إنجيل يوحنا

إنجيل يوحنا | المقدمة | الكنز الجليل

الكنز الجليل في تفسير الإنجيل

شرح إنجيل يوحنا

للدكتور . وليم إدي

أجمعت الكنيسة المسيحية على أن كاتب هذه البشارة يوحنا الرسول. وهو ابن زبدي وسالومي. لم يكتب يوحنا هذه البشارة لمخصوصين من اليهود أو الرومانيين أو اليونانيين بل للمؤمنين بالمسيح من كل أمة لكي يثبتهم بيسوع ابن الله نور العالم وحياته كما يظهر من قوله «وَأَمَّا هٰذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللّٰهِ، وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِٱسْمِهِ» (يوحنا ٢٠: ٣١). ولم يذكر في هذه البشارة الضلالات التي كانت قد دخلت في الكنيسة يومئذ لكنه وجه كلامه إلى إبطالها.

مقدمة

تفتقر خزانة الأدب المسيحي إلى مجموعة كاملة من التفاسير لكتب العهدين القديم والجديد. ومن المؤسف حقاً أنه لا توجد في أية مكتبة مسيحية في شرقنا العربي مجموعة تفسير كاملة لأجزاء الكتاب المقدس. وبالرغم من أن دور النشر المسيحية المختلفة قد أضافت لخزانة الأدب المسيحي عدداً لا بأس به من المؤلفات الدينية التي تمتاز بعمق البحث والاستقصاء والدراسة، إلا أن أياً من هذه الدور لم تقدم مجموعة كاملة من التفاسير، الأمر الذي دفع مجمع الكنائس في الشرق الأدنى بالإسراع لإعادة طبع كتب المجموعة المعروفة باسم: «كتاب السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم» للقس وليم مارش، والمجموعة المعروفة باسم «الكنز الجليل في تفسير الإنجيل» وهي مجموعة تفاسير كتب العهد الجديد للعلامة الدكتور وليم إدي.

ورغم اقتناعنا بأن هاتين المجموعتين كتبتا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين إلا أن جودة المادة ودقة البحث واتساع الفكر والآراء السديدة المتضمنة فيهما كانت من أكبر الدوافع المقنعة لإعادة طبعهما.

هذا وقد تكرم سينودس سوريا ولبنان الإنجيلي مشكوراً – وهو صاحب حقوق الطبع – بالسماح لمجمع الكنائس في الشرق الأدنى بإعادة طبع هاتين المجموعتين حتى يكون تفسير الكتاب في متناول يد كل باحث ودارس.

ورب الكنيسة نسأل أن يجعل من هاتين المجموعتين نوراً ونبراساً يهدي الطريق إلى معرفة ذاك الذي قال: «أنا هو الطريق والحق والحياة».

القس ألبرت استيرو        

الأمين العام

لمجمع الكنائس في الشرق الأدنى

المقدمة وفيها خمسة فصول

الفصل الأول: في الكاتب

أجمعت الكنيسة المسيحية على أن كاتب هذه البشارة يوحنا الرسول. وهو ابن زبدي وسالومي (متّى ٤: ٢١ و٢٢ ومرقس ١: ١٩ و٢٠ قابل ذلك بما يأتي متّى ٢٠: ٢٠ و٢٧: ٥٦ ومرقس ١٥: ٤٠ و١٦: ١). وُلد في بيت صيدا (لوقا ٥: ٩ ويوحنا ١: ٤٤). وكان صياداً يصيد في بحر الجليل كأبيه زبدي. وكان أبوه غير محتاج لأنه كان صاحب السفينة التي يصيد فيها وتحت يده أجراء (مرقس ١: ٢٠). وكانت أمه من النساء اللواتي رافقن المسيح في أسفاره وخدمته وأنفقن عليه من أموالهن (متّى ٢٧: ٥٦ ولوقا ٨: ٣) وهي من اللواتي وقفن عند صليب يسوع (مرقس ١٥: ٤٠) وأتت إلى القبر بأطياب لتحنيط جسد المسيح (مرقس ١٦: ١).

وكان أولاً من تلاميذ يوحنا المعمدان (يوحنا ١: ٣٧ – ٤٠) وهو الذي عرّفه بالمسيح وذهب مع يسوع حينئذ لكنه لم يتبعه تلميذاً إلا بعد حين وذلك يوم دعاه المسيح وأخاه يعقوب دعوة خاصة (متّى ٤: ٢١ ومرقس ١: ١٩ ولوقا ٥: ١٠).

وسُمي «ٱلتِّلْمِيذِ ٱلَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ» (يوحنا ١٣: ٢٣ و١٩: ٣٦ و٢٠: ٢ و٢١: ٩). وهو الذي وكّل المسيح إليه أمه وهو على الصليب (يوحنا ١٩: ٢٧). سكن في أورشليم مدة بعد صلب المسيح وأشار بولس إلى أنه كان من أحد أعمدة الكنيسة (أعمال ١: ١٤ و٣: ١ و٤: ١٣ وغلاطية ٢: ٩).

ذكر المؤرخون المسيحيون أنه في أواخر أيامه ذهب إلى آسيا الصغرى وسكن مدينة أفسس والأرجح أنه سافر إلى هناك قرب خراب أورشليم وكتابته ما في رؤياه إلى كنائس آسيا السبع تؤيد هذا القول (رؤيا ١: ١١). ونُفي إلى جزيرة بطمس بسبب دينه وهنالك كتب سفر الرؤيا (رؤيا ١: ٩) والمظنون أنه رجع عند ما أُطلق من بطمس إلى مدينة أفسس ومات هنالك شيخاً طاعناً في السن في نهاية القرن الأول للميلاد أو في نحو السنة الثامنة والستين بعد الصلب.

الفصل الثاني: في مصدر علم يوحنا بما كتبه في بشارته

صرّح يوحنا أنه كتب أنباء ما رآه وسمعه (يوحنا ١: ١٤ و١٣: ٢ و١٨: ١٥ و١٩: ٢٦ و٣٥ و٢٠: ٢ و٢١: ٢٤) وهذا لا ينافي أنه كتب بإلهام الروح القدس.

الفصل الثالث: في زمن كتابته إنجيله ومكانها

الأرجح أن يوحنا كتب بشارته في مدينة أفسس في المدة الأخيرة من حياته أي بين سنة ٨٠ و٩٠ ب. م. أو ليس بأقل من عشرين سنة بعد كتابة سائر البشائر ولعله كتب بعدهم بثلاثين سنة.

والدليل على أنه كتب بشارته بعد خراب أورشليم أنه لم يذكر شيئاً من أنباء المسيح بذلك الخراب كما ذكر غيره من البشيرين.

الفصل الرابع: في غاية يوحنا من بشارته

لم يكتب يوحنا هذه البشارة لمخصوصين من اليهود أو الرومانيين أو اليونانيين بل للمؤمنين بالمسيح من كل أمة لكي يثبتهم بيسوع ابن الله نور العالم وحياته كما يظهر من قوله «وَأَمَّا هٰذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللّٰهِ، وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِٱسْمِهِ» (يوحنا ٢٠: ٣١) ويقرب من هذا ما في ص ١٩: ٣٥. ولم يذكر في هذه البشارة الضلالات التي كانت قد دخلت في الكنيسة يومئذ لكنه وجه كلامه إلى إبطالها.

الفصل الخامس في خواص هذه البشارة

تمتاز بشارة يوحنا بسبعة أشياء:

  • الأول: بساطة العبارة وسمو المعنى وروحانيته.
  • الثاني: أن سائر البشيرين ذكروا حوادث حياة المسيح وأعماله إثباتاً لتعاليمه وأما هو فذكر لاهوت المسيح وصفاته وتعاليمه عينها وكثيراً ما ذكر خُطب المسيح ومحاوراته والغالب أنه ذكر من أعمال يسوع ما لم يذكره سواه من كاتبي البشائر.
  • الثالث: أن سائر الإنجيليين كتبوا معظم أناجيلهم في خدمة المسيح في الجليل أما هو فمعظم بشارته في خدمة يسوع في اليهودية.
  • الرابع: أنه ذكر حوادث مهمة لم يذكرها سواه منها شهادة يوحنا المعمدان للمسيح (يوحنا ١: ١٤ – ٤٠). والمعجزة الأولى (ص ٢: ٢ – ١١). والفصح الأول وما جرى فيه (ص ٢: ١٣ – ٢٢). وزيارة نيقوديموس ليسوع ص ٣: ١-٢١. ومحادثته المرأة السامرية (ص ٤: ٤ – ٥٤). وقيامة لعازر (ص ١١). وبعض خطب يسوع العامة (ص ٥ إلى ص ١٠) وخطابه الأخير لرسله (ص ١٣ إلى ص ١٦) وصلاته قبل صلبه (ص ١٧) وثلاثة أقوال من أقوال المسيح وهو على الصليب الأول قوله لأمه «يا امرأة هذا ابنك الخ» والثاني قوله «أنا عطشان» والثالث قوله «قد أكمل».
  • الخامس: أنه ترك ذكر حوادث ميلاد يسوع ومعموديته وتجربته والوعظ على الجبل والتجلي وكل الأمثال التي ذكرها سائر الإنجيليين ومعجزاته سوى سبع منها ورسم العشاء الرباني وآلامه في جثسيماني. وصعوده إلا على سبيل التلميح.
  • السادس: أنه لو لم يذكر يوحنا عدد أعياد الفصح التي حدثت في مدة خدمة المسيح لم نستطع معرفة مدتها وهي نحو ثلاث سنين ونصف سنة.
  • السابع: إن سائر الإنجيليين اكتفوا بذكر أعمال المسيح وخطبه أما هو فزاد على ذلك شروحاً وتفاصيل من نفسه.

التالي
زر الذهاب إلى الأعلى