سفر أيوب | 38 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر أيوب
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّامِنُ وَٱلثَّلاَثُونَ
قال أصحاب أيوب إن مصائبه العظيمة كانت دليلاً على ارتكابه خطايا عظيمة وأما أيوب فشعر بأنه لم يخطئ كما ظنوا وشك في جودة الله وعدله وحصل بين أيوب وأصحابه جدال طويل وعريض بلا نتيجة حاسمة. وبالآخر سطّر مؤلف السفر بإلهام الرب ما رآه أحسن حلاً لهذه المشاكل لذلك نتقدم إلى درس هذه الفصول باهتمام متوقعين جواباً مقنعاً وكافياً ولا ننسى أن روح الله قد أوحى إلى المؤلف ما كتبه ولكن علينا أن نتذكر أن أيوب وأصحابه لم يعرفوا الله كما أُعلن في الكتاب المقدس بل كما أُعلن في الطبيعة لذلك نطقوا بهذا الكلام الفصيح والجميل عن أعمال الله في تكوين الأرض والبحر والنور والمطر والأجرام الفلكية والحيوانات على اختلاف أنواعها وحكمته ومحبته في عنايته بها وهذا هو أحسن جواب في تلك الأيام. والفائدة منه لأيوب وأصحابه أن الإنسان وإن كان أعظم خلائق الله لا يقدر أن يفهم كل ما يعمله الله فعليه أن يصدق أنه يعمل كل شيء حسناً بالحكمة والمحبة والعدل وعلى الإنسان الإيمان والاتكال عليه والتسليم له. وعلينا نحن في هذه الأيام أن ندرس الكتاب المقدس العهد القديم والعهد الجديد لنجد فيه النور والتعزية.
وفي كلام الرب ذكر أولاً من المخلوقات ما هو بلا روح كالأرض والبحر والنور والمطر والأجرام الفلكية (٣٨: ١ – ٣٨) ثم ما له روح كالوعول والفراء والثور الوحشي الخ ووبخ أيوب على جسارته فإنه كان نسب الظلم إلى الله (١٦: ٦ – ١٧ و١٩: ٧ – ١٢) فقال له الله «هَلْ يُخَاصِمُ ٱلْقَدِيرَ مُوَبِّخُهُ، أَمِ ٱلْمُحَاجُّ ٱللّٰهَ يُجَاوِبُهُ؟» (٤٠: ٢) وقال أيضاً «لَعَلَّكَ تُنَاقِضُ حُكْمِي. تَسْتَذْنِبُنِي لِتَتَبَرَّرَ أَنْتَ» (٤٠: ٨) فأظهر له الله أن الإنسان لا يقدر أن يدبر العالم ولا يليق به أن يحعل نفسه في مكان الخالق.
١ – ٣ «١ فَقَالَ ٱلرَّبُّ لأَيُّوبَ مِنَ ٱلْعَاصِفَةِ: ٢ مَنْ هٰذَا ٱلَّذِي يُظْلِمُ ٱلْقَضَاءَ بِكَلاَمٍ بِلاَ مَعْرِفَةٍ؟ ٣ اُشْدُدِ ٱلآنَ حَقَوَيْكَ كَرَجُلٍ، فَإِنِّي أَسْأَلُكَ فَتُعَلِّمُنِي».
ص ٤٠: ٦ ص ٣٥: ١٦ و٤٢: ٣ ص ٤٠: ٧ ص ٤٢: ٤
مِنَ ٱلْعَاصِفَةِ (انظر خروج ١٩: ١٦ – ١٨) «صَارَتْ رُعُودٌ وَبُرُوقٌ وَسَحَابٌ ثَقِيلٌ عَلَى ٱلْجَبَلِ» و(مزمور ١٨: ٩ – ١٣) «طَأْطَأَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَنَزَلَ وَضَبَابٌ تَحْتَ رِجْلَيْهِ… أَرْعَدَ ٱلرَّبُّ مِنَ ٱلسَّمَاوَاتِ» أي حضور الرب بالعاصفة مما يليق بجلاله. كان أيوب طلب (٩: ٣٤) «لِيَرْفَعْ عَنِّي عَصَاهُ وَلاَ يَبْغَتْنِي رُعْبُهُ» ولم يستجب له الرب كما طلب بل ظهر له بالعاصفة وغاية الرب بذلك كما يظهر لنا هي أولاً أن يوبخ أيوب على جسارته في حكمه على عدل الرب وثانياً أن يأتي به إلى الخضوع والإيمان فيجد السلام والراحة وكان حل مشاكل أيوب مما يخص القلب أكثر مما يخص العقل (انظر ١ملوك ١٩: ١١ و١٢) إن الرب أظهر نفسه لإيليا أولاً بريح عظيمة ثم بزلزلة وبعدهما بالنار ولكنه كلم إيليا أخيراً بصوت منخفض خفيف وصل إلى قلبه والأرجح إن الصوت الذي سمعه أيوب كان بقلبه فشعر بأن الرب حاضر وشعوره هذا كان أحسن حل لمشاكله وكانت تلك المشاكل كصخور على شط البحر تضربها الأمواج بعنف وعند مد البحر تتغطى هذه الصخور وتزول ضربات الأمواج وهكذا حينما يأتي الله إلى قلب الإنسان ويملأه تزول الشكوك وتنحل المشاكل بالفرح بالرب.
مَنْ هٰذَا (ع ٢) الإشارة إلى أيوب لأنه نسب الظلم إلى قضاء الله الصالح وتكلم بلا معرفة.
فَتُعَلِّمُنِي لا يقدر الإنسان أن يعلّم الله لذلك يجب أن لا يعترض على ما يعمله الله ولا يشك في عدله وحكمته.
٤ – ٧ «٤ أَيْنَ كُنْتَ حِينَ أَسَّسْتُ ٱلأَرْضَ؟ أَخْبِرْ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ فَهْمٌ. ٥ مَنْ وَضَعَ قِيَاسَهَا؟ لأَنَّكَ تَعْلَمُ! أَوْ مَنْ مَدَّ عَلَيْهَا مِطْمَاراً؟ ٦ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ قَرَّتْ قَوَاعِدُهَا، أَوْ مَنْ وَضَعَ حَجَرَ زَاوِيَتِهَا، ٧ عِنْدَمَا تَرَنَّمَتْ كَوَاكِبُ ٱلصُّبْحِ مَعاً، وَهَتَفَ جَمِيعُ بَنِي ٱللّٰهِ».
ص ١٥: ٧ ومزمور ١٤٠: ٥ وأمثال ٣٠: ٤ أمثال ٨: ٢٩ وإشعياء ٤٠: ١٢ ص ٢٦: ٧ ص ١: ٦
أَيْنَ كُنْتَ كان أليفاز قال ما يشبه كلام الرب (١٥: ٨) «هَلْ أَصْغَيْتَ فِي مَجْلِسِ ٱللّٰهِ».
حِينَ أَسَّسْتُ ٱلأَرْضَ الخلق مشبه ببناء بيت له أساس وقواعد وحجر زاوية. فنتعلم أن لا شيء في هذا العالم حدث اتفاقاً بل كل شيء من الله ولكل شيء غاية كما لكل جزء من البيت الذي رسمه بناء مقتدر. وغاية سؤال الرب تخجيل أيوب.
كَوَاكِبُ ٱلصُّبْحِ (ع ٧) كناية عن الملائكة وهم «بنو الله» لما تأسس الهيكل الثاني (عزرا ٣: ١٠ و١١) «غَنُّوا بِٱلتَّسْبِيحِ وَٱلْحَمْدِ لِلرَّبِّ… وهَتَفُوا هُتَافاً عَظِيماً» ولما تأسست أسس الأرض ترنمت الملائكة و «الصبح» هو الصبح الأول أي صبح الخلق.
٨ – ١١ «٨ وَمَنْ حَجَزَ ٱلْبَحْرَ بِمَصَارِيعَ حِينَ ٱنْدَفَقَ فَخَرَجَ مِنَ ٱلرَّحِمِ. ٩ إِذْ جَعَلْتُ ٱلسَّحَابَ لِبَاسَهُ وَٱلضَّبَابَ قِمَاطَهُ ١٠ وَجَزَمْتُ عَلَيْهِ حَدِّي وَأَقَمْتُ لَهُ مَغَالِيقَ وَمَصَارِيعَ، ١١ وَقُلْتُ: إِلَى هُنَا تَأْتِي وَلاَ تَتَعَدَّى، وَهُنَا تُتْخَمُ كِبْرِيَاءُ لُجَجِكَ؟».
تكوين ١: ٩ ومزمور ٣٣: ٧ و١٠٤: ٩ وأمثال ٨: ٩ وإرميا ٥: ٢٢
وخلق البحر مشبه بولادة طفل لباسه السحاب وقماطه الضباب. والطفل جبار بالعظمة والقوة يلزمه حدود ومغاليق ومصاريع فيخافه الناس حتى اليوم ولكنه بيد الله فوضع له حدوداً لا يقدر أن يتجاوزها.
١٢ – ١٥ «١٢ هَلْ فِي أَيَّامِكَ أَمَرْتَ ٱلصُّبْحَ؟ هَلْ عَرَّفْتَ ٱلْفَجْرَ مَوْضِعَهُ ١٣ لِيُمْسِكَ بِأَطْرَافِ ٱلأَرْضِ فَيُنْفَضَ ٱلأَشْرَارُ مِنْهَا؟ ١٤ تَتَحَوَّلُ كَطِينِ ٱلْخَاتِمِ، وَتَقِفُ كَأَنَّهَا لاَبِسَةٌ. ١٥ وَيُمْنَعُ عَنِ ٱلأَشْرَارِ نُورُهُمْ، وَتَنْكَسِرُ ٱلذِّرَاعُ ٱلْمُرْتَفِعَةُ».
ص ٢٨: ٢٤ و٣٧: ٣ ص ٣٤: ٢٥ و٢٦ و٣٦: ٦ انظر ص ٥: ١٤ عدد ١٥: ٣٠ ومزمور ١٠: ١٥ و٣٧: ١٧
هَلْ عَرَّفْتَ ٱلْفَجْرَ مَوْضِعَهُ للفجر وقت معيّن فلا يمكن أن يتقدم أو يتأخر ثانية واحدة وطبعاً ليس لأيوب ولا لغيره من الناس معرفة أو قدرة على ذلك. والليل كغطاء للأرض والصبح يُمسك به (ع ١٣) ويكشف عن الأرض فيبدد الأشرار الذين يعملون بالليل.
كَطِينِ ٱلْخَاتِمِ (ع ١٤) قبل الفجر تكون الأرض كطين بلا هيئة أو صورة وعند الفجر تظهر هيئتها كالجبال والأودية والأحراج والحقول والألوان المختلفة الجميلة وهذه المناظر كصور الخاتم في الطين وكلباس للأرض.
يُمْنَعُ عَنِ ٱلأَشْرَارِ نُورُهُمْ (ع ١٥) نور الأشرار هو الليل لأنهم فيه يعملون أعمالهم السيئة (انظر ٢٤: ١٣ – ١٧ ويوحنا ٣: ١٩ – ٢١).
١٦ – ١٨ «١٦ هَلِ ٱنْتَهَيْتَ إِلَى يَنَابِيعِ ٱلْبَحْرِ، أَوْ فِي مَقْصُورَةِ ٱلْغَمْرِ تَمَشَّيْتَ؟ ١٧ هَلِ ٱنْكَشَفَتْ لَكَ أَبْوَابُ ٱلْمَوْتِ، أَوْ عَايَنْتَ أَبْوَابَ ظِلِّ ٱلْمَوْتِ؟ ١٨ هَلْ أَدْرَكْتَ عَرْضَ ٱلأَرْضِ؟ أَخْبِرْ إِنْ عَرَفْتَهُ كُلَّهُ!»
تكوين ٧: ١١ و٨: ٢ وأمثال ٨: ٢٤ و٢٨ ص ١٠: ٢١ و٢٦: ٦ و٣٤: ٢٢ ص ٢٨: ٢٤
يَنَابِيعِ ٱلْبَحْرِ اعتقد القدماء بوجود محيط أو مخزن للماء تحت البحر ومنه تنبع المياه وتملأ البحر و «المقصورة» هي الدار الواسعة المحصنة أو مكان أصغر من الدار لا يدخله إلا صاحبه ومقصورة المسجد مقام الإمام ومعنى الكلمة الأصلية «ما لا يُفحص».
أَبْوَابُ ٱلْمَوْتِ (ع ١٧) صوّر القدماء مكاناً للأموات تحت أعماق الأرض والبحر لا يعرفه أحد من الناس ولم يرجع أحد الأموات ليخبرنا عن ذلك المكان والذين ماتوا وقاموا كلعازر لم يخبرونا بشيء.
هَلْ أَدْرَكْتَ عَرْضَ ٱلأَرْضِ (ع ١٨) لم يعرف القدماء كروية الأرض بل ظنوا أنها سهل يمتد إلى الجهات الأربع بلا نهاية فلم يصل أحد إلى حدها ولا يقدر أن يصل إليه.
١٩ – ٢١ «١٩ أَيْنَ ٱلطَّرِيقُ إِلَى حَيْثُ يَسْكُنُ ٱلنُّورُ، وَٱلظُّلْمَةُ أَيْنَ مَقَامُهَا، ٢٠ حَتَّى تَأْخُذَهَا إِلَى تُخُومِهَا وَتَعْرِفَ سُبُلَ بَيْتِهَا؟ ٢١ تَعْلَمُ، لأَنَّكَ حِينَئِذٍ كُنْتَ قَدْ وُلِدْتَ، وَعَدَدُ أَيَّامِكَ كَثِيرٌ!».
ص ٢٦: ١٠ ص ١٥: ٧
وَٱلظُّلْمَةُ أَيْنَ مَقَامُهَا لم يفهم القدماء أن الظلمة عدم النور بل تصوروها كأنها كائنة بذاتها وطلب الرب من أيوب أن يجيب ما هو النور وما هي الظلمة ومن أين يأتيان والعلماء اليوم أيضاً يعترفون بجهلهم. والقول في (ع ٢١) تهكُّم.
٢٢ – ٢٧ «٢٢ أَدَخَلْتَ إِلَى خَزَائِنِ ٱلثَّلْجِ، أَمْ أَبْصَرْتَ مَخَازِنَ ٱلْبَرَدِ ٢٣ ٱلَّتِي أَبْقَيْتَهَا لِوَقْتِ ٱلضُّرِّ، لِيَوْمِ ٱلْقِتَالِ وَٱلْحَرْبِ؟ ٢٤ فِي أَيِّ طَرِيقٍ يَتَوَزَّعُ ٱلنُّورُ وَتَتَفَرَّقُ ٱلرِّيحُ ٱلشَّرْقِيَّةُ عَلَى ٱلأَرْضِ؟ ٢٥ مَنْ فَرَّعَ قَنَوَاتٍ لِلْهَطْلِ وَطَرِيقاً لِلصَّوَاعِقِ ٢٦ لِيَمْطُرَ عَلَى أَرْضٍ حَيْثُ لاَ إِنْسَانَ، عَلَى قَفْرٍ لاَ أَحَدَ فِيهِ، ٢٧ لِيُرْوِيَ ٱلْبَلْقَعَ وَٱلْخَلاَءَ وَيُنْبِتَ مَخْرَجَ ٱلْعُشْبِ؟».
ص ٣٧: ٦ خروج ٩: ١٨ ويشوع ١٠: ١١ وإشعياء ٣٠: ٣٠ وحزقيال ١٣: ١١ و١٣ ورؤيا ١٦: ٢١ ص ٢٦: ١٠ انظر ص ٣٦: ٢٧ مزمور ١٠٤: ١٣ و١٤
تصوّر القدماء خزائن للثلج في الفلك لأن الثلج أحياناً ينزل ويتكوّم على الأرض بالكثرة وأحياناً يحدث ضرر عظيم من الثلج والبَرَد وكان الرب يستعملها في القتال (انظر يشوع ١٠: ١١ ومزمور ٦٨: ١٤ وإشعياء ٣٠: ٣٠ وحزقيال ١٣: ١٣).
يَتَوَزَّعُ ٱلنُّورُ عند شروق الشمس يتوزع النور في كل الأرض حتى في داخل البيوت وهذا أمر نعرفه جيداً ولكننا لا نقدر أن نوضح أسبابه وكذلك الريح الشرقية.
قَنَوَاتٍ لِلْهَطْلِ (ع ٢٥) المطر مخزون بالكثرة في السحاب ولكنه لا ينزل دفعة واحدة على الأرض بل رويداً رويداً بقطرات لإفادة الأرض لا لخرابها. والفلك يتصوره القدماء كقبة راكزة على أطراف الأرض والله بحكمته جعل قنوات فيها للمطر وفتح طريقاً للصواعق.
أَرْضٍ حَيْثُ لاَ إِنْسَانَ (ع ٢٦) لا يعتني الله بالإنسان فقط بل أيضاً بالأرض والنباتات والحيوانات في القفر الذي ليس فيه إنسان.
٢٨ – ٣٠ «٢٨ هَلْ لِلْمَطَرِ أَبٌ، وَمَنْ وَلَدَ مَآجِلَ ٱلطَّلِّ؟ ٢٩ مِنْ بَطْنِ مَنْ خَرَجَ ٱلْجَلِيدُ؟ صَقِيعُ ٱلسَّمَاءِ، مَنْ وَلَدَهُ؟ ٣٠ كَحَجَرٍ صَارَتِ ٱلْمِيَاهُ. ٱخْتَبَأَتْ. وَتَلَكَّدَ وَجْهُ ٱلْغَمْرِ».
ص ٣٦: ٢٧ و٢٨ ومزمور ١٤٧: ٨ وإرميا ١٤: ٢٢ ص ٣٧: ١٠ ومزمور ١٤٧: ١٧
ليس للمطر أب أي ليس هو من إنسان بل من الله والطل أيضاً من أعمال الله العجيبة فإنه يسقي النباتات الطرية والأزهار الجميلة بالليل بلا صوت ونفعه ليس أقل من نفع المطر. ومن عجائب الله أيضاً تحويل الماء إلى جليد (ع ٢٩).
٣١ – ٣٨ «٣١ هَلْ تَرْبِطُ أَنْتَ عُقْدَ ٱلثُّرَيَّا أَوْ تَفُكُّ رُبُطَ ٱلْجَبَّارِ؟ ٣٢ أَتُخْرِجُ ٱلْمَنَازِلَ فِي أَوْقَاتِهَا وَتَهْدِي ٱلنَّعْشَ مَعَ بَنَاتِهِ؟ ٣٣ هَلْ عَرَفْتَ سُنَنَ ٱلسَّمَاوَاتِ أَوْ جَعَلْتَ تَسَلُّطَهَا عَلَى ٱلأَرْضِ؟ ٣٤ أَتَرْفَعُ صَوْتَكَ إِلَى ٱلسُّحُبِ فَيُغَطِّيَكَ فَيْضُ ٱلْمِيَاهِ؟ ٣٥ أَتُرْسِلُ ٱلْبُرُوقَ فَتَذْهَبَ وَتَقُولَ لَكَ: هَا نَحْنُ؟ ٣٦ مَنْ وَضَعَ فِي ٱلطَّخَاءِ حِكْمَةً، أَوْ مَنْ أَظْهَرَ فِي ٱلشُّهُبِ فِطْنَةً؟ ٣٧ مَنْ يُحْصِي ٱلْغُيُومَ بِٱلْحِكْمَةِ، وَمَنْ يَسْكُبُ أَزْقَاقَ ٱلسَّمَاوَاتِ، ٣٨ إِذْ يَنْسَبِكُ ٱلتُّرَابُ سَبْكاً وَيَتَلاَصَقُ ٱلطِّينُ؟».
ص ٩: ٩ وعاموس ٥: ٨ مزمور ١٤٨: ٦ وإرميا ٣١: ٣٥ و٣٦ ع ٣٧ وص ٢٢: ١١ و٣٦: ٢٧ و٢٨ ص ٣٦: ٣٢ و٣٧: ٣ مزمور ٥١: ٦ وجامعة ٢: ٢٦ انظر ص ٩: ٤ ص ٣٢: ٨ ع ٣٤
ٱلثُّرَيَّا سبعة كواكب في عنق الثور سميت بذلك لكثرة كواكبها مع ضيق المحل وهذه النجوم مرتبطة بعضها ببعض كعقد من الجواهر وذلك من الرب وليس من أيوب. والجبار اسم برج وصوّر القدماء تخومه كجبار مربوط. وتظهر الثريا في الربيع والجبار في أول الشتاء وانتهاء الشتاء وقدوم الربيع كربط الجبار. والرب سأل أيوب هل يقدر هو أن يأمر الشتاء والربيع فيأتيا ويمضيا حسب قوله.
ٱلْمَنَازِلَ (ع ٣٢) (انظر ٢ملوك ٢٣: ٥).
ٱلنَّعْشَ مَعَ بَنَاتِهِ بنات نعش الكبرى سبعة كواكب أربعة منها نعش لأنها مربعة وثلاثة بنات نعش وكذلك بنات نعش الصغرى.
سُنَنَ ٱلسَّمَاوَاتِ (ع ٣٣) إن العلماء اليوم يعرفون من سنن السموات أكثر مما عرفه أيوب ورفقاؤه ومع ذلك فمعرفتهم قليلة ومحدودة.
تَسَلُّطَهَا عَلَى ٱلأَرْضِ (انظر تكوين ١: ١٤ – ١٩) «لِتَفْصِلَ بَيْنَ ٱلنَّهَارِ وَٱللَّيْلِ، وَتَكُونَ لآيَاتٍ وَأَوْقَاتٍ وَأَيَّامٍ وَسِنِينٍ… ٱلنُّورَ ٱلأَكْبَرَ لِحُكْمِ ٱلنَّهَارِ، وَٱلنُّورَ ٱلأَصْغَرَ لِحُكْمِ ٱللَّيْلِ» وظن القدماء أن للأجرام السماوية تسلطاً على أمور الناس وعقولهم وتاريخ الممالك وادعى المنجمون بأنهم يقدرون أن يعرفوا بواسطة النجوم الأمور المستقبلة وأيام السعد وأيام النحس وادعوا أن لكل إنسان نجماً خاصاً وإنهم يقدرون أن يستدلوا منه على أمور حياة ممثله (إشعياء ٤٧: ١٣) «لِيَقِفْ قَاسِمُو ٱلسَّمَاءِ ٱلرَّاصِدُونَ ٱلنُّجُومَ، ٱلْمُعَرِّفُونَ عِنْدَ رُؤُوسِ ٱلشُّهُورِ وَيُخَلِّصُوكِ» و(انظر متّى ٢: ٢).
أَتَرْفَعُ صَوْتَكَ (ع ٣٤) كما رفع كهنة البعل أصواتهم (انظر ١ملوك ١٨: ٢٨ و٢٩) وأما السحب فلم تسمع لهم لأن المطر من الرب وحده.
أَتُرْسِلُ ٱلْبُرُوقَ (انظر ٢ملوك ١: ١٠).
ٱلطَّخَاءِ (ع ٣٦) السحاب المرتفع فحركات السحب تدل على حكمة وليست هذه إلا حكمة الله (انظر ٣٧: ١١ – ١٣ وتفسيره).
مَنْ يُحْصِي (ع ٣٧) كما يُحصي القائد جيوشه فيرسل منهم ما يكفي لحاجته لا أكثر ولا أقل. فالرب يحصي الغيوم هكذا حتى تنزل الكمية المطلوبة من المطر.
أَزْقَاقَ ٱلسَّمَاوَاتِ الغيوم مشبهة بأزقاق ملآنة ماء (انظر ٢٦: ٨ وتفسيره).
إِذْ يَنْسَبِكُ ٱلتُّرَابُ (ع ٣٨) حينما ينزل المطر على التراب الجاف يتلاصق المدر كما ينسبك المعدن المذوب بالنار فتتلاصق دقائقه بجاذبية الملاصقة.
٣٩ – ٤١ «٣٩ أَتَصْطَادُ لِلَّبْوَةِ فَرِيسَةً، أَمْ تُشْبِعُ نَفْسَ ٱلأَشْبَالِ، ٤٠ حِينَ تَرْبِضُ فِي عَرِينِهَا وَتَكْمُنُ فِي غَابَتِهَا لِلْكُمُونِ؟ ٤١ مَنْ يُهَيِّئُ لِلْغُرَابِ صَيْدَهُ إِذْ تَنْعَبُ فِرَاخُهُ إِلَى ٱللّٰهِ، وَتَتَرَدَّدُ لِعَدَمِ ٱلْقُوتِ؟».
مزمور ١٠٤: ٢١ ص ٣٧: ٨ مزمور ١٤٧: ٩ ومتّى ٦: ٢٦ ولوقا ١٢: ٢٤
هنا ابتدأ القسم الثاني من الموضوع وهو قدرة الله وحكمته في خلقه ما له روح وعنايته بهم. والله أعطى اللبوة القوة والمعرفة لتصطاد لنفسها من الطعام ما يوافقها ولا يمكن الإنسان أن يعمل ما تعمله اللبوة. والعيص الشجر الكثير الملتف يكمن فيها الأسد. و «تجرمزّ» تنقبض وتتجمع بعضها إلى بعض.
لِلْغُرَابِ (ع ٤١) لعله مذكور هنا لأنه من الخلائق الحقيرة بخلاف اللبوة التي هي من الخلائق القوية والمعتبرة والمعنى أن الله يعتني بجميع الحيوانات المعتبرة كاللبوة والدنيئة كالغراب.
السابق |
التالي |