سفر اللاويين

سفر اللاويين | 22 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر اللاويين

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّانِي وَٱلْعِشْرُونَ

١ «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى».

قَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى في هذا الأصحاح تمام الكلام على الخدمة المقدسة الكهنوتية. كان ختام الأصحاح السابق الاذن للكهنة الذين ليسوا أهلاً لخدمة المذبح في أن يأكلوا من القرابين والذبائح وفاتحة هذا الأصحاح منع الجميع من أكل تلك الذبائح في بعض الأحوال.

٢ «قُلْ لِهَارُونَ وَبَنِيهِ أَنْ يَتَوَقَّوْا أَقْدَاسَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ٱلَّتِي يُقَدِّسُونَهَا لِي وَلاَ يُدَنِّسُوا ٱسْمِي ٱلْقُدُّوسَ. أَنَا ٱلرَّبُّ».

خروج ٢٨: ٣٨ وص ١٨: ٢١ وعدد ١٨: ٣٢ وتثنية ١٥: ١٩

أَنْ يَتَوَقَّوْا أَقْدَاسَ بَنِي إِسْرَائِيلَ كان للكهنة أجزاء أو أنصبة من القرابين التي يقربها بنو إسرائيل للرب فحذّر الله الكهنة منها هنا ومن أن يظنوا أنها لهم مطلقاً فإنه في بعض الأحوال يجب عليهم الامتناع منها (ص ٧: ٢٠ و٢١).

ٱلَّتِي يُقَدِّسُونَهَا لِي أي القرابين التي يقربها بنو إسرائيل للرب موقوفة له وحده.

٣ «قُلْ لَهُمْ: فِي أَجْيَالِكُمْ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ جَمِيعِ نَسْلِكُمُ ٱقْتَرَبَ إِلَى ٱلأَقْدَاسِ ٱلَّتِي يُقَدِّسُهَا بَنُو إِسْرَائِيلَ لِلرَّبِّ وَنَجَاسَتُهُ عَلَيْهِ، تُقْطَعُ تِلْكَ ٱلنَّفْسُ مِنْ أَمَامِي. أَنَا ٱلرَّبُّ».

ص ٧: ٢٠

فِي أَجْيَالِكُمْ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ جَمِيعِ نَسْلِكُمُ (انظر ص ٣: ١٧ و٢١: ١٧).

ٱقْتَرَبَ إِلَى ٱلأَقْدَاسِ الأقداس هنا المقدسات ويراد بها الذبائح فيكون المعنى اقترب إلى الذبائح ليأكلها كما قال في (ع ٤ و٦ و١٢).

نَجَاسَتُهُ عَلَيْهِ أي هو نفسه ينجس نفسه بتعديه ولا بد من أن يتنجس بذلك التعدي (ص ٧: ٢٠).

تُقْطَعُ تِلْكَ ٱلنَّفْسُ مِنْ أَمَامِي لم ترد العبارة «من أمامي» في ذكر القطع في غير هذا الموضع من الأسفار الخمسة. وذُكر في هذا السفر الجزاء المذكور هنا في ستة مواضع منه غير هذا الموضع ونصه فيها «تُقطع تلك النفس من شعبها» (ص ٧: ٢٠ و٢١ و٢٥ و٢٧ و١٩: ٨ و٢٣: ٢٩). واختصاص العبارة هنا بقوله «من أمامي» لا بد من أن فيها إشارة إلى حال خاصة والمرجّح أن المقصود بقطع الكاهن المتعدي من الوقوف أمامه للخدمة كما قطع ناداب وأبيهو (ص ١٠: ١ – ٣).

٤ «كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ نَسْلِ هَارُونَ وَهُوَ أَبْرَصُ أَوْ ذُو سَيْلٍ، لاَ يَأْكُلْ مِنَ ٱلأَقْدَاسِ حَتَّى يَطْهُرَ. وَمَنْ مَسَّ شَيْئاً نَجِساً لِمَيِّتٍ، أَوْ إِنْسَانٌ حَدَثَ مِنْهُ ٱضْطِجَاعُ زَرْعٍ».

ص ١٥: ٢ ص ١٤: ٢ و١٥: ١٣ عدد ١٩: ١١و٢٢ وحجي ٢: ١٣ ص ١٥: ١٦

أَبْرَصُ هذا وما بعده أنواع أُخر من النجاسة وقد سبق الكلام على البرص والأبرص بالتفصيل (انظر ص ١٣: ٣ والتفسير).

ذُو سَيْلٍ (انظر ص ١٥: ٢ وتفسيره).

مَنْ مَسَّ شَيْئاً نَجِساً (انظر ع ١٩: ١١ – ١٤).

ٱضْطِجَاعُ زَرْعٍ (انظر ص ١٥: ١٦).

٥ «أَوْ إِنْسَانٌ مَسَّ دَبِيباً يَتَنَجَّسُ بِهِ، أَوْ إِنْسَاناً يَتَنَجَّسُ بِهِ لِنَجَاسَةٍ فِيهِ».

ص ١١: ٢٤ و٤٣ و٤٤ ص ١٥: ٧ و١٩

مَسَّ دَبِيباً (انظر ص ١١: ٢٤ – ٤٤ والتفسير).

لِنَجَاسَةٍ فِيهِ أي لكونه أبرص أو ذا سيل أو ماسا شيئاً نجساً (ص ١٣: ٤٥ و١٥: ٥ الخ).

٦ «فَٱلَّذِي يَمَسُّ ذٰلِكَ يَكُونُ نَجِساً إِلَى ٱلْمَسَاءِ، وَلاَ يَأْكُلْ مِنَ ٱلأَقْدَاسِ، بَلْ يَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ».

ص ١٥: ٥ وعبرانيين ١٠: ٢٢

فَٱلَّذِي يَمَسُّ ذٰلِكَ من الكهنة لأن هذه الشريعة وُضعت عليهم ولذلك جاء في الترجمة الكلدانية «فالكاهن الذي يمس» الخ.

يَكُونُ نَجِساً إِلَى ٱلْمَسَاءِ وذلك نهاية يوم النجاسة وبداءة غده (انظر ص ١١: ٢٤ – ٣٢) حين ينضح كل حسده بالماء.

٧ «فَمَتَى غَرَبَتِ ٱلشَّمْسُ يَكُونُ طَاهِراً، ثُمَّ يَأْكُلُ مِنَ ٱلأَقْدَاسِ لأَنَّهَا طَعَامُهُ».

ص ١: ٢٢ وعدد ١٨: ١١ و١٣

ثُمَّ يَأْكُلُ مِنَ ٱلأَقْدَاسِ لأَنَّهَا طَعَامُهُ لأن الذبائح التي كان يخدم الرب بها هي الشيء الوحيد الذي كان منه قوام غذائه.

٨ «مِيِّتَةً أَوْ فَرِيسَةً لاَ يَأْكُلْ فَيَتَنَجَّسَ بِهَا. أَنَا ٱلرَّبُّ».

خروج ٢٢: ٣١ وص ١٧: ١٥ وحزقيال ٤٤: ٣١

مِيِّتَةً أي كل ما مات موتاً عادياً من الطيور والبهائم الطاهرة وهذا حُّرم عل كل بني إسرائيل أيضاً (ص ٧٧: ١٥) وإذا كان قد حُرّم على العامة لنجاسته فبالأولى أن يحرّم على الكهنة.

٩ «فَيَحْفَظُونَ شَعَائِرِي لِكَيْ لاَ يَحْمِلُوا لأَجْلِهَا خَطِيَّةً يَمُوتُونَ بِهَا لأَنَّهُمْ يُدَنِّسُونَهَا. أَنَا ٱلرَّبُّ مُقَدِّسُهُمْ».

خروج ٢٨: ٤٣ وعدد ١٨: ٢٢ و٣٢

فَيَحْفَظُونَ شَعَائِرِي أي فروضي التي يمتاز الكهنة والشعب الإسرائيلي بها ومنها النواهي عن النجاسة المذكورة.

يَمُوتُونَ بِهَا لأَنَّهُمْ يُدَنِّسُونَهَا الضمير في «بها» يرجع إلى الخطية المذكورة في الآية وفي «يدنسونها» يرجع إلى الشعائر. فكأنه قال «إذا دنسوا شعائري خطئوا وماتوا بخطيتهم لأنهم دنسوا تلك الشعائر». وزاد علماء الناموس في تفسيرهم مدة الهيكل الثاني على قوله «يموتون» قولهم «بيد السماء» أي يد الله رب السماء. ولهذا جاء في الترجمة الكلدانية ليوناثان «لئلا يقتلوا على ذلك بنار ملتهبة» أي كما قُتل ناداب وأبيهو.

١٠ «وَكُلُّ أَجْنَبِيٍّ لاَ يَأْكُلُ قُدْساً. نَزِيلُ كَاهِنٍ وَأَجِيرُهُ لاَ يَأْكُلُونَ قُدْساً».

١صموئيل ٢١: ٦

وَكُلُّ أَجْنَبِيٍّ لاَ يَأْكُلُ قُدْساً المقصود بالأجنبي هنا من ليس من نسل هارون الكهنة فيصح أن يكون إسرائيلياً ولاوياً أيضاً. والمقصود بالقدس هنا ذبائح السلامة (انظر ص ٧: ٣٠).

نَزِيلُ كَاهِنٍ (النزيل الضيف) لكن المفسرين قالوا النزيل هنا العبد الذي ثُقبت أذنه وصار من مملوكات سيده ويبقى كذلك إلى سنة اليوبيل (خروج ٢١: ٦).

وَأَجِيرُهُ أي الأجير العبراني المستأجر ست سنين يتحرر في نهايتها (انظر خروج ٢١: ٢) ولم يكن أحد منهم من أملاك الكاهن مع أن عمله وخدمه كانت له. ولم يكن خدم اليهود مبيعين بالمال خلافاً لعبيد الأمم ولذلك كان اليهود يعاملونهم معاملة النزلاء لا معاملة الأرقاء ولذلك كان لهم أن يشاركوا سادتهم في الأطعمة المقدسة.

١١ «لٰكِنْ إِذَا ٱشْتَرَى كَاهِنٌ أَحَداً شِرَاءَ فِضَّةٍ فَهُوَ يَأْكُلُ مِنْهُ وَٱلْمَوْلُودُ فِي بَيْتِهِ. هُمَا يَأْكُلاَنِ مِنْ طَعَامِهِ».

عدد ١٨: ١١ و١٣

إِذَا ٱشْتَرَى كَاهِنٌ أَحَداً كان هذا الشراء يختلف عن شراء الكهان الوثنيين فإن عبد الكاهن اليهودي كان يُختن ويشارك سيده في خروف الفصح وسائر الامتيازات فيكون كأنه من أهل بيت الكاهن وكان يجوز له أن يأكل الأقداس. وكان في عهد الهيكل الثاني مثل هذا الامتياز لمن يكون من أهل البيت من الذين لم يشترهم الكاهن بفضته بل من كانت الزوجة تأتي به كأنه جزء من جهازها.

وَٱلْمَوْلُودُ فِي بَيْتِهِ كولد الخادمة أو الأَمة والخادم أو العبد (انظر تكوين ١٧: ١٢ و١٣) فهذا كان يأكل مع أهل بيت الكاهن الأقداس التي لا يجوز للكاهن أكلها لنجاسة شرعية.

١٢ «وَإِذَا صَارَتِ ٱبْنَةُ كَاهِنٍ لِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ لاَ تَأْكُلُ مِنْ رَفِيعَةِ ٱلأَقْدَاسِ».

وَإِذَا صَارَتِ ٱبْنَةُ كَاهِنٍ لِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ يراد بالأجنبي هنا من ليس من سلالة هارون من العبرانيين فمن تزوجت مثل هذا من بنات الكهنة لم تُحسب من أهل بيت الكاهن وخسرت حق المشاركة في الأقداس فخبزها حينئذ يكون من زوجها ولا يبقى لها من نصيب من خبز الكاهن. وقد أطلق علماء الناموس في عصر الهيكل الثاني الأجنبي هنا على العبراني الذي ليس من نسل الكهنة وعلى الغريب أي الذي ليس بعبراني فقالوا إذا ضلت ابنة كاهن بأن اقترنت بغريب حُرّم عليها أكل الطعام المقدس (انظر ص ١١: ٧ و٩).

١٣ «وَأَمَّا ٱبْنَةُ كَاهِنٍ قَدْ صَارَتْ أَرْمَلَةً أَوْ مُطَلَّقَةً، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا نَسْلٌ، وَرَجَعَتْ إِلَى بَيْتِ أَبِيهَا كَمَا فِي صِبَاهَا، فَتَأْكُلُ مِنْ طَعَامِ أَبِيهَا. لٰكِنَّ كُلَّ أَجْنَبِيٍّ لاَ يَأْكُلُ مِنْهُ».

تكوين ٣٨: ١١ ص ١٠: ١٤ وعدد ١٨: ١١ و١٩

أَرْمَلَةً أَوْ مُطَلَّقَةً، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا نَسْلٌ أي إذا فقدت ابنة الكاهن زوجها بموت أو طلاق ولم يكن لها نسل أي ولد رجعت إلى بيت أبيها وعادت إليها الحقوق الأولى التي كانت لها في ذلك البيت من أكل الخبز ولحم الذبائح المقدسة سوى صدر الترديد وكتف الرفيعة.

وَرَجَعَتْ إِلَى بَيْتِ أَبِيهَا كَمَا فِي صِبَاهَا استنبط علماء الناموس في عصر الهيكل الثاني قانونين من هذه العبارة:

(١) إن ابنة الكاهن إذا تُركت أرملة بلا ولد وكان لزوجها أخ حي وجب على ذلك الأخ أن يتزوجها بمقتضى الشريعة (ص ١٨: ١٦) فإن تزوجها لم يجز لها أن تأكل من الأقداس وإن رجعت إلى بيت أبيها وقتياً ولهذا جاء في الترجمة الكلدانية «رجعت إلى بيت أبيها وهي غير متزوجة أخا زوجها».

(٢) إنه كان لابنة الكاهن ولد عند موت زوجها ورجعت إلى بيت أبيها لم يكن لها أن تأكل من الأقداس لكن إن مات الولد جاز لها حينئذ في بيت أبيها ما كان يجوز لها فيه قبل أن تتزوج.

١٤ «وَإِذَا أَكَلَ إِنْسَانٌ قُدْساً سَهْواً، يَزِيدُ عَلَيْهِ خُمْسَهُ وَيَدْفَعُ ٱلْقُدْسَ لِلْكَاهِنِ».

ص ٥: ١٥ و١٦

وَإِذَا أَكَلَ إِنْسَانٌ قُدْساً سَهْواً أو جهلاً أي غير عالم إن ما أكله قدس (انظر ص ٤: ٢ و٢٢ و٢٧ و٥: ١٥ و١٨).

يَزِيدُ عَلَيْهِ خُمْسَهُ أي يؤدي مثله وزيادة هي خمسه.

وَيَدْفَعُ ٱلْقُدْسَ أي يؤدي الكاهن ما يساوي القدس. والخلاصة إن التعويض يكون بتأدية ما يساوي القدس وخمسه. ويبقى عليه أن يقدم ذبيحة الإثم (ص ٥: ١٤ – ١٧).

١٥ «فَلاَ يُدَنِّسُونَ أَقْدَاسَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ٱلَّتِي يَرْفَعُونَهَا لِلرَّبِّ».

ع ١٨: ٣٢

فَلاَ يُدَنِّسُونَ أَقْدَاسَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أي لا يدنس الكهنة هبات إسرائيل المقدسة التي هي خبز الله بعدم عنايتهم بها على مقتضى الشريعة.

١٦ «فَيُحَمِّلُونَهُمْ ذَنْبَ إِثْمٍ بِأَكْلِهِمْ أَقْدَاسَهُمْ. لأَنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ مُقَدِّسُهُمْ».

ع ٩

فَيُحَمِّلُونَهُمْ ذَنْبَ إِثْمٍ أي فيكونون بعدم اعتنائهم بمنع من لا يجوز له أن يأكل الأقداس فوق كونهم آثمين سبباً لأن يحمل غيرهم الإثم بأكله من الأقداس.

١٧ «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى».

وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى هذه مقدمة فريضة جديدة فإنه بعدما فرغ من الكلام على صفات الذين يصح أن يكونوا كهنة لخدمة المذبح ووجوب كمالهم وقداستهم أخذ يبين صفات البهائم التي يليق أن تقدم ذبائح على المذبح.

١٨ «قُلْ لِهَارُونَ وَبَنِيهِ وَجَمِيعِ بَنِي إِسْرَائِيلَ: كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَمِنَ ٱلْغُرَبَاءِ فِي إِسْرَائِيلَ قَرَّبَ قُرْبَانَهُ مِنْ جَمِيعِ نُذُورِهِمْ وَجَمِيعِ نَوَافِلِهِمِ ٱلَّتِي يُقَرِّبُونَهَا لِلرَّبِّ مُحْرَقَةً».

ص ١: ٢ و٣ و١٠ وعدد ١٥: ١٤

هَارُونَ وَبَنِيهِ وَجَمِيعِ بَنِي إِسْرَائِيلَ لما كان على كل من الكهنة والشعب أمور تجب عليهم في الذبائح كان الكلام للكهنة والشعب معاً.

كُلُّ إِنْسَانٍ (انظر تفسير ص ١٧: ٨).

جَمِيعِ نُذُورِهِمْ وَجَمِيعِ نَوَافِلِهِمِ (النذر أن يوجب الإنسان على نفسه من الأمور الخيرية ما لا توجبه عليه الشريعة بشرط فإن خلا من الشرط فهو النافلة وجميعها نوافل) وكل من النذور والنوافل اختياري وذُكر الفرق بين ذبائح النذور وذبائح النوافل في تفسير (ص ٧: ١٦).

مِنَ ٱلْغُرَبَاءِ أي الدخلاء المتهودين.

١٩ «فَلِلرِّضَا عَنْكُمْ يَكُونُ، ذَكَراً صَحِيحاً مِنَ ٱلْبَقَرِ أَوِ ٱلْغَنَمِ أَوِ ٱلْمَعْزِ».

ص ١: ٣

فَلِلرِّضَا عَنْكُمْ أي لقبول الله إياكم ومسرته بكم (انظر ص ١: ٣ والتفسير).

ذَكَراً الخ الظاهر أنه لا يجوز في هذه الفريضة غير الذكر من أنواع البهائم الثلاثة البقر والغنم والمعز.

٢٠ «كُلُّ مَا كَانَ فِيهِ عَيْبٌ لاَ تُقَرِّبُوهُ لأَنَّهُ لاَ يَكُونُ لِلرِّضَا عَنْكُمْ».

تثنية ١٥: ٢١ و١٧ وملاخي ١: ٨ و١٤ وأفسس ٥: ٢٧ وعبرانيين ٩: ١٤ و١بطرس ١: ١٩

كُلُّ مَا كَانَ فِيهِ عَيْبٌ هذا مقدمة لما يأتي. ويُرى هنا أن الذبيحة لا تكون إلا من ذوات الأربع التي ذكرها ولم يسمح بتقديم الطيور بدليل أن الشريعة لم تفرق في تقديم الطيور بين الذكر والأنثى. وقال علماء الناموس في عصر الهيكل الثاني لا يُعد الطير ذا عيب ما لم يكن قد فقد عضواً كاملاً.

٢١ «وَإِذَا قَرَّبَ إِنْسَانٌ ذَبِيحَةَ سَلاَمَةٍ لِلرَّبِّ وَفَاءً لِنَذْرٍ، أَوْ نَافِلَةً مِنَ ٱلْبَقَرِ أَوِ ٱلأَغْنَامِ، تَكُونُ صَحِيحَةً لِلرِّضَا. كُلُّ عَيْبٍ لاَ يَكُونُ فِيهَا».

ص ٣: ١ و٦ ص ٧: ١٦ وعدد ١٥: ٣ وتثنية ٢٣: ٢١ و٢٣ ومزمور ٦١: ٨ و٦٥: ١ وجامعة ٥: ٤ و٥

ذَبِيحَةَ سَلاَمَةٍ (انظر ص ٣: ١ والتفسير).

وَفَاءً لِنَذْرٍ كان النذر يؤتى في أزمنة الخطر (انظر تكوين ٢٨: ٢٠ – ٢٢ ويونان ١: ١٦).

أَوْ نَافِلَةً أي أو وفاء لنافلة. وغلب أن تكون تقدمة النافلة شكراً لله على ما ناله المقدِّم من مراحمه تعالى.

٢٢ «ٱلأَعْمَى وَٱلْمَكْسُورُ وَٱلْمَجْرُوحُ وَٱلْبَثِيرُ وَٱلأَجْرَبُ وَٱلأَكْلَفُ هٰذِهِ لاَ تُقَرِّبُوهَا لِلرَّبِّ، وَلاَ تَجْعَلُوا مِنْهَا وَقُوداً عَلَى ٱلْمَذْبَحِ لِلرَّبِّ».

ع ٢٠ وملاخي ١: ٨ ص ١: ٩ و١٣ و٣: ٣ و٥

ٱلأَعْمَى فاقد قوة البصر كلها أو بعضها فيدخل فيه الأعور. فشُرط في البهيمة ما شُرط في الكاهن الذي يخدم المذبح (انظر ص ٢١: ١٨).

وَٱلْمَكْسُورُ أحد أعضائه من رجل وضلع وغيرهما (وفي الاصل العبراني أو المكسور).

وَٱلْمَجْرُوحُ جاء في إحدى التراجم «والأعرج». وفي الكلدانية «ساقط الحاجب». (وفي العبرانية حروص «חרוץ» ومعناه مقطوع ومحفور. وجاء في الأصل العبراني «او» بدل الواو في هذه الآية ففيه «الأعمى أو المكسور أو الخ». والقرينة تدل على أن المقصود باو معنى الواو ولهذا كان ما ذُكر). واشتُرط في الكاهن الذي يخدم المذبح أن يكون خالياً من هذا العيب (على غير الترجمة العربية).

وَٱلْبَثِيرُ (البثير في العربية من في وجهه أو جلده بثرة أو بثور والبثر الخراج وهو كل ما يخرج في البدن من دُمل ونحوه). وفُسر في عصر الهيكل الثاني بمرض في العين. وجاء في الترجمة الكلدانية «من اختلط في عينيه السواد والبياض». ومثل هذا العيب يمنع من الكهنوت الذي يخدم فيه المذبح على ما فهموه من (ص ٢١: ١٩) (والكملة في العبرانية «يبلت» ومعناها بثير).

وَٱلأَجْرَبُ وَٱلأَكْلَفُ هذان من العيوب المانعة كهنوت خدمة المذبح (انظر ص ٢١: ٢٠).

هٰذِهِ لاَ تُقَرِّبُوهَا لِلرَّبِّ أي لا تقربوا للرب بهيمة فيها شيء من العيوب المذكورة والتي لم تُذكر (والتي ذُكرت أمثلة للعيب لا العيوب كلها) وكان من يقرب بهيمة فيها عيب يُضرب ويُوجب عليه أن يأتي ببهيمة بلا عيب بدلها.

٢٣ «وَأَمَّا ٱلثَّوْرُ أَوِ ٱلشَّاةُ ٱلزَّوَائِدِيُّ أَوِ ٱلْقُزُمُ فَنَافِلَةً تَعْمَلُهُ، وَلٰكِنْ لِنَذْرٍ لاَ يُرْضَى بِهِ».

ص ٢١: ١٨

ٱلزَّوَائِدِيُّ فسروه بغير المتناسب الأعضاء كأن يكون أحد أعضائه خارجاً عن المناسبة بالكبر أو الصغر والطول أو القصر. (والكلمة تدل على الزيادة مطلقاً فتصدق على الزيادة التي تكون في التشوه الخلقي كزيادة بعض الأعضاء كما يكون في الأعنش أي الذي له ست أصابع في يده من الناس (انظر ص ٢١: ١٨) وما له أكثر من أربع قوائم من البهائم). وهذا من العيوب المانعة من كهنوت المذبح (انظر ص ٢١: ١٨).

أَوِ ٱلْقُزُمُ (القُزُم في العربية الصغير الجسم) وجاء في بعض الترجمات الأعجمية «الناقص الأجزاء». وفسره علماء الدين اليهودي في عصر الهيكل الثاني بغير مشقوق الظلف حتى صار يشبه الحمار والفرس. (والكلمة في العبرانية «قلوط» «קלוט» أي قصير جداً كالقُلاط والقَلَطي في العربية).

فَنَافِلَةً تَعْمَلُهُ الذي سبق دليل قاطع على منع تقديم ما فيه عيب ذبيحة مهما كان عيبه وهنا أُبيح عمله نافلة. ومن المحال أن يقع المشترع في التناقض على أثر بضع كلمات وتُدفع شبهة التناقض بأن البهيمة المذكورة هنا مما كانت توافق للقدس لا لتقدم ذبيحة على المذبح ويكون وقفها من النوافل لا الفروض. وهذا ما ذهب إليه علماء الناموس مدة الهيكل الثاني فكانت تلك البهيمة تباع أو أن واقفها يؤدي قيمتها ينفق الثمن أو القيمة على المقاصد المقدسة وهذا مما قصر على النافلة دون النذر فإنه لايجوز فيه إلا ما لا عيب فيه (ع ١٨ – ٢٠) وعليه كان القانون والعمل في أيام الهيكل الثاني (انظر ص ٧: ١٦).

٢٤ «وَمَرْضُوضَ ٱلْخِصْيَةِ وَمَسْحُوقَهَا وَمَقْطُوعَهَا لاَ تُقَرِّبُوا لِلرَّبِّ. وَفِي أَرْضِكُمْ لاَ تَعْمَلُوهَا».

مَرْضُوضَ ٱلْخِصْيَةِ وَمَسْحُوقَهَا وَمَقْطُوعَهَا هنا أربع طرق للخصي كان القدماء يأتونها في خصي البهيمة.

فِي أَرْضِكُمْ لاَ تَعْمَلُوهَا نهاهم عن خصي البهائم بتلك الطرق كما نهاهم عن تقريب المخصي بها وحرّمها على الجميع وهذا ما يفيده قوله «في أرضكم» وأتقياء اليهود إلى اليوم لا يخصون بهيمة.

٢٥ «وَمِنْ يَدِ ٱبْنِ ٱلْغَرِيبِ لاَ تُقَرِّبُوا خُبْزَ إِلٰهِكُمْ مِنْ جَمِيعِ هٰذِهِ، لأَنَّ فِيهَا فَسَادَهَا. فِيهَا عَيْبٌ لاَ يُرْضَى بِهَا عَنْكُمْ».

عدد ١٥: ١٥ و١٦ ص ٢١: ٦ و١٧ ملاخي ١: ١٤

مِنْ يَدِ ٱبْنِ ٱلْغَرِيبِ أي المنع من تقديم هذه الحيوانات غير مقصور على البهائم المخصيّة في الأرض الإسرائيلية بل يُطلق عليها وعلى أمثالها مما يأتي به الغرباء ويشتريه الإسرائيليون منهم.

لأَنَّ فِيهَا فَسَادَهَا أي لانها مخصيّة والخصي فساد يمنع من تقديمها لله.

لاَ يُرْضَى بِهَا عَنْكُمْ اي إذا ظن الإسرائيلي إن تقديم تلك البهائم لا مانع منه لأن الغريب هو الذي خصاها وقدمها لله فالله لا يقبلها ويراها معيبة غير شرعية. رأى علماء الناموس إن هذا متعلق بالذبائح التي يقدمها الغرباء الدخلاء لا الإسرائيليون الأصليون والقرينة وهي قوله «في ارضكم» في آخر الآية السابقة. وقوله من يد ابن الغريب في أول هذه الآية تنفي رأيهم وتثبت ما قلناه. ومثل ذلك قوله «لا يرضى بها عنكم».

٢٦ «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى».

وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى هذا بداءة فريضة جديدة وهي تتعلق بسن الحيوان الذي يصلح أن يكون ذبيحة للرب.

٢٧ «مَتَى وُلِدَ بَقَرٌ أَوْ غَنَمٌ أَوْ مِعْزىً يَكُونُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ تَحْتَ أُمِّهِ، ثُمَّ مِنَ ٱلْيَوْمِ ٱلثَّامِنِ فَصَاعِداً يُرْضَى بِهِ قُرْبَانَ وَقُودٍ لِلرَّبِّ».

خروج ٢٢: ٣٠

وُلِدَ بَقَرٌ أَوْ غَنَمٌ أَوْ مِعْزىً هي الأنواع الثلاثة من ذوات الأربع التي يجوز أن تُقدم منها الذبائح للرب (انظر ع ١٩ وص ١٧: ٣ – ٦) وفهم علماء الناموس من قوله «ولد» الولادة الطبيعية العادية بلا مساعدة مولّد وعلى ذلك حرّموا تقديم المولود منها بمساعدة صناعية.

يَكُونُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ تَحْتَ أُمِّهِ لأن الولد قبل سبعة أيام من سنه يكون ضعيفاً لا يصلح أن يكون طعاماً للإنسان ولذلك وجب أن لا يقدم طعاماً لله أي ذبيحة. ولهذا لم يختنوا الصبيان قبل اليوم الثامن من الولادة (انظر خروج ٢٢: ٢٩). (وقوله تحت أمه كناية عن رضاعته منها لأنه في الرضاعة يكون تحتها) وإذ كان الواجب أن يكون تحت أمه سبعة أيام كانوا إذا ماتت الأم قبل مضي هذه الأيام مُنع أن يقدم مولودها ذبيحة إلى الأبد.

٢٨ «وَأَمَّا ٱلْبَقَرَةُ أَوِ ٱلشَّاةُ فَلاَ تَذْبَحُوهَا وَٱبْنَهَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ».

تثنية ٢٢: ٦

فَلاَ تَذْبَحُوهَا وَٱبْنَهَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ لم يكن منع الله للإسرائيليين على ما عُرف من قوانين اليهود القديمة أن يذبحوا الأم وابنها في يوم واحد لمجرد أن يعلمهم العلاقة المقدسة بين الوالدة وولدها بل ليعلمهم فوق ذلك المحافظة على العواطف الإنسانية. وعلى هذا جاء في الترجمة الكلدانية تذييلاً للعبارة «يا شعبي آل إسرائيل كونوا رحماء على الأرض كما أن أبانا رحيم في السماء».

٢٩ «وَمَتَى ذَبَحْتُمْ ذَبِيحَةَ شُكْرٍ لِلرَّبِّ فَلِلرِّضَا عَنْكُمْ تَذْبَحُونَهَا».

ص ٧: ١٢ ومزمور ١٠٧: ٢٢ و١١٦: ١٧ وعاموس ٤: ٥

فَلِلرِّضَا عَنْكُمْ (ع ١٩) أي قدموا ذبيحة الشكر في طريق تكون بها مقبولة. وذُكر هذا النوع من الذبائح في الأصحاح السابع فارجع إليه (ص ٧: ١٥).

٣٠ «فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ تُؤْكَلُ. لاَ تُبْقُوا مِنْهَا إِلَى ٱلْغَدِ. أَنَا ٱلرَّبُّ».

ص ٧: ١٥

فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ تُؤْكَلُ يدل هذا على أن المقصود بهذه الذبيحة النوع الأول من ذبائح السلامة التي يجب أكل لحمها في يوم ذبحها (انظر ٧: ١٥).

٣١ «فَتَحْفَظُونَ وَصَايَايَ وَتَعْمَلُونَهَا. أَنَا ٱلرَّبُّ».

ص ١٩: ٣٧ وعدد ١٥: ٤٠ وتثنية ٤: ٤٠

فَتَحْفَظُونَ وَصَايَايَ أي تراعون ما أمرتكم به وما نهيتكم عنه في شأن الكهنة والذبائح وذلك واجب على الكهنة وسائر الشعب.

٣٢ «وَلاَ تُدَنِّسُونَ ٱسْمِي ٱلْقُدُّوسَ فَأَتَقَدَّسُ فِي وَسَطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. أَنَا ٱلرَّبُّ مُقَدِّسُكُمُ».

ص ١٨: ٢١ ص ١٠: ٣ ومتّى ٦: ٩ ولوقا ١١: ٢ ص ٢٠: ٨

وَلاَ تُدَنِّسُونَ ٱسْمِي ٱلْقُدُّوسَ بعدم حفظكم الوصايا (انظر تفسير ص ١٨: ٢).

٣٣ «ٱلَّذِي أَخْرَجَكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لِيَكُونَ لَكُمْ إِلٰهاً. أَنَا ٱلرَّبُّ».

خروج ٦: ٧ وص ١١: ٤٥ و١٩: ٣٦ و٢٥: ٣٨ وعدد ١٥: ٤١

ٱلَّذِي أَخْرَجَكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ أي أنقذكم من العبودية والظلم في أرض مصر واختاركم شعباً لنفسه فكان له عليكم أيها الشعب المفدي أن تخضعوا له وتحبوه وتعبدوه وتدلوا على ذلك بحفظكم وصاياه (انظر ص ٩: ٢٥). (ومن أحسن موضحات هذه الآية قول يوحنا الرسول ما معناه إن الله أحبنا أولاً (١يوحنا ٤: ١٠ و١١). وقوله «بِهٰذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا نُحِبُّ أَوْلاَدَ ٱللّٰهِ: إِذَا أَحْبَبْنَا ٱللّٰهَ وَحَفِظْنَا وَصَايَاهُ» (١يوحنا ٥: ٢).

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى