سفر أيوب | 31 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر أيوب
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلْحَادِي وَٱلثَّلاَثُونَ
هذا الأصحاح خاتمة كلام أيوب وفيه برّر نفسه من كل الخطايا التي نسبها إليه أصحابه.
١ – ٤ «١ عَهْداً قَطَعْتُ لِعَيْنَيَّ، فَكَيْفَ أَتَطَلَّعُ فِي عَذْرَاءَ! ٢ وَمَا هِيَ قِسْمَةُ ٱللّٰهِ مِنْ فَوْقُ وَنَصِيبُ ٱلْقَدِيرِ مِنَ ٱلأَعَالِي؟ ٣ أَلَيْسَ ٱلْبَوَارُ لِعَامِلِ ٱلشَّرِّ وَٱلنُّكْرُ لِفَاعِلِي ٱلإِثْمِ! ٤ أَلَيْسَ هُوَ يَنْظُرُ طُرُقِي وَيُحْصِي جَمِيعَ خُطُوَاتِي».
متّى ٥: ٢٨ ص ٢٠: ٢٩ ص ١٨: ١٢ و٢١: ٣٠ ص ٣٤: ٢٢ ص ٢٤: ٢٣ و٢٨: ٢٤ و٣٤: ٢١ و٣٦: ٧ و٢أيام ١٦: ٩ وأمثال ٥: ٢١ و١٥: ٣ ع ٣٧ وص ١٤: ١٦
عَهْداً قَطَعْتُ أعضاء الجسد تحت أمر الإنسان فبأمره تنظر العين وتسمع الأذن وتعمل اليد وتمشي الرجل الخ. ويخاطب أيوب عينيه كما يخاطب شخصاً ووعدهما وعداً ثابتاً إنه لا يرفعهما إلى ما لا يليق.
لِعَيْنَيَّ بواسطة العينين يدخل إلى القلب ما يضرم الشهوات (انظر تكوين ٣: ٦ و٣٩: ٧ و٢صموئيل ١١: ٢ و٢بطرس ٢: ١٤) فعلى كل من يقصد الامتناع عن الخطايا المشار إليها أن يحفظ أولاً عينيه من النظر إلى ما يهيج الشهوات.
فَكَيْفَ أَتَطَلَّعُ (رومية ٦: ٢) «نَحْنُ ٱلَّذِينَ مُتْنَا عَنِ ٱلْخَطِيَّةِ، كَيْفَ نَعِيشُ بَعْدُ فِيهَا».
مَا هِيَ قِسْمَةُ ٱللّٰهِ (ع ٢) والجواب في (ع ٣) البوار العامل الشر والله ينظر طُرُق الإنسان (ع ٤) حتى كل خطوة من خطواته ويرى الأمور الزهيدة حتى لمحة العين ويجازي كل إنسان حسب أعماله.
٥ – ٨ «٥ إِنْ كُنْتُ قَدْ سَلَكْتُ مَعَ ٱلْكَذِبِ، أَوْ أَسْرَعَتْ رِجْلِي إِلَى ٱلْغِشِّ، ٦ لِيَزِنِّي فِي مِيزَانِ ٱلْحَقِّ فَيَعْرِفَ ٱللّٰهُ كَمَالِي. ٧ إِنْ حَادَتْ خُطُوَاتِي عَنِ ٱلطَّرِيقِ، وَذَهَبَ قَلْبِي وَرَاءَ عَيْنَيَّ، أَوْ لَصِقَ عَيْبٌ بِكَفِّي، ٨ أَزْرَعْ وَغَيْرِي يَأْكُلْ، وَفُرُوعِي تُسْتَأْصَلْ».
ص ١٥: ٣١ وميخا ٢: ١١ ص ٦: ٢ و٣ ص ٢٣: ١٠ و٢٧: ٥ و٦ ص ٢٣: ١١ ص ٩: ٣٠ ص ٢٠: ١٨ ولاويين ٢٦: ١٦ وميخا ٦: ١٥ ع ١٢
إِنْ كُنْتُ قَدْ سَلَكْتُ مَعَ ٱلْكَذِبِ شخّص الكذب والغش ولم يسلك مع الكذب أي لم يكن الكذب معه كرفيقه وشريكه ولم يسرع إلى الغش أي لم يتبعه ليعمل أعماله. والعدد السادس جملة معترضة بها استشهد الله على صدق قوله.
ذَهَبَ قَلْبِي وَرَاءَ عَيْنَيَّ (ع ٧) لم يسلّم نفسه ليسد شهوات العينين.
أَزْرَعْ وَغَيْرِي يَأْكُلْ (ع ٨) (انظر لاويين ٢٦: ١٦ وتثنية ٢٨: ٣٣).
والظاهر أن الخطيئة التي أشار أيوب إليها هي خطيئة الظلم والطمع نحو الذين خدموه فلم يبخس الفعلة أجرتهم.
٩ – ١٢ «٩ إِنْ غَوِيَ قَلْبِي عَلَى ٱمْرَأَةٍ، أَوْ كَمَنْتُ عَلَى بَابِ قَرِيبِي، ١٠ فَلْتَطْحَنِ ٱمْرَأَتِي لآخَرَ، وَلْيَنْحَنِ عَلَيْهَا آخَرُونَ. ١١ لأَنَّ هٰذِهِ رَذِيلَةٌ، وَهِيَ إِثْمٌ يُعْرَضُ لِلْقُضَاةِ. ١٢ لأَنَّهَا نَارٌ تَأْكُلُ حَتَّى إِلَى ٱلْهَلاَكِ وَتَسْتَأْصِلُ كُلَّ مَحْصُولِي».
ع ١ وص ٢٤: ١٥ قضاة ١٦: ٢١ وإشعياء ٤٧: ٢ تثنية ٢٨: ٣٠ وإرميا ٨: ١٠ لاويين ٢٠: ١٠ وتثنية ٢٢: ٢٤ ع ٢٨ انظر ص ١٥: ٣٠ انظر ص ٢٦: ٦ ع ٨ وص ٢٠: ٢٨
فَلْتَطْحَنِ ٱمْرَأَتِي كان الطحن عمل العبدات والمعنى لتصير امرأتي عبدة وغالباً كانت العبدة سرّية سيدها.
يُعْرَضُ لِلْقُضَاةِ (ع ١١) الزاني يُقتل حسب الشريعة (تثنية ٢٢: ٢٢ ويوحنا ٨: ٥).
حَتَّى إِلَى ٱلْهَلاَكِ انظر ما أصاب داود عقاباً لزناه مع بثشبع وهذه الخطيئة تميت الضمير وتحرم الإنسان جميع الأفراح الطبيعية البيتية وتبعده عن الله (انظر أمثال ٦: ٢٤ – ٢٥) وكانت هذه الخطيئة في القديم من تجارب الأغنياء والعظماء الخاصة وكثيرون منهم لم يعتبروها خطيئة لاعتقادهم إن الشعب عبيد للملك ليفعل بهم كما يشاء.
١٣ – ٢٣ «١٣ إِنْ كُنْتُ رَفَضْتُ حَقَّ عَبْدِي وَأَمَتِي فِي دَعْوَاهُمَا عَلَيَّ، ١٤ فَمَاذَا كُنْتُ أَصْنَعُ حِينَ يَقُومُ ٱللّٰهُ؟ وَإِذَا ٱفْتَقَدَ، فَبِمَاذَا أُجِيبُهُ؟ ١٥ أَوَلَيْسَ صَانِعِي فِي ٱلْبَطْنِ صَانِعَهُ، وَقَدْ صَوَّرَنَا وَاحِدٌ فِي ٱلرَّحِمِ؟ ١٦ إِنْ كُنْتُ مَنَعْتُ ٱلْمَسَاكِينَ عَنْ مُرَادِهِمْ، أَوْ أَفْنَيْتُ عَيْنَيِ ٱلأَرْمَلَةِ، ١٧ أَوْ أَكَلْتُ لُقْمَتِي وَحْدِي فَمَا أَكَلَ مِنْهَا ٱلْيَتِيمُ! ١٨ بَلْ مُنْذُ صِبَايَ كَبِرَ عِنْدِي كَأَبٍ، وَمِنْ بَطْنِ أُمِّي هَدَيْتُهَا. ١٩ إِنْ كُنْتُ رَأَيْتُ هَالِكاً لِعَدَمِ ٱللِّبْسِ أَوْ فَقِيراً بِلاَ كِسْوَةٍ، ٢٠ إِنْ لَمْ تُبَارِكْنِي حَقَوَاهُ وَقَدِ ٱسْتَدْفَأَ بِجَزَّةِ غَنَمِي. ٢١ إِنْ كُنْتُ قَدْ هَزَزْتُ يَدِي عَلَى ٱلْيَتِيمِ لَمَّا رَأَيْتُ عَوْنِي فِي ٱلْبَابِ، ٢٢ فَلْتَسْقُطْ عَضُدِي مِنْ كَتِفِي، وَلْتَنْكَسِرْ ذِرَاعِي مِنْ قَصَبَتِهَا، ٢٣ لأَنَّ ٱلْبَوَارَ مِنَ ٱللّٰهِ رُعْبٌ عَلَيَّ، وَمِنْ جَلاَلِهِ لَمْ أَسْتَطِعْ».
تثنية ٢٤: ١٤ و١٥ انظر ص ١٠: ٣ ص ٥: ١٦ و٢٠: ١٩ ص ٢٢: ٩ وخروج ٢٢: ٢٢ – ٢٤ ص ٢٢: ٧ ص ٢٩: ١٢ ص ٢٢: ٦ و٢٩: ١٣ انظر ص ٢٤: ٤ ع ١٧ وص ٢٩: ١٢ ص ٢٩: ٧ ص ٣٨: ١٥ ع ٣ ص ١٣: ١١
ولم يعتبر أيوب عبيده كأملاكه بل كأناس لهم حقوق كما لنفسه.
فِي دَعْوَاهُمَا عَلَيَّ كان أيوب يسمع الدعوى ويحكم فيها بلا محاباة.
حِينَ يَقُومُ ٱللّٰهُ (ع ١٤) لكي يراجع الحكم. كان أيوب عبداً لله فعامله الله كما كان يعامل هو عبيده (انظر متّى ١٨: ٢٥ – ٣٠) كان الاسترقاق مباحاً في العهد القديم ولكن قول أيوب هذا وغيره من أقوال الكتاب يدل على أن الاسترقاق ليس بموجب قصد الله لما خلق الإنسان وفداه بتجسد المسيح (غلاطية ٣: ٢٨ «لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ… لأَنَّكُمْ جَمِيعاً وَاحِدٌ فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ».
أَفْنَيْتُ عَيْنَيِ ٱلأَرْمَلَةِ (ع ١٦) من الانتظار عبثاً (انظر مزمور ٦٩: ٣).
كَبِرَ عِنْدِي كَأَبٍ (ع ١٨) كان أيوب كأب لليتيم وهاد للأرملة من بطن أمه أي من صغره ولعله ورث غناه من أبيه فكان غنياً منذ صباه ومن صغره اعتاد الإحسان إلى المحتاجين.
إِنْ كُنْتُ قَدْ هَزَزْتُ يَدِي (ع ٢١) أي إذا رفع يده ليضرب اليتيم أو يظلمه لأنه رأى أن الجالسين في الباب أي الحكام كانوا يعينونه على ذلك.
فَلْتَسْقُطْ عَضُدِي (ع ٢٢) الدعاء على نفسه يوافق الكلام السابق «إن كنت هززت يدي».
لَمْ أَسْتَطِعْ (ع ٢٣) لم يقدر أن يخطئ الخطايا المذكورة لأن رعب الله عليه.
٢٤ – ٢٨ «٢٤ إِنْ كُنْتُ قَدْ جَعَلْتُ ٱلذَّهَبَ عُمْدَتِي، أَوْ قُلْتُ لِلإِبْرِيزِ: أَنْتَ مُتَّكَلِي. ٢٥ إِنْ كُنْتُ قَدْ فَرِحْتُ إِذْ كَثُرَتْ ثَرْوَتِي وَلأَنَّ يَدِي وَجَدَتْ كَثِيراً. ٢٦ إِنْ كُنْتُ قَدْ نَظَرْتُ إِلَى ٱلنُّورِ حِينَ ضَاءَ، أَوْ إِلَى ٱلْقَمَرِ يَسِيرُ بِٱلْبَهَاءِ، ٢٧ وَغَوِيَ قَلْبِي سِرّاً، وَلَثَمَ يَدِي فَمِي، ٢٨ فَهٰذَا أَيْضاً إِثْمٌ يُعْرَضُ لِلْقُضَاةِ، لأَنِّي أَكُونُ قَدْ جَحَدْتُ ٱللّٰهَ مِنْ فَوْقُ».
ص ٢٢: ٢٤ ومزمور ١٠: ٢٤ ص ١: ٣ و١٠ ومزمور ٦٢: ١٠ تثنية ٤: ١٩ و١٧: ٣ وحزقيال ٨: ١٦ ع ١١ وتثنية ١٧: ٢ – ٧ يشوع ٢٤: ٢٧ وإشعياء ٥٩: ١٣
جَعَلْتُ ٱلذَّهَبَ عُمْدَتِ (كولوسي ٣: ٥) «ٱلطَّمَعَ ٱلَّذِي هُوَ عِبَادَةُ ٱلأَوْثَانِ».
وَلَثَمَ يَدِي فَمِي (ع ٢٧) بالسجود إلى الشمس والقمر وامتد ذلك السجود كثيراً في الشرق وفي بلاد العرب (انظر إرميا ٤٤: ١٥ – ١٩ وحزقيال ٨: ١٦).
يُعْرَضُ لِلْقُضَاةِ (انظر تثنية ١٧: ٢ – ٧) يُقتل الساجد للشمس أو القمر أو الأصنام بموجب حكم من القضاة وعلى فم شاهدين أو ثلاثة شهود وهذا السجود هو جحود لله (القرآن ٤١: ٣٧ و٦: ٧٦).
٢٩ – ٣٤ «٢٩ إِنْ كُنْتُ قَدْ فَرِحْتُ بِبَلِيَّةِ مُبْغِضِي أَوْ شَمِتُّ حِينَ أَصَابَهُ سُوءٌ. ٣٠ بَلْ لَمْ أَدَعْ حَنَكِي يُخْطِئُ فِي طَلَبِ نَفْسِهِ بِلَعْنَةٍ. ٣١ إِنْ كَانَ أَهْلُ خَيْمَتِي لَمْ يَقُولُوا: مَنْ يَأْتِي بِأَحَدٍ لَمْ يَشْبَعْ مِنْ طَعَامِهِ؟ ٣٢ غَرِيبٌ لَمْ يَبِتْ فِي ٱلْخَارِجِ. فَتَحْتُ لِلْمُسَافِرِ أَبْوَابِي. ٣٣ إِنْ كُنْتُ قَدْ كَتَمْتُ كَٱلنَّاسِ ذَنْبِي لإِخْفَاءِ إِثْمِي فِي حِضْنِي. ٣٤ إِذْ رَهِبْتُ جُمْهُوراً غَفِيراً، وَرَوَّعَتْنِي إِهَانَةُ ٱلْعَشَائِرِ، فَكَفَفْتُ وَلَمْ أَخْرُجْ مِنَ ٱلْبَابِ!».
أمثال ١٧: ٥ و٢٤: ١٧ وعوبديا ١٢ مزمور ٧: ٤ ص ٥: ٣ ص ٢٢: ٧ تكوين ٣: ١٠ وأمثال ٢٨: ١٣ خروج ٢٣: ٢
فَرِحْتُ بِبَلِيَّةِ مُبْغِضيِ (انظر ١٢: ٥ وأمثال ٢٤: ١٧ و٢٥: ٢١).
أَهْلُ خَيْمَتِي (ع ٣١) خدامه.
كَتَمْتُ كَٱلنَّاسِ ذَنْبِي (ع ٣٣) لم يرتكب ذنباً فليس كالذين يخطئون فيخافون من تعيير الناس ولا يريدون أن يخرجوا من الباب لئلا يراهم الناس ويستهزئوا بهم.
ولعل مؤلف السفر صوّر رجلاً كاملاً ونسب إلى أيوب الفضائل المذكورة. وهذه الصورة جميلة جداً لأنها لا تذكر الأعمال والكلام فقط بل أيضاً عواطف القلب والكلام هنا سبق تعليم العهد الجديد أي إن حفظ وصايا الله يتبدئ من القلب (انظر متّى ٥: ٢٨ و١٥: ١٩ ويعقوب ٥: ٤ و١يوحنا ٣: ١٥).
٣٥ – ٣٧ «٣٥ مَنْ لِي بِمَنْ يَسْمَعُنِي؟ هُوَذَا إِمْضَائِي. لِيُجِبْنِي ٱلْقَدِيرُ. وَمَنْ لِي بِشَكْوَى كَتَبَهَا خَصْمِي، ٣٦ فَكُنْتُ أَحْمِلُهَا عَلَى كَتِفِي. كُنْتُ أُعْصِبُهَا تَاجاً لِي. ٣٧ كُنْتُ أُخْبِرُهُ بِعَدَدِ خُطُوَاتِي وَأَدْنُو مِنْهُ كَشَرِيفٍ».
ص ١٩: ٧ و٣٠: ٢٠ و٢٤ و٢٨ و٣٥: ١٤ ص ٢٧: ٧ ع ٤ ص ١: ٣ و٢٩: ٢٥
لم يكمل الجملة بل رفع أفكاره إلى الله واستدعاه ليحكم في دعواه.
إِمْضَائِي (ع ٣٥) على المدّعي أن يكتب شكواه وعلى المدّعى عليه أن يكتب جوابه حتى يُعرف تماماً فحوى الشكوى فلا يكون سوء مفهومية. المدّعي الخصم هو الله والمدّعى عليه هو أيوب. وهنا سؤالان الأول من جهة أيوب وهو لماذا لا يعترف أيوب بخطيئته بل يدّعي بأنه كامل في كل أعماله وأفكاره. وهذا يخالف قول الكتاب «إِنْ قُلْنَا إِنَّهُ لَيْسَ لَنَا خَطِيَّةٌ نُضِلُّ أَنْفُسَنَا» (١يوحنا ١: ٨) ويناقض اختبارنا. والثاني من جهة الله وهو لماذا قيل إنه المدّعي على الإنسان وخصمه هو الله وهذا خلاف ما قيل في الكتاب في محبة الله الأبوية ومحبة يسوع فادي الجنس البشري. والجواب على هذين السؤالين هو أن موضوع البحث في هذا السفر المصائب والخطيئة فإن أصحاب أيوب قالوا إن المصائب نتيجة الخطيئة ووقوع المصائب برهان قاطع على وجود خطيئة في المصاب وأما أيوب فقال إن مصائبه لم تنتج عن خطيئة فيه. وفي البحث مبالغة من الجهتين فإن أصحاب أيوب كثّروا خطاياه وعظموها وأما أيوب فأنكرها كلها. ونظر أيوب إلى الله كخصم لما تأمل في آلامه غير أنه لم يترك إيمانه بالله كما يظهر من كثير من أقواله.
كُنْتُ أَحْمِلُهَا عَلَى كَتِفِي (ع ٣٦) إنه لا يخجل لو كتب خصمه شكواه عليه وبالغ فقال إنه يفتخر بها فيحملها على كتفه ويعصبها تاجاً لرأسه.
خُطُوَاتِي (ع ٣٧) كل أعمال حياته بالتفصيل.
كَشَرِيفٍ لا كمذنب. ومن جهة أيوب نقول (١) إنه لم يخطئ خطايا فظيعة كما اتهمه أصحابه (٢) إن نيّته كانت مخلصة وكان عزمه أن يعمل كل واجباته لله وللناس. (٣) إنه أكمل هذه الواجبات لله لا ليظهر للناس أنه بار (٤) إن الله يُسر بأعمال الناس الحسنة ويمدحهم عليها (انظر تكوين ٢٢: ١٦ و٢ملوك ١٠: ٣٠ ومزمور ١٨: ٢٠ – ٢٤) وعلى كل إنسان أن يطلب الكمال ويجتهد فيه وجميع أعمالنا الحسنة تمت بنعمة الله وهي ليست علة خلاصنا وليست كاملة.
٣٨ – ٤٠ «٣٨ إِنْ كَانَتْ أَرْضِي قَدْ صَرَخَتْ عَلَيَّ وَتَبَاكَتْ أَتْلاَمُهَا جَمِيعاً. ٣٩ إِنْ كُنْتُ قَدْ أَكَلْتُ غَلَّتَهَا بِلاَ فِضَّةٍ، أَوْ أَطْفَأْتُ أَنْفُسَ أَصْحَابِهَا، ٤٠ فَعِوَضَ ٱلْحِنْطَةِ لِيَنْبُتْ شَوْكٌ وَبَدَلَ ٱلشَّعِيرِ زَوَانٌ».
«تَمَّتْ أَقْوَالُ أَيُّوبَ».
ص ٢٤: ٢ ص ٢٤: ٦ و١٠ – ١٢ ويعقوب ٥: ٤ و١ملوك ٢١: ١٩ ص ٣٢: ١٣ وإشعياء ٥: ٦
كانت الأرض صرخت على أيوب والأتلام تباكت لو كان أخذها بظلم وبلا فضة أي بلا دفع ثمنها لأصحابها. ومن يأخذ أرض الفقراء هكذا يطفئ أنفس أصحابها أي يهلكهم جوعاً لأنه لا يأخذ أرضهم فقط بل أيضاً حياتهم. والدعاء على نفسه لإثبات قوله.
السابق |
التالي |