سفر اللاويين

سفر اللاويين | 14 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر اللاويين

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلرَّابِعُ عَشَرَ

١ «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى».

وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى خصّص الخطاب في طهارة الأبرص بموسى ليأمر بما تقتضي هارون وابنيه مع أنه خاطب موسى وهارون معاً في الحكم بكون المرض برصاً أو لا (ص ١٣: ١). والمرجّح أن علة ذلك قصد الله إعلان إن موسى هو الذي يُعطى الشريعة وإنه هو معلم الكهنة ومرشدهم.

٢ «هٰذِهِ تَكُونُ شَرِيعَةَ ٱلأَبْرَصِ: يَوْمَ طُهْرِهِ يُؤْتَى بِهِ إِلَى ٱلْكَاهِنِ».

متّى ٨: ٢ و٤ ومرقس ١: ٤٠ و٤٤ ولوقا ٥: ١٢ و١٤ و١٧: ١٤

هٰذِهِ تَكُونُ شَرِيعَةَ ٱلأَبْرَصِ أي إن شريعة الإسرائيليين هي إن الذي يُشفى من البرص منهم يجب أن يُطهر ويُرد إلى الجماعة ويكون له أن يدخل القدس في اليوم الذي يُعلن فيه أنه طاهر.

يُؤْتَى بِهِ إِلَى ٱلْكَاهِنِ أي يُساق من معتزله (انظر ص ١٣: ٤٦) إلى مكان معيّن على تخم المحلة. وهذا الإتيان هو الذي أشار إليه المسيح يوم قال للأبرص الذي شفاه «ٱذْهَبْ أَرِ نَفْسَكَ لِلْكَاهِنِ، وَقَدِّمِ ٱلْقُرْبَانَ ٱلَّذِي أَمَرَ بِهِ مُوسَى» (متّى ٨: ٤).

٣ «وَيَخْرُجُ ٱلْكَاهِنُ إِلَى خَارِجِ ٱلْمَحَلَّةِ. فَإِنْ رَأَى ٱلْكَاهِنُ وَإِذَا ضَرْبَةُ ٱلْبَرَصِ قَدْ بَرِئَتْ مِنَ ٱلأَبْرَصِ».

وَيَخْرُجُ ٱلْكَاهِنُ إلى المكان المعيّن على تخم المحلة لينظر في أمر الأبرص الذي أُتي به إليه ليشهد بأنه حصل على البرء الكامل.

٤ «يَأْمُرُ ٱلْكَاهِنُ أَنْ يُؤْخَذَ لِلْمُتَطَهِّرِ عُصْفُورَانِ حَيَّانِ طَاهِرَانِ، وَخَشَبُ أَرْزٍ وَقِرْمِزٌ وَزُوفَا».

عدد ١٩: ٦ عبرانيين ٩: ١٩ مزمور ٥١: ٧

يَأْمُرُ ٱلْكَاهِنُ أَنْ يُؤْخَذَ أي أن يأخذ الأبرص وفي بعض التراجم أن يأخذوا دفعاً للالتباس الذي بصيغة المفرد. (وهذا موافق للمقصود لأن الذي يأخذ حقيقة غير الأبرص لا الأبرص نفسه).

عُصْفُورَانِ حَيَّانِ من العصافير المعتادة. وجاء في الترجمة الإنكليزية «طائران» وهذا يصدق على العصافير المعتادة وعلى الحمام واليمام لأنها من الطيور الطاهرة (ص ٩). وبمقتضى القانون في أيام الهيكل الثاني كان الذي يؤخذ عصفوران. وعلة هذا التخصيص إن البرص كان يُعتبر عقاباً إلهياً على الوشاية والنميمة والافتراء ومن طبع العصافير أنها لا تفتأ تشقشق. وجاء في الفلغاتا اللاتينية وفي حاشية غيرها «عصفوران حيان» كما في الترجمة العربية.

خَشَبُ أَرْزٍ كان طول الخشبة قدماً ونصف قدم وعمقها ربع قدم (وهو قطر محيطها). وكان يختار هذا الخشب قديماً لخواصه المضادة للفساد. والذي جعله مناسباً للمقصود هنا أنه كان خشب شجر من أرفع الأشجار (عاموس ٢: ٩) وكان رمزاً إلى كبرياء النفس الذي هو برص أدبي.

قِرْمِزٌ المرجّح أنها كانت نسيجة طويلة من صوف قرمزي اللون يُربط بها خشب الأرز والزوفا معاً. وكانت العصابة الصوفية في الأزمنة المتأخرة تزن ثقل الشاقل أو اثنتين وثلاثين حبة شعير وكانت إشارة إلى الطهارة وصحة الدم.

زُوفَا (وفي العبرانية «ازب وأزوب» «אזב» و «אזוב») قال الأنطاكي هو «نبت دون ذراع بجبال المقدس والشام أوراقه كالصعتر البستاني وقضبانه قصبية عقدة في رأس كل واحدة زهرة صفراء» ورُسم الزوفى واسمه في اللغات الأوربية هيسوب فالظاهر إن أصله فيها من أزوب العبرانية. وقال بعضهم أخذ الأوربيون واليونان اسمه من بعض اللغات الشرقية). وكانت القاعدة الإسرائيلية في عصر المسيح على ما حُقق أن يكون مقدار الزوفى قبضة على الأقل وهو ليس بزوفى اليونانية على ما رأى بعضهم ولا بزوفى الرومان بل هو الزوفى البستاني مطلقاً. والمرجّح أن هذا النبت كان رمزاً إلى وضاعة الأبرص. وفي التقاليد القديمة الأرز والزوفى أعلى النباتات وأدناها اتُخذا لتطهير الأبرص. وعلى ذلك أن الكبرياء كانت سبب البرص فهو لا يشفى حتى يتضع المصاب وينزل نفسه منزلة الزوفى من النبات. وكان الأرز والزوفى يحرقان مع البقرة (عدد ١٩: ٦). وكان الزوفى يستعمل دائماً في التطهير (عبرانيين ٩: ١٩) وعلى هذا قول المرنم «طَهِّرْنِي بِٱلزُّوفَا فَأَطْهُرَ» (مزمور ٥١: ٧).

(وفي قاموس الكتاب المقدس للدكتور جورج بوست ما نصه زوفا نبات استُعمل في التطهير (لاويين ١٤: ٤ و٦ و٥١ ومزمور ٥١: ٧) قيل في (١ملوك ٤: ٣٣) الزوفا النابت في الحائط… أما اللفظة العبرانية المترجمة زوفا فمأخوذة من اليونانية وهي نبات غير معروف من الفصيلة الشفوية).

٥ «وَيَأْمُرُ ٱلْكَاهِنُ أَنْ يُذْبَحَ ٱلْعُصْفُورُ ٱلْوَاحِدُ فِي إِنَاءِ خَزَفٍ عَلَى مَاءٍ حَيٍّ».

وَيَأْمُرُ ٱلْكَاهِنُ أَنْ يُذْبَحَ ٱلْعُصْفُورُ ٱلْوَاحِدُ كان الكاهن يأمر الأبرص الذي شُفي بذبح أحسن العصفورين كما عُرف من القانون في زمن الهيكل الثاني. وإذ لم يكن ذبيحة تقدمة كان يُذبح خارج المحلة.

فِي إِنَاءِ خَزَفٍ عَلَى مَاءٍ حَيٍّ كان ذلك الإناء يجب أن يكون جديداً ويُصب فيه ثقل بيضة ونصف بيضة من الماء الحي أي الماء الجاري من ينبوع كماء النهر والعين بخلاف الماء الراكد والماء المالح. وكان يجري دم الذبيح إلى ذلك الماء وهو في الإناء وكان العصفور المذبوح يُدفن أمام الكاهن والمريض الذي شُفي في حفرة تُحفر له في الأرض.

٦ «أَمَّا ٱلْعُصْفُورُ ٱلْحَيُّ فَيَأْخُذُهُ مَعَ خَشَبِ ٱلأَرْزِ وَٱلْقِرْمِزِ وَٱلزُّوفَا وَيَغْمِسُهَا مَعَ ٱلْعُصْفُورِ ٱلْحَيِّ فِي دَمِ ٱلْعُصْفُورِ ٱلْمَذْبُوحِ عَلَى ٱلْمَاءِ ٱلْحَيِّ».

يَغْمِسُهَا مَعَ ٱلْعُصْفُورِ ٱلْحَيِّ كان الكاهن يربط خشب الأرز وقبضة الزوفى بخيط من القرمز إلى جناحي العصفور الحي ممدودين وذنبه ويغمس الأربعة في الدم والماء الذي في الإناء الخزفي.

٧ «وَيَنْضِحُ عَلَى ٱلْمُتَطَهِّرِ مِنَ ٱلْبَرَصِ سَبْعَ مَرَّاتٍ فَيُطَهِّرُهُ، ثُمَّ يُطْلِقُ ٱلْعُصْفُورَ ٱلْحَيَّ عَلَى وَجْهِ ٱلصَّحْرَاءِ».

عبرانيين ٩: ١٣ و٢ملوك ٥: ١٠ و١٤

وَيَنْضِحُ أي يرش. كان الكاهن بعد أن يغمس الزوفى وخشبة الأرز في الدم والماء يرش ذلك المزيج على ظهر يد الأبرص الذي شُفي وجبهته سبع مرات. وان ذلك العدد رمزاً إلى تطهيره الكامل (انظر ص ٤: ٦). وعلى هذا اغتسل نعمان الأبرص سبع مرات في نهر الأردن (٢ملوك ٥: ١٠ و١٤).

ثُمَّ يُطْلِقُ ٱلْعُصْفُورَ ٱلْحَيَّ كان على الكاهن أن يطلق العصفور الحي كما كان عليه أن يطلق الأبرص الذي شُفي. وكان إطلاق العصفور رمزاً إلى تحرير الأبرص الذي شفي من الحجز والمنع من مخالطة الناس فكان حينئذ كالعصفور المطلق يذهب حيث شاء بلا مانع إذ قيل هنا أنه «يطلق العصفور الحي على وجه الصحراء». وفسّر ذلك القدماء إن الكاهن كان عليه أن لا يوجّه وجه العصفور إلى البحر أو المدينة بل إلى البرية. وكان يذخر الخيط القرمزي وخشبة الأرز والزوفى والعصفور الحي إذا أُمسك بعد إطلاقه لتطهير غير ذلك المصاب من البُرص.

٨ «فَيَغْسِلُ ٱلْمُتَطَهِّرُ ثِيَابَهُ وَيَحْلِقُ كُلَّ شَعْرِهِ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ فَيَطْهُرُ. ثُمَّ يَدْخُلُ ٱلْمَحَلَّةَ، لٰكِنْ يُقِيمُ خَارِجَ خَيْمَتِهِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ».

ص ١٣: ٦ ص ١١: ٢٥ و١٥: ٥ عدد ١٢: ١٥

فَيَغْسِلُ ٱلْمُتَطَهِّرُ ثِيَابَهُ لم يكن غسل الثياب خوفاً من العدوى لأن البرص لا يعدي بل كان ذلك من رموز التطهير مطلقاً (انظر ص ٦: ٢٠ و١١: ٢٥ الخ).

يَحْلِقُ كُلَّ شَعْرِهِ أي كل ما على جسده من الشعر ظاهراً ومستوراً. وأمر بمثل هذا اللاويون عند تعيينهم للكهنوت (انظر عدد ٨: ٧).

يُقِيمُ خَارِجَ خَيْمَتِهِ مع أنه سُمح له أن يرجع إلى المحلة أُمر بأن يقيم خارج خيمته سبعة أيام أي لا يخالط أهل بيته إلا بعد مضي أسبوع لئلا تكون المخالطة مما يوهم النجاسة. وتلطف علماء الشريعة بالتعبير عن هذا المعنى بما يقرب مما ذكرناه. وعلى هذا جاء في الترجمة الكلدانية «ويقيم خارج الخيمة من بيت مسكنه ولا يقترب من زوجته سبعة أيام» ومع هذا لم يكن له أن يدخل القدس إلا بعد اليوم السابع (ع ١٠).

٩ «وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلسَّابِعِ يَحْلِقُ كُلَّ شَعْرِهِ. رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ وَحَوَاجِبَ عَيْنَيْهِ وَجَمِيعَ شَعْرِهِ يَحْلِقُ. وَيَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ فَيَطْهُرُ».

وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلسَّابِعِ كان الاستعداد لدخوله القدس في اليوم السابع مبادرة حلقه كل شعره واغتساله ثانية.

يَرْحَضُ جَسَدَهُ اي يغسله. وكان المتطهر من البرص يغتسل في أيام الهيكل الثاني في مغتسل واقع في الشمال الغربي من دار النساء وكان يُعرف يومئذ بمخدع البرص. وجاءت عبارة المتن في ثمانية مواضع من سفر اللاويين (ص ١٤: ٩ و١٥: ١٤ و١٦ و١٦: ٤ و٢٤ و٢٦ و٢٨ و١٢: ٦).

١٠ «ثُمَّ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّامِنِ يَأْخُذُ خَرُوفَيْنِ صَحِيحَيْنِ وَنَعْجَةً وَاحِدَةً حَوْلِيَّةً صَحِيحَةً وَثَلاَثَةَ أَعْشَارِ دَقِيقٍ تَقْدِمَةً مَلْتُوتَةً بِزَيْتٍ وَلُجَّ زَيْتٍ».

متّى ٨: ٤ ومرقس ١: ٤٤ ولوقا ٥: ١٤ ص ٢: ١ وعدد ١٥: ١٤ و١٥

ثُمَّ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّامِنِ مع أنه كان له أن يعاشر أهله وأصحابه وأصدقاءه لم يكن له أن يدخل القدس إلا في اليوم الثامن. وكان عليه أن يدخله بثلاث ذبائح ذبيحة الإثم وذبيحة الخطية وذبيحة المحرقة. وكان خروف المحرقة يجب أن يكون بلا عيب (ص ١: ٣) وأن يكون أيضاً حولياً أي ابن سنة (ص ١٢: ٦).

ثَلاَثَةَ أَعْشَارِ دَقِيقٍ تَقْدِمَةً كان عليه أن يقدم مع كل من الذبائح الثلاث تقدمة طعامية هي عشر الإيفة (ويُعرف بالعمر أيضاً) من الدقيق أي الطحين. والعُمر ذكر في (خروج ١٦: ٣٦) إنه عُشر الإيفة وهو يسع من الدقيق ما ثقله ٤٣ بيضة وخُمس البيضة. وقال علماء الناموس في عصر الهيكل الثاني إن الثلاثة الأعشار المذكورة هنا كانت بدلاً من التقدمة الشرابية التي كان يجب أن تصحب الذبيحتين الاستغفاريتين وفُصل الكلام على التقدمة الطعامية في (ص ١١: ١ – ٤ والتفسير هناك).

لُجَّ زَيْتٍ كان الزيت يُرش سبع مرات أمام الرب لتقديس اليد والرجل والرأس من الأبرص الذي شُفي (انظر ع ١٥ الخ). وذُكر اللج في هذا الفصل أربع مرات (ع ١٠ و١٢ و١٥ و٢١) ولم يُذكر فيغير هذه المواضع من الأسفار العبرانية. والذي عُرف من علماء الناموس في زمن الهيكل الثاني ومن المسيح إن اللج يساوي ثقل ست بيضات من بيض الدجاج.

١١ «فَيُوقِفُ ٱلْكَاهِنُ ٱلْمُطَهِّرُ ٱلإِنْسَانَ ٱلْمُتَطَهِّرَ وَإِيَّاهَا أَمَامَ ٱلرَّبِّ لَدَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ».

أَمَامَ ٱلرَّبِّ لَدَى بَابِ الخ لما كانت الذبائح لم تقدم لم يكن للأبرص الذي شُفي أن يدخل القدس أو دار الإسرائيليين. ولذلك كان الكاهن الذي يتولى الخدمة مدة الهيكل الثاني يقوم بعمل التطهير والأبرص قرب باب نيكانور بين دار النساء ودار إسرائيل فيقف الأبرص هنالك ووجهه إلى القدس وهذا المقصود بقوله «أمام الرب» أي أمام قدسه. ومعنى قوله «لدى باب خيمة الاجتماع» مدخل تلك الخيمة (انظر ص ١: ٣).

١٢ «ثُمَّ يَأْخُذُ ٱلْكَاهِنُ ٱلْخَرُوفَ ٱلْوَاحِدَ وَيُقَرِّبُهُ ذَبِيحَةَ إِثْمٍ مَعَ لُجِّ ٱلزَّيْتِ. يُرَدِّدُهُمَا تَرْدِيداً أَمَامَ ٱلرَّبِّ».

ص ٥: ٦ و١٨ و٦: ٦ و٧ خروج ٢٩: ٢٤

يُقَرِّبُهُ ذَبِيحَةَ إِثْمٍ إن الأبرص كان مُعاقباً عقاباً إلهياً على إثمه ولذلك كان عليه أن يقرب «ذبيحة إثم» ويوجد فرق بين رسوم تقدمة ذبيحة الإثم عن الأبرص ورسوم تقدمة ذبيحة الإثم العادية (انظر ص ٥: ١٦ الخ) فإن في ذبيحة الإثم في هذه الآية لم يقتصر على تقديم الزيت مع الذبيحة بل كان أيضاً يردده الكاهن هو والذبيحة ولم يكن مثل هذا في ذبيحة الإثم وذبيحة الخطية المعتادتين. ولم تردد الذبيحة كلها أمام الرب إلا هنا أي في ذبيحة الإثم عن الأبرص.

١٣ «وَيَذْبَحُ ٱلْخَرُوفَ فِي ٱلْمَوْضِعِ ٱلَّذِي يَذْبَحُ فِيهِ ذَبِيحَةَ ٱلْخَطِيَّةِ وَٱلْمُحْرَقَةَ فِي ٱلْمَكَانِ ٱلْمُقَدَّسِ، لأَنَّ ذَبِيحَةَ ٱلإِثْمِ كَذَبِيحَةِ ٱلْخَطِيَّةِ لِلْكَاهِنِ. إِنَّهَا قُدْسُ أَقْدَاسٍ».

خروج ٢٩: ١١ و ص ١: ٥ و١١ و٤: ٤ و٢٤ وص ٧: ٧ ص ٢: ٣ و٧: ٦ و٢١: ٢٢

يَذْبَحُ ٱلْخَرُوفَ كان هذا الخروف يُذبح على الجانب الشمالي من المذبح (انظر ص ١: ٥). وإذ كان لا يؤذن للأبرص الذي شُفي أن يدخل الدار كان غيره ينوب عنه في ذبح الخروف وهم أناس معينون لذلك. وعلى هذا جاء في الترجمة الكلدانية المنسوبة إلى يوناثان بن عزيئيل «ويذبح الذابحون الخروف». وكان مقدم الذبيحة يضع يديه على رأسها قبل أن تُذبح (انظر ص ١: ٤) ولذلك كان الناقِه (أي الأبرص الذي شُفي) إذ لا يقدر أن يأتي ذلك عند المذبح يؤتى بالذبيحة إليه وهو عند الباب باب نيكانور يضع يديه على رأسها. وفي هذا الموقف كان إتمام التطهير للمصاب بنزف الدم وللمرأة التي تقدم الذبيحة بعد الولادة (انظر ص ١٢: ٦).

فِي ٱلْمَوْضِعِ ٱلَّذِي يَذْبَحُ فِيهِ ذَبِيحَةَ ٱلْخَطِيَّةِ أي في دار القدس على الجانب الشمالي من المذبح (انظر ص ١: ١١ و٦: ٢٥) وذلك أقدس من الموضع الذي كان الناقِه يقف فيه.

كَذَبِيحَةِ ٱلْخَطِيَّةِ كان لحم هاتين الذبيحتين أجرة غير عادية للكاهن القائم بالخدمة وكان لا يباح أكلها إلا له وللذكور من أهل بيته في دار القدس لأن هاتين الذبيحتين من أقدس الذبائح (انظر ص ٦: ١٨).

١٤ «وَيَأْخُذُ ٱلْكَاهِنُ مِنْ دَمِ ذَبِيحَةِ ٱلإِثْمِ وَيَجْعَلُ ٱلْكَاهِنُ عَلَى شَحْمَةِ أُذُنِ ٱلْمُتَطَهِّرِ ٱلْيُمْنَى وَعَلَى إِبْهَامِ يَدِهِ ٱلْيُمْنَى وَعَلَى إِبْهَامِ رِجْلِهِ ٱلْيُمْنَى».

خروج ٢٩: ٢٠ وص ٨: ٢٣

يَأْخُذُ ٱلْكَاهِنُ مِنْ دَمِ ذَبِيحَةِ ٱلإِثْمِ كان في زمان الهيكل الثاني اثنان من الكهنة يأخذان من ذلك الدم. يأخذ أحدهما منه في إناء ويأخذ الآخر في حوض يده. فالذي يأخذ من الدم في الإناء ينضحه على جدار المذبح والذي يأخذ منه في بطن كفه يذهب بما أخذه منه إلى الناقِه الواقف عند باب نيكانور المقابل للباب الشرقي ووجهه إلى الغرب.

عَلَى شَحْمَةِ أُذُنِ ٱلْمُتَطَهِّرِ ٱلْيُمْنَى يبقى واقفاً هناك لأنه لا يكون حينئذ قد تم تطهيره فكان يضع رأسه في باب نيكانور وكان الكاهن الحامل الدم في يده في الدار قرب الباب لأن ذلك الدم مقدس فلا يجوز أن يخرج به فيضع بعضه على شحمة أذن الأبرص الناقِه اليمنى ثم يضع البعض على إبهام اليد اليمنى وإبهام في الرجل اليمنى وشحمة في الأذن اليمنى لم يكن أن يطهر فيبقى غير طاهر مدة حياته. وكانت الأعضاء اليمنى هي المختارة في التطهير لأنها الأقوى ولأنها الأقدر على إتمام إرادة الله ولهذا كانت تُوقف لخدمته تعالى (انظر ص ٧: ٣٢).

١٥ «وَيَأْخُذُ ٱلْكَاهِنُ مِنْ لُجِّ ٱلزَّيْتِ وَيَصُبُّ فِي كَفِّ ٱلْكَاهِنِ ٱلْيُسْرَى».

يَأْخُذُ ٱلْكَاهِنُ مِنْ لُجِّ ٱلزَّيْتِ بيده اليمنى على ما يُفهم من الترجمة الكلدانية.

وَيَصُبُّ فِي كَفِّ ٱلْكَاهِنِ ٱلْيُسْرَى هما كاهنان القائم بالتطهير ومساعده فيأخذ الكاهن القائم بالتطهير من لج الزيت بيمناه ويصبه في كف المساعد. فقد تبين من هذه الآية نفسها صحة القانون الذي عُرف مدة الهيكل الثاني على ما مر في تفسير (ع ١٤).

١٦ «وَيَغْمِسُ ٱلْكَاهِنُ إِصْبِعَهُ ٱلْيُمْنَى فِي ٱلزَّيْتِ ٱلَّذِي عَلَى كَفِّهِ ٱلْيُسْرَى وَيَنْضِحُ مِنَ ٱلزَّيْتِ بِإِصْبِعِهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَمَامَ ٱلرَّبِّ».

وَيَغْمِسُ ٱلْكَاهِنُ أي الكاهن القائم بالخدمة فإن الكاهن المساعد يكون حينئذ حاملاً في بطن كفه الزيت وهو واقف في الدار فيوجه الكاهن الأول وجهه إلى قدس الأقداس ويغمس إصبع يده اليمنى في الزيت وينضحه سبع مرات على أرض الدار. وهذا مستفاد من قوله «أمام الرب» ويغمس يده في كل نضحه.

١٧ «وَمِمَّا فَضَلَ مِنَ ٱلزَّيْتِ ٱلَّذِي فِي كَفِّهِ يَجْعَلُ ٱلْكَاهِنُ عَلَى شَحْمَةِ أُذُنِ ٱلْمُتَطَهِّرِ ٱلْيُمْنَى وَعَلَى إِبْهَامِ يَدِهِ ٱلْيُمْنَى وَعَلَى إِبْهَامِ رِجْلِهِ ٱلْيُمْنَى، عَلَى دَمِ ذَبِيحَةِ ٱلإِثْمِ».

وَمِمَّا فَضَلَ مِنَ ٱلزَّيْتِ الباقي في كف الكاهن المساعد بعد نضح الأرض سبع مرات يجعل الكاهن القائم بالخدمة بعضه على شحمة أذن المتطهر اليمنى وعلى إبهام يده اليمنى وإبهام رجله اليمنى فيصنع بالزيت كما صنع الدم قبلاً (انظر ع ٢٨ أيضاً).

١٨ «وَٱلْفَاضِلُ مِنَ ٱلزَّيْتِ ٱلَّذِي فِي كَفِّ ٱلْكَاهِنِ يَجْعَلُهُ عَلَى رَأْسِ ٱلْمُتَطَهِّرِ، وَيُكَفِّرُ عَنْهُ ٱلْكَاهِنُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ».

ص ٤: ٢٦

يَجْعَلُهُ عَلَى رَأْسِ أي يجعل على المتطهر ما بقي في باطن كف الكاهن من الزيت بعد أن وضع منه على أعضاء المتطهر ونضح منه الأرض سبع مرات. ولعل المقصود بالوضع هنا الرش لا المسح ولا الصب لأن الباقي لا بد من أن يكون قليلاً. وكان الباقي من اللج يُنفق مع لحم الذبيحة في جهات مقدسه.

يُكَفِّرُ عَنْهُ كان التكفير بمقتضى القانون الذي عُرف مدة الهيكل أن يوضع الزيت على الأعضاء المختلفة من أعضاء المتطهر ولا سيما رأسه ودون ذلك لا مغفرة وإن قدمت الذبيحة فكانت تلك الكفارة كفارة الخطايا التي كانت علة البرص.

١٩ «ثُمَّ يَعْمَلُ ٱلْكَاهِنُ ذَبِيحَةَ ٱلْخَطِيَّةِ وَيُكَفِّرُ عَنِ ٱلْمُتَطَهِّرِ مِنْ نَجَاسَتِهِ. ثُمَّ يَذْبَحُ ٱلْمُحْرَقَةَ».

ص ٥: ١ و٦ و١٢: ٧ و٨

يَعْمَلُ ٱلْكَاهِنُ ذَبِيحَةَ ٱلْخَطِيَّةِ كان على الكاهن الآن أن يقدم النعجة المذكورة في الآية العاشرة ذبيحة خطية تكفيراً للخطايا التي ارتكبها الأبرص الذي شفي مدة مرضه كالجزع والتذمر والكلام غير اللائق لتألمه لا لكونه ارتكبها وهو نجس فإن البلاء كثيراً ما يحمل بعض الناس البرص على الشكوى من العناية والنسيان لذنوبه ولما يجب عليه.

٢٠ «وَيُصْعِدُ ٱلْكَاهِنُ ٱلْمُحْرَقَةَ وَٱلتَّقْدِمَةَ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ وَيُكَفِّرُ عَنْهُ ٱلْكَاهِنُ فَيَطْهُرُ».

يُصْعِدُ ٱلْكَاهِنُ ٱلْمُحْرَقَةَ كانت هذه المحرقة تصحب بالتقدمة الطعامية المذكورة في الآية العاشرة وهي العمل الثاني والأخير من أعمال التطهير التي تمكنه من الرجوع إلى التمتع بامتيازات القدس.

٢١ «لٰكِنْ إِنْ كَانَ فَقِيراً وَلاَ تَنَالُ يَدُهُ، يَأْخُذُ خَرُوفاً وَاحِداً ذَبِيحَةَ إِثْمٍ لِتَرْدِيدٍ تَكْفِيراً عَنْهُ، وَعُشْراً وَاحِداً مِنْ دَقِيقٍ مَلْتُوتٍ بِزَيْتٍ لِتَقْدِمَةٍ، وَلُجَّ زَيْتٍ».

لٰكِنْ إِنْ كَانَ فَقِيراً الرفق بالفقير في التطهير كالرفق به في ذبائح غيره (انظر ص ٥: ١٧ و١١ و١٢: ١٨) فإن ثلاثة حملان وثلاثة أعشار من الدقيق أكثر مما يستطيع الأبرص الفقير أن يحتمله. فكان كل ما يجب عليه حينئذ خروف ذبيحة إثم وعُشر دقيق ذبيحة طعامية ولج زيت يحتاج إليه لتطهيره.

٢٢ «وَيَمَامَتَيْنِ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ كَمَا تَنَالُ يَدُهُ فَيَكُونُ ٱلْوَاحِدُ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ وَٱلآخَرُ مُحْرَقَةً».

ص ١٢: ٨ و١٥: ١٤ و١٥

يَمَامَتَيْنِ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ كان اليمام والحمام كثيراً ورخيصاً في فلسطين (انظر تفسير ص ١: ١٤). فكانت اليمامتان أو فرخا الحمام بدلاً من الخروفين.

٢٣ «وَيَأْتِي بِهَا فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّامِنِ لِطُهْرِهِ إِلَى ٱلْكَاهِنِ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ أَمَامَ ٱلرَّبِّ».

ع ١٠ و١١

يَأْتِي بِهَا فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّامِنِ هذا أول أعمال التطهير الذي تجري على الفقير كما ذُكر في (ع ٣ – ٦) وتبيح له أن يخالط الناس كما يباح للغني بها وأن تكن نفقة الفقير على ذلك قليلة.

٢٤ – ٢٩ «٢٤ فَيَأْخُذُ ٱلْكَاهِنُ كَبْشَ ٱلإِثْمِ وَلُجَّ ٱلزَّيْتِ، وَيُرَدِّدُهُمَا ٱلْكَاهِنُ تَرْدِيداً أَمَامَ ٱلرَّبِّ. ٢٥ ثُمَّ يَذْبَحُ كَبْشَ ٱلإِثْمِ، وَيَأْخُذُ ٱلْكَاهِنُ مِنْ دَمِ ذَبِيحَةِ ٱلإِثْمِ وَيَجْعَلُ عَلَى شَحْمَةِ أُذُنِ ٱلْمُتَطَهِّرِ ٱلْيُمْنَى وَعَلَى إِبْهَامِ يَدِهِ ٱلْيُمْنَى وَعَلَى إِبْهَامِ رِجْلِهِ ٱلْيُمْنَى. ٢٦ وَيَصُبُّ ٱلْكَاهِنُ مِنَ ٱلزَّيْتِ فِي كَفِّ ٱلْكَاهِنِ ٱلْيُسْرَى ٢٧ وَيَنْضِحُ ٱلْكَاهِنُ بِإِصْبِعِهِ ٱلْيُمْنَى مِنَ ٱلزَّيْتِ ٱلَّذِي فِي كَفِّهِ ٱلْيُسْرَى سَبْعَ مَرَّاتٍ أَمَامَ ٱلرَّبِّ. ٢٨ وَيَجْعَلُ ٱلْكَاهِنُ مِنَ ٱلزَّيْتِ ٱلَّذِي فِي كَفِّهِ عَلَى شَحْمَةِ أُذُنِ ٱلْمُتَطَهِّرِ ٱلْيُمْنَى وَعَلَى إِبْهَامِ يَدِهِ ٱلْيُمْنَى وَعَلَى إِبْهَامِ رِجْلِهِ ٱلْيُمْنَى عَلَى مَوْضِعِ دَمِ ذَبِيحَةِ ٱلإِثْمِ. ٢٩ وَٱلْفَاضِلُ مِنَ ٱلزَّيْتِ ٱلَّذِي فِي كَفِّ ٱلْكَاهِنِ يَجْعَلُهُ عَلَى رَأْسِ ٱلْمُتَطَهِّرِ تَكْفِيراً عَنْهُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ».

ع ١٢ ع ١٤

فَيَأْخُذُ ٱلْكَاهِنُ كَبْشَ ٱلإِثْمِ كانت رسوم تطهير الفقير كرسوم تطهير الغني تماماً ولا تنقص الخدمة في تطهيره شيئاً من الأعمال والوقار لأن الغني والفقير سيان عند الله ولذلك كانت الأمور المتعلقة بالذبائح الزهيدة القيمة المذكورة في (ع ٢٤ – ٢٩) تكرار الأمور المذكورة في (ع ١٢ – ١٨) في الذبائح الكثيرة القيمة.

٣٠، ٣١ «٣٠ ثُمَّ يَعْمَلُ وَاحِدَةً مِنَ ٱلْيَمَامَتَيْنِ أَوْ مِنْ فَرْخَيِ ٱلْحَمَامِ مِمَّا تَنَالُ يَدُهُ ٣١ مَا تَنَالُ يَدُهُ. ٱلْوَاحِدَ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ وَٱلآخَرَ مُحْرَقَةً مَعَ ٱلتَّقْدِمَةِ. وَيُكَفِّرُ ٱلْكَاهِنُ عَنِ ٱلْمُتَطَهِّرِ أَمَامَ ٱلرَّبِّ».

ع ٢٢ وص ١٥: ١٤ و١٥

مِمَّا تَنَالُ يَدُهُ إن الله لرحمته لا يسأل الإنسان ما فوق طاقته.

٣٢ «هٰذِهِ شَرِيعَةُ ٱلَّذِي فِيهِ ضَرْبَةُ بَرَصٍ ٱلَّذِي لاَ تَنَالُ يَدُهُ فِي تَطْهِيرِهِ».

ع ١٠

هٰذِهِ شَرِيعَةُ ٱلَّذِي… لاَ تَنَالُ يَدُهُ وهي ما وُصفت في (ع ٢١ – ٣١) وهي شريعة تطهير الأبرص الفقير الذي لا يستطيع أن يقوم بما ذُكر في (ع ١٠ – ٢٠).

٣٣ «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى وَهَارُونَ».

قَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى وَهَارُونَ كان الخطاب في تطهير الأبرص وما يتعلق به لموسى وحده (انظر ع ١) وخاطب في برص البيوت موسى وهارون معاً للعلة التي ذُكرت سابقاً (انظر تفسير ص ١٣: ١).

٣٤ «مَتَى جِئْتُمْ إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ ٱلَّتِي أُعْطِيكُمْ مُلْكاً، وَجَعَلْتُ ضَرْبَةَ بَرَصٍ فِي بَيْتٍ فِي أَرْضِ مُلْكِكُمْ».

تكوين ١٧: ٨ وعدد ٣٢: ٢٢ وتثنية ٧: ١ و٣٢: ٤٩

مَتَى جِئْتُمْ إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ لنا هنا المثال الأول من الأمثلة الأربعة التي ذُكرت في الشريعة اللاوية المتعلقة في المستقبل الموافقة لأحوال شعب إسرائيل (انظر ص ١٩: ٢٣ و٢٥: ٢). ولعل هذا من أول الأسباب التي فصلت الكلام في برص البيوت عن الكلام في برص الأشخاص والثياب. وكنا نتوقع بمقتضى الطبع أن الكلام على هذا البرص يجب أن يكون متصلاً بالبرصين المذكورين. وقال علماء الناموس مدة الهيكل الثاني «إن الكلام استقل هنا وذُكر متعلقاً بأرض كنعان في المستقبل لأن ضربة برص البيوت غير العادية (أي الخارقة العادة) كانت مختصة بفلسطين وكانت مما لم يُعرف بغيرها من البلاد». وقوله «في بيوت ملككم» يدل على أن بيوت غير ملكهم أي بيوت الأمم كانت مستثناة من هذا البرص أي إن برص البيوت لم يحدث في بيوت الأمم وإنه لم يُصب بهذا البرص بيت من بيوت أورشليم لأن تلك المدينة المقدسة لم تُقسم على الأسباط. ويؤيد لنا ذلك شهادة علماء الناموس الذين كانوا يشتغلون بشريعة البرص فإنهم أجمعوا أن ذلك البرص لم يُعرف في غير فلسطين وإن لم يكن في غير بيوت الإسرائيليين وإنه لم يحدث في أورشليم قط.

ضَرْبَةَ بَرَصٍ هذا الكلام يدل على أن هذا البرص لم يكن مرضاً عادياً بل كان ضربة خارقة العادة من يد الله. وكانت الخطايا التي تجلب البرص كما عُرف من أئمّة الناموس في عصر المسيح عبادة الأوثان وتدنيس اسم الله والفجور والسرقة والنميمة والوشاية وشهادة الزور والقضاء الباطل والحنث وتعدي ُتخم الجار أو نقل حدوده واختراع المقاصد الخبيثة والمكايد والقاء العداوة والخصام بين الإخوة. وكان الله يضرب البيت بالبرص إذا بناه صاحبه على أرض مقدسة بمواد محظورة. وعلى هذا جاء في الترجمة الكلدانية ليوناثان «إذا بني إنسان بيته بمواد مسروقة ضربت ذلك البيت الخ».

٣٥ «يَأْتِي ٱلَّذِي لَهُ ٱلْبَيْتُ وَيَقُولُ لِلْكَاهِنِ: قَدْ ظَهَرَ لِي شِبْهُ ضَرْبَةٍ فِي ٱلْبَيْتِ».

مزمور ٩١: ١٠ وأمثال ٣: ٣٣ و زكريا ٥: ٤

يَأْتِي ٱلَّذِي لَهُ ٱلْبَيْتُ كان الكاهن يفحص عن أعراض البيت المشبوه أو المظنون إنه مضروب بالبرص كما كان يفحص عن أعراض الإنسان كذلك.

قَدْ ظَهَرَ لِي كانت هذه العبارة عينها ما يقوله صاحب البيت للكاهن في زمن المسيح فلم يكن يقول للكاهن «قد ظهر البرص في بيتي» بل كان يقول «قد ظهر لي شبه ضربة في البيت» لأنه كان من شأن الكاهن أن يحكم بالأمر.

٣٦ «فَيَأْمُرُ ٱلْكَاهِنُ أَنْ يُفْرِغُوا ٱلْبَيْتَ قَبْلَ دُخُولِ ٱلْكَاهِنِ لِيَرَى ٱلضَّرْبَةَ، لِئَلاَّ يَتَنَجَّسَ كُلُّ مَا فِي ٱلْبَيْتِ. وَبَعْدَ ذٰلِكَ يَدْخُلُ ٱلْكَاهِنُ لِيَرَى ٱلْبَيْتَ».

فَيَأْمُرُ ٱلْكَاهِنُ أَنْ يُفْرِغُوا ٱلْبَيْتَ لأنه كان إذا حكم الكاهن قبل إفراغ البيت بأن الضربة برص تنجّس كل ما في البيت من الأثاث. وهذا يدل على أن الشريعة لم تعتبر البرَص معدياً.

٣٧ «فَإِذَا رَأَى ٱلضَّرْبَةَ، وَإِذَا ٱلضَّرْبَةُ فِي حِيطَانِ ٱلْبَيْتِ نُقَرٌ ضَارِبَةٌ إِلَى ٱلْخُضْرَةِ أَوْ إِلَى ٱلْحُمْرَةِ، وَمَنْظَرُهَا أَعْمَقُ مِنَ ٱلْحَائِطِ».

نُقَرٌ ضَارِبَةٌ إِلَى ٱلْخُضْرَةِ أَوْ إِلَى ٱلْحُمْرَةِ (النُقر جمع نقره وهي الوهدة أو الحفرة المستديرة. ومعنى ضاربة مائلة يُقال هذا اللون يضرب إلى لون كذا إذا اتصف بشيء منه فالضاربة إلى الخضرة المتصفة بخضرة خفيفة أي قليلة. فمعنى العبارة نُقرٌّ خُضيراء أو حُميراء). كانت الأعراض التي يُستدل بها على البرص البيتي كالأعراض التي يستدل بها على البرص الإنساني وهي ثلاثة:

  1. نُقر أو بُقع منخفضة ميّزها القدماء بأنه بُقع في الحائط منخفضة عن الأجزاء المحيطة بها كلمع جلد الإنسان المصاب بالبرص (انظر ص ١٣: ٣).
  2. كون تلك النُقر ضاربة إلى الخضرة أي كونها خُضيراء.
  3. كون تلك النُقر ضاربة إلى الحمرة أو حُميراء. فالعرَض الثاني والثالث هنا كالعرَض الثاني والثالث في برص الناس وبرص الثياب قابل بهذا ما في (ص ١٣: ٤٩). وكان قانون علماء الناموس في مدة الهيكل الثاني «إن مقدار النقرة كمقدار فولتين» أي حبتين من الفول.

٣٨ «يَخْرُجُ ٱلْكَاهِنُ مِنَ ٱلْبَيْتِ إِلَى بَابِ ٱلْبَيْتِ وَيُغْلِقُ ٱلْبَيْتَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ».

وَيُغْلِقُ ٱلْبَيْتَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ يأتي الكاهن ذلك ليرى ما يحدث من تغيّر الأعراض في تلك المدة. وهذا العمل كالعمل في برص الثياب (انظر ص ١٣: ٥٠).

٣٩ – ٤٢ «٣٩ فَإِذَا رَجَعَ ٱلْكَاهِنُ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلسَّابِعِ وَرَأَى وَإِذَا ٱلضَّرْبَةُ قَدِ ٱمْتَدَّتْ فِي حِيطَانِ ٱلْبَيْتِ، ٤٠ يَأْمُرُ ٱلْكَاهِنُ أَنْ يَقْلَعُوا ٱلْحِجَارَةَ ٱلَّتِي فِيهَا ٱلضَّرْبَةُ وَيَطْرَحُوهَا خَارِجَ ٱلْمَدِينَةِ فِي مَكَانٍ نَجِسٍ. ٤١ وَيُقَشِّرُ ٱلْبَيْتَ مِنْ دَاخِلٍ حَوَالَيْهِ، وَيَطْرَحُونَ ٱلتُّرَابَ ٱلَّذِي يُقَشِّرُونَهُ خَارِجَ ٱلْمَدِينَةِ فِي مَكَانٍ نَجِسٍ. ٤٢ وَيَأْخُذُونَ حِجَارَةً أُخْرَى وَيُدْخِلُونَهَا فِي مَكَانِ ٱلْحِجَارَةِ، وَيَأْخُذُ تُرَاباً آخَرَ وَيُطَيِّنُ ٱلْبَيْتَ».

رَجَعَ ٱلْكَاهِنُ أي إذا رأى الكاهن في نهاية أسبوع الإغلاق إن النقر امتدت دلّه ذلك على تقوي المرض كما في برص الناس والأثواب (انظر ص ١٣: ٥ و٥٠) فيأمر حينذ بقلع الحجارة المصابة من الحائط وطرحها في مكان نجس. والمقصود بالمكان النجس أحد الأمكنة المعينة لإلقاء الجيف فيها خارج المدينة. وأما الأماكن التي كانت خارج المدينة وعينت لأن يُطرح فيها رماد القدس فكانت تُدعى أماكن مقدسة (انظر ص ٤: ١٢). وهنا ثمانية أفعال تتعلق بقلع الحجارة وطرحها ووضع حجارة جديدة موضعها والقَشر والتطيين ستة منها متصلة بضمير الجمع واثنان بالمفرد وهي في (ع ٤٠ – ٤٢). فالتي للجمع «يقلعوا» و «يطرحون» (ع ٤٠) و «يدخلون» (ع ٤٢). والاثنان اللذان للمفرد «يأخذ» و «يطين» (ع ٤٢). وعلى هذا قال علماء الناموس مدة الهيكل الثاني إذا كانت الحجارة المصابة موزعة في جدار مشترك بين بيتين مختلفي السكان أي كل منهما لأهل وجب أن يأتوا الأعمال الستة معاً وأما أخذ التراب وتطيين البيت فيقوم به صاحب البيت المضروب وحده.

٤٣ – ٤٥ «٤٣ فَإِنْ رَجَعَتِ ٱلضَّرْبَةُ وَأَفْرَخَتْ فِي ٱلْبَيْتِ بَعْدَ قَلْعِ ٱلْحِجَارَةِ وَقَشْرِ ٱلْبَيْتِ وَتَطْيِينِهِ، ٤٤ وَأَتَى ٱلْكَاهِنُ وَرَأَى وَإِذَا ٱلضَّرْبَةُ قَدِ ٱمْتَدَّتْ فِي ٱلْبَيْتِ، فَهِيَ بَرَصٌ مُفْسِدٌ فِي ٱلْبَيْتِ. إِنَّهُ نَجِسٌ. ٤٥ فَيَهْدِمُ ٱلْبَيْتَ: حِجَارَتَهُ وَأَخْشَابَهُ وَكُلَّ تُرَابِ ٱلْبَيْتِ، وَيُخْرِجُهَا إِلَى خَارِجِ ٱلْمَدِينَةِ إِلَى مَكَانٍ نَجِسٍ».

ص ١٣: ٥١ وزكريا ٥: ٤

فَإِنْ رَجَعَتِ ٱلضَّرْبَةُ بعد ما ذكر في (ع ٣٨ – ٤٢) كان البرص لا يقبل الشفاء وكان البيت نجساً وجب أن يُهدم وتُطرح كل مواده في موضع نجس خارج المدينة. وإذ كانت هذه المواد حجارة وتراب وخشب كان قانون اليهود القديم إن شريعة البرَص هذه ليست إلا على بيت ذي أربعة جدران مبني من الحجارة المعتادة والتراب والخشب فالبيوت المبنية من القرميد والرخام خارجة من ذلك.

٤٦ «وَمَنْ دَخَلَ إِلَى ٱلْبَيْتِ فِي كُلِّ أَيَّامِ ٱنْغِلاَقِهِ يَكُونُ نَجِساً إِلَى ٱلْمَسَاءِ».

مَنْ دَخَلَ إِلَى ٱلْبَيْتِ الخ من دخل البيت المصاب ولو دقيقة واحدة تنجس ووجب أن يغتسل ليطهر على أنه يبقى نجساً إلى المساء فإن ذلك البيت متى حكم الكاهن انه نجس يتنجس من مسه ولو من خارجه.

٤٧ «وَمَنْ نَامَ فِي ٱلْبَيْتِ يَغْسِلُ ثِيَابَهُ. وَمَنْ أَكَلَ فِي ٱلْبَيْتِ يَغْسِلُ ثِيَابَهُ».

مَنْ نَامَ فِي ٱلْبَيْتِ كان النوم في البيت المصاب كل الليل أثقل من دخوله دقيقة واحدة ولذلك كان يجب على من ينام فيه أن يغسل ثيابه لكي يطهر. وكذا الحكم على من أكل فيه.

٤٨ «لٰكِنْ إِنْ أَتَى ٱلْكَاهِنُ وَرَأَى وَإِذَا ٱلضَّرْبَةُ لَمْ تَمْتَدَّ فِي ٱلْبَيْتِ بَعْدَ تَطْيِينِ ٱلْبَيْتِ، يُطَهِّرُ ٱلْكَاهِنُ ٱلْبَيْتَ. لأَنَّ ٱلضَّرْبَةَ قَدْ بَرِئَتْ».

ٱلضَّرْبَةُ لَمْ تَمْتَدَّ إذا لم تمتد الأعراض بعد نهاية أسبوع الإغلاق الثاني حكم الكاهن بأنه غير نجس أي قد برئ وطهر. وهذا مثل ما ذُكر في برص الناس والثياب (انظر ص ١٣: ٦ و٥٨).

٤٩ – ٥٣ «٤٩ فَيَأْخُذُ لِتَطْهِيرِ ٱلْبَيْتِ عُصْفُورَيْنِ وَخَشَبَ أَرْزٍ وَقِرْمِزاً وَزُوفَا. ٥٠ وَيَذْبَحُ ٱلْعُصْفُورَ ٱلْوَاحِدَ فِي إِنَاءِ خَزَفٍ عَلَى مَاءٍ حَيٍّ، ٥١ وَيَأْخُذُ خَشَبَ ٱلأَرْزِ وَٱلزُّوفَا وَٱلْقِرْمِزَ وَٱلْعُصْفُورَ ٱلْحَيَّ وَيَغْمِسُهَا فِي دَمِ ٱلْعُصْفُورِ ٱلْمَذْبُوحِ وَفِي ٱلْمَاءِ ٱلْحَيِّ، وَيَنْضِحُ ٱلْبَيْتَ سَبْعَ مَرَّاتٍ، ٥٢ وَيُطَهِّرُ ٱلْبَيْتَ بِدَمِ ٱلْعُصْفُورِ وَبِٱلْمَاءِ ٱلْحَيِّ وَبِٱلْعُصْفُورِ ٱلْحَيِّ وَبِخَشَبِ ٱلأَرْزِ وَبِالزُّوفَا وَبِالْقِرْمِزِ. ٥٣ ثُمَّ يُطْلِقُ ٱلْعُصْفُورَ ٱلْحَيَّ إِلَى خَارِجِ ٱلْمَدِينَةِ عَلَى وَجْهِ ٱلصَّحْرَاءِ وَيُكَفِّرُ عَنِ ٱلْبَيْتِ فَيَطْهُرُ».

ع ٤ ع ٢٠

فَيَأْخُذُ لِتَطْهِيرِ ٱلْبَيْتِ الخ هذا مثل ما يؤتى في تطهير الإنسان الأبرص على أثر شفائه (ع ٣ – ٧) ما عدا الذبائح التي كان الناقه يقدمها إذ ليست بلازمة في تطهير البيت كما لا يخفى.

٥٤ – ٥٦ «٥٤ هٰذِهِ هِيَ ٱلشَّرِيعَةُ لِكُلِّ ضَرْبَةٍ مِنَ ٱلْبَرَصِ وَلِلْقَرَعِ ٥٥ وَلِبَرَصِ ٱلثَّوْبِ وَٱلْبَيْتِ ٥٦ وَلِلنَّاتِئِ وَلِلْقُوبَاءِ وَلِلُّمْعَةِ».

ص ١٣: ٣٠ ص ١٣: ٤٧ ع ٣٤ ص ١٣: ٢

أراد بهذه الآيات كل ما ذُكر من رسوم البرَص على اختلاف أنواعه (ص ١٣ وص ١٤).

٥٧ «لِلتَّعْلِيمِ فِي يَوْمِ ٱلنَّجَاسَةِ وَيَوْمِ ٱلطَّهَارَةِ. هٰذِهِ شَرِيعَةُ ٱلْبَرَص».

تثنية ٢٤: ٨ وحزقيال ٤٤: ٢٣

لِلتَّعْلِيمِ الخ هذه الآية متعلقة بالآية ٥٤ فيكون المعنى هذه الشريعة لكل ضربة من البرص والقرع الخ للتعليم في يوم النجاسة ويوم الطهارة مما كان في الحال وسيكون في أرض الموعد. ومعنى قوله «للتعليم» الخ تعليم الشعب في أي الأيام يجب أن يُستدعى الكاهن للفحص عن أحوال المظنون أنه أبرص من الناس والثياب والبيوت. وهذا مما فهمه علماء الناموس وعليه جاء في الترجمة الكلدانية القديمة المنسوبة إلى يوناثان «حتى يمكن الكهنة أن يعلّموا الناس التمييز بين أيام البرَص السوداء والأيام البيضاء» (انظر ص ١٣: ٢).

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى