سفر يشوع

سفر يشوع | 20 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر يشوع

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلْعِشْرُونَ

نصيب لاوي

(١) ست مدن الملجإ (ص ٢٠ وعدد ٣٥: ٦).

(٢) اثنتان وأربعون مدينة أخرى (ص ٢١ وعدد ٣٥: ٦).

مدن الملجإ ع ١ إلى ٩

١ «وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِيَشُوعَ».

قَالَ ٱلرَّبُّ لِيَشُوعَ كان الرب يخاطب يشوع وكان معه في قيادته لشعبه (تثنية ٣١: ٢٣).

٢ «قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: ٱجْعَلُوا لأَنْفُسِكُمْ مُدُنَ ٱلْمَلْجَإِ كَمَا كَلَّمْتُكُمْ عَلَى يَدِ مُوسَى».

خروج ٢١: ١٣ وعدد ٣٥: ٦ و١١ و١٤ وتثنية ١٩: ٢ و٩

ٱجْعَلُوا لأَنْفُسِكُمْ مُدُنَ ٱلْمَلْجَإِ كانت هذه المدن ستاً (عدد ٣٥: ٩) وقد ذُكرت الشريعة المتعلقة بها في (عدد ص ٣٥ وتثنية ص ١٩ انظر التفسير المتعلق بها في ذينك الأصحاحين).

إن يشوع كان يقصد تعيين تلك المدن وقد عزم عليه لكن الله نبهه على أن ذلك الوقت هو المناسب لتعيينها.

عَلَى يَدِ مُوسَى أي بواسطة موسى. وعبّر عن موسى «باليد» لأنها آلة العمل.

٣ «لِيَهْرُبَ إِلَيْهَا ٱلْقَاتِلُ ضَارِبُ نَفْسٍ سَهْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ. فَتَكُونَ لَكُمْ مَلْجَأً مِنْ وَلِيِّ ٱلدَّم».

ضَارِبُ نَفْسٍ سَهْواً كانت مدن الملجأ رحمة للقاتل سهواً وأما القاتل عمداً فليس له رحمة. وبهذه الشريعة ظهرت قيمة الإنسان فإن القاتل عمداً يُقتل والقاتل سهواً يُعاقب لسهوه.

وَلِيِّ ٱلدَّمِ ولي الدم حسب شريعة قديمة غير مكتوبة فبهذا الأمر أخذ الرب الموجود والمقبول عند الناس وأصلحه إصلاحاً وقتياً (انظر متّى ١٩: ٧ و٨).

قيل إن في إرلندا اختلف اثنان من جهة حصان فقال أحدهما إنه ابن ثلاث سنين وقال الآخر إنه ابن أربع فقتل أحدهما الآخر. ثم قام أهل المقتول وقتلوا القاتل وهكذا داموا يقتلون بعضهم بعضاً على مدة مئة سنة فصارت حرب أهلية وتسمى الحزب الواحد حزب الثلاث والآخر حزب الأربع تذكاراً للشر الأصلي الزهيد. وشريعة موسى لطّفت وخففت شريعة الولّي المعروف عند أهل عصره. والمسيح ألغاها (متّى ٥: ٢٨ – ٤٨) إذ علّم وجوب المحبة للأعداء. والانتقام للرب ليس للناس. قتل القاتل للحكام بعد الفحص والحكم الشرعي. وليس وليّ الدم اليوم.

٤، ٥ «٤ فَيَهْرُبُ إِلَى وَاحِدَةٍ مِنْ هٰذِهِ ٱلْمُدُنِ، وَيَقِفُ فِي مَدْخَلِ بَابِ ٱلْمَدِينَةِ وَيَتَكَلَّمُ بِدَعْوَاهُ فِي آذَانِ شُيُوخِ تِلْكَ ٱلْمَدِينَةِ، فَيَضُمُّونَهُ إِلَيْهِمْ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ وَيُعْطُونَهُ مَكَاناً فَيَسْكُنُ مَعَهُمْ. ٥ وَإِذَا تَبِعَهُ وَلِيُّ ٱلدَّمِ فَلاَ يُسَلِّمُوا ٱلْقَاتِلَ بِيَدِهِ لأَنَّهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ ضَرَبَ قَرِيبَهُ، وَهُوَ غَيْرُ مُبْغِضٍ لَهُ مِنْ قَبْلُ».

راعوث ٤: ١ و٢ عدد ٣٥: ١٢

فَيَهْرُبُ إِلَى وَاحِدَةٍ مِنْ هٰذِهِ ٱلْمُدُنِ كانت المدن متفرقة فمنها ثلاث شرقي الأردن واحدة في الشمال وواحدة في الوسط وواحدة في الجنوب. ومنها ثلاث غربي الأردن بنفس الترتيب فلا تلزم القاتل أكثر من سفر ثلاثين ميلاً حتى يصل إلى إحدى تلك المدن. وكانت الطُرق التي تؤدي إلى تلك المدن مهيئة وعلى كل نهر معبر وعند كل مفرق علامة تدل على الطريق إلى مدينة الملجإ.

فِي آذَانِ شُيُوخِ الخ كانت هذه المدن للاويين وكانوا أكثر الناس استعداداً واقتداراً على الحكم في مثل هذه المسائل. وأما حكمهم فكان إلى حين فقط وأما الحكم النهائي فيكون من الجماعة أي جماعة شيوخ مدينة القاتل أو المدينة التي فيها أو بقربها جرى القتل.

فَيَضُمُّونَهُ إِلَيْهِمْ إذا وجدوا بعد الفحص إنه قاتل سهواً وإلا يسلمونه لوليّ الدم ليُقتل فلا يأخذون فدية أي دراهم على سبيل مكافأة.

فَيَسْكُنُ مَعَهُمْ يكون كأحد سكان المدينة من جهة المسكن والعمل والحرية إلا أنه لا يقدر أن يخرج من حدود المدينة.

٦ «وَيَسْكُنُ فِي تِلْكَ ٱلْمَدِينَةِ حَتَّى يَقِفُ أَمَامَ ٱلْجَمَاعَةِ لِلْقَضَاءِ، إِلَى أَنْ يَمُوتَ ٱلْكَاهِنُ ٱلْعَظِيمُ ٱلَّذِي يَكُونُ فِي تِلْكَ ٱلأَيَّامِ. حِينَئِذٍ يَرْجِعُ ٱلْقَاتِلُ وَيَأْتِي إِلَى مَدِينَتِهِ وَبَيْتِهِ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ ٱلَّتِي هَرَبَ مِنْهَا».

عدد ٣٥: ١٢ و٢٥

إِلَى أَنْ يَمُوتَ ٱلْكَاهِنُ ٱلْعَظِيمُ (انظر لاويين ٢٥: ١٠) حيث قيل «أنه في سنة اليوبيل يرجعون كل إلى ملكه» فكان لكل دَين ولكل رهن نهاية. وهنا الرب جعل نهاية لمدة سكنى القاتل في مدينة الملجإ ومدة تعرّضه للخطر من وليّ الدم. وموت رئيس الكهنة موافق ليكون الحادثة التي جعلت هذه النهاية لأن به انتهى دور سياسي وديني وابتدأ دور جديد وهي حادثة معروفة معتبرة عند جميع الناس.

٧ – ٩ «٧ فَقَدَّسُوا قَادِشَ فِي ٱلْجَلِيلِ فِي جَبَلِ نَفْتَالِي، وَشَكِيمَ فِي جَبَلِ أَفْرَايِمَ، وَقَرْيَةَ أَرْبَعَ (هِيَ حَبْرُونُ) فِي جَبَلِ يَهُوذَا. ٨ وَفِي عَبْرِ أُرْدُنِّ أَرِيحَا نَحْوَ ٱلشُّرُوقِ جَعَلُوا بَاصَرَ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ فِي ٱلسَّهْلِ مِنْ سِبْطِ رَأُوبَيْنَ، وَرَامُوتَ فِي جِلْعَادَ مِنْ سِبْطِ جَادَ، وَجُولاَنَ فِي بَاشَانَ مِنْ سِبْطِ مَنَسَّى. ٩ هٰذِهِ هِيَ مُدُنُ ٱلْمَلْجَإِ لِكُلِّ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلِلْغَرِيبِ ٱلنَّازِلِ فِي وَسَطِهِمْ لِيَهْرُبَ إِلَيْهَا كُلُّ ضَارِبِ نَفْسٍ سَهْواً، فَلاَ يَمُوتَ بِيَدِ وَلِيِّ ٱلدَّمِ حَتَّى يَقِفَ أَمَامَ ٱلْجَمَاعَةِ».

ص ٢١: ٣٢ و١أيام ٦: ٧٦ ص ٢١: ٢١ و٢أيام ١٠: ١ ص ١٤: ١٥ و٢١: ١١ و١٣ لوقا ١: ٣٩ تثنية ٤: ٤٣ وص ٢١: ٣٦ و١أيام ٦: ٧٨ ص ٢١: ٣٨ و١ملوك ٢٢: ٣ ص ٢٧: ٣١ عدد ٣٥: ١٥ ع ٦

فَقَدَّسُوا كان تعيين هذه المدن أمر مقدس لأن به حُفظت الأرض والشعب من التدنيس من سفك الدماء.

ٱلْجَلِيلِ في زمان يشوع أُطلق هذا الاسم على الدائرة التي مركزها قادش وفيها المدن المذكورة في (١ملوك ٩: ١١) فكانت أقل من المعروفة في زمان المسيح.

لِلْغَرِيبِ الغرباء هم:

  1. اللفيف الذي صعد مع الإسرائيليين لما خرجوا من مصر (خروج ١٢: ٣٨).
  2. الباقون من الكنعانيين.
  3. الأسرى.
  4. المطرودون والعبيد والتجار الأجانب وقيل في (٢أيام ٢: ١٧) إن عددهم في زمان سليمان كان ١٥٣٦٠٠.

لقد وصفت المدن المذكورة في هذه الآيات في الكلام على أنصبة الأسباط فارجع إلى وصف كل منها في موضعه (راجع ص ١٢ و ١٣ و١٥ و١٨ والتفسير وتفسير ص ٢١: ١ – ٤٢).

فوائد

  1. إن حياة الإنسان ثمينة.
  2. إن الإنتقام يجب أن يكون بمقتضى الشريعة.
  3. إن الخطاء سهواً يُعاقب عليه ولكن لا يُعاقب عليه كالإثم المقصود.
  4. إن شريعة موسى لم تفرض فدية القتل كالبهائم والنقود مع أن موسى كان يعلم ذلك ولكن لم يستنسبه بل فرض النفس بالنفس وذلك يدل على أن الحياة لا تُفدى بفضة ولا ذهب بل بالدم ولذلك اشترانا المسيح بدمه.
  5. إن العدل يقتضي النقمة. فالله العادل الذي لا يفعل أمراً ينافي كلامه لا بد من أن يعاقب الأثيم والرحمة تطلب مفعولها فلا بد لخلاص الخاطئ من شيء يوفق بين عدل الله ورحمته لم يكن تخليص المؤمن التائب. وهذا أمر عجز عنه أساطين الحكماء ولكن الحكمة الإلهية لا يعجزها شيء فالله أحب العالم ولكي يوفي الحكمة الإلهية لا يعجزها شيء فالله أحب العالم ولكي يوفي عدله حقه ويُظهر وفرة رحمته (بذل ابنه الحبيب لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية.
  6. يجب أن نحترز من تكثير الرموز إن البعض يرون في مدن الملجإ رمز إلى المسيح لأن القاتل إذا هرب إليها يخلص من ولي الدم. والطرق التي تؤدي إليها سهلة الخ. وأما هذا التشبيه فناقص لأن الملجأ كان للقاتل سهواً فقط وأما المسيح فيخلص كل من يلتجئ إليه. وإقامة القاتل في مدينة الملجإ وقتي وأما اتحاد المؤمن بالمسيح فأبدي. والبعض وجدوا رمزاً إلى المسيح في موت رئيس الكهنة لأن المسيح هو رئيس الكهنة وهو مات لأجلنا. ولكن في هذا التشبيه أيضاً نقص لأن القاتل عند موت رئيس الكهنة كان يخرج من مدينة الملجإ ويرجع إلى مكانه الأصلي وأما الخاطئ فبواسطة موت المسيح يخرج من حال الخطيئة والشقاوة ويدخل إلى مكان الملجإ الأبدي.

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى