سفر أيوب

سفر أيوب | 23 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر أيوب 

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّالِثُ وَٱلْعِشْرُونَ

مضمون هذا الأصحاح وما يليه جواب أيوب الذي ذكر ما أصابه مع أنه اتقى الله (ص ٢٣) وما يحدث في العالم إجمالاً مما يشير إلى عدم وجود نظام عادل (ص ٢٤).

١، ٢ «١ فَقَالَ أَيُّوبُ: ٢ ٱلْيَوْمَ أَيْضاً شَكْوَايَ تَمَرُّدٌ. ضَرْبَتِي أَثْقَلُ مِنْ تَنَهُّدِي».

انظر ص ٧: ١١ ص ٦: ٢ و٣ ومزمور ٣٢: ٤

تَمَرُّدٌ (ع ٢) كان أليفاز حرّض أيوب على التوبة والرجوع إلى الله ليرجع الله إليه ويباركه (٢٢: ٢١ – ٣٠) وأما أيوب فقال إنه لا يزال يشكو معاملة الله له وشكواه تمرد على كلام أليفاز أي عدم التسليم لدعواه إن أيوب أخطأ خطايا فظيعة (٢٢: ٥ – ١١) وقال «اليوم أيضاً» أي إنه الآن كما كان بالأول وكلام أصحابه لم يقنعه وقال إنه لم يبالغ في كلامه السابق لأن ضربته أثقل من تنهده.

٣ – ٧ «٣ مَنْ يُعْطِينِي أَنْ أَجِدَهُ فَآتِيَ إِلَى كُرْسِيِّهِ! ٤ أُحْسِنُ ٱلدَّعْوَى أَمَامَهُ وَأَمْلأُ فَمِي حُجَجاً. ٥ فَأَعْرِفُ ٱلأَقْوَالَ ٱلَّتِي بِهَا يُجِيبُنِي وَأَفْهَمُ مَا يَقُولُهُ لِي. ٦ أَبِكَثْرَةِ قُوَّةٍ يُخَاصِمُنِي؟ كَلاَّ! وَلٰكِنَّهُ كَانَ يَنْتَبِهُ إِلَيَّ. ٧ هُنَالِكَ كَانَ يُحَاجُّهُ ٱلْمُسْتَقِيمُ، وَكُنْتُ أَنْجُو إِلَى ٱلأَبَدِ مِنْ قَاضِيَّ».

ص ٣: ١٨ انظر ص ٩: ٤ ص ١٣: ٣ ع ١٠ وص ١٣: ١٦

طلب أن يحضر أمام كرسي الله ليبسط دعواه أمامه تيقن إنه لا يخاصمه بقوته الإلهية بل ينتبه إليه وتيقن أيضاً إن المستقيم (ع ٧) أي أيوب نفسه يحاجه فتظهر استقامته ويتبرر إلى الأبد أي لا يُطالب بعد.

مَنْ يُعْطِينِي أَنْ أَجِدَهُ (ع ٣) هذا قول كل بني البشر فإنهم يطلبون النور لسبيلهم في هذا العالم ولا يحدث بعد الموت ليفهموا سرّ وجود الآلام والأحزان ويطلبون الخلاص من خطاياهم والراحة لضميرهم والحكم العادل على الظالمين ونجاة المظلومين.

٨، ٩ «٨ هَئَنَذَا أَذْهَبُ شَرْقاً فَلَيْسَ هُوَ هُنَاكَ وَغَرْباً فَلاَ أَشْعُرُ بِهِ ٩ شِمَالاً حَيْثُ عَمَلُهُ فَلاَ أَنْظُرُهُ. يَتَعَطَّفُ ٱلْجَنُوبَ فَلاَ أَرَاهُ».

ص ٩: ١١ و٣٥: ١٤

فَلاَ أَنْظُرُهُ لماذا لا يراه (١) لأنه يُطلب من الإنسان الإيمان بأن الله موجود وإن كان لا يقدر أن يراه (٢) لأن الإنسان لا يقدر أن يرى مجد الله كما أن العين لا تقدر أن تنظر إلى الشمس بلمعانها ولكننا نراه بيسوع المسيح. يذكر الجهات الأربع أي بعدما نظر إلى كل الجهات لم يجد الله لا في مكان العمل (الشمال) ولا في مكان الظلام (الجنوب) والله يتعطف الجنوب أي يلبسه كثوب ويتخبأ فيه والجنوب عند القدماء بلا ظلام لأن معرفتهم فيه قليلة وبالعكس الشمال بلاد عمل.

١٠ – ١٢ «١٠ لأَنَّهُ يَعْرِفُ طَرِيقِي. إِذَا جَرَّبَنِي أَخْرُجُ كَٱلذَّهَبِ. ١١ بِخَطَوَاتِهِ ٱسْتَمْسَكَتْ رِجْلِي. حَفِظْتُ طَرِيقَهُ وَلَمْ أَحِدْ. ١٢ مِنْ وَصِيَّةِ شَفَتَيْهِ لَمْ أَبْرَحْ. أَكْثَرَ مِنْ فَرِيضَتِي ذَخَرْتُ كَلاَمَ فَمِهِ».

ص ٧: ١٨ ومزمور ٧: ٩ و١١: ٥ و٦٦: ١٠ وزكريا ١٣: ٩ و١بطرس ١: ٧ ص ٣١: ٧ ومزمور ١٧: ٥ و٤٤: ١٨ ص ٦: ١٠ و٢٢: ٢٢

لأَنَّهُ يَعْرِفُ طَرِيقِي لم يشك أيوب في براءته وثق بأن الله عرفها وسيظهرها.

إِذَا جَرَّبَنِي كانت مصائب أيوب كنار الممحص تنقي التبر فيخرج ذهباً صافياً أو بمعنى آخر كانت المصائب كحجر محك يُعرف بواسطته الذهب الحقيقي.

فَرِيضَتِي (ع ١٢) انظر قول أليفاز (٢٢: ٢٢) «ٱقْبَلِ ٱلشَّرِيعَةَ مِنْ فَمِهِ، وَضَعْ كَلاَمَهُ فِي قَلْبِكَ» وقول أيوب إنه كان فضّل فرائض الله على فريضته فلم يعمل حسب إرادته بل حسب إرادة الله.

١٣، ١٤ «١٣ أَمَّا هُوَ فَوَحْدَهُ، فَمَنْ يَرُدُّهُ؟ وَنَفْسُهُ تَشْتَهِي فَيَفْعَلُ. ١٤ لأَنَّهُ يُتَمِّمُ ٱلْمَفْرُوضَ عَلَيَّ، وَكَثِيرٌ مِثْلُ هٰذِهِ عِنْدَهُ».

وأما الله فيعمل كما يشاء ولا يحكم عليه أحدٌ. والمفروض على أيوب (ع ١٤) هو المصائب والله يتممها بموته.

وَكَثِيرٌ مِثْلُ هٰذِهِ عِنْدَهُ ليس مصائب أيوب فقط بل أحوال العالم بالإجمال فإن أناساً يتألمون وأناساً ينعمون وذلك كله بلا سبب وبلا عدل كما ظهر لأيوب.

١٥ – ١٧ «١٥ مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ أَرْتَاعُ قُدَّامَهُ. أَتَأَمَّلُ فَأَرْتَعِبُ مِنْهُ. ١٦ لأَنَّ ٱللّٰهَ قَدْ أَضْعَفَ قَلْبِي وَٱلْقَدِيرَ رَوَّعَنِي. ١٧ لأَنِّي لَمْ أُقْطَعْ قَبْلَ ٱلظَّلاَمِ وَمِنْ وَجْهِي لَمْ يُغَطِّ ٱلدُّجَى».

ص ٢٧: ٢ وتثنية ٢٠: ٣ وإرميا ٥١: ٤٦ ص ١٠: ١٨ و١٩ ص ١٩: ٨

التشديد على كلمة «الله» وكلمة «القدير» إن ما أرعب أيوب هو أن الله الذي أحبه وعبده لم يعدل. ومن مصائبه إنه لم يُقطع والدجى لم يُغطِّ وجهه قبلما أتاه ظلام المصائب كما قال في (٣: ١١) «لِمَ لَمْ أَمُتْ مِنَ ٱلرَّحِمِ؟».

فوائد

  1. لسنا بحاجة أن نُحسن الدعوى أمام الله لأن لنا رئيس كهنة عظيم (عبرانيين ٤: ١٤ – ١٦).
  2. أحسن حجج نملأُ أفواهنا بها هي مواعيد الله (إشعياء ٤٣: ٢٦) «ذَكِّرْنِي فَنَتَحَاكَمَ مَعاً».
  3. لنا تعزية في الضيق لأن الله يعرف طريقنا وبعد التجربة يخرجنا كالذهب.
السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى