثنية ١٦: ١٣ وعزرا ٣: ٤ ونحميا ٨: ١٤ وزكريا ١٤: ١٦ ويوحنا ٧: ٢

ٱلْيَوْمِ ٱلْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ هٰذَا ٱلشَّهْرِ ٱلسَّابِعِ أي شهر تشري الموافق لنهاية أيلول وبداءة تشرين الأول وبينه وبين يوم الكفارة أربعة أيام فقط.

عِيدُ ٱلْمَظَالِّ كيف كانت تُقام المظال وأين كانت تُقام ذلك لم تذكر الشريعة من أمره شيئاً فإن هذا ومثاله تُرك لحكمة خدَمة الدين. والمعروف من الاحتفال الأول بعيد المظال بعد رجوع اليهود من بابل أنهم كانوا ينصبون المظال بمقتضى أمر عزرا على السطوح وفي دور مساكنهم وفي المقدس وفي أزقة باب الماء وباب أفرايم. وكانت المظال من أغصان الزيتون والعُتم أي الزيتون البري والآس والنخل وأغصان أشجار غبياء (نحميا ٨: ١٥ – ١٨). والذي عُرف من تركيب تلك المظال في أيام الهيكل الثاني إن داخل المظلة يجب أن لا يكون علوه أكثر من عشرين ذراعاً عبرانية ولا أقل من عشرة أشبار. ويجب أن يكون لها على الأقل ثلاثة جدران وسقف ذو خلل حتى تظهر منه النجوم وأن يكون السقف من الأغصان والأعشاب ويجب أن لا تقام المظلة تحت شجرة وأن لا تُغطى بشيء من المنسوجات فلا يجوز أن تُغطى بسوى الأغصان والأعشاب. وكان اليهود يأخذون في نصب تلك الخيام في غد يوم الكفارة. وفي اليوم الرابع عشر من الشهر وهو يوم الاستعداد يأتي الزوار أورشليم وفي مساء ذلك اليوم ينادي الكهنة بقرب الاحتفال بالنفخ بالأبواق. وكانوا يأتون في هذا العيد ما يأتونه في عيد الفصح وعيد الخمسين من تنظيف مذبح المحرقة في المحرس الأول من الليل وفتح أبواب الهيكل الداخلية والخارجية عند نصف الليل لدخول الكهنة الذين يقيمون بالمدينة ودخول الشعب الذي يشغل دار الهيكل قبل صياح الديك لينظر الكهنة في قرابينهم ويتبينوا أنها على وفق ما تطلب الشريعة أو أنها على غير ذلك.

٣٥ «فِي ٱلْيَوْمِ ٱلأَوَّلِ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ. عَمَلاً مَا مِنَ ٱلشُّغْلِ لاَ تَعْمَلُوا».

فِي ٱلْيَوْمِ ٱلأَوَّلِ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ كان في فجر هذا اليوم يذهب أحد الكهنة مصحوباً بموكب وجماعة من المرنمين بإبريق من ذهب إلى بركة سلوام فيملأه من مائها ويرجع به إلى الهيكل ليشارك إخوته الكهنة في ذبائح الصباح ويدخل باب الماء جنوباً فيرحب به بالنفخ بالأبواق ثلاثاً ثم يصعد درج المذبح مع كاهن آخر يحمل إبريق خمر للتقدمة الشرابية. ويذهب الكاهنان إلى شمالي المذبح حيث موطّد طستان من الفضة مثقوبا الوسط فيصبان فيهما الماء والخمر فيجريان إلى قاعدة المذبح. وكانوا يأتون ذلك صباح كل يوم من الأيام السبعة. وكان في ذلك الوقت موكب آخر يخرج من أورشليم ليجمع الصفصاف ويرجع عند صب الماء والخمر حاملاً أغصان الصفصاف بفرح عظيم وهتاف الأبواق إلى الهيكل ويقيمونها عند المذبح على وضع تكون به أعاليها كالمظلة.

عَمَلاً مَا مِنَ ٱلشُّغْلِ لاَ تَعْمَلُوا يوجد فرق بين العمل من الشغل والعمل الضروري وقد بُيّن في تفسير (ع ٧ فارجع إليه).

٣٦ «سَبْعَةَ أَيَّامٍ تُقَرِّبُونَ وَقُوداً لِلرَّبِّ. فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّامِنِ يَكُونُ لَكُمْ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ تُقَرِّبُونَ وَقُوداً لِلرَّبِّ. إِنَّهُ ٱعْتِكَافٌ. كُلُّ عَمَلِ شُغْلٍ لاَ تَعْمَلُوا».

عدد ٢٩: ٣٥ ونحميا ٨: ١٨ ويوحنا ٧: ٣٧ تثنية ١٦: ٨ و٢أيام ٧: ٩ ويوئيل ١: ١٤ و٢: ١٥

سَبْعَةَ أَيَّامٍ تُقَرِّبُونَ كانت القرابين في ذلك اليوم ثلاثة عشر ثوراً وكبشين وأربعة عشر خروفاً وقرابين طعامية وشرابية وتيساً يقدم قربان خطية (عدد ٢٩: ١٢ – ٣٨) هذا ما عدا قرابين السلامة والنذور والتبرع أي القرابين الاختيارية التي هي من أطعمة الشعب. وكان اللاويون حين تقديم هذه القرابين يترنمون بأناشيد التهليل كما يفعلون في عيد الفصح وعيد الخمسين ويأتون ذلك كل يوم من أيام العيد السبعة لكن عدد البهائم المقدمة للذبح كانت تنقص على توالي تلك الأيام كما بُين في سفر العدد (عدد ٢٩: ١٢ – ٣٨). وكان في مساء اليوم الثاني المسمى بالاحتفال الأصغر وفي كل من الليالي الخمس المتوالية يقومون بما يُعرف «بفرح مجاري الماء» في دار الهيكل. وذلك أنهم كانوا يضيئون أربع ثريات كبيرة من الذهب في وسط الدار فكان نورها يظهر لكل أهل المدينة. وكان الرجال الأتقياء يرقصون حول تلك الأضواء أمام الشعب وفي أيديهم المصابيح الموقدة وهم يغنون ويترنمون بأغاني الحمد. وكان الكهنة الواقفون على المرقاة الخامسة عشرة التي تؤدي إلى دار النساء يترنمون بالمزامير المعنوية بترانيم المصاعد (مزمور ١٢٠ – مزمور ١٣٤) بالأصوات والأدوات الموسيقية. والمظنون أنه في آخر ليلة من ليالي احتفال ذلك العيد قال المسيح وتلك الأضواء تتوقد «أنا نور العالم» (يوحنا ٨: ١٢) أي أنه النور العام الدائم الذي يضيء على كل العالم لا على الهيكل وحده ولا على المدينة المقدسة وحدها.

فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّامِنِ يَكُونُ لَكُمْ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ أي كمحفل اليوم الأول فلا يجوز فيه عمل من الأعمال الدنيوية غير الضرورية. وكان هذا اليوم خاتمة العيد وخاتمة الحصاد وفيه تترك سكنى المظال.

تُقَرِّبُونَ مثل ما تقربونه في اليوم الأول سوى العدد فإنه كان يقرب في هذا اليوم ثور واحد وكبش واحد وسبعة خراف وقرابين طعامية وشرابية وتيس ذبيحة خطية (عدد ٢٩: ٣٦ – ٣٨). وحُسب اليوم الثامن كأنه من عيد المظال لاتصاله به وهو عيد مستقل.

٣٧ «هٰذِهِ هِيَ مَوَاسِمُ ٱلرَّبِّ ٱلَّتِي فِيهَا تُنَادُونَ مَحَافِلَ مُقَدَّسَةً لِتَقْرِيبِ وَقُودٍ لِلرَّبِّ، مُحْرَقَةً وَتَقْدِمَةً وَذَبِيحَةً وَسَكِيباً أَمْرَ ٱلْيَوْمِ بِيَوْمِهِ».

ع ٢ و٤

مَوَاسِمُ ٱلرَّبِّ أي الأعياد المذكورة وهي ستة:

  1. الفصح (ع ٤ – ١٤).
  2. عيد الخمسين (ع ١٥ – ٢٢).
  3. عيد السنة الجديدة (ع ٢٣ – ٢٥).
  4. يوم الكفارة (ع ٢٦ – ٣٢).
  5. عيد المظال (ع ٣٣ – ٣٦).
  6. اليوم الثامن بعد أيام عيد المظال السبعة (ع ٣٦).

لِتَقْرِيبِ القرابين المذكورة على الأسلوب المذكور في سفر العدد (عدد ص ٢٨ وص ٢٩).

٣٨ «عَدَا سُبُوتَ ٱلرَّبِّ، وَعَدَا عَطَايَاكُمْ وَجَمِيعِ نُذُورِكُمْ وَجَمِيعِ نَوَافِلِكُمُ ٱلَّتِي تُعْطُونَهَا لِلرَّبِّ».

ع ٢٩: ٣٩

عَدَا سُبُوتَ ٱلرَّبِّ أي عدا ذبائح السبوت وحذف المضاف لقرينة كثير في الكتاب المقدس (انظر ص ٢٥: ٦). ومثله ما جاء في الإنجيل من قوله «مكتوب في الأنبياء» أي أسفار الأنبياء (مرقس ١: ٢ قابل هذا بما في متّى ٥: ١٧ و٧: ١٢ و٢٢: ٤٠ الخ). فمعنى العبارة هنا إن الذبائح المذكورة في تلك الأعياد الستة لا تعفي من الذبائح المعيّنة للسبت الواقع فيها فيجب تقديمها كما تقدم في سائر السبوت.

وَعَدَا عَطَايَاكُمْ أي القرابين الاختيارية (تثنية ١٦: ١٠ و١٧ و٢أيام ٢٥: ٧ و٨) وقرابين النذور (تثنية ٢٣: ١٦ وتثنية ١٦: ١٣).

٣٩ «أَمَّا ٱلْيَوْمُ ٱلْخَامِسَ عَشَرَ مِنَ ٱلشَّهْرِ ٱلسَّابِعِ فَفِيهِ عِنْدَمَا تَجْمَعُونَ غَلَّةَ ٱلأَرْضِ تُعَيِّدُونَ عِيداً لِلرَّبِّ سَبْعَةَ أَيَّامٍ. فِي ٱلْيَوْمِ ٱلأَوَّلِ عُطْلَةٌ وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّامِنِ عُطْلَةٌ».

خروج ٢٣: ١٦ وتثنية ١٦: ١٣

أَمَّا ٱلْيَوْمُ ٱلْخَامِسَ عَشَرَ هذا تذييل للكلام على هذا العيد فقد تكلم عليه في (ع ٣٤ – ٣٦) وفيه تفصيل أمور الاحتفال به.

عِنْدَمَا تَجْمَعُونَ غَلَّةَ ٱلأَرْضِ أي ما نضج وحصل من حاصلات الأرض في فصل الخريف كالحنطة والشعير والزيت والخمر الخ.

تُعَيِّدُونَ عِيداً لِلرَّبِّ كان هذا العيد وقت اعتراف ببركات الرب وشكر له على إحسانه ولهذا سُمي هذا العيد بعيد الحصاد (خروج ٢٣: ١٦ و٣٤: ٢٢).

فِي ٱلْيَوْمِ ٱلأَوَّلِ عُطْلَةٌ أي سبت أو راحة يحرّم فيه الأعمال العادية (انظر ع ٣٥ و٣٦).

٤٠ «وَتَأْخُذُونَ لأَنْفُسِكُمْ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلأَوَّلِ ثَمَرَ أَشْجَارٍ بَهِجَةٍ وَسَعَفَ ٱلنَّخْلِ وَأَغْصَانَ أَشْجَارٍ غَبْيَاءَ وَصَفْصَافَ ٱلْوَادِي، وَتَفْرَحُونَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ إِلٰهِكُمْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ».

خروج ٢٣: ١٦ وتثنية ١٦: ١٣

تَأْخُذُونَ لأَنْفُسِكُمْ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلأَوَّلِ كانوا يأخذون أربعة أنواع من النبات أطال الكلام عليها علماء الناموس مدة الهيكل الثاني.

ثَمَرَ أَشْجَارٍ بَهِجَةٍ لم يعيّن نوع الثمر فترك أمره لاستحسان خدم الدين وكان في مثل تلك الأيام الأترج والتفاح وغيرهما وكانوا يجتنبون الشجرة الغرلاء والشجرة غير الطاهرة (انظر ص ٩: ٢٣ وعدد ١٨: ١١ و١٢).

سَعَفَ ٱلنَّخْلِ (اي قضبانه التي لم تقشر) وهذا وفق ما حدده علماء الناموس مدة الهيكل الثاني وأوجبوا أن يكون طول السعفة ثلاثة أشبار على الأقل ويجب أن يربط السعف بلحائه لا بلحاء غيره من النبات.

وَأَغْصَانَ أَشْجَارٍ غَبْيَاءَ أي كثيفة الورق تغطي كل خشبه. قال علماء الناموس إن المقصود بهذه الأغصان أغصان الآس.

صَفْصَافَ ٱلْوَادِي أي النابت على شواطئ الأنهار وغيرها من مجاري المياه. ويمتاز هذا الصفصاف عن غيره بأنه أسود العود الطويل الورق ناعم الحواشي وكانوا يسمون ما رُبط معاً من أغصان النخل والآس والصفصاف لولباً. وحين كان اللاويون يترنمون مدة تقديم الذبائح كان أفراد الشعب يرفعون اللوالب وسُعف النخل ويهزونها ثلاثا مرة عند الترنم بالآية الأولى من (مزمور ١١٨) ومرة بالترنم بالآية الخامسة والعشرين منه ومرة عند الترنم بالآية التاسعة والعشرين منه. وكان الكهنة متى فرغ اللاويون من الغناء يدورون حول المذبح قائلين «هوشيعنا (أو أوصنّا) يا رب ساعدنا يا رب نجحنا». وترجم في المزامير «آهِ يَا رَبُّ خَلِّصْ! آهِ يَا رَبُّ أَنْقِذْ» (مزمور ١١٨: ٢٥). وكان الكهنة حينئذ يعطون البركة والشعب يصرخ قائلاً «ما أجملك أيها المذبح». وكان هذا الرسم جزءاً من حوادث الترحيب بالمسيح حين دخل أورشليم ولاقاه الجموع بسعف النخل وقالوا «أوصنا» (متّى ٢١: ٨ و٩ و١٥ ويوحنا ١٢: ١٢ و١٣).

٤١ «تُعَيِّدُونَهُ عِيداً لِلرَّبِّ سَبْعَةَ أَيَّامٍ فِي ٱلسَّنَةِ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً فِي أَجْيَالِكُمْ. فِي ٱلشَّهْرِ ٱلسَّابِعِ تُعَيِّدُونَهُ».

عدد ٢٩: ١٢ ونحميا ٨: ١٨

سَبْعَةَ أَيَّامٍ فِي ٱلسَّنَةِ هذه الأيام السبعة أيام عيد المظال فاليوم الثامن عيد مستقل (انظر ع ٣٦).

فِي أَجْيَالِكُمْ (المقصود بالجيل هنا أهل عصر واحد).

٤٢ «فِي مَظَالَّ تَسْكُنُونَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ. كُلُّ ٱلْوَطَنِيِّينَ فِي إِسْرَائِيلَ يَسْكُنُونَ فِي ٱلْمَظَالِّ».

نحميا ٨: ١٤ و١٥ و١٦

فِي مَظَالَّ تَسْكُنُونَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ فاليوم الثامن ليس من أيام عيد المظال فهو عيد مستقل فلم يسكنوا فيه المظال (انظر ع ٣٦).

٤٣ «لِكَيْ تَعْلَمَ أَجْيَالُكُمْ أَنِّي فِي مَظَالَّ أَسْكَنْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ. أَنَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُكُمْ».

تثنية ٣١: ٣ ومزمور ٧٨: ٥ و٦

تَعْلَمَ أَجْيَالُكُمْ أي يذكر نسلكم الذي يسكن أرض الميعاد بالسكنى في تلك المظال كل سنة إحسان الله إلى أبائهم وحراسته لهم وإنقاذه إياهم من أرض العبودية ووقايته إياهم بالمظال في البرية.

٤٤ «فَأَخْبَرَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَوَاسِمِ ٱلرَّبِّ».

ع ٣

فَأَخْبَرَ مُوسَى بمقتضى أمر الله (انظر ع ٢) وأوضح لبني إسرائيل عدد الأعياد وأسبابها فهذه الآية خلاصة كل الأصحاح وخاتمة له.

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى