سفر إشعياء | 49 | السنن القويم
السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم
شرح سفر إشعياء
للقس . وليم مارش
اَلأَصْحَاحُ ٱلتَّاسِعُ وَٱلأَرْبَعُون
مضمونه:
شهادة الرب لعبده (ع ١ – ١٢). وتعزية صهيون في ضيقها (ع ١٣ – ٢٦). والحق الأساسي في (ع ٧) وهو قوله «الرب الذي هو أمين» وهو أمين لعبده فلا يتركه وأمين للكنيسة فلا ينساها.
وفي هذا الأصحاح وما يليه عما سبق لأن النبي لا يتكلم بعد في التمييز بين الله والأصنام ولا في كورش ودمار بابل بل موضوع كلامه النسبة بين الكنيسة ورأسها المسيح ونسبتها إلى العالم وغاية الله في دعوة الكنيسة وإرسال المسيح. وفي هذا الأصحاح إحدى العبارات الأربع التي فيها ذكر «عبد الرب» (ص ٤٢: ١ – ٤ و٤٩: ١ – ٦ و٥٠: ٤ – ٩ و٥٢: ١٣ – ٥٣: ١٢ انظر ما قيل في ص ٤٢: ١ – ٤).
١، ٢ «١ اِسْمَعِي لِي أَيَّتُهَا ٱلْجَزَائِرُ، وَٱصْغُوا أَيُّهَا ٱلأُمَمُ مِنْ بَعِيدٍ: ٱلرَّبُّ مِنَ ٱلْبَطْنِ دَعَانِي. مِنْ أَحْشَاءِ أُمِّي ذَكَرَ ٱسْمِي، ٢ وَجَعَلَ فَمِي كَسَيْفٍ حَادٍّ. فِي ظِلِّ يَدِهِ خَبَّأَنِي وَجَعَلَنِي سَهْماً مَبْرِيّاً. فِي كِنَانَتِهِ أَخْفَانِي».
ص ٤١: ١ ع ٥ وإرميا ١: ٥ ومتّى ١: ٢٠ و٢١ ولوقا ١: ١٥ و٣١ ويوحنا ١٠: ٣٦ وغلاطية ١: ١٥ ص ١١: ٤ و٥١: ١٦ وهوشع ٦: ٥ وعبرانيين ٤: ١٢ ورؤيا ١: ١٦ ص ٥١: ١٦ مزمور ٤٥: ٥
المتكلم هو المسيح لأن الصفات المذكورة لا تُنسب إلى غيره كالقول «نوراً للأمم» (ع ٦ وانظر أعمال ١٣: ٤٧). والقول «عهداً للشعب» (ع ٨). والمسيح يدعو الجزائر والأمم ليسمعوا كلامه لأنه مخلّص العالم فهو ليس لليهود فقط وهو الذي يتبارك فيه جميع أمم الأرض (تكوين ٢٢: ١٨).
أَيَّتُهَا ٱلْجَزَائِرُ أي سكان الجزائر وسواحل البحر وما عبر البحر والأمم البعيدين لأنه مرسل إلى العالم ليخلّص العالم كله لا اليهود فقط.
ٱلرَّبُّ مِنَ ٱلْبَطْنِ دَعَانِي (انظر متّى ١: ٢١ ولوقا ١: ٣١) فإنه سمي يسوع أي مخلصاً قبل ما وُلد.
وَجَعَلَ فَمِي كَسَيْفٍ حَادٍّ (انظر عبرانيين ٤: ١٢). إن كلمة الله بالإجمال حية وفعالة وكذا كلام المسيح. قيل إن الجموع بهتوا من تعليمه وعلم ما كان في الإنسان وأظهر ما كُتم من خطايا السامرية. وشهد له أعداؤه بقولهم «لَمْ يَتَكَلَّمْ قَطُّ إِنْسَانٌ هٰكَذَا مِثْلَ هٰذَا ٱلإِنْسَانِ. فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يُجِيبَهُ بِكَلِمَةٍ» (يوحنا ٧: ٤٦ ومتّى ٢٢: ٤٦).
فِي ظِلِّ يَدِهِ خَبَّأَنِي أعداء المسيح المجروحون بهذا السيف والمصابون بهذا السهم حنقوا عليه وطلبوا أن يقتلوه والآب حفظه حتى الساعة المعيّنة. إن كلام المسيح يعزي ويخلّص الذين يقبلونه ويهيّج غضب المقاومين. والكلمة «خبأني» تفيد أيضاً أن الله لم يرسل ابنه إلى العالم حتى صار ملء الأزمنة وهو السر المكتوم منذ الدهور في الله كسهم في يد المحارب لا يظهره حتى يصير وقت استعماله فيضرب عدوه على غير انتظار.
سَهْماً مَبْرِيّاً في الحروب القديمة كان المحارب يستعمل السيف لضرب العدو القريب والسهم لضرب العدو البعيد. والمسيح هو آلة كاملة بيد الرب معدة لإجراء مقاصده.
٣، ٤ «٣ وَقَالَ لِي: أَنْتَ عَبْدِي إِسْرَائِيلُ ٱلَّذِي بِهِ أَتَمَجَّدُ. ٤ أَمَّا أَنَا فَقُلْتُ عَبَثاً تَعِبْتُ. بَاطِلاً وَفَارِغاً أَفْنَيْتُ قُدْرَتِي. لٰكِنَّ حَقِّي عِنْدَ ٱلرَّبِّ، وَعَمَلِي عِنْدَ إِلٰهِي».
ص ٤٢: ١ وزكريا ٣: ٨ ص ٤٤: ٢٣ ويوحنا ١٣: ٣١ و١٥: ٨ وأفسس ١: ٦ حزقيال ٣: ١٩ ص ٤٠: ١٠ و٦٢: ١١
أَنْتَ عَبْدِي إذا نظرنا إلى كامل الأصحاح يتضح أن عبد الرب هو المسيح وإن سُمي إسرائيل. قيل في (١كورنثوس ١٥: ٤٥) «صَارَ آدَمُ ٱلإِنْسَانُ ٱلأَوَّلُ نَفْساً حَيَّةً، وَآدَمُ ٱلأَخِيرُ رُوحاً مُحْيِياً». والمسيح سُمي «آدم» لأنه نائب عن شعبه للخلاص كما كان آدم نائب عن كل الجنس البشري في المعصية. والمسيح سُمي «إسرائيل» هنا لأنه رئيس لشعب الله الروحي أي الكنيسة كما كان يعقوب أو إسرائيل رئيساً لشعب الله في الجسد. ولا يمكن أن لفظة «عبد الرب» هنا تشير إلى شعب اليهود لأنه قيل في (ع ٥) «عَبْداً لَهُ، لإِرْجَاعِ يَعْقُوبَ إِلَيْهِ» فمن الضرورة أن الذي يرجع اليهود إلى الرب يكون غير اليهود.
ٱلَّذِي بِهِ أَتَمَجَّدُ (انظر يوحنا ١٣: ٣١) الآب يتمجد في ابنه لما يأتي:
- إنه حفظ الناموس تماماً وهكذا أظهر أن الناموس عادل وحق.
- إنه تألم ومات وهكذا أظهر عدل الله وصدقه وغضبه على الخطية فإن أجرة الخطية هي موت.
- إنه أظهر محبة الله للعالم إذ بذل الله ابنه الوحيد ليحمل في جسده خطايا العالم فيخلص كل من يؤمن به. والآب وعد الابن بأنه يتمجد به أي سينجح في خدمته.
عَبَثاً تَعِبْتُ أي عبثاً نسبياً لأن الرسل الاثني عشر آمنوا به ونحو خمس مئة من المؤمنين اجتمعوا في الجليل بعد قيامته. ولا شك في أن كثيرين غيرهم كانوا قد آمنوا به. وكان كثيرون من الذين اعتمدوا يوم الخمسين قد سمعوا كلام المسيح وكان المسيح قد وضع أساس الكنيسة في مدة حياته على الأرض. مع ذلك يقول «عبثاً» لأن النتيجة الظاهرة كانت كلا شيء بالنسبة إلى آلامه وأتعابه. وهذا القول مما يدل على أن المسيح الموعود به يكون إنساناً تاماً عرضة للآلام والأحزان واليأس كبني البشر مع أنه بلا خطية (متّى ٢٣: ٣٧ و٢٧: ٤٦ ويوحنا ١١: ٣٥). وفي هذا الأمر المسيح قدوة لأتباعه لأنه لم يسلم نفسه لليأس بل تشجع في الرب فقال «حقي عند الرب وعملي عند إلهي» أي أجرة عمله.
ولا نفهم من هذا الأصحاح أن هذا الكلام صار حرفياً بين الآب والابن بل أن الله أوحى إلى النبي شيئاً من مقاصده وأوضحه بألفاظ وتشبيهات مفهومة عند بني البشر.
٥، ٦ «٥ وَٱلآنَ قَالَ ٱلرَّبُّ جَابِلِي مِنَ ٱلْبَطْنِ عَبْداً لَهُ، لإِرْجَاعِ يَعْقُوبَ إِلَيْهِ، فَيَنْضَمُّ إِلَيْهِ إِسْرَائِيلُ (فَأَتَمَجَّدُ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ وَإِلٰهِي يَصِيرُ قُوَّتِي). ٦ فَقَالَ: قَلِيلٌ أَنْ تَكُونَ لِي عَبْداً لإِقَامَةِ أَسْبَاطِ يَعْقُوبَ وَرَدِّ مَحْفُوظِي إِسْرَائِيلَ. فَقَدْ جَعَلْتُكَ نُوراً لِلأُمَمِ لِتَكُونَ خَلاَصِي إِلَى أَقْصَى ٱلأَرْضِ».
ع ١ متّى ٢٣: ٣٧ ص ٤٢: ٦ و٦٠: ٣ ولوقا ٢: ٣٢ وأعمال ١٣: ٤٧ و٢٦: ١٨
جَابِلِي المسيح منذ الأزل وهو الله ومساو للآب في القدرة والمجد فكان الله جابله من جهة الناموس فقط. وكان هو عبداً له من جهة وظيفته فقط كالمرسل إلى العالم من قبل الآب (لوقا ٢: ٤٩ و٤: ٤٣ ويوحنا ٤: ٣٤ و٦: ٣٨ و١٧: ٤).
يَعْقُوبَ… إِسْرَائِيلَ إسرائيل حسب الجسد أي اليهود. فالنبوءة هنا تختص برجوع اليهود إلى الله (رومية ١١: ٢٦) وهذه النبوءة ستتم في المستقبل.
فَأَتَمَجَّدُ فِي عَيْنَيِ ٱلرَّبِّ قال (ع ٤) «عبثاً تعبت» وكان المسيح محتقراً من الناس ولم ينجح في عمله كما يعتبر الناس النجاح ولكنه تمجد عند الرب وبالرب يكون قوياً وبالنهاية يتمجد عند الناس أيضاً حين تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض.
وَرَدِّ مَحْفُوظِي إِسْرَائِيلَ ليس الرجوع من السبي فقط بل الرجوع من الخطية إلى الله أيضاً وهو الأهم. والمحفوظان بالمعنى الحقيقي أو الروحي هم الذين في نهاية مدة السبي وبالمعنى المجازي أو الروحي كانوا شعباً واحداً فقط من شعوب العالم وكان عددهم قليلاً بالنسبة إلى عدد سكان الأرض فيقول الرب إنه لا يليق بعبده أن يتجسد ويتألم ويموت لأجل رجوع اليهود فقط فأعطاه أن يكون مخلص العالم كله. ومن التلميحات إلى ذلك أنه قبل الصلب قليلاً تقدم إلى يسوع بعض اليونانيين (يوحنا ١٢: ٢٠) وإن المسيح شفى ابنة امرأة فينيقية وأرسل الرسل ليتلمذوا كل العالم.
نُوراً لِلأُمَمِ ليس المسيح كسراج يضيء في بيت واحد فقط بل كالشمس التي تضيء في كل مكان وعلى جميع الناس ولا يمكن أن ينحصر نوره في مكان واحد. والمسيح نور لأنه يُظهر كل شيء فيعرف الناس بواسطته خطاياهم وطريق الخلاص من الخطايا وما سيكون بعد الموت والمجد في السماء والحياة الأبدية. وهو نور أيضاً لأنه يبطل القباحة والكذب والغضب وغيرها من أعمال الظلمة والخوف والحزن وكل ما هو من الليل ويأتي العالم بالتعزية والفرح والقداسة.
لِتَكُونَ خَلاَصِي أي إن الله يخلّص العالم بواسطة المسيح واستند بولس الرسول على هذا القول في موعظته في أنطاكية لما ترك اليهود غير المؤمنين وتوجه إلى الأمم (أعمال ١٣: ٤٧).
٧ «هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ فَادِي إِسْرَائِيلَ، قُدُّوسُهُ، لِلْمُهَانِ ٱلنَّفْسِ، لِمَكْرُوهِ ٱلأُمَّةِ، لِعَبْدِ ٱلْمُتَسَلِّطِينَ: يَنْظُرُ مُلُوكٌ فَيَقُومُونَ. رُؤَسَاءُ فَيَسْجُدُونَ. لأَجْلِ ٱلرَّبِّ ٱلَّذِي هُوَ أَمِينٌ وَقُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِي قَدِ ٱخْتَارَكَ».
ص ٥٣: ٣ ومتّى ٢٦: ٦٧ مزمور ٧٢: ١٠ و١١ وع ٢٣
فَادِي إِسْرَائِيلَ، قُدُّوسُهُ الرب فدى إسرائيل إذ بذل ابنه الوحيد ليخلّصه وهو قدوس إسرائيل فغايته خلاصهم من خطاياهم لا من المتسلطين عليهم فقط. وإذا كان الرب هكذا قصد وقضى فلا بد من أن يحفظ عبده وينجحه.
لِلْمُهَانِ ٱلنَّفْسِ هذا أول إشارة في نبوءة إشعياء إلى اتضاع المسيح غير أنه أُشير إليه في المزامير (مزمور ٢٢: ٦). وفي ص ٥٣ من إشعياء كلام مستوفى في هذا الموضوع والعهد الجديد يوضح تتميم النبوءة بالتفصيل. والمسيح لم يكن مهاناً بسب فقره فقط ولا بسبب حالته الدنية بل بسبب نفسه لأنه كان قدوساً فوبخ على كل خطية ونوراً فكشف كل رياء. ويجوز أيضاً أن نفهم أن «النفس» نفس غيره فيكون المعنى أن أعداء المسيح أبغضوه من نفوسهم ومن كل قلوبهم. وهكذا كان بغض الفريسيين ليسوع.
مَكْرُوهِ ٱلأُمَّةِ أي أمة اليهود.
عَبْدِ ٱلْمُتَسَلِّطِينَ كان يسوع وهو أمام بيلاطس وهيرودس محسوباً كعبد.
يَنْظُرُ مُلُوكٌ فَيَقُومُونَ وهذه النبوءة تمت جزئياً لأنه في أيامنا بعض الملوك يسجدون للمسيح ويطيعونه.
لأَجْلِ ٱلرَّبِّ ٱلَّذِي هُوَ أَمِينٌ كل شيء لمجد الله فيتمجد بابنه يسوع الذي يسجد الملوك له ويتمجد في الكنيسة التي اشتراها المسيح وطهرها وقدسها وعظمها. وهذه النعمة وهذه المواهب كلها تشهد بالأمانة للرب الذي لا يترك عبده ولا ينسى كنيسته ولا يخيب أحداً من المتكلين عليه.
ٱلَّذِي قَدِ ٱخْتَارَكَ المخاطب هو المسيح أي الله اختار المسيح ليكون مخلّص العالم ورئيس كهنة لجميع المؤمنين فلم يأخذ المسيح هذه المنزلة لنفسه بل كان مدعواً من الله. وشهد الآب أنه اختاره عند المعمودية وعلى جبل التجلي وبالصوت من السماء (يوحنا ١٢: ٢٨) وبالقوات والعجائب وبالقيامة.
٨ «هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: فِي وَقْتِ ٱلْقُبُولِ ٱسْتَجَبْتُكَ، وَفِي يَوْمِ ٱلْخَلاَصِ أَعَنْتُكَ. فَأَحْفَظُكَ وَأَجْعَلُكَ عَهْداً لِلشَّعْبِ، لإِقَامَةِ ٱلأَرْضِ، لِتَمْلِيكِ أَمْلاَكِ ٱلْبَرَارِيِّ»
مزمور ٦٩: ١٣ و٢كورنثوس ٦: ٢ ص ٤٢: ٦
هنا يكلم المسيح ويقول إنه قبل شفاعته وأعانه على عمل الفداء. ووقت القبول هو وقت العهد الجديد حين تجسد المسيح ليفتدي العالم ومات وقام وصعد ليشفع في المؤمنين وحل الروح القدس وتأسست الكنيسة. وجميع الفوائد التي حصلت للكنيسة وللعالم هي بواسطة شفاعة المسيح وقبوله عند الرب. ووقت القبول ينتهي عند مجيء المسيح الثاني ليدين العالم فلا تكون فرصة بعد للتوبة والخلاص. ولكل من يسمع الإنجيل وقت القبول هو الآن فعليه أن يقبل الخلاص في الوقت الحاضر. وإذا تأخر كان تحت ثلاثة أخطار:
- إنه ربما لم يحصل على وسائط أحسن ولا أحوال أنسب.
- إنه يتقّسى قلبه ويموت ضميره فلا يتأثر من كلمة الوعظ.
- إنه ربما يموت بلا استعداد.
عَهْداً لِلشَّعْبِ (ص ٤٢: ٦).
لإِقَامَةِ ٱلأَرْضِ أي لتعمير الأرض الخربة فترجعه إلى ما كانت عليه من الخصب وكثرة السكان.
لِتَمْلِيكِ أَمْلاَكِ ٱلْبَرَارِيِّ الأماكن الخالية من السكان وبالمعنى الروحي الخالية من الدين الحق. إن بني إسرائيل في زمان يشوع طردوا الكنعانيين الأشرار وامتلكوا أرضهم وأقاموا فيها عبادة الله وأما الكنيسة المسيحية فلا تطرد الأشرار من الأرض بل بإظهار الحق تطرد الشر من قلوبهم فينضمون إلى الكنيسة فتمتلكهم وأرضهم. والإنسان هو كالأرض لأن الله خلقه ليأتي بأثمار الأعمال الصالحة وأما هو فصار كأملاك البراري بلا أثمار وعمل المسيح هو ترجيعه إلى ما خلقه لأجله.
٩، ١٠ «٩ قَائِلاً لِلأَسْرَى: ٱخْرُجُوا. لِلَّذِينَ فِي ٱلظَّلاَمِ: ٱظْهَرُوا. عَلَى ٱلطُّرُقِ يَرْعَوْنَ وَفِي كُلِّ ٱلْهِضَابِ مَرْعَاهُمْ. ١٠ لاَ يَجُوعُونَ وَلاَ يَعْطَشُونَ، وَلاَ يَضْرِبُهُمْ حَرٌّ وَلاَ شَمْسٌ، لأَنَّ ٱلَّذِي يَرْحَمُهُمْ يَهْدِيهِمْ وَإِلَى يَنَابِيعِ ٱلْمِيَاهِ يُورِدُهُمْ».
ص ٤٢: ٧ وزكريا ٩: ١٢ رؤيا ٧: ١٦ مزمور ١٢١: ٦ مزمور ٢٣: ٢
لِلأَسْرَى أسرى بابل وأسرى الخطية فإن كل خاطئ أسير وهو في الظلام ولو ظن أنه حر ويعرف كل شيء وهو أسير للشهوات وللعادات الردية ولأقوال الناس وهو بلا معرفة بالروحيات وبلا رجاء وبلا فرح وتعزية وبدون سلوك مستقيم وأعمال مفيدة والمسيح وحده يخرجه من هذه الحال الهائلة.
عَلَى ٱلطُّرُقِ يَرْعَوْنَ في أماكن لا يوجد فيها مرعىً غالباً قال ذلك كناية عن فوائد الخلاص الكثيرة والممتدة. وهكذا المسيح يقدم لشعبه فوائد روحية كثيرة وعظيمة ويقدمها بوسائط غير موافقة حسب أفكار الناس كالفرح في الضيق والراحة في الخدمة والفوائد من الذين هم أصغر منّا عمراً ومعرفة.
لاَ يَجُوعُونَ كما يعتني الراعي الصالح بغنمه فلا تحتاج إلى شيء هكذا المسيح يعتني بشعبه إذ يقدم لهم الماء الحي وخبز الحياة ويحفظهم في نيران الاضطهادات.
لاَ يَضْرِبُهُمْ حَرٌّ الكلمة الأصلية تشير إلى انعكاس شعاع الشمس من الأرض. فلا يُضربون من الشمس من فوق ولا من الرمل الحار من تحت. وهذه البركات لنا بعضها في الوقت الحاضر وكلها في الآخرة (رؤيا ٧: ١٦ و١٧).
ٱلَّذِي يَرْحَمُهُمْ يَهْدِيهِمْ لا يسوقهم بالقساوة بل يتقدمهم ويهديهم كراع حنون يعرف ضعف قطيعه. وأعظم تعزية لكل مؤمن هي أن مدبر حياته هو الله الآب الحنون ورأس الكنيسة الذي تخدمه هو المسيح الذي أحبها واشتراها بدمه والمعلم والمرشد هو الروح القدس المعزي.
١١ «وَأَجْعَلُ كُلَّ جِبَالِي طَرِيقاً، وَمَنَاهِجِي تَرْتَفِعُ».
ص ٤٠: ٤
وَأَجْعَلُ كُلَّ جِبَالِي طَرِيقاً الجبال تشير إلى الصعوبات فإنه يوجد صعوبات لكل من يريد أن يتبع المسيح كالتجارب الداخلية والخارجية وهموم العالم وضيق العيش وهذا الوعد لا يستلزم زوال هذه الصعوبات تماماً بل إننا نغلبها فتتحول إلى وسائط التقدم. ويُفهم من قوله «جبالي» أن صعوباتنا معيّنة لنا من الرب وقصده فيها تأديبنا وامتحاننا. وقوله «كل جبالي» يدل على الخلاص التام من كل تجربة وضيق كما أننا في السفر في الجبال لا نرى الطريق كلها من الأول إلى الآخر وأحياناً نظن أنه لا يوجد طريق ولكنها تظهر بالتدريج أمامنا عندما نتقدم.
١٢، ١٣ «١٢ هٰؤُلاَءِ مِنْ بَعِيدٍ يَأْتُونَ، وَهٰؤُلاَءِ مِنَ ٱلشِّمَالِ وَمِنَ ٱلْمَغْرِبِ، وَهٰؤُلاَءِ مِنْ أَرْضِ سِينِيمَ. ١٣ تَرَنَّمِي أَيَّتُهَا ٱلسَّمَاوَاتُ، وَٱبْتَهِجِي أَيَّتُهَا ٱلأَرْضُ. لِتَشْدُ ٱلْجِبَالُ بِٱلتَّرَنُّمِ، لأَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ عَزَّى شَعْبَهُ، وَعَلَى بَائِسِيهِ يَتَرَحَّمُ».
ص ٤٣: ٥ و٦ ص ٤٤: ٢٣
هٰؤُلاَءِ مِنْ بَعِيدٍ يدل على أن هذه المواعيد ليست لليهود فقط بل لجميع المسكونة.
أَرْضِ سِينِيمَ ليست معروفة فرأى بعضهم أنها بلاد الصين وبعضهم إنها السيني في أرض فلسطين المشار إليها في (تكوين ١٠: ١٧) وفي الترجمة السبعينية بلاد فارس وفي الترجمة اليسوعية أرض الجنوب وهي الأصح.
تَرَنَّمِي النبي يدعو السموات والجبال للفرح ويدعوها لأنها منذ القديم فشاهدت سقوط إسرائيل وهي ستبقى إلى انقضاء الدهر فسترى رجوعهم إلى الله وإلى بلادهم. والداعي الخاص إلى الترنم هو إعلان مقاصد الله في تمجيد ابنه في خلاص شعبه والأمم إلى أقاصي الأرض. وذكر الجبال مما يدل على أن هذا الكلام هو من إشعياء لا من نبي مجهول سكن في سهول بابل في مدة السبي وكان إشعياء يذكر الجبال كثيراً.
قَدْ عَزَّى هو وعد بأنه سيعزي شعبه وعبر عن المستقبل بصيغة الماضي لتأكيد الحدوث.
١٤ «وَقَالَتْ صِهْيَوْنُ: قَدْ تَرَكَنِي ٱلرَّبُّ، وَسَيِّدِي نَسِيَنِي».
ص ٤٠: ٢٧
«صهيون» هي شعب الله إن كان في أورشليم أو بابل أو موضع آخر. ظنوا أن الله نسي شعبه لأنهم رأوا أنه سلّمهم لأعدائهم وأسوار مدينتهم سقطت والهيكل المقدس احترق ومدة السبي طالت ولم يكن شيء حتى آخر المدة يدل على تميم الوعد بالرجوع. قالت صهيون ولكنها غلطت في قولها. ويقول كثيرون في أيامنا من شعب الله إن الله نسيهم إذ هم متضيقون ومضطهدون والكنيسة ضعيفة والتبشير غير ناجح. يقولون ولكنهم يخطئون بقولهم لأن الرب لم ينس شعبه.
١٥، ١٦ «١٥ هَلْ تَنْسَى ٱلْمَرْأَةُ رَضِيعَهَا فَلاَ تَرْحَمَ ٱبْنَ بَطْنِهَا؟ حَتَّى هٰؤُلاَءِ يَنْسَيْنَ، وَأَنَا لاَ أَنْسَاكِ. ١٦ هُوَذَا عَلَى كَفَّيَّ نَقَشْتُكِ. أَسْوَارُكِ أَمَامِي دَائِماً».
مزمور ١٠٣: ١٣ وملاخي ٣: ١٧ ومتّى ٧: ١١ رومية ١١: ٢٩ خروج ١٣: ٩ ونشيد الأنشاد ٨: ٦
هذا قول الرب وهو جوابه لقول صهيون فأكد محبته لهم بتشبيه لا يوجد أقوى منه أي محبة الأم لأولادها. لا تنسى المرأة رضيعها لأنه منها وحياته من حياتها وهي ربته وخدمته ويندر أن تنسى الأم ابنها (٢ملوك ٦: ٢٨ و٢٩) ولكن الرب لا ينسى لأن محبة الرب لشعبه أعظم من محبة الأم لأولادها (مزمور ٢٧: ١٠).
هُوَذَا عَلَى كَفَّيَّ نَقَشْتُكِ تشبيه آخر يؤكد لهم محبته ولم يكتب اسمها فيُمحى بل نقشه وليس في كتاب يخفى أو يبعد عن النظر بل على كفي الرب فيكون أمامه دائماً. والقول يشير إلى الوشم على اليد وهو عادة قديمة ولم تزل عند بعض الناس في الشرق.
أَسْوَارُكِ أَمَامِي دَائِماً لا يقول خِربك بل «أسوارك» أي يتذكر حالة شعبه الأصلية والمجيدة. وهذه الأسوار وإن سقطت وقتياً لم تزل أمام الرب. وكما أن باني البيت يرسمه تماماً قبلما يبنيه وهذا الرسم يكون أمامه دائماً حتى يطابقه البناء تماماً هكذا الرب رسم لكل منا حياة فيها صفات وأعمال تختلف عن حياة غيره ومع ذلك هي حياة كاملة فعلينا نحن كبنائين معه وتحت أمره أن ننظر دائماً إلى ذلك الرسم ونسعى وراءه لتكون حياتنا كما رسمها الرب لنا.
١٧ «قَدْ أَسْرَعَ بَنُوكِ. هَادِمُوكِ وَمُخْرِبُوكِ مِنْكِ يَخْرُجُونَ».
ع ١٩
النبي رأى رجوع بني إسرائيل من بابل كأنه مضى تأكيداً لأنه لا بد من أن يكون. ولما تمت مدة السبي الرب سهّل لهم الطرق ورفع جميع الصعوبات والذين كانوا يمنعون تركوا المقاومة.
١٨ «اِرْفَعِي عَيْنَيْكِ حَوَالَيْكِ وَٱنْظُرِي. كُلُّهُمْ قَدِ ٱجْتَمَعُوا، أَتَوْا إِلَيْكِ. حَيٌّ أَنَا يَقُولُ ٱلرَّبُّ: إِنَّكِ تَلْبِسِينَ كُلَّهُمْ كَحُلِيٍّ، وَتَتَنَطَّقِينَ بِهِمْ كَعَرُوسٍ».
ص ٦٠: ٤ أمثال ١٧: ٦
النبي يخاطب أورشليم وهي كناية عن الكنيسة.
كُلُّهُمْ قَدِ ٱجْتَمَعُوا الداخلون إلى الكنيسة وهم المؤمنون من جميع الشعوب أي اليهود والأمم (ص ٦٠: ٤).
تَلْبِسِينَ كُلَّهُمْ كَحُلِيٍّ كانت أورشليم كأرملة ولكنها تصير كعروس وكما أن أجمل زينة للوالدين هي أولادهم الصالحون (أمثال ١٧: ٦) هكذا حلي الكنيسة وهي عروس المسيح يكون أبناءها المؤمنين المجتمعين من كل أمة في العالم.
١٩ «إِنَّ خِرَبَكِ وَبَرَارِيَّكِ وَأَرْضَ خَرَابِكِ، إِنَّكِ تَكُونِينَ ٱلآنَ ضَيِّقَةً عَلَى ٱلسُّكَّانِ، وَيَتَبَاعَدُ مُبْتَلِعُوكِ».
ص ٥٤: ١ و٢ وزكريا ٢: ٤ و١٠: ١٠
هنا جملة غير كاملة بمقتضى قواعد النحو لكنها بليغة بمقتضى علم البيان فإنه حذف الخبر بناء على أن اللغة لا تفي ببيانه فإن الرب أخذ يقول شيئاً في الخرَب فما أكمل الجملة وانتقل حالاً إلى الوعد برجوع أهل أورشليم بكثرة. ويصح أن الغرض من الحذف بيان أن لا حاجة إلى كلام كثير في الضيقات لأنها مضت وحان وقت الفرج. وهذه النبوءة لم تتم حرفياً لأن أرض فلسطين ليست ضيقة على السكان وفيها أقسام واسعة ومخصبة بلا سكان فالنبوءة ستتم بالكنيسة التي لم تنحصر في فلسطين بل امتدت كثيراً وستمتد أيضاً حتى تملأ الأرض.
٢٠ «يَقُولُ أَيْضاً فِي أُذُنَيْكِ بَنُو ثُكْلِكِ: ضَيِّقٌ عَلَيَّ ٱلْمَكَانُ. وَسِّعِي لِي لأَسْكُنَ».
ص ٦٠: ٤ ومتّى ٣: ٩ ورومية ١١: ١١ و١٢ الخ
بَنُو ثُكْلِكِ بنو الثكل هم أبناء التي كانت فقدت أبناءها وهم الأمم الذين انضموا إلى شعب الله عوضاً عن اليهود غير المؤمنين وهم سيكثرون جداً ويملأون كل ممالك العالم. إن الضيقات والاضطهادات لا تلاشي الكنيسة بل تزيدها وتقويها.
٢١ «فَتَقُولِينَ فِي قَلْبِكِ: مَنْ وَلَدَ لِي هٰؤُلاَءِ وَأَنَا ثَكْلَى، وَعَاقِرٌ مَنْفِيَّةٌ وَمَطْرُودَةٌ؟ وَهٰؤُلاَءِ مَنْ رَبَّاهُمْ؟ هَئَنَذَا كُنْتُ مَتْرُوكَةً وَحْدِي. هٰؤُلاَءِ أَيْنَ كَانُوا؟».
هذا القول يشير إلى أن الداخلين إلى الكنيسة هم من الأمم لا من اليهود فقط. والكنيسة هنا مشبهة بامرأة كانت فقدت أبناءها وكانت منفية ومطرودة ثم كأنها وجدت نفسها في بيتها وحولها أبناء كثيرون فتتعجب وتبتهج وتسأل «من ولد لي هؤلاء». والكنيسة ولو كانت قدمت صلوات كثيرة وطلبت خلاص الأمم ستتعجب عندما يستجيب الرب لصلواتها لأن جوابه يكون أعظم جداً مما كانت تطلب أو تفتكر (انظر أعمال ١١: ١ – ٣ و١٥: ١ – ١١ وغلاطية ٢: ١١ – ١٤) وغيرهما مما يدل على أن الكنيسة الأولى لم تنتظر انضمام الأمم.
٢٢ «هٰكَذَا قَالَ ٱلسَّيِّدُ ٱلرَّبُّ: هَا إِنِّي أَرْفَعُ إِلَى ٱلأُمَمِ يَدِي وَإِلَى ٱلشُّعُوبِ أُقِيمُ رَايَتِي، فَيَأْتُونَ بِأَوْلاَدِكِ فِي ٱلأَحْضَانِ، وَبَنَاتُكِ عَلَى ٱلأَكْتَافِ يُحْمَلْنَ».
ص ٦٠: ٤ و٦٦: ٢٠
إِنِّي أَرْفَعُ إِلَى ٱلأُمَمِ يَدِي كما أن القائد يرفع يده ويقيم رايته علامة لجنده لكي يجتمعوا عنده هكذا الرب يدعو أولاد الكنيسة أي جميع المؤمنين من كل مملكة لينضموا إليها.
فَيَأْتُونَ بِأَوْلاَدِكِ الرب سيستخدم كل بشر وكل كنوز العالم لبنيان الكنيسة وتمت هذه النبوءة جزئياً في رجوع بني إسرائيل من السبي وفي أيامنا أيضاً في نمو الكنيسة ويجوز أننا نستنتج منها أن العيال تدخل إلى الكنيسة الأولاد الصغار مع والديهم.
٢٣ «وَيَكُونُ ٱلْمُلُوكُ حَاضِنِيكِ وَسَيِّدَاتُهُمْ مُرْضِعَاتِكِ. بِٱلْوُجُوهِ إِلَى ٱلأَرْضِ يَسْجُدُونَ لَكِ، وَيَلْحَسُونَ غُبَارَ رِجْلَيْكِ، فَتَعْلَمِينَ أَنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ ٱلَّذِي لاَ يَخْزَى مُنْتَظِرُوهُ».
مزمور ٧٢: ١١ وع ٧ وص ٥٢: ١٥ و٦٠: ١٦ مزمور ٧٢: ٩ وميخا ٧: ١٧ مزمور ٣٤: ٢٢ ورومية ٥: ٥ و٩: ٣٣ و١٠: ١١
حَاضِنِيكِ تغيّر التشبيه لأن أورشليم كانت قد شُبهت بأم ثكلى وهنا شُبهت بطفل يحتاج إلى حاضنين ومرضعات. وبياناً لتتميم هذه النبوءة نذكر أنه في سنة ١٩٠٠ أمرت دولة الولايات المتحدة في أميركا جنودها في الصين بالمحاماة عن كل المسيحيين أجنبيين ووطنيين. ولا يجوز أن نستنتج من هذا أن للكنيسة أن تتداخل في ما لا يعنيها من الأمور السياسية والجسدية لأنه يوجد ما هو لقيصر وما هو لله فعلى الكنيسة العبادة والتفسير والتعليم والإنذار ولا تستعمل القوة الجسدية ولا تغصب الناس على الطاعة لها.
يَسْجُدُونَ لَكِ ليس المراد أن الأمم يسجدون سجوداً حقيقياً كسجود العبيد للسادة بل المراد أن الكنيسة بإظهارها الحق لضمير كل إنسان تميله إلى الطاعة للحق بإرادته. وليس السجود لجماعة من بين البشر بل للمسيح رئيسها. وذكر السجود للكنيسة بناء على أنها متحدة بالمسيح وعمود الحق وقاعدته. ولنا في هذا الوعد أن تعليم الكنيسة المطابق للكتاب المقدس والمبني عليه سيسود كل مالك العالم.
ٱلَّذِي لاَ يَخْزَى مُنْتَظِرُوهُ لأسباب:
- إنه قادر على كل شيء.
- إنه أمين في كل أقواله.
- إنه يعرف كل شيء فلا يمكن أن يحدث شيء يغيّر مقاصده.
إننا لا ننال مواعيد الله الآن بل ننتظرها لغايتين:
الأولى: أن نصلي بأكثر لجاجة.
الثانية: أن نستعد لقبول المواعيد بترك خطايانا وهي المانع الوحيد عن نيل المواعيد.
٢٤، ٢٥ «٢٤ هَلْ تُسْلَبُ مِنَ ٱلْجَبَّارِ غَنِيمَةٌ، وَهَلْ يُفْلِتُ سَبْيُ ٱلْمَنْصُورِ؟ ٢٥ فَإِنَّهُ هٰكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: حَتَّى سَبْيُ ٱلْجَبَّارِ يُسْلَبُ، وَغَنِيمَةُ ٱلْعَاتِي تُفْلِتُ. وَأَنَا أُخَاصِمُ مُخَاصِمَكِ وَأُخَلِّصُ أَوْلاَدَكِ».
متّى ١٢: ٢٩ ولوقا ١١: ٢١ و٢٢
هَلْ تُسْلَبُ الخ قول الشعب الضعيف الإيمان لأنهم يكادون لا يصدقون هذه المواعيد وكان يظهر لهم أنه لا يمكن أن اليهود القليلين والضعفاء يخلصون من بابل القوية. ونحن كذلك نقول كيف يمكن الكنيسة الضعيفة أن تغلب العالم. وقول الرب هو أن هذا كله يكون لأن غير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله.
٢٦ «وَأُطْعِمُ ظَالِمِيكِ لَحْمَ أَنْفُسِهِمْ، وَيَسْكَرُونَ بِدَمِهِمْ كَمَا مِنْ سُلاَفٍ، فَيَعْلَمُ كُلُّ بَشَرٍ أَنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ مُخَلِّصُكِ، وَفَادِيكِ عَزِيزُ يَعْقُوبَ».
ص ٩: ٢٠ رؤيا ١٤: ٢٠ و١٦: ٦ مزمور ٩: ١٦ وص ٦٠: ١٦
لَحْمَ أَنْفُسِهِمْ يشير إلى حرب أهلية والقول يطابق المكتوبات القديمة فإنها تفيد أن الملك نابونيدس غيّر شيئاً من العادات والرسوم الدينية وهكذا أبعد رعيته عنه وانحاز البعض منها إلى كورش في الحرب بينه وبين نباونيدس. والنتيجة أن الرب هو القادر على كل شيء وعنده وسائط لا نعرفها وهو يقدر أن يستخدم ملوك الوثنيين والناس الأشرار والفتن والأهواء لإجراء مقاصده في خلاص شعبه فلا نشك في صدقه ولا في قدرته بل نسلم أنفسنا له بالإيمان والطاعة.
فوائد للوعاظ
اتضاع المسيح وارتفاعه ع ٧ (انظر في ٢: ٧ – ١١)
- اتضاع المسيح يقوم بولادته ووضعه في المذود وخضوعه للوالدين وللأحكام ورفض أهل مدينته وأمته إياه واحتماله الضربات والتعييرات والآلام والموت والدفن.
- ارتفاع المسيح يقوم بقيامته وصعوده وجلوسه عن يمين الآب وانتشار اسمه في كل الأرض وسجود ألوف الألوف من بني البشر له وامتداد ملكوته حتى يملأ الأرض وبقاء هذا الملكوت إلى الأبد.
والاتضاع والارتفاع لأجلنا لنموت معه عن الخطية ونقوم معه إلى حياة أبدية.
فتح الطريق (ع ١١)
- في زمان المسيح. فإن الله أعدّ اليهود ليحفظوا كتابه المقدس ويكونوا المبشرين الأولين وأعد اللغة اليونانية لتعبر عن أمور المسيح والخلاص بأحسن العبارات وأعد الحكومة الرومانية لفتح أحسن الطرق ولتوطيد السلام والأمان في كل العالم.
- في أيامنا. أعد الله سفن قوية تحمل المبشرين إلى جميع ممالك العالم وأعد ملايين من النسخ من الكتاب المقدس والكتب الروحية والعلمية ولا سيما الطبية ليكون الطب واسطة للتبشير والجمعيات التبشيرية وعناية الحكام المسيحيين.
- في المستقبل سيفتح الله طرق لا نعرفها الآن فلا نهتم بشيء ولا نخاف من الصعوبات بل نسلك في الطريق التي أمامنا.
محبة الله للكنيسة (ع ١٥ و١٦)
- أصل هذه المحبة. إن الله خلق العالم لأجل الإنسان ومن جميع الناس اختار لنفسه شعباً وقال للكنيسة «كل شيء لكم… أم العالم أم الحياة أم الموت أم الأشياء الحاضرة أم المستقبلة كل شيء لكم».
- ظهور هذه المحبة. في حفظ الكنيسة في وسط الاضطهادات والضيقات والتجارب من الأول إلى اليوم وفي تطهير الكنيسة بواسطة التأديب والتعليم.
- نتيجة هذه المحبة. شهادة الكنيسة بوجود الله وصفاته الكاملة وبأن للإنسان روحاً وبخلود النفس وسلوك الكنيسة المقدس غير أنها لم تكن كاملة في الزمان الحاضر وانتشار الإنجيل وبجمع الكثيرين الواقفين حول العرش والساجدين لفاديهم.
السابق |
التالي |