سفر أيوب

سفر أيوب | 08 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر أيوب 

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلثَّامِنُ

مضمونه خطاب بلدد. وبه ثبّت برّ الله في مجازاة الصالحين ومعاقبة الأشرار واستشهد بأقوال الحكماء القدماء. وفي كلامه خشونة وقساوة أكثر مما أتى في كلام أليفاز.

١ – ٧ «١ فَأَجَابَ بِلْدَدُ ٱلشُّوحِيُّ: ٢ إِلَى مَتَى تَقُولُ هٰذَا وَتَكُونُ أَقْوَالُكَ رِيحاً شَدِيدَةً! ٣ هَلِ ٱللّٰهُ يُعَوِّجُ ٱلْقَضَاءَ أَوِ ٱلْقَدِيرُ يَعْكِسُ ٱلْحَقَّ؟ ٤ إِذْ أَخْطَأَ إِلَيْهِ بَنُوكَ دَفَعَهُمْ إِلَى يَدِ مَعْصِيَتِهِمْ. ٥ فَإِنْ بَكَّرْتَ أَنْتَ إِلَى ٱللّٰهِ وَتَضَرَّعْتَ إِلَى ٱلْقَدِيرِ ٦ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ زَكِيّاً مُسْتَقِيماً، فَإِنَّهُ ٱلآنَ يَتَنَبَّهُ لَكَ وَيُسْلِمُ مَسْكَنَ بِرِّكَ. ٧ وَإِنْ تَكُنْ أُولاَكَ صَغِيرَةً فَآخِرَتُكَ تَكْثُرُ جِدّاً».

ص ٦: ٢٦ ص ٣٤: ١٠ و١٢ و٣٦: ٢٣ و٣٧: ٢٣ وتكوين ١٨: ٢٥ وتثنية ٣٢: ٤ و٢أيام ١٩: ٧ ورومية ٣: ٥ ص ١: ٥ و١٨ و١٩ ص ٥: ١٧ – ٢٧ ص ٢٢: ٢٧ و٣٤: ٢٨ ومزمور ٧: ٦ ص ٥: ٢٤ ص ٤٢: ١٢

شبّه كلام أيوب (ع ٢) بريح شديدة لأنه قيل بحدة ولأنه كلام فارغ (انظر ٦: ٢٦).

هَلِ ٱللّٰهُ يُعَوِّجُ (ع ٣) لمّح بلدد إلى أن أيوب كان نسب إلى الله تعويج القضاء وقلب الحق (انظر ٦: ٢٩ و٧: ١ و٢ و١٢ – ٢١).

إِذْ أَخْطَأَ إِلَيْهِ بَنُوكَ (ع ٤) بالخشونة أشار إلى أن أبناء أيوب كانوا أخطأوا فدفعهم الله إلى يد معصيتهم أي إلى العقاب الذي استوجبته معصيتهم ولعله لم يعرف شيئاً عن أبناء أيوب بل استنتج من مصيبتهم أنهم قد أخطأوا. وبيّن يسوع بكلامه في (لوقا ١٣: ١ – ٥ ويوحنا ٩: ٢ و٣) إن المصائب لا تثبّت أن المصابين قد ارتكبوا خطايا غير اعتيادية بل إن غاية المصائب أن تظهر اعمال الله في المصابين.

فَإِنْ بَكَّرْتَ أَنْتَ (ع ٥ – ٧) وجّه كلامه إلى أيوب لأن أولاده كانوا ماتوا فليس رجاء من جهتهم وحرّضه على التوبة والرجوع إلى الله والزكوة والاستقامة لينتبه الله إليه. وبقوله «يُسلم مسكن برك» أشار إلى أن مسكن أيوب كان بالأول مسكن معصية ولكن يُسلمه الله إذا رجع إليه وعمل مسكنه مسكن بر.

فَآخِرَتُكَ (ع ٧) وأولاه وإن كانت حسنة فهي قليلة بالنسبة إلى آخرته.

٨ – ١٠ «٨ اِسْأَلِ ٱلْقُرُونَ ٱلأُولَى وَتَأَكَّدْ مَبَاحِثَ آبَائِهِمْ. ٩ لأَنَّنَا نَحْنُ مِنْ أَمْسٍ وَلاَ نَعْلَمُ، لأَنَّ أَيَّامَنَا عَلَى ٱلأَرْضِ ظِلٌّ. ١٠ فَهَلاَّ يُعْلِمُونَكَ. يَقُولُونَ لَكَ وَمِنْ قُلُوبِهِمْ يُخْرِجُونَ أَقْوَالاً قَائِلِينَ».

ص ١٥: ١٨ و٢٠: ٤ وتثنية ٤: ٣٢ و٢٢: ٧ ص ١٤: ٢

ٱلْقُرُونَ ٱلأُولَى بعد الطوفان قصرت أعمار الناس تدريجاً حتى نزول بني إسرائيل إلى مصر فصارت كما هي اليوم. وقول بلدد إنه بما أن القدماء عاشوا أكثر من معاصري أيوب وأصحابه كانت معرفتهم واختبارهم أكثر.

ظِلٌّ (ع ٩) ما يزول سريعاً أو ما ليس له وجود حقيقي (١٤: ٢ ومزمور ١٠٢: ١١ و١٤٤: ٤ وجامعة ٦: ١٢ و٨: ١٣).

مِنْ قُلُوبِهِمْ (ع ١٠) وليس على الفور وبلا تأمل.

١١ – ١٣ «١١ هَلْ يَنْمُو ٱلْبَرْدِيُّ فِي غَيْرِ ٱلْمُسْتَنْقَعِ، أَوْ تَنْبُتُ ٱلْحَلْفَاءُ بِلاَ مَاءٍ؟ ١٢ وَهُوَ بَعْدُ فِي نَضَارَتِهِ لَمْ يُقْطَعْ يَيْبَسُ قَبْلَ كُلِّ ٱلْعُشْبِ. ١٣ هٰكَذَا سُبُلُ كُلِّ ٱلنَّاسِينَ ٱللّٰهَ، وَرَجَاءُ ٱلْفَاجِرِ يَخِيبُ».

مزمور ٩: ١٧ ص ١١: ٢٠ و١٣: ١٦ و١٥: ٢٤ و٢٠: ٥ و٢٧: ٨

لعل الكلام المتضمن في (ع ١١ – ١٩) مقتبس من أقوال القدماء. أسند أليفاز كلامه على رؤيا وأما بلدد فعلى اختبار الآباء. ولعل القدماء المشار إليهم كانوا في مصر.

ٱلْبَرْدِيُّ نبات ينمو في وادي النيل ويُسمى بابيروس وكانوا يعملون منه ورقاً وسلالاً وقوارب خفيفة (خروج ٢: ٣ وإشعياء ١٨: ٢) والحلفاء نبات ينمو في مستنقعات النيل.

لَمْ يُقْطَعْ أي إذا انقطع الماء عنه يبس حالاً وإن كان بعد في نضارته وغير مقطوع.

هٰكَذَا (ع ١٣) الإنسان كالبردي الذي حياته من الماء والذين ينسون الله كالبردي الذي إذا انقطع عنه الماء يبس حالاً. ونعمة الله للإنسان كالماء للبردي فإنه إذا قُطع عنه يهلك سريعاً.

١٤، ١٥ «١٤ فَيَنْقَطِعُ ٱعْتِمَادُهُ، وَمُتَّكَلُهُ بَيْتُ ٱلْعَنْكَبُوتِ! ١٥ يَسْتَنِدُ إِلَى بَيْتِهِ فَلاَ يَثْبُتُ. يَتَمَسَّكُ بِهِ فَلاَ يَقُومُ».

إشعياء ٥٩: ٥ و٦ ع ٢٢ وص ٢٧: ١٨ ومزمور ٤٩: ١١

تشبيه آخر إن بيت الفاجر وإن كان من حجارة متينة ولصاحبه رجاء بأنه هو ونسله يسكنون فيه إلى الأبد فهو عند الله كبيت العنكبوت.

١٦ – ١٩ «١٦ هُوَ رَطْبٌ تُجَاهَ ٱلشَّمْسِ وَعَلَى جَنَّتِهِ تَنْبُتُ أَغْصَانُهُ. ١٧ وَأُصُولُهُ مُشْتَبِكَةٌ فِي ٱلرُّجْمَةِ فَتَرَى مَحَلَّ ٱلْحِجَارَةِ. ١٨ إِنِ ٱقْتَلَعَهُ مِنْ مَكَانِهِ يَجْحَدُهُ قَائِلاً: مَا رَأَيْتُكَ. ١٩ هٰذَا هُوَ فَرَحُ طَرِيقِهِ وَمِنَ ٱلتُّرَابِ يَنْبُتُ آخَرُ».

مزمور ٣٧: ٣٥ وإرميا ١١: ١٦ مزمور ٨٠: ١١ ص ٧: ١٠ انظر ٧: ٨ ص ٢: ٥

والفاجر يشبه أيضاً بيقطينة يونان في مكان معرّض للشمس وبجنة فيها ماء وأصولها مشتبكة في الرجمة أي ممكنة وحسب الظاهر لا تُقلع ومع ذلك يقلعها الله فتيبس ولا يبقى لها أثر.

هٰذَا هُوَ فَرَحُ (ع ١٩) أي فرح حياته فرح يوم فقط. وكذلك الفاجر فإنه يعيش أياماً قليلة ثم يموت ويقوم غيره في مكانه.

٢٠ – ٢٢ «٢٠ هُوَذَا ٱللّٰهُ لاَ يَرْفُضُ ٱلْكَامِلَ وَلاَ يَأْخُذُ بِيَدِ فَاعِلِي ٱلشَّرِّ. ٢١ عِنْدَمَا يَمْلأُ فَمَكَ ضَحِكاً وَشَفَتَيْكَ هُتَافاً، ٢٢ يَلْبِسُ مُبْغِضُوكَ خِزْياً. أَمَّا خَيْمَةُ ٱلأَشْرَارِ فَلاَ تَكُونُ».

ص ٤: ٧ ص ٢١: ٣٠ ص ٥: ٢٢ ومزمور ١٢٦: ١ و٢ مزمور ١٣٢: ١٦ مزمور ١٣٢: ١٨ ع ١٥ وص ١٥: ٣٤ و١٨: ١٤ و٢١: ٢٨

قال بلدد في الختام إن خلاصة تعليم القدماء أن الله لا يرفض الكامل ولا يأخذ بيد الأشرار أي لا يساعدهم (إشعياء ٤١: ١٣ و٤٢: ٦) فعلى أيوب الرجوع إلى الله فيغدق عليه أسباب السرور والضحك والهتاف عوضاً عن الحزن والتذمر ويخزي مبغضوه عندما يرون رجوعه إلى حالته الأولى. وأما الأشرار أي الذين يصرّون على شرورهم فيهلكون. وإنه يجب اعتبار حكمة القدماء فيرث الأولاد حكمة من آبائهم كما يرثون المال ويجب أيضاً اعتبار التعليم الجديد لكي يزيد الأولاد على ما ورثوه ويحسنوه ويصلحوه.

السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى