سفر اللاويين | 08 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر اللاويين
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّامِنُ
١ «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى».
قَالَ ٱلرَّبُّ لما عُيّن هارون وبنوه للكهنوت الذي أمر الرب به موسى (خروج ٢٨: ١ – ٤٣) قرنه بأنواع الذبائح المختلفة (خروج ٢٩: ١ – ٣٧) وكان أول الضروريات أن يعيّن رسم كل ذبيحة فكان ذلك في (ص ١ – ص ٧). وتقدم المشترع هنا إلى الأنباء بما أمره به الرب وأنبأه به مما يتعلق بالرتبة الكهنوتية وقص خلاصة ما كف عنه في نهاية سفر الخروج.
٢ «خُذْ هَارُونَ وَبَنِيهِ مَعَهُ، وَٱلثِّيَابَ وَدُهْنَ ٱلْمَسْحَةِ وَثَوْرَ ٱلْخَطِيَّةِ وَٱلْكَبْشَيْنِ وَسَلَّ ٱلْفَطِيرِ».
خروج ٢٩: ١ و٢ و٣ و٤ خروج ٢٨: ٢ و٤ خروج ٣٠: ٢٤ و٢٥
خُذْ هَارُونَ وَبَنِيهِ أي مُرهم أن يأتوا بثيابهم المقدسة والذبائح إلى باب خيمة الاجتماع (ع ٣).
ٱلثِّيَابَ التي أمر الله بصنعها قبلاً (انظر خروج ٢٨: ٢ الخ و٢٩: ١ الخ).
دُهْنَ ٱلْمَسْحَةِ (انظر خروج ٣٠: ٢٣ الخ و٣٧: ٢٩).
وَثَوْرَ ٱلْخَطِيَّةِ وَٱلْكَبْشَيْنِ وَسَلَّ ٱلْفَطِيرِ وهي للتقدمات التي ذُكرت في (خروج ٢٩: ١ – ٣) وهذا يُظهر العلاقة بين جزء من سفر اللاويين والجزء الآخر من سفر الخروج.
٣، ٤ «٣ وَٱجْمَعْ كُلَّ ٱلْجَمَاعَةِ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ. ٤ فَفَعَلَ مُوسَى كَمَا أَمَرَهُ ٱلرَّبُّ. فَٱجْتَمَعَتِ ٱلْجَمَاعَةُ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ».
وَٱجْمَعْ كُلَّ ٱلْجَمَاعَةِ أي أجمع الشيوخ ورؤساء الأسباط والوجوه والذين يمثلون الشعب. ويدل على ذلك قوله في (ص ٩: ١) «دعا موسى هارون وبنيه وشيوخ إسرائيل» وتعبيره عن هؤلاء الشيوخ في (ص ٩: ٣) ببني إسرائيل لأنهم نواب عن كل الأمة الإسرائيلية.
إِلَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ كان ممثلو الشعب يشغلون دار الخيمة وأما سائر الشعب المجتمع لمشاهدة ذلك الاحتفال فكانوا يشغلون الأماكن المجاورة في الخارج. وكان هذا الاحتفال على ما عُرف من تقليد اليهود في عصر المسيح في شهر آذار أو شباط.
٥ «ثُمَّ قَالَ مُوسَى لِلْجَمَاعَةِ: هٰذَا مَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ أَنْ يُفْعَلَ».
خروج ٢٩: ٤
مَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ هذا هو التعليم الذي ذُكر في (خروج ٢٩: ١ – ٣٧) وأجراه موسى هنا بجمع نواب إسرائيل.
٦ «فَقَدَّمَ مُوسَى هَارُونَ وَبَنِيهِ وَغَسَّلَهُمْ بِمَاءٍ».
خروج ٢٩: ٤
غَسَّلَهُمْ بِمَاءٍ بمقتضى أصل التقديس الأول وأمر موسى هارون وبنيه بالاغتسال (انظر ص ١٦: ٤) وهذا الاغتسال رمز إلى التطهير من الخطيئة. ولم يخص بهذا الاغتسال جزءاً أو أجزاء معيّنه من الجسد كما في (تكوين ١٩: ٢ و٢٤: ٣٢ وخروج ٣٠: ١٩ و٢١ وتثنية ٢١: ٦) فيستدل من هذا على أنه كان غسل الجسد كله. ولم يكن هذا يؤتى أمام الشعب بل في مُغتسل وراء حجاب. وكان الاغتسال الكهنوتي في عصر الهيكل الثاني في حفرة أو حوض يغوص فيه الكهنة لا في إناء من الآنية العادية (فهو يشبه المعمودية بالتغطيس). وكان ملء ذلك الحوض أربعاً وعشرين قدماً مكعبة من الماء على أقل تقدير. وكانت إقامة الكهنة (التي قام بها موسى بأمر الله) في زمن الهيكل الثاني موكولة إلى مجمع السبعين المعروف بالسنهدريم لأن أعضاءه جلسوا على كرسي موسى.
٧ «وَجَعَلَ عَلَيْهِ ٱلْقَمِيصَ وَنَطَّقَهُ بِٱلْمِنْطَقَةِ وَأَلْبَسَهُ ٱلْجُبَّةَ وَجَعَلَ عَلَيْهِ ٱلرِّدَاءَ وَنَطَّقَهُ بِزُنَّارِ ٱلرِّدَاءِ وَشَدَّهُ بِهِ».
خروج ٢٨: ٤
جَعَلَ عَلَيْهِ ٱلْقَمِيصَ (انظر ص ٦: ١٠ وخروج ٢٨: ٣٩). ومما يلاحظ هنا أن السراويل الذي أول ما ذُكر من ملبوسات الكهنة في سفر الخروج (خروج ٢٨: ٤٢) لم يُذكر هنا وعلة ذلك أن هارون كان يلبسه حالما يخرج من الماء وراء الحجاب.
وَنَطَّقَهُ بِٱلْمِنْطَقَةِ هذه ليست منطقة الرداء التي ستُذكر بل منطقة مصنوعة بالإبرة «أو صنعة الطراز» يشدها الكاهن على حقويه (انظر ص ٦: ١٠ وخروج ٢٨: ٣٩).
ٱلْجُبَّةَ وسُميت في (خروج ٢٨: ٣١ – ٣٥) «جبة الرداء» وكانت منسوجة على هيئتها بلا خياطة وكان كلها أزرق (انظر تفسير ص ٦: ١٠).
ٱلرِّدَاءَ الذي امتاز بأنه كان من ملبوسات الحبر الأعظم وكان بلا كمين ويُلبس على الكتفين وكان يُصنع من بوص مبروم وخيوط من الذهب ويكون أزرق وأرجوانياً وقرمزيا (انظر خروج ٢٨: ٦ و٧).
نَطَّقَهُ بِزُنَّارِ ٱلرِّدَاءِ كان هذا الزنار من النسيج الثمين كالرداء وكان منسوجاً على جانبي الرداء فكان كأنه يدان للرداء (انظر خروج ٢٨: ٨). وهذا يختلف كل الاختلاف عن المنطقة المذكورة في أول الآية.
٨ «وَوَضَعَ عَلَيْهِ ٱلصُّدْرَةَ وَجَعَلَ فِي ٱلصُّدْرَةِ ٱلأُورِيمَ وَٱلتُّمِّيمَ».
خروج ٢٨: ٣٠
ٱلصُّدْرَةَ هي «صدرة القضاء» وهي من الملبوسات الحبرية الممتازة وكانت من المنسوجات الثمينة كالرداء (خروج ٢٨: ١٥ الخ).
جَعَلَ فِي ٱلصُّدْرَةِ ٱلأُورِيمَ وَٱلتُّمِّيمَ أي في كيس الصدرة (أي جيبها) (انظر خروج ٢٨: ٣٠). وكانا مستقلين عن الصدرة كاستقلالهما عن الجواهر الكريمة التي عليها.
٩ «وَوَضَعَ ٱلْعِمَامَةَ عَلَى رَأْسِهِ، وَوَضَعَ عَلَى ٱلْعِمَامَةِ إِلَى جِهَةِ وَجْهِهِ صَفِيحَةَ ٱلذَّهَبِ، ٱلإِكْلِيلَ ٱلْمُقَدَّسَ، كَمَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ مُوسَى».
خروج ٢٩: ٦ خروج ٢٨: ٣٧ الخ
ٱلْعِمَامَةَ (انظر خروج ٢٨: ٣٦ – ٣٨).
كَمَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ مُوسَى فالمعنى أن أثواب الحَبر وكل ما يتعلق بها لم تكن من مخترعات موسى بل مما أمره الرب به في (خروج ٢٨: ١ – ٤٣).
١٠ «ثُمَّ أَخَذَ مُوسَى دُهْنَ ٱلْمَسْحَةِ وَمَسَحَ ٱلْمَسْكَنَ وَكُلَّ مَا فِيهِ وَقَدَّسَهُ».
خروج ٣٠: ٢٦ إلى ٢٩
أَخَذَ مُوسَى دُهْنَ ٱلْمَسْحَةِ بعد أن ألبس الحبر الأعظم الثياب المختصة به الدالة على رتبة كهنوته المقدسة أخذ يجري بمقتضى ما أُمر به في (خروج ٣٠: ٢٦ – ٣٠ و٤٠: ٩ – ١١) فمسح أولاً الخيمة وكل ما فيها أي تابوت العهد ومذبح البخور والمنارة ومائدة خبز الوجوه وكل الآنية المتعلقة بها، وسمي هذا الدهن أيضاً «دهن المسحة المقدس» (خروج ٣٠: ٢٥). والأجزاء التي يتركب منها ذُكرت في (خروج ٣٠: ٢٣ – ٢٥).
قَدَّسَهُ التقديس هنا فصل الشي عن الاستعمال العادي ووقفه لخدمة الله ووقايته من أن يتنجس بشيء (انظر خروج ٢٩: ٣٧ و٣٠: ٢٩ و٣٠).
١١ «وَنَضَحَ مِنْهُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَمَسَحَ ٱلْمَذْبَحَ وَجَمِيعَ آنِيَتِهِ، وَٱلْمِرْحَضَةَ وَقَاعِدَتَهَا لِتَقْدِيسِهَا».
نَضَحَ مِنْهُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ سَبْعَ مَرَّاتٍ أي رشه عليه. والمذبح هنا هو مذبح المحرقة. ولم يُذكر النضح سبع مرات في ما ذُكر من الرسوم في (خروج ٣٠: ٢٨ و٤٠: ١٠). وقد مرّ الكلام على المرات السبع في (ص ٤: ٦) فارجع إليه إن شئت.
مَسَحَ ٱلْمَذْبَحَ وَجَمِيعَ آنِيَتِهِ أي مذبح المحرقة وكان هذا المذبح يُعد مقدساً كثيراً حتى حُسب بعد ذلك أنه يقدس الذبيحة وسائر ما يقدم عليه. وعلى هذا قول المسيح «أَيُّهَا ٱلْجُهَّالُ وَٱلْعُمْيَانُ، أَيُّمَا أَعْظَمُ: أَلْقُرْبَانُ أَمِ ٱلْمَذْبَحُ ٱلَّذِي يُقَدِّسُ ٱلْقُرْبَانَ» (متّى ٢٣: ١٩).
١٢ «وَصَبَّ مِنْ دُهْنِ ٱلْمَسْحَةِ عَلَى رَأْسِ هَارُونَ وَمَسَحَهُ لِتَقْدِيسِهِ».
خروج ٢٩: ٧ و٣٠: ٣٠ وص ٢١: ١٠ و١٢ ومزمور ١٣٣: ٢
وَصَبَّ مِنْ دُهْنِ ٱلْمَسْحَةِ عَلَى رَأْسِ هَارُونَ هذه الطريقة كانت طريقة مسحه (انظر ص ٢١: ١٠ – ١٢ وخروج ٣٩: ٧ ومزمور ١٣٣: ٢). وكانت تؤتى في مسحة كل حبر أعظم على التوالي وأما الكهنة الذين دونه فكانوا يُمسحون مسحاً بسيطاً أو يُمسحون بمجرد غمس الإصبع بالدهن ومسح الجبهة بها وكان ذلك شريعة دائمة (انظر ص ٤: ٣). وفي التقاليد اليهودية إن مسحة الكاهن الأعظم في أيام الهيكل الثاني كانت أن يصب الشخص الذي يمسحه الدهن على رأسه ثم يرسم بإصبعه على جبهته حرف الكاف إشارة إلى أنه كاهن.
١٣ «ثُمَّ قَدَّمَ مُوسَى بَنِي هَارُونَ وَأَلْبَسَهُمْ أَقْمِصَةً وَنَطَّقَهُمْ بِمَنَاطِقَ وَشَدَّ لَهُمْ قَلاَنِسَ كَمَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ مُوسَى».
خروج ٢٩: ٨ و٩
ثُمَّ قَدَّمَ مُوسَى بَنِي هَارُونَ بعد أن أقام هارون حبراً أعظم دعا أولاده الأربعة ناداب وأبيهو والعازر وإيثامار وجعل علامة أنهم كهنة إن ألبسهم الثياب الكهنوتية. وقد ذُكرت هذه الثياب في (خروج ٣٨: ٤٠ و٤١ و٢٩: ٣٠ و٤٠: ١٤).
١٤ «ثُمَّ قَدَّمَ ثَوْرَ ٱلْخَطِيَّةِ، وَوَضَعَ هَارُونُ وَبَنُوهُ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ ثَوْرِ ٱلْخَطِيَّةِ».
خروج ٢٩: ١٠ وحزقيال ٤٣: ١٩ ص ٤: ٤
ثُمَّ قَدَّمَ ثَوْرَ ٱلْخَطِيَّةِ كان مما وجب على هارون وبنيه الأربعة أن يتطهروا أولاً من خطاياهم قبل أن يمكنهم الأخذ في الخدمة الكهنوتية المقدسة في القدس. وإذ كان موسى وسيط العهد أقامه الله ليقوم بخدمة التقديس وبيان سنّة الذبائح في أثناء وقوف الكهنة الذين يعينون جديداً بجانب ذبيحة الخطية بمنزلة خطأة نادمين وتائبين. وكان ذلك أول مرة قُدمت فيها الذبيحة حينئذ بوضع أيدي المقدم عليها (انظر ص ١: ٤).
١٥ «فَذَبَحَهُ وَأَخَذَ مُوسَى ٱلدَّمَ وَجَعَلَهُ عَلَى قُرُونِ ٱلْمَذْبَحِ مُسْتَدِيراً بِإِصْبِعِهِ، وَطَهَّرَ ٱلْمَذْبَحَ ثُمَّ صَبَّ ٱلدَّمَ إِلَى أَسْفَلِ ٱلْمَذْبَحِ وَقَدَّسَهُ تَكْفِيراً عَنْهُ».
خروج ٢٩: ١٢ و٣٦ وص ٤: ٧ وحزقيال ٤٣: ٢٠ و٢٦ وعبرانيين ٩: ٢٢
فَذَبَحَهُ موسى نفسه ولكن في غير هذه الحال كان المقدم نفسه يذبح البهيمة المقدمة (ص ١: ٥) وأما في هذه الحال فموسى نفسه يذبحها حسبما أُمر قبلاً (خروج ٢٩: ١١).
وَأَخَذَ مُوسَى ٱلدَّمَ بعد أن جُمع في إناء ورشه على أربعة قرون المذبح كما بُيّن في (ص ١: ٥) ولكن لا على قرون مذبح البخور ولا في الخيمة كما كان الأمر في ذبيحة الخطية عن الحبر الأعظم وعن الأمة كلها (أنظر ص ٤: ٧ و١٦ – ١٨).
وَطَهَّرَ ٱلْمَذْبَحَ… وَقَدَّسَهُ كان المذبح يقدَّس ويطهَّر لخدمة الله كالكاهن بالذبيحة الاستغفارية وبصب دهن المسحة.
١٦ «وَأَخَذَ كُلَّ ٱلشَّحْمِ ٱلَّذِي عَلَى ٱلأَحْشَاءِ وَزِيَادَةَ ٱلْكَبِدِ وَٱلْكُلْيَتَيْنِ وَشَحْمَهُمَا وَأَوْقَدَهُ مُوسَى عَلَى ٱلْمَذْبَح».
خروج ٢٩: ١٣ وص ٤: ٨
وَأَخَذَ كُلَّ ٱلشَّحْمِ كما أمره الله قبلاً (خروج ٢٩: ١٣) وإذا شئت أن تعرف ما يتعلق بأجزاء الذبيحة المختلفة فارجع إلى (ص ٣: ٣ – ٥).
١٧ «وَأَمَّا ٱلثَّوْرُ: جِلْدُهُ وَلَحْمُهُ وَفَرْثُهُ فَأَحْرَقَهُ بِنَارٍ خَارِجَ ٱلْمَحَلَّةِ، كَمَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ مُوسَى».
خروج ٢٩: ١٤ وص ٤: ١١ و١٢
وَأَمَّا ٱلثَّوْرُ… فَأَحْرَقَهُ ذبيحة الخطية هذه وإن لم يكن يدخل بشيء من دمها إلى القدس بخلاف القانون الذي ذُكر في (ص ٦: ٣٠) لم يسمح بأكل شيء من لحمها كذبيحة الخطية التي كانت تقدم عن الحبر الأعظم (ص ٤: ٣ – ١٢) وعن كل الجماعة (ص ٤: ١٣ – ٢١) وكانت تحرق خارج المحلة. وموسى لم يستطع أن يأكلها لأنه ليس كاهناً شرعياً (انظر ص ٦: ٢٥). والكاهن لم يقدر أن يأكله لأن أكله مخالف للشريعة لأن الخاطئ يشترك في ذبيحة الخطية التي هو نفسه يقدمها (انظر ص ٤: ٣٥).
١٨ «ثُمَّ قَدَّمَ كَبْشَ ٱلْمُحْرَقَةِ، فَوَضَعَ هَارُونُ وَبَنُوهُ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ ٱلْكَبْشِ».
خروج ٢٩: ١٥
قَدَّمَ كَبْشَ ٱلْمُحْرَقَةِ بعد أن كفّر موسى عنهم خطاياهم بذبيحة الخطية قدّم لتقديس الكهنة واحداً من الكبشين (انظر ع ٢) ذبيحة محرقة. وذُكرت رسوم ذلك ما عدا الرسوم الكهنوتية في (ص ١: ٣ – ٩).
١٩ – ٢١ «١٩ فَذَبَحَهُ، وَرَشَّ مُوسَى ٱلدَّمَ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ مُسْتَدِيراً. ٢٠ وَقَطَّعَ ٱلْكَبْشَ إِلَى قِطَعِهِ. وَأَوْقَدَ مُوسَى ٱلرَّأْسَ وَٱلْقِطَعَ وَٱلشَّحْمَ. ٢١ وَأَمَّا ٱلأَحْشَاءُ وَٱلأَكَارِعُ فَغَسَلَهَا بِمَاءٍ، وَأَوْقَدَ مُوسَى كُلَّ ٱلْكَبْشِ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ. إِنَّهُ مُحْرَقَةٌ لِرَائِحَةِ سُرُورٍ. وَقُودٌ هُوَ لِلرَّبِّ كَمَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ مُوسَى».
خروج ٢٩: ١٨
فَذَبَحَهُ وَرَشَّ مُوسَى ٱلدَّمَ ذبحه موسى نفسه لا المقدم كما هو القانون (انظر ع ١٥). وهنا رشّ الدم رشاً ولم يصبه صباً كما في (ع ١٥).
٢٢ «ثُمَّ قَدَّمَ ٱلْكَبْشَ ٱلثَّانِيَ، كَبْشَ ٱلْمَلْءِ، فَوَضَعَ هَارُونُ وَبَنُوهُ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ ٱلْكَبْشِ..
خروج ٢٩: ١٩ و٣١ وص ٧: ٣٧
قَدَّمَ ٱلْكَبْشَ ٱلثَّانِيَ من الكبشين المذكورين في (ع ٢).
كَبْشَ ٱلْمَلْءِ (تُرجمت في غير التراجم العربية بكبش التقديس أو كبش تقليد الكهنوت. وفي العبرانية «بالإملاء» جمع ملء وهو ما يملأ الأناء. والظاهر أنه يراد بها تقدمة الشكر التام على ما يملأ أيدي الكهنة (انظر ص ٨: ٣٣). وهذه الذبيحة تشبه ذبيحة الشكر وذبيحة السلامة وكانت مظهراً لشكر هارون وبنيه على اختيارهم كهنة وعلى سلامهم مع الله ومصاحبتهم إياه.
٢٣ «فَذَبَحَهُ وَأَخَذَ مُوسَى مِنْ دَمِهِ وَجَعَلَ عَلَى شَحْمَةِ أُذُنِ هَارُونَ ٱلْيُمْنَى، وَعَلَى إِبْهَامِ يَدِهِ ٱلْيُمْنَى، وَعَلَى إِبْهَامِ رِجْلِهِ ٱلْيُمْنَى».
فَذَبَحَهُ (انظر ع ١٩).
عَلَى شَحْمَةِ أُذُنِ هَارُونَ ٱلْيُمْنَى فعلّمه بذلك أنه وسيط بين الله وشعبه وإن عليه أن يسمع كلام الرب وأوامره.
عَلَى إِبْهَامِ يَدِهِ ٱلْيُمْنَى، وَعَلَى إِبْهَامِ رِجْلِهِ ٱلْيُمْنَى إشارة على أنه يجب أن يعمل للرب ويسير في طريق وصاياه.
٢٤ «ثُمَّ قَدَّمَ مُوسَى بَنِي هَارُونَ وَجَعَلَ مِنَ ٱلدَّمِ عَلَى شَحْمِ آذَانِهِمِ ٱلْيُمْنَى، وَعَلَى أَبَاهِمِ أَيْدِيهِمِ ٱلْيُمْنَى وَعَلَى أَبَاهِمِ أَرْجُلِهِمِ ٱلْيُمْنَى، ثُمَّ رَشَّ مُوسَى ٱلدَّمَ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ مُسْتَدِيراً».
قَدَّمَ مُوسَى بَنِي هَارُونَ بعد أن أجرى موسى الرسوم الرمزية على الحبر الأعظم أجراها هي نفسها على الكهنة الأربعة. واختيرت الأعضاء اليمنى رمزاً إلى العلم لأنها أقوى من اليسرى فهي أقدر على إجراء إرادة الله (انظر خروج ٢٩: ٢٠). وكانت هذه الأعضاء نفسها توسم بدم ذبيحة الإثم في تطهير الأبرص (انظر ص ١٤: ١٤ – ١٧).
٢٥ «ثُمَّ أَخَذَ ٱلشَّحْمَ: ٱلأَلْيَةَ وَكُلَّ ٱلشَّحْمِ ٱلَّذِي عَلَى ٱلأَحْشَاءِ، وَزِيَادَةَ ٱلْكَبِدِ وَٱلْكُلْيَتَيْنِ وَشَحْمَهُمَا، وَٱلسَّاقَ ٱلْيُمْنَى».
ص ٩: ١٩ خروج ٢٩: ٢٢
أَخَذَ ٱلشَّحْمَ ٱلأَلْيَةَ (وفي العبرانية أخذ الشحم والألية). (انظر ص ٣: ٩) ومعنى هذه العبارة في تفسير (خروج ٢٩: ٢٢) وفيه «الشحم والألية» كالعبارة هنا في الأصل العبراني.
٢٦ – ٢٨ «٢٦ وَمِنْ سَلِّ ٱلْفَطِيرِ ٱلَّذِي أَمَامَ ٱلرَّبِّ أَخَذَ قُرْصاً وَاحِداً فَطِيراً، وَقُرْصاً وَاحِداً مِنَ ٱلْخُبْزِ بِزَيْتٍ، وَرُقَاقَةً وَاحِدَةً، وَوَضَعَهَا عَلَى ٱلشَّحْمِ وَعَلَى ٱلسَّاقِ ٱلْيُمْنَى، ٢٧ وَجَعَلَ ٱلْجَمِيعَ عَلَى كَفَّيْ هَارُونَ وَكُفُوفِ بَنِيهِ، وَرَدَّدَهَا تَرْدِيداً أَمَامَ ٱلرَّبِّ. ٢٨ ثُمَّ أَخَذَهَا مُوسَى عَنْ كُفُوفِهِمْ وَأَوْقَدَهَا عَلَى ٱلْمَذْبَحِ فَوْقَ ٱلْمُحْرَقَةِ. إِنَّهَا قُرْبَانُ مَلْءٍ لِرَائِحَةِ سُرُورٍ. وَقُودٌ هِيَ لِلرَّبِّ».
خروج ٢٩: ٢٣ خروج ٢٩: ٢٤ الخ خروج ٢٩: ٢٥
مِنْ سَلِّ ٱلْفَطِيرِ الخ مضمون الآيات الثلاث رسوم التقديس الكهنوتي وهي على وفق ما أمر الله به موسى قبلاً (خروج ٢٩: ٢٣ – ٢٥). وجاء في التفسير الإنكليزي إن الكتف اليمنى (وفي الترجمة العربية الساق اليمنى (انظر تفسير ص ٧: ٣ – ٣٣) والقرص الواحد من كل من صنوف الفطير الثلاثة من نصيب الكاهن القائم بالخدمة من الذبائح (ص ٧: ١٢ و٣٢) وهو ما كان يأكله الكاهن وأهل بيته كان موسى في هذه الحال يحرقه على المذبح بعد أن يوضع في أيدي هارون وبنيه ويردد أمام الرب.
٢٩ «ثُمَّ أَخَذَ مُوسَى ٱلصَّدْرَ وَرَدَّدَهُ تَرْدِيداً أَمَامَ ٱلرَّبِّ مِنْ كَبْشِ ٱلْمَلْءِ. لِمُوسَى كَانَ نَصِيباً كَمَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ مُوسَى».
خروج ٢٩: ٢٦
أَخَذَ مُوسَى ٱلصَّدْرَ وهذه الصدر كانت بعد ذلك من نصيب الكاهن القائم بالخدمة (انظر ص ٧: ٣٤) ولكنها هنا كانت نصيب موسى بمقتضى تعليم الله (خروج ٢٩: ٢٦).
٣٠ «ثُمَّ أَخَذَ مُوسَى مِنْ دُهْنِ ٱلْمَسْحَةِ وَمِنَ ٱلدَّمِ ٱلَّذِي عَلَى ٱلْمَذْبَحِ وَنَضَحَ عَلَى هَارُونَ وَعَلَى ثِيَابِهِ، وَعَلَى بَنِيهِ وَعَلَى ثِيَابِ بَنِيهِ مَعَهُ. وَقَدَّسَ هَارُونَ وَثِيَابَهُ وَبَنِيهِ وَثِيَابَ بَنِيهِ مَعَهُ».
خروج ٢٩: ٢١ و٣٠: ٣٠ وعدد ٣: ٣
ٱلدَّمِ ٱلَّذِي عَلَى ٱلْمَذْبَحِ الخ هذا جزء من دم كبش التقديس الكهنوتي الذي يرجّح أنه أُخذ في إناء ووُضع على المذبح لهذه الغاية. ولا نعلم من نص الآية هنا ولا من (خروج ٢٩: ٢١) أنه هل رُش مع دهن المسحة أو رُش كل منهما مستقلاً. وإذا كانت ثياب الكاهن علامة كهنوتية حكم بأن تُقدس كما يُقدس الكاهن نفسه. وعلى هذا قول الرسول «وَكُلُّ شَيْءٍ تَقْرِيباً يَتَطَهَّرُ حَسَبَ ٱلنَّامُوسِ بِٱلدَّمِ» (عبرانيين ٩: ٢٢).
٣١ «ثُمَّ قَالَ مُوسَى لِهَارُونَ وَبَنِيهِ: ٱطْبُخُوا ٱللَّحْمَ لَدَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ، وَهُنَاكَ تَأْكُلُونَهُ وَٱلْخُبْزَ ٱلَّذِي فِي سَلِّ قُرْبَانِ ٱلْمَلْءِ، كَمَا أَمَرْتُ قَائِلاً: هَارُونُ وَبَنُوهُ يَأْكُلُونَهُ».
خروج ٢٩: ٣١ و٣٢
ٱطْبُخُوا ٱللَّحْمَ اي لحم كبش التقديس ما عدا الأجزاء الشحمية والساق اليمنى (وفي الإنكليزية الكتف اليمنى) التي كانت تُحرق على المذبح. وصدر الترديد الذي كان يأخذه موسى بالنظر إلى أنه الكاهن القائم بالخدمة في هذه الحال (انظر ع ٨ وخروج ٢٩: ٣١ و٣٢). وكان لحم الذبيحة هو ما يعده هارون وبنوه تقدمة طعامية (انظر ص ٧: ١١ الخ). وعُيّن أن يطبخ اللحم في مدخل خيمة الاجتماع لا في باب الخيمة. ففي سفر الخروج «َتَطْبُخُ لَحْمَهُ فِي مَكَانٍ مُقَدَّسٍ» (خروج ٢٩: ٣١) أي في دار الخيمة ويؤكل مع خبز فطير تمييزاً له عن تقدمة السلامة الطعامية المعتادة.
هَارُونُ وَبَنُوهُ يَأْكُلُونَهُ هذا تمييز آخر لهذه الذبيحة فإنه في الذبيحة المعتادة كان للمقدم أن يدعو إليها أهل بيته والغرباء (انظر ص ٧: ١٥) وفي هذه لم يجز لغير الكهنة أن يأكل منها لأن الخبز واللحم كانا مقدسين على أسلوب خاص (انظر خروج ٢٩: ٣٣). وكان مثل هذا الامتياز لذبيحة المحرقة (انظر تفسير ص ١: ٤).
٣٢ «وَٱلْبَاقِي مِنَ ٱللَّحْمِ وَٱلْخُبْزِ تُحْرِقُونَهُ بِٱلنَّارِ».
خروج ٢٩: ٣٤
وَٱلْبَاقِي من اللحم أو الأقراص التي لم تؤكل في يوم التقدمة كانت تحرق كما هو شأن تقدمة السلامة (انظر ص ٧: ١٥ و١٧ وخروج ٢٩: ٣٤).
٣٣ «وَمِنْ لَدُنْ بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ لاَ تَخْرُجُونَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ إِلَى يَوْمِ كَمَالِ أَيَّامِ مَلْئِكُمْ، لأَنَّهُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ يَمْلأُ أَيْدِيَكُمْ».
خروج ٢٩: ٣٠ و٣٥ وع ٢٢ وحزقيال ٤٣: ٢٥ و٢٦
لَدُنْ بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ أي تجاه المدخل من الدار إلى خيمة الاجتماع. والمعنى أنه كان على هارون وبنيه أن لا يخرجوا من دار الخيمة لأن الخدمة لم تكن في داخل خيمة الاجتماع بل خارجها وهذا ظاهر من الآية الخامسة والثلاثين.
سَبْعَةَ أَيَّامٍ كان على هارون وبنيه أن لا يخرجوا من هنالك قبل نهاية أيام التقديس وهي سبعة.
لأَنَّهُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ الخ وفي كل من هذه الأيام تقدم ذبيحة الخطيئة وتقدمة المحرقة وتقدمة التقديس وتنضح أثواب هارون وبنيه بالدم ودهن المسحة كما ينضحون هم (انظر خروج ٢٩: ٢٦).
٣٤ – ٣٦ «٣٤ كَمَا فَعَلَ فِي هٰذَا ٱلْيَوْمِ قَدْ أَمَرَ ٱلرَّبُّ أَنْ يُفْعَلَ لِلتَّكْفِيرِ عَنْكُمْ. ٣٥ وَلَدَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلٱجْتِمَاعِ تُقِيمُونَ نَهَاراً وَلَيْلاً سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَتَحْفَظُونَ شَعَائِرَ ٱلرَّبِّ فَلاَ تَمُوتُونَ، لأَنِّي هٰكَذَا أُمِرْتُ. ٣٦ فَعَمِلَ هَارُونُ وَبَنُوهُ كُلَّ مَا أَمَرَ بِهِ ٱلرَّبُّ عَلَى يَدِ مُوسَى».
عبرانيين ٧: ١٦ عدد ٣: ٧ و٩: ١٩ وتثنية ١١: ١ و١ملوك ٢: ٣
كَمَا فَعَلَ فِي هٰذَا ٱلْيَوْمِ أي إن الله أمر بتكرار ما فعلوه في ذلك اليوم سبع مرات في كل يوم.
السابق |
التالي |