سفر القضاة | 05 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر القضاة
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلْخَامِسُ
أغنية دبورة النصرية
١ «فَتَرَنَّمَتْ دَبُورَةُ وَبَارَاقُ بْنُ أَبِينُوعَمَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ قَائِلَيْنِ».
خروج ١٥: ١ ومزمور ١٨ عنوان
فَتَرَنَّمَتْ دَبُورَةُ ذكر الكاتب هذه المترنمة باسمها مجرداً عن كل ألقاب الشرف والنعوت العظيم فدلّ على أنه مؤرخ يذكر الواقع بلا هوىً. ولو كان الكاتب من كتبة هذا العصر لقال فترنمت خير النبيات وأبلغ البلغاء وحاملة لواء الشعراء إلى غير ذلك من الأوصاف التي تستحقها.
والأغنية التي ترنمت بها أو القصيدة التي أنشدتها بالغناء هي ناظمتها خلافاً لبعضهم وقد قال بذلك الأكثرون. وتُسمى هذه القصيدة بنشيد النصر وأغنية المسرّة وهي ثلاثة أقسام كل قسم منها تسع آيات فآيات الأقسام الثلاثة ٢٧ آية والأصحاح ٣١ آية ولكن آيتين منه وهما الأولى والثانية مقدمة القسم الأول والآية الثانية عشرة مقدمة القسم الثاني. والآية الحادية والثلاثون تنفرد ببيان النتيجة أو العاقبة. وكل قسم من الأقسام الثلاثة يُقسم إلى ثلاثة أقسام.
إن هذه القصيدة من أشد أشعار الكتاب تهييجاً للعواطف وتأثيراً في القلوب. إنها أغنية النصر أو نشيد الظفر. بذل بعضهم الجهد في أن يبين أنها ليست لدبورة وإنها من أشعار المتأخرين عنها لأنها تشتمل على صور من صور كلام المتأخرين ولكن المحققين رأوها من أساليب الأقدمين ولم يقفوا على أثر يؤيد دعوى القاتل بتأخرها عن زمان النبية والذي حمل ذلك القائل على هذا انها لم يسبق لها نظير في البلاغة. ولكن هذا ليس بدليل على أنها بعد عهد دبورة فأحد شعراء العصر الواحد قد ينظم قصيدة تتفرد في بلاغتها ولم يسبق لها نظير في أسلوبها وحسنها.
وَبَارَاقُ ذُكرت دبورة أولاً لأنها النبيّة والناظمة وقائدة القائد الأكبر وسائر القوّاد والشخص الأول الذي يقتدي به الإسرائيليون. وذُكر باراق على أثرها لأنه قائد الجيش الأعلى. ولا يلزم من الاقتصار على ذكرهما أنه لم يغنِّ غيرهما بل أنهما غنّيا أولاً وتبعهما سائر المغنيين المعروفين يومئذ في جماعة الرب. وكان غناء دبورة هنا كغناء مريم أخت هارون في زمن الخروج من مصر والخلاص من عبودية المصريين. إلا أن القصيدة التي ترنمت بها مريم نظمها موسى لا مريم. ولا ريب في أن قصيدة دبورة نُشرت قبل الترنم بها وحفظها باراق والمغنون وربما حفظها غيرهم من الإسرائيليين. وهل كان شأن دبورة وباراق في هذا الغناء كشأن مريم وموسى في أنها تغنت قدّام النساء وباراق تغنى قدام الرجال. فهذا لا يبعد عن أن يكون هو الواقع. ولكن في قصيدة الخروج تقدّم موسى على مريم وفي قصيدة النصر تقدّمت دبورة على باراق.
٢ «لأَجْلِ قِيَادَةِ ٱلْقُوَّادِ فِي إِسْرَائِيلَ، لأَجْلِ طَاعَةِ ٱلشَّعْبِ، بَارِكُوا ٱلرَّبَّ».
٢أيام ١٧: ١٦ ومزمور ١٨: ٤٧
لأَجْلِ قِيَادَةِ ٱلْقُوَّادِ فِي إِسْرَائِيلَ أي من أجل أن الله أقام قوّاداً لإسرائيل وقدّرهم على حسن تصرفهم. وفي الترجمة السريانية والكلدانية «لأجل انتقام إسرائيل» أي من أجل أن الله قدّر للإسرائيليين على أن ينتقموا من أعدائهم أو لأجل انتقام الله للإسرائيليين من ظالميهم. والذي في ترجمتنا هو الموافق للأصل العبراني. والكلمة العبرانية «فرعوت» في هذه الآية لم تأت إلا هنا وفي (تثنية ٣٢: ٤٢) ومعناها هناك القوّاد كمعناها هنا. وفرعوت جمع فرع وهو في العبرانية والعربية الشعر ويستعمل في اللغتين لشريف القوم ومقدمهم. وجاءت العبارة في السبعينية «قيادة القواد في إسرائيل» فهي مثل ما في ترجمتنا تماماً.
لأَجْلِ طَاعَةِ ٱلشَّعْبِ الانتداب مطاوعة الندب يُقال ندب الأمير الناس للحرب فانتدبوا أي أجابوه لها وانقادوا. والظاهر أن المعنى على ما فُهم من بعض التراجم إنهم ذهبوا للحرب طوعاً فالانتداب هنا بمعنى ما يُعرف عندنا بالتطوّع (انظر مزمور ١١٠: ٣).
٣ «اِسْمَعُوا أَيُّهَا ٱلْمُلُوكُ وَٱصْغُوا أَيُّهَا ٱلْعُظَمَاءُ. أَنَا، أَنَا لِلرَّبِّ أَتَرَنَّمُ. أُزَمِّرُ لِلرَّبِّ إِلٰهِ إِسْرَائِيلَ».
تثنية ٣٢: ١ و٣ ومزمور ٢: ١٠
اِسْمَعُوا أَيُّهَا ٱلْمُلُوكُ لم يكن حينئذ من ملوك ولا أمراء في إسرائيل فالنداء لملوك الأرض كما في (مزمور ٢: ١٠) وفسرت الكلدانية هؤلاء الملوك بالملوك المحالفين ليابين. ورأى بعضهم أنه أرادت بالملوك الرؤساء والعظماء المتسلطين كأنهم ملوك. ومثل هذا قول بعضهم أن النبيّة نادت ملوك كنعان لكي يسمعوا كلمات النشيد فيتحدوا بشعب الله ويؤمنوا بالرب.
وَٱصْغُوا أَيُّهَا ٱلْعُظَمَاءُ غلب في الشعر العبراني أن تلي عبارة منه عبارة بمعناها (انظر مزمور ٨: ٤ و١٩: ١ و٢ و٧ – ١٠) فعلى ذلك ليس «العظماء» هنا إلا «الملوك» في العبارة التي قبلها.
أَنَا، أَنَا لِلرَّبِّ أَتَرَنَّمُ أكدت الضمير بالتكرار لتفهم ملوك كنعان أن الرب الذي ترنم له إله قادر على كل شيء ينصر الضعفاء على الأقوياء والقليلين على الكثيرين. فكأنها قالت اسمعوا يا ملوك كنعان وقوّاد جيوشهم وعظمائهم أنا أنا دبورة عينها المرأة الضعيفة نصر الله بواسطتي شعب إسرائيل علكيم وعلى جيوشكم الكثيرة فانتبهوا لجلهكم وضلالكم وآمنوا بإله إسرائيل القدير ودوسوا أصنامكم التي لا تستطيع أن تنفع عابديها شيئاً. وقولها «للرب أترنم» معناه إني لا أغني ولا أسبح إلا للرب الإله المعبود الحق الأزلي الأبدي القدوس العظيم الذي لا إله إلا هو.
أُزَمِّرُ لِلرَّبِّ إِلٰهِ إِسْرَائِيلَ هذا تذييل لقولها «للرب أترنم» وتأكيد له وإيضاح والظاهر أنها كانت تترنم بالأغنية التي نظمتها لفظاً فيكرر المغنون ما تقوله وفي أثناء ذلك تترنم بالمزمار وإلا فيمتنع أن تتكلم وتزمر معاً. والمترجم يضع لفظة «الرب» موضع «يهوه» وهو عَلَم لإله إسرائيل فقولها «إله إسرائيل» تفسير «ليهوه» جلّ وعلا وتقدّس. ولا يخفى ما في هذه الآية النفيسة البليغة من التوبيخ لملوك الأمم الذين يعبدون آلهة تضرّ ولا تنفع ولا تقدر على شيء لأنها من صور الخيال لا وجود لها إنما الموجود تماثيلها الجمادية أي التي لا حياة لها.
٤ «يَا رَبُّ بِخُرُوجِكَ مِنْ سَعِيرَ، بِصُعُودِكَ مِنْ صَحْرَاءِ أَدُومَ، ٱلأَرْضُ ٱرْتَعَدَتِ. ٱلسَّمَاوَاتُ أَيْضاً قَطَرَتْ. كَذٰلِكَ ٱلسُّحُبُ قَطَرَتْ مَاءً».
تثنية ٢٣: ٢ ومزمور ٦٨: ٧ و٢صموئيل ٢٢: ٨ ومزمور ٦٨: ٨ وإشعياء ٦٤: ٣ وحبقوق ٣: ٣ و١٠
يَا رَبُّ بِخُرُوجِكَ مِنْ سَعِيرَ (انظر مزمور ٦٨: ٧ – ٩ وحبقوق ٣: ٣ – ١٢). ذهب كثيرون من قدماء المفسرين ومحدثيهم أن المراد هنا ما كان عند إعلان الشريعة على طور سيناء كما فُصل في (خروج ١٩: ١٦ – ١٨) لكن ذكر سعير وأدوم يدل على أن المراد غير ذلك والقرينة تمنع من هذا المراد وتدل على حادث عجيب غير زلزال سيناء ورعوده. فالنبية غايتها بعد إيجاب المباركة لله أن تُعلن للإسرائيليين وغيرهم أن مساعدة الرب لهم في حرب سيسرا وما أتاه فيها من الغرائب سبق له أمثال من عناية الله بشعب إسرائيل منذ سيرهم في البرية وأحاط الإسرائيليون بأرض أدوم في ذلك السير (عدد ٢٠: ٢٢ و٢١: ٤) ثم استولوا على ما يجاورها وهنالك كان ما ذُكر من ارتعاد الأرض وانصباب الغيث. وقد عرفت النبية ذلك بإعلان الله إذ لم يُذكر في الأسفار الخمسة لأن موسى اكتفى بذكر بعض معجزات الله الذي فيه كثير من أمثال ما ذكرته النبية وفي كلامه ما يشير إلى أعماله العجيبة غير التي ذكرها دون تفصيل. وذكرت النبية مع ذلك زلزال سيناء فهي ذكرت أعمال الله العجيبة في ما سبق على سبيل الإيجاز.
وقولها «بخروجك من سعير» خروجه مع شعبه لما انطلق من سعير. وسعير أرض في البرية بين بحر لوط وخليج العقبة شرقيها البرية العربية وغربيها وادي العربة وقنتها العالية جبل هور استولى عليها عيسو وخلفاؤه (تكوين ٣٢: ٣ و٣٣: ١٤ و١٦ و٣٦: ٨ و٩ وتثنية ٢: ٤ و٢٢) ولهذا كثير ما يراد بسعير أرض أدوم.
بِصُعُودِكَ مع شعبك.
مِنْ صَحْرَاءِ أَدُومَ هي برية في أرض أدوم وهي أرض كانت وطناً للحوريين واقعة جنوبي بحر لوط على تخوم موآب وهي تشمل كل تخوم كنعان الجنوبية من بحر لوط إلى خليج البحر الأحمر الشرقي.
ٱلأَرْضُ ٱرْتَعَدَتِ وهذا مع ما قبله نص صريح على أن هذا الارتعاد غير ارتعاد جبل سيناء. وربما قصدت ارتعاد أهل أرض كنعان لأن خشية الإسرائيليين وقعت حينئذ على كل أمم كنعان فخافوا خوفاً شديداً وارتعدوا وبهذا لم يبق من صعوبة في الأمر (انظر خروج ١٥: ١٤ – ١٦ وقابل بما في يشوع ٢: ٩ – ١١) أو تمثيل الأرض ترتعد قدام الله تمثيلاً شعرياً. أو الارتعاد حقيقة وحوادثه في الكتاب كثيرة.
ٱلسَّمَاوَاتُ أَيْضاً قَطَرَتْ أي سالت مياهها قطرات متوالية والمعنى أنها أمطرت.
كَذٰلِكَ ٱلسُّحُبُ قَطَرَتْ مَاءً «كذلك» هنا و«أيضاً» في العبارة السابقة أصلهما واحد في العبرانية فالعبارة هنا تفسير وتأكيد للعبارة السابقة لأن معنى قطور السماء وقوع سحابها ماء. وهذا التذييل كثير في الأشعار العبرانية.
٥ «تَزَلْزَلَتِ ٱلْجِبَالُ مِنْ وَجْهِ ٱلرَّبِّ، وَسِينَاءُ هٰذَا مِنْ وَجْهِ ٱلرَّبِّ إِلٰهِ إِسْرَائِيلَ».
تثنية ٤: ١١ ومزمور ٩٧: ٥ خروج ١٩: ١٨
تَزَلْزَلَتِ ٱلْجِبَالُ وفي العبرانية «نزلت» أي نزلت حجارتها وأتربتها على جوانبها وهذا من لوازم التزلزل فتُرجمت بتزلزلت. وهذا الذي فسرها به النبي إشعياء بقوله الله «حِينَ صَنَعْتَ مَخَاوِفَ لَمْ نَنْتَظِرْهَا، نَزَلْتَ. تَزَلْزَلَتِ ٱلْجِبَالُ مِنْ حَضْرَتِكَ» (إشعياء ٦٤: ٣). والكلام هنا في حوادث سيناء يوم إعلان الشريعة الأدبية وجمع لأن سيناء جبل من عدة جبال مجتمعة. وجاء في بعض الترجمات الأوربية ذابت الجبال إذ فهم المترجم أن نار سيناء أذابت الصخور فجرت على السفوح. ورأى بعضهم أن السيول نزلت على عروض الجبل المذكور ولكن هذا لم يُذكر إنه حدث يومئذ على سيناء.
وَسِينَاءُ هٰذَا مِنْ وَجْهِ ٱلرَّبِّ هذا الكلام مؤكد لتزلزل الجبال والعطف للتفسير.
٦ «فِي أَيَّامِ شَمْجَرَ بْنِ عَنَاةَ، فِي أَيَّامِ يَاعِيلَ، ٱسْتَرَاحَتِ ٱلطُّرُقُ، وَعَابِرُو ٱلسُّبُلِ سَارُوا فِي مَسَالِكَ مُعْوَجَّةٍ».
ص ٣: ٣١ ص ٤: ١٧ لاويين ٢٦: ٢٢ و٢أيام ١٥: ٥ وإشعياء ٣٣: ٨ ومراثي إرميا ١: ٤ و٤: ١٨
فِي أَيَّامِ شَمْجَرَ بْنِ عَنَاةَ (انظر تفسير ص ٣: ٣١).
فِي أَيَّامِ يَاعِيلَ هذا بيان لأيام شمجر يُفهم منه أن شمجر وياعيل كانا متعاصرين.
قال بعضهم إن ياعيل هذه هي قاضية لإسرائيل وإنها غير ياعيل التي قتلت سيسرا وليس لها ذكر إلا هنا والأرجح أنها ياعيل المذكورة. وذكرتها دبورة هنا مع ذكر شمجر لأنها كانت معروفة وغيورة لخلاص إسرائيل قبلما قتلت سيسرا غير أنها لم تتجاسر أن تعمل شيئاً حتى قامت دبورة.
ٱسْتَرَاحَتِ ٱلطُّرُقُ من السائرين عليها وهذا كناية عن انقطاعها لعدم الأمن (انظر حاشية الكتاب ذي الشواهد على هذه العبارة) وأُنبئ بذلك في سفر اللاويين (لاويين ٢٦: ٢٢) وهذا كقوله «خلت السكك» (إشعياء ٣٣: ٨) وقول زكريا «فَخَرِبَتِ ٱلأَرْضُ وَرَاءَهُمْ، لاَ ذَاهِبَ وَلاَ آئِبَ» (زكريا ٧: ١٤).
وَعَابِرُو ٱلسُّبُلِ سَارُوا فِي مَسَالِكَ مُعْوَجَّةٍ أي عدلوا عن طريق السفر المستقيم إلى تلك المسالك خوفا من اللصوص والقتلة.
٧ «خُذِلَ ٱلْحُكَّامُ فِي إِسْرَائِيلَ. خُذِلُوا حَتَّى قُمْتُ أَنَا دَبُورَةُ. قُمْتُ أُمّاً فِي إِسْرَائِيلَ».
إشعياء ٤٩: ٢٣
خُذِلَ ٱلْحُكَّامُ وأصل الحكام في العبرانية «فرَزون» واختلف المترجمون في معناها فترجمها بعضهم ساكنو القرى جرياً على الترجمة الكلدانية وبناء على أنها جاءت بمعنى القرى في سفر التثنية (تثنية ٣: ٥) لكن هذا مخالف لمعناها في (ع ١١). وجاءت في السبعينية بمعنى الأمراء. ورجّح بعضهم أن معناها المحاربون بناء على أن معنى الخَذل ترك النصرة والعون. ولكن القرينة في كلام دبورة تدل على أن معناها الحكام والأرجح أنهم قضاة عصرها. ومعنى «خُذل» هنا أمّا تركت مساعدة الحكام أو أُضعفوا من قولهم خذله الله أي لم يعصمه وأضعفه.
خُذِلُوا حَتَّى قُمْتُ أَنَا دَبُورَةُ هذا يرجّح أن معنى خُذل الحكام أضعف قضاة عصرها ولم يكن لهم من مساعد كباراق نفسه فإنه لم يجسر أن يخرج للحرب إلا بخروج دبورة معه.
أُمّاً فِي إِسْرَائِيلَ استعارة جاء أمثالها في مواضع من الكتاب (انظر تكوين ٤٥: ٨ و٢صموئيل ٢٠: ١٩ وأيوب ٢٩: ١٦). والمعنى أن دبورة كانت مثل الأم لإسرائيل في محبتها لهم وحرصها على راحتهم وسلامتهم ودفعها عنهم كل أذًى.
٨ «اِخْتَارَ آلِهَةً حَدِيثَةً. حِينَئِذٍ حَرْبُ ٱلأَبْوَابِ. هَلْ كَانَ يُرَى مِجَنٌّ أَوْ رُمْحٌ فِي أَرْبَعِينَ أَلْفاً مِنْ إِسْرَائِيلَ؟».
تثنية ٣٢: ١٦ و١٧ وص ٢: ١٢ و١٧ و١صموئيل ١٣: ١٩ و٢٢ وص ٤: ٣
اِخْتَارَ إسرائيل أي فضّل ما يأتي من الآلهة الباطلة على الإله الحق.
آلِهَةً حَدِيثَةً أي مُحدثة بدلاً من الإله الأزلي أي القديم الذي لا بداءة له. «ذَبَحُوا لأَوْثَانٍ لَيْسَتِ ٱللّٰهَ. لآلِهَةٍ لَمْ يَعْرِفُوهَا أَحْدَاثٍ قَدْ جَاءَتْ مِنْ قَرِيبٍ» (تثنية ٣٢: ١٧).
حِينَئِذٍ حَرْبُ ٱلأَبْوَابِ أي وفي تلك الأيام كانت حرب الأبواب وفي العبرانية «لحم شعريم» أي حينئذ ملحمة الأبواب والملحمة الواقعة التي يكثر فيها القتل. والمراد «بحرب الأبواب» هجوم الأعداء على الأبواب لقتال الجنود عندها ووصولهم حتى الأبواب التي كانت مجالس الرؤساء والحكام.
هَلْ كَانَ يُرَى مِجَنٌّ أَوْ رُمْحٌ فِي أَرْبَعِينَ أَلْفاً مِنْ إِسْرَائِيلَ «المجن» الترس. والاستفهام هنا إنكاري. كان عدد جيش باراق عشرة آلاف (ص ٤: ١٠) والظاهر أن لهم أسلحة (ص ٤: ١٥ و١٦). ولعل معنى قول دبورة هنا أنه كان في إسرائيل أناس قادرون على الحرب لم يُنتدبوا لها فلم تُرَ أتراسهم ورماحهم. والعدد «أربعون ألفاً» ليس عدداً مدققاً بل عدداً جامعاً أي كان كثيرون لم يُنتدبوا للحرب.
٩ «قَلْبِي نَحْوَ قُضَاةِ إِسْرَائِيلَ ٱلْمُتَطَوِّعِينَ فِي ٱلشَّعْبِ. بَارِكُوا ٱلرَّبَّ».
ع ٢
قَلْبِي نَحْوَ قُضَاةِ إِسْرَائِيلَ ٱلْمُتَطَوِّعِينَ أي شكر قلبي موجّه إلى قضاة إسرائيل الذين نُدبوا للحرب فانتدبوا أي أطاعوا. يُقال ندب فلان فلاناً لأمر فانتدب له أي دعاه له فأجاب (انظر تفسير ع ٢). المعنى أن إسرائيل وإن كان البعض قاعداً عن الحرب كان فيه رجال تطوّعوا للحرب وهم القضاة فوجب على دبورة أن تحمد الله وتشكر لهم فعلهم.
فِي ٱلشَّعْبِ فيقتدي بهم فيتبعهم حيث توجهوا.
بَارِكُوا ٱلرَّبَّ على إبقائه مثل أولئك الرجال المنتدبين وإنقاذه الشعب بواسطتهم.
١٠ «أَيُّهَا ٱلرَّاكِبُونَ ٱلأُتُنَ ٱلصُّحْرَ، ٱلْجَالِسُونَ عَلَى طَنَافِسَ، وَٱلسَّالِكُونَ فِي ٱلطَّرِيقِ، سَبِّحُوا!».
ص ١٠: ٤ و١٢: ١٤ مزمور ١٠٧: ٣٢ مزمور ١٠٥: ٢ و١٤٥: ٥
أَيُّهَا ٱلرَّاكِبُونَ ٱلأُتُنَ ٱلصُّحْرَ الأُتن جمع أتان وهي الحمارة والصُحر جمع الصحراء. وهي من الأتن الغبراء في حمرة خفية إلى بياض قليل وهي نادرة ولذلك تقتنيها العظماء والأغنياء. وكان الكبراء يختارون ركوب الحمير كيف كان لونها (انظر ص ١٠: ٤ و١٢: ١٤).
ٱلْجَالِسُونَ عَلَى طَنَافِسَ الطنافس هنا البسط وكانت مما يقعد عليه الكُبراء.
وَٱلسَّالِكُونَ فِي ٱلطَّرِيقِ أي الفقراء الماشون الذين لا مطية لهم سوى أقدامهم.
سَبِّحُوا اي احمدوا الرب ورنموا له بأغاني التسبيح. وخلاصة الآية يا أغنياء ويا فقراء سبحوا للرب أو رنموا له بأغنية النصر. كان على الأغنياء أن يسبحوا لله لأنه وهب لهم النفائس وليس الأطالس والجلوس على الطنافس وآمّنهم على أموالهم بالانتصار على الأعداء السالبين. وعلى الفقراء كذلك لأنه قدّرهم على السير على أقدامهم بما منحهم من الصحة والقوة والأمن في الطُرق التي كانت مملوءة بالمخاوف قبل أن ينصرهم الله على الكنعانيين.
١١ «مِنْ صَوْتِ ٱلْمُحَاصِّينَ بَيْنَ ٱلأَحْوَاضِ هُنَاكَ يُثْنُونَ عَلَى حَقِّ ٱلرَّبِّ حَقِّ حُكَّامِهِ فِي إِسْرَائِيلَ. حِينَئِذٍ نَزَلَ شَعْبُ ٱلرَّبِّ إِلَى ٱلأَبْوَابِ».
١صموئيل ١٢: ٧ ومزمور ١٤٥: ٧ ع ٨
مِنْ صَوْتِ ٱلْمُحَاصِّينَ أي من غناء المحاصين. والمحاصون هم الذين يقسمون المال حصصاً. واللفظة في العبرانية «محاصيم» أي محاصين فالأصل واحد والفرق في علامة الجمع فهي في العربية الياء والنون وفي العبرانية الياء والميم واختلف المفسرون فيها لاختلافهم في الأصل المشتقة منه. فذهب بعضهم أنها من حص بتخفيف الصاد وهو السهم في العبرانية ففسروه بالرماة أي رماة السهام عن القسيّ. ورأى آخر أنها مشتقة من حصّ بتشديد الصاد وهو القسمة فترجمها بالمتقاسمين وهي معنى المتحاصّين في العربية. ثم اختلفوا بالمراد من المحاصّين أي المتقاسمين فرأى بعضهم أنهم المتقاسمون الغنائم التي آبوا بها من ديار الأعداء وهو الأرجح عندنا. ورأى آخرون أنهم الرعاة الذين يتقاسمون الرعية ويعتني كلٌ منهم بقسمة في الرعاية والإيراد أي السير بها إلى الماء لتشرب والحماية من الوحوش المفترسة والدفع عنها وما أشبه ذلك. و«من» في قولها «من صوت» سببية متعلقة «بيثنون» في ما يأتي.
بَيْنَ ٱلأَحْوَاضِ جمع حوض وهو مجمع الماء. وهذا الذي حمل بعضهم على تفسير المحاصّين بالرعاة والأحواض موارد البهائم غالباً ولكن ذلك لا يمنع أنها موارد الناس في البرية ولا سيما الآيبين بالغنائم وقد تعبوا وعطشوا. وأحسن مكان يستريحون فيه ويروون عطشهم ويتقاسمون غنائمهم مكان بين الأحواض على أن في ذلك معنى زائد على هذا قصدته النبيّة وهو عموم الأمن. فإن موارد الماء في البرية مكامن اللصوص لأنه لا بد للمسافرين العطاش من قصدها فيكونون بذلك غنيمة باردة للسالبين والقتلة ولكن لما انتصر الإسرائيليون على الأمم الأشرار وقتلوا من قتلوا منهم واستولوا على الأرض قطعوا اللصوص فأمن المسافرون ووردوا الماء لا يخشون ضرراً وقسم هنالك الغانمون غنائمهم لا يخافون سالباً وإلا ما أَمنوا أن يأتوا بغنائمهم إلى أماكن لا يأمن فيها الإنسان على ثوبه ولا على حياته.
هُنَاكَ يُثْنُونَ عَلَى حَقِّ ٱلرَّبِّ «هناك» بدل من «بين الأحواض» والواو في «يثنون» لجماعة الشعب و«حق الرب» ما فعله من إنصاف شعبه بانتقامه من أعدائهم وتوطيد الأمن لهم والثناء عليه المدح له.
حَقِّ حُكَّامِهِ فِي إِسْرَائِيلَ هذا بيان «لحق الرب» والمعنى أن حق الرب هو الحق الذي أجراه بواسطة قضاة إسرائيل فالفاعل هو سبحانه وتعالى والقضاة آلات لفعله. ومعنى الكلام من أول الآية إلى هنا أن ترنُّم المتقاسمين الغنائم في مواطن الخوف هناك إذ صارت مواطن الأمن على أن يثني الشعب على الرب الذي أنصفهم من أعدائهم بواسطة من أقامهم قضاة عليهم.
حِينَئِذٍ نَزَلَ شَعْبُ ٱلرَّبِّ إِلَى ٱلأَبْوَابِ إذ خلصوا من أخطار الذين هجموا عليهم وحاربوهم عندها (انظر تفسير ع ٨) أي رجعوا إلى عادتهم زمان الأمن.
١٢ «اِسْتَيْقِظِي ٱسْتَيْقِظِي يَا دَبُورَةُ! ٱسْتَيْقِظِي ٱسْتَيْقِظِي وَتَكَلَّمِي بِنَشِيدٍ! قُمْ يَا بَارَاقُ وَٱسْبِ سَبْيَكَ، يَا ٱبْنَ أَبِينُوعَمَ!».
مزمور ٥٧: ٨ مزمور ٦٨: ١٨
اِسْتَيْقِظِي ٱسْتَيْقِظِي يَا دَبُورَةُ نبّهت نفسها بالنداء المكرر تنشيطاً لها وإغراء بإكمال النشيد فيما يشجع الشعب ويزيده ابتهاجاً من عرض الأسرى أو غيره كما يأتي. ومخاطبة الإنسان نفسه من بديع اللغات الساميّة وهو يكثر في أشعارها وهو وافر في أشعار القدماء والمحدثين وعدّه البديعيون نوعاً من التجريد وهو أن يجرد الإنسان من نفسه شخصاً آخر يخاطبه كأنه يخاطب غيره ويكون الخطاب في أغراض مختلفة.
ٱسْتَيْقِظِي ٱسْتَيْقِظِي جاءت «باستيقظي» أربع مرات وهذا العدد غاية ما بلغه التوكيد بتكرار اللفظ على ما عُرف في الأشعار العربية ويغلب أن لا يتجاوز الاثنتين. قال الشيخ ناصيف اليازجي في شرحه نار القرى وأكثر ما ينتهي تكرار اللفظ إلى ثلاث مرات كقول الشاعر:
ألا حبّذا حبّذا حبّذا | حبيب تحمّلتُ فيه الأذى |
وربما تجاوز إلى الأربع كقول الآخر:
فقلتُ يا سيدتي | نَعَمْ نَعَمْ نَعَمْ نَعَمْ |
فنبهت دبورة نفسها بأعظم أنواع التأكيد لتنشط وتهيج لبيان ما يأتي لأنه أمرٌ ذو شأن عظيم.
وَتَكَلَّمِي بِنَشِيدٍ أي بشعر يُتغنى به. إن الأغاني الشعرية أوقع في النفس من النثرية. والشعر ما كان إلا لزيادة الترغيب أو الترهيب وتحريك الهمة وتنشيط النفس وأمثال ذلك من الأغراض. ولهذا ترى الأمم المتمدنة والمتوحشة إذا أرادت الترغيب في أمر والإغراء به أتت بالكلام شعراً فالشعر هو مولّدات الطبع. ولعل دبورة رأت من نفسها فتوراً عن الشعر بعد إنشاد ما مرّ فنبهت نفسها ونشطتها لتقوى على إكمال القصيدة. وهذا هو الجزء الثاني من النشيد.
قُمْ يَا بَارَاقُ وَٱسْبِ سَبْيَكَ أي اعرض المسبيين على الشعب الذي كان مهاناً فعزّ ومظلوماً فأُنصف لتزيده بهجة بنصرة الرب على الأعداء. أرادت النبيّة بالسبي المسبيين على سبيل المبالغة وعبّرت عن أعرض بٱسبِ لتنزيلها عرض المسبيين على الشعب منزلة سبي ثانٍ على سبيل الاستعارة البليغة. ولهذا جاء في حاشية الكتاب ذي الشواهد على قولها اسبِ «أو ابرز» أي أخرج المسبيين إلى الظاهر أو أعرضهم على أبصار الشعب.
١٣ «حِينَئِذٍ تَسَلَّطَ ٱلشَّارِدُ عَلَى عُظَمَاءِ ٱلشَّعْبِ. ٱلرَّبُّ سَلَّطَنِي عَلَى ٱلْجَبَابِرَةِ».
مزمور ٤٩: ١٤
حِينَئِذٍ تَسَلَّطَ ٱلشَّارِدُ عَلَى عُظَمَاءِ ٱلشَّعْبِ الشارد هنا الشريد أي المطرود أو الهارب من الجور والمراد به شعب إسرائيل أي تسلّط شعب إسرائيل على عظماء شعب الكنعانيين.
ٱلرَّبُّ سَلَّطَنِي عَلَى ٱلْجَبَابِرَةِ أي سلّط الرب دبورة على جبابرة الكنعانيين لأن دبورة هي التي أنهضت باراق وإسرائيل للحرب. انظر ما في حاشية الكتاب ذي الشواهد وهو «أو سلّط الشارد أو حينئذ (قلت) انزل يا شارد على العظماء. يا شعب الرب انزلوا على الجبابرة أو على عظماء الشعب. يا رب انزل الخ». فإن الكلمة الأصلية المترجمة بتسلّط يحتمل أن تُترجم بانزل.
١٤ «جَاءَ مِنْ أَفْرَايِمَ ٱلَّذِينَ مَقَرُّهُمْ بَيْنَ عَمَالِيقَ، وَبَعْدَكَ بِنْيَامِينُ مَعَ قَوْمِكَ. مِنْ مَاكِيرَ نَزَلَ قُضَاةٌ، وَمِنْ زَبُولُونَ مَاسِكُونَ بِقَضِيبِ ٱلْقَائِدِ».
ص ٣: ٢٧ ص ٣: ١٣ و١٢: ١٥ عدد ٣٢: ٣٩ و٤٠ ص ٤: ٦ و٢ملوك ٢٥: ١٩ و٢أيام ٢٦: ١١
جَاءَ مِنْ أَفْرَايِمَ ٱلَّذِينَ مَقَرُّهُمْ بَيْنَ عَمَالِيقَ أخذت النبية تذكر هنا الأسباط الذين ساروا تحت علم باراق وتراجع نبأهم فقالت جاء من أرض أفرايم إلى الحرب الأفرايميون الذين كانوا ساكنين بين العمالقة. فإن أفرايم كان ساكناً في الأرض التي كانت حصن الإسرائيليين من عماليق وغيرهم (انظر ص ٣: ١٣ و٢٧ و١٢: ١٥ والتفسير). والعمالقة شعب قويٌّ قديم (تكوين ١٤: ٧).
وَبَعْدَكَ بِنْيَامِينُ مَعَ قَوْمِكَ أي وجاء بعد أفرايم بنيامين واختلط برجال أفرايم وكان مقتضى الظاهر أن تقول وجاء بعده بنيامين مع قوم أفرايم ولكنها اختارت الالتفات وهو نوع من البديع. وهو الانتقال من كل التكلم والخطاب والغيبة إلى صاحبه على غير ما يقتضيه سياق الكلام افتناناً في الحديث وحمل السامع على فضل الإصغاء إليه. وكان بنيامين أصغر أولاد يعقوب وكان نصيب نسله من أرض الميعاد ما بين أفرايم ويهوذا وكان البنيامينيون أشداء البأس أقوياء البنية واشتهروا بأحكام الرمي بالمقلاع. ولا بد من أنهم أبلوا في تلك الحرب بلاء حسناً. وإذ كانوا مجاورين لأفرايم اختلطوا بهم (انظر تفسير ص ١: ٢١ و٢٢). وكان هذا السبط قليل العدد حتى كادت قوته تضيع بين جيرانه فلا بد من أن يكون المحاربون مئة مع باراق قليلين ولكنهم أقوياء (انظر ص ٢٠: ٢١).
مِنْ مَاكِيرَ نَزَلَ قُضَاةٌ أي من قبيلة ماكير أو نسل ماكير وهو ابن منسى (تكوين ٥٠: ٢٣ وعدد ٣٢: ٣٩ و٤٠ و٣٦: ١) وهؤلاء من نصف منسى الغربي فإن النصف الشرقي كان مع جاد ورأوبين. والسكوت هنا عن يهوذا مما يستحق التأمل والمظنون أنه كان هو وشمعون مشغولَين بدفع الفلسطينيين أو إنهما اهتما بوقاية أرضيهما ولم يلتفتا إلى إخوتهما في حرب باراق فآثرا أنفسهما على سائر الإسرائيليين. وأصل «قضاة» هنا في العبرانية «محققون» ولعل المراد بهم قوّاد فرق في الجيش ممن سمت مداركهم وحققوا أمور الحرب وحكموا بما ينفع وما يضرّ من أمرها وكان أحسنهم من ماكير. ورأى بعضهم أن المراد بهم علماء الشريعة أو المفتون وهو مما يحتمله الكلام.
وَمِنْ زَبُولُونَ مَاسِكُونَ بِقَضِيبِ ٱلْقَائِدِ يحتمل هذا الكلام عدة معان منها أنهم يتبعون إشارة قضيب القائد كأنهم ماسكون بها. و«القائد» هنا في العبرانية «شفر» أي الكاتب أو الحاسب و«القضيب» هنا العصا. وكان الكاتب أو الحاسب يرفع العصا فوق البهائم وكل ما يعبر تحتها يكون العاشر منه قدساً للرب (انظر لاويين ٢٧: ٣٢ والتفسير) ولأن الكلام هنا في الحرب فهو كاتب الجنود أو الذين يعدّهم. ورأى بعضهم ترجيح أن معناها القائد وهو الذي يقود الجنود إلى الحرب بإشارته بعصا الرياسة وتلك العصا تُعرف بعصا القوة أو السيادة فهي تشبه صولجان الملك. وهذا الذي رجّحه مترجم كتابنا المقدس حتى ترجمها بالقائد. وكُتب في الحاشية أو بعصا الكاتب (انظر لاويين ٢٧: ٣٢). وقولها «ماسكون بقضيب القائد» أي قابضون إياه إما كناية عن القواد أو عن إطاعة الجنود. وقولها على الاحتمال الثاني «ماسكون بعصا الكتاب» كناية عن الكتبة الذين يعدُّون الجند ويكتبون عدده. ولا يبعد أن يراد بهم الذين كانوا يأخذون بعض الغنائم للرب من البهائم. و«زبولون» هنا نسل زبولون أحد أسباط إسرائيل وأرضهم بين بحيرة طبرية وبحر الروم.
١٥ «وَٱلرُّؤَسَاءُ فِي يَسَّاكَرَ مَعَ دَبُورَةَ. وَكَمَا يَسَّاكَرُ هٰكَذَا بَارَاقُ. اِنْدَفَعَ إِلَى ٱلْوَادِي وَرَاءَهُ. عَلَى مَسَاقِي رَأُوبَيْنَ أَقْضِيَةُ قَلْبٍ عَظِيمَةٌ».
ص ٤: ١٤
وَٱلرُّؤَسَاءُ فِي يَسَّاكَرَ مَعَ دَبُورَةَ أي وكان الرؤساء من يساكر الذين جاءوا للحرب مع دبورة أي مصاحبين إياها في حومة القتال وهو الأرجح أو من حزبها وناصريها وهو محتمل. وهذا من الأدلة على أن النبيّة كانت في حومة القتال تشجع رجال إسرائيل ولكن شتان بين تشجيع النساء البدويات وبين تشجيع النبيّة. فالنبيّة كانت تقول ما معناه احملوا على الأعداء واغلبوهم فإن الله سائر أمامكم واوفوا بعهودكم لملك الملوك ورب الأرباب الذي وعدكم بالنصر والله لا يخلف الميعاد. وقول دبورة إن رؤساء يساكر كانوا معها مدح لهم على مرؤتهم وحميتهم.
وَكَمَا يَسَّاكَرُ هٰكَذَا بَارَاقُ قلبت النبيّة هنا طرفي التشبيه لزيادة المدح لأبطال يساكر ورؤساءهم وسياق الكلام يقتضي أن تقول وكان رجال يساكر كباراق في الشجاعة والإقدام فقالت ما معناه وكان باراق كيساكر فزادت مدح يساكر لأن وجه الشبه في المشبه به أقوى منه في المشبّه.
اِنْدَفَعَ إِلَى ٱلْوَادِي وَرَاءَهُ أي اندفع يساكر وراء باراق من جبل تابور (ص ٤: ١٤) إلى الوادي أي السهل الذي فيه مشاة الأعداء وفرسانهم ومركباتهم غير خائف من مركبات الحديد.
عَلَى مَسَاقِي رَأُوبَيْنَ أَقْضِيَةُ قَلْبٍ عَظِيمَةٌ المساقي هنا مواضع السقي من حياض وسواقي وجداول وغيرها من الأنهار والمراد بها هنا مساقي البقر والغنم وغيرهما من البهائم الداجنة. وتُرجمت في المزمور الأول «بالمجاري» (مزمور ١: ٣). وفي سفر أيوب «بالجداول» وهي الأنهار الصغيرة (أيوب ٢٠: ١٧). و«الأقضية» الأحكام و«عظيمة» نعت لها. إن رأوبين خذل إخوته أي ترك مساعدتهم في الحرب. فأخذت هنا النبيّة توبخه وتهزأ به كما يتضح جلياً مما يأتي. والظاهر أن رجال رأوبين اجتمعوا على روافد نهر يبوق وأخذوا يتآمرون في الخروج للحرب مع إخوتهم فأجمعوا أن يبقوا بعد أحكام كثيرة خلاصتها أن البقاء في أرضهم والتلذذ بما لهم من الخيرات في تلك الأرض الخصبة هو الأفضل. فقالت دبورة إن تلك الأحكام «أحكام قلب عظيمة» على سبيل التهكم والتوبيح المؤلم إذ معناها إنها أحكام سافلة يُهزأ بها وتدل على دناءة أهلها وعدم مروءتهم وجبنهم. ولا تخفى شدة توبيخ امرأة شهدت حومة القتال لرجال قعدوا عن حرب أوجبها الله عليهم. فكانت عرضة للسيوف والرماح والسهام وهم قعود بين الحظائر ليطربوا أسماعهم بصفير الرعاة للقطعان (ع ١٦).
١٦ «لِمَاذَا أَقَمْتَ بَيْنَ ٱلْحَظَائِرِ لِسَمْعِ ٱلصَّفِيرِ لِلْقُطْعَانِ. لَدَى مَسَاقِي رَأُوبَيْنَ مَبَاحِثُ قَلْبٍ عَظِيمَةٌ».
تكوين ٤٩: ١٤ وعدد ٣٢: ١ و١٦
لِمَاذَا أَقَمْتَ بَيْنَ ٱلْحَظَائِرِ هنا التفات وهو نوع من البديع كما سبق (انظر تفسير ع ١٤) والخطاب لرأوبين و«الإقامة» هنا البقاء في المكان. و«الحظائر» جمع حظيرة وهي موضع للماشية يقيها البرد والريح والمطر وغير ذلك من الآثار الجوية وهي من الحظر أي المنع لأنها تمنع الأضرار عن البهائم. والاستفهام هنا للتعجب لا لطلب الفهم فكأنها تقول أتعجب يا رأوبين من إقامتك بين الحظائر وإخوتك قيام في حومة الوغى يقابلون الموت دفعاً عن شعب الرب ورغبة في الاستيلاء على ما بقي له من أرض الميعاد. وهذا التعجب يتضمن التوبيح الشديد.
لِسَمْعِ ٱلصَّفِيرِ لِلْقُطْعَانِ الصفير التصويت بالنفخ من الشفتين أو في الأصابع المشبكة عليها أو في آلة نفخ تُعرف بالصفارة يسميها بعض العامة بالصيفرة وبعضهم بالضافورة تأتيه الرعاة لدعاء البهائم إلى الشرب. قال طويس الدلّال:
فلا تشرب بلا طرب لأني | رأيت الخيل تشرب بالصفير |
وقيل المراد به هنا صوت مزمار الرعاة أو نايهم وهو المعروف عند المولدين بالشبّابة وعند بعض العامة بالمنجيرة وكثيراً ما يستعملها الرعاة.
و«القطعان» جمع قطيع وهو الطائفة من الغنم وغيرها من الماشية. والمعنى أقمت يا رأوبين بين الحظائر لتسمع صفير الرعاة للقطعان بدلاً من أن تسمع صوت يوم القتال وتذهب لخوض غمرات الموت في حومة الحرب وتآزر إخوتك.
لَدَى مَسَاقِي رَأُوبَيْنَ مَبَاحِثُ قَلْبٍ عَظِيمَةٌ هذا تذييل لقولها «على مساقي رأوبين أقضية قلب عظيمة» أفادت به أنهم حكموا بالقعود عن الحرب بعد البحث المتوالي الذي هو من أدنى المباحث. ونعتها المباحث بالعظيمة تهكم ملؤه التعنيف الشديد الأليم. وكأن النبيّة كانت في نفسها من رأوبين مرارة لا توصف فكررت عبارة الذم والتهكم. وذكرت «القلب» في العبارتين بدلاً من العقل أو الفكر لأنه محل الانفعالات ولأنه كثيراً ما يعبر عن العقل المقترن بالإحساس الباطن.
١٧ «جِلْعَادُ فِي عَبْرِ ٱلأُرْدُنِّ سَكَنَ. وَدَانُ، لِمَاذَا ٱسْتَوْطَنَ لَدَى ٱلسُّفُنِ؟ وَأَشِيرُ أَقَامَ عَلَى سَاحِلِ ٱلْبَحْرِ، وَفِي شَاطِئِهِ سَكَنَ».
يشوع ١٣: ٢٥ و٣١ يشوع ١٩: ٢٩ و٣١
جِلْعَادُ فِي عَبْرِ ٱلأُرْدُنِّ سَكَنَ أي شعب جلعاد أو أرض جلعاد. وجلعاد حفيد منسى لأنه ابن ماكير بن منسى. ورأى بعضهم أن جلعاد هنا يُطلق على جاد كما يُطلق على نصف سبط منسى لأن المراد بجلعاد هنا شعب الأرض المعروفة بأرض جلعاد. وهذا المجاز كثير في العبرانية والعربية. ومعنى «سكن» هنا أقام براحة واطمئنان أي دون قلق. وجاء معنى هذه الكلمة كذلك في قول المرنم و«أسكن» (مزمور ٥٥: ٦ أنظر أيضاً مزمور ١٦: ٩). أي أقام مستريحاً فلم يخرج للحرب. ولا يخفى ما في ذلك من التعبير والتوبيخ.
وَدَانُ، لِمَاذَا ٱسْتَوْطَنَ لَدَى ٱلسُّفُنِ الاستفهام هنا للتعجب والتوبيخ معاً ومعنى النبيّة أعجب لبني دان من أنهم بقوا في تجارتهم البحرية وأعمالهم العادية غير ملتفتين إلى الانتصار لإخوتهم القليليين الذين حملت عليهم جيوش الأعداء الكثيرة. فإن دان كان من الأسباط المجاورة للبحر وحدودهم تحيط بمرفإ يافا والشاطئ الجنوبي. وكانت يافا من مرافئ فلسطين القليلة التي نالها سبط دان (يشوع ١٩: ٤٠ – ٤٨ و٢أيام ٢: ١١ – ١٦ وعزرا ٣: ٧).
وَأَشِيرُ أَقَامَ عَلَى سَاحِلِ ٱلْبَحْرِ كان أشير من أسباط إسرائيل البحرية أي المجاورة البحر (يشوع ١٩: ٢٤ – ٣٠) وحاله هنا كحال دان في خذلان إخوته والعلل متماثلة والتعجب منه والتوبيخ له مثلان.
شَاطِئِهِ (فرضه) الفرض جمع فرضة وهي من البحر محط السفن. وكانت فرضة عكاء في سهم أشير وفيه اكزيب وصور (يشوع ١٩: ٢٤ – ٣٠). والكلمة العبرانية المترجمة بالفرض هنا «مقرصيم» ومعناها قطوع وخروق وشقوق من فعل لفرص ومعناه في العبرانية والعربية واحد ففي كتب اللغة العربية «فرص الشيء يفرصه فرصاً قطعه وخرقه وشقه» فترجموها بالخلجان والفرض.
١٨ «زَبُولُونُ شَعْبٌ أَهَانَ نَفْسَهُ إِلَى ٱلْمَوْتِ مَعَ نَفْتَالِي عَلَى رَوَابِي ٱلْحَقْلِ».
ص ٤: ١٠
زَبُولُونُ شَعْبٌ أَهَانَ نَفْسَهُ إِلَى ٱلْمَوْتِ المقام يقتضي أن يُقال خاطر بنفسه إلى الموت وهي في الأصل العبراني «حرف نفسه إلى الموت» فإذا كانت بمعنى حرف العربية أي صرف كان المعنى عدل بنفسه من الحياة إلى الموت وهو معنى مناسب لكن المحققين فسروا حرف العبرانية باحتقر وأهان. وإذا كان هذا هو المعنى الصحيح فيكون المراد لازم المعنى وهو عدم الاكتراث بالحياة لفرط الشجاعة. ومن الغريب أن مثل هذا المعنى لا يزال أبطال العرب يستعملونها في حوران وما جاورها عند الشروع بالنزول إلى حومة القال فيرفع الرجل سيفه بيده ويقول «أنا فلان ابن فلان لا راحم ولا مرحوم رخيص الروح أبو فلان أو أبو فلانة». وعلى هذا فمراد دبورة أن الزبولونيين شجعان رخصوا أرواحهم ولم يكترثوا بالحياة رغبة في نصر شعب الله.
مَعَ نَفْتَالِي كان رجال الحرب هذه عشرة آلاف من بني نفتالي وبني زبولون والظاهر أن الذين عرضوا أنفسهم للموت أو أهانوها فيه في الحرب أولاً هم بنو نفتالي واقتدى بهم بنو زبولون (انظر ص ٤: ٦).
عَلَى رَوَابِي ٱلْحَقْلِ الروابي جمع رابية وهي ما ارتفع من الأرض. والحقل الأرض التي تُزرع. ولكن الذي علمناه أن باراق صعد بالمحاربين من نفتالي وزبولون إلى جبل تابور فهل المراد أنهم خاطروا بالحياة على ربى حقل على ذلك الجبل هذا ما رآه كثيرون من المفسرين. ورأى بعهضم أن مراد النبيّة أن هؤلاء حاربوا في الأماكن التي عرّضوا بها نفوسهم للخطر إذ الواقف على رابية يهون رميه ويظهر كل الظهور للأعداء وعلى هذا يكون الحقل في السهل. ولكن الكلام شعر وفي الشعر تكثير التخيلات والاستعارات فالمرجّح أن النبيّة استعارت الربى لمواقف الخطر والحق لحومة القتال لأنها تشبه الحقل في أنها محصد الأرواح كما أن الحقل محصد الزروع.
١٩ «جَاءَ مُلُوكٌ. حَارَبُوا. حِينَئِذٍ حَارَبَ مُلُوكُ كَنْعَانَ فِي تَعْنَكَ عَلَى مِيَاهِ مَجِدُّو. بِضْعَ فِضَّةٍ لَمْ يَأْخُذُوا».
ص ٤: ١٦ وع ٣٠ ومزمور ٤٤: ١٢
جَاءَ مُلُوكٌ هذا يدل على أنه كان بين يابين عدة ملوك آزروه على تلك الحرب (انظر يشوع ١١: ١ – ٥).
فِي تَعْنَكَ عَلَى مِيَاهِ مَجِدُّو تعنك إحدى مدن منسى وكانت ليساكر ثم صارت لمنسى ثم صارت للاويين (انظر ص ١: ٢٧ ويشوع ١٢: ٢١ و١٧: ١١ و٢١: ٢٥) وهي قريبة من مجدّو. ومجدّو مدينة لمنسى ضمن تخوم يساكر افتتحها يشوع (يشوع ١٢: ٢١ و١٧: ١١) ذهب الأكثرون إلى أنها لُّجون التي يمر بها أكبر فروع نهر قيشون المعروف اليوم بالمقطّع فهذا الفرع على ذلك هو مياه مجدّو.
بِضْعَ فِضَّةٍ لَمْ يَأْخُذُوا رجوا أن يأخذوا كثيراً من الغنائم والفضة فداء عن الأسرى الذين توقعوا أن يأخذوهم ثمناً لمن يبيعون منهم ولكنهم هم ذهبوا أسرى الهلاك وغنيمة السيوف والرماح والسهام. وهذه من أمثلة عواقب الظالمين.
٢٠ «مِنَ ٱلسَّمَاوَاتِ حَارَبُوا. ٱلْكَوَاكِبُ مِنْ حبكها (أَفْلاَكِهَا) حَارَبَتْ سِيسَرَا».
يشوع ١٠: ١١ ومزمور ٧٧: ١٧ و١٨ ص ٤: ١٥
مِنَ ٱلسَّمَاوَاتِ حَارَبُوا موازي هذه العبارة أو تذييلها «الكواكب من حُبكها حاربت» والمعنى عند الأكثرين أن قوّات الطبيعة بظواهرها الجوية حاربت سيسرا كأن الكواكب كانت جنوداً أسلحتها تلك القوات على سنن التخيلات الشعرية وأسند الفعل إلى تلك الظواهر مجازاً من إسناد الفعل إلى آلته كقولك فتح المفتاح الباب وذبحه السيف وطعنه الرمح وما شاكل هذا (انظر يشوع ١٠: ١١ ومزمور ٧٧: ١٧ و١٨). ولعل المترجم أنزل ما لا يعقل منزلة العاقل لأن ما أُسند إليه من أفعال العقلاء وله أمثال في العربية.
حبكها (أَفْلاَكِهَا) الحُبُك جمع حباك وحبيكة وهي من السماء طريقة الكوكب من مدار حقيقي أو مجازي كطُرق الثوابت التي تظهر أنها تسير فيها والسائر هو الأرض.
٢١ «نَهْرُ قِيشُونَ جَرَفَهُمْ. نَهْرُ وَقَائِعَ نَهْرُ قِيشُونَ. دُوسِي يَا نَفْسِي بِعِزٍّ».
ص ٤: ٧
نَهْرُ قِيشُونَ جَرَفَهُمْ تقدم الكلام على نهر قيشون في تفسير (ص ٤: ٧). والعبارة تدل على أن ذلك النهر كان حينئذ طامياً حتى جرف القتلى والأحياء فساعدت شعب الله في تلك الحرب قوّات السماء وقوّات الأرض. وعلى فيضانه العظيم أن السيول على أثر المطر تجري إليه من الجبال والربى فيستطيع بذلك أن يجرف ألوفاً من الأحياء.
نَهْرُ وَقَائِعَ نَهْرُ قِيشُونَ لأنه كان حومة القتال في فلسطين على توالي العصور كما ذكرنا (انظر تفسر ص ٤: ٧). وجاءت هذه العبارة في بعض التراجم «نهر قديم نهر قيشون». وفي الترجمة اليونانية «مجرى قديمات (أو عاديات) نهر قيشون». وفي الكلدانية «النهر الذي فيه حدث آيات وعجائب لإسرائيل منذ الأزمنة القديمة الخ». فكأن النيبّة أرادت أن نهر قيشون جرف الأعداء ولطالما جرف أمثالهم في الوقائع منذ العصور الخالية فلحقوا بأسلافهم الهالكين.
دُوسِي يَا نَفْسِي بِعِزٍّ وفي بعض التراجم «قد دست يا نفس الأقوياء» أي قد ظهرت ظفراً عظيماً وفي حاشية ترجمتنا ما يفيد أن اللفظ الأصلي يحتمل معنى «دوسي يا نفس الأعزاء» ومثل هذا في الفلغاتا. ونصّ العبارة العبرانية «تدركي نفسي عزّ» دوسي يا نفسي على جثث القتلى معتزة بما أوليت من النصر العظيم. وهذه الآية معترضة بين (ع ٢٠ و٢٢).
٢٢ «حِينَئِذٍ ضَرَبَتْ أَعْقَابُ ٱلْخَيْلِ مِنَ ٱلسَّوْقِ، سَوْقِ أَقْوِيَائِهِ».
تكوين ٤٩: ١٧
حِينَئِذٍ ضَرَبَتْ أَعْقَابُ ٱلْخَيْلِ أي حين حاربت قوّات الطبيعة مع الإسرائيليين وتمّ لهم النصر ضربت أي أسرعت أو ضربت الأرض حوافز الخيل من شدة سوق أقوياء سيسرا أو أبطاله المجربين طلباً للنجاة من الهلاك فيشير القول إلى وقوع الهول العظيم في قلوب أعداء الله حتى أهلكوا الخيل بشدة السوق لسرعة الفرار من سيوف شعب الرب ولكن «خلاص الفرس كاذب» فمن أفلتوا من فم السيف بلعهم فم قيشون. ومن يستطيع الهرب من الله.
٢٣ «اِلْعَنُوا مِيرُوزَ قَالَ مَلاَكُ ٱلرَّبِّ. اِلْعَنُوا سَاكِنِيهَا لَعْناً، لأَنَّهُمْ لَمْ يَأْتُوا لِمَعُونَةِ ٱلرَّبِّ، مَعُونَةِ ٱلرَّبِّ بَيْنَ ٱلْجَبَابِرَةِ».
ص ٢١: ٩ و١٠ ونحميا ٣: ٥ و١صموئيل ١٧: ٤٧ و١٨: ١٧ و٢٥: ٢٨
اِلْعَنُوا مِيرُوزَ اللعن الطرد والإبعاد من الخير والإخزاء. وميروز مدينة لا أثر لها اليوم فكأن لعنة الله محتها من صفحة الوجود كما محت كثيراً من البلاد والعباد. والمرجّح أنها كانت قريبة من نهر قيشون ورأى أهلها الكنعانيين هاربين من جنود الرب ولم يتصدوا لهم بشر ولم يخرجوا لمساعدة إسرائيل.
قَالَ مَلاَكُ ٱلرَّبِّ الله أمر بلعن ميروز لا إنسان. وهذا الملاك هو ملاك الرب الذي صعد من الجلجال إلى يوكيم ووبخ الإسرائيليين على معاصيهم (انظر ص ٢: ١) وقال الربانيون إن هذا الملاك هو ملاك العهد (خروج ١٤: ١٩ و٢٣: ٢٠).
اِلْعَنُوا سَاكِنِيهَا لَعْناً هذا تذييل لقوله العنوا من ميروز فهو تأكيد وبيان إنه ذكر ميروز المحل وأراد الحالين به من باب المجاز المرسل أو بيان أن المراد الأمر يلعن المكان والسكان. وأكد اللعن هنا بقوله «لعناً» وهو أوضح إعلان لغضب الله على خاذلي شعبه.
لأَنَّهُمْ لَمْ يَأْتُوا لِمَعُونَةِ ٱلرَّبِّ أي لمعونة شعب الرب لأن الله يحسب المعونة لشعبه معونة له وإن كان غنياً عن كل خلقه لأن المراد أنه يجزي من يحسن إلى شعبه كأنه أحسن إليه. والدليل على ذلك العقل والواقع فإنه استأصل الأعداء بلا معونة أهل ميروز وغلب الأقوياء بالضعفاء وقائدهم الذي لم يجسر للخروج للحرب إلا بأن سارت معه المرأة النبيّة.
بَيْنَ ٱلْجَبَابِرَةِ ترجمها بعضهم بالشجعان. والجبابرة على ما في كتب اللغة العربية الذين يقتلون على الغضب ويقاتلون بغير حق والعتاة الذين يجبرون الناس على ما يريدونه وعلى هذا فهم جنود الأعداء. و«بين» متعلقة بحال من الرب أي من شعبه. فعلَة لعن أهل ميروز أمران عدم تصديهم للأعداء وهم هاربون وعدم إعانتهم لجنود الرب وهم محاطون بجبابرة الأعداء. وعلى الترجمة بالأبطال أو الشجعان يحتمل أن يكونوا رجال إسرائيل أو رجال كنعان.
٢٤ «تُبَارَكُ عَلَى ٱلنِّسَاءِ يَاعِيلُ ٱمْرَأَةُ حَابِرَ ٱلْقِينِيِّ. عَلَى ٱلنِّسَاءِ فِي ٱلْخِيَامِ تُبَارَكُ».
ص ٤: ١٧ لوقا ١: ٢٨
تُبَارَكُ عَلَى ٱلنِّسَاءِ يَاعِيلُ (ص ٤: ١٧) انظر ما في هذه المقابلة بين لعنة أهل ميروز ومباركة المرأة ياعيل. وقولها «على النساء» في العبرانية «من النساء» فعلى ما في المتن العربي أنها تبارَك مفضّلة على النساء وعلى ما في العبرانية تبارَك مختارة أو مخصوصة من النساء.
عَلَى ٱلنِّسَاءِ فِي ٱلْخِيَامِ تُبَارَكُ أي أن ياعيل تبارَك وتفضّل على نساء الخيام في كل قبيلة مساكنها الخيام أو بيوت البادية المنتقلة. ومعنى أنها تبارَك لها الخير السماوي والسعادة والنموّ.
٢٥ «طَلَبَ مَاءً فَأَعْطَتْهُ لَبَناً. فِي قَصْعَةِ ٱلْعُظَمَاءِ قَدَّمَتْ زُبْدَةً».
ص ٤: ١٩
طَلَبَ مَاءً فَأَعْطَتْهُ لَبَناً فاعل «طلب» ضمير مستتر يعود إلى سيسرا (ع ٢٠). والقصة ذُكرت في (ص ٤: ١٩ فارجع إليه وإلى تفسيره).
فِي قَصْعَةِ ٱلْعُظَمَاءِ قَدَّمَتْ زُبْدَةً القصعة إناء كبير يُتناول منه الطعام ويوضع أكبرها أمام العظماء على المائدة. والزبدة ما يخرج من اللبن بالمخض وهي معروفة. أتت ذلك إظهاراً لإكرامه واعتباره عظيماً.
٢٦ «مَدَّتْ يَدَهَا إِلَى ٱلْوَتَدِ وَيَمِينَهَا إِلَى مِضْرَابِ ٱلْعَمَلَةِ، وَضَرَبَتْ سِيسَرَا وَسَحَقَتْ رَأْسَهُ، شَدَّخَتْ وَخَرَّقَتْ صُدْغَهُ».
ص ٤: ٢١
مَدَّتْ يَدَهَا إِلَى ٱلْوَتَدِ أي مدت يدها اليسرى وأخذت بها وتد الخيمة (ص ٤: ٢١ والتفسير).
وَيَمِينَهَا إِلَى مِضْرَابِ ٱلْعَمَلَةِ ذُكر في (ص ٤: ٢١) أنها «جعلت الميتدة في يدها» وهي الآلة التي يُضرب بها الوتد «والمضراب» آلة الضرب للوتد وغيره. «والعملة» الصنّاع.
سَحَقَتْ رَأْسَهُ كسّرته قطعاً صغيرة حتى أشبه الشيء المسحوق.
شَدَّخَتْ أي كسرت.
٢٧ «بَيْنَ رِجْلَيْهَا ٱنْطَرَحَ، سَقَطَ ٱضْطَجَعَ. بَيْنَ رِجْلَيْهَا ٱنْطَرَحَ سَقَطَ. حَيْثُ ٱنْطَرَحَ فَهُنَاكَ سَقَطَ مَقْتُولاً».
بَيْنَ رِجْلَيْهَا ٱنْطَرَحَ، سَقَطَ ٱضْطَجَعَ رأى بعضهم أن سيسرا كان مضطجعاً على سرير مرتفع فلما ضُرب الوتد في صدغه تحرّك فسقط بين رجليها. ورأى آخر أنه لما شعر بالألم قام للدفاع فلم يستطع فسقط إلى حيث كان وكلاهما مقبول. والذي أراه أنه كان قتيلاً وهو بين رجليها فإنها لما أتت وضربت الوتد في صدغه كانت قدماها على جانبيه. وفي الكلام هنا استعارة بديعة ومشاكلة غريبة فإنه انطرح وسقط على الأرض واضجع للراحة من شدة تعبه ونعسه فساقه ذلك إلى حتفه. وجاء كثير من مثل هذه الاستعارة في العربية. ومنها في نبإ موسى «فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدواً» وإنما هم التقطوه ليكون لهم ابناً فكان عدواً. والخلاصة بالإيجاز أن اضطجاع سيسرا للراحة كأنه اضطجاع للقتل وإن التقاط آل فرعون لموسى ليكون لهم ابناً كأنه التقاط ليكون لهم عدواً. وبيان المشاكلة الزائدة على الاستعارة في كلام دبورة أنها قالت «انطرح» الخ بدلاً من قُتل لوقوع القتل في صحبة الانطراح والاضطجاع. وجاءت المشاكلة كثيراً في الكلام العربي ومن ذلك قول عمرو بن كلثوم التغلبي:
ألا لا يجهلن أحدٌ علينا | فنجهل فوق جهل الجاهلينا |
أي فنعاقبه جزاء على جهله أكثر مما يقتضيه جهله من الجزاء.
٢٨ «مِنَ ٱلْكُوَّةِ أَشْرَفَتْ وَوَلْوَلَتْ أُمُّ سِيسَرَا مِنَ ٱلشُّبَّاكِ: لِمَاذَا أَبْطَأَتْ مَرْكَبَاتُهُ عَنِ ٱلْمَجِيءِ؟ لِمَاذَا تَأَخَّرَتْ خَطَوَاتُ مَرَاكِبِهِ؟».
مِنَ ٱلْكُوَّةِ أَشْرَفَتْ وَوَلْوَلَتْ أُمُّ سِيسَرَا مِنَ ٱلشُّبَّاكِ هذا التمثيل الشعري من أبدع ما رُسم على خيال شاعر وهو لا شك مما وقع من أم سيسرا فإنها كانت تتوقع بطشه بالإسرائيليين وعوده إليها سريعاً بالسبايا والغنائم وإنها كانت عارفة بقلّة الإسرائيليين وكثرة جنود ابنها قائد الكنعانيين فكان غير ما انتظرت إذ طال الوقت وملّت الانتظار ثم قلقت بعد الصبر الطويل ورأت أنه لا بد لذلك البطوء من خطب عظيم فتمثل لها ابنها يتشحّط بدماه وهي تشرف من الكوّة والشباك على أمل أن تراه عائداً إليها والبُشر على محيّاه فما كان منها إلا أن هالتها تخيلاتها فولولت أي أعولت أو رفعت صوتها بالبكاء والصراخ فعل الأم فوق ابن لها قد قُتل أو مات. وهل تكون أحوال الأم على ابن هلك إلا كذلك.
لِمَاذَا أَبْطَأَتْ مَرْكَبَاتُهُ عَنِ ٱلْمَجِيءِ الخ أي لا سبب لذلك إلا أنه قُتل وتكسرت مركباته وهلكت جنوده وثكلت ابنها ومجدها وكل آمال حياتها ولذّاتها. ولا بدّ أن هذا القلق عرا سائر من في بيت سيسرا من النساء لكن النبيّة مثلت أحوال أمه لأنها أحبّ له وانفعالاتها لأنها أشدّ من انفعالات صاحباتها.
٢٩ «فَأَجَابَتْهَا أَحْكَمُ سَيِّدَاتِهَا، بَلْ هِيَ رَدَّتْ جَوَاباً لِنَفْسِهَا».
فَأَجَابَتْهَا أَحْكَمُ سَيِّدَاتِهَا «لماذا أبطأت مركباته الخ» (ع ٢٨). وأرادت «بسيداتها» أزواجه وإخواته وكرائم بيته وإن التي أجابتها منهم أعظمهن عقلاً وحكمة وإنها قالت ما قالته وهي تعتقده تسكيناً لروع أمّ سيسرا وهذا من أغرب أساليب التهكم كما يأتي.
بَلْ هِيَ رَدَّتْ جَوَاباً لِنَفْسِهَا «بل» في مثل هذا الموقع تدل على أن ما بعدها هو الأولى فتجعل ما قبلها مسكوتاً عنه لعدم أهميته بالنسبة إلى ما بعدها فكأنها أرادت أن أحكم سيدات القصر أجابتها بما لم يغرب عنها وهي الأولى بأن تطلب مسكناً لقلقها وخوفها.
٣٠ «أَلَمْ يَجِدُوا وَيَقْسِمُوا ٱلْغَنِيمَةَ! فَتَاةً أَوْ فَتَاتَيْنِ لِكُلِّ رَجُلٍ! غَنِيمَةَ ثِيَابٍ مَصْبُوغَةٍ لِسِيسَرَا! غَنِيمَةَ ثِيَابٍ مَصْبُوغَةٍ مُطَرَّزَةٍ! ثِيَابٍ مَصْبُوغَةٍ مُطَرَّزَةِ ٱلْوَجْهَيْنِ غَنِيمَةً لِعُنُقِي!».
خروج ١٥: ٩
أَلَمْ يَجِدُوا وَيَقْسِمُوا ٱلْغَنِيمَةَ هذا هو جواب أحكم السيدات وجواب أم سيسرا لنفسها. أي وجد سيسرا وجنوده غنيمة وافرة شُغلوا بقسمتها فأبطأوا فإن الجنود كثيرة كالغنيمة فقسمتها تشغل وقتاً طويلاً. وكل ذلك تهكم أتته النبيّة هزءاً بأعداء الله وإبهاجاً لشعبه. فإن الله كان قد أهلك سيسرا وجنوده وجعلهم غنيمة الوحوش المتفرسة والبلى.
فَتَاةً أَوْ فَتَاتَيْنِ لِكُلِّ رَجُلٍ وهذا مما زاد التهكم قوة فإنه لم يكن من الفتيات الإسرائيليات عند الإسرائيليين الذين حاربوا ما يصيب العشرة واحدة لو أمكنهم أن يسبوا. وهذا دليل واضح على جهل أم سيسرا ومن دُعيت أحكم سيداتها. على أن رئيس السابين سبت روحه من جسده فتاة هي المرأة ياعيل.
غَنِيمَةَ ثِيَابٍ مَصْبُوغَةٍ لِسِيسَرَا ما أشد هذا التهكُّم إيلاماً. مسكين سيسرا إن غنيمته ما كانت إلا حلة حمراء من دمه وتاجاً من دماغه.
غَنِيمَةَ ثِيَابٍ مَصْبُوغَةٍ مُطَرَّزَةٍ نعم إنه لبس ثوباً من تراب أرض خيمة ياعيل مطرّزاً بدم رأسه.
مُطَرَّزَةِ ٱلْوَجْهَيْنِ صدقت في غير معناها فإن دمه جرى عليه فطرّز ثوبه من وجه وجرى تحته فطرّزه من الوجه الآخر.
غَنِيمَةً لِعُنُقِي أو لأعناق أصحاب الغنيمة أو الغانمين على ما في الحاشية. وفي السبعينية «لعنقه» أي لعنق سيسرا. فعلى ما في المتن أن من تلك الأثواب المطرّزة التي غنمها سيسرا أثواب لأمه كانت تلفها على عنقها أو تلبسها لبس الوشاح. وعلى الثاني أن تلك الأثواب كانت تحملها السبايا على أعناقها. وعلى الثالث أن الغانمين يزينون بها أعناقهم. وعلى الرابع أن سيسرا يزين بها عنقه. والظاهر على هذا أنه كان لتلك الأثواب أطواق جميلة كالتي تُعرف عند العامة بالقبّات. وهذا آخر التمثيل البديع والتهكّم البليغ.
٣١ «هٰكَذَا يَبِيدُ جَمِيعُ أَعْدَائِكَ يَا رَبُّ. وَأَحِبَّاؤُهُ كَخُرُوجِ ٱلشَّمْسِ فِي جَبَرُوتِهَا. وَٱسْتَرَاحَتِ ٱلأَرْضُ أَرْبَعِينَ سَنَةً».
مزمور ٨٣: ٩ و١٠ و٢صموئيل ٢٣: ٤ ومزمور ١٩: ٥
هٰكَذَا يَبِيدُ جَمِيعُ أَعْدَائِكَ يَا رَبُّ وهذا خاتمة القصيدة وغايتها ويظهر منه أن روح النبية كانت طربة بأعمال الرب ببيانه أنه هو الإله الحق وأنه يعين المتوكلين عليه وأنه بأعماله حقّر أعداءه المتكبرين وبيّن لهم عجز آلهتهم الباطلة. وتهكمت بهم بياناً لجهلهم إنذاراً لغيرهم من معاداة شعب الله والاتكال على الآلهة الكاذبة. ووجّهت الخطاب إلى الله بياناً لاعتقادها أنه هو إلهها وأنه هو الذي نصر الإسرائيليين وأنه هو مع أوليائه على أعدائه أبداً.
وَأَحِبَّاؤُهُ هنا التفات بديعي فإن سياق الكلام يقتضي أن تقول وأحباؤك. وقُرئ في بعض النسخ «وأحباؤك» والقراءة التي في المتن هي المعوّل عليها. والالتفات كثير في كلام البلغاء (انظر تفسير ع ١٤). والأحباء جمع حبيب وهو المُحب والمحبوب والمراد هنا المحب على ما في بعض التراجم غير العربية.
كَخُرُوجِ ٱلشَّمْسِ فِي جَبَرُوتِهَا في العبارة حذف والمحذوف «يخرجون» أي أن محبي الله يخرجون كخروج الشمس الخ. ومعنى التشبيه هنا (١) إن أحباء الله يظهرون في مجد وبهاء يزيدان على توالي الأوقات فإن الشمس تطلع أولاً وضوءها قليل ثم يأخذ بالزيادة على توالي خروجها من تحت الأفق إلى أن يملأ ضياؤها الأرض التي كان الظلام يغطيها. و(٢) إنهم يكونون رشداً ونفعاً لكل من يرونهم فإن الشمس بطلوعها تشرق وتضيء فيستطيع الناس الإبصار والسير على الطريق المقصودة والانتفاع بضوئها وحرارتها من جهة صحتهم وصحة بهائمهم ونمو نباتاتهم إلى غير ذلك مما يكاد لا يحصى. وهذا يسمى بالتمثيل وهو أسمى أنواع التشبيه. وخلاصة وجه الشبه فيه هو الحالة المؤلفة من الزيادة المتوالية في البهاء والقوة وعموم النفع (قابل بهذا ما في مزمور ١٩: ٤ و٥ و٦ ودانيال ١٢: ٣ ومتّى ١٣: ٤٣).
«والجبروت» على ما في كتب اللغة العربية العظمة والجلال والكبر والقدرة والسلطة وكلها مراد هنا ما عدا الكبر إلا إذا كان معناه الشرف.
وَٱسْتَرَاحَتِ ٱلأَرْضُ اي واستراح سكانها من الحرب وشعب الله فيها من الجور والضيق والعبودية. والجملة هنا مقطوعة على جملة «قرضوا» في (ص ٤: ٢٤) وترنيمة دبورة معترضة بينهما.
فوائد
- يجب أن نبارك الرب ونحمده على إحسانه ونشكر له فضله في يوم الخلاص (ع ٢).
- إن الله يمدح من يبذل نفسه في سبيل نفع الشعب. ونفع العموم أولى من نفع الفرد (ع ٢).
- إن خدمة الرب يجب أن تكون بسرور وباختيار (ع ٢).
- الشكر للرب. وهو الذي أنهض دبورة وباراق والرؤساء والشعب وجعل الخوف والجبانة في قلوب أعدائهم (ع ٣ – ٥).
- من أعمال الأم الصالحة حضّ أولادها على الخدمة الفاضلة والثبات والشجاعة في يوم الضيق والخطر. وهذا ما تفعله المرأة الصالحة لشعبها (ع ٧).
- إن عبادة الأوثان تسبب الانحطاط. وهكذا في كل قرن تسبب ترك الدين وتحبب الناس بالمال والمجد العالي (ع ٨).
- إن الراحة الجسدية كثيراً ما تُبعد الناس عن خدمة الله والوطن (ع ١٦ و١٧).
- إن جميع القوى الطبيعية بيد الله فيستعملها لخلاص شعبه وإبادة أعدائه (ع ٢٠ و٢١).
- إن لجميع مقاومي الرب خيبة الآمال (ع ٢١ و٢٨ – ٣٠).
- من ليس مع الرب فهو عليه (ع ٢٣).
-
سبيل الصديق كنور مشرق يتزايد وينير إلى النهار الكامل (ع ٣١).
السابق |
التالي |