سفر أيوب | 09 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر أيوب
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلتَّاسِعُ
في الأصحاح التاسع والأصحاح العاشر جواب أيوب لبلدد وفيه أيضاً ما يشير إلى خطاب أليفاز. وخلاصة كلام أيوب أن الله هو القدير والمخوف ولا يمكن الإنسان أن يحاجه (ص ٩) وإن أحكام الله بعيدة عن الفحص وإن أيوب يئس من إدراك معاملة الله (ص ١٠).
١ – ١٠ «١ فَقَالَ أَيُّوبُ: ٢ صَحِيحٌ. قَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ كَذَا. فَكَيْفَ يَتَبَرَّرُ ٱلإِنْسَانُ عِنْدَ ٱللّٰهِ؟ ٣ إِنْ شَاءَ أَنْ يُحَاجَّهُ لاَ يُجِيبُهُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْ أَلْفٍ. ٤ هُوَ حَكِيمُ ٱلْقَلْبِ وَشَدِيدُ ٱلْقُوَّةِ. مَنْ تَصَلَّبَ عَلَيْهِ فَسَلِمَ؟ ٥ ٱلْمُزَحْزِحُ ٱلْجِبَالَ وَلاَ تَعْلَمُ. ٱلَّذِي يَقْلِبُهَا فِي غَضَبِهِ، ٦ ٱلْمُزَعْزِعُ ٱلأَرْضَ مِنْ مَقَرِّهَا فَتَتَزَلْزَلُ أَعْمِدَتُهَا، ٧ ٱلآمِرُ ٱلشَّمْسَ فَلاَ تُشْرِقُ وَيَخْتِمُ عَلَى ٱلنُّجُومِ. ٨ ٱلْبَاسِطُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَحْدَهُ وَٱلْمَاشِي عَلَى أَعَالِي ٱلْبَحْرِ. ٩ صَانِعُ ٱلنَّعْشِ وَٱلْجَبَّارِ وَٱلثُّرَيَّا وَمَخَادِعِ ٱلْجَنُوبِ. ١٠ فَاعِلُ عَظَائِمَ لاَ تُفْحَصُ وَعَجَائِبَ لاَ تُعَدُّ».
ص ٤: ١٧ و٢٥: ٤ ص ١٠: ٢ و١٣: ١٩ و٢٣: ٦ و٤٠: ٢ ع ١٥ و٣٢ ص ١١: ٦ و١٢: ١٣ و٢٨: ٢٣ و٣٨: ٣٦ و٣٧ ع ١٩ وص ٢٣: ٦ و٢أيام ١٣: ١٢ وأمثال ٢٩: ١ ع ٥ – ١٠ وص ٢٦: ٦ – ١٤ و٤١: ١١ إشعياء ٢: ١٩ و٢١ و١٣: ١٣ وحجي ٢: ٦ مزمور ٧٥: ٣ إشعياء ١٣: ١٠ وحزقيال ٣٢: ٧ و٨ ص ٣٧: ١٨ وتكوين ١: ١ ومزمور ١٠٤: ٢ وإشعياء ٤٠: ٢٢ ص ٣٨: ١٦ ومزمور ٧٧: ١٩ ص ٣٨: ٣١ و٣٢ وعاموس ٥: ٨ ص ٣٧: ٩ ص ٥: ٩
صَحِيحٌ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ كَذَا (ع ٢) ربما أشار أيوب إلى قول أليفاز «أَٱلإِنْسَانُ أَبَرُّ مِنَ ٱللّٰهِ» (٤: ١٧) وسلّم أن الإنسان ليس أبر من الله ولكنه سأل «كيف يتبرر الإنسان أمام الله» ويظهر من سياق الكلام أن أيوب قصد بسؤاله البيان أن الإنسان لا يقدر أن يتبرر عند الله لأن الله حكيم القلب فلا يمكن الإنسان أن يحاجه بالكلام وشديد القوة فلا يمكن أن يقاومه واعتقد أيوب أيضاً أن الإنسان وإن كان باراً لا يقدر أن يجاوب ويثبت بره أمام الله.
وَاحِدٍ مِنْ أَلْفٍ (ع ٣) لا يقدر الإنسان أن يجيب الله عن سؤال واحد من ألف. دليلاً على حكمة الله غير المحدودة.
مَنْ تَصَلَّبَ عَلَيْهِ (ع ٤) كثور جامح لا يسلم لأن الله أقوى منه.
وَلاَ تَعْلَمُ (ع ٥) الجبال لا تعلم أي تزحزحت بغتة (مزمور ٣٥: ٨ وإرميا ٥٠: ٢٤).
أَعْمِدَتُهَا (ع ٦) الأرض مشبهة ببيت تسنده أعمدته.
فَلاَ تُشْرِقُ (ع ٧) أشار إلى حجب الغيم للشمس (أعمال ٢٧: ٢٠) أو إلى الكسوف ولعله أشار أيضاً إلى أن الشمس تشرق وتغيب والنجوم تسير بأمر الله.
وَيَخْتِمُ عَلَى ٱلنُّجُومِ في (إشعياء ٤٠: ٢٦) «يخرج بعدد جندها» كأن النجوم موضوعة في خزانة فيخرجها مساء ويردها صباحاً ويختم عليها فلا يقدر غيره أن يخرجها.
أَعَالِي ٱلْبَحْرِ (ع ٨) أمواجه العظيمة.
ذكر بروج الفلك (ع ٩) كان أكثر الشرقيين القدماء رعاة وكانوا يحرسون رعيتهم في الليل فصار لهم فرصة أن يرصدوا الأجرام الفلكية ويتأملوا فيها (مزمور ٨ و١٩ وغيرهما) وبما أنهم لم يعرفوا النواميس الطبيعية نسبوا جميع الظواهر إلى عمل الله بلا وسائل طبيعية.
مَخَادِعِ ٱلْجَنُوبِ في نصف الكرة الجنوبي بروج ونجوم لا تُرى في الشمال كالصليب الجنوبي ولعل أيوب أشار إليها «بمخادع الجنوب» وتظهر عظمة الله من أعماله ولا سيما من الأجرام السماوية كما قال أليفاز (٥: ٩) ولكن أيوب استنتج من عظمته ابتعاده عن البشر.
١١ – ٢٠ «١١ هُوَذَا يَمُرُّ عَلَيَّ وَلاَ أَرَاهُ، وَيَجْتَازُ فَلاَ أَشْعُرُ بِهِ. ١٢ إِذَا خَطَفَ فَمَنْ يَرُدُّهُ، وَمَنْ يَقُولُ لَهُ: مَاذَا تَفْعَلُ؟ ١٣ ٱللّٰهُ لاَ يَرُدُّ غَضَبَهُ. يَنْحَنِي تَحْتَهُ أَعْوَانُ رَهَبَ. ١٤ كَمْ بِٱلأَقَلِّ أَنَا أُجَاوِبُهُ وَأَخْتَارُ كَلاَمِي مَعَهُ. ١٥ لأَنِّي وَإِنْ تَبَرَّرْتُ لاَ أُجَاوِبُ، بَلْ أَسْتَرْحِمُ دَيَّانِي. ١٦ لَوْ دَعَوْتُ فَٱسْتَجَابَ لِي لَمَا آمَنْتُ بِأَنَّهُ سَمِعَ صَوْتِي. ١٧ ذَاكَ ٱلَّذِي يَسْحَقُنِي بِٱلْعَاصِفَةِ وَيُكْثِرُ جُرُوحِي بِلاَ سَبَبٍ. ١٨ لاَ يَدَعُنِي آخُذُ نَفَسِي، وَلٰكِنْ يُشْبِعُنِي مَرَائِرَ. ١٩ إِنْ كَانَ مِنْ جِهَةِ قُوَّةِ ٱلْقَوِيِّ يَقُولُ: هَئَنَذَا. وَإِنْ كَانَ مِنْ جِهَةِ ٱلْقَضَاءِ يَقُولُ: مَنْ يُحَاكِمُنِي؟ ٢٠ إِنْ تَبَرَّرْتُ يَحْكُمُ عَلَيَّ فَمِي؟ وَإِنْ كُنْتُ كَامِلاً يَسْتَذْنِبُنِي».
ص ٢٣: ٨ و٩ و٣٥: ١٤ ص ١٠: ٧ و١١: ١٠ إشعياء ٤٥: ٩ ص ٢٦: ١٢ ومزمور ٨٩: ١٠ وإشعياء ٣٠: ٧ و٥١: ٩ ع ٣ و٣٢ ع ٢٠ و٢١ وص ١٠: ١٥ ص ٨: ٥ ص ١٦: ١٢ و١٤ و٣٠: ٢٢ ص ٧: ١٩ و١٠: ٢٠ ص ١٣: ٢٦ و٢٧: ٢ انظر ع ٤ ع ١٥ ع ٢٩ وص ١٥: ٦
إن أيوب بعد كلامه في خلائق الله غير الناطقة تقدم إلى ذكر أعماله مع الإنسان فقال إن الإنسان لا يراه ولا يشعر به ولكن الله يعمل ولا يقاوم ويفعل ولا يُحاسب.
أَعْوَانُ رَهَبَ (ع ١٣) معنى الكلمة الأصلية كبرياء وبما أن الكبرياء منسوبة إلى مصر صارت كلمة رهيبة في بعض الأبيات بمعنى مصر (مزمور ٨٧: ٤ و٨٩: ١ وإشعياء ٣٠: ٧) وفي (إشعياء ٥١: ٩) «أَلَسْتِ أَنْتِ ٱلْقَاطِعَةَ رَهَبَ، ٱلطَّاعِنَةَ ٱلتِّنِّينَ» فرهب هي التنين ولعل الاسم أُطلق على مصر أولاً لكبريائها وثانياً لوجود التنين أو التمساح في النيل. وفي (مزمور ٧٤: ١٣ و١٤) «أَنْتَ شَقَقْتَ ٱلْبَحْرَ بِقُوَّتِكَ. كَسَرْتَ رُؤُوسَ ٱلتَّنَانِينِ عَلَى ٱلْمِيَاهِ. أَنْتَ رَضَضْتَ رُؤُوسَ لَوِيَاثَانَ». والاسم رهب منسوب إلى البحر الهائج لكبريائه كما في (٢٦: ١٢) «بِقُوَّتِهِ يُزْعِجُ ٱلْبَحْرَ وَبِفَهْمِهِ يَسْحَقُ رَهَبَ» وكل من نظر البحر الهائج من رياح شديدة تعج أمواجه وتعلو كأنها تهاجم الغيم الحائم فوقها يفهم صوابية تشبيه أعداء الله بالبحر.
وبعد التأمل في عظمة الله الظاهرة في الخليقة وسلطته على البحر وجميع القوى الطبيعية قال أيوب «كم بالأقل أنا أجاوبه» (ع ١٤) «وإن تبررت» (ع ١٥) أي وإن كان أيوب بلا خطيئة لا يقدر أن يجاوب الله ليثبت برّه بل يسترحمه كمذنب.
لَمَا آمَنْتُ بِأَنَّهُ سَمِعَ صَوْتِي (ع ١٦) اعتقد أيوب أن الله يحكم ويعمل كما يشاء دون التفات إلى كلامه وبذلك يكون الله حاكماً مطلقاً وليس قاضياً عادلاً.
بِلاَ سَبَبٍ (ع ١٧) هذا كلام يدل على عدم التسليم لله لأن أيوب لم يعترف بأنه قد عمل ما يستحق الجروح.
يَحْكُمُ عَلَيَّ فَمِي (ع ٢٠) إذا تكلم أيوب بجد الله في كلامه ما يستذنبه به.
٢١ – ٢٤ «٢١ كَامِلٌ أَنَا. لاَ أُبَالِي بِنَفْسِي. رَذَلْتُ حَيَاتِي. ٢٢ هِيَ وَاحِدَةٌ. لِذٰلِكَ قُلْتُ إِنَّ ٱلْكَامِلَ وَٱلشِّرِّيرَ هُوَ يُفْنِيهِمَا. ٢٣ إِذَا قَتَلَ ٱلسَّوْطُ بَغْتَةً يَسْتَهْزِئُ بِتَجْرِبَةِ ٱلأَبْرِيَاءِ. ٢٤ ٱلأَرْضُ مُسَلَّمَةٌ لِيَدِ ٱلشِّرِّيرِ. يُغَشِّي وُجُوهَ قُضَاتِهَا. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ، فَإِذاً مَنْ؟»
ص ١: ١ و١٢: ٤ و١٣: ١٨ ص ٧: ١٦ ص ١٠: ٧ و ٨ ص ٢٤: ١٢ ص ١٠: ٣ و١٢: ٦ و١٦: ١١ ص ١٢: ١٧
تكلم كأنه وقف أمام الله وعارضه. استذنبه الله ومع ذلك أصرّ أيوب على قوله «كامل أنا» وقال «لا أبالي بنفسي» أي ليهلكني إذا أراد فإني «رذلت حياتي» سيّان عندي متُّ أو بقيت حياً.
لِذٰلِكَ قُلْتُ (ع ٢٢) أشار إلى ما قاله في (٧: ٢٠) «مَاذَا أَفْعَلُ لَكَ يَا رَقِيبَ ٱلنَّاسِ» أي إن الله يستذنب الجميع أكانوا كاملين أم كانوا أشراراً وبقوله هذا عارض ما قاله بلدد (٨: ٢٠) «ٱللّٰهُ لاَ يَرْفُضُ ٱلْكَامِلَ وَلاَ يَأْخُذُ بِيَدِ فَاعِلِي ٱلشَّرِّ».
يَسْتَهْزِئُ (ع ٢٣) الله يستهزئ لأنه يرى تجربة الأبرياء ولا يخلصهم منها.
ٱلأَرْضُ مُسَلَّمَةٌ لِيَدِ ٱلشِّرِّيرِ (ع ٢٤) هكذا ظهر لأيوب وليوحنا (١يوحنا ٥: ١٩) وهكذا يظهر في بعض الأماكن في أيامنا هذه ولكن إذا نظرنا إلى العالم كله وإذا قابلنا عالمنا هذا بالعالم القديم وإذا قابلناه بما كان عليه من مدة مئة سنة فقط نرى أن الظلم يقل تدريجاً والعدل والمحبة والسلام تزداد فإن الله يمد ملكوته ويخلص العالم رويداً رويداً. قال يسوع (لوقا ١٠: ١٨) «رَأَيْتُ ٱلشَّيْطَانَ سَاقِطاً مِثْلَ ٱلْبَرْقِ مِنَ ٱلسَّمَاءِ» وقال في (يوحنا ١٦: ٣٣) «ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ ٱلْعَالَمَ».
يُغَشِّي وُجُوهَ قُضَاتِهَا فيصيرون كعميان ولا يرون الحق. وأيوب نسب هذا العمل إلى الله. لأن الله هو الخالق والحاكم فلا يكون شيء إلا بعلمه.
٢٥ – ٣٥ «٢٥ أَيَّامِي أَسْرَعُ مِنْ عَدَّاءٍ، تَفِرُّ وَلاَ تَرَى خَيْراً. ٢٦ تَمُرُّ مَعَ سُفُنِ ٱلْبَرْدِيِّ. كَنَسْرٍ يَنْقَضُّ إِلَى صَيْدِهِ. ٢٧ إِنْ قُلْتُ: أَنْسَى كُرْبَتِي. أُطْلِقُ وَجْهِي وَأَبْتَسِمُ ٢٨ أَخَافُ مِنْ كُلِّ أَوْجَاعِي عَالِماً أَنَّكَ لاَ تُبَرِّئُنِي. ٢٩ أَنَا مُسْتَذْنَبٌ، فَلِمَاذَا أَتْعَبُ عَبَثاً؟ ٣٠ وَلَوِ ٱغْتَسَلْتُ فِي ٱلثَّلْجِ وَنَظَّفْتُ يَدَيَّ بِٱلأَشْنَانِ، ٣١ فَإِنَّكَ فِي ٱلنَّقْعِ تَغْمِسُنِي حَتَّى تَكْرَهَنِي ثِيَابِي. ٣٢ لأَنَّهُ لَيْسَ هُوَ إِنْسَاناً مِثْلِي فَأُجَاوِبَهُ فَنَأْتِي جَمِيعاً إِلَى ٱلْمُحَاكَمَةِ. ٣٣ لَيْسَ بَيْنَنَا مُصَالِحٌ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى كِلَيْنَا! ٣٤ لِيَرْفَعْ عَنِّي عَصَاهُ وَلاَ يَبْغَتْنِي رُعْبُهُ. ٣٥ إِذاً أَتَكَلَّمُ وَلاَ أَخَافُهُ. لأَنِّي لَسْتُ هٰكَذَا عِنْدَ نَفْسِي».
ص ٧: ٦ ص ٧: ٧ إشعياء ١٨: ٢ ص ٣٩: ٢٩ وحبقوق ١: ٨ انظر ص ٧: ١١ ص ٣: ٢٥ ص ٧: ٢١ و١٠: ١٤ ص ١٠: ٢ ومزمور ٣٧: ٣٣ إرميا ٢: ٢٢ ص ٣١: ٧ انظر ص ٧: ١٧ ع ٣ ع ١٩ و١صموئيل ٢: ٢٥ وإشعياء ١: ١٨ ص ١٣: ٢١ ص ١٣: ٢٢
عَدَّاءٍ هو الساعي السريع كالذي يحمل البريد العام أو رسائل الملك (أستير ٨: ١٠).
سُفُنِ ٱلْبَرْدِيِّ (ع ٢٦) القوارب الخفيفة والسريعة المستعملة في نهر النيل (إشعياء ١٨: ٢).
أُطْلِقُ وَجْهِي (ع ٢٧) إطلاق الوجه من الحزن كإطلاق الأسير من السجن. ولكن أيوب إذا عزم على الابتهاج والبشاشة لا يقدر على إتمام هذا لعلمه أن الله لا يبرئه فيكون أيوب مذنباً مهما قال ومهما عمل فلماذا يتعب عبثاً.
بِٱلأَشْنَانِ (ع ٣٠) القلي شيء يتخذ من حريق الحمض ويستعمل في الغسل والنقع والمستنقع هو الماء الراكد الوسخ ومنه تخرج رائحة كريهة وإذا اغتمس أحد فيه وطلع منه لا يقدر أن يلبس ثيابه لكثرة الأوساخ اللاصقة به وقصد أيوب بكلامه أنه ولو طهّر نفسه باجتهاد يحسبه الله مذنباً.
مُصَالِحٌ (ع ٣٣) في الترجمة اليسوعية «ليس من حكم بيننا» أي من يحكم على الفريقين فيسلم لحكمه كل منهما. وقال أيوب «ليس مصالح» لأنه ليس من يحكم على الله ليدفع عنه عصاه فيتكلم أيوب ولا يخاف.
لأَنِّي لَسْتُ هٰكَذَا عِنْدَ نَفْسِي (ع ٣٥) الترجمة اليسوعية «لا أجد مثل تلك التُهم في نفسي» أي لم يشعر بأنه مذنب ليخاف من المحاكمة.
ولم ينظر أيوب إلى يسوع المسيح وهو المصالح الحقيقي بين الله والإنسان ولكنه بقوله عبّر عن اشتياقه إلى مُصالح. وليس المسيح مصالحاً كما طلب أيوب ليثبت برّه عند الله لأنه يبكت الناس على خطاياهم ليعترفوا بأنهم يستحقون غضب الله والمسيح سفك دمه الكريم ليطهرهم من خطاياهم ليصيروا بر الله فيه (٢كورنثوس ٥: ٢٠ و٢١) وهو الوسيط بين الله والإنسان وبه «نَتَقَدَّمْ بِثِقَةٍ إِلَى عَرْشِ ٱلنِّعْمَةِ لِكَيْ نَنَالَ رَحْمَةً وَنَجِدَ نِعْمَةً عَوْناً فِي حِينِهِ» (عبرانيين ٤: ١٦). ويسوع المسيح هو «ٱلْمُشْرَقُ مِنَ ٱلْعَلاَءِ. لِيُضِيءَ عَلَى ٱلْجَالِسِينَ فِي ٱلظُّلْمَةِ وَظِلاَلِ ٱلْمَوْتِ، لِكَيْ يَهْدِيَ أَقْدَامَنَا فِي طَرِيقِ ٱلسَّلاَمِ» (لوقا ١: ٧٨ و٧٩) وأما أيوب فلم يكن له هذا النور ولا هذا السلام وجرّبه الشيطان ليزعزع إيمانه بالله لو أمكن وكان بعض كلام أيوب بتحريك من الشيطان فكان كأن الشيطان قاوم الله بواسطة أيوب.
السابق |
التالي |