إشعياء

سفر إشعياء | 37 | السنن القويم

السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم

شرح سفر إشعياء

للقس . وليم مارش

اَلأَصْحَاحُ ٱلسَّابِعُ وَٱلثَّلاَثُونَ

١ «فَلَمَّا سَمِعَ ٱلْمَلِكُ حَزَقِيَّا ذٰلِكَ مَزَّقَ ثِيَابَهُ وَتَغَطَّى بِمِسْحٍ وَدَخَلَ بَيْتَ ٱلرَّبِّ».

٢ملوك ١٩: ١ الخ

مَزَّقَ ثِيَابَهُ إن رسل حزقيا رجعوا إليه وثيابهم ممزقة (ص ٣٦: ٢٢). ومزق حزقيا أيضاً ثيابه وزاد على ذاك أن تغطى بمسح فدخل بيت الرب ليس كملك بل كرجل بائس ومتضع. وهكذا يعقوب مزق ثيابه ووضع مسحاً على حقويه لما سمع خبر ابنه يوسف (تكوين ٣٧: ٣٤) وداود لما قُتل أبنير (٢صموئيل ٣: ٣١). وآخاب (١ملوك ٢١: ٢٧) ومردخاي (أستير ٤: ١).

دَخَلَ بَيْتَ ٱلرَّبِّ دار الهيكل. إن الهيكل هو المكان الذي كان الرب يُظهر نفسه فيه نوعاً وهو مكان الصلاة أيضاً فكان يجب على كل يهودي أن يوجه صلواته إليه. وليست الصلاة من احتياجات الضعفاء والجهلاء فقط بل هي أيضاً من احتياجات الملوك. وحاجة الملك إلى الصلاة أعظم من حاجة الرعية إليها لأن عليه مسوؤلية وواجبات أعظم مما عليهم. فتجب الصلاة في الأمور السياسية والعالمية لا في الأمور الروحية فقط. ونرى فائدة الضيق لأنه ألجأ الملك وشعبه إلى الاقتراب إلى الله. ولا شك في أن أكبر سبب لشدة حزقيا هو تجديف ربشاقي على الرب لا تعييره الملك فقط.

٢ «وَأَرْسَلَ أَلِيَاقِيمَ ٱلَّذِي عَلَى ٱلْبَيْتِ وَشِبْنَةَ ٱلْكَاتِبَ وَشُيُوخَ ٱلْكَهَنَةِ مُتَغَطِّينَ بِمُسُوحٍ إِلَى إِشَعْيَاءَ بْنِ آمُوصَ ٱلنَّبِيِّ».

إرسال ألياقيم وغيره من العظماء إلى إشعياء مما يدل على اعتبار الملك له وذلك لكونه نبي الرب. إن أخآب الملك الشرير لما طلب النبي ميخا أرسل خصياً (١ملوك ٢٢: ٩) فاحتقر الرب. ولعل شبنة الكاتب هو الذي عيّره النبي (ص ٢٢: ١٥) فكان هذا الاعتبار لكلام الرب عوضاً عن الاحتقار المشار إليه والميل إلى الاتكال على مصر.

٣ «فَقَالُوا لَهُ: هٰكَذَا يَقُولُ حَزَقِيَّا: هٰذَا ٱلْيَوْمُ يَوْمُ شِدَّةٍ وَتَأْدِيبٍ وَإِهَانَةٍ، لأَنَّ ٱلأَجِنَّةَ دَنَتْ إِلَى ٱلْمَوْلِدِ وَلاَ قُوَّةَ عَلَى ٱلْوِلاَدَةِ».

الشدة والإهانة من ملك أشور والتأديب من الرب لأنه سمح للأشوريين أن يصلوا إلى أبواب أورشليم وسمح للمرسلين من قبل الملك أن يتكلموا ويجدفوا ولم يمتهم حالاً أو ردهم. وظهر لليهود أن الرب تركهم ليسقطوا ويهلكوا ولكنه لم يرفضهم رفضاً تاماً مع أنهم استحقوا تأديباً لتمردهم واتكالهم على غيره (ص ٣٠: ١).

لاَ قُوَّةَ عَلَى ٱلْوِلاَدَةِ هذا التشبيه يدل على آلام شديدة وخطر عظيم وكل الاحتياج إلى الخلاص.

٤ «لَعَلَّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ يَسْمَعُ كَلاَمَ رَبْشَاقَى ٱلَّذِي أَرْسَلَهُ مَلِكُ أَشُّورَ سَيِّدُهُ لِيُعَيِّرَ ٱلإِلٰهَ ٱلْحَيَّ، فَيُوَبِّخَ عَلَى ٱلْكَلاَمِ ٱلَّذِي سَمِعَهُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُكَ. فَٱرْفَعْ صَلاَةً لأَجْلِ ٱلْبَقِيَّةِ ٱلْمَوْجُودَةِ».

ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ اعترفوا في هذا القول بأن الرب مع إشعياء وإنهم خطئوا بعدم إيمانهم به.

ٱلإِلٰهَ ٱلْحَيَّ بخلاف آلهة الأمم الذين أخضعهم أشور.

فَٱرْفَعْ صَلاَةً يجوز لكل إنسان أن يصلي من أجل نفسه ويجوز لنا أيضاً أن نطلب من إخوتنا الأحياء المؤمنين أن يصلوا من أجلنا غير أن صلواتهم تُقبل إكراماً للمسيح الوسيط الوحيد لا بناء على استحقاقهم.

ٱلْبَقِيَّةِ كانت من إسرائيل بقيّة بعد سقوط السامرة ونقل الأسباط العشرة قبل تاريخ هذه الحادثة بنحو ٢١ سنة وكانت أيضاً بقية من يهوذا أي بقية البقية بعد سبي مئتي ألف من إخوتهم عن يد سنحاريب هذا.

٥، ٦ «٥ فَجَاءَ عَبِيدُ ٱلْمَلِكِ حَزَقِيَّا إِلَى إِشَعْيَاءَ. ٦ فَقَالَ لَهُمْ إِشَعْيَاءُ: هٰكَذَا تَقُولُونَ لِسَيِّدِكُمْ: هٰكَذَا يَقُولُ ٱلرَّبُّ: لاَ تَخَفْ بِسَبَبِ ٱلْكَلاَمِ ٱلَّذِي سَمِعْتَهُ، ٱلَّذِي جَدَّفَ عَلَيَّ بِهِ غِلْمَانُ مَلِكِ أَشُّورَ».

جَدَّفَ عَلَيَّ لا يلزمهم الخوف لأن الرب أخذ الأمر على نفسه.

غِلْمَانُ كلمة احتقار لربشاقي ورفقائه.

٧ «هَئَنَذَا أَجْعَلُ فِيهِ رُوحاً فَيَسْمَعُ خَبَراً وَيَرْجِعُ إِلَى أَرْضِهِ، وَأُسْقِطُهُ بِٱلسَّيْفِ فِي أَرْضِهِ».

أَجْعَلُ فِيهِ رُوحاً أي روح الخوف فعدّوهم خائف منهم فلا يخاف منه. والخوف والأمان مع الإيمان هما من الرب فيقدر أن يجعل فينا روح الأمان والإيمان كما يجعل في أعدائنا روح الخوف. والغلبة لمن له إيمان وإن كان جيشه أقل عدداً من جيش عدوه. وكان خوف سنحاريب أولاً من ترهاقة وثانياً من اليهود أنفسهم الذين عيّرهم لأن محاربتهم عسرة لكون مدينتهم حصينة وأرضهم وعراً لا يوافق سير المركبات وهي قليلة المياه. والأرجح أن الخبر الذي سمعه هو خبر قدوم ترهاقة. ورجع سنحاريب إلى أرضه لأنه لم يقدر أن يحارب ترهاقة بعد سقوط قسم كبير من جيشه.

وَأُسْقِطُهُ بِٱلسَّيْفِ نبوءة مدققة تمت حرفياً لأن ابنيه ضرباه بالسيف وهو ساجد في بيت نسروخ إلهه (ع ٣٨).

٨، ٩ «٨ فَرَجَعَ رَبْشَاقَى وَوَجَدَ مَلِكَ أَشُّورَ يُحَارِبُ لِبْنَةَ، لأَنَّهُ سَمِعَ أَنَّهُ ٱرْتَحَلَ عَنْ لَخِيشَ. ٩ وَسَمِعَ عَنْ تِرْهَاقَةَ مَلِكِ كُوشَ قَوْلاً: قَدْ خَرَجَ لِيُحَارِبَكَ. فَلَمَّا سَمِعَ أَرْسَلَ رُسُلاً إِلَى حَزَقِيَّا قَائِلاً».

لِبْنَةَ مدينة في ساحل يهوذا قريبة من لخيش وعلى طريق مصر والأرجح أن سنحاريب لم يأخذ لخيش فتركها وحارب لبنة.

تِرْهَاقَةَ مَلِكِ كُوشَ والأرجح أنه كان ملك مصر أيضاً في زمان هذه الحادثة وهو الملك الذي جرت المنابآت بينه وبين اليهود المشار إليها في (ص ٣٠ و٣١) فأتى لمساعدتهم عندما سمع خبر قدوم سنحاريب.

أَرْسَلَ رُسُلاً أي رسالة ثانية وغايته منها أن يقنع حزقيا فيسلم له لأنه لم يقدر أن يحارب ترهاقة وحزقيا معاً. إنه لم يكن في ذلك العصر وسائط لنشر الأخبار بسرعة كالتلغراف والبريد والجرائد والسكك الحديدية والمراكب البخارية فمن المحتمل أن الملك ترهاقة يكون قد خرج لمحاربة سنحاريب والخبر لم يصل إلى حزقيا.

١٠ – ١٣ «١٠ هٰكَذَا تُكَلِّمُونَ حَزَقِيَّا مَلِكَ يَهُوذَا: لاَ يَخْدَعْكَ إِلٰهُكَ ٱلَّذِي أَنْتَ مُتَوَكِّلٌ عَلَيْهِ، قَائِلاً: لاَ تُدْفَعُ أُورُشَلِيمُ إِلَى يَدِ مَلِكِ أَشُّورَ. ١١ إِنَّكَ قَدْ سَمِعْتَ مَا فَعَلَ مُلُوكُ أَشُّورَ بِجَمِيعِ ٱلأَرَاضِي لِتَحْرِيمِهَا. وَهَلْ تَنْجُو أَنْتَ؟ ١٢ هَلْ أَنْقَذَ آلِهَةُ ٱلأُمَمِ هٰؤُلاَءِ ٱلَّذِينَ أَهْلَكَهُمْ آبَائِي، جُوزَانَ وَحَارَانَ وَرَصَفَ وَبَنِي عَدَنَ، ٱلَّذِينَ فِي تَلَسَّارَ؟ ١٣ أَيْنَ مَلِكُ حَمَاةَ وَمَلِكُ أَرْفَادَ وَمَلِكُ مَدِينَةِ سَفَرْوَايِمَ وَهَيْنَعَ وَعِوَّا؟».

إرميا ٤٩: ٢٣

لقب حزقيا ملكاً فليس كلامه تعيير حزقيا بل تعيير الرب كأنه أحد الآلهة وأضعف من آلهة أشور وغايته أن يقنع حزقيا فلا يتكل على الرب بل يسلم نفسه لملك أشور. وكل مجرب يجتهد أولاً أن يُدخل في قلوبنا الشك في جودة الرب وقدرته فيبعدنا عنه.

قَائِلاً لاَ تُدْفَعُ أُورُشَلِيمُ ربما يرجع الضمير إلى الرب أو إلى حزقيا والمعنى واحد وهو أن الرب قال لحزقيا وهو قال لشعبه.

آبَائِي أسلافه ملوك أشور وأما أبوه سرجون فلم يكن من النسل الملكي بل كان قائداً للجيش فعصى سيده شلمناسر وقتله وملك عوضاً عنه.

جُوزَانَ كورة بين بحر قزيين والجبال الفاصلة بين مادي وأشور يسقيها نهر خابور.

حَارَانَ موقعها في الشمال الشرقي من ما بين النهرين حيث مات تارح أبو إبراهيم وسكن لابان. و«رصف» بقرب حاران و«عدن» كورة في ما بين النهرين.

تَلَسَّارَ أي تل أشور كان أولاً مسكن بين عدن وهو قرب حاران وأُرفا.

هَيْنَعَ يُظن أنها أتاك على الفرات على بعد ٢٠٠ ميل من بابل و«عوا» أيضاً على الفرات.

١٤ «فَأَخَذَ حَزَقِيَّا ٱلرَّسَائِلَ مِنْ يَدِ ٱلرُّسُلِ وَقَرَأَهَا، ثُمَّ صَعِدَ إِلَى بَيْتِ ٱلرَّبِّ، وَنَشَرَهَا أَمَامَ ٱلرَّبِّ».

ٱلرَّسَائِلَ كتب سنحاريب كلامه وربما كان على البابيرس أي الورق المصنوع من البردي. والكلمة العبرانية بصيغة المفرد تفيد معنى كتاب أو سفر وبصيغة الجمع تفيد معنى مكتوب أو رسالة فيكون المراد هنا مكتوب واحد فقط لا مكاتيب.

نَشَرَهَا أَمَامَ ٱلرَّبِّ الرب عرف الأمر كله بدون نشر المكتوب أمامه ويعرف جميع أمورنا قبلما نذكرها أمامه في صلواتنا ومقاصد الرب لا تتغير ومواعيده ثابتة ومع هذا كله نصلي والكتاب المقدس يأمرنا بالصلاة وذلك:

(١) لأن ذكر أمورنا في الصلاة مما يعبر عن إيماننا بالله ومحبتنا له وثقتنا به.

(٢) لأننا لا نحصل على البركات المطلوبة بدون صلاة. وكما نعلم أننا لا نأكل بدون عمل منا ولا نبقى أحياء إن لم نحفظ حياتنا مع أن الله سبق فعيّن كل ما يحدث هكذا نعلم أننا لا ننال كمال البركات إن لم نطلبها مع أن الله أعدها لنا منذ الأزل ووعدنا بها. فصلى حزقيا وطلب النجاة مع أن الرب كان وعده بها قبلما صلى. ودانيال صلى وطلب الرجوع من سبي بابل بعد ما فهم من النبوءات أن الرب قد وعد شعبه بذلك.

١٥، ١٦ «١٥ وَصَلَّى: ١٦ يَا رَبَّ ٱلْجُنُودِ، إِلٰهَ إِسْرَائِيلَ ٱلْجَالِسَ فَوْقَ ٱلْكَرُوبِيمِ، أَنْتَ هُوَ ٱلإِلٰهُ وَحْدَكَ لِكُلِّ مَمَالِكِ ٱلأَرْضِ. أَنْتَ صَنَعْتَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ».

يَا رَبَّ ٱلْجُنُودِ الجنود السماوية التي رآها يعقوب في محنايم ورأها أليشع وخادمه في دوثان ويراها جميع المؤمنين فلا يخافون من جنود العالم.

إِلٰهَ إِسْرَائِيلَ يذكر الرب عهوده ومواعيده لإنه إله إسرائيل وإسرائيل شعبه.

ٱلْكَرُوبِيمِ جمع كروب ويقال كروبان للاثنين وبعضهم يجمع الكروب جمعاً عربياً فيقول كروبون في الرفع وكروبين في النصب والجر. وهما تمثالان على غطاء التابوت في قدس الأقداس. وكان وجود الكروبين فوق التابوت لتظليل ظهور مجد الله عن الناظر كما غطى السحاب مجده في الجبل. ولما دخل موسى إلى خيمة الاجتماع ليتكلم مع الرب كان يسمع الصوت يكلمه من على الغطاء الذي على التابوت من بين الكروبين (عدد ٧: ٨٩).

ٱلإِلٰهُ وَحْدَكَ لِكُلِّ مَمَالِكِ ٱلأَرْضِ بخلاف اعتقاد الوثنيين بوجود آلهة كثيرة ولكل مملكة آلهة خاصة كالحكام بين الناس.

١٧ «أَمِلْ يَا رَبُّ أُذُنَكَ وَٱسْمَعِ. ٱفْتَحْ يَا رَبُّ عَيْنَيْكَ وَٱنْظُرْ، وَٱسْمَعْ كُلَّ كَلاَمِ سَنْحَارِيبَ ٱلَّذِي أَرْسَلَهُ لِيُعَيِّرَ ٱللّٰهَ ٱلْحَيَّ».

دانيال ٩: ١٨

أَمِلْ يَا رَبُّ أُذُنَكَ… ٱفْتَحْ يَا رَبُّ عَيْنَيْكَ أشار إلى صلاة سليمان (٢أيام ٦: ٤٠) ووعد الرب له (٢أيام ٧: ١٥) وهكذا صلى دانيال (دانيال ٩: ١٨).

١٨ «حَقّاً يَا رَبُّ إِنَّ مُلُوكَ أَشُّورَ قَدْ خَرَّبُوا كُلَّ ٱلأُمَمِ وَأَرْضَهُمْ».

حَقّاً منذ نحو ٢٠٠ سنة أخذت أشور تمتد إلى كل الجهات فجاء الملك فول على السامرة وأخذ ألف وزنة من الفضة من ملكها منحيم وجاء تغلث فلاسر وسبى سبياً عظيماً من الجليل وأخذ دمشق وسبى أهلها إلى قير وقتل ملكها. وشملناسر حاصر السامرة وسرجون أخذها وهجم سرجون أيضاً على فلسطين وفتح أشدود فلم يكن لليهود رجاء أن يخلصوا من أشور إلا بالرب.

١٩ «وَدَفَعُوا آلِهَتَهُمْ إِلَى ٱلنَّارِ، لأَنَّهُمْ لَيْسُوا آلِهَةً بَلْ صَنْعَةُ أَيْدِي ٱلنَّاسِ، خَشَبٌ وَحَجَرٌ. فَأَبَادُوهُمْ».

كان الأشوريون ينقلون المغلوبين من أرضهم ويخربون مساكنهم ويلاشون أصنامهم فينسون وطنهم وينضمون إلى الأشوريين ويصيرون شعباً واحداً. وكان الأشوريون يأخذون الأصنام الثمينة التي من الذهب والفضة إلى بلادهم ليفتخروا بها ولكن كثيراً من الأصنام كان من الخشب وبلا قيمة في نفسه وطُرح في النار.

٢٠ «وَٱلآنَ أَيُّهَا ٱلرَّبُّ إِلٰهُنَا خَلِّصْنَا مِنْ يَدِهِ، فَتَعْلَمَ مَمَالِكُ ٱلأَرْضِ كُلِّهَا أَنَّكَ أَنْتَ ٱلرَّبُّ وَحْدَكَ».

وهذه غاية المؤمنين في كل صلواتهم أي تقديس اسم الرب في كل الأرض. وعلى كل تقي أن يكون غيوراً للرب كموسى (خروج ٣٢: ١٢) وداود (مزمور ٥٩: ١٣ و٨٣: ١٨) وإيليا (١ملوك ١٩: ١٤) ودانيال (دانيال ٩: ١٩). والرب يتمجد بخلاص شعبه وسقوط المجدفين عليه ولا سيما خلاص شعبه من خطاياهم وبأعماله الحسنة. وصلاة حزقيا تفيدنا أن يُطلب في الصلاة الحقيقية ما يأتي:

  1. الإيمان بأن الله موجود وأنه يجازي الذين يطلبونه.
  2. الاحترام المقدس.
  3. الثقة بأنه هو إلهنا فيهمه كل أمورنا.
  4. الغيرة للرب ولمجده لا لمجد أنفسنا.

٢١ – ٢٣ «٢١ فَأَرْسَلَ إِشَعْيَاءُ بْنُ آمُوصَ إِلَى حَزَقِيَّا قَائِلاً: هٰكَذَا يَقُولُ ٱلرَّبُّ إِلٰهُ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِي صَلَّيْتَ إِلَيْهِ مِنْ جِهَةِ سَنْحَارِيبَ مَلِكِ أَشُّورَ: ٢٢ هٰذَا هُوَ ٱلْكَلاَمُ ٱلَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ ٱلرَّبُّ عَلَيْهِ. اِحْتَقَرَتْكَ. ٱسْتَهْزَأَتْ بِكَ ٱلْعَذْرَاءُ ٱبْنَةُ صِهْيَوْنَ. نَحْوَكَ أَنْغَضَتِ ٱبْنَةُ أُورُشَلِيمَ رَأْسَهَا. ٢٣ مَنْ عَيَّرْتَ وَجَدَّفْتَ، وَعَلَى مَنْ عَلَّيْتَ صَوْتاً، وَقَدْ رَفَعْتَ إِلَى ٱلْعَلاَءِ عَيْنَيْكَ؟ عَلَى قُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ!».

سمع الرب صلاة حزقيا وجاوبه بواسطة إشعياء.

ٱلْعَذْرَاءُ ٱبْنَةُ صِهْيَوْنَ لقبت صيدون أيضاً «بالعذراء» (ص ٢٣: ١٢) وبابل (ص ٤٧: ١) ويُشار «بالعذراء» إلى الجمال وإلى مدينة لم تُفتح ومدينة أورشليم لم تُفتح ولا تُفتح من سنحاريب.

نَحْوَكَ أَنْغَضَتِ رَأْسَهَا علامة الاحتقار كما هزّ المجتازون رؤوسهم وجدفوا على يسوع وهو على الصليب. وربما أشار إلى النظر إلى سنحاريب وهو ذاهب مخذولاً وخائباً.

مَنْ عَيَّرْتَ وَجَدَّفْتَ لم يعيّر حزقيا فقط أو شعبه أو أحداً من الناس أو إلهاً من آلهة الأمم بل الإله الحي الحقيقي إله كل الأرض والقادر على كل شيء. فالتجديف هو خطية لا تُطاق وتستحق شر عقاب سريعاً.

عَلَّيْتَ صَوْتاً كان ربشاقي نادى بصوت عظيم (ص ٣٦: ١٣).

قُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ اسم لذي الجلال الأقدس وهو مستعمل كثيراً في إشعياء.

٢٤ «عَنْ يَدِ عَبِيدِكَ عَيَّرْتَ ٱلسَّيِّدَ، وَقُلْتَ: بِكَثْرَةِ مَرْكَبَاتِي قَدْ صَعِدْتُ إِلَى عُلُوِّ ٱلْجِبَالِ عِقَابِ لُبْنَانَ، فَأَقْطَعُ أَرْزَهُ ٱلطَّوِيلَ وَأَفْضَلَ سَرْوِهِ، وَأَدْخُلُ أَقْصَى عُلُوِّهِ وَعْرَ كَرْمَلِهِ».

قُلْتَ الرب يعرف القلوب وهنا يعبر عما كان في قلب سنحاريب من الكبرياء والافتخار. فإن سنحاريب افتخر بمركباته وقال مبالغاً إنه يقدر أن يصعد بها إلى أعلى قمم لنبان ويفتح لها طريقاً ولو بين الأرز والسرو وأشجار كرمل. استعمل الأشوريون المركبات في كل حروبهم في كل مكان حتى الجبال والكتابات الأشورية تذكر صعوبات نقل المركبات فكان الناس يحلمونها أحياناً على أكتافهم وكانوا أحياناً يقطعون الأشجار ويكسرون الصخور لتمهيد الطريق وافتخر ملوكهم بغلبتهم هذه الصعوبات. وفي الكتابات أن الأشوريين أخذوا من أرز لبنان والسرو إلى نينوى وغيرها من مدنهم للبناء وكانوا أحياناً يقطعون الأشجار لمجرد الإخراب.

٢٥ «أَنَا قَدْ حَفَرْتُ وَشَرِبْتُ مِيَاهاً، وَأُنَشِّفُ بِبَطْنِ قَدَمِي جَمِيعَ خُلْجَانِ مِصْرَ».

بعد ذكر صعوبة السفر في الجبال ذكر صعوبة السفر في القفر حيث لا ماء وافتخر بدفع هذه الصعوبة بحفر آبار. وكان أمامه أرض مصر التي فيها نهر النيل وفروعه الكثيرة التي تعيق سير الخيل والمركبات ولكنه لم يخف منها بل يقول مفتخراً أنه سينشفها ببطن قدميه أي عبور جيشه سينشف الأنهار كما ينشف إنسان قطرة ماء بكفه.

خُلْجَانِ مِصْرَ افتخار كاذب لأن جيشه لم يصل إلى مصر.

٢٦ «أَلَمْ تَسْمَعْ؟ مُنْذُ ٱلْبَعِيدِ صَنَعْتُهُ. مُنْذُ ٱلأَيَّامِ ٱلْقَدِيمَةِ صَوَّرْتُهُ. ٱلآنَ أَتَيْتُ بِهِ. فَتَكُونُ لِتَخْرِيبِ مُدُنٍ مُحَصَّنَةٍ حَتَّى تَصِيرَ رَوَابِيَ خَرِبَةً».

٢ملوك ١٩: ٢٥

أَلَمْ تَسْمَعْ كلام الرب لسنحاريب. كان الرب قد أنبأ بفم أنبيائه بخراب ممالك بسبب خطاياهم وكان ذلك عن يد ملوك أشور كآلة بيد الرب (ص ١٠: ٥) ولا شك في أن سنحاريب كان قد سمع خبر هذه النبوءات وعرفها كما عرف ما عمله حزقيا (ص ٣٦: ٧) وما قاله حزقيا لشعبه (ص ٣٦: ١٥). ولو لم يعرف سنحاريب أقوال الأنبياء لكفاه أن العقل يشهد بوجود الله الخالق والضمير يشهد بوجوب العدل والرحمة فكان على سنحاريب أن يعرف أنه لا يجوز له أن يفتخر كأنه قادر على كل شيء ولا يجوز له أن يسلب ويغزو ويقتل إخوته بني البشر.

مُنْذُ ٱلْبَعِيدِ صَنَعْتُهُ قصد الله الأزلي فهو الذي قصد وهو الذي أجرى بواسطة سنحاريب فما أعظم خطية الإنسان الذي يتخذ لنفسه المجد الذي لا يستحقه سوى الرب.

٢٧ «فَسُكَّانُهَا قِصَارُ ٱلأَيْدِي قَدِ ٱرْتَاعُوا وَخَجِلُوا. صَارُوا كَعُشْبِ ٱلْحَقْلِ وَكَالنَّبَاتِ ٱلأَخْضَرِ، كَحَشِيشِ ٱلسُّطُوحِ، وَكَالْمَلْفُوحِ قَبْلَ نُمُوِّهِ».

ليس للأشوريين أن يفتخروا لأن سكان هذه المدن كانوا ضعفاء وكان الرب قد سلّمهم للأشوريين لسبب خطاياهم فكانت غلبة الأشوريين كغلبة قوي على ضعيف أو غلبة رجل مسلح على ولد صغير.

٢٨، ٢٩ «٢٨ وَلَكِنَّنِي عَالِمٌ بِجُلُوسِكَ وَخُرُوجِكَ وَدُخُولِكَ وَهَيَجَانِكَ عَلَيَّ. ٢٩ لأَنَّ هَيَجَانَكَ عَلَيَّ وَعَجْرَفَتَكَ قَدْ صَعِدَا إِلَى أُذُنَيَّ، أَضَعُ خِزَامَتِي فِي أَنْفِكَ وَشَكِيمَتِي فِي شَفَتَيْكَ، وَأَرُدُّكَ فِي ٱلطَّرِيقِ ٱلَّذِي جِئْتَ فِيهِ».

ص ٣٠: ٢٨ وحزقيال ٣٨: ٤

عرف الرب كل ما كان الأشوريون قد افتكروا فيه وقصدوه وعملوه فلم يعملوا شيئاً إلا بعلمه وإذنه وكانوا آلة بيده. ومن السرائر التي للرب فلا نقدر أن ندركها أن الأشوريين مع كونهم آلة بيد الرب كانوا أحراراً ومسوؤلين في كل ما عملوه فدانهم الله.

أَضَعُ خِزَامَتِي فِي أَنْفِكَ يشبهه بوحش له قوة بلا عقل وتحت سلطة الإنسان وكان الأشوريون هكذا يفعلون بأسراهم كما يظهر من صورهم القديمة. ولا نفهم أن هذا صار لسنحاريب على سبيل الحقيقة بل أنه اضطر إلى الرجوع إلى أرضه.

٣٠ «وَهٰذِهِ لَكَ ٱلْعَلاَمَةُ: تَأْكُلُونَ هٰذِهِ ٱلسَّنَةَ زِرِّيعاً، وَفِي ٱلسَّنَةِ ٱلثَّانِيَةِ خِلْفَةً، وَأَمَّا ٱلسَّنَةُ ٱلثَّالِثَةُ فَفِيهَا تَزْرَعُونَ وَتَحْصِدُونَ، وَتَغْرِسُونَ كُرُوماً وَتَأْكُلُونَ أَثْمَارَهَا».

كلام الرب لحزقيا. وربما كان قدوم سنحاريب في الصيف فخسر اليهود غلتهم ولم يفلحوا في الخريف فخسروا أيضاً غلال السنة التالية وأما السنة الثالثة فسيزرعون فيها ويحصدون. والوعد بأنهم يحصدون في السنة الثالثة يتضمن الوعد بأنهم يخلصون من سنحاريب في الوقت الحاضر. ولكن الحصاد في السنة الثالثة لا يكون علامة لهلاك الأشوريين في تلك الليلة والأرجح أن معنى العلامة وهو أن الأشوريين لا يرجعون فيزرع اليهود ويحصدون بلا مانع.

٣١، ٣٢ «٣١ وَيَعُودُ ٱلنَّاجُونَ مِنْ بَيْتِ يَهُوذَا ٱلْبَاقُونَ يَتَأَصَّلُونَ إِلَى أَسْفَلَ، وَيَصْنَعُونَ ثَمَراً إِلَى مَا فَوْقُ. ٣٢ لأَنَّهُ مِنْ أُورُشَلِيمَ تَخْرُجُ بَقِيَّةٌ وَنَاجُونَ مِنْ جَبَلِ صِهْيَوْنَ. غَيْرَةُ رَبِّ ٱلْجُنُودِ تَصْنَعُ هٰذَا».

٢ملوك ١٩: ٣١ وص ٩: ٧

قال سنحاريب في الكتابات الأشورية أنه أخذ ٤٦ مدينة من مدن يهوذا وأسر ٢٠٠١٥٠ نفساً. وشُبّه الباقون من اليهود بشجرة مقطوعة يتأصل ساقها وتصعد أغصانها من جديد. والسند على ذلك هو غيرة رب الجنود. وفي زمان يوشيا كانت اليهودية قد رجعت إلى قوتها وامتدت سلطتها في أكثر مملكة إسرائيل القديمة (٢أيام ٣٤: ٦ و٧) وكان سقوط أورشليم بعد تاريخ هذه الحادثة بنحو ١٢٠ سنة.

٣٣، ٣٤ «٣٣ لِذٰلِكَ هٰكَذَا يَقُولُ ٱلرَّبُّ عَنْ مَلِكِ أَشُّورَ: لاَ يَدْخُلُ هٰذِهِ ٱلْمَدِينَةَ وَلاَ يَرْمِي هُنَاكَ سَهْماً وَلاَ يَتَقَدَّمُ عَلَيْهَا بِتُرْسٍ وَلاَ يُقِيمُ عَلَيْهَا مِتْرَسَةً. ٣٤ فِي ٱلطَّرِيقِ ٱلَّذِي جَاءَ فِيهِ يَرْجِعُ، وَإِلَى هٰذِهِ ٱلْمَدِينَةِ لاَ يَدْخُلُ يَقُولُ ٱلرَّبُّ».

كان الأشوريون إذا حاصروا مدينة يرمون أولاً سهاماً على المحاربين الواقفين على الأسوار ثم يتقدمون على المدينة بأتراس ويصعدون بسلالم على الأسوار ويضرمون الأبواب بالنار ويحفرون تحت الأسوار وإن لم ينجحوا بهذه الوسائط يقيمون متاريس تجاه الأسوار ومنجنيقات. والنبوءة تذكر هذه الأنواع من الحرب كلها لفهم اليهود أن سنحاريب لا يرجع ولا يحارب أورشليم فيما بعد مطلقاً.

٣٥ «وَأُحَامِي عَنْ هٰذِهِ ٱلْمَدِينَةِ لأُخَلِّصَهَا مِنْ أَجْلِ نَفْسِي، وَمِنْ أَجْلِ دَاوُدَ عَبْدِي».

٢ملوك ٢٠: ٦ وص ٣٨: ٦

لم ينس الرب وعده لداود «كُرْسِيُّكَ يَكُونُ ثَابِتاً إِلَى ٱلأَبَدِ» (٢صموئيل ٧: ١٦) و كان هذا الوعد لحزقيا لكونه من نسل داود وسلك في طرقه. وأخيراً سقطت مدينة أورشليم لأن ملوكهم خالفوا عهد الرب فالرب تركهم وإن كانوا من نسل داود. وأما الوعد فتم على نوع خاص بالمسيح الذي من نسل داود حسب الجسد.

٣٦، ٣٧ «٣٦ فَخَرَجَ مَلاَكُ ٱلرَّبِّ وَضَرَبَ مِنْ جَيْشِ أَشُّورَ مِئَةً وَخَمْسَةً وَثَمَانِينَ أَلْفاً. فَلَمَّا بَكَّرُوا صَبَاحاً إِذَا هُمْ جَمِيعاً جُثَثٌ مَيِّتَةٌ. ٣٧ فَٱنْصَرَفَ سَنْحَارِيبُ مَلِكُ أَشُّورَ وَذَهَبَ رَاجِعاً وَأَقَامَ فِي نِينَوَى».

٢ملوك ١٩: ٣٥

قيل في (٢ملوك ١٩: ٣٥) إنه في تلك الليلة ضرب ملاك الرب الجيش. ذكر النبي بكلام وجيز ما كان أعظم الحوادث القديمة. ولا نعرف ما هي هذه الضربة أَوباء هي أم غيره. ولا نعرف مكان الجيش أَعند أورشليم كان أم قرب لبنة وهو الأرجح. إن سنحاريب لم يرسل إلى أورشليم سوى قسم من جيشه فقصد تخويف اليهود وربما كان عدد تلك الفصيلة أقل من ١٨٥٠٠٠ وكان معظم قصد سنحاريب محاربة مصر. ومن الطبع أن الكتابات الأشورية لم تذكر هذه الحادثة غير أنها ذكرت رجوع سنحاريب إلى أرضه ولم تذكر أنه رجع إلى اليهودية. ومما يزيد هذه الضربة أنها كانت بسكوت فإنهم ناموا مساء كعادتهم ولما بكروا صباحاً إذا هم جميعاً جثث ميتة أي الذين قاموا صباحاً رأوا أن جميع رفقائهم كانوا قد ماتوا ليلاً فلم يُرَ شيء ولم يُسمع صوت. وقيل في (٢أيام ٣٢: ٢١) إن ملاك الرب أباد كل جبار بأس ورئيس وقائد فأصبح الجيش بلا قوّاد وبلا نظام فلم يقدروا أن يحاربوا بعد. وقال المؤرخ هيرودتس إنه سُمع من كهنة مصر أن إلههم أرسل كثيراً من الفأر فأكل قسّي الأشوريين وأتراسهم وجعابهم. ومن الطبع أن الكهنة كانوا يحبون أن ينسبوا هلاك عدوهم العظيم إلى قوة آلهتهم.

٣٨ «وَفِيمَا هُوَ سَاجِدٌ فِي بَيْتِ نِسْرُوخَ إِلٰهِهِ ضَرَبَهُ أَدْرَمَّلَكُ وَشَرْآصَرُ ٱبْنَاهُ بِٱلسَّيْفِ، وَنَجَوَا إِلَى أَرْضِ أَرَارَاطَ. وَمَلَكَ أَسَرْحَدُّونَ ٱبْنُهُ عِوَضاً عَنْهُ».

إلهه لم يقدر أن يخلصه وقتل ابنيه له شرّ مما كان لو مات من الوباء أو في الحرب. وقيل أن ابنيه قتلاه من الحسد من أخيهما أسرحدون لأنه كان محبوباً عند أبيهم أكثر منهما. وذكر قتله اثنان من المؤرخين وقال أحدهما وهو من أرض أراراط أن ابنيه «لجآ إلينا» لأنه كان حروب بين أشور وأراراط. وعاش سنحاريب نحو ٢٠ سنة بعد رجوعه.

فوائد للوعاظ

الذي أنت متوكل عليه (ع ١٠)

  1. الاتكال على الله أمر طبيعي لأنه القادر على كل شيء والعارف كل شيء وهو الآب المحب والحنون وهو أمين في كل مواعيده.
  2. الاتكال على الله نادر الوجود. لأن أكثر الناس ينظرون إلى ما يُرى ويُسمع ويُمس ولا يفتكرون في من لا يُرى وفي الروحيات. ومن فوائد المصائب أنها تنزع ما كنا متكلين عليه فنلتزم أن نتكل على الله وحده.
  3. الاتكال على الله واجب في كل حين. في وقت الراحة والنجاح لأن الكل منه فهو يعطي ويأخذ. وفي وقت الضيق لأن ليس آخر يقدر أن يخلص.

يتأصلون إلى أسفل ويصنعون ثمراً إلى فوق (ع ٣١).

الأصل والثمر

  1. إنه لا يكمل الإنسان بدونهما. للبعض معرفة وقدرة ولكنهم لا يعملون ما ينفع غيرهم فلهم أصل بلا ثمر. والبعض مجتهدون في العمل ولكنهم بلا معرفة ولا حكمة فلا يثبتون. فلهم ثمر بلا أصل. ومن أعوزه أحدهما لم يكن مقبولاً عند الله ولا عند الناس.
  2. إنه يجب الاجتهاد في تحصيلهما. وعلى كل إنسان أن يمتحن نفسه ليعرف حاجته كما أن البنّاء ينظر إلى المكان الضعيف في الأساس فيمكّنه والتلميذ في المدرسة يجتهد ليسد نقصه في علومه. وعلى من يرى أنه كثير المعرفة وقليل العمل أن يجتهد في زيادة أعماله.
  3. الأصل في المسيح (كولوسي ٢: ٧) والثمر فيه أيضاً (يوحنا ١٥: ٥).

في الطريق الذي جاء فيها يرجع (ع ٣٤).

الرجوع

  1. الرجوع المستحيل. وهو الرجوع إلى أمس. فإن الواجبات التي أهملناها أمس لا نقدر أن نعملها اليوم لأن لكل يوم واجبات تختص به. والرجوع من القبر إلى هذا العالم مستحيل أيضاً.
  2. الرجوع الذي لا نريده كرجوع كل من الطماع والظالم والمفتخر عن مقاصده الشريرة التي لا يقدر أن يدركها.
  3. الرجوع الواجب على كل إنسان وهو الرجوع إلى الله بالتوبة والاعتراف بالخطية وطلب الغفران من الله والناس وترك كل خطية.
السابق
التالي
زر الذهاب إلى الأعلى