سفر اللاويين | 16 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر اللاويين
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّادِسُ عَشَرَ
١ «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى بَعْدَ مَوْتِ ٱبْنَيْ هَارُونَ عِنْدَمَا ٱقْتَرَبَا أَمَامَ ٱلرَّبِّ وَمَاتَا».
ص ١٠: ١ و٢
وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى بعد أن ذكر بالتدقيق ترتيب ما سبق من الذبائح اليومية والتطهيرات بقي من الضروريات أن يكمل بيان ما يتعلق بالخدمة الكاهنية في يوم الكفارة الذي فيه تقدم الذبائح تكفيراً لخطايا الكهنة وخطايا الشعب وكان ذلك يوماً في كل سنة (ع ٣٤). وحسن أن يكون الكلام على يوم التطهير العام على أثر ما ذُكر من تلك التطهيرات الخاصة المختلفة.
بَعْدَ مَوْتِ ٱبْنَيْ هَارُونَ أي بعد موت ناداب وأبيهو ابني هارون الأكبر لأنهما دخلا القدس بطريقة عالمية أي غير مقدّسة وفي غير الوقت المعيّن بمقتضى أوامر الله (انظر ص ١٠: ١ و٢).
٢ «كَلِّمْ هَارُونَ أَخَاكَ أَنْ لاَ يَدْخُلَ كُلَّ وَقْتٍ إِلَى ٱلْقُدْسِ دَاخِلَ ٱلْحِجَابِ أَمَامَ ٱلْغِطَاءِ ٱلَّذِي عَلَى ٱلتَّابُوتِ لِئَلاَّ يَمُوتَ، لأَنِّي فِي ٱلسَّحَابِ أَتَرَاءَى عَلَى ٱلْغِطَاءِ».
خروج ٣٠: ١٠ وص ٢٣: ٢٧ وعبرانيين ٩: ٧ و١٠: ١٩ خروج ٢٥: ٢٢ و٤٠: ٣٤ و١ملوك ٨: ١٠ و١١ و١٢
أَنْ لاَ يَدْخُلَ كُلَّ وَقْتٍ حذّر موسى أخاه هارون الحبر الأعظم من مثل مصاب ابنيه الأكبرين ناداب وأبيهو بأن لا يدخل قدس الأقداس كل وقت بل أن لا يدخله إلا مرة واحدة في السنة في يوم الكفارة. وعلّم موسى هارون كل ما يجب في ذلك لأنه أمام كل من يخلفوه في الرتبة الحبرية العليا لكي يعلمها غيره حتى متى قضي عليه يكون خليفته محكماً معرفة ما يتعلق بالخدمة الهيكلية فلا يقع عليه أيضاً ما وقع على ذينك ولكي يكون الرب مسروراً بخدمته. وقد تلقى علماء الناموس هذا التعليم وأمعنوا فيه النظر وقطعوا بأهميته واحترزوا فيه من كل مخالفة. ولذلك كانوا في مدة الهيكل الثاني إذا أرادوا إقامة خلف للكاهن الأعلى يدربون المنتخب كل التدريب في أمور تلك الخدمة المقدسة فكان يجتمع إيمة مجمع السبعين المعروف عندهم بالسنهدريم ويبينون للخلف كل القوانين المتعلقة بتلك الخدمة أحسن تبيين. وكان الكاهن الأعلى يعتزل امرأته سبعة أيام قبل يوم الكفارة ويقيم مدة تلك الأيام بمخدع في الهيكل لئلا يمس شيئاً دنساً أو ما يمنعه من القيام بواجباته الكاهنية. ويقرأ له الشيوخ الذين هم نواب المجمع المذكور أو ممثلوه الرسوم المذكورة في هذا الأصحاح ويستعملها أمامهم ليعرف أنه أحكم معرفتها واستعمالها. وكانوا يشغلون بذلك كل الليلة التي قبل يوم الكفارة لكي يسهر الكاهن إلى الصباح خوفاً من أن يتدنس بشيء من الأحلام إذا نام أو بشيء غيرها من حوادث الليل. وكان عليه أن يقرأ في ساعات الظلام سفر أيوب وسفر دانيال وسفر عزرا وسفري أخبار الأيام وإذا لم يستطع قراءتها قرأها له الشيوخ. وكانوا يجلسون الكهنة حوله لينبهوه إذا رأوه مائلاً إلى النوم فينهضونه بأيديهم ويجعلونه يمشي على البلاط البارد. ومتى حقق الكاهن الذي هو رئيس الكهنة الثلاثة عشر المعنيين لترتيب أمور الخدمة في القدس طلوع الصباح أمر بنقل الرماد عن مذبح النحاس ومتى صار وقت تقديم ذبائح الصباح قادوا الحبر الأعظم إلى المغتسل فغسل كل جسمه بأن غاص في الماء.
إِلَى ٱلْقُدْسِ المقصود بهذا القدس «قدس الأقداس» بدليل ما أتصل به من المقيدات وهي قوله «داخل الحجاب أمام الغطاء الذي على التابوت». وجاء القدس بمعنى قدس الأقداس في غير هذا الجزء من هذا الأصحاح (انظر ع ٣ و١٦ و١٧ و٢٠ و٢٧).
أَمَامَ ٱلْغِطَاءِ ٱلَّذِي عَلَى ٱلتَّابُوتِ أي لا يدخل إلى أمام الغطاء الخ (وتُرجم «الغطاء» في التوراة الإنكليزية بمجلس الرحمة وهو في الأصل العبراني «كفرة» «כפרת» ومعناها الغطاء وهي من كفر أي غطى وستر كما هو المعنى بالعربية ولعلهم سموا ذلك الغطاء بمجلس الرحمة لأن الله كان يعلن إمارات رحمته عليه). قال الفريسيون بناء على هذه الآية إن الكاهن الأعلى مع أنه غير بعيد من التابوت كان التابوت محجوباً عنه بالبخور الذي كان على الجمر المتوقد في قدس الأقداس نفسه (انظر ع ١٢ و١٣). أما الصدوقيون فرأوا أن يوضع البخور على الجمر الذي في الدار لأن عمل الخدمة لا يحسن أن يكون أمام الرب ولأن الكاهن بدون ذلك يستطيع أن يرى التابوت شيئاً.
لأَنِّي فِي ٱلسَّحَابِ أَتَرَاءَى أي لأن الرب يظهر على الغطاء أو مجلس الرحمة بين الكروبين في سحابة مضيئة تدل على حضور الرب (انظر خروج ٢٥: ٢٢). فما كان للكاهن أن يقرب الغطاء حتى في هذه الحال الموصوفة هنا. وأما الصدوقيون ففسروا ذلك بقولهم «إنما في سحابة البخور أرى على الغطاء»أي في مثل السحاب الصاعد عن البخور المحترق الذي يحرقه الكاهن أمام مدخل قدس الأقداس فيحجب الإله عند حضوره.
٣ «بِهٰذَا يَدْخُلُ هَارُونُ إِلَى ٱلْقُدْسِ: بِثَوْرِ ٱبْنِ بَقَرٍ لِذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ، وَكَبْشٍ لِمُحْرَقَةٍ».
عبرانيين ٩: ٧ و١٢ و٢٤ و٢٥ ص ٤: ٣
بِهٰذَا يَدْخُلُ هَارُونُ أي بالذبائح الآتية وما يتعلق بها من الرسوم يقترب من المكان الأقدس وبعد أن يكون قد قدم ذبيحة الصباح اليومية وقام بالخدمة اليومية العادية. وكان الحبر الأعظم مدة قيامه بخدمة الصباح في أيام المسيح يلبس حلة ذهبية ثم يبدلها بثياب بيضاء قبل أن يشرع في الرسوم المعيّنة لذلك اليوم.
بِثَوْرِ ٱبْنِ بَقَرٍ (زاد ابن بقر لتأكيد التعيين) كان يجب أن يكون هذا الثور ابن السنة الثانية (انظر خروج ٢٩: ١). وكان على الكاهن أن يشتريه بفضته لأنه كان ذبيحة عن خطية نفسه فإن الكاهن الأعلى كان خاطئاً كسائر الناس محتاجاً إلى رحمة الله ومغفرته. وإذ كان في المنزلة العليا كان عليه أن يقدم ثمن الذبائح.
٤ «يَلْبَسُ قَمِيصَ كَتَّانٍ مُقَدَّساً، وَتَكُونُ سَرَاوِيلُ كَتَّانٍ عَلَى جَسَدِهِ، وَيَتَنَطَّقُ بِمِنْطَقَةِ كَتَّانٍ، وَيَتَعَمَّمُ بِعِمَامَةِ كَتَّانٍ. إِنَّهَا ثِيَابٌ مُقَدَّسَةٌ. فَيَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ وَيَلْبَسُهَا».
خروج ٢٨: ٣٩ و٤٢ و٤٣ وص ٦: ١٠ وحزقيال ٤٤: ١٧ و١٨ خروج ٣٠: ٢٠ وص ٨: ٦ و٧
يَلْبَسُ قَمِيصَ كَتَّانٍ مُقَدَّساً مواد الثياب الأربعة المذكورة هنا كانت من الكتان الأبيض النقي وكانت هذه الثياب الكتانية صنفين أحدهما كتان مصري والآخر كتان هندي وهذا أرخص من ذاك. وكان للكاهن أن يشتري تلك الثياب بثمن غايته ثلاثون منا (والمنا خمسون شاقل) من مال الشعب وله أن يزيد على ذلك ما شاء من ماله إن أراد أفخر الثياب. وان ذلك الكتان مبروم الخيوط كل خيط من ست قوى. وكان كتان مصر غالياً كثيراً. وكان يلبس الثياب المصنوعة من هذا الكتان الثمين حين كان يدخل قدس الأقداس ليوقد البخور. وكانت صورة أثوابه كصورة أثواب سائر الكهنة سوى أن العمامة كانت أطول قليلاً.
فَيَرْحَضُ أي يغسل. كان على الكاهن أن يغتسل كلما غيّر أثوابه.
٥ «وَمِنْ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَأْخُذُ تَيْسَيْنِ مِنَ ٱلْمَعْزِ لِذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ، وَكَبْشاً وَاحِداً لِمُحْرَقَةٍ».
ص ٤: ١٤ وعدد ٢٩: ١١ و٢أيام ٢٩: ٢١ وعزرا ٦: ١٧ وحزقيال ٤٥: ٢٢ و٢٣
تَيْسَيْنِ مِنَ ٱلْمَعْزِ كان يقرب هذين التيسين عن الجماعة لأنه كان الوسيط بينهم وبين الله (بالمعنى الرمزي لأنه كان رمزاً إلى الحبر الأعظم الحقيقي الذي هو الوسيط بين الله والناس حقيقة). وكان هذان التيسان والكبش الذي ذُكر بعدهما يشتريها اليهود من مال الجماعة قبل يوم الكفارة لأنها تقدمة كفارة لجميع الخطايا. وعُرف في مدة الهيكل الثاني أن ذينك التيسين كانا متساويين في القيمة والمقدار واللون. وكانوا إذا مات أحدهما قبل يوم الكفارة أو قبل التقدمة اشتروا تيسين آخرين متساويين في ما ذُكر.
٦ «وَيُقَرِّبُ هَارُونُ ثَوْرَ ٱلْخَطِيَّةِ ٱلَّذِي لَهُ، وَيُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ بَيْتِهِ».
ص ٩: ٦ وعبرانيين ٥: ٢ و٧: ٢٧ و٢٨ و٩: ٧
وَيُقَرِّبُ هَارُونُ أي يأتي به إلى القرب كما تفيد الكلمة لغة (انظر ع ٩ و١١) لأن التقريب بمعنى الذبح كان على أثر ذلك بعد إلقاء القرعتين كما ذُكر في (ع ١١).
عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ بَيْتِهِ أي كفارة لخطاياه وخطايا أهله وأولاده وسائر الكهنة لأنهم كلهم أبناء هارون. وكان هذا الرسم مقدساً جداً في مدة الهيكل الثاني وكان يقف الكاهن الأعلى حذاء الذبيحة التي بين الرواق وجهة المذبح الشرقية وهو في الثياب البيضاء ووجهه إلى المغرب ويضع يديه على الذبيحة ويعترف بخطاياه أمام الله بصوت مسموع ويتلو الشعب ما يقوله على الأثر وهو أيها الرب إني قد خطئت وأثمت وعصيت أمامك أنا وبيتي فيا رب أسألك أن تغفر (أو تكفر) خطاياي وآثامي ومعاصي التي ارتكبتها أمامك أنا وبيتي بناء على ما كُتب في ناموس موسى عبدك لأنه في ذلك اليوم يكفر عنكم ويغسلكم من كل خطاياكم. فيقول الشعب «مبارك اسم ملكوته الجديد إلى الدهر والأبد». ثم يكرر الكاهن الاعتراف ذاكراً فيه أولاد هارون شعب الله المقدس (انظر ع ١١ والتفسير).
٧ «وَيَأْخُذُ ٱلتَّيْسَيْنِ وَيُوقِفُهُمَا أَمَامَ ٱلرَّبِّ لَدَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ».
وَيَأْخُذُ ٱلتَّيْسَيْنِ كان الكاهن في تقديمه ذبيحة الخطية عن نفسه يساعده كاهنان رئيسان فيأتي هو إلى شمالي المذبح ويقف أحد الكاهنين وهو أرفعهما وثاني الحبر الأعظم على يمينه ويقف الآخر وهو كاهن من رؤوس الآباء (١أيام ٢٤: ٦) على شماله ويوجهوا وجهي التيسين إلى الغرب حيث قدس الأقداس وتجلي المجد والعظمة الإلهية على طريق خاصة.
٨ «وَيُلْقِي هَارُونُ عَلَى ٱلتَّيْسَيْنِ قُرْعَتَيْنِ: قُرْعَةً لِلرَّبِّ وَقُرْعَةً لِعَزَازِيلَ».
وَيُلْقِي هَارُونُ عَلَى ٱلتَّيْسَيْنِ قُرْعَتَيْنِ كانوا يلقون القرعة بلوحين صغيرين من البقس أو الأبنوس وكانا في مدة الهيكل الثاني من الذهب يُحفظان في صندوق من الخشب مكتوب على أحدهما بالحفر «للرب» (ليهواه) وعلى الآخر «لعزازيل». وكان الكاهن الأعظم بعد أن يهز الصندوق يضع يديه فيه من دون أن يرى اللوحين ويأخذ بكل منهما لوحاً ويضع اللوح الذي في يمناه على التيس الذي في الجانب الأيمن واللوح الذي في يسراه على التيس الذي في الجانب الأيسر. فإذ كان اللوح المكتوب عليه «للرب» في يمناه قال الكاهن الرئيس الذي على يمناه «ارفع يمينك إلى العلى». وإذا كان ذلك اللوح في يسراه قال الكاهن الرئيس الذي من رؤوس الآباء الواقف على يسراه «ارفع يسراك». وعندما يضع الكاهن اللوحين على التيسين يقول «للرب ذبيحة خطية».
وَقُرْعَةً لِعَزَازِيلَ لم يُذكر عزازيل في سوى هذا الأصحاح والمرجح أن معناه الشيطان المعزول أو المنفي رئيس الأرواح الشريرة الذي يشغل مع جنوده الأماكن الخربة والمواضع المهجورة (قابل بهذا ما في إشعياء ١٣: ٢١ و٣٦: ١٤ ومتّى ١٢: ٤٣ ولوقا ١١: ٢٤ ورؤيا ١٨: ٢). فإنه كثيراً ما عبر عن مغفرة الخطايا في الكتاب المقدس بإبعادها إلى أقاصي الأرض وإلى أعماق البحار (ميخا ٧: ١٩ ومزمور ١٠٣: ١٢). ولا شيء يؤثر في الشعب مثل إدراكهم المغفرة المطلقة بإرسال التيس حاملاً خطاياهم إلى البرية حيث يسكن رئيس الظلمة فيحمل الخطايا إلى أصل كل خطيئة.
٩ «وَيُقَرِّبُ هَارُونُ ٱلتَّيْسَ ٱلَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ ٱلْقُرْعَةُ لِلرَّبِّ وَيَعْمَلُهُ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ».
وَيُقَرِّبُ هَارُونُ ٱلتَّيْسَ ٱلَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ ٱلْقُرْعَةُ لِلرَّبِّ كان يجب تقدمة هذا التيس وإرسال تيس عزازيل على أثر إلقاء القرعة وكان يميز كل منهما عن الآخر بعلامة فكانت علامة الذي للرب خيطاً أحمر من الصوف يوضع في رقبته وعلامة الذي لعزازيل خيطاً قرمزياً يُربط به رأسه أو قرناه.
وَيَعْمَلُهُ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ أي يعيّن أنه هو ذبيحة الخطية (انظر ع ٦) ويذبحه بعد لفظه العبارة المتعلقة بالتقدمة على ما عرفت (انظر تفسير ع ٦).
١٠ «وَأَمَّا ٱلتَّيْسُ ٱلَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ ٱلْقُرْعَةُ لِعَزَازِيلَ فَيُوقَفُ حَيّاً أَمَامَ ٱلرَّبِّ، لِيُكَفِّرَ عَنْهُ لِيُرْسِلَهُ إِلَى عَزَازِيلَ إِلَى ٱلْبَرِّيَّةِ».
١يوحنا ٢: ٢
وَأَمَّا ٱلتَّيْسُ ٱلَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ ٱلْقُرْعَةُ لِعَزَازِيلَ وهو الذي علامته خيط قرمزي مربوط به رأسه أو قرناه فكانوا يرسلونه من موقفه إلى حيث الشيطان بعد أن يوقفوه حياً أمام مسكن الرب.
لِيُكَفِّرَ عَنْهُ أي ليقدسه ليكون موافقاً للعمل المقدس الذي قام به وهو نقله الخطايا إلى علة كل خطية وإثم وهو رئيس الأرواح الخبيثة (انظر ع ١٦ و١٨).
١١ «وَيُقَدِّمُ هَارُونُ ثَوْرَ ٱلْخَطِيَّةِ ٱلَّذِي لَهُ وَيُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ بَيْتِهِ، وَيَذْبَحُ ثَوْرَ ٱلْخَطِيَّةِ ٱلَّذِي لَهُ».
وَيُقَدِّمُ هَارُونُ ثَوْرَ ٱلْخَطِيَّةِ كان عليه بعد أن يقدّم الثور ذبيحة خطية عن نفسه وأحد التيسين عن خطايا الشعب وإرسال التيس الآخر إلى عزازيل (ع ٧ – ١٠) أن يرجع إلى ذبيحة الخطية عن نفسه ثانية ويضع يديه أيضاً على الذبيحة ويكرر الاعتراف بخطاياه وخطايا بيته وكل الكهنة كما ذُكر في (ع ٦).
وَيُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ بَيْتِهِ فيكفر عن نفسه أولاً ثم يكفر عن الشعب (قابل هذا بما في عبرانيين ٥: ٣ و٩: ٧).
وَيَذْبَحُ ثَوْرَ ٱلْخَطِيَّةِ كان على الحبر الأعظم إذا قدّم ذبيحة الخطية عن نفسه أن يذبحها بيده كما يفعل العامي ولا يجوز له أن يكل ذلك إلى غيره (انظر ص ١: ٥) ويأخذ الدم في إناء الرش ويعطيه كاهناً آخر يضربه لكي لا يجمد في أثناء التبخير.
١٢ «وَيَأْخُذُ مِلْءَ ٱلْمَجْمَرَةِ جَمْرَ نَارٍ عَنِ ٱلْمَذْبَحِ مِنْ أَمَامِ ٱلرَّبِّ، وَمِلْءَ رَاحَتَيْهِ بَخُوراً عَطِراً دَقِيقاً وَيَدْخُلُ بِهِمَا إِلَى دَاخِلِ ٱلْحِجَابِ».
ص ١٠: ١ وعدد ١٦: ١٨ و٤٦ ورؤيا ٨: ٥ خروج ٣٠: ٣٤
وَيَأْخُذُ مِلْءَ ٱلْمَجْمَرَةِ جَمْرَ نَارٍ كان الكاهن بعد أن يذبح الثور وقبل أن يرش دمه يأخذ مجمرة من ذهب ويملأها جمر نار ويأخذ النار من نار المذبح الدائمة أي نار مذبح النحاس على القرب من جهة قدس الأقداس ويتقدم إلى تابوت العهد حيث مسكن الرب وهذا معنى قوله «أمام الرب».
وَمِلْءَ رَاحَتَيْهِ بَخُوراً ومتى أخذ ملء راحتيه من البخور النقي وأمسك بيمناه المجمرة وبيسراه القدح الذي فيه البخور يدخل إلى وراء حجاب قدس الأقداس الثاني ويدنو من تابوت العهد ويضع المجمرة بين لوحيه. وكان الكاهن الأعلى في مدة الهيكل الثاني يقف وراء حجر أُقيم مقام التابوت ويضع المجمرة عليه.
١٣ «وَيَجْعَلُ ٱلْبَخُورَ عَلَى ٱلنَّارِ أَمَامَ ٱلرَّبِّ، فَتُغَشِّي سَحَابَةُ ٱلْبَخُورِ ٱلْغِطَاءَ ٱلَّذِي عَلَى ٱلشَّهَادَةِ فَلاَ يَمُوتُ».
خروج ٣٠: ١ و٧ و٨ وعدد ١٦: ٧ و١٨ و٤٦ ورؤيا ٨: ٣ و٤ خروج ٢٥: ٢١
وَيَجْعَلُ ٱلْبَخُورَ كان الكاهن الأعلى يضع البخور على الجمر الذي في المجمرة في قدس الأقداس ويبقى هنالك حتى يمتلئ المكان بدخان البخور ويحيط بالغطاء والكروبين ثم يترك قدس الاقداس ويخرج ووجهه نحو المكان المقدس ومتى خرج من وراء الحجاب الثاني وبلغ القدس فاه بالصلاة الآتية وهي ما ترجمته «لترض أيها الرب إلهي أن تكون هذه السنة سنة مطر وخصب وأن لا يموت رؤساء بيت يهوذا ولا يكون شعبك في حاجة لكي لا يسأل الخبز إلى آخر أو إلى الغرباء ولا تسمع صلاة المسافرين» (لأنهم يسألون الله أن يمسك المطر).
١٤ «ثُمَّ يَأْخُذُ مِنْ دَمِ ٱلثَّوْرِ وَيَنْضِحُ بِإِصْبِعِهِ عَلَى وَجْهِ ٱلْغِطَاءِ إِلَى ٱلشَّرْقِ. وَقُدَّامَ ٱلْغِطَاءِ يَنْضِحُ سَبْعَ مَرَّاتٍ مِنَ ٱلدَّمِ بِإِصْبِعِهِ».
ص ٤: ٥ وعبرانيين ٩: ١٣ و٢٥ و١٠: ٤ ص ٤: ٦
يَأْخُذُ مِنْ دَمِ ٱلثَّوْرِ عندما يترك القدس ويرجع إلى الدار حيث وقف الكاهن بالإناء الذي فيه دم العجل يضربه لكي لا يجمد (انظر تفسير ع ١١) فيأخذه الحبر الأعظم ويرجع إلى قدس الأقداس إلى حيث وقف أولاً.
وَيَنْضِحُ بِإِصْبِعِهِ كان الكاهن الأعظم في مدة الهيكل الثاني يرش مرة إلى فوق وسبع مرات إلى تحت حتى تصير النقط الثماني خطاً متصلاً على الأرض وكان عليه أن يعد قطرات الدم على التوالي فيقول واحد اثنان ثلاثة الخ خوفاً من أن يغلط.
١٥ «ثُمَّ يَذْبَحُ تَيْسَ ٱلْخَطِيَّةِ ٱلَّذِي لِلشَّعْبِ، وَيَدْخُلُ بِدَمِهِ إِلَى دَاخِلِ ٱلْحِجَابِ. وَيَفْعَلُ بِدَمِهِ كَمَا فَعَلَ بِدَمِ ٱلثَّوْرِ: يَنْضِحُهُ عَلَى ٱلْغِطَاءِ وَقُدَّامَ ٱلْغِطَاءِ».
عبرانيين ٢: ١٧ و٥: ٢ و٩: ٧ و٢٩ ع ٢ وعبرانيين ٦: ١٩ و٩: ٣ و٧ و١٢
ثُمَّ يَذْبَحُ تَيْسَ ٱلْخَطِيَّةِ كان الكاهن الأعظم على أثر عمل الاستغفار لنفسه وللكهنة الذي يتم برش الدم يترك قدس الأقداس على أسلوب تركه إياه قبلاً (انظر تفسير ع ١٣) ويضع إناء الدم على مستقر من ذهب في الهيكل معد لهذا المقصد ويرجع إلى الدار إلى مذبح البخور ويذبح التيس على الجانب الشمالي من المذبح الذي وقعت عليه القرعة للرب والذي كان تقدمة خطية عن الشعب وكما فعل في تقدمة الثور عن نفسه يفعل في هذه فيجمع الدم في إناء ويدخل به قدس الأقداس ثالثة ويقف على الموضع الذي وقف عليه أولاً ويرش ويحسب كا ذُكر في تفسير (ع ١٤) ويرجع إلى القدس ويضع الإناء على مستقر آخر.
١٦ «فَيُكَفِّرُ عَنِ ٱلْقُدْسِ مِنْ نَجَاسَاتِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَمِنْ سَيِّئَاتِهِمْ مَعَ كُلِّ خَطَايَاهُمْ. وَهٰكَذَا يَفْعَلُ لِخَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ ٱلْقَائِمَةِ بَيْنَهُمْ فِي وَسَطِ نَجَاسَاتِهِمْ».
خروج ٢٩: ٣٦ وحزقيال ٤٥: ١٩ وعبرانيين ٩: ٢٢ و٢٣
فَيُكَفِّرُ عَنِ ٱلْقُدْسِ إن آثام الإسرائيليين مدة السنة لم تقتصر على تنجيسهم بل نجست القدس وآنيته لأنها بينهم ولذلك كان الحبر الأعظم مدة الهيكل الثاني يمزج دم الثور بدم التيس ويخرج إلى القدس للنظر في أمره وتقديسه.
وَهٰكَذَا يَفْعَلُ لِخَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ بعد أن يقدس القدس كانت تقدس الخيمة أو دار القدس التي يجتمع فيها الإسرائيليون أي ان الكاهن الأعظم نفسه كان يرش الدم على الدار ومذبح المحرقة ثماني مرات وذلك الدم الذي يرشه دم الثور ودم التيس.
١٧ «وَلاَ يَكُنْ إِنْسَانٌ فِي خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ مِنْ دُخُولِهِ لِلتَّكْفِيرِ فِي ٱلْقُدْسِ إِلَى خُرُوجِهِ. فَيُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ بَيْتِهِ وَعَنْ كُلِّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ».
خروج ٣٤: ٣ ولوقا ١: ١٠
وَلاَ يَكُنْ إِنْسَانٌ الخ لما كان الكاهن الأعظم يأخذ في التطهير لم يكن يؤذن لغيره من الإسرائيليين والكهنة أنفسهم أن يكون حاضراً. فكان ذلك الكاهن وحده في القدس فلم يره أحد كيف يجري رسم التطهير. وكان يأتي ذلك في مساء يوم الكفارة ويستحلفه الكهنة الرؤساء وأعضاء السنهدريم على أنه لا يترك شيئاً من الرسوم المكتوبة والمتواترة في ذلك العمل. وهذه صورة القسَم أو الاستحلاف (نستحلفك بمن أسكن اسمه في بيته أنك لا تغير شيئاً من كل ما نقوله لك). وفي هذا إشارة إلى الخلاف بين الفريسيين والصدوقيين لأن بعض رؤساء الكهنة كانوا من الصدوقيين (انظر ع ٢).
١٨ «ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى ٱلْمَذْبَحِ ٱلَّذِي أَمَامَ ٱلرَّبِّ وَيُكَفِّرُ عَنْهُ. يَأْخُذُ مِنْ دَمِ ٱلثَّوْرِ وَمِنْ دَمِ ٱلتَّيْسِ وَيَجْعَلُ عَلَى قُرُونِ ٱلْمَذْبَحِ مُسْتَدِيراً».
خروج ٣٠: ١٠ و٢ ٤: ٧ و١٨ وعبرانيين ٩: ٢٢ و٢٣
ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى ٱلْمَذْبَحِ قال علماء الناموس في زمن الهيكل الثاني أن المقصود بهذا المذبح مذبح الذهب أو مذبح البخور في القدس تجاه قدس الأقداس لأن هذا التكفير كان مرة في السنة في ذلك اليوم (انظر خروج ٣٠: ١٠). ومن ثم كان يطهر ثانية ويشرع في تطهيره من الزاوية الشمالية الشرقية ثم يذهب إلى الشمالية الغربية ثم إلى الجنوبية الغربية ثم إلى الجنوبية الشرقية (وكان على كل زاوية قرن ولهذا جاء في المتن القرون بدل الزوايا).
١٩ «وَيَنْضِحُ عَلَيْهِ مِنَ ٱلدَّمِ بِإِصْبِعِهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَيُطَهِّرُهُ وَيُقَدِّسُهُ مِنْ نَجَاسَاتِ بَنِي إِسْرَائِيلَ».
حزقيال ٤٣: ٢٠
يَنْضِحُ يرش بإصبعه اليمنى سبع مرات على منتصف المذبح أو على رأسه ويصب ما بقي على الجانب الغربي والجنوب الغربي من المذبح وكان ذلك المصبوب يجري في قناة إلى وادي قدرون.
٢٠ «وَمَتَى فَرَغَ مِنَ ٱلتَّكْفِيرِ عَنِ ٱلْقُدْسِ وَعَنْ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ وَعَنِ ٱلْمَذْبَحِ، يُقَدِّمُ ٱلتَّيْسَ ٱلْحَيَّ».
ع ١٦ وحزقيال ٤٥: ٢٠
وَمَتَى فَرَغَ أي متى أكمل بالتكفير عن نفسه وسائر الكهنة والقدس وأنيته أُتي بالتيس الذي لعزازيل وهو التيس الذي في الدار أمام الرب إلى الكاهن ليكمل التفكير عن بني إسرائيل.
٢١ «وَيَضَعُ هَارُونُ يَدَيْهِ عَلَى رَأْسِ ٱلتَّيْسِ ٱلْحَيِّ وَيُقِرُّ عَلَيْهِ بِكُلِّ ذُنُوبِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكُلِّ سَيِّئَاتِهِمْ مَعَ كُلِّ خَطَايَاهُمْ، وَيَجْعَلُهَا عَلَى رَأْسِ ٱلتَّيْسِ، وَيُرْسِلُهُ بِيَدِ مَنْ يُلاَقِيهِ إِلَى ٱلْبَرِّيَّةِ».
إشعياء ٥٣: ٦
وَيَضَعُ هَارُونُ يَدَيْهِ إشارة إلى أنه مقدم على الكهنة والعامة.
وَيُقِرُّ عَلَيْهِ بِكُلِّ ذُنُوبِ كان هذا الاعتراف في مدة الهيكل الثاني هكذا «أيها الرب إن شعبك آل إسرائيل قد خطئ وأثم وعصى كما هو مكتوب في شريعة عبدك موسى» (ص ١٦: ٣٠) يقوله الحبر الأعظم ومتى فرغ منه قال الواقفون في الدار من الكهنة والشعب «مبارك اسم ملكوته المجيد إلى الدهر والأبد» (أو إلى أبد الآبدين).
يَجْعَلُهَا عَلَى رَأْسِ ٱلتَّيْسِ فبذلك ينقل خطايا إسرائيل إلى ذلك التيس ويلتفت إلى الشعب ويقول قد غُفر لكم (أو إنكم طاهرون).
يُرْسِلُهُ بِيَدِ مَنْ يُلاَقِيهِ كان يُرسل ذلك التيس الحامل الخطايا مع رجل معيّن يسبقه أو يقوده إلى البرية مكسن عزازيل فيرد إليه الخطايا التي ارتكبها الشعب في مدة السنة. وقوله «من يلاقيه» يسبق منه إلى الذهن أي إنسان اتفق أن يلاقيه والمقصود الإنسان المعيّن الذي يلاقيه.
٢٢ «لِيَحْمِلَ ٱلتَّيْسُ عَلَيْهِ كُلَّ ذُنُوبِهِمْ إِلَى أَرْضٍ مُقْفِرَةٍ، فَيُطْلِقُ ٱلتَّيْسَ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ».
إشعياء ٥٣: ١١ و١٢ ويوحنا ١: ٢٩ وعبرانيين ٩: ٢٨ و١بطرس ٢: ٢٤
أَرْضٍ مُقْفِرَةٍ أي لا ساكن فيها من الناس.
ٱلْبَرِّيَّةِ هي الأرض المقفرة (اظهر في موضع الإضمار لأن مقتضى الظاهر أن يقول «في أرض مقفرة» يطلق التيس فيها فبدل الظاهر من الضمير للتقرير والتمكين) وأراد بها التي لا يسكنها سوى الأرواح النجسة. والذي يظهر من الآية في بادئ الأمر أن يترك التيس يذهب إلى البرية بنفسه. والذي عُرف مما قاله علماء الناموس في مدة الهيكل الثاني أن ذلك التيس كان يؤخذ إلى البرية ويُقتل. وكان الذي يقوده إلى القفر كاهناً معيناً يأخذه إلى صخرة في القفر اسمها عندهم «زك» وكانت تبعد نحو اثني عشر ميلاً عن أورشليم. وبين تلك الصخرة والمدينة المقدسة عشرة أكواخ أو خيم بين كل والآخر مسافة ميل وبين المدينة والأول ميل وبين الصخرة والآخر ميل أيضاً. وكان في كل كوخ إنسان يرافق قائد التيس من كوخه إلى الكوخ الأخير إلى الصخرة ولكن كان يراقبه سكان ذلك الكوخ ليروا هل يقوم برسوم الشريعة في ذلك. وكانت تلك الصخرة على جبل فكان متى وصل إليها قطع الخيط أو الحبل القرمزي الذي كان رباط التيس قطعتين متساويتين يربط إحداهما إلى الصخرة ويربط بالأخرى قرني التيس ويدفعه من الصخرة على سفح الجبل إلى الحضيض فيبلغ الحضيض قطعاً. ومتى تم ذلك لوّح من في الكوخ الآخر أي الذي هو أقرب إلى الصخرة بنسيجه من الكتان أو راية بيضاء للكوخ المجاور وذاك بمثل ذلك للكوخ الآخر وهلم جراً إلى أن يرى التلويح الكاهن الواقف في دار الهيكل وكان ذلك أنباء بأنه تم على التيس ما عُيّن له.
٢٣ «ثُمَّ يَدْخُلُ هَارُونُ إِلَى خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ وَيَخْلَعُ ثِيَابَ ٱلْكَتَّانِ ٱلَّتِي لَبِسَهَا عِنْدَ دُخُولِهِ إِلَى ٱلْقُدْسِ وَيَضَعُهَا هُنَاكَ».
حزقيال ٤٢: ١٤ و٤٤: ١٩
يَدْخُلُ… إِلَى خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ هذه مرة رابعة لدخول الحبر الأعظم قدس الأقداس في يوم الكفارة. ويدخله حينئذ ليرفع المبخرة وإناء البخور من حيث تركها (انظرع ١٢). وكان عليه قبل أن يأتي ذلك أن يغتسل وأن يخلع ثيابه ويلبس ثياباً بيضاء وكان ذلك من ضروريات الرسوم. وهذا كان آخر أعمال الخدمة التي يأتيها الحبر الأعظم في يوم الكفارة وهو في الثياب البيضاء.
يَضَعُهَا هُنَاكَ كانت تلك الثياب توضع في مخدع في القدس وما كان للكاهن أن يلبسها أيضاً.
٢٤ «وَيَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ فِي مَكَانٍ مُقَدَّسٍ، ثُمَّ يَلْبَسُ ثِيَابَهُ وَيَخْرُجُ وَيَعْمَلُ مُحْرَقَتَهُ وَمُحْرَقَةَ ٱلشَّعْبِ، وَيُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنِ ٱلشَّعْبِ».
ع ٣ و٥
يَرْحَضُ جَسَدَهُ أي يغطس أو يغمس كل جسده في الماء. وكان المغطس أو المغاص على سطح النباء المعيّن لذلك في جوار المسكن المقدس. وكان على ما عُرف من أقوال علماء الناموس والخدمة الكهنوتية في مدة الهيكل الثاني أن هذا العمل يسبق العمل المذكور في الآية السابقة. وكان الحبر الأعظم يقدّم قربان المحرقة عن نفسه وعن الشعب وهو في ثياب مذهبة. وكان يخلع هذه الثياب ويلبس الحلة البيضاء حين يريد الدخول إلى قدس الأقداس ليرفع المبخرة وإناء البخور. وكان يقدم كبشاً من ماله أولاً ثم الكبش الذي يأتي به الشعب ويقدم آخر الكل الذي للشعب وخرافهم الحولية السبعة (قابل بهذا ما في عدد ٢٩: ٨).
٢٥ «وَشَحْمُ ذَبِيحَةِ ٱلْخَطِيَّةِ يُوقِدُهُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ».
ص ٤: ١٠
وَشَحْمُ ذَبِيحَةِ ٱلْخَطِيَّةِ أي شحم أحشاء الثور (انظر ع ٦) وشحم أحشاء التيس (انظر ع ١٥) اللذين هما ذبيحة الخطية. وكذلك كان شحم التيس الذي كان ذبيحة خطية عن الكاهن يحرق على مذبح النحاس في ساحة الدار (انظر ص ٤: ٨ – ١٠).
٢٦ «وَٱلَّذِي أَطْلَقَ ٱلتَّيْسَ إِلَى عَزَازِيلَ يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ، وَبَعْدَ ذٰلِكَ يَدْخُلُ إِلَى ٱلْمَحَلَّةِ».
ص ١٥: ٥
ٱلَّذِي أَطْلَقَ ٱلتَّيْسَ إِلَى عَزَازِيلَ لأن الذي يقود التيس الحامل الخطايا إلى منشئها يتدنس بما يحمله ذلك التيس من الآثام فوجب أن يغسل ثيابه ويغمس كل جسده في الماء قبل أن يدخل المحلة. وكان في مدة الهيكل الثاني يبقى في الكوخ أو الخيمة البعيدة مسافة ميل عن أورشليم إلى المساء ثم يدخل المحلة.
٢٧ «وَثَوْرُ ٱلْخَطِيَّةِ وَتَيْسُ ٱلْخَطِيَّةِ ٱللَّذَانِ أُتِيَ بِدَمِهِمَا لِلتَّكْفِيرِ فِي ٱلْقُدْسِ يُخْرِجُهُمَا إِلَى خَارِجِ ٱلْمَحَلَّةِ، وَيُحْرِقُونَ بِٱلنَّارِ جِلْدَيْهِمَا وَلَحْمَهُمَا وَفَرْثَهُمَا».
ص ٤: ١٢ و٢١ و٦: ٣٠ وعبرانيين ١٣: ١١
ثَوْرُ ٱلْخَطِيَّةِ وَتَيْسُ ٱلْخَطِيَّةِ أي جثث البهائم التي كانت تقدم ذبيحة خطية عن الكهنة والشعب (ع ٥ و٦ و٩ و١١) التي كان يدخل الحبر الأعظم بدمائها إلى قدس الأقداس (انظر ع ١٤ و١٥ وص ٤: ١١ و١٢).
يُخْرِجُهُمَا كان الذين يخرجونها في مدة الهيكل الثاني أربعة رجال يحملونها على عصوين ويطرحونها على محرق خارج أورشليم (انظر ص ٤: ١١). وعلى ذلك جاء في الترجوم الفلسطيني «يخرجهما أيدي الكهنة الشبان على العصوين». وكان الكاهن يأتي هذا العمل على أثر إرسال التيس إلى عزازيل كما ظهر من الآية. وكان الكاهن يقرأ رسوم الكفارة على أثر إحراق الجثث خارج أورشليم الفصول المعيّنة في دار النساء وهي (لاويين ٢٣: ٢٦ وعدد ٢٩: ٧ – ١١) على مسمع الجماعة ويكون الجميع وقوفاً ويلفظ في نهاية القراءة بالبركة ثمانية أشياء (١) الشريعة الإلهية و(٢) الخدمة العامة و(٣) الاعتراف و(٤) مغفرة الخطايا و(٥) أورشليم و(٦) الهيكل و(٧) إسرائيل و(٨) الكهنوت.
٢٨ «وَٱلَّذِي يُحْرِقُهُمَا يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ، وَبَعْدَ ذٰلِكَ يَدْخُلُ إِلَى ٱلْمَحَلَّةِ».
ٱلَّذِي يُحْرِقُهُمَا أي الذي يحملهما ويحرقهما يتنجس بالخطايا التي حملاها فوجب أن يغسل ثيابه ويغتسل.
٢٩ «وَيَكُونُ لَكُمْ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً أَنَّكُمْ فِي ٱلشَّهْرِ ٱلسَّابِعِ فِي عَاشِرِ ٱلشَّهْرِ تُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ، وَكُلَّ عَمَلٍ لاَ تَعْمَلُونَ: ٱلْوَطَنِيُّ وَٱلْغَرِيبُ ٱلنَّازِلُ فِي وَسَطِكُمْ».
ص ٢٣: ٢٧ وعدد ٢٩: ٧ وإشعياء ٥٨: ٣ و٥ ودانيال ١٠: ٣ و١٢
فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً أي أمر يجب على الإسرائيليين مراعاته ما داموا. والمقصود بهذه الفريضة الأبدية ما في هذه الآية والتي بعدها.
ٱلشَّهْرِ ٱلسَّابِعِ فِي عَاشِرِ ٱلشَّهْرِ وهو الشهر المسمى عندهم تشري الموافق لأيلول عندنا. وهو شهر الاحتفالات العظيمة ففي اليوم الأول منه احتفال الهتاف بالبوق (ص ٢٣: ٢٤) والعاشر منه يوم الكفارة والرابع عشر منه عيد المظال ومدته ثمانية أيام.
تُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ يظهر من نبوءة إشعياء أن المقصود بتذليل النفس الصوم (إشعياء ٥٨: ٣ و٥ و١٠). وقد أوضح المرنم ذلك أحسن إيضاح بقوله «أذللت بالصوم نفسي» (مزمور ٣٥: ١٣). وهذا هو الصوم العام الوحيد الذي سُنّ في شريعة موسى. وكانوا يعتزلون فيه الطعام والشراب وغسل الرأس ودهنه والعلاقات الزوجية ولبس الأحذية وكل ما يدل على الفرح على ما عُرف في مدة الهيكل الثاني. وكان على من أكل أو شرب سهواً أن يقدم ذبيحة خطية وإذا أكل ولو تمرة أو شرب ولو نغبة عمداً دنّس الشريعة ووجب قطعه. وكانت مدة هذا الصوم من المساء إلى المساء. ولا يزال اليهود يصومونه كذلك إلى هذا اليوم. وكان يُعفى منه المرضى من النساء والأولاد. وهذا هو الصيام الذي أُشير إليه في أعمال الرسل (أعمال ٢٧: ٩). وقد وُجد في حواشي بعض نسخ سفر الأعمال على قوله «إذ كان الصوم» ما معناه «وهو الصوم في اليوم العاشر من الشهر السابع» (لاويين ٢٣: ٢٧ و٢٩) وقد نهى المسيح تلاميذه عن إتيان الصوم على ما ذُكر فقال «وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صُمْتَ فَٱدْهُنْ رَأْسَكَ وَٱغْسِلْ وَجْهَكَ» (متّى ٦: ١٧) لأن ذلك لم يكن من شريعة الله بل من مختارات علماء الناموس.
كُلَّ عَمَلٍ لاَ تَعْمَلُونَ كان ذلك اليوم كيوم السبت في أنه لا يجوز أن يعمل فيه لكن كان عقاب من يعمل في السبت الرجم ومن يعمل في هذا اليوم القطع.
ٱلْغَرِيبُ ٱلنَّازِلُ فِي وَسَطِكُمْ المقصود بهذا الغريب من هاد من الأمم والتصق بالإسرائيليين (انظر خروج ١٢: ١٩ و١٠: ١٠ والتفسير).
٣٠ «لأَنَّهُ فِي هٰذَا ٱلْيَوْمِ يُكَفِّرُ عَنْكُمْ لِتَطْهِيرِكُمْ. مِنْ جَمِيعِ خَطَايَاكُمْ أَمَامَ ٱلرَّبِّ تَطْهُرُونَ».
مزمور ٥١: ٢ وإرميا ٣٣: ٨ وأفسس ٥: ٢٦ وعبرانيين ٩: ١٣ و١٤ و١٠: ١ و٢ و١يوحنا ١: ٧ و٩
يُكَفِّرُ الفاعل مستتر ضمير يرجع إما إلى الكاهن وإما إلى الرب والأرجح الأول.
تَطْهُرُونَ كانوا يطهرون من الخطايا التي ارتكبوها أمام الرب وأما الخطايا التي كانوا يرتكبونها إلى الناس فما كانت تُغفر في يوم الكفارة ما لم يكونوا قد أرضوا من أخطأوا إليه ونالوا مغفرته. وكل من كان يرتكب الخطايا بناء على أنها تُغفر له في يوم الكفارة لم يكن يُغفر له في ذلك اليوم.
٣١ «سَبْتُ عُطْلَةٍ هُوَ لَكُمْ، وَتُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً».
ص ٢٣: ٣١ و٣٢
سَبْتُ عُطْلَةٍ هُوَ لَكُمْ أي راحة بترك الأعمال وترجم بعضهم الأصل العبراني بسبت السبوت أو راحة الراحات والمقصود الراحة الكاملة وجاءت هذه العبارة ست مرات استُعملت لليوم السابع من الأسبوع (خروج ١٦: ٢٣ و٣١: ١٥ و٣٥: ٢ ولاويين ٢٣: ٣). وليوم الكفارة (ص ١٦: ٣١ و٢٣: ٣٢) وللسنة السبتية وليوم اليوبيل ولم تُستعمل لعيد آخر.
٣٢ «وَيُكَفِّرُ ٱلْكَاهِنُ ٱلَّذِي يَمْسَحُهُ، وَٱلَّذِي يَمْلأُ يَدَهُ لِلْكَهَانَةِ عِوَضاً عَنْ أَبِيهِ. يَلْبَسُ ثِيَابَ ٱلْكَتَّانِ، ٱلثِّيَابَ ٱلْمُقَدَّسَةَ».
ص ٤: ٣ و٥ و١٦ خروج ٢٩: ٢٩ و٣٠ وعدد ٢٠: ٢٦ و٢٨ ع ٤
ٱلَّذِي يَمْسَحُهُ أي الذي يخلفه بواسطة المسحة أي الذي يمسحه الكاهن الأعظم فيكون خليفة له وهو ابنه.
يَمْلأُ يَدَهُ أي يغنيه بميراث الكهنوت لأن الكاهن من أبناء الكهنة يرث أباه. وما كان لابن رئيس الكهنة أي الكاهن الأعلى أن يرث أباه ما لم تكن صفاته حسنة وجسده بلا عيب. وكان الحاكمون بذلك المشائخ أي النواب عن الشعب في المجمع المعروف بالسنهدريم.
ثِيَابَ ٱلْكَتَّانِ هي ثياب الحبر الأعظم المقدسة فيرث لبسها كما يرث الكهنوت.
٣٣ «وَيُكَفِّرُ عَنْ مَقْدِسِ ٱلْقُدْسِ. وَعَنْ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ وَٱلْمَذْبَحِ يُكَفِّرُ. وَعَنِ ٱلْكَهَنَةِ وَكُلِّ شَعْبِ ٱلْجَمَاعَةِ يُكَفِّرُ».
ع ٦ و١٦ و١٧ و١٨ و٢٤
يُكَفِّرُ كما كفّر هارون وكما فُصل في هذا الأصحاح.
٣٤ «وَتَكُونُ هٰذِهِ لَكُمْ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً لِلتَّكْفِيرِ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُمْ مَرَّةً فِي ٱلسَّنَةِ. فَفَعَلَ كَمَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ مُوسَى».
ص ٢٣: ٣١ وعدد ٢٩: ٧ الخ خروج ٣٠: ١٠ وعبرانيين ٩: ٧ و٢٥
فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً (انظر ع ٢٩ وتفسيره). وجاءت هذه العبارة ثلاث مرات في أربع آيات (انظر ع ٢٩ – ٣٤).
فَفَعَلَ أي هارون.
كَمَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ مُوسَى أي قام بكل الرسوم والأعمال الكهنوتية التي أعلنها الرب لبني إسرائيل بواسطة نبيه موسى لتقوم الكهنة بها. وجاء مثل هذه العبارة في الكلام على الفصح (خروج ١٢: ٥). ولهذا قال الله لموسى «كلم هارون أخاك الخ» في أول الأصحاح (ع ١ و٢) فكان المهم في هذا أن يخضع الكهنة لكل ما أمر به الله مما يتعلق بالكهنوت وهو ما أعلنه الرب لموسى.
السابق |
التالي |